منهما تصرف من المتصرف في نصيب نفسه فلا يكون تعرضا منه لنصيب شريكه .قال أمة بين مسلم و ذمي علقت ثم أسلم الذمي ثم ادعيا الولد معا فهو ابنهما كما لو كانا مسلمين في الاصل لان ترجيح دعوة المسلم لما فيه من اسلام الولد فيكون ذلك عند الدعوة و الشريك عند ذلك مسلم فدعوته توجب اسلام الولد و ان لم يكن مسلما وقت العلوق كدعوة شريكه فلما استويا من كل وجه ثبت نسب الولد منهما و صارت الجارية أو ولد لهما و ان كانت بين مسلمين علقت ثم ارتد أحدهما ثم ادعيا الولد فهو ابن المسلم لان المرتد كافر ودعوة الكافر لا تعارض دعوة المسلم و لان الدعوة تصرف و تصرف المسلم في ملكه أنفذ من تصرف المرتد ( ألا ترى ) ان إعتاق المرتد نصيبه يتوقف عند أبى حنيفة رحمه الله فلهذا دعوة المسلم ترجح .قال و لو كانت بين مسلم و ذمي فارتد المسلم ثم ادعيا الولد فهو ابن المرتد لانه أقرب إلى أحكام الاسلام من الذمي ( ألا ترى ) انه يجبر على الاسلام مقر على ما يعتقده و أن تصرفه في الخمر و الخنزير لا ينفذ بخلاف الذمي فلقربه من الاسلام جعل في حكم الدعوة كالمسلم فتترجح دعوته علي دعوة الذمي و لان ترجيح دعوة المسلم لما فيه من ثبوت حكم الاسلام للولد و هذا موجود في دعوة المرتد فالدعوة من التصرفات التي لا توقف من المرتد فانها لا تستدعى حقيقة الملك و توقف تصرفه لتوقف ملكه فإذا كان هو في الدعوة كالمسلم ترجح علي الذمي فصارت الجارية أم ولد له لان الاستيلاد ينبنى علي ثبوت نسب الولد و قد ثبت ذلك بدعوته و يضمن نصف قيمتها و نصف عقرها لشريكه و يضمن الذمي ايضا له نصف العقر لاقراره بوطئها فصار نصف العقر بنصف العقر قصاصا .قال أمة بين رجلين ولدت فادعياه جميعا و قد ملك أحدهما نصيبه منذ شهر و الآخر منذ ستة أشهر أو أكثر فالدعوة دعوة المالك الاول لان دعوته دعوة استيلاد فيستند إلى حالة العلوق ودعوة الآخر دعوة الاعتاق لان أصل العلوق لم يكن في ملكه فتكون دعوة الاستيلاد سابقة معنى و يضمن نصف عقرها و نصف قيمتها لانه قد يملك نصيب صاحبه بدعوة الاستيلاد و لم يتبين أنه لمن يغرم قالوا و انها يغرم ذلك للبائع لا لشريكه المشترى لان دعوته استندت إلى حالة العلوق و الملك فيها في ذلك الوقت كان للبائع فانما يصير متملكا عليه فيضمن له نصف قيمتها و نصف عقرها و يرجع المشترى على البائع بالثمن لبطلان البيع فيما اشترى و ان لم يعلم صاحب الملك الاول فهو ابنهما و الجارية أم ولد لهما لانهما استويا في الدعوة فكان العلوق حاصلا في ملكهما و لا عقر على واحد منهما
(127)
