مبسوط جلد 20

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

مبسوط - جلد 20

شمس الدین السرخسی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


(28)

عليه و سلم يقول العارية مؤداة و المنحة مردودة و الدين مقضى و الزعيم غارم و المنحة نوع من العارية و لكن فيها معنى العطية فان من أعار غيره شاة أو ناقة ليشرب لبنها يسمى ذلك منحة و لهذا قلنا ان من منح غيره شيئا يمكن الانتفاع به مع بقاء عينه كالدار و الدابة و الثوب يكون عارية و لا يكون منحة و ان منحه شيئا لا يمكن الانتفاع به مع بقاء عينه يكون هبة لا عارية و الاعارة في مثله تكون قرضا و فيه دليل ان رد العارية على المستعير ورد المنحة على الممنوح له لان منفعة النقل حصلت له و قضاء الدين يستحق على المديون بقوله و الدين مقضى و مقصوده آخر الحديث و هو قوله و الزعيم غارم معناه الكفيل ضامن أى ضامن لما التزمه من مال أو تسليم نفس على معنى انه مطالب به و إذا كان لرجل على رجل ألف درهم إلى أجل فقال له رجل إذا حل أجل مالك على فلان فلم يوفك مالك فهو على أو قال ان حل فهو على فهو جائز على ما قال لان حلول المال على الاصيل سبب لتوجه المطالبة عليه و الكفالة التزام المطالبة فيجوز اضافتها إلى وقت توجد المطالبة به على الاصيل و تعليقها به و كذلك لو قال ان مات فلان قبل أن يوفك مالك فهو على لان موت المديون سبب لحلول الاجل و توجه المطالبة بقضاء الدين فيجوز تعليق الكفالة به بخلاف ما إذا علقه بموت رجل آخر و إذا ادعى الكفيل بعد موته أو بعد حلول المال ان المطلوب قد كان قضاه قبل ذلك لم يصدق لان السبب الموجب لتوجه المطالبة على الكفيل قد تقرر و قد يدعى مانعا ما لم يظهر و هو قضأ المطلوب حقه و لو ادعى المطلوب ذلك بنفسه لم يصدق الا بحجة فكذلك إذا ادعاه الكفيل و لو كان حالا فقال ان لم يعطك فلان مالك فهو على فتقاضي الطالب المطلوب فلم يعطه ساعة تقاضاه فهو لازم الكفيل لان الشرط امتناع المطلوب من الاعطاء و انما يتحقق بعد ذلك التقاضي فكما تقاضاه و امتنع من الاداء فقد وجد شرط وجوب المال على الكفيل و لان مقصود الكفيل من هذا دفع مؤنة كثرة التقاضي عن الطالب فانه يتأدى بذلك و انما يحصل ذلك إذا صار الكفيل ملتزما عند امتناع المطلوب بعد التقاضي و ذكر عن شريح رحمه الله أنه قضى بكفالة و قال ان الكفيل غارم و فيه دليل جواز الكفالة مطلقا لكن لا يكون مستحق التسليم حتى يتحقق ان الكفيل غارم له و إذا كفل الرجل عن رجل بمال فللطالب ان يأخذ به أيهما شاء و بمطالبة أحدهما لا يسقط حقه في مطالبة الآخر بخلاف الغاصب مع غاصب الغاصب و قد بينا نوع فرق بينهما و نوع آخر و هو أن هناك الحق قبل أحدهما فيعين من عليه الحق

(29)

