مبسوط جلد 20

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

مبسوط - جلد 20

شمس الدین السرخسی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


(105)

ذلك مشروع و لكنه يحبس على وجه التعزير و توضع السرقة على يدى عدل لان السارق مأمون على العين المسروقة و المدعى عليه المال إذا كان يخاف منه ان يتلف المال فللقاضى أن يضعه على يدى عدل بعد اقامة البينة حتى يزكى الشهود و إخراج العين فيه نوع تعزير له و إذا ادعي عبد على حر قذفا و أراد أن يعذر له أو ادعي رجل قبل رجل مسألة فيها تعزير و قال بينتي حاضره أخذ له منه كفيلا بنفسه ثلاثة أيام لانه ليس بحد و انما هو تعزير و هو من حقوق العباد حتى يجوز العفو عنه و هو مما لا يندرئ بالشبهات التي هى في معني البدل بمنزلة الاموال و لو ادعت إمرأة على زوجها انه قذفها و الزوج حر أو عبد لم يؤخذ منه كفيل في قول أبى حنيفة رحمه الله لان اللعان في قذف الزوج زوجته بمنزلة الحد في قذف الاجنبي و قد بينا الخلاف هناك بين أبى حنيفة و صاحبيه رحمهم الله فكذلك هنا و لو ادعى الولد قبل الوالد قذفا لم يؤخذ منه كفيل و لم يترك ان يلزمه لان الابن لا يستوجب على والده شيئا من نوع العقوبة تعزيرا كان أو حدا أو قصاصا و كذلك لا يستوجب عليه الحبس في دين له واجب عليه و كذلك لا يستوجب الملازمة في دعواه قبله و كذلك لو ادعاه قبل والدته أو جده أو جدته و كذلك لو ادعى عبد ان مولاه قذف أمه و هي حرة مسلمة لان حقوق الملك في إخراج المملوك من أن يكون أهلا لاستيجاب العقوبة على مالكه بمنزلة الولادة و لو ادعى حر قبل عبد قذفا فأراد أن يأخذ منه كفيلا بنفسه أو نفس مولاه و خاف أن لا يقام عليه الحد الا بمحضر من مولاه لم يؤخذ له الكفيل من واحد منهما و لكنه يؤمر بتلازمهما إلى أن يقوم القاضي في قول أبى حنيفة رحمه الله و لو أقام البينة عليه بذلك بمحضر من مولاه فان العبد يجبس له و يؤخذ له من مولاه كفيل في قول أبى حنيفة رحمه الله و فى قول أبى يوسف رحمه الله لا يحبس العبد و لكن يؤخذ له كفيل بنفس العبد خاصة دون نفس المولي و فى قول محمد رحمه الله يؤخذ له الكفيل بنفس العبد و نفس مولاه و الذى قال في الكتاب ان قول محمد رحمه الله مثل قول أبى حنيفة رحمه الله انما يريد به أخذ الكفيل من المولى فأما حبس العبد فقوله كقول أبى يوسف رحمه الله و هو بناء على مسئلتين احداهما ما بينا من اخذ الكفيل بنفس المدعى قبله حد القذف و الاخرى ما تقدم بيانه في الآبق أن حد القذف بالبينة لا يقام على العبد الا بمحضر من مولاه في قول أبى حنيفة و محمد رحمهما الله و فى قول أبى يوسف رحمه الله يقام عليه و ان لم يحضر المولى فقال أبو يوسف رحمه الله لا يأخذ الكفيلين بنفس

(106)

