أوراق مشاکسة نسخه متنی
لطفا منتظر باشید ...
وبهذه (العدة) وعلى أرضية معرفية ونقدية وتذوقية واسعة وعميقة ورهيفة يجري وفيق دراسته للمعلقات مختاراً ستاً منها إذ الأربع المتبقية لا تضيف دراستها شيئاً، ويركز بشكل خاص على معلقة امرئ القيس باعتبار صاحبها رائداً في أمور هامة رئيسة فنية ومفهومية، وباعتبار المعلقة ذاتها إحدى أرقى النماذج في أشعار شعوب الأرض جميعاً.وفي مقدمة الكتاب يلخص وفيق استنتاجاته من القراءة التحليلية لتلك المعلقات تلخيصاً يكاد يغني القارئ عن متابعة التحليل. ويركز على أشكال وكيفيات وعي شعراء المعلقات:1-للزمن في أبعاده الماضوية والراهنية والمستقبلية من منظور موقع الذات بالنسبة للجماعة، وفي أبعاده النفسية الوجدانية، والرؤية الذاتية للزمن تقود إلى سلوك يعبر عن إيقاع حضاري تاريخي كلي فامرؤ القيس وطرفة ينصرفان إلى اللذة -كل حسب وضعه- واللذة مرتبطة بالأبيقورية الجديدة التي تترافق عموماً مع الانهيار الحضاري والتجدد، وهذا تجسده معلقة امرئ القيس ببنيانها خير تجسيد.أما عمرو بن كلثوم فيتعلق بالماضي لتثبيت الحاضر والمستقبل فيه باعتباره سيداً يريد استمرار تلك السيادة ويشبهه لبيد في ذلك إلى حد كبير. أما زهير فيريد مجتمعاً مستقراً آمناً في الحاضر والمستقبل على قيم محددة في أواخر المعلقة. أما عنترة فيريد إثبات موقعه الحرّفي الجماعة وكلما أثبته ينتفي ليعيد إثباته.. إلى آخره.إن الجميع غير معارضين للسلطة القائمة أو متمردين عليها -سلطة المجتمع الجاهلي- لكن السلطة تكافئهم على ذلك بإقرار أهمية قصائدهم.ويعالج وفيق مفهوم الزمن النفسي عبر الصورة وعبر المطالع الطللية أساساً، ثم عبر البنيات النصية الأخرى في القصيدة الواحدة، حيث نجد امرأ القيس وحده رائياً للتغير الجذري القادم في شبه الجزيرة العربية.. وحيث (المستوى الفني للزمن يقدم بعداً ميتافيزيقياً.. فأصحاب المعلقات.. أدركوا الزمن بصفته وجداناً، وبكلمات أخرى أدركوا الزمان المجرد الحاضن للوجود والذي لا يقبل القياس).2-لمعنى الفعل، في إطار الزمن أو (مسرح الأفعال) كما يعنون وفيق تلك الفترة.فالمعلقة كأنما هي شعر الفعل. والتوكيد على كثافة الفعل يوصل إلى اكتشاف (طبيعة الشخصية العربية في العصر الجاهلي). يقول وفيق: (ماذا يعني أن تنخرط الشخصية في الأفعال؟ إن ذلك يدل بوضوح على سيطرة الإرادة الفاعلة. وسواء كانت قرارات تلك الإرادة قائمة على أسس عقلية أم لا فإن ذلك يعني أن شخصية الأفعال ذات ردود سريعة وفاعلة. وأقدر أن هذه الخاصة من أعمق خصائص الشخصية العربية وألصقها بتاريخ الأمة حتى عصرنا الحاضر).