باختياره وهنا أصل الدين بعد الكفالة على الاصيل كما كان قبله ( ألا ترى ) انه يكتب في الصكوك لفلان على فلان كذا و فلان به كفيل و موجب الكفالة زيادة الحق للطالب في المطالبة و انما يتحقق ذلك إذا توجهت المطالبة له عليهما فلا تكون مطالبة أحدهما مسقطة حقه في مطالبته الآخر فإذا أخذ الكفيل به كان للكفيل ان يأخذ المكفول به فيعامله بحسب ما يعامل و ليس له أن يأخذ المال من الاصيل حتى يؤديه لانه قبل الاداء مقرض للذمة فلا يرجع بالمال حتى يؤديه فحينئذ يصير به متملكا ما في ذمة الاصيل و لكن ان قضاه الاصيل فهو جائز لان أصل الوجوب ثبت للكفيل على الاصيل و ان كان حق الاستيفاء متأخرا إلى أدائه و تعجل الدين المؤجل صحيح فإذا قبضه الكفيل و تصرف فيه كان ما ربح حلالا له لانه ملك المقبوض ملكا صحيحا فالربح الحاصل لديه يكون له و لو هلك منه كان ضامنا لانه قبضه على وجه اقتضاء الدين الذي له على الاصيل و على وجه الاقتضاء يكون مضمونا على المقتضى و لو اقتضاه الطالب من الذي عليه و هو الاصيل فله أن يرجع على الكفيل بما اعطاه لانه انما اعطاه ذلك ليسلم له به ما في ذمته بان يؤديه الكفيل عنه فإذا لم يسلم له كان له أن يرجع عليه بما أعطاه و لو لم يكن دفعه إلى الكفيل في الابتداء على طريق القضاء و لكن قال أنت رسولي بها إلى فلان الطالب فهلك من الكفيل كان مؤتمنا في ذلك لانه استعمله حين بعث بالمال على يده إلى الطالب و لو استعمل في ذلك غيره كان أمينا فيه فكذلك إذا استعمل الكفيل حتى إذا أداه المطلوب إلى الطالب بعد ذلك لا يرجع على الكفيل بشيء و ان أدى الكفيل إلى الطالب رجع به على الاصيل فهلاك الامانة في يده كهلاكها في يد صاحبها و لو لم يهلك منه و لكنه عمل به و ربح أو وضع كانت الوضيعة عليه لانه مخالف بما صنع و الربح له يتصدق به في قول أبى حنيفة و محمد رحمهما الله و فى قول أبى يوسف رحمه الله يطيب له بمنزلة المودع إذا تصرف في الوديعة و ربح و لو كان الدين طعاما فأرسل به الاصيل مع الكفيل إلى الطالب فتصرف فيه الكفيل فربح فهذا و الاول سواء و لو أعطاه الطعام اقتضاء عما كفل به فباعه و ربح فيه فان أبا حنيفة رحمه الله يقول الربح له و لو تصدق به كان أحب إلى و على قول أبى يوسف و محمد رحمهما الله يطيب له الربح فالحاصل أن الكفيل ان قضى الطالب طعامه فالربح يطيب له لانه استربح على ملك صحيح له و ان قضى المطلوب طعامه حتى رجع على الكفيل بالطعام الذي أعطاه فالربح يطيب للكفيل في رواية كتاب البيوع لان أصل ملكه كان صحيحا فبأن وجب عليه الرد بعد

(30)

