مبسوط جلد 20

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

مبسوط - جلد 20

شمس الدین السرخسی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


(140)

معروف النسب مع مدعي الرق على مال ليسترقه و بيان الوصف أن بدل الصلح اما أن يكون عوضا عن المال أو عن الدعوي و الخصومة أو عن اليمين و لا يجوز أن يجعل عوضا عن المدعى لان بمجرد الدعوي لا يثبت الملك في المدعي للمدعى قال صلى الله عليه و سلم لو أعطى الناس بدعواهم الحديث و الدليل عليه أنه لو استحق بدل الصلح لا يرجع بالمال المدعى و لكن يعود على رأس الدعوي و لو كان المال بدلا عن المدعى لكان يعود به عند الاستحقاق كما لو كان الصلح بعد الاقرار و لو كان المصالح عنه دارا لا يجب للشفيع فيها الشفعة أو كان المال بدلا عن المدعى و الخصومة لان ذلك ليس بمال فلا يجوز الاعتياض عنه بالمال و لانه كما لا يستحق بنفس الدعوي أخذ المال المدعى فكذلك لا يستحق أخذ المال بطريق الصلح و لا جائز أن يكون بدلا عن اليمين لان اليمين مشروعة لقطع الخصومة فلا يجوز الاعتياض عنها بالمال كالمودع إذا ادعى رد الوديعة أو هلاكها كان القول قوله مع اليمين و لو صالح من هذه اليمين على ما كان باطلا فعرفنا أن المدعى عليه انما يبذل المال ليدفع به أذى المدعي عن نفسه و المدعى يأخذ المال ليكف عن الخصومة معه بغير حجة و خصومته بغير حجة ظلم منه شرعا و أخذ المال ليكف عن الظلم رشوة فيكون حراما لقوله صلى الله عليه و سلم الراشي و المرتشي في النار و لقوله صلى الله عليه و سلم لعن الله الراشي و المرتشي و الرائش و بنحو هذا يستدل ابن أبى ليلي رحمه الله الا أنه يقول المدعي بنفس الدعوي يصير حقا للمدعى ما لم يعارضه المدعى عليه بإنكاره ( ألا ترى ) انه لو لم ينازعه في ذلك لتمكن من أخذه و هذا لان الدعوي خبر محتمل بين الصدق و الكذب و لكن الصدق يترجح فيه من حيث انه دينه و عقله يدعوانه إلى الصدق و يمنعانه من الكذب الا أن المدعى عليه إذا عارضه بإنكاره فانكاره أيضا محتمل بين الصدق و الكذب فلتحقق المعارضة تخرج دعواه من أن تكون موجبة للاستحقاق ما لم يظهر الترجيح في جانبه بالبينة و إذا كان المدعى عليه ساكتا فالمعارض لم يوجد فتبقى دعوى المدعى معتبرة في الاستحقاق فلهذا يجوز الصلح في هذه الحال فأما بعد المعارضة و الاستمناء لم يبق للدعوى سبب الاستحقاق فأخذ المال بطريق الصلح يكون رشوة و أصحابنا رحمهم الله استدلوا في ذلك بظاهر قوله تعالى و الصلح خير فالتقييد بحال الاقرار يكون زيادة على النص المغيا فيه أن المدعى أحد الخصمين في دعوى العين لنفسه فيجوز له أن يأخذ المال بطريق الصلح من صاحبه كالمدعي عليه فانه لو وقع الصلح بينهما على أن يسلم العين إلى المدعى بمال

(141)

