في مسألة هدر اللغة: مأزق الكتابة أم كتابات المأزق؟! - أوراق مشاکسة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

أوراق مشاکسة - نسخه متنی

أحمد یوسف داود

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


إن ما يتبقى للقول هو أن ما أوردناه كله إضافة إلى مالم نتمكن من ذكره هنا "كالجنوسة" ـ بدل الجنسية ـ والنسبة إلى الجمع… وبقية ما يسميه (الفصلات والدوال) لا تغير شيئاً مهماً في اللغة ناهيك عن أن (تفجرّها)!… بل إن الكثير مما قد استحدثه يشكل عبئاً حقيقياً على القارئ دون مسوغ مقبول.

ولست أدري لماذا يصر الدكتور أبو ديب على استبدال كل كلمة أجنبية دخلت الكتابة العربية ببديل عربي كما في استخدامه (الفكر الأخطوطي، والفكر الاستخطاطي) بدل (الفكر التكتيكي والفكر الاستراتيجي) على التوالي، علماً بأن القرآن الكريم ذاته يحوي عديداً من الألفاظ ذات الأصول الفارسية واليونانية، وهي أشهر من أن تعد هنا. ويبقى السؤال الأهم في النهاية هو: هل العربية، كما تستعمل اليوم في الكتابة، مهجنة إلى درجة (الزندقة) ـ حسب تعبيره ـ وعاجزة بالتالي، دون مثل هذا الكثير من التصنيع الاشتقاقي الصرفي وغير الصرفي المتحذلق، عن استيعاب الفكر العالمي وإبلاغه للقارئ إبلاغاً مفهوماً بصورة جيدة؟!

هذا هو في الواقع ما نشك فيه، كما نرى أن جملة ما يقدمه الدكتور أبوديب عن (تفجير اللغة) ينحو ـ ربما دون أن يدري هو ـ نحو التقليد للإنكليزية ومصطلحاتها، ولو أنَّه يتكئ في ذلك على التراث اللغوي العربي وعمل بعض أعلامه.

في مسألة هدر اللغة:

مأزق الكتابة أم كتابات المأزق؟!

الكتابة الإبداعية العربية إلى أين؟!

لقد مرت عقود في هذا القرن، ربما أمكن تمديدها حتى اجتياح الصهاينة لبيروت العام 1982، كان الإبداع العربي فيها شعراً ونثراً يضج بالحيوية. أما اليوم فإن الخمود العام يكاد يطغى على حركة الإبداع تعبيراً وتلقياً، وينفلت ليطاول التنظير ومحاولات تجديد الأدلجة والنقد… إلى آخره، وذلك كله مؤشر على مأزق حاد تمر به الحياة العربية الراهنة، والكتابة العربية المترافقة معها المعبرة عنها.

ولأن الكتابة في نهاية كل تحليل هي (قضية لغة)، فإن انحدار مستوى الكتابة إنما هو هدر للغة، وفي هدر اللغة هدر (للآخر) متلقياً كان أم طرفاً في عملية وجود اجتماعي معاين… بشكل ما. ولكن هذه قضية شائكة تحتاج درساً مستقلاً، برغم وقوعها في صلب ما نحن بصدد معالجته، وعدم إمكانية التهرب من الإشارة إليها أو أخذها بالحسبان هنا وهناك.

وحيثما يوجد المأزق تتورم ذات المبدع والكاتب تورماً استبدالياً خطراً إذ هي تحيل تصوير الحقائق الموضوعية إلى (مفاتن نرجسيتها) إحالة لا يمكن حصر طرقها وأفانينها البهلوانية التعبيرية.

المهم أن المأزق موجود. فلنعاين إذاً بعض مظاهره وظواهره وتعبيراته بدل الإطالة في هذا التقديم.

في معاينة المأزق

ربما من طرائف ما سوف يحكى عن كتابة هذه الأيام أن كُتَّاب العربية وشعراءها ماعادوا يفتقدون الموضوعات الجديدة التي يكتبون فيها وحسب ـ برغم كثرتها تحت أنوفهم! ـ بل إنهم قد افتقدوا (اللغة الصحيحة) أو إنهم ضيعوها وفقدوها.

ويعني هذا الافتقاد أو الفقدان غياب القدرة على إنشاء ماهو قابل للتلقي تلقياً يحرض الرغبة بالمزيد منه، ويحرض المزيد من الإيجابية الوجدانية والعقلية والروحية في مواجهة ترديات الواقع التي هي جوهر المأزق الاجتماعي الحيوي العام.

إن المتابع المتبصر قليلاً في العمق الكامن خلف عموم ما ينشر من كتابات: إبداعية، ونقدية… وحتى فكرية، لا بد له إلا أن يلاحظ كيف تهدر (اللغة): إما باللغو وإما بالحذلقة وإما بالتطويل الذي قد ينشئ فيه أحدهم صفحات طوالاً ليقول لقارئه فكرة صغيرة يمكن إيجازها بأسطر.

ومن أمثلة ما يمكن عدَّه لغواً في الكتابات الفكرية كتاب (القرآن والكتاب) الذي أصدره د.محمد شحرور في مطلع التسعينيات حيث كان الكتاب المذكور ـ في هيكليته العامة ـ محاولة لمركسة القرآن انتهت إلى إعادة إنتاج (الغيبيات) بجدارة!!… ومن أمثلة الحذلقة في الكتابة النقدية ما قدمته خالدة سعيد ومحمد بنيس وغيرهما. وسنعود إلى (نموذج) من الحذلقة الفكرية في القسم الثاني من هذه المقالة. أما مثال التطويل فأقرب مايمكن للمرء أن يجده فيه هو مقالات د.جابر عصفور في جريدة "الحياة" وغيرها من المجلات والصحف التي يكتب فيها بغزارة واضحة.

/ 236