ان يشترط ان يأخذ أيهم شاء بحقه كما ذكر في الحديث و بين ان يشترط ان بعضهم كفيل عن بعض بالمال أو لم يقل بالمال لان ذلك معلوم بدلالة الكلام و ان كان قال مليئهم على معدمهم أو حيهم على ميتهم فليس هذا بشيء و لا يطالب كل واحد منهم الا بثلث المال لان هذه كفالة بالمجهول على المجهول و لا يدرى من يفلس منهم ليكون الملي كفيلا عنه و لا من يموت منهم ليكون الحى كفيلا عنه فان حرف على في هذه المسائل بمعنى عن كقوله تعالى إذا اكتالوا على الناس يستوفون أى عن الناس و كفالة المجهول باطلة و إذا كان لرجل على أربعة نفر ألف درهم و مائتا درهم و كل اثنين منهم كفيلان عن اثنين بجميع المال فان للطالب أن يأخذ أى اثنين منهم بجميع المال ان شاء و ان يأخذ الواحد منهم بسبعمائة و خمسين درهما أما أخذه اثنين منهم بجميع المال فظاهر لان الكفالة كانت على هذه الصفة ان كل اثنين كفيلان بجميع المال عن الآخر فاى اثنين منهم شاء فهما كفيلان بجميع المال و أما إذا أخذ الواحد منهم ففى ربع المال و هو ثلاثمائة هو أصيل فيطالبه بذلك و فى الباقى و هو تسعمائة هو مع واحد من الآخرين كفيل لان الشرط في الكفالة كان هكذا و انما يكون هو مطالبا بالكل إذا التزم الكل بالكفالة فاما إذا التزم الكل بالكفالة مع آخر لم يكن هو مطالبا الا بالنصف و ذلك أربعمائة و خمسون فإذا ضممت ذلك إلى ثلاثمائة يكون سبعمأة و خمسين فلهذا يأخذ الواحد بهذا المقدار فإذا أدى أحدهم نصف المال ستمأة ففي هذا النصف هو مؤد عن نفسه فلا يرجع على أحد بشيء منه و فى النصف الآخر و هو ثلاثمائة هو مؤد عن شركائه بحكم الكفالة عنهم بأمرهم فان شاء رجع عليهم جميعا و ان لقى أحدهم رجع عليه بمائتي درهم لان ثلث هذه الثلثمائة و هو مائة اداها عنه فيرجع هو بها عليه بقي مائتا درهم و هو مع هذا الذي لقيه كفيلان عن الآخرين بهما فيرجع عليه بمائه أخرى ليستويا في غرم الكفالة عن الآخرين فلهذا رجع عليه بمائتين و ان لقيا آخر كان لكل واحد منهما ان يرجع بستة و ستين درهما و ثلثين اما ليستووا في غرم المائتين أو لان كل واحد منهما مؤد عنه خمسين فيرجع بذلك عليه بقي مائة أخرى هما مع هذا الثالث كفيلان بذلك عن الرابع و قد أديا فيرجعان عليه بثلث ذلك و هو ثلاثة و ثلث كل واحد منهما بستة عشر و ثلثين فصار حاصل ما يرجع به كل واحد منهما عليه ستة و ستين و ثلثين فان لقوا الرابع بعد ذلك رجع كل واحد منهم عليه بثلاثة و ثلاثين درهما و ثلث درهم لانهم أدوا عن الرابع قدر المائة فيرجع كل واحد منهما بثلثها و لو كان أدى
(36)