يأخذه منه جاز ذلك بالاتفاق و تأثيره ان كل واحد منهما يدعى العين لنفسه و خبره في حقه محمول على الصدق و انما لا يكون حجة على خصمه ثم المدعى عليه انما يأخذ المال بطريق الصلح باعتبار قوله ان العين لي وانى أملكه من المدعى بما استوفي منه لا باعتبار يده ( ألا ترى ) أن المودع باعتبار يده بدون هذا القول لا يأخذ العوض عن الوديعة من المودع و المدعي قد وجد منه القول مثل ما وجد من المدعى عليه فكما يجوز للمدعي عليه أن يأخذ المال صلحا باعتبار قوله فكذلك يجوز للمدعى و فى هذا بيان أن المال عوض من المدعى في حق من يأخذه فان كانت قد انقطعت الخصومة في حق صاحبه و مثله جائز كمن اشترى عبدا أقر بحريته فما يعطى من الثمن بدل ملك الرقبة في حق البائع و هذا فداء في حق المشترى حتى يعتق العبد فهذا مثله و لان الصلح مع الانكار إبراء بعوض و لو أبرأه بغير عوض صح ذلك فكذلك إذا أبرأه بعوض كما لو صالح بعد الاقرار و معنى ذلك أن المدعى يسقط حقه عن المال المدعى دينا كان أو عينا ثم إنكار المدعى عليه لا يمنع صحة إبرائه بغير عوض حتى لو أبرأه عن الدين ثم أقر المدعي عليه بأنه كان واجبا كان الابراء صحيحا و هذا لان الابراء إسقاط و الاسقاط يتم بالمسقط وحده و انما يحتاج إلى مراعات الجانب الآخر في التملكات فأما في الاسقاطات فلا كالطلاق و العتاق و هذا لان المسقط يكون متلاشيا و لا يكون داخلا في ملك أحد و لهذا صح الابراء عن الدين قبل قبول المديون و ان كان يرتد برده لتضمنه معنى التمليك و لكن ذاك تبع و انما يعتبر ما هو المقصود و هو الاسقاط فشرط صحته ثبوت الحق في جانب المسقط و ذاك ثابت بخبره و انما لم يجعل الدعوي سببا للاستحقاق على الغير ثم بنفس الدعوي يستحق الجواب و الحضور على المدعي عليه و يستحق اليمين بعد المعارضة و الاستمناء حتى يستوفى بطلبه و اليه أشار رسول الله صلى الله عليه و سلم بقوله لك يمينه فعرفنا ان جانب الصدق ترجح في حقه قبل المعارضة و الاستمناء و بعد المعارضة و انما لا يعطى بنفس الدعوي المال المدعى لما قال صلى الله عليه و سلم لو أعطى الناس بدعواهم الحديث فإذا ترجح معنى الصدق في حقه ثبت الحق في جانبه فيملك التصرف فيه بالاسقاط و هذا النوع من الاسقاط مما يجوز أخذ العوض عنه كما بعد الاقرار فيأخذ المال بطريق الصلح عوضا عن إسقاط حق ثابت في حقه و المدعي عليه ليس يتملك شيئا فلا يشترط ظهور الحق في جانبه ( ألا ترى ) أن الزوج إذا خالع إمرأته على مال مع أجنبي ضمنه أو من له القصاص إذا صالح مع أجنبي

(142)

