صاحبه في قضأ ما عليه و ان أداه بناء على الخلطة السابقة و تلك الخلطة تثبت له حق الرجوع بما يؤدى بأمره كما يثبت له حق الرجوع عليه بما يؤدى اليه و ان لم يكن خليطا له لم يرجع بها عليه في قول أبى حنيفة و محمد رحمهما الله و هو قول أبى يوسف الاول رحمه الله و انما رجوعه على المدفوع اليه و قول أبى يوسف الآخر رحمه الله يرجع على الآمر خليطا كان أو خليط لوجهين ( أحدهما ) ان أمره بالدفع إلى غيره بمنزلة أمره بالدفع اليه و لو قال ادفعه إلى كان له أن يرجع عليه فكذلك إذا أمره بالدفع إلى غيره و لان فعله في الدفع يترتب على أمره في الفصلين و إذا اعتمد في الاداء أمره فلو لم يرجع صار مغررا من جهته و الغرر مدفوع كما في الخليطين ( الثاني ) انه قال ادفعها اليه قضأ و القضاء ينبنى على الوجوب و لم يكن على المأمور شيء واجب للمدفوع اليه و لا يعتبر أمر الآمر بذلك بل أمره انما يعتبر في قضأ ما هو واجب على الآمر و كان اقرارا بوجوب المال عليه من هذا الوجه و هذا و قوله اقض عني سواء و أبو حنيفة و محمد رحمهما الله قالا ان قوله اقض أو ادفعه اليه قضأ كلام محتمل يجوز ان يكون المراد اقضه ما له عليك فيكون هذا منه أمرا بالمعروف و يجوز أن يكون المراد اقضه ماله على و المحتمل لا يكون حجة فلا يثبت به المال على الآمر للمدفوع اليه و إذا لم يثبت المال عليه لا يكون هذا منه استقراضا و لا أمرا بان يملكه ما في ذمته و طريق الرجوع عليه هذان بخلاف ما لو قال قضأ عني إذا كان قضأ لما له على لان الاحتمال قد زال هناك بما صرح به من الاضافة إلى نفسه و لا يجوز أن يعتبر أمره بالدفع إلى غيره بالدفع إلى نفسه لان قوله ادفعه إلى لا يثبت له حق الرجوع عليه بهذا الامر بل يقضه المال منه و هذا المعنى بوجوب أن يكون رجوعه هنا إلى المدفوع اليه لانه هو القابض للمال منه دون الآمر و لو كان أمر بذلك ولده أو أخاه و هو ليس في عياله فهذا و أمره للاجنبي بذلك سواء الا أن يكون أمره بذلك بعض من في عياله فيكون ذلك بمنزلة ما لو أمر خليطا له بذلك استحسانا لان الانسان يقضى ما عليه بيد من في عياله و يد هؤلاء بمنزلة يده و لو دفع بنفسه قضأ كان ذلك قضأ لما هو واجب فكذلك إذا أمر بعض من في عياله حتى أدى و كذلك الزوجة إذا أمرت بذلك زوجها فان ما بينهما من الزوجية بمنزلة الخلطة أو أقوى منه و كذلك لو أمر به أجيرا له و انما أراد به التلميذ الخاص الذي استأجره مسانهة أو مشاهرة فانه بمنزلة من في عياله و كذلك لو أمر به شريكا له لان قيام الشركة بينهما بمنزلة الخلطة أو أقوى منها و هذا كله استحسان و حمل
(57)
لمطلق الكلام على ما هو معتاد بين الناس و لو قال لرجل ادفع إلى فلان ألف درهم فان كان المأمور خليطا للآمر أو بعض من في عياله رجع المأمور على الآمر باعتبار الخلطة التي بينهما فان ذلك بمنزل الغرر من جهته لو لم يثبت له حق الرجوع عليه لم يرجع الآمر على القابض و ان لم يكن له عليه شيء يصير قصاصا به فأما إذا لم يكن المأمور خليطا للآمر فلا اشكال على قول أبى حنيفة و محمد رحمهما الله انه لا يرجع على الآمر و انما يرجع به على القابض و انما اختلفوا على قول أبى يوسف الآخر رحمه الله فعلى قياس الطريقة الاولى يرجع على الآمر بمنزلة ما لو قال ادفعه إلى و على قياس الطريقة الثانية يكون رجوعه على القابض لانه ليس في لفظه ما يدل على ان القابض يستوفى حقا واجبا له بخلاف ما إذا قال ادفعها إلى فلان قضأ و لو أمر خليطا له أن ينقد فلانا عنه ألف درهم نجية فنقد عنه