منهما ألف لاقراره بتقرر بينته بينه و بين كل واحد منهما الا أن يقر الثاني انها للاول فحينئذ عليه في القياس ألفان و في الاستحسان عليه ألف واحد لانه راجع عن الاقرار للاول بل هو ملحق به و ثبوت حق المطالبة للثاني و هذا و فصل المأذون الذي لا دين عليه سواء و إذا كان لرجل على رجل عشرة دراهم بيض و عشرة دراهم سود فأقر الطالب أنه اقتضى منه درهما أبيض لابل أسود و ادعى المطلوب انه قد قضاه درهمين و أبى ألزم الطالب الدرهم الابيض فقط لان الاقرار بالاستيفاء بمنزلة الاقرار بالدين فان الديون تقضى بأمثالها و قد بينا مثله في الاقرار بالدين أنه يلزمه أفضلهما فهذا مثله .و لو كان عليه مائة درهم في صك و مائة في صك آخر فقال قبضت منك عشرة من هذا الصك لا بل من هذا و هي عشرة واحدة فعلي قياس الاقرار بادين يجعلها من أيهما شاء الذي قضاه لانه هو الذي ملكه فالاختيار في بيان جهته اليه و تبين فائدة فيما إذا كان لاحدهما كفيل .و لو كان له مائة درهم و عشرة دنانير فقال قبضت منك دينارا لا بل درهما لزماه لاختلاف الجنس كما في الاقرار بالدين و لو كان له على رجلين على كل واحد منهما مائة درهم فقال قبضت من هذا عشرة لا بل من هذا لزمه لكل واحد منهما عشرة لاختلاف المقر له و يستوى ان كان كل واحد منهما كفيلا عن صاحبه أو لم يكن و كذلك ان كان كفيلا بذلك عن رجل واحد لان قبضه من كل كفيل يثبت حق الرجوع لذلك الكفيل على الاصيل لان المقر له مختلف و ان كان المال واحدا و لو كان له على آخر ألف درهم فقال دفعت إلى منها مائة بيدك لا بل أرسلت بها لي مع غلامك فهي مائة واحدة و لو أقر أنه قبض منه مائة درهم فقال المطلوب و عشرة دراهم أرسلت بها إليك مع فلان وثوب بعتكه بعشرة فقال الطالب قد صدقت فقد دخل هذا في هذه المائة فالقول فيه قوله مع يمينه لان بيانه هذا تقرير لما أقر به أولا فانه قابض منه ما أوصله اليه رسوله و قابض بشراء الثبوت أيضا حتى لو حلف لا يفارقه حتى يقبض حقه فقبض بهذا الطريق بر في يمينه و البيان المقر لاول الكلام مقبول من المبين و في بعض الروايات فقال المطلوب عشرة دراهم أرسلت بها إليك بغير واو و هذا أوضح لانه في معنى التفسير للجهة فيما أقر أنه قبضه و لو كان به كفيل فقال قد قبضت منك مائة لا بل من كفيلك لزمه لكل واحد منهما مائة لان ما يقبضه من الكفيل يثبت به حق الرجوع للكفيل على الاصيل بخلاف ما يقبضه من الاصل فكان المقر له مختلفا فلهذا كان مقر بالمالين و ان أراد أن يستحلف
(106)
كل واحد منهما لم يكن عليه يمين لانه قد أقر بذلك لكل واحد منهما و لا يتوجه اليمين للمقر على المقر له و الله أعلم ( باب الاقرار بمال دفعه اليه آخر ) ( قال رحمه الله ) و إذا قال الرجل دفع إلى هذه الالف فلان فهي لفلان فلو ادعى الالف كل واحد منهما فهي للدافع لانه قد أقر له بالمال أو لا حين الاقرار بوصوله إلى يده من جهته ثم إقراره للثاني حصل بما هو مستحق لغيره بيده فلا يكون ملزما إياه شيأ و المال للدافع فإذا رده المقر عليه بري مالكا كان أو مالك فان المودع من الغاصب بالرد عليه يبرأ كالمودع من المالك و إذا قال هذه الالف لفلان دفعها إلى فلان فهي للمقر له الاول لان إقراره بالملك للاول فإقراره بعد ذلك باليد للثاني لا يكون صحيحا في حق الاول فان ادعاها الدافع فعليه أولا أن يحلف انها ما هى لفلان لان المقر يقول أنا و ان أقررت بانك دفعتها إلى و لكن الملك كان لفلان و قد رددتها عليه فليس لك علي شيء فلهذا يتوجه اليمين على الثاني فان حلف أنها ما هي لفذن