اما لصاحبه فغير مشكل لانا نتيقن بان الوطء من كل واحد منهما حصل في ملك شريكه و اما لغيره فلان وجوب العقر على من كان ملكه فيها ثابتا وقت العلوق لبائع شريكه و من وجب عليه العقر منهما مجهول و المال لا يجب على المجهول قال أمة لذى باع نصفها من مسلم ثم ولدت لاقل من ستة أشهر فادعياه فهو ابن الذمي و يبطل البيع لان بيعه نصفها لا يكون أعلي من بيعه جميعها و هو أولى بالدعوة بعد بيع الجميع لتيقننا بحصول العلوق في ملكه فبعد بيع النصف أولى .قال أمة بين رجل و إمرأة صغيرة أو كبيرة فولدت فادعاه الرجل و أب المرأة فان النسب يثبت من صاحب الرقبة لانه يملك نصفها حقيقة و أب المرأة ليس له فيها حقيقة ملك و لا حق ملك انما له مجرد التأويل و التأويل لا يعارض حقيقة الملك و لان صحة دعوة أبى المرأة باعتبار تملك نصيب ولده عليها من وقت العلوق و ذلك متعذر لثبوت أمية الولد من الشريك فيها من وقت العلوق ودعوة الشريك دعوة صحيحة من شرط تقديم الملك فكان هو أولى .قال أمة بين رجلين ولدت ولدا ميتا فادعاه أحدهما فهو ابنه و هي أم ولد له لان ثبوت النسب من وقت العلوق و في هذا المنفصل ميتا و المنفصل حيا سواء و الولد الميت كالحي في أن الجارية تصير أم ولد كما لو كانت لرجل واحد فكذلك لو أسقطت سقطا قد استبان خلقه أو بعض خلقه و لمثله حكم الولد ( ألا ترى ) أن العدة تنقضي به و المرأة تصير به نفساء فكذلك الجارية تصير به أم ولد .قال و لو كانت جارية بين رجل و ابنه فولدت فادعياه فهو ابن الاب استحسانا و فى القياس يثبت النسب منهما لان كل واحد منهما يملك نصفها حقيقة و صحة الدعوة هنا باعتبار ملك الرقبة و قد استويا في ذلك و الحق معتبر في معارضة الحقيقة كما لو كانت الجارية كلها للابن فادعيا الولد كان دعوة الابن أولى من دعوة الاب وجه الاستحسان في ذلك ان جانب الاب يترجح لان له في نصفها حقيقة الملك و فى النصف الآخر حق التملك علي ولده بالاستيلاد و ليس للابن في نصيب الاب ملك و لا حق ملك و لا تأويل ملك فكان جانب الاب أرجح و الترجيح عند المعارضة يحصل بما لا يكون عليه الاثبات ابتداء كالاخوين أحدهما لاب وأم و الآخر لاب ترجح الاخ لاب وأم في العصوبة بقرابة الام و هي ليست بعلة الاستحقاق للعصوبة فإذا صحت دعوة الاب و صارت أم ولد له ضمن نصف قيمتها و نصف عقرها بخلاف ما إذا كان الكل للابن لما بينا أن تملك الاب نصيب الابن هنا حكم الاستيلاد لا شرطه فان قيام الملك له في النصف كاف لصحة الاستيلاد فلهذا غرم
(128)
نصف عقرها و ضمن الابن نصف العقر لابنه أيضا لاقراره بوطئها فكان نصف العقر بنصف العقر قصاصا و الجد أب الاب بعد موت الاب في هذا بمنزلة الاب فأما الاخ و العم و الاجنبى فهم كلهم سواء لانه ليس للبعض هنا تأويل الملك في مال البعض و لاحق التملك بالاستيلاد .قال و إذا كان أحد الابوين مسلما فالولد الصغير مسلم هكذا روى عن عمر رضى الله عنه و شريح و إبراهيم رحمهما الله و كان المعنى فيه أن اعتبار جانبه يوجب اسلام الولد و اعتبار جانب الذمي يوجب كفره فيترجح موجب الاسلام توفيرا لمنفعة الولد و عملا بقوله صلي الله عليه و سلم الاسلام يعلو و لا يعلا عليه قال و ان كانت الامة بين رجلين ولدت فادعياه فهو ابنهما فان ولدت بعد ذلك آخر لم يثبت نسبه منهما و لا من أحدهما الا بالدعوة لان قيام الشركة بينهما في رقبتها تمنع الفراش المثبت للنسب لهما أو لاحدهما