المولى لانه لا حاجة إلى حضوره في أقامته الحد و يؤخذ الكفيل بنفس العبد و لا يحبس قبل اقامة البينة و لا بعدها قبل ظهور عدالة الشهود لان هذا بمنزلة المال عنده في حكم الكفالة بالنفس و قال محمد رحمه الله كذلك الا أنه قال يؤخذ الكفيل بنفس المولى لانه لابد من حضرة المولى لاقامة الحد على العبد عنده و عند أبى حنيفة رحمه الله في دعوى حد القذف لا يجبر على إعطاء الكفيل بالنفس قبل اقامة البينة و لكن يصار فيه إلى الملازمة و لا بد من حضرة المولى عنده لاقامه البينة فيكون للمدعى أن يلازمهما و بعد اقامة البينة يحبس العبد تعزيرا كما يحبس الحر إذا قامت البينة عليه بالقذف و يؤخذ من مولاه كفيل لانه لابد من حضرة المولى لاقامة الحد و لا سبيل إلى حبسه لانه ما ارتكب حراما فيؤخذ منه كفيل نظرا للمدعى لانه ليس في أخذ الكفيل من المولى هنا توثق بحد عليه اذ لا حد على المولى و لو ادعى رجل على رجل حدا في قذف فأقام شاهدين على شهادة شاهدين أو شاهد و إمرأتين لم يكفل و لم يحبس و كذلك هذا في القصاص لانه لا مدخل لهذا النوع من الحجة في حد أو قصاص و لو كان هذا في سرقة أخذ منه كفيل بنفسه حتى يسأل عن الشهود لان المال يثبت بهذه الحجة فان زكوا قضى عليه بالمال و كذلك كل جراحة لا قصاص فيها لا في دعوى المال و بمثل هذه الشهادة يثبت المال فإذا ادعى رجل دم عمد على ثلاثة نفر فأقر اثنان منهم بذلك و شهدا على الثالث أنه قتل معهما عمدا فانهما يحبسان فاقرارهما على أنفسهما بمباشرة السبب الموجب للعقوبة و لا يحبس الآخر بشهادتهما و لا يكفل لان شهادتهما ليست بمقبولة على الثالث فانهما فاسقان و لانهما يشهدان بفعل كان مشتركا بينه و بينهما و لا شهادة لهما في مثله فانما يبقى في حق الثالث مجرد دعوى المدعي و به لا يثبت الحبس و لا التكفيل و لو كان أوليآء الدم ثلاثة فادعى أحدهم على رجل و ادعى الآخر على الشريك قتل العمد و كل واحد منهما يدعى بينة حاضرة لم يحبس أحد منهم و لكن يؤخذ من كل واحد منهم كفيل ثلاثة أيام لانه لا قصاص في هذه الدعوي و انما انهاء المال بشيء واحد منهما على من بينته عليه في دعوى المال يكفل بالنفس ثلاثة أيام و لو ادعى رجل قبل رجل قطع يد عمدا ثم أبرأه و ادعاه على آخر لم يكفل الثاني و لا تقبل بينة عليه لوجود التناقض منه في الدعوي فان أقر الثاني بذلك قضى عليه لانه مناقض صدق خصمه في ذلك الا انه لا يقضى عليه بالقصاص لان ما تقدم من الدعوي منه على غيره يمنعه من استيفاء القصاص منه فيصير ذلك شبهة في حق القصاص

(107)

