لعب ويلعب بعض المفكرين والأدباء المشاهير أدواراً بخصوص ما انتهينا إلى توصيفه لا يمكن للمرء معها إلا أن يشك في المرجعية الفعلية لها، مهما بلغ به افتراض حسن النية.فمثلاً، ما معنى أن يحاضر الدكتور محمد عابد الجابري في بيروت في بدايات العام 1992 ـ في دار الندوة، وبدعوة من مركز دراسات الوحدة العربية ـ فيؤكد في محاضرته تلك على أن (الدولة القطرية العربية قد أصبحت كياناً نفسياً واجتماعياً وثقافياً وسياسياً واقتصادياً مستقلاً) وعلى العرب الاعتراف بهذه الحقيقة والتعامل معها كأمرٍ واقع؟!.. وإذا غادرنا الجوانب غير اللغوية في هذه (الأطروحة) المفجعة فإلى أية لغات محكية بائسة سوف ينتهي أمر اعتصامنا الراهن (بوجودنا في اللغة)؟!وما معنى أن يتوج الشاعر والباحث أدونيس مسيرته الشعرية بآخر محطاتها (الكتاب، أمس، المكان، الآن) حيث يتم فيه إعدام (المكان العربي، والزمان العربي)، ويتحول فيه (الكائن الشعري/ القيمة الإبداعية المكرسة في الوجدان العربي (المتنبي) إلى نوع من (الهباء المرتحل) في فضاء تاريخي عربي وهمي كله، ولا يزيد عن كونه سلسلة متوالية من عمليات القتل وطوفانات الدم المرعبة؟!ثم ما معنى تسويق شهرة الكاتب الفرنكوفوني أمين معلوف ـ أمين سر المنظمة الفرنكوفونية الآن ـ حيث رواياته جميعهاً تقريباً -تحيل دلالاتها النهائية إلى حتمية أن الغرب هو مرجعية الشرق، وأن للعرب وجوداً قليلاً في تاريخ هذا الشرق أو هو فائض عليه؟!ومن جهة أخرى، ما معنى أن يقوم ماركسي معروف مثل د.صادق جلال العظم في (الاستشراق والاستشراق معكوساً) بترجمة فقرة من أواخر كتاب إدوار سعيد (الاستشراق) ترجمة مغلوطة ثم يحوله بموجب ذلك إلى (ناصح!!) للامبريالية بشأن الطريقة الأمثل لنهبنا!… وذلك بعد كل الجهد الهائل الذي قدمه إدوار سعيد في تشريح الاستشراق وعمليات (الشرقنة والغربنة) اللتين صممتا وعممتا لخدمة نهبنا التدميري من قبل الغرب الرأسمالي برمته؟!