النصف و لقى أحدهم فاخذ منه مائتي درهم ثم لقي صاحب المائتين أحد الباقين فانه يأخذ منه خمسة و سبعين درهما لانه يقول له انما أديت المائة عن نفسى و مائة أخرى عنك و عن الرابع فانما أديت نصفها عنك و النصف الآخر الذي أديته عن الرابع أنت معي فيه في الكفالة بذلك على السوآء فأرجع عليك بنصف ذلك أيضا فلهذا يأخذ منه خمسة و سبعين فان لقي الاول الثالث أيضا أخذه باثنين و ستين درهما و نصف لانه يقول له قد أديت عنك و عن الرابع مائة فارجع عليك بنصف ذلك و ذلك خمسون لانى أديتها عنك و أما الخمسون التي أديتها عن الرابع فنصف ذلك قد أخذه منك الثاني و هو خمسة و عشرون فرجوعنا بذلك عليه بقي خمسة و عشرون فارجع عليك بنصف ذلك و هو اثنا عشر و نصف لنستوى في غرم الكفالة عن الرابع فصار حاصل ما يرجع عليه به اثنين و ستين درهما و نصف درهم فان لقيهما الاوسط رجعا عليه بثمانية و ثلث بينهما نصفين ليستووا في الغرم في حق الخمسين التي كفلوا بها عن الرابع فان لقوا الآخر بعد ذلك أخذوه بمائة درهم لانهم في الحاصل كفلاء عنه بالمائة و قد أدوا فيأخذون ذلك منه و يقتسمونه أثلاثا لان حاصل ما غرم كل واحد منهم عنه بعد هذه المراجعات ثلاثة و ثلاثون و ثلث و لو كان الذي أدى النصف لقي الذي قبض الخمسة و السبعين فانه يأخذ منه نصفها لانا كنا قد التقينا مرة و استوينا في غرم الكفالة و قد بلغني انه وصل اليه شيء من الثالث فلا بد من ان يعطينى نصف ذلك لنستوى في الغنم كما استوينا في الغرم فإذا أخذ منه نصفها ثم لقيا الذي أدى الخمسة و السبعين رجعا عليه بثمانية و خمسين و ثلث بينهما نصفان لانا قد بينا أنهما لو لقياه معا رجع كل واحد منهما عليه بستة و ستين و ثلثين فيكون جملة ما يرجعان به مائة و ثلاثة و ثلاثين و ثلثا و الآن قد استوفينا منه مرة خمسة و سبعين فيرجعان بما بقي إلى تمام مائة و ثلاثة و ثلاثين و ثلث و ذلك ثمانية و خمسون و ثلث يأخذان ذلك بينهما نصفين ثم إذا لقوا الرابع اتبعوه بمائة كل واحد منهم بثلاثة و ثلاثين و ثلث لما بينا و لو كان لرجل على ثلاثة رهط ألف و مائتا درهم و بعضهم كفلاء عن بعض ضامنون لها فأدى أحدهم المال رجع على كل واحد من شريكيه بثلث ما أدى لانه في مقدار الثلث مؤدى عن نفسه و فى الثلثين هو مؤد عن شريكيه بكفالته عنهما بأمرهما فيرجع بذلك عليهما فان لقي أحدهما و رجع عليه بالثلث لادائه ما يحمله عنه و بنصف الثلث الآخر أيضا لانهما يستويان في الكفالة عن الثالث بهذا الثلث فيرجع عليه بنصفه ليستويا في غرم الكفالة
(37)
فان لقي أحدهم الغائب بعد ذلك و أخذ منه شيئا كان لصاحبه إذا لقيه أن يأخذ منه نصف ذلك بالمعني الذي قلنا و هو انهما حين التقيا قد استويا في غرم الكفالة عن الثالث فينبغي ان يستويا في الغنم أيضا و الذي أخذه أحدهما من الثالث غنم بسبب تلك الكفالة فيرجع عليه بنصفه ليستويا في الغنم أو لتبقى المساواة بينهما في الغرم كما هو موجب الكفالة و إذا كان لرجل على رجل ألف درهم فكفل بها عنه رجل ثم ان آخر كفل بها عن الاصيل أيضا فهو جائز يأخذ الطالب أيهما شاء بجميع المال لان كل واحد منهما التزم جميع المال بالكفالة عن الاصيل بعقد على حدة و ذلك صحيح فان أصل الدين باق على الاصيل بعد الكفالة الاولى كما كان قبلها فان أحذ أحد الكفيلين فأداه لم يرجع على الآخر بشيء لانه ما كفل عنه بشيء و انما