دون المال و هذا مشكل فان تعذر استيفاء القصاص لمعنى من جهة من له الحق و هو تناقضه في الدعوي و فى مثله لا يقضى بالدية كما لو قال قتلت وليك عمدا فقال لا بل قتلته خطأ لا يقضى بالمال و كل ما لا قصاص فيه فهو بمنزلة الخطأ في حكم الكفالة حتى إذا ادعى على رجلين قطع يد عمدا أخذ له منهما الكفيل بالنفس لان هذا موجب للقصاص و انما الدعوي فيه دعوى المال و لو أقام شاهدين عدلين على قتل خطأ قضى له بالدية و لا حبس على القاتل في ذلك و لا كفالة لان الخاطئ معذور و الخطأ موضع رحمة من الشرع علينا فالخاطئ لا يستوجب التعزير الا أن يكون داعرا فيحبس للدعارة لان في حبس الداعر تسكين الفتنة و لو أن رجلا قطع يمينى رجلين فاجتمعا و طلبا كفيلا بنفسه لا يؤخذ لهما منه كفيلا بنفسه من قبل ان كل واحد منهما يدعى القصاص ( ألا ترى ) أن أحدهما إذا أقام البينة قضى له بالقصاص و إذا أقاما جميعا البينة قضى لهما بالقصاص حتى إذا بادر أحدهما و استوفى كان مستوفيا لحقه الا انهما إذا استوفيا القصاص يقضى لهما حينئذ بأرش اليد و قضى بنصف طرفه حقا مستحقا عليه لكل واحد منهما و إذا ثبت أن دعوى كل واحد منهما دعوى القصاص لم يؤخذ الكفيل بنفسه في قول أبى حنيفة رحمه الله و لو ادعى رجل قبل رجل قطع يد عمدا و يد القاطع شلاء فقال المدعى أنا أختار الدية فخذ لي منه كفيلا بنفسه أخذ له الكفيل لان باختياره يتعين حقه في المال و فى دعوى المال تجري الكفالة بالنفس و إذا ادعى رجل قبل رجل شتمة فاحشة و أقام عليه شاهدين بالشتمة لم يحبس المدعي عليه و لكن يؤخذ منه كفيل بنفسه حتى يسأل عن الشهود و لما بينا أن دعوى التعريز كدعوى المال و فى دعوى المال لا يحبس ما لم تظهر عدالة الشهود ثم الحبس نهاية العقوبة في هذه الدعوي ( ألا ترى ) أن بعد عدالة الشهود لو رأى القاضي أن يحبسه أياما عقوبة و لا يعزر بالسوط كان له ذلك فلما كان الحبس له نهاية العقوبة هنا لا يمكن اقامتها قبل ظهور العدالة بخلاف القصاص و الحدود و أشار في الحدود و القصاص إلى أن على قولهما بعد اقامة البينة قبل ظهور عدالة الشهود يحبس و لا يؤخذ الكفيل و لكن يبرأ الكفيل ان كان أخذه منه ( تأويله ) بعد ظور العدالة فأما قبل ذلك فلا يشتغل بحبسه عندهما على ما فسره في دعوى الحد على العبد و ان كان المدعى عليه الشتمة رجلا له مروءة و خطر استحسنت أن لا أحبسه و لا أعزره إذا كان ذلك أول مرة لان إحضاره مجلس القاضي فيه نوع تعزير في حقه فيكتفى به في أول مرة و يؤخذ بما رواه

(108)