ألف درهم غلة أو نبهرجة لم يرجع على الآمر الا بمثل ما أعطى بخلاف الكفيل بالنجية إذا أدى بالغلة فانه يرجع بالنجية فان رجوع الكفيل بحكم الالتزام ( ألا ترى ) انه لو وهب المال منه رجع على الاصيل و انما التزم في ذمته النجية فاستوجب مثلها في ذمة الاصيل ثم إن سامحه الطالب فتجوز بالغلة لا يجب أن يسامح الاصيل بشيء فاما المأمور فهو ملتزم في ذمته شيأ و انما يثبت له حق لرجوع بالاداء ( ألا ترى ) انه لو وهب المال منه لم يصح فان كان رجوعه بالاداء رجع المؤدى و لو كان لرجل على رجل ألف درهم فأحال بها عليه رجلا فلما استوفاها المحتال قال المحتال للمحيل كان المال لي عليك فانما استوفيت حق نفسى و قال المحيل بل كنت وكيلي في قبض مالى لم يكن لك علي شيء فالقول قول المحيل لان وجوب المال له على المحتال عليه كان ظاهرا كالمقبوض بذلك السبب فيكون ملكا له ثم القابض يدعى لنفسه دينا عليه حتى يحبس ماله بذلك و لم يظهر ذلك الدين له عليه فان إحالته عليه لا تكون دليلا على وجوب المال للمحتال على المحيل فيكون القول قول المنكر و يؤمر بدفع المال اليه الا أن يثبت دين نفسه عليه و لو أراد المحتال عليه أن يمنع المال من الذي أحال به عليه و رب المال غائب لم يكن له عليه ذلك بعد الحوالة لانه قد التزم دفع المال اليه فعليه الوفاء بما التزم و كذلك لو قال رب المال اضمن له هذا المال فهو مثل الحوالة بخلاف ما لو قال أضمن له هذا المال عني فانه يكون اقرارا من رب المال بالمال لهذا لانه أمره بان يضمن عنه و لا يتحقق ذلك الا بعد وجوب المال عليه و لان قوله اضمن عني له بمنزلة التصريح منه ان القابض عامل لنفسه و ليس بوكيل من جهته و انما يكون ذلك عند وجوب
(58)
المال للطالب على الاصيل و كذلك الحوالة إذا قال يحتال إليك بالالف التي لي عليك لم يكن هذا اقرارا بان المال عليه و لو قال هو محتال عليك بألف درهم لتؤديها عني من المال الذي لي عليك فهذا اقرار منه بوجوب المال عليه للمحتال و إذا قال يحتال عليك بألف درهم لم يكن هذا اقرارا منه بالمال و لكن المحتال عليه لا يستطيع الامتناع من اداء المال إلى المحتال لانه التزمها له و لان كلامه محتمل و بالمحتمل لا يكون له ان يمتنع من إيفاء ما التزم و ان أداها و كان خليطا للآمر رجع بها عليه و رجع بها الآمر على المضمون له بعد ان يحلف انها ليست عليه و قد بينا في الحوالة نظيره فكذلك في الضمان و لو لم يكن خليطا له لم يرجع بها عليه لانه ليس في لفظه ما يدل على الامر بالضمان فلا يثبت له حق الرجوع عليه و لكنها تسلم للمضمون له بخلاف ما سبق من قوله ادفع لانه ليس هناك من المأمور التزام شيء للمدفوع اليه ( ألا ترى ) ان له ان يمتنع من الدفع اليه فكذلك بعد الدفع له أن يرجع بها عليه وهنا بقبول الحوالة و الضمان قد التزم المال للمضمون له حتى لا يكون له أن يمتنع من الدفع اليه في الابتداء فكذلك بعد الدفع اليه لا يكون له ان يرجع عليه بشيء مما أدى اليه و الله أعلم بالصواب ( باب صلح الكفالة ) ( قال رحمه الله ) و إذا كان لرجل على رجل ألف درهم و بها كفيل عنه بأمره فصالح الكفيل الطالب على مائة درهم على إبراء الاصيل من الالف جاز كما لو صالحه الاصيل بنفسه و هذا ظاهر لان الطالب استوفى عشر حقه و أبرأه من سوى ذلك و كل واحد من الامرين صحيح في الكل فكذلك في البعض لم يرجع الكفيل على المكفول عنه بمائة درهم لان رجوع الكفيل باعتبار ثبوت الملك له و ذلك مقصور على ما أدى دون ما أبرأه الاصيل عنه لان الابراء إسقاط فلا يتضمن التمليك من الكفيل و لا يتحول به أصل الدين إلى ذمة الكفيل بخلاف الايفاء فانه يتضمن تحول أصل الدين إلى ذمة الكفيل ليتملك بأدائه ما في ذمته فيستوجب الرجوع به على الاصيل و لو صالحه على مائة درهم على ان يبرئ الكفيل خاصة من الباقى رجع الكفيل على الاصيل بمائة درهم و رجع الطالب على الاصيل بتسعمائة لان إبراء الكفيل يكون فسخا للكفالة و لا يكون إسقاطا لاصل الدين فيبقى له في ذمة الاصيل
