أوراق مشاکسة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

أوراق مشاکسة - نسخه متنی

أحمد یوسف داود

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید



وما قيل في الصورة الفنية، والتركيب المشهدي لمجموعها، والمحمولات الترميزية عليها، حول الأبيات الأربعة السابقة يمكن تكراره هنا أيضاً، مع وضوح سيطرة (البلاغية) هنا تبعاً لمقتضيات الحال.

على أن أمر الاستخدام الرمزي في القضايا ذات الطابع السياسي المباشر يظل يعتمد على ما هو قريب من الرموز عبر المفردات القوية، والصياغة البلاغية -ولنتذكر هنا دائماً أن المفردة رمز تظهر بالصياغةِ بعضاً مما تضمر من محمولات، لكن أُلْفَتَنا لها جعلتنا ننسى رمزيتها، وهي قوية ودالة بقدر ما تمكنها الصياغة من إظهاره، أي بقدر ما يبعُدُ ويعمُقُ ويتركَّبُ المعنى البعيد المضمر من المعنى المباشر للمنطوق- أما الرموز البيّنة بهذا القدر أو ذاك فهي تحتاج إلى النص ذي الطابع الوجداني الذي تُبدي الذات الشاعرة فيه بعض جوهرها، أو بعض كيفيات تمثلها للحقائق الأساسية في الوجود الإنساني، أو في الوجود الكوني.

ولنأخذ مثالاً هذه الأبيات من قصيدته (خالقة) -ولو كان المقام يتسع لوجب أن ندرسها كاملة- وهي قصيدة في الحب الذي نعتبره، في مفهومه الجوهري، أساس الوجود الإنساني وسبيل تفتُّح الشخصية الإنسانية وغايتها. يقول البدوي في مستهل القصيدة:

وكلُّ واحدةٍ دنيا من النورِ

1-من نعمياتِك لي ألفٌ مُنَوَّعةٌ

لعالم من رؤى عينيك مسحورِ

2-رفعتني بجناحَيْ قدرة وهوىً

أغفتْ على سندسيٍّ من أساطيرِ

3-تَعُبُّ مَنْ حسنِهِ عيني فإن سكرتْ

حانٍ على الشفة اللمياء مخمورِ

4-أخادِعُ النومَ إشفاقاً على حلمٍ

إلى أن يقول مكملاً:

لم تُعتصَرْ وضياءً غير منظورِ

5-رشفتُ صوتَك في قلبي معتقةً

ظمأى الحنين إلى دلٍّ وتغريرِ

6-خلقتِني من صباباتٍ مدلَّهةٍ

أنهبْتُها كلَّ مظلوم ومقهورِ

7-عندي كنوز حنانٍ لا نفاد لها

لسائلٍ يغدق النعماءَ منهورِ

8-أعطي بذلةِ محرومٍ فو الهفي

من الونى بعد تغليسٍ وتهجير

9-جواهري في العبير السكب مُغنيةٌ

إلى سناه حنين النور للنورِ

10-تاهتْ عن العنق الهاني فأرشدها

إننا إذا ما تأملنا هذه الأبيات -ونحن نعترف أنها منتقاة من القصيدة- نلاحظ، قبل كل شيء، أننا هنا لسنا أمام فكرة مسبقة يراد التعبير عنها بقوة الإبلاغ البلاغي، بل نحن أمام كشفٍ أو انكشافٍ تخييلي لانفعالات الذات، يحيل الأداء الشعري إلى نوعٍ من فيض الحالة العشقية، حيث يتدفق ذلك كصدور الماء الصافي من النبع العذب عبر صور تتشابك في صيغة مشهدية متكاملة، وتتكئ في أساسها على عدد من الرموز الكبرى التي تشكل مصدراً للتفريعات الرمزية الجمعية والشخصية من غير أن يبتعد الشاعر عن القوة البلاغية التي تتبدى في الأبيات السابقة: مرة في شكل ثنائيات متجادلة، ودائماً في صيغة هي أقرب إلى تصوف عشقيٍّ يدفع بانفتاح الحال الذاتية على أفق الصعود الدلالي نحو مقاربة الذَّوْب في صفاء الرؤية الداخلية لمعنى الوجود الكلي، في الوقت الذي يبدو فيه هذا المعنى حاضراً ثم نابعاً من ذلك الذوب.

/ 236