أوراق مشاکسة نسخه متنی
لطفا منتظر باشید ...
الفعلان يميزان بين الحال السيكولوجية والمعرفية والحال الحسية في (تغرب وتشرق) لكننا ـ وفقاً لما نعرفه من أساليب العربية في دقة مثل هذا التمييز ـ لا نرى أن (تألمن) هي صيغة مقبولة، إذ الفعل (تألم) كافٍ وافٍ دلالياً بدون افتعال زيادة نون.ويَنطبق الأمر، في صيغ الأفعال المتعدية التي يقترحها أبو ديب، على (شرعن وصدقن)، فصياغتهما واستعمالهما يتضمنان تحذلقاً شاذّاً، إذ أن (شرّع وصدّق) يدلان على الحال المطلوبة دون حاجة لافتعال هذه الصياغة التي هي صياغة قسرية لا لزوم لها استعمالياً.إن ما يتبقى للقول هو أن ما أوردناه كله إضافة إلى مالم نتمكن من ذكره هنا "كالجنوسة" ـ بدل الجنسية ـ والنسبة إلى الجمع… وبقية ما يسميه (الفصلات والدوال) لا تغير شيئاً مهماً في اللغة ناهيك عن أن (تفجرّها)!… بل إن الكثير مما قد استحدثه يشكل عبئاً حقيقياً على القارئ دون مسوغ مقبول.ولست أدري لماذا يصر الدكتور أبو ديب على استبدال كل كلمة أجنبية دخلت الكتابة العربية ببديل عربي كما في استخدامه (الفكر الأخطوطي، والفكر الاستخطاطي) بدل (الفكر التكتيكي والفكر الاستراتيجي) على التوالي، علماً بأن القرآن الكريم ذاته يحوي عديداً من الألفاظ ذات الأصول الفارسية واليونانية، وهي أشهر من أن تعد هنا. ويبقى السؤال الأهم في النهاية هو: هل العربية، كما تستعمل اليوم في الكتابة، مهجنة إلى درجة (الزندقة) ـ حسب تعبيره ـ وعاجزة بالتالي، دون مثل هذا الكثير من التصنيع الاشتقاقي الصرفي وغير الصرفي المتحذلق، عن استيعاب الفكر العالمي وإبلاغه للقارئ إبلاغاً مفهوماً بصورة جيدة؟!هذا هو في الواقع ما نشك فيه، كما نرى أن جملة ما يقدمه الدكتور أبوديب عن (تفجير اللغة) ينحو ـ ربما دون أن يدري هو ـ نحو التقليد للإنكليزية ومصطلحاتها، ولو أنَّه يتكئ في ذلك على التراث اللغوي العربي وعمل بعض أعلامه.