مبسوط جلد 18

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

مبسوط - جلد 18

شمس الدین السرخسی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


(168)

به لا يصيره حقا باخبارهم به فلهذا لا يعتق فيما بينه و بين الله تعالى و لو قال أعتقتك أمس و قلت ان شاء الله لم يعتق لما سبق أن عمل الاستثناء في الكلام كعمل الشرط و لو أقر أنه علق عتقه بشرط لم يكن هذا اقرار بالعتق فكذلك إذا أقر انه استثنى موصولا و كذلك لو قال أعتقتك أمس و انما اشتراه اليوم فقد أضاف العتق إلى وقت لم يكن مالكا للعتق فيه فهو كقوله أعتقتك قبل ان اشتريتك و لو اقر انه أعتق عبده هذا لا بل هذا عتقا جميعا لان رجوعه عما أقر به للاول باطل و اقامة الثاني مقامه في الاقرار بعتقه صحيحة فلهذا عتقا و لو قال أعتقتك علي مال و قال العبد أعتقتنى بغير مال فالقول قول العبد لان المولى أقر بعتقه و ادعى وجوب المال لنفسه في ذمته لان العتق ينزل بنفس القبول قبل الاداء و المولى مقر بقبوله فلهذا عتق العبد و هو غير مصدق فيما يدعى من المال في ذمة العبد الا أن يقيم البينة عليه أو يحلف العبد ان لم يكن له بينة و لو قال جعلت أمرك بيدك في العتق أمس فلم تعتق نفسك و قال العبد بل أعتقت نفسى لم يصدق العبد لان المولى ما أقر بعتقه فان جعل الامر في يده لا يوجب العتق ما لم يعتق العبد نفسه و العبد مدع لذلك و المولى منكر و لا قول للعبد في الحال لانه يخبر بما لا يملك انشاءه فقد خرج الامر من يده بالقيام من المجلس و كذلك لو قال أعتقتك علي مال أمس فلم تقبل و قال العبد بل قبلت أو قال اعتقتنى بغير شيء فالقول قول المولى لانه ما أقر بعتقه فان إعتاقه بمال تعليق بشرط القبول و لهذا لا يملك الرجوع قبل قبول العبد و لو أقر بتعليق عتقه بشرط آخر لم يقبل قول العبد في إيجاد الشرط و لا في إنكار التعليق بالشرط و كذلك هذا في الطلاق و في قوله أمرك بيدك و اختاري فان أقام العبد البينة علي قبوله أو علي إعتاق المولي إياه بغير شيء كان الثابت بالبينة كالثابت بإقرار المولى و لو قال لعبده كاتبتك و لم يسم ما لا و قال العبد لا بل على خمسمأة فانه ينبغى في قول أبى حنيفة رحمه الله أن يصدق العبد و لا يصدق في قول أبى يوسف و محمد رحمهما الله وأصل المسألة فيما إذا اختلف المولى و المكاتب في مقدار بدل الكاتبة فعلي قول أبى حنيفة رحمه الله القول قول المولى و يتحالفان و هو قول أبى يوسف و محمد رحمهما الله بمنزلة البيع لانه لا يصح الا بتسمية البدل و يحتمل الفسخ كالبيع و في قول ابى حنيفة رحمه الله الاخر القول قول العبد لان الكتابة إذا تمت بالعتق لا تحتمل الفسخ فتكون بمنزلة العتق على مال و الطلاق بمال إذا وقع الاختلاف في مقدار البدل يكون القول قول المنكر في الزيادة و لا يجرى التحالف فلما كان من أصلهما أن

(169)