عليها فان ثبوت نسب ولد أم الولد من مولاها لتحسين الظن بها حتى لا تكون مقدمة علي التمكن من فعل حرام و هذا موجود هنا فان وطئها مملوك لواحد من الشريكين فلهذا لا يثبت النسب منهما و لا من أحدهما الا أن يدعيه أحدهما فحينئذ يثبت النسب منه بالدعوة لقيام الملك في نصفها و نصف ولدها و يغرم لشريكه نصف عقرها و لا يغرم من قيمة الولد شيئا في قول أبى حنيفه رحمه الله و فى قولهما يغرم لشريكه نصف قيمته ان كان موسرا و ان كان معسرا سعي الولد للشريك في نصف قيمته و هذا لان ولد أم الولد بمنزلة أمه فدعوة أحدهما للولد كاعتاقه و لو أعتق الام أحد الشريكين لم يضمن لشريكه شيئا عند أبى حنيفة رحمه الله و عندهما يضمن ان كان موسرا و يسعى له ان كان معسرا فكذلك في الولد لما صار المدعى نسبه كالمعتق له حارية بين مسلم و ذمي ولدت فادعياه فهو ابن المسلم عندنا و قال زفر رحمه الله هو ابنهما و لكن يكون مسلما لان صحة دعواهما باعتبار الملك و هما في الملك يستويان فكذلك فيما ينبنى عليه الا أن الولد يكون مسلما لان تبعية أحد الوالدين يوجب اسلامه فيحكم بإسلامه و ان كان النسب ثابتا منهما كالمولود بين كافر و مسلم و حجتنا في ذلك أن دعوة المسلم أنفع للولد لانه يثبت له النسب و الاسلام و عند تعارض الدعوة يترجح أحد الجانبين لمنفعة الولد كما لو كان في أحد الجانبين حرية الولد يترجح به فكذلك هنا .قال و إذا التقط الرجل لقيطا فادعاه عبد انه ابنه من زوجته هذه الامة و صدقه المولى و قال هو عبدي ثبت النسب منهما و كان عبدا للمولى عند أبى يوسف رحمه الله و عند محمد رحمه الله يثبت النسب منهما و كان حرا أما ثبوت النسب
(129)
بدعواهما استحسانا و في القياس لا يثبت لان اليد ثابت للملتقط فهما بمجرد الدعوي يريدان إبطال اليد الثابت له فلا يصدقان على ذلك و فى الاستحسان قال اعتبار يد الملتقط لمنفعة الولد حتى يكون محفوظا عنده لا لحق الملتقط و فى إثبات النسب ممن ادعا توفير المنفعة على الولد و قد بينا أن العبد في دعوة النسب كالحر فلهذا ثبت النسب من العبد و الامة بالدعوة فأما حجة محمد رحمه الله ان اللقيط حر باعتبار الدار و في إثبات نسبه من المملوكين توفير المنفعة على الولد و فى إثبات الرق اضرار بالولد و ليس من ضرورة ثبوت النسب ثبوت الرق فبقى على ما كان من الحرية فسقط اعتبار قولهما فيما يضر بالولد كما لو ادعاه ذمى و قد وجد في مصر من أمصار المسلمين يثبت النسب منه بالدعوة و يكون مسلما دفعا للضرر عن الولد و توفير للمنفعة عليه في ثبوت نسبه و حجة أبى يوسف رحمه الله انه لما حكمنا بثبوت النسب منهما فقد حكمنا بأنه مخلوق من ماء رقيقين و المخلوق من ماء رقيقين لا يكون حرا لان الولد من الاصلين فإذا كانا رقيقين و ليس هنا سبب يمكن الحكم بحرية الولد بذلك السبب و لا وجه لاثبات الحكم بدون السبب يكون الولد رقيقا يقرره ان ولد الامة مملوك لمولاها لانه جزء من أجزائها الا إذا تمكن هناك غرور في جانب الفحل