لقد مرت عقود في هذا القرن، ربما أمكن تمديدها حتى اجتياح الصهاينة لبيروت العام 1982، كان الإبداع العربي فيها شعراً ونثراً يضج بالحيوية. أما اليوم فإن الخمود العام يكاد يطغى على حركة الإبداع تعبيراً وتلقياً، وينفلت ليطاول التنظير ومحاولات تجديد الأدلجة والنقد… إلى آخره، وذلك كله مؤشر على مأزق حاد تمر به الحياة العربية الراهنة، والكتابة العربية المترافقة معها المعبرة عنها.ولأن الكتابة في نهاية كل تحليل هي (قضية لغة)، فإن انحدار مستوى الكتابة إنما هو هدر للغة، وفي هدر اللغة هدر (للآخر) متلقياً كان أم طرفاً في عملية وجود اجتماعي معاين… بشكل ما. ولكن هذه قضية شائكة تحتاج درساً مستقلاً، برغم وقوعها في صلب ما نحن بصدد معالجته، وعدم إمكانية التهرب من الإشارة إليها أو أخذها بالحسبان هنا وهناك.وحيثما يوجد المأزق تتورم ذات المبدع والكاتب تورماً استبدالياً خطراً إذ هي تحيل تصوير الحقائق الموضوعية إلى (مفاتن نرجسيتها) إحالة لا يمكن حصر طرقها وأفانينها البهلوانية التعبيرية.المهم أن المأزق موجود. فلنعاين إذاً بعض مظاهره وظواهره وتعبيراته بدل الإطالة في هذا التقديم.