(59)
ما أبرأه الكفيل منه و تسعمأة و هذا لان الكفيل يلتزم المطالبة و إبراء الكفيل يكون تصرفا في تلك المطالبة دون أصل الدين و بالابراء لا يتحول الدين إلى ذمة الكفيل و لو صالحه على مائة درهم على ان وهب التسعمائة للكفيل كان للكفيل ان يرجع بالالف كلها على المكفول عنه لانه ملك جميع الاصل و هو الالف بعضها بالاداء و بعضها بالهبة منه و البعض معتبر بالكل و هذا لان الهبة تمليك في الاصل فمن ضرورة تصحيحه تحول الدين إلى ذمة الكفيل فلا يبقى للطالب في ذمة الاصيل شيء و يتحول الكل إلى ذمة الكفيل ثم يتملكها بالهبة و الاداء فيرجع بها على الاصيل و لو صالح الكفيل الطالب على عشرة دنانير أو باعه إياه بعشرة دنانير كان للكفيل ان يرجع على الاصيل بجميع الالف لانه بهذا الصلح و الشراء يتملك جميع الالف و من ضرورة صحتها تحول الدين إلى ذمة الكفيل فان الصلح في جنس الحق يكون تمليكا كالبيع و كذلك كل ما صالحه عليه من مكيل أو موزون بعينه أو حيوان أو عرض أو متاع فالجواب في الكل سواء و لو كان معه كفيل اخر و كل واحد منهما ضامن عن صاحبه كان له ان يرجع على صاحبه بنصف ذلك لان هذا الصلح أو البيع بمنزلة الاداء في حق الرجوع على الاصيل فكذلك في حق الرجوع على الكفيل معه و لو أدى جميع المال كان له ان يرجع بنصفه على شريكه في الكفالة فكذلك هنا و لو كفل رجلان عن رجل بألف درهم و كل واحد منهما ضامن عن صاحبه فأدى أحدهما ثم أخذ صاحبه في الكفالة معه بالنصف فصالحه من ذلك على مائة درهم على ان أبرأه خاصة مما بقي فهو جائز و استوجب الرجوع على صاحبه بنصف المؤدى و هو خمسمأة ليستوي معه في الغرم فإذا استوفى منه بعض ذلك و أبرأه عن الباقى جاز كما لو عامل الاصيل بمثل ذلك ثم براءة الكفيل بالابراء لا تكون براءة للاصيل و قد كان للمؤدى أن يرجع على الاصيل بجميع الالف فانما وصل اليه من جهة صاحبه مائة فيبقى حقه في الرجوع على الاصيل بتسعمائة و يثبت للكفيل الآخر حق الرجوع على الاصيل بمائة فأيهما أخذ منه شيئا اقتسما المأخوذ اعتبارا على قدر شركتهما فيما في ذمته لاحدهما تسعة أعشاره و للآخر عشره و لو صالح المؤدى صاحبه من الخمسمائة على عشرة دنانير أو كر حنطة أو عرض جاز ذلك كما يجوز صلحه مع الطالب عن الخمسمائة على هذا المقدار و يملك الكفيل الآخر خمسمأة بهذا الصلح بمنزلة ما لو أداها بعينها إلى المؤدى فيتبع كل واحد منهما الاصيل
(60)
بخمسمائة و أيهما أخذ شيئا كان لصاحبه نصفه على حسب حقهما في ذمته و لو كان الدين طعاما و به كفيل فصالح الكفيل الطالب منه على عشرة دراهم رجع بالطعام كله على المكفول عنه لان ما أداه الكفيل يصلح ان يكون عوضا عن جميع الطعام فيصير به متملكا بجميع الطعام ( ألا ترى ) انه لو باعه بالطعام ثوبا كان به متملكا جميع الطعام حتى يرجع به على الاصيل فهذا مثله و لو كان الدين ألف درهم و به كفيلان كل واحد منهما ضامن عن صاحبه فصالح أحد الكفيلين صاحبه على مائة درهم على أن يبرئه من حصته من الكفالة و قبضها منه ثم ان