على مال ضمنه يصح ذلك و يستحق المال عوضا عن الاسقاط و ان كان من يعطى المال لا يتملك به شيئا و أظهر من هذا كله صلح الفضولي فانه لو قال للمدعي ان المدعى عليه قد أقر معي سرا و أنت محق في دعواك فصالحني على كذا من المال و ضمن له ذلك فصالحه صح الصلح بالاتفاق و معلوم أن بإقراره لا يثبت المال على المدعى عليه و انما صح هذا الصلح بطريق الاسقاط لظهور الحق في جانب المدعي دون المدعى عليه فكذلك إذا صالح مع المدعي عليه بل أولى لان المدعي عليه ينتفع بهذا الصلح و الفضولي لا ينتفع به و وجوب المال عوضا عن الاسقاط على من ينتفع به أسرع ثبوتا منه على من لا ينتفع به ( ألا ترى ) انه لو خالع إمرأته على مال وجب المال عليها و ان لم يضمن بخلاف ما لو كان الخلع مع أجنبي ( يقرره ) أن الفضولي لا يتملك بهذا الصلح شيئا ثم يلزمه دفع المال عوضا عن الاسقاط فكذلك المدعى عليه إذا كان منكرا فهو لا يتملك بهذا الصلح شيئا و لكن يلزمه دفع المال عوضا عن الاسقاط كما لو التزمه و قد قال بعض مشايخنا رحمهم الله ان بدل الصلح كالمقر به يكون عوضا عن المدعى عليه و يصير المدعى عليه بالاقدام على الصلح كالمقر به لان القاضي يقول له أى ضرورة ألجأتك إلى الصلح و كان من حقك أن ترفع الامر الي لامنع ظلمه عنك فلما اخترت الصلح صرت كالمقر لما ادعى و لكن هذا اقرار ثبت ضمنا للصلح فإذا بطل الصلح بالاستحقاق يبطل ما كان في ضمنه كالوصية بالمحاباة لما ثبت ضمنا للبيع يبطل ببطلان البيع فلهذا يعود على رأس الدعوي و لما كان هذا الاقرار في ضمن الصلح لا يظهر حكمه في عقد الصلح و استحقاق الدعوي بالشفعة حكم وراء ذلك فلا يظهر في حقه كما لو كان الصلح مع فضولي و منهم من يقول المدعى يستحق المال عوضا في حقه عن المدعى فأما في حق المدعى عليه فانه قد التمسه لان اليمين حق للمدعى قبله مستحق الهلاك علي ما بيناه في الدعوي فيكون بمنزلة القصاص و العفو عن القصاص على مال يأخذه صحيح فكذلك فداء المال باليمين صحيح نص عليه في الجامع الصغير قال و لو فدى يمينه بعشرة دراهم يجوز و ذلك مروى عن حذيفة رضى الله عنه أن رجلا ادعى عليه ما لا و طلب يمينه و قال لا تحلفنى و لك عشرة فأبى فقال لا تحلفنى و لك عشرون فأبى فقال لا تحلفنى و لك ثلاثون فأبى فقال لا تحلفنى و لك أربعون فأبى فحلف و من هذا وقع في لسان العوام أن اليمين الصادقة يشترى بأربعين درهم فأما المودع إذا ادعى الرد فمحمد رحمه الله يقول بجواز الصلح هناك أيضا فداء لليمين و أبو يوسف رحمه الله لا يجوز ذلك لانه انما استفاد البراءة بمجرد

(143)