ذلك لا يمكن خبث في الربح و فى الجامع الصغير يقول يرد الاصل و الربح على الاصيل عند أبى حنيفة رحمه الله لانه انما رضى بتسليمه اليه بشرط و لم يسلم له ذلك الشرط و لكن مراده ان يفتى برد الربح عليه من أن يجبر عليه في الحكم وهنا قال يتصدق بالربح لانه يمكن فيه نوع خبث حين كان قبضه بشرط و لم يسلم ذلك الشرط للمعطى فيؤمر بالتصدق به على سبيل الفتوى بخلاف ما تقدم من الدراهم فانها لا تتعين في العقد فلم يكن ربحه حاصلا على عين المال المقبوض فاما الطعام يتعين فانما ربح على المقبوض فيتمكن فيه الخبث من هذا الوجه و إذا قال الرجل للرجل أكفل عني لفلان بكذا و كذا فهذا اقرار منه بالمال ان كفل به أو لم يكفل لانه أمره بالكفالة عنه و لا تكون الا بعد وجوب المال على الاصيل فان الكفيل اما ان يلتزم المطالبة بما هو واجب على الاصيل أو يقرض ذمته على ان يثبت فيها ما هو واجب في ذمة الاصيل فيقتضى أمره بذلك الاقرار وجوب المال عليه و الثابت بمقتضى النص كالثابت بالنص فكانه قال لفلان على ألف درهم فاكفل بها عني و إذا كان لرجل على رجل ألف درهم إلى أجل فكفل بها عنه رجل و لم يسمه في الكفالة إلى أجل فالكفيل بها ضامن للاصيل و ان لم يسمه لانه يلتزم المطالبة التي هى على الاصيل و المطالبة على الاصيل بهذا المال بعد حلول الاجل فكذلك على الكفيل أو يلتزم في ذمته ما هو ثابت في ذمة الاصيل و الثابت في ذمة الاصيل مؤجل إلى سنة فكذلك لو كان في ذمة الاصيل زيوف تثبت في ذمة الكفيل بتلك الصفة و هذا بخلاف الشفيع إذا أخذ الدار بالشفعة و الثمن مؤجل على المشترى لا يثبت الاجل في حق الشفيع لان الاخذ بالشفعة بمنزلة الشراء و هو سبب مبتدأ لوجوب الثمن به على الشفيع فلا يثبت الاجل فيه الا بالشرط فأما الكفالة فليست بسبب لوجوب المال بها ابتداء و لكنها التزام لما هو ثابت فلا يثبت الا بتلك الصفة فان مات الكفيل قبل الاجل فهو عليه حال يؤخذ من تركته لانه بالموت استغنى عن الاجل و لانه يتصور لا بقاء الاجل بعد موته لان يد وارثه لا تنبسط في التركة لقيام الدين و ربما يهلك قبل حلول الاجل و الاجل كان لمنفعة من عليه الدين فإذا أدى إلى الضرر سقط و لكن لا يرجع ورثته على الذي عليه الاصيل حتى يحل الاجل لان الاجل باق في حق الاصيل لبقاء حاجته حتى لا يطالبه الطالب بشيء فكذلك ورثة الكفيل و لو مات الاصيل قبل الاجل حلت عليه لاستغنائه عن الاجل و لم يحل على الكفيل لبقاء حاجته إلى الاجل و ليس من ضرورة حلوله على الاصيل

(31)