الكفيل الذي قبض المائة أدى المال كله إلى الطالب رجع على المكفول عنه بتسعمائة و لم يرجع على الكفيل معه بشيء و يرجع المؤدى للمائة على المكفول عنه بالمائة لان كل واحد منهما كفيل عن الاصيل بجميع المال و عن صاحبه بنصف المال صلح الكفيل مع الاصيل قبل أدائه إلى الطالب صحيح كما يجوز صلحه مع الطالب فإذا صالح أحدهما صاحبه على مائة فقد صار مبرئا له عما زاد على المائة مما استوجب الرجوع عليه و هو كان كفيلا عن الاصيل و إبراء الكفيل لا يوجب براءة الاصيل فإذا أدى القابض للمائة جميع الالف فانما أدى عن الاصيل تسعمائة فيستوجب الرجوع بها عليه و يصير مؤديا عن الكفيل معه مقدار ما كفل عنه و ذلك مائة درهم فيرجع المؤدى للمائة على الاصيل بتلك المائة لان أداء كفيله عنه كأدائه بنفسه و لو لم يكن هكذا و لكن الطالب أخذ الكفيل الذي أدى المائة و استوفى منه الالف كلها فله أن يرجع على شريكه بتسعمائة لانه دفع اليه المائة على أن يؤديها عنه إلى الطالب فإذا لم يفعل حتى أداها بنفسه كان له أن يرجع عليه بتلك المائة و قد كان كفل عنه خمسمأة و أداها فله ان يرجع عليه بتلك الخمسمائة أيضا و لو كان الكفيل صالح صاحبه على كر حنطة و دفعه اليه على ان أبرأه من حصته من الكفالة فهذا جائز فيما بينهما لانه كفل بالخمسمائة و ما أدى اليه يصلح أن يكون عوضا عن الخمسمائة و يكون هذا التصرف منهما جائز في حق الطالب فله ان يأخذ بجميع المال أيهما شاء فان أخذ الطالب الكفيل الذي أدى بالالف فأداها فانه يرجع بها تامة على الكفيل الذي معه و بخمسمائة مع ذلك على الذي عليه الاصل ان شاء الا أن يشاء الكفيل القابض للطعام ان يرد عليه الطعام و يرد عليه خمسمأة مع ذلك لان المؤدى للالف استوجب الرجوع على شريكه في الكفالة بنصف ما أدى و هو خمسمأة لانه تحمل ذلك عنه بأمره و بالنصف الآخر لانه دفع اليه الطعام على ان يؤدي عنه ما يقابله و هو خمسمأة إلى الطالب فإذا
(61)
لم يفعل حتى أدى بنفسه كان له أن يرجع عليه بتلك الخمسمائة أيضا الا ان القابض للطعام قبضه بطريق الصلح على ان يبرئ المؤدى من رجوعه عليه لا على أن يرجع المؤدي عليه بخمسمائة فإذا آل الامر إلى ذلك خير لان مبنى الصلح على التجوز بدون الحق فان شاء نقض الصلح ورد عليه الطعام و ان شاء أمسك الطعام ورد عليه عوضه و هو خمسمأة و ان شاء المؤدى للالف رجع بخمسمائة على الاصيل لانه اداها عنه بعد ما تحملها بأمره و رجع بخمسسمائة على الكفيل الذي قبض الطعام الا أن يشاء الكفيل ان يرد عليه الطعام لما بينا ( و حاصل فقه هذه المسألة ) ان الخمسمائة التي هى عوض عن الطعام لا يستوجب المؤدى الرجوع بها على الاصيل لانه صار مملكا إياها من المؤدى للطعام فيكون رجوعه بذلك على القابض للطعام خاصة الا أن يشاء القابض للطعام ان يرد عليه الطعام لانه قبضه منه على سبيل الحط و الاغماض و لو صالح أحد الكفيلين صاحبه على عشرة دنانير و دفعها اليه على ان أبرأه من حصته من الكفالة ثم ان الطالب صالح الكفيل الذي قبض الدنانير على تلك الدنانير بأعيانها عن جميع المال و أداها اليه كان جائزا لانه ملك الدنانير و تم ملكه فيما قبضه من صاحبه فالتحق تعيينها من دنانيره في جواز الصلح مع الطالب عليها من جميع المال و يكون هذا الصلح تمليكا منه لانعدام معنى الربا عند اختلاف الجنس ثم يكون للكفيل الذي صالح الطالب أن يرجع على الاصيل بخمسمائة درهم و يرجع الكفيل الآخر على الاصيل بخمسمائة أيضا لان الذي صالح الطالب قد يملك جميع الالف بهذا