جميعا و ان شاء شتى كيف شاء و كلما شاء حتى يستوفى منهما هذا المال و انما يكتب ذلك احتياطا لصاحب الحق من اختلاف القضاة فان المذهب عندنا انه إذا كفل بمال فللطالب أن يأخذ أيهما شاء بجميع المال كيف شاء و كلما شاء و قال ابن أبى ليلي رحمه الله بري الاصيل و المال على الكفيل الا أن يشترط على كل واحد منهما كفيل عن صاحبه أجزته و أيهما أجاز أبرأت الآخر الا أن يشترط أن يأخذهما جميعا أو شتى فأدخلا في الصك جميعا أو شتى لذلك و قال شريك بن عبد الله رحمه الله ان أدخلا جميعا أو شتى أجزته فان اختار أحدهما لم يكن له أن يأخذ الآخر الا أن يفلس هذا أو يموت و لا يترك شيئا فأدخلا في الصك كيف شاء و كلما شاء حتى يكون له الاختيار كل مرة و هذا لان الكتاب للتوثق فينبغي لكل من يكتب الكتاب أن يحتاط لصاحبه بكل ما يقدر عليه من التوثق و يحتاط للتحرز عن اختلاف القضاة عملا بقوله تعالى و ليؤد الذي ائتمن أمانته و الله أعلم بالصواب ( باب من الكفالة أيضا ) ( قال رحمه الله ) و إذا أقرض الرجل الرجل قرضا على أن يكفل به فلان كان جائزا حاضرا كان فلان أو غائبا ضمن أو لم يضمن و كذلك لو شرط أن يحيله به على فلان لان القرض لا يتعلق بالجائز من الشروط فلا يفسده الباطل بخلاف البيع فانه لو شرط فيه كفالة أو حوالة من مجهول أو معلوم حاضر لم يرض بذلك فالبيع فاسد لان الفاسد من الشروط مبطل للبيع فانه يتعلق بالجائز من الشروط فأما ضمان القرض فانه يثبت بالقبض شرعا و لا أثر للشروط فيه كضمان الغصب و التزويج و الخلع و الصلح من دم عمد و جراحة فيها قصاص حالا أو مؤجلا و جناية الوديعة و العارية إذا ضمنها فشرط له في ذلك كفالة أو حوالة فهو بمنزلة القرض لان هذا كله لا يبطل بالشرط الفاسد و كذلك العتق على مال و لو قبل الكفيل الكفالة أو الحوالة في جميع ذلك جاز لانه دين لازم يطالب به الاصيل و تجرى النيابة في إيفائه و بدل العتق بمال ليس كبدل الكتابة في حكم الكفالة لان ذلك ليس بدين قوى و من الدليل على أن فساد شرط الكفالة لا يبطل هذه العقود ما قال في العتق لانه لا يرد و معنى هذا أن الشرط الفاسد لا يمنع انعقاد العقد و لكن يستحق به الفسخ بعد الانعقاد و هذه العقود لا تحتمل الفسخ بعد التمام فلا يؤثر فيها الشرط الفاسد و لو كان لرجل على رجل دين حال من ثمن
(127)
بيع أو قرض أو غصب فسأله أن يؤخره عنه نجوما على أن يضمنه له فلان الغائب فصالحه على ذلك فقدم الكفيل فأبى أن يضمن فالصلح منتقض لان الصلح على التنجيم في المال يعتمد تمام الرضا و هو ما رضى بذلك الا بكفالة الكفيل فإذا أبى أن يكفل كان المال حالا عليه كما كان و ان ضمن الكفيل بعد ما حضر جاز الصلح لتمام الرضا به و لا يشترط حضوره في مجلس الصلح لانه ليس في هذا العقد من التمليك شيء فلا فرق بين أن يتم الرضا به في المجلس و بعد المجلس بخلاف البيع فانه مال بمال مبنى على الضيق فإذا لم يحضر الكفيل في المجلس صار اشتراط كفالته شرطا فاسدا و البيع يبطل بالشرط الفاسد و هذا لان البيع لا يجوز أن يتوقف على القبول بعد المجلس فكذلك لا تتوقف صحته على قبول الكفالة المشروط فيه بعد المجلس و لو كان حاضرا فأبى أن يضمن لم يجز الصلح لانعدام تمام الرضا به و ان ضمن فهو جائز و ان اشترط في التأخير انه ان أخره عن محله فالمال كله حال أو ان أخر نجما عن محله عشرة أيام فالمال كله حال فهو جائز على ما اشترطا لانه ليس في هذا الصلح من معنى التمليك شيء و هذا الشرط في الصلح متعارف و لو أعطاه كفيلا على أن جعل له