سقوط الاجل في حق الكفيل ( ألا ترى ) انه لو كان أصل المال حالا ثم اجل الكفيل فيما عليه صح و بقى المال على الاصيل حالا و الثابت بالضرورة لا يعدو موضع الضرورة و لو كان لرجل على رجل ألف درهم حالة فكفل بها رجل إلى سنة فهو جائز إلى ذلك الاجل و هذا تأخير عن الذي عليه الاصل قال ( ألا ترى ) انه لو كان عليه ذكر حق بألف درهم و فلان كفيل بها إلى سنة كانت عليهما جميعا إلى سنة و عن زفر رحمه الله ان المال على الاصيل حال لانه اجل الكفيل خاصة و التأجيل إسقاط للمطالبة إلى غاية فإذا كان إبراء الكفيل لا يوجب براءة الاصيل فالتأجيل في حق الكفيل لا يمنع كون المال حالا على الاصيل لكنا نقول انما أجل الطالب هنا أصل الدين لان الهاء في قوله فكفل بها إلى سنة كناية عن أصل المال و اضافة التأجيل إلى أصل المال يثبت الاجل في حق الاصيل و الكفيل جميعا حتى لو اجل الكفيل بما التزم بالكفالة يبقى المال حالا على الاصيل و هكذا يقول في الابراء إذا اضافه إلى أصل المال يكون إبراء لهما و إذا اضافه إلى الكفيل خاصة يكون موجبا براءة الاصيل و إذا كفل له بألف درهم لفلان على أن يعطيها إياه من وديعة لفلان عنده فهو جائز لانه قبل الالتزام بمحل مخصوص و هو ان يؤديه بما في يده و ذلك صحيح في الكفالة و الحوالة جميعا فان هلكت الوديعة فلا ضمان على الكفيل لانعدام الجناية و لا فرق في حقه بين التزام اداء الوديعة إلى صاحبها أو غريم صاحبها بأمر صاحبها فإذا لم يضمن الوديعة فقد فات المحل الذي التزم فيه التسليم للطالب و قد بينا ان فوات المحل مبطل للكفالة و لو كان لرجل عند رجل ألف درهم وديعة و على رب الوديعة ألف درهم دين و طلب من الذي عنده الوديعة التزام أداء ذمته بمحل مخصوص و هو تقييد مفيد في حقه حتى لا يكون ضامنا في ذمته شيئا بعد هلاك ذلك المال ثم ليس لصاحب الوديعة أن يأخذها من الكفيل لا عن حق الغريم و قد تعلق بها و لانه التزم أداء دينه منها بأمره و لا يتمكن من ذلك الا بعد كونها في يده فإذا هلكت بري الكفيل منها لما بينا و القول قوله في انها هلكت لانه بقي أمينا في العين بعد هذه الكفالة كما كان قبلها فيكون مقبول القول في هلاكها و ان اغتصبها إياه رب الوديعة أو اغتصبها إياه إنسان آخر فاستهلكها بري الكفيل لما بينا ان وجوب الاداء عليه كان مقصورا على العين ما بقيت في يده فانه ما التزم في ذمته شيئا فإذا لم تبق العين في يده لا يكون ضامنا شيئا و كذلك لو ضمن له ألف درهم على ان يعطيها إياه من ثمن هذه الدار فلم يبعها لم يكن عليه ضمان لانه التزم الاداء من محل مخصوص

(32)

و هو ثمن الدار و لا يحصل ثمن الدار في يده ما لم يبع الدار و هو لم يلتزم بيعها على ذلك فلهذا لا يطالب بشيء ما لم يبع الدار و يقبض الثمن و لو كفل رجل عن رجل بمال على أن يجعل له جعلا فالجعل باطل هكذا روى عن إبراهيم رحمه الله و هذا لانه رشوة و الرشوة حرام فان الطالب ليس يستوجب بهذه الكفالة زيادة مال فلا يجوز ان يجب عليه عوض بمقابلته و لكن الضمان جائز إذا لم يشترط الجعل فيه و ان كان الجعل مشروطا فيه فالضمان باطل أيضا لان الكفيل ملتزم و الالتزام لا يكون الا برضاه ( ألا ترى ) انه لو كان مكرها على الكفالة لم يلزمه شيء فإذا شرط الجعل في الكفالة فهو ما رضى بالالتزام إذا لم يسلم الجعل و إذا لم يشترطه في الكفالة فهو راض بالالتزام مطلقا فيلزمه و كفالة المرتد موقوفة عند أبى حنيفة رحمه الله بنفس كانت أو بمال كسائر تصرفاته و كفالة المرتدة جائزة و ان ماتت على الردة كسائر تصرفاتها فانها لا تقبل بخلاف الرجل و هذا فرق ظاهر في السير فان لحقت بدار الحرب و سبيت بطلت الكفالة بالنفس دون المال لانها لما لحقت و سبيت فكأنها ماتت ( ألا ترى ) ان مالها لورثتها و موت الكفيل يبطل الكفالة بالنفس دون المال و في الكتاب قال هى بمنزلة أمة كفلت بنفس لان الكفالة بالنفس لما كانت لا تتحول إلى المال و قد صارت هذه أمة بالاسترقاق فكانها كفلت ابتداء و هي أمة فلا تطالب بذلك لحق مولاها و أما الكفالة بالمال فقد تحولت إلى ما خلفت من المال فكان و ارثها مطالبا بقضاء ذلك و لكن التعليل الاول أصح لما ذكر بعد هذا قال و ان أعتقت يوما من الدهر لم تؤخذ بالكفالة بالنفس و لا بالمال و قد أبطل السبي كل كفالة و كل حق قبلها و لو كان هذا بمنزلة ابتداء الكفالة منها و هي أمة كانت تؤخذ بذلك بعد العتق فعرفنا انه لما تبدلت نفسها بالرق كان ذلك بمنزلة موتها على ما قيل الحرية حياة و الرقية تلف فبطلت الكفالة بالنفس أصلا و تحول المال إلى مال فلا يعود شيء من ذلك إليها بعد العتق و لو كفل مسلم بنفس مرتد في دين عليه فلحق بدار الحرب أو ارتد بعد الكفالة و لحق كان الكفيل على كفالته و قد بينا هذا الفصل بفروعه في أول الكتاب فان كانت إمرأة فسبيت بطلت الكفالة عنها بالنفس دون المال لانها حين سبيت فقد سقطت عنها المطالبة بالحضور فيسقط عن الكفيل ما التزم من الاحضار توضيحه انها لما تبدلت نفسها بالاسترقاق فكانها ماتت و موت المكفول عنه بنفسه يبطل الكفالة و لكن الكفيل مأخوذ بقضاء ذلك الدين فإذا اداه رجع به فيما تركت في دار الاسلام لانه دين مؤجل كان له عليها بمنزلة سائر ديونها فان