كفل عن الاصيل بعقد باشره وحده فيكون رجوعه عليه ان كان كفل بأمره و لا يرجع على الكفيل الآخر بشيء و ان لم يؤد واحد منهما شيئا حتى قال الكفيلان للطالب كل واحد منا كفيل عن صاحبه ضامن لهذا المال ثم أدى أحدهما المال فله ان يرجع على صاحبه بالنصف لانهما بالعقد الثاني جعلا أنفسهما في غرم الكفالة سواء فان كل واحد منهما كفيل بالمال عن الاصيل و قد كفل عن صاحبه أيضا بأمر صاحبه فإذا ثبتت المساواة بينهما في الكفالة فينبغي أن يستويا في الغرم أيضا و ذلك في أن يرجع على الآخر بنصف ما أدى ثم يرجعان على الاصيل بجميع المال و إذا كان لرجل على رجل ألف درهم فكفل بها عنه بأمره رجل ثم ان الطالب أخذ الكفيل بها فأعطاه كفيلا آخر بها ثم أداها الآخر إلى الطالب لم يرجع بها على الاصيل لانه ما تحمل بها عن الاصيل و لا أمره الاصيل بهذه الكفالة و ثبوت حق الرجوع للكفيل عند الاداء بسبب الاصيل بالكفالة فانما يرجع على من أمره به و هو الكفيل الاول ثم الكفيل الاول يرجع على الاصيل لان اداء كفيله بأمره بمنزلة ادائه بنفسه و لانه قد أسقط عن الاصيل مطالبة الطالب بهذا المال بما أداه من مال نفسه إلى الكفيل الآخر فكأنه أسقط ذلك بأدائه إلى الطالب و ان كان كفل عن الذي عليه الاصل رجلان و لم يقل كل واحد منهما كفلت عن صاحبي فان الطالب يطالب كل واحد منهما بالنصف لانهما التزما المال بعقد واحد فيكون كل واحد منهما ملتزما للنصف كالمشتريين أو المقرين لرجل عليهما بالمال و أيهما أدى النصف لم يرجع على صاحبه بشيء لانه ما التزم عن صاحبه شيئا انما التزم عن الاصيل فيكون رجوعه عليه ان كان كفل عنه بأمره فان لم يؤديا شيئا حتى قالا للطالب
(38)
أينا شئت أخذت بهذا المال أو كل واحد منا كفيل ضامن بها فله أن يأخذ أيهما شاء بجميع المال لان هذه الزيادة الحقتها بالكفالة الاولى و قد صحت منهما فصارت كالمذكور في أصل الكفالة الاولى أخذ أيهما شاء بجميع المال و ان اداه أحدهما رجع على صاحبه بالنصف ليستويا في غرم الكفالة كما استويا في كفالة كل واحد منهما عن صاحبه فان لقى الطالب أحدهما فاشترط ذلك عليه مثل ذلك بأمر صاحبه فهو سواء لان كل واحد منهما كفيل عن صاحبه و عن الاصيل و لا فرق بين أن يكون كفالة كل واحد منهما عن الاصيل و لو كتب ذكر حق على رجل بألف درهم و فلان و فلان كفيلان بهما و أيهما شاء أخذ بها و أقر المطلوب و الكفيلان بذلك فهو جائز لان اضافتهما الاقرار إلى المكتوب في ذكر الحق بمنزلة تصريحهما بالمكتوب فان أدى أحد الكفيلين المال رجع على الذي عليه الاصل بجميع المال ان شاء و ان شاء رجع على الكفيل الآخر بنصفه ثم يرجعان على الاصيل بجميع المال لان اقرار كل واحد منهم بالمكتوب في الصك بمنزلة أمر الاصيل لهما بالكفالة عنه و أمر كل واحد منهما لصاحبه بالكفالة عنه فثبتت المساواة بينهما في الكفالة بهذا الطريق و إذا كان لرجل على عشرة رهط ألف درهم و جعل كل أربعة كفلاء عن أربعة بجميع المال