أوراق مشاکسة نسخه متنی
لطفا منتظر باشید ...
إن الجميع غير معارضين للسلطة القائمة أو متمردين عليها -سلطة المجتمع الجاهلي- لكن السلطة تكافئهم على ذلك بإقرار أهمية قصائدهم.ويعالج وفيق مفهوم الزمن النفسي عبر الصورة وعبر المطالع الطللية أساساً، ثم عبر البنيات النصية الأخرى في القصيدة الواحدة، حيث نجد امرأ القيس وحده رائياً للتغير الجذري القادم في شبه الجزيرة العربية.. وحيث (المستوى الفني للزمن يقدم بعداً ميتافيزيقياً.. فأصحاب المعلقات.. أدركوا الزمن بصفته وجداناً، وبكلمات أخرى أدركوا الزمان المجرد الحاضن للوجود والذي لا يقبل القياس).2-لمعنى الفعل، في إطار الزمن أو (مسرح الأفعال) كما يعنون وفيق تلك الفترة.فالمعلقة كأنما هي شعر الفعل. والتوكيد على كثافة الفعل يوصل إلى اكتشاف (طبيعة الشخصية العربية في العصر الجاهلي). يقول وفيق: (ماذا يعني أن تنخرط الشخصية في الأفعال؟ إن ذلك يدل بوضوح على سيطرة الإرادة الفاعلة. وسواء كانت قرارات تلك الإرادة قائمة على أسس عقلية أم لا فإن ذلك يعني أن شخصية الأفعال ذات ردود سريعة وفاعلة. وأقدر أن هذه الخاصة من أعمق خصائص الشخصية العربية وألصقها بتاريخ الأمة حتى عصرنا الحاضر).3-لحدود المكان: ثمة ولع مشترك بالمكان لدى شعراء المعلقات والشعراء الجاهليين عموماً، فماذا يعني ذلك؟المكان هو مسرح التجربة الحسية للإنسان ومسرح النشاط الفردي والاجتماعي، فالمكان سجل للزمن الجاهلي، وهو في أحد مستوياته يمثل الطبيعة الصامتة، مثلما هو مظهر من مظاهر صراع الإنسان مع الطبيعة أو اندماجه فيها. إن المكان في المعلقات، حسب وفيق، يتجاوز حدود الحسية إلى إبراز موقف الجاهلي من العالم، والطبيعة الحية وتمجيدها وهي تمتلئ بالحيوانات الآمنة بعد الترحل /أي الخراب العمراني/ ينطويان على (حرص شديد على الحياة من جهة، وعلى احترام الطبيعة ومحبتها وتذوقها من جهة ثانية).ويعقب وفيق على ذلك فوراً بالقول: (وبكل أسف فقد انقطع الموقف الحميم من الطبيعة في الشعر العربي بعد الجاهلية) وهذا رأي قد يكون موضع أخذ ورد.وعلاقة الشاعر بحيوانه (جواد امرئ القيس، ناقة طرفة- جواد عنترة) علاقة تكتظ بالدلالات الفنية والنفسية. وإذاً، فقد رأى شعراء المعلقات كيف تدحر الطبيعة الإنسان ثم كيف تعينه على تجديد حياته ثانية، فجاء المكان عندهم: (ليس بيت الحس فقط، ولا بيت الذكريات فقط، ولا مسرح النشاط، ولا سجل الزمن، ولكنه هذه المعاني كلها، متشابكة مجتمعة).4-للكلي عبر المحسوس: يقول وفيق بهذا الصدد: (تقدم لنا المعلقات مادة ثمينة لاختبار حدود التفكير العربي.)وترد على الاتهام الدارج بأن العقل العربي في الجاهلي بقي على تخوم المحسوس (ولكن شاعر المعلقات- امرأ القيس وطرفة خصوصاً بوصفيهما للجواد والناقة على التوالي- يقبض بقوة على الكلي المجرد ويبسطه عبر المحسوس). وهذه سمة أصيلة من سمات الفن الرفيع، أعني التعبير عن الكلي بالمحسوس. وهذا هو الفرق الجوهري الفارق بين الفلسفة والفن بصورة عامة).ومفهوم المتعالي العادل عند زهير في معلقته هو أيضاً من الأمثلة الهامة الدالة على ذلك.