قوله رددت و هو تسلط على ذلك من جهة المودع و انما اليمين لنفي التهمة ( ألا ترى ) انه لو مات قبل أن يحلف كان بريئا وهنا اليمين حق للمدعى قبل المدعى عليه لمعنى الاهلاك على ما قد قررنا فيجوز أخذ العوض عنها بهذا يتبين أن هذا ليس بأكل المال بالباطل و لكنه بمنزلة التجارة عن تراض على أحد الطريقين و هو ثبوت الاقرار في ضمن الصلح و على الطريق الآخر هو ليس بتجارة عن تراض و لا أكل بالباطل و لكن بذل مقيد بمنزلة الهبة و الصدقة و نحوهما و فى الحقيقة الخلاف بيننا و بين الشافعي رحمه الله ينبنى على الابراء عن الحقوق المجهولة بعوض و هو لا يجوز عنده لان معنى التمليك يغلب في الصلح فيكون كالبيع و جهالة المبيع تمنع صحة البيع فكذلك جهالة المصالح عنه و عندنا ذلك جائز بعوض و بغير عوض و اعتمادنا فيه ما روى أن النبي صلى الله عليه و سلم لما بعث خالدا إلى بني جذيمة داعيا لا مقاتلا و بلغه ما صنع خالد أعطى عليا رضى الله عنه ما لا و قال أئت هؤلاء القوم و اجعل أمر الجاهلية تحت قدميك و أدهم كل نفس ذا مال فأتاهم علي رضى الله عنه و و داهم حتى ميلغة الكلب فبقى في يده مال فقال هذا لكم مما لا تعلمونه أنتم و لا يعلمه رسول الله صلى الله عليه و سلم ثم أتى رسول الله صلى الله عليه و سلم فأخبره بذلك فقال صلوات الله عليه و سلامه أصبت و أحسنت فذلك تنصيص على جواز الابراء عن الحقوق المجهولة بعوض و قال رسول الله صلى الله عليه و سلم للرجلين اللذين اختصما اليه اذهبا تحريا و أقرعا و توخيا و استهما ثم ليحلل كل واحد منكما صاحبه و هذا إبراء عن الحق المجهول و الدليل عليه أن الجهالة انما تؤثر لانها لا تمنع التسليم و المصالح عنه لا يحتاج فيه إلى التسليم فالجهالة فيه لا تمنع صحة الصلح ففى بيان قول أبى حنيفة رحمه الله أجوز ما يكون الصلح على الانكار قد طعن في هذا اللفظ بعض الناس و قال الاختلاف في الصلح على الانكار اختلاف ظاهر فكيف يكون المختلف فيه أجوز من المتفق عليه و لكنا نقول مراده انه أنفذ و ألزم فالصلح مع الاقرار يفسد بأسباب لا يفسد الصلح مع الانكار بذلك السبب أو مراده انه أكثر ما يكون بين الناس لانه إذا وقع الاقرار استوفى المدعى حقه فلا حاجة إلى الصلح و انما الحاجة إلى ذلك عند الانكار ليتوصل به المدعى إلى بعض حقه أو مراده ان ثمرة الصلح قطع المنازعة و ذلك عند الانكار أظهر لان مع الاقرار لا تمتد المنازعة بينهما و العقد الذي يفيد ثمرته يكون أقرب إلى الجواز مما لا يكون مفيدا ثمرته ثم الصلح على الاقرار تمليك مال بمال فيكون بيعا

(144)

و هذا العقد اختص بإسم فلا بد لاختصاصه بالاسم من أن يكون مختصا بحكم و ذلك الحكم لا يكون الا جوازه مع الانكار فهو معنى كلام أبى حنيفة رحمه الله ثم أعلم بأن ما وقع عليه الصلح يكون عوضا من المدعي في حق المدعى بمنزلة العوض في البيع فكل ما يصلح أن يكون عوضا في البيع يصلح أن يكون عوضا في الصلح و قد بينا ذلك في البيوع و المصالح عليه يحتاج إلى قبضه فلا بد من اعلامه على وجه لا تبقي فيه منازعة بينهما و لهذا لا يثبت الحيوان فيه دينا في الذمة و لا يثبت الثياب فيه دينا الا موصوفا مؤجلا كما في البيع و المصالح عليه إذا كان عينا لا يجوز التأجيل فيه كما في البيع لا يجوز التأجيل في العين ثم الصلح عقد هو فرع فيعتبر بنظائره مما هو أصل حتى إذا كان على دين في الذمة فحكمه حكم اليمين في البيع و ان كان على دين فحكمه حكم البيع و إذا كان على منفعة فحكمه حكم الاجارة و كل منفعة يجوز استحقاقها بعقد الاجارة يجوز استحقاقها بالصلح و ما لا فلا حتى إذا صالح على سكنى ثبت بعينه إلى مدة معلومة يجوز و ان قال أبدا أو حتى يموت لم يجز و كذلك ان صالح على أن يزرع له أرضا بعينها سنين مسماة يجوز و بدون بيان المدة لا يجوز كما في الاجارة و لو كان لرجل ظلة أو كتف شارع على طريق نافذ فخاصمه رجل فيه و أراد طرحه فصالحه من ذلك على عشرة دراهم كان الصلح باطلا و يخاصمه في طرحه متى شاء لان هذا الطريق النافذ حق جماعة المسلمين فلا يمكن واحد منهم أن يعتاض عنه شيئا فصاحب الظلة لا يستفيد بهذا الصلح حق الاقرار لان لكل مسلم أن يخاصمه في طرحه و الذي خاصمه كان محتسبا في ذلك فارتشى لترك الحسبة و ذلك حرام و هذا لان من أصل أبى حنيفة رحمه الله ان لكل مسلم أن يمنع من وضع الظلة على طريق المسلمين و أن يطالب الرفع بعد الوضع سواء كان فيه ضرر أو لا ضرر فيه و عند أبى يوسف و محمد رحمهما الله ان كان فيه ضرر فكذلك الجواب و ان لم يكن فيه ضرر فلكل مسلم حق المنع في الابتداء و ليس له أن يخاصم في الرفع بعد الوضع لانه قاصد إلى الاضرار بصاحب الظلة دافع الضرر عن المسلمين و قد روى عن أبى يوسف رحمه الله لا يمنع في الابتداء إذا لم يكن فيه ضرر كما لا يرفع بعد الوضع و أبو حنيفة رحمه الله يقول الطريق مشترك بين جميع الناس و كل واحد منهم بمنزلة الشريك في الطريق الخاص فكما لا يعتبر هناك الضرر في ثبوت حق المنع و الرفع فكذلك هنا و لو كان على طريق نافذ فخاصمه رجل من أهل الطريق و صالحه على دراهم مسماة كان جائزا لان شركة