الحسن رحمه الله عن رسول الله صلى الله عليه و سلم تجافوا عن ذوي المروءة الا في الحد و إذا ادعى رجل قبل رجل شيئا يجب عليه فيه عقوبة فأخذ منه كفيلا بنفسه ثلاثة أيام فهرب المكفول به و قدم الطالب الكفيل إلى القاضي فانه يحبسه حتى يجى به لانه التزم تسليم نفسه فيحبس لايفاء ما التزمه و لو ادعى قبل رجل انه ضربه و خنقه و شتمه و أن له بينة حاضرة أخذت له منه كفيلا ثلاثة أيام فان أقام على ذلك شاهدين أو شاهدا و إمرأتين أو شاهدين على شهادة شاهدين عزر به لان التعزير بمنزلة المال يثبت مع الشبهات و قد بينا في كتاب الحدود أنه لا يبلغ بالتعزير أربعين سوطا في قول أبى حنيفة و محمد رحمهما الله و فى قول أبى يوسف رحمه الله يبلغ بالتعزير خمسة و سبعين سوطا إذا كان في أمر متفاحش و تعزير العبد في مثل ذلك تسعة و ثلاثون سوطا عنده ذكر هذه الزيادة هنا لان الاربعين حد في حق العبد و قد قال صلى الله عليه و سلم من بلغ حدا في حد فهو من المعتدين و لو ادعت إمرأة قبل زوجها أنه ضربها ضربا فاحشا و ادعت بينة حاضرة أو ادعى رجل ذلك قبل ولده الكبير أو قبل أخيه يؤخذ منه كفيل ثلاثة أيام و كذلك الذمي يدعى الشتمة قبل المسلم أو الذمي أو العبد يدعيها قبل الحر لان الدعوي في هذا كله دعوى التعزير و الكفالة فيه مشروعة و إذا مات الرجل و عليه دين و لم يترك شيئا فكفل ابنه أجنبي للغريم بما له على الميت لم تجز الكفالة في قول أبى حنيفة رحمه الله و هي جائزة في قول أبى يوسف و محمد و الشافعي رحمهما الله و إذا كان الميت ترك وفاء جازت الكفالة عندهم جميعا و ان ترك شيئا ليس فيه وفاء فانه يلزم الكفيل بقدر ما ترك الميت في قوله و فى قولهما يلزمه جميع ما كفل به و حجتهم في ذلك ما روى أن النبي صلى الله عليه و سلم أتى بجنازة رجل من الانصار ليصلى عليه فقال صلى الله عليه و سلم هل على صاحبكم دين فقالوا نعم درهمان أو ديناران فقال صلوات الله عليه و سلامه صلوا على صاحبكم فقال أبو قتادة هما علي يا رسول الله و فى رواية قال ذلك علي كرم الله وجهه فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه و سلم فلو لم تصح الكفالة عن الميت المفلس لما صلي عليه رسول الله صلى الله عليه و سلم بعد الكفالة و عن عبد الحميد بن أبى أمية عن رجل من الانصار انه قال لاصحابه من استطاع منكم أن يموت و ليس عليه دين فليفعل فانى شهدت رسول الله صلى الله عليه و سلم و قد أتى بجنازة رجل من الانصار فقال صلى الله عليه و سلم هل على صاحبكم دين فقالوا نعم فقال صلوات الله عليه و سلامه و ما ينفعكم صلاتي عليه و هو في قبره مرتهن بدينه ثم قال صلى

(109)

الله عليه و سلم فمن ضمنه قمت فصليت عليه فهذا تنصيص على تصحيح الضمان عن الميت المفلس و المعنى فيه انه كفل بدين واجب فيصح كما في حال حياة المديون و هذا لان الدين كان واجبا عليه في حال حياته فلا يسقط الا بإيفاء أو إبراء أو انفساخ سبب الوجوب و بالموت لا يتحقق شيء من ذلك ( ألا ترى ) انه مؤاخذ به في الآخرة مطلوب به و لو تبرع إنسان بقضائه جاز التبرع الا انه تعذرت مطالبته به في الدنيا بموته و بهذا لا يخرج الحق من أن يكون مطلوبا في نفسه كما لو أفلس في حال الحياة و كالعبد إذا أقر على نفسه بدين ثم كفل عنه كفيل به صح و ان كان هو لا يطالبه في حال رقه لان الحق مطلوب في نفسه و هذا لان ذمته باقية بعد الموت حكما لانها كرامة اختص بها الآدمى و بموته لا يخرج من أن يكون محترما مستحقا لكرامات بني آدم ( ألا ترى ) أنه لو مات مليا بقي الدين ببقاء ذمته حكما لا للانتقال إلى المال و ليس بمحل لوجوب الدين فيه و انما هو محل القضاء الواجب منه و لو كان بالدين رهن بقي الرهن على حاله و ان كان مات عن افلاس بأن كان الرهن مستعارا من إنسان و بقاء الرهن لا يكون الا باعتبار بقاء الدين لو قتل عمدا و هو مفلس فكفل به كفيل بالدين الذي عليه صح و القصاص الواجب ليس بمال و لو لم تكن الذمة باقية حكما لما صحت الكفالة هنا و هذا بخلاف دين الكتابة فألحق هناك مطلوب و كذلك الديون الواجبة لله تعالى فانها مطلوبة في الحكم في الدنيا و الكفالة تكون بالحق فيشترط كون الحق مطلوبا في نفسه على الاطلاق و هناك الحق مطلوب في نفسه و بموته لم يتغير الحكم فبقى مطلوبا وجه قول أبى حنيفة رحمه الله أن الحق قد توى و انما تصح الكفالة بالقائم مثلا من الدين دون التاوى و بيان ذلك هو انه لا يتصور قيام الحق بدون محله و محل الدين الذمة و قد خرجت ذمته بموته من أن يكون محلا صالحا لوجوب الحق فيها فان الذمة عبارة عن العهدة و منه يقال أهل الذمة وأصل ذلك من الميثاق المأخوذ على الذرية المأخوذة من ظهر آدم صلوات الله عليه قال تعالى و إذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم الآية و تمامه بالالزام المذكور في قوله تعالى و كل إنسان ألزمناه طائره في عنقه و ذلك باعتبار صفة الحياة قبله فأما بالموت فخرج من أن يكون أهلا لالتزام شيء من الحقوق في أحكام الدنيا فعرفنا أنه لم يبق له ذمة صالحة تكون محلا للحق و لكنه في أحكام الاخرة معد للحياة فتبقى الذمة في أحكام الآخرة و لهذا كان مؤاخذا به و هو معد للحياة في الدنيا عادة فلا تبقي الذمة في أحكام الدنيا و باعتبار المطالبة