فهو جائز لما قلنا و له أن يأخذ أى أربعة شاء بالمال كله لانهم هكذا التزموا بالكفالة فان أخذ واحدا منهم رجع بثلثمائة و خمسة و عشرين لانه في المائة أصيل و فى الباقى و هو سبعمأة هو مع ثلاثة نفر كفيل عن الباقين فحظه ربع ذلك و ذلك مائتان و خمسة و عشرون و ان أخذ اثنين أحدهما بستمائة لانهما في المائتين أصيلان و فى الباقى و هو ثمانمائة هما مع آخرين كفيلان عن الباقين فحظهما النصف و هو أربعمائة و ان أخذ ثلاثمائة منهم أخذهم بثمانمائة و خمسة و عشرين أما مقدار ثلاثمائة بحكم الاصالة فان كل واحد منهما أصيل في مائة و الباقى و هو سبعمأة هم مع آخر كفلاء بذلك عن الباقين فعليهم ثلاثة أرباع ذلك و هو خمسمأة و خمسة و عشرون فان أخذ واحدا منهم فأدى ربع الالف فان مائة منها حصته لانه أصيل فيها و الاصيل فيما يؤدى عن نفسه لا يرجع على أحد و فى مائة و خمسين هو مؤد عن أصحابه حصة كل واحد منهم من ذلك التسع فان لقيهم جميعا رجع على كل واحد منهم بقدر ذلك من تسعمائة و خمسين ستة عشر و ثلثان و ان لقى أحدهم رجع أحدهم بستة عشر و ثلثين لانه أدى عنه هذا القدر و يرجع عليه بنصف ما بقي و الباقى مائة و ثلاثة و ثلاثون و ثلث نصفه ستة و ستون و ثلثان يرجع عليه بذلك ليسستويا في غرم الكفالة
(39)
فانهما مستويان في الكفالة عن الباقين فينبغي أن يستويا في الغرم بسببه أيضا فإذا أدى ذلك اليه ثم لقي الاخر منهما أحد الباقين أخذه بنصف تسع الخمسين و المائة لانه مع الاول قد أديا عنه التسع فنصفه من ذلك نصف التسع فيرجع عليه أيضا بنصف ثلاثة اتساع و نصف لانه مع هذا الذي لقيه مستويان في الكفالة فينبغي أن يستويا في الغرم عن السبعة الباقين و هذا قد أدى عنهم ثلاثة اتساع و نصفا فيرجع عليه بنصف ذلك ليستويا في غرم الكفالة فان لقي الاول الاوسط بعد ما قبض هذا رجع عليه بنصف ما أخذه كله للمعنى الذي بينا انهما حين التقيا استويا في غرم الكفالة ثم وصل إلى أحدهما بعد ذلك شيء و أخذ الآخر منه نصفه ليستويا في الغنم أيضا فان لقيا الآخر بعد ذلك و هو الثالث رجعا عليه بتمام ثلاثة اتساع و ثلث تسع حصته من ذلك التسع لانهما تحملاه عنه و تسعان و ثلث للمساواة في غرم الكفالة لانهم مع آخر كفلاء عن الباقين فينبغي أن يستويا في غرم الكفالة ( ألا ترى ) انهما لو لقيا الثالث معا كان رجوعهما عليه بتمام ثلاثة اتساع و ثلث تسع فكذلك إذا أخذ أحدهما منه بعض ذلك ثم لقياه رجعا عليه بذلك و إذا كان لرجل على ثلاثة رهط ألف درهم و بعضهم كفلاء عن بعض بها فأدى أحدهم مائة درهم لم يرجع على صاحبه بشيء لانه في قدر ثلث المال أصيل فما يؤديه يكون أصيلا فيه فلا يرجع على أحد بشيء إذا كان المؤدى بقدر الثلث أو دونه و ان قال انما أديت هذا عن صاحبي أو عن أحدهما لم يكن له ذلك على وجهين أحدهما ان فيما هو أصيل المال ثابت في ذمته و فيما هو كفيل هو مطالب بما في ذمته غيره من المال و المؤدى ماله فيكون إيقاعه من المال الذي