الصلح بمنزلة ما لو أدى اليه جميع الالف و كان له أن يرجع على شريكه بخمسمائة لو لا صلحه معه و قد صح صلحه معه عن الخمسمائة على الدنانير فيجعل ذلك الصلح بينهما كانه كان بعد اذنه فيتقرر كل واحد منهما في الرجوع عن الاصيل بخمسمائة لان أداء الكفيل المصالح الاول عنه كأدائه بنفسه و أيهما أخذ شيئا من الاصيل شاركه فيه صاحبه لان الدين الذي في ذمة الاصيل مشترك بينهما و ما يقبض أحد الشريكين من دين مشترك بينهما شاركه فيه صاحبه و لو لم يكن هكذا و لكن أحد الكفيلين أدى المال كله إلى الطالب ثم صالح الكفيل معه على مائة درهم على ان أبرأه أو على عشرة دنانير على ان أبرأه و قبض ذلك فهو جائز لانه بالاداء استوجب الرجوع على شريكه في الكفالة بخمسمائة و الصلح من الخمسمائة على مائة درهم أو على عشرة دنانير جائز و هما يتبعان الاصيل بالالف تامة لانهما صارا مؤديين عنه جميع الالف فان كان الصلح بينهما على الدنانير فالالف بينهما
(62)
نصفان لان مؤدى الدنانير يصير متملكا للخمسمائة بما أدى فالصلح يصح بطريق التمليك إذا أمكن و الامكان موجود عند اختلاف الجنس فيكون رجوع كل واحد منهما على الاصيل بخمسمائة بمنزلة ما لو أدى إلى صاحبه خمسمأة و ان جرى الصلح بينهما على مائة درهم فالالف بينهما على عشرة اسهم لان صحة الصلح عنهما هنا بطريق الاسقاط فان مبادلة الخمسمائة بالمائة ربا فالمؤدى للمائة لا يأخذ الا مقدارها و إبراء مؤدى الالف صاحبه عما زاد على المائة لا يكون إبراء الاصيل فيكون له ان يرجع على الاصيل بتسعمائة و للآخر ان يرجع عليه بالمائة فإذا اقتضاه شيئا منها يكون المقبوض بينهما على مقدار حقهما اعتبارا و لو صالحه على عرض أو حيوان كان مثل الصلح على الدنانير لان تصحيحه بطريق التمليك ممكن و الصلح قبل الاداء و بعد الاداء جائز لان الدين يجب للكفيل عن الاصيل بالكفالة كما يجب للطالب على الكفيل بعين في حق المطالبة ( ألا ترى ) ان الكفيل يطالب الاصيل بحسب ما تعامله الطالب مع الكفيل و يجوز صلح الكفيل مع الاصيل قبل الاداء و بعده و إذا كان الدين طعاما قرضا أو غصبا فصالح أحد الكفيلين صاحبه على دراهم مسماة على أن أبرأه من خصومته فهو مثل الباب الاول لما بينا أن تصحيح هذا الصلح بينهما بطريق المبادلة ممكن فان أدى الذي قبض الدراهم و الطعام كله كان لهما ان يتبعا الاصيل بذلك نصفين لان المؤدى للدراهم كان أصيلا في حق صاحبه و أداء كفيله كأدائه بنفسه و قد تم ملكه في حصته من الطعام بما أدى من الدراهم إلى صاحبه فيرجع على الاصيل بذلك و المؤدى للطعام كفيل عن الاصيل بالطعام و قد أدى فيرجع عليه بما لم يصل اليه عوضه من صاحبه و ذلك نصف الطعام فلهذا رجعنا عليه بالطعام نصفين و ان أدى الطعام الذي دفع الدراهم اتبع صاحب الاصل بالجميع لانه كان كفيلا عنه بجميع الطعام و قد أدى فيرجع على الكفيل الذي قبض الدراهم بنصف ما أدى الطعام لانه دفع اليه الدراهم عوضا عن نصف الطعام الذي كان كفل به عنه ليؤديه إلى الطالب و لم يفعل فيرجع عليه بذلك الا ان يشاء القابض للدراهم ان يرد الدراهم لانه قبضها بطريق الصلح و مبنى الصلح على التجوز بدون الحق فإذا آل الامر إلى ان يلزمه رد نصف الطعام و يكمله عليه كان له أن يلتزم هذا الضرر و يرد عليه المقبوض من الدراهم ان شاء و ان شاء الكفيل الذي أدى الطعام اتبع صاحبه في الكفالة بجميع الطعام ليؤديه عنه إلى الطالب فإذا لم يفعل حتى أدى بنفسه كان له ان يرجع عليه بذلك أيضا الا أن يشاء القابض للطعام