و هو حر فحينئذ يبقى صفة الحرية لمائه و لا غرور هنا فكان الولد رقيقا و فى الحقيقة هذه المسألة نظير ما ذكرنا في كتاب النكاح العبد إذا صار مغرورا بأمة فولدت يكون الولد رقيقا عند أبى حنيفة و أبى يوسف رحمهما الله خلافا لمحمد رحمه الله و نظير ما في كتاب الاقرار مجهولة الحال إذا أقرت بالرق ثم ولدت لاكثر من ستة أشهر بعد إقرارهما كان الولد رقيقا عند أبى يوسف خلافا لمحمد رحمه الله .قال فان ادعى اللقيط رجلان كل واحد منهما يدعي انه ابنه و وصف أحدهما علامات في جسده و لم يصف الآخر شيئا جعلته ابن صاحب الصفة لان الترجيح عند تعارض الدعوة تقع بالعلامة كما إذا وقع الاختلاف بين الزوجتين في متاع البيت و لان اصابة العلامة دليل سبق يده اليه و دليل كونه ابنا له لان الانسان أعرف بعلامات ولده من غيره و هو نظير مدعى اللقطة إذا أصاب في العلامات يوم الملتقط فيما بينه و بين ربه بالدفع اليه و لو أصاب في بعض العلامات و أخطأ في البعض فهذا و ما لم يذكر شيئا من العلامة سواء لان اعتبار ما أصاب يدل على صدقه و اعتبار ما أخطأ يدل على كذبه فإذا وقع التعارض بينهما صار كانه لم يذكر من العلامات شيئا و إذا لم يصف واحد منهما من العلامات فهو ابنهما لاستوائهما في
(130)
الدعوي و لو قال أحدهما هو غلام من صفة جسده كذا و قال الآخر هى جارية من صفة جسدها كذا فأيهما أصاب ذلك فهو أحق به لظهور علامة الصدق في كلامه و ظهور دليل الكذب في كلام خصمه و لو ادعاه واحد و قال هو غلام فإذا هى جارية لم يصدق على ذلك لظهور دليل الكذب في دعواه و لو كان سبب قضأ الشهادة لم يقض بها مع ظهور دليل الكذب فكذلك إذا كان سبب القضاء الدعوي لا يقضى بها مع ظهور دليل الكذب و لانه يدعى نسب الغلام و ليس هنا غلام حاضر ودعوة المعدوم باطل .قال فان كان اللقيط في يد مسلم و ادعاه ذمى فالقياس لا يثبت النسب منه و هذا القياس الاول في دعوة اللقيط لانا قد حكمنا بإسلام الولد هنا باعتبار الدار و لا قول للذمي في دعوة نسب الولد المسلم و لكنه استحسن فقال في دعواه شيئان أحدهما ثبوت نسب الولد و فيه منفعة و الآخر كفر الولد و فيه ضرر عليه فتصح دعوته فيما ينفع الولد دون ما يضره اذ ليس من ضرورة النسب تبعه الابوين في الدين كالصغير إذا سبى و ليس معه واحد من أبويه يكون ثابت النسب من الحربي بيقين محكوم بإسلامه ثم المسألة على أربعة أوجه أما أن يكون الملتقط مسلما و قد وجد في مصر من أمصار المسلمين فيكون محكوما له بالاسلام أو وجده ذمى في بيعة أو كنيسة أو قرية من قرى أهل الذمة فيكون كافرا فأما إذا وجده مسلم في بيعة أو كنيسة أو وجده ذمى في مسجد من مساجد المسلمين قال في كتاب اللقيط العبرة للمكان و قال في كتاب الدعوي العبرة للواحد و روى ابن سماعة عن محمد رحمهما الله أنه يحكم لذي اللقيط و سماه وجه رواية كتاب اللقيط ان المكان اليه أسبق من يد الواحد و الحكم للسابق لان الظاهر أن أهل الذمة يضعون أولادهم في مساجد المسلمين