أجلا معلوما كان جائزا في جميع الديون الا القرض فانه حال على الاصيل لان القرض حق الاصيل كالعارية لا يلزم فيه الاجل و هو مؤجل على الكفيل لان المال انما يجب على الكفيل بعقد الكفالة و الدين الواجب بالعقد يقبل الاجل و إذا كفل المريض بمال ثم مات و لا دين عليه لزمه من ثلثه لانه الكفالة تبرع و تبرعات المريض تصح من ثلثه إذا لم يكن عليه دين و ان أقر انه كفل به في الصحة لزمه ذلك في جميع ماله إذا لم يكن لوارث و لا عن وارث لان الكفالة في الصحة سبب لوجوب الدين عليه و إقراره في المرض بسبب وجوب الدين مضافا إلى حال الصحة يكون اقرارا بالدين و إقرار المريض للاجنبي بالدين صحيح و للوارث باطل و ان كان عن وارث فهذا قول من المريض فيه منفعة وارثه و المريض محجور عن مثله و ان كان عليه دين يحيط بماله لم يجز إقراره بذلك لان دين الصحة متقدم على ما أقر به في المرض فما بقي دين الصحة لم يعتبر إقراره بالدين في المرض و إذا كفل في الصحة بما أقر به فلان لفلان و لم يسمه ثم مرض و عليه دين يحيط بماله فأقر المكفول عنه أن لفلان عليه ألف درهم لزم المريض ذلك في جميع ماله لان سبب وجوب المال قد تم منه في حال الصحة و هو الكفالة و الدين الواجب عليه بذلك السبب بمنزلة دين الصحة و كذلك ان أقر بعد موته فان المقر له يخلص غرماء الكفيل بذلك
(128)
لان أصله كان في الصحة و كان قد لزم على وجه لا يملك الرجوع عنه و إبطاله و كذلك لو كفل بما ذاب لفلان على فلان أو بما صار له عليه و كذلك لو كان لوارث أو عن وارث أو لوارث عن وارث لانه كان في الصحة و هو بمنزلة ضمان الدرك فانه لو كفل في صحته بما أدركه من درك في دار اشتراها ثم استحقت الدار في مرض الكفيل أو بعد موته فان المشترى يضرب مع غرماء الكفيل الميت بالثمن لان أصل الدين كان في الصحة بخلاف الكفالة في المرض و ان كفل في المرض و ليس عليه دين ثم استدان دينا يحيط بماله ثم مات فالكفالة باطلة لان ما لزمه في المرض من الدين بسب معاين بمنزلة دين الصحة و قد بينا أن الكفالة في المرض لا تصح ادا كان دين الصحة محيطا بماله و إذا كفل رجل لرجلين و قال قد كفلت لفلان بماله على فلان أو كفلت لفلان الآخر بماله على فلان فهذا باطل سواء كان المالان من جنس واحد أو من جنسين لان المكفول له و المكفول عنه مجهول فتكون الجهالة متفاحشة و قد بينا أن مثل هذه الجهالة تمنع الكفالة و لو كان الحق لرجل واحد على رجلين على كل واحد منهما ألف درهم فقال كفلت لك بمالك على فلان فهذا جائز سواء كان المالان من جنس واحد أو من جنسين لان الجهالة هنا يسيرة مستدركة و هي جهالة المكفول عنه و مثل هذه الجهالة لا تؤثر في العقد المبني على التوسع و هذا لان الطالب معلوم فتتوجه المطالبة من جهته على الكفيل و انما بقي الخيار في حق الكفيل في أن يؤدى أى المالين شاء و لو كفل عن واحد بأحد المالين جاز فهذا مثله بخلاف الاول فالمطالبة هناك لا تتوجه من المجهول على الكفيل و الكفالة بالنفس في هذا مثل الكفالة بالمال و كذلك لو جمع بينهما فقال كفلت لك بنفس فلان فان لم أو افك به غدا فعلي مالك عليه و هو المائة دينار أو بنفس فلان فان لم أوفك به غدا فعلى مالك عليه و هو ألف درهم فلم يواف به غدا فهو ضامن لاحدهما أحد المالين أى ذلك شاء لان الطالب واحد معلوم و ان دفع أحدهما في ذلك اليوم بري من الكفالة كلها لان اشتغاله بدفع أحدهما اختيار منه لكفالته فتبطل عنه كفالته عن الآخر بهذا الاختيار و قد وجدت الموافاة في حق الذي اختار فيبرأ من كفالته أيضا و لو كان لرجلين لكل واحد منهما على رجل مال فقال رجل لاحدهما كفلت بنفس غريمك فلان فان لم أو افك به غدا فما لفلان على فلان فهو على جازت الكفالة بالنفس لانه كفل بها لمعلوم مطلقا و بطلت الكفالة بالمال لانها مخاطرة فان الحق ليس للمكفول له بالنفس و ما كان صحة الكفالة بالنفس باعتبار هذا المال لتثبت الكفالة بها