(145)

أصحاب الطريق شركة ملك و لهذا يستحقون به الشفعة فهذا المصالح ملك نصيبه من صاحب الظلة و تمليك ما هو مملوك له بعوض صحيح فان قيل صاحب الظلة لا يستفيد بهذا الصلح شيئا لان لسائر الشركاء أن يخاصموه في الطريق قلنا لا كذلك بل يستفيد من حيث ان سائر الشركاء لو صالحوه أيضا لم يكن له أن يخاصمه في الطريق و هذا لانه بالصلح يتملك نصيبه فيصير كأحد الشركاء في وضع الظلة على هذه الطريق حتى إذا رضى شركاؤه بذلك كان له حق قرار الظلة و بعض المتقدمين من أصحابنا رحمهم الله كان يقول تأويل هذه المسألة ان الظلة على ما هى على الطريق فالمصالح يصير مملكا نصيبه من وضع أصل البناء و ذلك جائز فأما إذا لم يكن كذلك فينبغي أن لا يجوز لانه يصير مملكا نصيبه من هواء الطريق و تمليك الاهواء بعوض لا يجوز و الاصح هو الاول لان هواء الطريق الخاص مشترك بينهم كأصل الطريق و إسقاط الحق عن نصيبه من هواء الطريق بعوض صحيح كما يصح إسقاط الحق فيه بغير عوض و لو صالحه على مائة درهم على أن يطرح الظلة عن هذا الطريق كان جائزا لان فيه منفعة لاهل الطريق فكان المفيد للمال صالح عن نفسه ليوصل المنفعة إليهم بإزالة الشاغل عن هواء طريقهم و ذلك جائز و تأويل هذا ان الظلة كانت على بناء مبنى على الطريق و صاحب الظلة يدعى ملك ذلك الوضع لنفسه أو يدعى حق قرار الظلة بسبب صحيح فسقط حقه بما يأخذ من المال بطريق الصلح على الانكار و ذلك جائز من أحد الشركاء عن نفسه و عن أصحابه بطريق التبرع كصلح الفضولي و لو ادعى حقا في دار في يدى رجل فصالحه من ذلك على خدمة عبد بعينه شهرا فهو جائز لان المصالح عليه مقدور التسليم معلوم فان مات العبد قبل أن يخدمه بطل الصلح لتحقق فوات المعقود عليه لا على عوض فيعود على رأس الدعوي و ان مات بعد ما خدمه نصف الشهر كان على دعواه في النصف اعتبارا للبعض بالكل و لو قتله أجنبي فعلى قول أبى يوسف رحمه الله لا يبطل الصلح و لكن للمدعي الخيار ان شاء أبطل الصلح و عاد على رأس الدعوي و ان شاء أمضي الصلح و اشترى له بالقيمة عبدا آخر ليخدمه و قال محمد رحمه الله الصلح باطل وجه قوله ان الصلح على المنفعة بمنزلة الاجارة و لو قتل العبد المستأجر بطل عقد الاجارة فكذلك إذا قتل العبد الذي وقع الصلح علي خدمته و هذا لان حق المصالح في المنفعة و القيمة الواجبة على القاتل بدل العين لا بدل المنفعة فقد فات المعقود عليه لا إلى عوض و هو نظير موت العبد و لان الصلح عقد محتمل للفسخ و دفع الضرر عن