و ان المسلمين لا يضعون أولادهم في البيع و الكنائس و الحكم بالظاهر واجب عند تعذر الوقوف على الحقيقة و وجه رواية هذا الكتاب ان اللقيط في حكم المباح فمن سبقت يده اليه صار محرزا له و كان الحكم ليده اذ ليس للمكان يد معتبرة ( ألا ترى ) ان المباح يملك بالاحراز باليد دون المكان و وجه رواية ابن سماعة رحمه الله ان الحكم بالزى و السيما واجب كالبالغ الذي يوجد في دار إذا قال أنا مسلم فان كان عليه سيما المسلمين قبل قوله و الاصل فيه قوله تعالى يعرف المجرمون بسيماهم و تفسير هذه الرواية ذكره ابن سماعة رحمه الله أنه إذا كان في عنقه صليب و عليه ثوب ديباج و وسط رأسه محرز فالظاهر انه من أولاد النصارى فلا يحكم له بإسلامه يقول في الكتاب فان كان في يد مسلم فدعاه ذمى و أقام
(131)
شاهدين ذميين فانى استحسن ان اجعله ابنه و أجعله مسلما و إذا وجد في بيعة أو كنيسة و هذه الرواية و هو قوله و اجعله مسلما ذكره في رواية أبى سليمان رحمه الله و لم يذكر في رواية أبى حفص رحمه الله و الحاكم رحمه الله في المختص صحح رواية أبى حفص رحمه الله و قال الحاكم بإسلامه عند مجرد الدعوي فأما مع اقامة البينة فلا يحكم بإسلامه و لكن ما ذكره في نسخ أبى سليمان رحمه الله و قال هو الاصح لانا إذا حكمنا بإسلامه علي هذه الرواية باعتبار التبعية للواحد و شهادة أهل الذمة ليست بحجة على الواحد و لا على من حكم باسلامة تبعا للواحد فكان وجوده كعدمه فلهذا جعلناه مسلما و ان أثبتنا نسبه من الذمي .قال و إذا وجدته في مصر من أمصار المسلمين جعلته حرا مسلما و لا أقبل شهادة أهل الذمة عليه يريد به في حق الدين فاما في حق النسب فهو ثابت من الذمي كما بينا و ان أقام رجل البينة أنه ابنه و أقام آخر البينة انه عبده قضيت به للذي يدعى أنه ابنه لان في بينته إثبات نسبه و حريته و فى بينة الاخر إثبات رقه فتترجح بينة الحرية لمنفعة الصبي فان أقام أحدهما البينة انه ابنه من إمرأته هذه الحرة و أقام آخر البينة أنه ابنه من هذه الامة قضيت به انه ابن الحر و الحرة لان المولود من الامة بالنكاح يكون رقيقا فتترجح بينة المثبت للحرية و لو أقام كل واحد منهما البينة انه ابنه من إمرأته الحرة و وقت كل واحد منهما وقتا فان عرف أن الصبي على أحدهما فهو لصاحب ذلك الوقت لظهور علامة الصدق في شهوده باعتبار سن الصبي و ان لم يعرف أنه على أى الوقتين فعلى قول أبى حنيفة رحمه الله يقضى به لاسبق الوقتين لانه لما تعذر الوقوف على سن الصغير ليعرف به الصادق من الكاذب بقيت العبرة للتاريخ فصاحب أسبق التاريخين يثبت النسب منه في وقت لا ينازعه الآخر فيه و بعد ما ثبت النسب منه لا يمكن إثباته من غيره و على قول أبى يوسف و محمد رحمهما الله يقضى به بينهما لان كل واحد منهما يثبت النسب منه من وقت العلوق و النسب لا يسبق وقت العلوق فلا فائدة في اعتبار سبق التاريخ بعد ذلك و صار كأن الشهود لم يوقتوا شيئا فيقضى به للرجلين هكذا ذكر هذا الخلاف في رواية أبى سليمان رحمه الله و في رواية أبى حفص رحمه الله قال جعلته ابنهما في قولهم جميعا و انما أشار إلى الخلاف في كونه ابن المرأتين و قد بيناه فيما سبق .قال و ان أقام أحدهما البينة انه ابنه و ادعي الآخر انها ابنته و أقام البينة على ذلك فاذن اللقيط خنثى فان كان يبول من مبال الرجال حكم بانه ابن فيثبت نسبه من أثبت بنوته و ان كان يبول من مبال النساء يثبت
