في هذا النص ـ كما في سائر شعر أدونيس ـ ينبغي عدم فهم العبارات والألفاظ لا بمنطوقها المتداول ولا بأية صيغة لا تضع في حسابها أساساً نكبته الإيديولوجية البدئية وارتكاساتها المستمرة كقائد لتحديد دلالة الدوالِّ كما يقول الألسنيون والسيميولوجيون. وليس ثمة شعر شاعر في الأرض مخلص لوهم صدمته تلك ومستجراتها كأدونيس عبر إلغاء كل واقع والاستغراق في وهم التأملات الذاتوية المحكومة كلياً بتلك الصدمة! إن (شمس شعره تكرر وجهها الواحد) من دون أي تبدل أو انحراف ـ ولو قيد شعرة ـ عن تمجيد الذات. فهل تلك الذات التي لا تتوقف عن (التبضع) بمختلف مواد الثقافة لتوظيفها في خدمة تلك الأوهام تخدع ذاتها أم تعتقد أنها تخدع العالم؟!…قضية تفجير اللغة:د.كمال أبو ديب نموذجاًلا أذكر أنني قرأت حديثاً لشاعر حداثي عن تجربته الشعرية، أو عن الشعر بشكل عام، إلا وجدته يستخدم عبارة (تفجير اللغة) من داخلها، وهذا مصطلح مال النقاد أيضاً إلى استخدامه. لكنه ظل غائماً دائماً، أو لنقل: غامضاً، وغير ذي حدود معروفة وآليات موصوفة. وقليلاً ما ذكرت بعض آليات التعبير التي (تفجر اللغة) مثل: النحت، إسناد المتضادات اللفظية أحدها إلى الآخر لخلق تعابير جديدة وصور جديدة، توليد اشتقاقات غير مألوفة أو معروفة في الفصحى، استخدام المفردات الشائعة والتراكيب الشائعة أو العامية.وهكذا انفجر شعر الحداثة وأخذ يسير ـ أو تسير بقاياه ـ إلى آفاق مسدودة، ولم يتضح جيداً أمر (تفجير اللغة)، لا على أيدي الشعراء ولا على أيدي النقاد المعنيين بمثل هذه المصطلحات الغرائبية التي رافقت ظهور القصيدة الحديثة واشتداد عودها وازدهارها من نوع: (الرفض) و(رفض الرفض)… وما شابه مما قد يعني الشكل أو المضمون أو كليهما معاً…