(33)

لم يكن شيء تركت وادي الكفيل ذلك ثم ان عتقت يوما لم يتبعها من ذلك بشيء لان السبي أبطل عنها كل دين فان نفس المسبي تتبدل بالاسترقاق من صفة المالكية إلى المملوكية و الدين لا يجب على المملوك الا شاغلا لماليته و هذا الدين حين وجب لم يكن شاغلا لشيء سوى الذمة و قد تعذر إبقاؤه بتلك الصفة فلهذا سقط عنها و كذلك الذمي و الذمية إذا انقضى العهد و لحقا بالدار و قد كفل رجل عنهما بنفس أو مال فان الكفيل يؤخذ بذلك فان مأتا أو سبيا بطلت الكفالة بالنفس دون المال فان أداه ثم عتقا لم يرجع عليهما به لما بينا في المرتدة و لا تجوز كفالة المرتد عن الذمي بالخمر و الخنزير لان حكم الاسلام باق في حق المرتد فانه مجبر على العود إلى الاسلام مقر على ما اعتقده فكما لا تجوز كفالة المرتد بالخمر فكذلك كفالة المرتد و على هذا لو استهلك المرتد خمر الذمي كان عليه قيمتها كما لو استهلكها مسلم فان كفل بها عنه مسلم جاز لان القيمة الواجبة عليه دراهم أو دنانير و لو كفل مسلم لمرتد بنفس أو مال ثم لحق المرتد بدار الحرب كان ورثته على حقه من الكفالة لانهم يخلفونه في حقوقه بعد لحاقه كما يخلفونه في أملاكه فان رجع ثانيا كان له ان يأخذ الكفيل بالنفس و المال لان ما كان قائما من حقوقه يعود اليه إذا رجع ثانيا بمنزلة ما هو قائم من أملاكه و ان كان ورثته قد استوفوا بقضاء القاضي فالكفيل من ذلك بري بمنزلة ما هلك من ماله و هذا لان الاداء إلى وارثه بقضاء القاضي بمنزلة الاداء اليه فيبرأ الكفيل به و كفالة المستأمن و الكفالة له بمال أو نفس جائزة لانه من المعاملات و انما دخل دارنا بأمان ليعاملنا ففى المعاملات يستوى بنا فان لحق بداره ثم خرج مستأمنا فالكفالة بحالها لانه باللحاق صار من أهل دار الحرب حقيقة بعد ان كان من أهلها حكما فهو قياس ما بينا في المرتد و ان أسر بطلت الكفالة فيما له لان نفسه قد تبدلت بالاسر و ذلك مبطل لحقوقه و لم يخلفه ورثته في ذلك بخلاف المرتدة على ما بينا فاما فيما عليه فتبطل الكفالة بالنفس لتبدل نفسه بالاسر كما في المرتدة و بالمال كذلك هنا لان في المرتدة المال يتحول إلى ما خلفت و ليس هنا محل هو خلف عنه فلهذا بطلت الكفالة بالمال أيضا و مكاتب الحربي إذا كان مستأمنا في دار الاسلام و عبده بمنزلة عبيد أهل الذمة و مكاتبهم في جميع ذلك لان في المعاملات هم بسبب عقد الضمان يكونون بمنزلة أهل الذمة فكذلك عبيدهم و مكاتبوهم و الله أعلم بالصواب