ضمن المقر له ألفا أخرى و الوديعة و العارية فيه سواء أما إذا كان دفعها إلى الاول بغير قضأ القاضي فهو قولهم جميعا لان اقرار المقر حجة في حقه فقد زعم أن المال وصل اليه من جهة الثاني فإذا دفعها إلى غيره باختياره كان ضامنا له بمثلها و ان كان دفعها بقضاء القاضي فعند أبى يوسف رحمه الله لا ضمان عليه للثاني لانه بتبين الاقرار للاول ما أتلف علي الثاني شيأ و لا اختياره له في الدفع بل القاضي ألزمه ذلك فلا يضمن للثاني شيأ و عند محمد رحمه الله هو ضامن للثاني ألفا لانه بالاقرار به للاول سلط القاضي على هذا القضاء و قد زعم أنه مودع فيها من الثاني و المودع بهذا التسليط يصير ضامنا كما لو دل سارقا على سرقة الوديعة و لو قال هذه الالف لفلان أقرضنيها فلان آخر فادعياها فهي للذي أقر له بها أولا لتقدم الاقرار له بها و للمقرض عليه ألف درهم لانه أقر أنه قبض الفا من الثاني بحجة القرض و القبض بحجة القرض يوجب ضمان المقبوض على القابض و إذا كان في يده عبد فقال هو لفلان باعنيه فلان آخر بألف درهم فادعي كل واحد منهما ما أقر له به فالعبد للمقر له أولا يدفعه اليه إذا حلف أنه لم يأذن للاخر في بيعه لتقدم الاقرار بالعين له و يقضى باليمين للبائع عليه لانه أقر بشرائه من الثاني و يثبت هذا السبب بإقراره في حقه و هو تام يقبضه فيقضى له عليه باليمين قال
(107)
و لا يشبه البيع و القرض الوديعة و في بعض النسخ قال و لا يشبه القرض و البيع و الوديعة ما سواها و هذا أقرب إلى الصواب علي ظاهر ما تقدم لانه أجاب في هذه الثلاثة بجواب واحد و أشار إلى الفرق بين هذه الثلاثة و بين المسألة الاولى من الباب حيث قال يدفع المال إلى الدافع و لا شيء عليه للثاني فاما اللفظ الاول فهو مستقيم على أصل أبى يوسف رحمه الله لانه في الوديعة قال إذا دفع إلى الاول بقضاء القاضي لم يغرم للثاني و في القرض و البيع ان دفعه إلى الاول بقضاء القاضي فهو ضامن للثاني و يحتمل أن يكون المراد بيان الفرق بين القرض و الوديعة في أن الوديعة لا تكون مضمونة عليه للثاني ما لم يدفع إلى الاول و في القرض و البيع المال واجب عليه للثاني و ان لم يدفع إلى الاول شيأ و هذا فرق ظاهر فان الاقراض و المبايعة سببا ضمان بخلاف الايداع .و لو أقر أن هذا العبد الذي في يديه لفلان غصبه فلان المقر له من فلان آخر فانه يقضى به للمقر له و لا يقضى للغصوب منه بشيء لانه مقر بالملك للاول شاهد عليه بالغصب للثاني و شهادته عليه بالغصب لا تكون مقبولة و في بعض الروايات في لفظ السوأل لفلان غصبه من فلان و ليس فيه ذكر المقر له فيكون المفهوم منه إقراره على نفسه بالغصب للثاني و جوابه أن العبد للاول و للمغصوب منه عليه قيمته قال ( ألا ترى ) أنه لو قال هذا الصبي ابن فلان غصبته من فلان آخر و ادعي الصبي انه ابنه و ادعى المغصوب منه انه عبده قضى به للاب و هو ثابت النسب منه لتقدم الاقرار له ( ألا ترى ) أنه لو قال هذا الصبي ابن فلان أرسل به إلى مع فلان كان الابن للاول إذا ادعاه دون الرسول لتقدم الاقرار له و في جميع هذا ان ادعى الرسول ذلك كان له على المقر مثله لاقراره ان وصل إلى يده من جهته و تعذر الرد عليه بما اقر به للاول و دفع اليه باختياره ما خلا الابن فان كان يعبر عن نفسه فأقر أنه ابن الذي أقر به المقر فلا ضمان على المقر للدافع لان من يعبر عن نفسه بما هو في يد نفسه و ليس عليه للغير يد موجبة للاستحقاق إذا لم يقر بالرق على نفسه و ان كان صغير الا يتكلم فعلى المقر قيمته للرسول إذا ادعاه لنفسه و أنه مملوك له لان الذي لم يتكلم لصغره يثبت عليه يد موجبة للاستحقاق بمنزلة البنات و غيرها و لو قال هذه الالف لفلان أرسل بها الي مع فلان وديعة و ادعاها كل واحد منهما فهي للاول لتقدم الاقرار له بها فان قال الاول ليست لي و لم أرسل بها فهي للرسول لانه قد أقر بالكلام الثاني ان وصولها إلى يده كان من يد الرسول و انما أمر بالرد عليه لثبوت الاستحقاق فيها