عليه ليسقط عنه به أصل المال أولى لان هذا الطريق أقصر فانه إذا جعل المؤدى من غيره احتاج إلى الرجوع و إذا جعل مؤديا عن نفسه لا يحتاج إلى الرجوع على أحد و لانه ان جعل المؤدى عن صاحبيه كان لهما ان يقولا أداؤه بالكفالة بأمرنا بمنزلة أدائنا و لو أدينا كان لنا أن نجعل المؤدى عنك فلا يزال يدور هكذا فلهذا جعلناه إلى تمام الثلث مؤديا عن نفسه و هذا بخلاف ما إذا كاتب عبيدا له على ألف درهم على ان كل واحد منهم كفيل ضامن عن الآخرين ثم أدى أحدهم شيئا لا يكون المؤدى عن نفسه خاصة بل يكون عنهم جميعا لان هناك لو جعلنا المؤدى عن المؤدى خاصة لكان يعتق إذا أدى مقدار نصيبه ببراءة ذمته عما عليه من البدل و المولى ما رضى بعتق واحد منهم الا بعد وصول جميع المال اليه ففى جعله عن نفسه يعتبر شرط مذكور في العقد نصا و ذلك لا يجوز فلهذا جعلنا
(40)
المؤدى من نصيبهم و لا يوجد مثل ذلك هنا و هذا أيضا بخلاف ما إذا كان المال على واحد فكفل به ثلاثة على ان بعضهم كفلاء عن بعض ثم أدى أحدهم شيئا كان له ان يرجع على صاحبيه بثلثي ؟ ما أدى و ان شاء رجع على أحدهما بنصف ما أدى لان هناك أصل المال على غيرهم و هم يلتزمون له بالكفالة فكان حالهم في ذلك على السوآء و لو رجع على شريكيه بثلثي ما أدى لم يؤد ذلك إلى الدور لانهما لا يرجعان في ذلك عليه بشيء من ذلك بخلاف ما نحن فيه على ما قدرنا فان أدى زيادة على الثلث كانت الزيادة على صاحبيه نصفين لانه في الزيادة على الثلث مؤد بحكم الكفالة و هو كفيل عنهما و لو رجع بذلك عليهما لم يكن لهما ان يرجعا عليه بشيء لفراغ ذمته عما عليه بأدائه و ان أراد ان يجعل الزيادة عن أحدهما دون صاحبه لم يكن له ذلك لان المال واحد و هو دين في الذمة لا يتحقق فيه لتمييز فتلغو نيته عن أحدهما فان لقى أحدهما أخذه بنصيبه من الزيادة و هو النصف لانه أدى عنه ذلك و بنصف ما أدى عن الآخر أيضا لانه مع هذا الذي لقيه كفيل عن الآخر بما عليه فينبغي ان يستويا في غرم الكفالة و ذلك في ان يرجع عليه بنصف ما أدى عن الآخر و إذا كان لرجل على رجل ألف درهم فكفل بها عنه رجلان على ان يأخذ الطالب أيهما شاء فأدى أحدهما مائة فقال هذه من حصة صاحبي الكفيل معي لم يكن على ما قال و لكنها من جميع المال يرجع على صاحبه بنصفها لان بهذا اللفظ يصير كل واحد منهما مطالبا بجميع المال و يصير كل واحد منهما ضامنا للاصيل عن صاحبه فإذا جعل المؤدى ما أدى عن صاحبه كان لصاحبه ان يجعل ذلك عنه فيؤدى إلى الدور و لكن الوجه فيه انهما لما استويا في الغرم و ذلك في ان يرجع على صاحبه بنصفها و ان شاء على الاصيل بجميعها و إذا كان لرجل على رجلين ألف درهم و كل واحد منهما كفيل عن صاحبه فلزم أحدهما فأعطاه بها كفيلا ثم أداها الكفيل فله أن يرجع بها على الذي أمره بالكفالة خاصة لان الذي أمره بالكفالة مستقرض لذمته ابتداء بالتزام المطالبة فيها و لما له باداء ما التزم و ثبوت حق الرجوع للمقرض على المستقرض