(132)
النسب من الآحر و ان كان يبول منهما فالعبرة لا سبقهما خروجا و ان كان يخرج منهما جميعا معا فعند أبى يوسف و محمد رحمهما الله العبرة لاكثرهما و عند أبى حنيفة رحمه الله لا عبرة لكثرة البول و قلته فيكون ثبوت النسب منهما لانه لا يترجح جانب أحدهما على صاحبه بإصابة العلامة فاستويا قال فان ادعى اللقيط مسلم و ذمي و أقام البينة قضيت به للمسلم لان في بينته إثبات اسلام الولد و هو منفعة في حقه و كذلك ان كان شهود المسلم من أهل الذمة و شهود الذمي مسلمين لان بينة كل واحد منهما حجة على صاحبه فيترجح ما كان موجبا اسلام الولد .قال و إذا ارتد أحد الزوجين و العياذ بالله فان الولد يلزم الزوج إلى سنتين لان الفرقة وقعت بردة أحدهما بعد الدخول و هو موجب للعدة عليها فإذا جاءت بولد في مدة يتوهم أن العلوق حصل في حال النكاح يثبت النسب منه كما لو وقعت الفرقة بالطلاق و كذلك لو لحق بدار الحرب مرتدا لان المرأة لما بقيت في دارنا فهي مؤاخذة بأحكام الاسلام فعليها العدة الا أن نسب ولدها لا يثبت من الزوج عند أبى حنيفة رحمه الله بشهادة القابلة ما لم يشهد به رجلان أو رجل و امرأتان لان المقصود هو الميراث و لا يثبت الميراث بشهادة المرأة الواحدة و عندهما شهادة القابلة كافية و أصله في مسألة كتاب الطلاق إذا لم يكن هناك حبل ظاهر و لا فراش قائم و لا اقرار من الزوج بالحبل لا يثبت النسب عند أبى حنيفة رحمه الله الا بشهادة شاهدين و عندهما يثبت بشهادة إمرأة واحدة و كذلك ان حلف المرتد اللاحق بدار الحرب بأنها أم ولد هنا فان لحوقه بدار الحرب موت حكمى تعتق به أم الولد عند قضأ القاضي و يجب عليها العدة و الجواب فيه و في ولد المنكوحة سواء و لو كانت هى المرتدة اللاحقة بدار الحرب لم يلزم الزوج الا أن يأتى به لاقل من ستة أشهر منذ يوم ارتدت لان العدة لم تجب عليها فلا يثبب النسب الا عند التيقن بحصول العلوق في حالة النكاح كالمطلقة قبل الدخول و هذا لانها صارت حربية فلا تؤاخذ بأحكام المسلمين و كما لا يكون للمسلم على الحربية عصمة النكاح فكذلك لا يكون له عليها عصمة العدة .قال و لو أسلمت إمرأة الحربي فدخلت دار الاسلام لم يلزم الحربي ولدها الا بأن يأتى به لاقل من ستة أشهر في قول أبى حنيفة رحمه الله و عندهما يلزمه إلى سنتين و هي فرع مسألة النكاح ان المهاجرة لا عدة عليها عنده و عندهما يلزمه العدة و ان سبيت المرتدة و هي حامل فولدت لاقل من ستة أشهر منذ سبيت يثبت نسبه من الزوج المسلم لتيقننا بحصول العلوق قبل السبي و التقدير