(108)
للاول و قد بطل ذلك بتكذيبه و ان كان المقر له غائبا لم يكن للرسول أن يأخذها لانه ان كان يدعيها لنفسه فقد صار مكذبا فيما إذا أقر له به و هو كونه رسولا بالدفع اليه و حق الغائب فيها ثابت لان الاقرار ملزم بنفسه ما لم يكذب المقر له و ان كان الرسول مصدقا له فيما أقر أنه كان رسولا فيه من جهة فلان فقد انتهت الرسالة بإيصال المال اليه فلا سبيل له علي الاسترداد بعد ذلك و إذا أقر الخياط ان الثوب الذي في يديه لفلان أسلمه اليه فلان و كل واحد منهما يدعيه فهو للذي أقر له أول مرة لتقدم الاقرار له و لا ضمان عليه للثاني لانه لم يقر على نفسه بما هو سبب الضمان في حق الثاني فان اسلامه اليه لا يكون سببا في استحقاقه كما في مسألة الرسالة و كذلك سائر الصناع و لو كان إقراره بهذا الثوب أسلمه اليه فلان ليقطعه قميصا و هو لفلان و ادعياه فهو للذي أسلمه اليه لتقدم الاقرار له به و ليس للثاني شيء و هذا نظير مسألة أول الباب و هو ما إذا قال دفعه إلى فلان و هو لفلان و لو أقر أن هذا الثوب استعارة من فلان فبعث به اليه مع فلان فهو للذي أعاره إياه لانه صار مقرا بالملك و اليد للمعير الذي استعاره منه دون الذي أوصله اليه بطريق الرسالة و لو أقر أن فلانا أتاه بهذا الثوب عارية من قبل فلان فادعاه فهو للرسول لانه اقر أولا بأنه وصل إلى يده من جهته و ذلك يلزمه الرد عليه فلا يبطل ذلك عنه بإقراره لغيره و الله أعلم بالصواب ( باب الاقرار بالاقتضاء ) ( قال رحمه الله و ذا اقر الرجل انه اقتضى من رجل ألف درهم كانت له عليه و قبضها فقال فلان أخذت منى هذا المال و لم يكن لك على شيء فرده على فانه يجبر علي أن يرد المال بعد أن يحلف أنه ما كان له عليه شيء و روى أبو يوسف رحمه الله عن ابن أبى ليلي رحمه الله أنه لا شيء على المقر و وجهه انه ما أقر بشيء على نفسه لغيره و انما أقر بوصول حقه اليه و ذلك ملزم إياه شيئا و كنا نقول الاقتضاء عبارة عن قبض مال مضمون من ملك الغير لان المقتضى يستوفى من مال المديون مثله ماله عليه فيصير قصاصا بدينه و القبض المضمون من ملك الغير سبب لوجوب الضمان عليه و قد اقر به ثم ادعى لنفسه دينا على صاحبه و لا يثبت الدين له على صاحبه بدعواه و لكن يتوجه اليمين فإذا جانب لزمه رد المقبوض .و كذلك لو أقر انه قبض من فلان ألف درهم كانت وديعة له عنده أو هبة وهبها له فقال بل هى مالى
(109)
قبضته منى فعليه أن يرده لاقراره بقبض المال من يد الغير و على اليد ما أخذت حتى ترد و لم يثبت ما ادعى من الحق فيه لنفسه فعليه أن يرده و لو قال أسكنت بيتي فلانا هذا ثم أخرجته منه و دفعه الي و ادعى الساكن انه له فالقول قول صاحب البيت استحسانا و على الساكن البينة في قول أبى حنيفة رحمه الله و قال أبو يوسف و محمد رحمهما الله القول قول الساكن و هو القياس و وجهه هو أن الاقرار بوصول البيت إلى يده كان من جهة الساكن و ادعى لنفسه فيه ملكا قديما و لم يثبت ما ادعاه فعليه رد ما اقر بقبضه كما في الفصل و لابي حنيفة رحمه الله طريقان أحدهما انه ما أقر للساكن بيد أصلية في البيت انما أخبر بان