لا على غيره و الغريم الذي لم يأمره بالكفالة لم يستقرض منه شيئا ففى حقه يجعل كانه لم يأمره أحد بالكفالة فلهذا لا يرجع المؤدى عليه و لكن إذا رجع على الذي أمره بالكفالة فاخذها منه كان للامر ان يرجع على صاحبه بالنصف لانه صار مؤديا المال بطريق الاستقراض الذي قلنا و قد تم ذلك بأدائه ما استقرض و هو في النصف كان كفيلا بأمره فيرجع عليه بعد الاداء كما لو كان أدى بنفسه إلى الطالب و ان كانا طلبا اليه
(41)
أن يكفل بها عنهما ففعل و لم يشترط عليه ان بعضهم كفلاء عن بعض فأداها الكفيل عنهما رجع على كل واحد منهما بالنصف لانه لما التزم بالكفالة المال عنهما جملة كان كفيلا عن كل واحد منهما بنصف المال كما هو قصد مطلق الاضافة إلى اثنين و عند الاداء انما يرجع كل واحد منهما بما كفل عنه و لان كل واحد منهما في النصف أصيل و كفالته عنه انما تكون فيما هو أصيل فيه و لو كان في الشرط حين كفلوا بعضهم كفلاء عن بعض فأدى الآخر الالف فان شاء رجع على كل واحد منهما بنصف ما أدى إذا لقياهما و ان شاء رجع على أحدهما إذا لقيه بثلاثة أرباع ما أدى أما النصف فلانه كفل به عن هذا الذي لقيه و أداه فيرجع به عليه و أما النصف الآخر فلان المؤدي مع الذي لقيه كفيلان به عن الآخر اذ هو موجب الشرط المذكور في قوله على ان بعضهم كفلاء عن البعض فينبغي أن يستويا في الغرم بسبب هذه الكفالة و ذلك في أن يرجع بنصف ذلك ثم إذا لقيا الثالث رجعا عليه بنصف المال لانهما أديا ذلك عنه بكفالة تلزمه فيكون ذلك بينهما نصفين و إذا كان لرجل على رجل ألف درهم و كل واحد منهما ضامن عن صاحبه بها فأخذ الطالب أحدهما فأعطاه كفيلا بالمال كله ثم أخذ الآخر فأعطاه ذلك الكفيل بالمال ثم أدى الكفيل المال فله أن يرجع على أيهما شاء بالالف كلها لان كل واحد منهما كان مطلوبا بجميع المال و الكفيل كفيل عن كل واحد منهما بجميع المال بعقد على حدة فعند الاداء كان حق البيان اليه يجعل اداؤه عن أيهما شاء فيرجع عليه بالكل و هو نظير ما لو كان لرجل على رجل ألف درهم في صك و به رهن و ألف في صك آخر و به رهن آخر فأدى ألف درهم كان له أن يجعل ذلك عن أى الصكين شاء فيسترد ذلك الرهن فكذلك إذا أدى الكفيل هنا ( ألا ترى ) أنه بعد كفالته عنه لو أدى كان له أن يرجع بالكل عليه فلا يتغير ذلك الحكم بالكفالة عن الثاني و لكن يثبت في حق الثاني ما هو ثابت في حق الاول لاستوائهما في المعنى فان لم يؤد شيئا حتى لزمهم الطالب فجعل بعضهم كفلاء عن بعض ثم أداها الكفيل ثم أخذ أحدهما رجع عليه بثلاثة أرباع المال لان هذه الكفالة الاخيرة تنقض ما كان قبلها لان التي كانت قبلها في عقدين مختلفين و الكفيل كفيل عن كل واحد منهما بالكل و هذا الثاني عقد واحد و كل واحد منهم فيه كفيل مع صاحبه عن الآخر فاقدامهم على العقد الثاني يكون نقضا منهم لما كان قبله و تمام ذلك العقد كان بهم واليهم نقضه أيضا بمنزلة ما لو باعه شيئا بألف درهم ثم جدد بيعا بالفين