أوراقٌ مشـاكســـة - أوراق مشاکسة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

أوراق مشاکسة - نسخه متنی

أحمد یوسف داود

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

أوراقٌ مشـاكســـة

-مقالات في الفكر والأدب-

أحمد يوسف داود

أوراقٌ مشـاكســـة

-مقالات في الفكر والأدب-

تقديم

كتبت هذه المقالات خلال السنوات الثلاث الأخيرة من القرن العشرين. وهي لم توضع في الأصل لتكون فصولاً متكاملة لكتاب يبحث في موضوع واحد محدد ينتهي النظر فيه إلى نتيجة -أو نتائج- تخصه وحده، وإنما هي مقالات تلامس -بهذا القدر أو ذاك من التعمق- مشكلات وقضايا ذات صلة بآثار الوضع الحضاري العالمي الراهن وانعكاساته على حياتنا العربية حسبما تتبدى في نماذج واتجاهات في الفكر والأدب عندنا، وبصورة أساسية: منذ منتصف القرن العشرين إلى الآن.

إننا نعتبر أن الوضع الحضاري العالمي الراهن هو بداية مرحلة انتقالية في البنيان الحضاري الرأسمالي القائم منذ قرون، وهي مرحلة ستسفر عن جديد -في نهاية الأمر- ربما لا يكون ثمة مكان فيه إلا للأمم التي عرفت كيف تحل مشكلاتها التي خلقتها، وتخلقها، الفعالية الابتزازية والنهاية التدميرية للهيمنة الرأسمالية الامبريالية على الأرض. لا بل إن المتشائمين من الدارسين المستقبليين يرجحون حدوث كوارث مختلفة قد لا تسمح إلا لقلة قليلة من بشر الأرض بالبقاء والعيش، وفي مدى زمني قريب.

والمرحلة الانتقالية المشار إليها ليست وليدة بضع سنوات، أو عقد أو عقدين من الزمن. بل هي محصلة تراكمات تاريخية لفعالية الرأسمال ولتطوراتها: علمياً وتقنياً واقتصادياً وعسكرياً وسياسياً وثقافياً… منذ ابتداء ما يسمى (نهضة أوربا). وقد كانت الحرب العالمية الثانية /1939-1945/ بداية انعطاف حاد في معطيات تلك الفعالية وآثارها على العالم كله. ويبدو لي أن هذا كله معروف بشكل ما من قبل الجميع، ولا داعي للخوض في تفصيلاته.

على أن ما يجب أن نشير إليه هنا -حسب تقديرنا- هو جملة أمور تخص أوضاعنا العربية في ما سبق ذكره. لقد كان الوطن العربي -ولا يزال- هو الأكثر استهدافاً للفعالية الرأسمالية الغربية، لأسباب كثيرة ليس هنا مجال تعدادها. وقد ولّد ذلك الاستهداف مزيداً من المشكلات المزمنة وفاقمها وجددها وأضاف عليها. وتحت وطأة ذلك لم يصبح العرب مجرد مستهلكين نمطيِّين لنفايات الإنتاج الحضاري الامبريالي: المادية منها والثقافية، ومجرد منفعلين لا فاعلين -ومن موقع التبعية بمختلف أشكال القوة -بمعطيات النمط الحضاري الرأسمالي.. بل أصبحوا أيضاً مثالاً نمطياً للعجز المزمن والمتفاقم عن حل أية مشكلة تواجههم مهما كانت درجة حيوية حلها ومهما كان طابعه المصيري بالنسبة إليهم.

وخلال النصف الثاني من القرن العشرين تجلت التبعية في الفكر والأدب تجلياً تكشف -مع نهاية مرحلة الحرب الباردة- لا عن صورة مضحكة /مبكية مؤسفة وحسب، بل أيضاً عن زيف وعيٍ عام كانت له أسوأ النتائج والمردودات حتى الآن. ومع انتهاء الحرب الباردة أخذ التخبط الفكري في فهم الذات والهوية، وعلاقتهما بمستجدات حركة العالم يتزايد بوتيرة فادحة فاضحة لدى غالبية المشتغلين بقضايا الفكر، بينما دخل الأدب بأجناسه المختلفة في أنفاق تبدو مسدودة.. وفي الوقت ذاته برزت هشاشة التكوينات البنيوية: المجتمعية والدولتية معاً، وأخذ النكوص نحو البنية القرابية الانحطاطية -بخرافية وعيها وبدائية علاقاتها- يشتد مع اشتداد العجز والتخبط أمام المعطيات الجديدة للفعالية الامبريالية التي صارت عميقة التهصيُنِ بوضوح بالغ.

إن ما يمكن أن أدّعيه بشأن هذه المقالات، رغم أنها لا تلامس سائر ما ذكرناه بالتحليل الوافي والاستنتاج المترابط المدروس والمستخلص من أسس منهجية محددة بدقة، هو أنها تصدر عن رؤية نابعة من نظام معرفي شخصي حاولت -وأحاول- أن يكون موضوعياً ودقيقاً وصائباً بالقدر الذي سمحت لي به أقداري وإمكانياتي، وأن يكون ذا حساسية عالية للمتغيرات ونتائجها الكامنة فيها كاحتمالات بالقدر الذي سمحت -وتسمح- لي به مقدراتي المتواضعة.. كما حاولت -وأحاول دائماً- أن أبقيه نظاماً مفتوحاً لتمثل كل معرفة مكتسبة جديدة بالقدر الذي أستطيعه، وأخيراً: أدعي لنفسي أنه نظام معرفي شخصي ملتزم تلقائياً بمصالح الوطن والأمة في الأداء التّعبيري والسلوكي على حد سواء.

وصدور هذه المقالات عن هذه الرؤية النابعة من هذا النظام المعرفي الشخصي هو ما يمنحها مشروعية جمعها في كتاب، وهو ما يجعل بينها من الخيوط الرابطة بقوة بين موضوعاتها ما هو جامع لها في وحدة معرفية داخلية متينة خلافاً لما يوهم به التشتت الظاهري في عنواناتها، أو اختلاف جوانب النظر في مفردات ظاهرة حضارية كبرى تترك ما سبق أن أوجزناه من آثار ومنعكسات على حياتنا ومصيرنا: أفراداً وجماعات ومجتمعات، وتترك آثارها على سيكولوجيتنا وقيمنا وفهمنا لمعنى وجود العالم ولمعنى وجودنا فيه، وبالتالي: على أدائنا الفكري والأدبي، والثقافي بوجه عام.

جل ما آمله هو أن يجد القارئ أنّ ما أدعيه لهذه المقالات قريب من الصحة بنسبة مقبولة، وأن قراءته لها لم تكن جهداً مجانياً ودونما فائدة. ومعذرة على بعض التكرار لبعض المسائل والوقائع الرئيسية، فهو -حسبما أرى- أمر طبيعي في مجموع مقالات كهذا المجموع الذي أشرت إلى طبيعته في البداية.

دمشق -أواخر كانون الثاني ‏2001‏

المؤلف

/ 236