يده كانت بناء عن يده لان يد الساكن تبنى على المسكن و الحكم لليد الاصلية لا لما هو بناء فلم يصر مقرا بما يوجب الاستحقاق له بخلاف مسألة الاقتضاء لانه هنا أقر بيد أصلية كانت له فيما استوفاه منه و بخلاف مسألة الوديعة لانه هناك أقر بفعل نفسه و هو قبضه المال من فلان و ذلك اقرار بيد أصلية كانت لفلان في هذا المال فبعد ذلك هو في قوله كانت لي عنده وديعة أراد أن يجعل يده بناء بعد ما أقر أنها كانت أصلية فلا يقبل قوله في ذلك و لان الاعارة بين الناس معروفة و في القول بالقياس هنا قطع هذه المنفعة عن الناس لان المعير يتحرز عن الاعارة للسكنى إذا عرف انه لا يعمل بقوله عند الاسترداد فترك القياس فيه لتوفير هذه المنفعة على الناس و على هذا الخلاف لو قلال هذه الدابة اعرتها فلانا ثم قبضتها منه أو هذا الثوب لي أعرنه فلانا ثم قبضته منه و إذا اقر الرجل ان فلانا الخياط خاط قميصه هذا بنصف درهم و قبض منه القميص و قال الخياط هو قميصى أعرتكه فالقول فيه كالقول في الاولي و كذلك الثوب أسلم إلى الصباغ و ان قال رب الثوب خاط لي الخياط قميصى هذا بنصف درهم و لم يقل قبضته منه ففى قولهم جميعا لا يرجع علي الخياط اما عند أبى حنيفة رحمه الله فظاهر و أما عندهما فلانه لم يقر بيد الخياط هنا في الثوب لانه قد يخيط الثوب و هو في يد صاحبه بأن كان أجيرا وجد في بيته يعمل له بخلاف الاول فان هناك قد اقر بالقبض منه و ذلك اقرار بكونه في يده و لو كان الثوب معروفا انه للمقر أو الدابة أو الدار فقال أعرته فلانا و قبضته منه كان القول قوله لان الملك فيه معروف للمقر فلا يكون مجرد اليد فيه لغيره سبب الاستحقاق عليه و قد قال في الباب المتقدم إذا أقر الخياط أن الثوب الذي في يده لفلان أسلمه اليه فلان ليخيطه فهو للذي أقر له أول مرة و لا يضمن للثاني مثله و هذا دليل لابى
(110)
حنيفة رحمه الله في الخلافيات لاقراره أن يد الذي أسلمه اليه بناء لا ابتداء و لكن مشايخنا رحمهم الله قالوا هو على الخلاف أيضا بناء علي مسألة الاسكان أو مسألة أخرى و هو ان الاجير المشترك عند أبى حنيفة رحمه الله مؤتمن فلا يصير ضامنا بمجرد إقراره للاول و عندهما الاجير المشترك ضامن فيضمن الثوب الذي أسلمه اليه إذا لم يرده عليه و هكذا ذكره ابن سماعة عن أبى يوسف رحمهما الله و ذكر ايضا فيما إذا قال هذا المال لفلان أرسل به إلى مع فلان وديعة ان المال للاول و لا ضمان علي المقر للرسول عند أبى حنيفة رحمه الله لانه انما أقر له بيد هى بناء و ذلك موجب للاستحقاق عنده بخلاف الدين و هو ما إذا قال لفلان على ألف درهم أرسل بها إلى مع فلان لان محل الدين الذمة و في الذمة سعة فيكون مقرا بوجوب المال عليه للثاني لما اقر ان وصوله إلى يده من جهته و في كتاب الاقرار أورد المسألة في موضعين قال في أحدهما لا شيء عليه للدافع و هو الاشبه بقول ابى حنيفة رحمه الله و في الثاني قال عليه مثله للدافع و هو الاشبه بقول ابى يوسف و محمد رحمهما الله و قد بينا بعضه في الباب المتقدم و إذا أقر الرجل ان فلانا سكن هذا البيت فادعى فلان البيت فانه يقضي به للساكن على المقر لان السكنى تثبت اليد للساكن على المسكن و إقراره باليد للغير حجة عليه و ما يثبت بإقراره كالمعاين في حقه و هذا بخلاف ما لو أقر أن فلانا زرع هذه الارض أو بني هذه الارض أو بني هذه الدار أو غرس هذا الكرم أو البستان و ذلك كله في يد المقر فقال كله لي و استعتت بك ففعلت ذلك أو فعلته باجر و قال الآخر بل هو ملكى فالقول قول المقر لان يده للحال