(146)

المدعي ممكن بالاعادة إلى رأس الدعوي فلا حاجة بنا إلى أن نقيم بدل العين مقام بدل المنفعة في إيفاء هذا العقد بخلاف الوصية فان العبد الموصى بخدمته إذا قتل لا تبطل الوصية لان دفع الضرر عن الموصى له هناك ممكن بإعادة عوضه اليه فلاجل الضرورة أقمنا بدل العين مقام بدل المنفعة و لان العبد من وجه كأنه موصى به و لهذا يعتبر خروجه من الثلث و أبو يوسف رحمه الله يقول المصالح ملك المنفعة بعقد يجوز أن يملك به العين فإذا هلكت العين و أخلفت بدلا لا يبطل الصلح كالعبد الموصى بخدمته إذا قتل لا تبطل الوصية و لكن يشتري بقيمته عبدا آخر ليخدم الموصي له بخلاف الاجارة و هي ملك المنفعة بعقد لا يجوز ان تملك به العين فلا يمكن اقامة بدل العين هناك مقام بدل المنفعة في الاستحقاق بحكم ذلك العقد و إذا كان العقد بحيث يجوز أن يملك به العين يمكن اقامة بدل العين فيه مقام بدل المنفعة في إيفاء العقد ثم الصلح على الانكار في معنى الوصية لانه ليس بازاء المنفعة بدل يستقر وجوبه باستيفاء المنفعة كما في الوصية بخلاف الاجارة فان قيل كيف يستقيم هذا و المصالح هناك له أن يؤاجر العبد من غيره و فى الوصية الموصي له بالخدمة لا يملك أن يؤاجره من غيره قلنا انما ملك ذلك لان الصلح على الانكار مبنى على زعم المدعى و هو يزعم انه ملك المنفعة بعوض فالصلح على الانكار بمنزلة عقد المفاوضة فإذا تملك المنفعة به ملك أن يؤاجره من غيره و ان كان لا يستقر وجوب البدل باستيفاء المنفعة كما إذا ملك المنفعة بالخلع أو النكاح أو الصلح عن القود توضيحه ان هذا العقد من وجه يشبه الاجارة و هو ان المنفعة تملك بعوض و من وجه يشبه الوصية و هو ان ياستيفاء المنفعة لا يستقر وجوب عوض فلشبهه بالاجارة قلنا يملك أن يؤاجره من غيره و لشبهه بالوصية قلنا لا يبطل بالقتل و تقوم قيمته مقام عينه لان المقصود بهذا العقد قطع المنازعة بينهما و ذلك واجب بحسب الامكان ابتداء و بقاء لما في امتدادها من الفساد و انما أثبت الخيار للمدعى لحصول التغير لا في ضمانه فالمنفعة لا تدخل في ضمانه قبل الاستيفاء و على هذا لو كان القاتل هو المدعى عليه تجب القيمة أيضا لانه و ان كان مالكا للعبد فالمصالح قد صار أحق به منه فهو في وجوب القيمة عليه بالقتل كاجنبي آخر عند أبى يوسف رحمه الله كالراهن إذا قتل المرهون أو الوارث إذا قتل العبد الموصى بخدمته و ان كان المصالح هو الذي قتل العبد فهو على الخلاف أيضا لانه أجنبي من الرقبة فيلزمه من القيمة بالقتل ما يلزم غيره و اختلف مشايخنا رحمهم الله في ثبوت الخيار للمصالح في هذا الفصل عند




/ 28