(129)
تبعا للكفالة بالنفس فيكون هذا تعليق التزام المال بمحض الشرط و هو باطل كما لو علقه بدخول الدار و كذلك الرجل يقول للرجل كفلت لك بنفس فلان فان لم أو افك به غدا فأنا كفيل بنفس فلان لانسان آخر فالكفالة الثانية باطلة لانها ليست من توابع الكفالة الاولى فيكون تعليقا لالتزام التسليم بمحض الشرط و لو كانت الكفالة عن واحد فقال كفلت لك بنفس فلان فان لم أو افك به غدا فما لفلان عليه و هو ألف على فرضى بذلك الآخر فالكفالة الاولى جائزة و النيابة باطلة لان صحة الكفالة بالنفس ما كانت باعتبار هذا المال فلا يمكن تصحيح الكفالة بالمال تبعا للكفالة بالنفس و لو قال كفلت لك بنفس فلان أو فلان بماله عليه أو بنفسه فهذا باطل كله لجهالة المكفول له و لو قال كفلت لك بأحد غريميك هذين أو بأحد ماليك على هذين كان جائزا لانه المكفول له و المطالبة تتوجه من جهته و الخيار في تعيين ما التزمه الكفيل اليه و إذا كفل عن رجل بمال بأمره فرهنه المكفول عنه رهنا به وفاء فهو جائز لان بنفس الكفالة كما وجب المال للطالب على الكفيل وجب للكفيل على الاصيل و ان كان مؤجلا و الرهن بالدين المؤجل صحيح فان هلك الرهن عند الكفيل صار مستوفيا دينه بهلاك الرهن فكانه استوفى حقيقة حتى إذا أدى الكفيل المال لم يرجع به و ان أداه الاصيل إلى الطالب رجع على الكفيل بمثله بمنزلة ما لو استوفاه منه حقيقة و لو كفل عن رجل بألف درهم بأمره على أن يعطيه بها هذا العبد رهنا فوقعت الكفالة بهذا بغير شرط من الكفيل على المكفول له ثم ان المكفول عنه أبى أن يدفع اليه العبد فان العبد لا يكون رهنا لان الكفيل لم يقبضه و الرهن لا يتم الا بالقبض و لا يجبر المكفول عنه على دفعه لان ذلك كان وعدا من جهته و المواعيد لا يتعلق بها اللزوم و الكفالة لازمة للكفيل لانه التزم المال للطالب بالكفالة المطلقة عند شرط بينهما فان كان الكفيل اشترط على الطالب فقال له أكفل لك بهذا المال عن فلان على أن رهن به فلان هذا العبد فان لم يدفعه إلى فأنا بري من الكفالة فكفل له على هذا الشرط فهو جائز و ان لم يدفع اليه الرهن بري الكفيل من الكفالة و المال لانه لما رضى بالتزام المال بدون هذا الشرط و التزام المال بالكفالة يعتمد تمام الرضا و لانه شرط البراءة إذا لم يعطه الرهن و الشرط أملك و كذلك لو كفل عنه بالمال على أن يعطيه بذلك المطلوب كفيلا فوقعت الكفالة للطالب على شرط ثم ان المكفول عنه أبى أن يعطى الكفيل كفيلا فان الكفالة على الكفيل جائزة و ان كان الكفيل شرط على الطالب ان لم يعط كفيلا بهذا المال فأنا بري من كفالتى فهو على
(130)