ظاهرة و لم يقر أنه كان في يده غيره من قبل لان فعل الزراعة و البناء و الغرس لا يوجب اليد للفاعل في المفعول و قد يفعله المعين و الاجير و المعين في يد صاحبه فهذا و قوله خاط لي القميص سواء ثم ذكر الخلاف الذي بينا فيما إذا قال لمعتقه أخذت منك ما لا قبل العتق أو قطعت يدك قبل العتق و انما اعادهما لفروع فقال و كذلك لو باعه أو وهبه و سلمه ثم أقر انه قطع يده قبل البيع و الهبة و قال المشترى و الموهوب له بل فعلته بعد البيع و الهبة لان البيع و الهبة و التسليم يثبت الحق فيه للمتملك كما أن العتق يثبت الحق للمعتق في نفسه و أطرافه فيكون الخلاف في الفصلين واحدا و لو قال قطعت يده ثم بعته أو وهبته فالقول قوله لانه ما أقر بالفعل الموجب للضمان على نفسه فانه أقر بالقطع قبل ظهور بيعه لان ظهور البيع بإقراره و قد أقر بالقطع سابقا على الاقرار بالبيع فلهذا كان القول قوله
(111)
الا أن يقيم البينة على هبته أو بيعه قبل إقراره بهذا فيكون على الاختلاف المتقدم لان الثابت بالبينة كالثابت بالمعاينة و لو أعتق أمة ثم قال أخذت منك هذا الولد قبل العتق و قالت بل أخذته منى بعد العتق فانه يرده عليها و هو حر لان الولد قائم بعينه و قد بينا في المال القائم إذا أقر انه أخذه قبل العتق يصدق و عليه رده في انه أخذه قبل العتق فعليه رده عليها و القول في حريته قولها و لو لم يقل أخذته منك و لكنه قال أعتقتك بعد ما ولدتيه و قالت بل اعتقتنى قبل ان ألده فان كان الولد في يد المولى فالقول قوله لانه أقر بيد فيه لها من قبل ولادتها و لانها تدعى سبق تاريخ في العتق حين ادعت انه كان قبل الولادة و المولى ينكر ذلك و العتق فعل حادث من المولى فالقول قوله في إنكاره سبق التاريخ فيه و لان عتقها ظهر في الحال و الولد منفصل عنها و عتقها موجب العتق للولد المنفصل و ان كان الولد في يدها فالقول قولها لان يدها توجب الاستحقاق لها في الحال و قد أقرت بالحرية للولد فوجب الحكم بحريته و لو أن رجلا أعتق عبدا فأقر رجل انه أخذ منه ألفا و هو عبد و قال العبد أخذتها منى بعد العتق فالقول قوله لان القابض يدعى سبق تاريخ في قبضه و التاريخ لا يثبت بمجرد قوله و لانه أقر بالسبب الموجب للضمان عليه للعبد و هو أخذه منه و شهد عليه أن المال لغيره و هو المولى فلا تقبل شهادته و يبقى المال مستحقا عليه للعبد و كذلك لو كاتبه مولاه لان الكتابة توجب استحقاق الكسب للمكاتب و اعتبار يده فيه لحقه كالعتق و كذلك لو باعه ثم أقر رجل أنه غصب منه مائة درهم و هو عند مولاه الاول و قال المشترى بل غصبته و هو عندي فالمال للآخر لان المشترى هو المستحق لكسبه بعد الشراء كما أن العبد هو المستحق لكسبه بعد الكتابة فكما لا يصدق المقر هناك و فيما يدعى من سبق التاريخ فكذلك هنا و لو أقر بأنه فقأ عين فلان عمدا ثم ذهبت عين الفاقئ بعد ذلك و قال المفقوء عينه بل فقأت عيني و عينك ذاهبة فالقول قول المفقوء عينه لانهما تصادقا على وجوب الضمان على الجاني فان كانت عينه قائمة وقت الفقء فالواجب قصاص و هو فيها واجب باعتبار المماثلة و ان كانت عينه ذاهبة فالواجب الارض فعرفنا أنها تصادقا على وجوب الضمان و ادعي الفاقئ ما يسقطه بفوات المحل بعد الوجوب فلا يقبل قوله في ذلك و لانه يدعى تأريخا سابقا في الفقء و التاريخ لا يثبت الا بحجة و لو أن عبدا أعتق ثم أقر أنه قتل ولي هذا الرجل خطأ و هو عبد و قال ذلك الرجل قتلته بعد العتق فليس على العبد في هذا شيء لانه ما أقر على نفسه بوجوب الضمان فان جنايته قبل العتق