(110)

في أحكام الآخرة لا يمكن تصحيح الكفالة كما في ديون الله جلت قدرته و الدليل عليه أن الذمة لم تبق محلا لوجوب الحق فيها بعد الموت و كما يشترط المحل لابتداء الالتزام فكذلك يشترط المحل لبقاء الحق و لم يبق المحل فلا يبقى في أحكام الدنيا أيضا و الكفيل انما يلتزم المطالبة بما على الاصيل و لا يلتزم أصل الدين في ذمته و لم يبق في ذمة الاصيل شيء في أحكام الدنيا فلا تصح الكفالة و هذا الدين في حكم المطالبة دون دين الكتابة فالمكاتب يطالب بالمال و ان كان لا يحبس فيه ثم هناك الكفالة به لا تصح فهنا أولى بخلاف المفلس في حال الحياة فان ذمته محل صالح لوجوب الحق فيها ابتداء فبقى الواجب و بخلاف العبد أيضا فان له ذمة صالحة لوجوب الحق فيها و ان ضعفت ذمته بسبب الرق و بخلاف ما إذا مات مليا فالمال هناك خلف عن الذمة فيما هو المقصود و هو المطالبة و الاستيفاء لان الاستيفاء يكون من المال بجعل الاصل قائما حكما وهنا لم يبق حلف بعد موته مفلسا و توهم أن يتبرع إنسان بماله فيقضى عنه الدين لا يجعل مال الغير خلفا عن ذمته قبل جعل صاحبه و بخلاف ما إذا كان بالدين كفيل لان ذمة الكفيل هنا خلف عن ذمته و بعد صحة الكفالة قد يتحول الدين إلى ذمة الكفيل عند الضرورة و هو عند أداء الكفيل أو الهبة و قد تحققت الضرورة هنا فلهذا بقي الكفيل في الكفالة و كذلك الرهن خلف عن الذمة فيما هو المقصود و هو استيفاء الدين منه بقدر استيفائه من محل آخر و إذا قتل عمدا فقد قال بعض أصحابنا رحمهم الله لا تصح الكفالة عند أبى حنيفة رحمه الله و بعد التسليم يقول القصاص الواجب بفرض أن يصير ما لا بعفو بعض الشركاء أو تمكن الشبهة فتوهم توجه المطالبة في الدنيا بقضاء ذلك الدين يجعل الذمة باقية حكما فتصح الكفالة لهذا المعنى و الحديث المروي في الباب يحتمل أن يكون ذلك من أبى قتادة أو علي رضى الله عنهما اقرارا بكفالة سابقة فان لفظ الاقرار و الانشاء في الكفالة سواء و العموم بحكاية الحال لا يثبت و يحتمل أن يكون وعدا منهما لا كفالة و قد كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يمتنع من الصلاة على الميت ليظهر طريق لقضاء ما عليه فلما ظهر الطريق لوعدهما صلى عليه لهذا ( ألا ترى ) انه ما روى انه كان يقول لعلي رضى الله عنه بعد ذلك ما فعل الديناران حتى قال يوما قضيتهما فقال صلى الله عليه و سلم الآن بردت عليه جلدته و لم يجبره على الاداء و به يتبين انه كان وعدا لا كفالة و الحديث الآخر شاذ و يحتمل أن النبي صلى الله عليه و سلم عرف أن لذلك الرجل ما لا و لكنه ما كان ظاهرا عند الناس فلهذا ندبهم إلى الضمان عنه ليصلي

