عن العولمة والثقافة - أوراق مشاکسة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

أوراق مشاکسة - نسخه متنی

أحمد یوسف داود

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


وهنا نصل إلى الأمر الثالث وهو وجوب التغيير الجذري في طبيعة الرقابات العربية على المطبوعات والأفلام والمسلسلات والأعمال المسرحية وسواها، تغييراً يقوم على الاعتراف الرسمي المعلن، والمشهَرةِ قواعده ونواطمه، بحق (الرأي الآخر) في التعبير عن نفسه حيث يكون هذا الحق محمياً بقوة القانون ما دام ملتزماً (بالأمن الثقافي العربي) وغير مخلٍّ بأهدافه وسيرورة تحققه. وهذا لا يقتضي فقط فتح الحدود للأعمال الثقافية العربية وإبرام الاتفاقيات والمعاهدات الناظمة للإنتاج الثقافي وتصنيعه وتوزيعه، كما سبق أن عرضنا لبعض ذلك في مكانه من هذا البحث، بل يقتضي أساساً تغييراً جذرياً في النظر إلى (النظام السياسي)، فترفع القداسة عنه وعن ممثليه وهيئاته المختلفة، ويعترف (بدنيويتها) جميعاً، وبالتالي يُعترف بحق الناس في محاورتها من موقع النقد البناء والحوار المتبادل اللذين يهدفان إلى إيجاد أفضل الطرائق والوسائل لحماية المستقبل العربي، والوجود العربي ذاته، والهوية والخصوصية والثقافية العربية، من الاكتساح العولمي القادم. ومن غير أن يتم ذلك فإن كل ما يمكن أن يقال عن سوق ثقافية عربية مشتركة وعن (أمن ثقافي عربي)، وعن تطوير في الصناعات الثقافية، يظل عديم الجدوى.. وتظل الكتابة في شؤونه مجرد حبر على ورق.

ويبقى أن نقول، ختاماً، إن الاكتساح العولمي القادم لن يعفي حاكماً ولا محكوماً من نتائجه، ولن يترك فقيراً ولا متمولاً من إلغاءاته. ولعله قد حان الوقت- بضراوة لا مثيل لها في مختلف مراحل التاريخ العربي: قديمها وحديثها- لتوظيف الطاقات والإمكانيات والثروات العربية توظيفاً جاداً وفعالاً لخدمة بقاء الأمة العربية داخل التاريخ الحضاري العام لا خارجه، وفي هذا مصلحة العرب جميعاً- حكاماً ومحكومين- على حد سواء، ومن دونه لا بقاء لعرب أو عروبة أو إسلام.. لا لأمة ولا لهوية ولا لخصوصية. وليس من حق أحد أن ينتظر نتائج الصراعات الخفية بين القوى الكبرى كي تضمن له بقاءه. فالدخول العربي العام والمشترك في الصراع الجديد لمقاومة العولمة وتفكيك الهيمنة الإمبريالية المتصهينة هو واجب ديني ودنيوي من الطراز الحيوي الأول، ومن غير العمل الكفء السريع على تخليق وعي عام، وغير زائف ولا مفروض، بالمخاطر الكارثية المحتملة خلال العقود القليلة القادمة فلن تكون هناك مقاومة عربية من أجل ضمان البقاء الناجع. وإن وجدت فإنها لن تكفي ولن تؤثر ولو بالحد الأدنى من القدر المطلوب.

عن العولمة والثقافة

أحياناً تكون إعادة توكيد المعنى الخاص بمصطلح معين، لغاية التمييز بينه وبين مصطلح آخر قريب منه في النطق وفي بعض جوانب الدلالة، أمراً يأخذ سمة الضرورة، خصوصاً حين تتصف ثقافة ما كالثقافة العربية الراهنة بأنها تعاني من أزمة تسمى (أزمة المصطلح) التي تعكس- بدورها- جوانب أساسية لأزمة كبرى في هذه الثقافة.

قلت قبلاً: إن مصطلح (العولمة) في اشتقاقه العربي هو الأكثر دقة في الدلالة على أصله الغربي من حيث منشؤه الفلسفي ومن حيث أهدافه. إنه يتضمن معنى القسر والإخضاع لحال واحدة أُحادية الاتجاه في أوضاع (الكل العالمي) وعلى مختلف المستويات، وتلك الحال المرتبطة بمعنى القسر والإخضاع ليست شريفة الأصل أو الأسلوب التنفيذي وليست نظيفة الهدف والغاية. أما مصطلح (العالمية) ومصطلح (الكوكبة) اللذان يستعملان بكثرة لدى مثقفينا كبديلين لمصطلح (العولمة) أو كمرادفين له ومتوازيين معه في الدلالة، فإن أولهما- ونحن دائماً نتحدث عن المدلول للاشتقاق العربي هنا- محمل بنوع من البراءة والنظافة في الأصل والمقصد، وبمخاتلة دلالية توهم القارئ بأن (العالمية = العولمة) مطلب للبشرية منذ بدء الحضارة، وتثير لديه ترابطات زائفة مع فكرة (الأممية) لدى الشيوعية في فترة ما يسمى (الحرب الباردة)… إلى آخره. بينما (الكوكبة) مصطلح محمل بالشكلانية- فوق البراءة والنظافة!- حيث تبدو المظهرية فقط بخصوص (وحدة الكوكب)، عدا الارتكاسات الأخرى التي تؤكد على حتمية وحدة العالم- وبأسلوب العلولمة- وعلى التضافر والتكامل في هذه الوحدة… وكلها ارتكاسات زائفة.

/ 236