شرطه ان لم يعطه كفيلا بري من الكفالة لان الكفالة بمنزلة الرهن و قد بينا في الرهن ان هذا الشرط مع الطالب يجب الوفاء به فكذلك في الكفالة و هذا لان مقصود الكفيل بكل واحد منهما التوثق و النظر لنفسه حتى لا يلحقه غرم و ان كتب الكفيل على دار المكفول عنه شراء بالمال فهو جائز لانه شراء بالدين المؤجل و هذا قضأ من المكفول عنه للكفيل بطريق المقاصة فكأنه أوفاه الدين حقيقة و لو كفل بنفس رجل على أنه للكفيل ان لم يواف به إلى سنة فعليه المال الذي عليه و هو ألف درهم ثم أعطى المكفول عنه رهنا بالمال قبل السنة فالرهن باطل لان المال لم يجب على الكفيل بعد لانه علق التزام المال بشرط عدم الموافاة فلا يكون واجبا قبل الشرط ( ألا ترى ) انه لو دفع نفسه اليه قبل الاجل لم يكن عليه من المال شيء فان قيل فأين ذهب قولكم ان في كلامه تقديما و تأخيرا أو انه التزم المال ثم جعل الموافاة بنفسه صرفا له عن المال قلنا ذلك طريق صار اليه بعض مشايخنا رحمهم الله لتوجه المطالبة بالمال عند عدم الموافاة بالنفس فأما في الحقيقة فانما يلزمه المال بالتزامه و هو ما التزم المال الا بعد عدم الموافاة بالنفس غدا فلا يكون المال واجبا عليه في الحال و لا يجوز الرهن في الكفالة بالنفس على وجه من الوجوه لان الرهن يختص بحق يمكن استيفاؤه من الرهن فان موجبه ثبوت يد الاستيفاء و لا ضمان على المرتهن ان هلك الرهن في يده لانه أخذه رهنا بغير مال و ضمان الرهن ضمان استيفاء و ذلك لا يكون بدون الدين و إذا كفل رجل عن رجل بما لم يحل عليه بعد فقال إذا حل المال فهو على و أعطى المكفول عنه الكفيل رهنا كان جائزا لانه التزم المال بعقد الكفالة و جعل مطالبة الطالب عنه متأخرة إلى ما بعد حلول الاجل و ذلك مانع وجوب أصل المال على الاصيل فكذلك على الكفيل و إذا وجب المال على الكفيل وجب للكفيل على المكفول عنه أيضا فيجوز الرهن به .و لو قال ان توى مالك عليه فهو علي و أعطاه بذلك رهنا لم يجز الرهن لان المال لم يجب بعد فانه علق التزام المال بالشرط و كذلك لو قال ان مات و لم يوفك المال فهو على فأعطاه المكفول عنه به رهنا فالرهن باطل لان المال لم يجب بعد و الكفالة جائزة على هذا الشرط لانه شرط متعارف في الكفالات .و لو أخذ الكفيل بالدرك رهنا فالرهن باطل و الكفالة جائزة لان المال واجب على الكفيل قبل لحوق الدرك فلا يكون واجبا على الاصيل فلا يصح الرهن به و لا ضمان على المرتهن فيه لانه قبضه باذن صاحبه و كل ما أبطلنا فيه الرهن بالمال
(131)
فكان الرهن في يدى الكفيل حتى يحل عليه المال و يؤخذ به فان أراد أن يمسك الرهن بذلك فليس له ذلك لان أصل الرهن لم يكن صحيحا لم يثبت بقبضه يد للاستيفاء فلا يكون له أن يمسكه بعد ذلك و ان وجب الدين عليه و لو آجر منه ابلا إلى مكة و كفل عنه رجل بالاجر و بالحمولة فأخذ الكفيل منه بذلك رهنا فان الرهن في ذلك جائز لان الكفيل مأخوذ بالكفالة و قد وجبت عليه أما على أصل محمد رحمه الله فلان الاجر بنفس العقد مؤجلا و عند أبى يوسف رحمه الله سبب الوجوب متقرر و ان تأخر وجوب المال ( ألا ترى ) أن الابراء عنه صحيح فيجوز الرهن به سواء ارتهن من الكفيل أو ارتهن الكفيل من المكفول عنه بخلاف ما سبق و لو أن رجلا أحال على رجل بمال و أعطاه به رهنا جاز لان المال بالحوالة يجب للمحتال عليه على المحيل كما يجب للطالب على المحتال عليه و ان كان رجوعه عليه يتأخر إلى حين أدائه المال و إذا ادعى مسلم على كافر ما لا وادي كفالة مسلم بذلك و أقام بينة من الكفار بذلك ثبت المال بهذه البينة على الاصيل دون الكفيل المسلم و شهادة الكفار لا تكون حجة على المسلم و كذلك لو كان أصل المال على كافر فشهد كافران على مسلم و كافر أنهما كفلا عنه بهذا المال و بعضهم كفلاء عن بعض جازت الشهادة على الاصيل و على الكفيل الكافر و لا يجوز على الكفيل المسلم لان بعض هذه الكفالة تنفصل عن البعض فانما يقضى بقدر ما قامت الحجة به و إذا ادعى مسلم على مسلم ما لا و جحده المطلوب و ادعى الطالب كفالة رجل من أهل الذمة