(111)

عليه ثم هذا حكم منسوخ لاجماعنا على جواز الصلاة على المديون المفلس و الاستدلال بالمنسوخ لا يقوى و الله أعلم بالصواب ( باب كتاب القاضي في الكفالة ) ( قال رحمه الله ) و إذا كتب القاضي إلى القاضي في كفالة بنفس رجل كفل به بأمره فأراد أن يقبل معه حتى يوافيه به فأقام على كتاب القاضي شاهدي عدل و كتب انه قد قامت عنده البينة العادلة انه كفل بنفسه بأمره فان القاضي يأمره بالخروج معه حتى يوفى مكانه و يخلصه مما أدخله فيه لان الكفالة بالنفس تثبت مع الشبهات فيثبت كتاب القاضي إلى القاضي ثم الثابت بالبينة عند القاضي المكتوب اليه كالثابت بإقرار الخصم و لو أقر الخصم بذلك في الذمة بالخروج معه لانه هو الذي أوقعه في هذه الورطة حين أمر أن يكفل بنفسه فعليه أن يخلصه ههنا كما لو أمر بالكفالة بالمال كان عليه تخليصه مما يلزمه به فان كفل بالبصرة و جاء بالكتاب من قاضى البصرة إلى قاضى الكوفة بذلك فانه يؤمر أن يوافيه حتى يبرئه من ذلك لانه انما يلزمه تسليمه في الموضع الذي التزم التسليم فيه و لا يقدر على ذلك الا بموافاة الآمر معه إلى ذلك الموضع و كذلك لو كان كفل به بالكوفة على أن يوافى به بالبصرة فأخذ الطالب بالكوفة فانه يأمره القاضي أن يوافى معه بالبصرة حتى يبرئه لما قلنا و لو كفل بنفسه بالكوفة على أن يدفعه بالكوفة و أخذه الطالب بالبصرة فطلب كتاب قاضى البصرة إلى قاضى الكوفة بذلك ليأمره بأن يوافى معه البصرة لم يجبه إلى ذلك و لو كتب له يجبر قاضى الكوفة المكفول به على الذهاب معه إلى البصرة لان مطالبة الطالب بالبصرة لا تلزم الكفيل شيئا فانه ما التزم تسليمه اليه بالبصرة و لو طلب الكفيل كتاب قاضى البصرة ببينة بالكفالة بأمره فانه يكتب له بذلك حتى إذا قدم الكوفة و طالب الطالب بالتسليم فامتنع الاصيل و جحد الآمر بالكفالة كان كتاب قاضى البصرة حجة له عليه و لو كتب القاضي إلى القاضي كتابا في كفالة بنفس رجل و لم يبين في كفالته انه كفل بأمره فانه لا يؤخذ له بذلك بمنزلة ما لو أقر انه كفل بغير أمره و هذا لانه لو كفل عنه بمال بغير أمره لم يكن عليه أن يخلصه من ذلك لانه التزمه باختياره فكذلك إذا كفل بنفسه بغير أمره و إذا كان الكفلاء بالمال ثلاثة و بعضهم كفلاء عن بعض فأدى المال أحدهم و الكفيلان الآخران في بلدين




/ 28