(34)

( باب كفالة الرهط بعضهم عن بعض ) ( قال رحمه الله ) و إذا كان لرجل على رجل ألف درهم فكفل بها عنه ثلاثة نفر و بعضهم كفيل عن بعض وكلهم ضامنون ذلك فهو جائز لان كل واحد منهم كفيل عن الاصل بجميع المال و ذلك جائز فان الكفالة للتوثق بالحق و هو يحتمل التعدد ثم كفل كل واحد منهم عن الآخرين بما لزمهما بالكفالة و الكفالة عن الكفيل صحيحة لان الكفيل مطلوب بما التزمه و شرط صحة الكفالة أن يكون المكفول عنه مطلوبا بما التزمه الكفيل لان موجب الكفالة التزام المطالبة بما على الاصيل فان أدى أحد الكفلاء المال كان له أن يرجع على الاصيل بالمال كله ان شاء لانه أدى ما تحمل عنه بأمره و ان شاء رجع على شريكيه فان الكفالة بثلثي المال لانهم في حكم الالتزام بهذه الكفالة سواء فينبغي أن يستووا في الغرم و ان شاء أخذ أحدهما بالنصف لانه إذا لقى أحدهما قال له أنا و أنت في غرم الكفالة سواء لانا جميعا كفيلان عن الاصيل و عن الثالث أيضا فهات نصف ما أديت لنستوى في الغرم ثم إذا رجع عليه بالنصف رجعا على الثالث إذا لقياه بثلث المال فيأخذ ان ذلك نصفين ليستوي هو بهما في عدم الكفالة ثم يرجعون على الاصيل بالمال كله لانهم كفلوا عنه بأمره و أدوه و لو كان ثلاثة نفر عليهم ألف درهم و بعضهم كفيل عن بعض فأدى المال أحدهم فان للمؤدى ان يرجع على كل واحد من الآخرين بالثلث ان شاء لان كل واحد منهم أصيل في ثلث المال و المؤدى قد كفل عن كل واحد منهما في ذلك الثلث بأمره و ان شاء رجع على أحدهما بالنصف أما الثلث فلانه كفل عنه وادي و أما السدس فلان المؤدي مع الذي لقيه كفيلان عن الثالث بما عليه و هو الثلث فينبغي أن يكون غرم هذه الكفالة عليهما على السوآء فيرجع عليه بنصف هذا الثلث لتتحقق المساواة بينهما في الغرم ثم يرجعان على الثالث إذا لقياه بالثلث فيأخذ ان ذلك بينهما نصفين و فى الكتاب ذكر عن عبد الله بن الجلاب انه باع قوما غنما على ان يأخذ أيهم شاء بحقه فأبى شريح رحمه الله ذلك و قال اختر أملا هم فخذه حتى تستوفى منه حقك و انما أوردنا هذا لنبين انه يجوز ان يكون المال عليهم و يكون بعضهم كفيلا عن بعض بما على كل واحد منهم لما في هذا من زيادة التوثق لحق صاحب الحق فان بدون هذه الكفالة لم يكن له ان يطالب كل واحد منهم الا بما عليه و هو الثلث و بعد هذه الكفالة له أن يطالب أيهم شاء بجميع المال مع بقاء حقه في المطالبة الاصلية و هو ان يطالب كل واحد منهم بالثلث و لا فرق في هذا الحكم بين




/ 28