أوراق مشاکسة نسخه متنی
لطفا منتظر باشید ...
ومن أبرز المساوئ المنهجية - بل ربما الأغلاط المنهجية- في "موسوعة" الدكتور الجابري عن العقل العربي: تكون العقل العربي- بنية العقل العربي- العقل السياسي العربي، ثلاثة مساوئ أساسية يمكن إيجازها كالتالي:أ-الانطلاق من مبدأ (فصل ما هو ايبيستيمولوجي/ معرفي عما هو أيديولوجي) ولنقل فصل المعرفي المحض عن السياقات التاريخية المنتجة له، أو بالأحرى عن وظائفه في العملية التاريخية الكبرى المنتجة له.لقد ثبّت الدكتور الجاري هذا المبدأ الذي يمكن اعتباره واحدة من (عورات) البحث الموضوعي الرصين، دونما مواربة. غير أنه لم يستطع دائماً الزام نفسه به، إذ ما كان لبحثه أن يستقيم له هكذا في حقيقة الأمر. ولكن، نظراً للتردد بين الالتزام بهذا المبدأ المنهجي وبين احتياج البحث إلى نقيضه وقع البحث في مطبات التعارض مع المنهج من جهة، وفي قصور سوية الأداء عما كان ممكناً واختلال كثير من التماسك بين كيفيات الاستقراء وعمليات الاستنتاج من جهة أخرى.ب-يزعم الجابري أن تكوين العقل العربي انطلق من: بدوي، وخيمة، وصحراء، وتأسس من مستلزمات الوجود المتعلق بهذه العناصر الثلاثة. ويستخلص المرء من الأخذ بذلك كأساس منهجي في البحث أن (البيان) طغى على تكوين ذلك العقل، وأن الرد بالعرفان على البيان لم يكن - في جوهره- إلا بياناً متعالياً، وبذلك تم إسقاط البرهان حين ولد في المغرب، ودفعه عن أن يكون ذا أثر في ذاك التكوين!والمشكلة هنا تكمن في حقيقة معرفة الجابري للتاريخ العربي قبل الإسلام، وخارج شبه الجزيرة العربية مما يزعم لنا الدارسون الغربيون أنه تاريخ لما سموه (الحضارات السامية).. وهي معرفة نرى أنها قاصرة جداً، وقصورها يلزم عنه قصور في معرفة فلسفة هذا التاريخ الذي يمتد عميقاً أكثر من ثلاثين قرناً قبل المسيح.. حيث الحضارة هي حضارة (اللوغوس) وليس (اللوغوس) إلا (الكلمة الخالقة).. مما يطول أمر الخوض فيه وشرحه..ج- يشير الجابري إلى أنه منحاز إلى (منظومة أرسطو)، ويلمح إلى رغبته فيما لو أن العقل العربي أخذ بها! ولا نظن أن ثمة عيباً منهجياً أكثر سوءاً من مثل ذلك الانحياز وتلك الرغبة، فهو على الأقل لا يراعي قضية (الخصوصية) وينكر حق الهوية الحضارية في أن تكون على ما كانت عليه بالفعل.