أوراق مشاکسة نسخه متنی
لطفا منتظر باشید ...
سبق القول إن الدكتور أبا ديب يستعيد في الفقرة /19/ من مقدمته لترجمة (الثقافة والامبريالية) أهم ما كان قد (أنجزه) في ترجمة (الاستشراق)، مؤكداً عودة اعتماده لذلك في هذه الترجمة للكتاب الثاني، وبعدها يضيف (جديده) في الفقرة /20/..إن ما يحاول تقديمه، حسب الفقرة /19/ يتعلق بالمصطلح المنقول عن الغرب في صياغته العربية المتداولة، وهو يقارب عدداً من المشكلات بهذا الخصوص كيما يؤكد وجوب (الدقة والإيجاز) في صياغة المصطلح المترجم، ويقوده هذا إلى مجموعة من (الابتكارات) الشكلية التي ليست شديدة الإزعاج عند القراءة وحسب بل هي تتابع التقليد الأمين للصياغة الإنكليزية… وهذه مفارقة مضادة لجرأة يونس بن متى الذي كان قد استشهد به.وهو يدعي التوسع في استخدام اللاصقة (وية) مثل: علموية وإنسانوية في النسبة. وقد فاته أن الشيخ عبد الله العلايلي ـ وهو حجة معاصرة في الميدان اللغوي ـ قد بين أن استخدام هذه الواو الفاصلة في إنشاء النسبة إنما تدل على (النزعة). والنزعة شذوذ ناشز، وهذا من مألوف ما استحدث في الاشتقاق العربي للتفريق بين: شعبية وشعبوية مثلاً ـ وهو أحد الأمثلة التي يستخدمها أبو ديب ـ حيث الأولى (شعبية) تدل في أحد معانيها على انتماء أو تعلق صحيح بالشعب، بينما الثانية (شعبوية) تدل على زيف متعمد في ذلك الانتماء أو التعلق. والمشكلة أنه سينسب ابتكار هذه اللاصقة لنفسه في فقرة لاحقة.وأبو ديب يعمم هذه اللاصقة في استخداماته دون ذلك التفريق الدقيق، فهو إذاً يتراجع في دلالة المصطلح بدل التقدم بها، ومشكلة (الصيغ) التعبيرية الجاهزة في الإنكليزية يقترح لها صيغاً موازية، وهو اقتراح يقع في باب (تحصيل الحاصل) إذ للعربية صيغها هذه التي لا تحتاج إلى اقتراحات جديدة كثيرة.ولا تمثل إشاراته التوضيحية أكثر من علامات شكلانية عموماً، ومتعبة للقارئ بدل التخفيف عليه أو عنه، وهي دائماً تقلد ما في النص الإنكليزي تقليداً مطابقاً، الأمر الذي يجعل المرء يشك ـ ولو قليلاً ـ بهذا (التفجير اللغوي من الداخل)!!.وفي الفقرة /20/ يتقدم أبو ديب خطوات في المجال الصرفي تستحق أن ينظر فيها حقاً بمزيدمن التأمل والتمحيص.يقول أبو ديب: (في يقيني… أن بين أقرب السبل إلى تحقيقه /يقصد تفجير اللغة/ البحث عن أنهاج التوليد التي تمارسها اللغات المحكية في المجتمعات العربية، ذلك أن هذه اللغات مشتقة داخلياً من العربية، من جهة وممارسة للحياة اليومية وضرورات الابتكار المستمر فيها، من جهة أخرى).