عنه بالمال بأمره و جحد الكفيل و شهد له بذلك ذميان جازت شهادتهما على الكفيل و لم تجز على المسلم حتى ان الكفيل إذا ادعى لم يكن له أن يرجع على المسلم بشيء لان شهادة الكفار لا تكون حجة على المسلم فكما لا يثبت بهذه الشهادة الدين للطالب على المسلم فكذلك لا يثبت بها أمر الكفيل بالكفالة و كذلك لو كان المال عليهما في الصك و المسلم في صدر الصك و الذمى كفيل بعده أو كان الصك عليهما و كل واحد منهما ضامن عن صاحبه لان وجوب المال على أحدهما ينفصل عن وجوب المال على الآخر فانما يقضى القاضي بقدر ما قامت الحجة به و هذه البينة حجة على الكافر دون المسلم و إذا كان الدين لرجلين على رجل فكفل أحدهما لشريكه بحصته عن المطلوب لم يجز من قبل الشركة التي بينهما معناه ان أصل المال كان مشتركا بينهما فلا يمكن أن يجعل هو كفيلا بنصيب صاحبه خاصة لان ذلك يؤدى إلى قسمة الدين قبل القبض و لا يمكن أن يجعل كفيلا بالنصف من المال المشترك بينهما لان هذا
(132)
يؤدى إلى أن يكون ضامنا نفسه عن نفسه و ذلك لا يجوز ( ألا ترى ) أن أحدهما لو استوفى نصيبه من المطلوب أو من غيره كان للآخر أن يشاركه فيه فكذلك إذا استوفاه من شريكه الكفيل و لا يمكن أن يجعل هو بهذه الكفالة مسقطا حقه في المشاركة معه لان الاسقاط قبل وجوب سبب الوجوب باطل و السبب الموجب للشركة له في المقبوض القبض و الكفالة يستحق ذلك فهلذا بطلت الكفالة و ليست الكفالة في هذا بمنزلة التبرع بالاداء فان أحد الشريكين لو تبرع بأداء نصيب شريكه عن المديون جاز لان ذلك إسقاط لحق المشاركة في المقبوض مقترنا بالسبب و هو صحيح و هذا بمنزلة الوكيل بالبيع إذا كفل باليمين عن المشترى للموكل لم يجز و لو ادعى عنه جاز و كذلك لو كفل بنفس إنسان ببدل الكتابة لا يجوز و لو تبرع بأداء بدل الكتابة عن المكاتب جاز و كذلك لو كان الدين لواحد فمات فورثه ابناه فكفل أحدهما لصاحبه بحصته لان الدين كان مشتركا بينهما ارثا فهو قياس دين مشترك بسبب آخر و إذا كان لرجل على رجل ألف درهم كفل بها عنه رجل بأمره أو بغير أمره ثم مات الطالب و المطلوب وارثه لم يكن له على الكفيل شيء لان المطلوب ملك ما في ذمته بالميراث فسقط عنه و براءته توجب براءة الكفيل فان كان معه وارث آخر للطالب فانما يسقط عن الكفيل حصة المطلوب و للوارث الآخر أن يطالب الكفيل بحصته لانه في حصته قائم مقام الطالب و انما يبرأ الكفيل من كل شيء يبرأ به الاصيل و لو كان احتال بها عليه فكفل بها على أن ابرأ الطالب المطلوب ثم مات الطالب و المطلوب وارثه و كانت الحولة بأمره لم يكن على الكفيل شيء لان المال صار مملوكا للمطلوب بموت الطالب فلو رجع به على الكفيل و المحتال عليه بذلك أيضا لان الحوالة و الكفالة كانت فاسدة فلا يكون مقيدا بقضاء فان كان بغير أمره رجع بها على المحتال عليه أو الكفيل لانه قائم مقام الطالب بعد موته و هذا رجوع مفيد فان الكفيل و المحتال عليه ان كانا متطوعين هنا لا يستوجبان الرجوع عند الاداء على أحد بشيء و هذا بخلاف الاول فان أصل المال هناك في ذمة المطلوب فهو انما يملك بالارث ما في ذمة نفسه فسقط عنه و لا يرجع الكفيل بشيء سواء كفل بأمره أو بغير أمره وهنا أصل المال تحول إلى المحتال عليه فالاصيل انما يملك ما في ذمة غيره فيكون له أن يطالبه به إذا كان دينا مفيدا و إذا كفل الرجل لعبده بدين على رجل و على عبده دين فهو جائز لان كسب العبد المديون لغرمائه فهذه الكفالة في الصورة للعبد و فى المعنى للغرماء و العبد المديون يستوجب