الكتابة على قياس البيع و قد بينا في البيع أن إقراره به من تسمية الثمن باطل فكذلك في الكتابة فيبقى العبد مدعيا للكتابة بخمسمائة و لا يصدق في ذلك الا بحجة و عند أبى حنيفة رحمه الله هو بمنزلة العتق و الطلاق فإقراره به صحيح و ان لم يسم ما لا ثم نقول على قول أبى حنيفة رحمه الله الاخر المولى لا يتمكن من إنكار أصل الكتابة بعد ما أقر بها و ان ادعى ما لا خلاف ما أقر به العبد فالقول قول العبد فعرفنا انه قد وجب تصديق العبد عندهما إذا ادعى المولى خلاف ما أقر به العبد لم يصدق العبد و تحالفا فكذلك هنا و لو قال كاتبتك أمس على ألف درهم فلم تقبل الكتابة و قال العبد بل قبلتها فالقول قول العبد لان الكتابة في هذا قياس البيع من حيث انها لا تحتمل التعليق بالشرط و يلزم الايجاب فيها قبل القبول فإقراره بالعقد يكون اقرارا بالايجاب و القبول جميعا ثم قوله فلم تقبل يكون رجوعا عن الاقرار فلا يصح رجوعه كما لو أقر انه باع عبده من فلان بألف درهم فلم يقبل و قال فلان قبلت بخلاف ما تقدم من العتق و الطلاق فانه يحتمل التعليق بالشرط و الايجاب فيه لازم قبل القبول فإقراره بفعله لا يكون اقرارا منه بقبول العبد و المرأة و لو أقر انه كاتب عبده هذا على ألف درهم لا بل هذا و ادعى كل واحد منهما الكتابة جاز ذلك لهما لما بينا أن رجوعه عن الاقرار للاول باطل و هذا بخلاف ما لو اقر أنه كاتب هذين العبدين على ألف درهم الا هذا لانه هناك أخرج كلامه مخرج الاستثناء و الاستثناء صحيح موصولا فانما يصير مقرا بما وراء المستثنى و في الاول أخرج الكلام مخرج الرجوع و لا يصح الرجوع عن الاقرار موصولا و مفصولا و لو أقر انه كاتبه و هو صبي فقال المكاتب بل كاتبتني و أنت رجل فالقول قول المولى لانه اضاف الاقرار إلى حال معهودة تنافي الكتابة و لو أقر انه كاتب هذا قبل أن يملكه أو انه كاتبه أمس و قال ان شاء الله فالقول المولى مع يمينه لانه وصل كلامه بما ينفى أصل الكتابة بخلاف ما لو قال المولى اشترطت الخيار لانتفى أصل العقد فان تأثير الخيار في تغيير وصف العقد و جعل حكمه كالمتعلق بالشرط لا أن يصير أصل السبب متعلقا فلم يكن المولى بدعوى الخيار منكرا لاصل العقد بخلاف ما الاستثناء و البيع في هذا قياس الكتابة و الله أعلم ( باب اقرار الكفار ) ( قال رحمه الله ) و إذا أقر الحربي المستأمن في دار الاسلام بدين لمسلم فهو لازم لانه

(170)

أهل أن يجب عليه الحق للمسلم بالمعاملة فيصح إقراره له و هو سبب حادث فيحال به على أقرب الاوقات و هو ما بعد دخوله دارنا بأمان فان قال أداننى في دار الحرب و قال المسلم في دار الاسلام فالدين لازم عليه سواء قال ذلك موصولا بإقراره أو مفصولا لانه يدعى تأريخا سابقا لما اقر به من المال و هو مصدق في دعوى التاريخ و ان وصل كلامه و لان بهذا الاضافة لا ينكر وجوب أصل المال فان المداينة في دار الحرب سبب لوجوب المال للمسلم عليه و لكن لا تسمع الخصومة فيه في دار الاسلام ما لم يسلم أو يصير ذميا فيصير هذا بمنزلة دعوى الاجل و ان ادعاه موصولا بإقراره و كذلك لو أقر بذلك لمستأمن مثله أو لذمي و كذلك لو أقر بشيء بعينه في يده أنه له و إقرار المستأمن بالنكاح و الطلاق و العتاق و الولد و الجراحات وحد القذف و الاجارة و الكفالة و ما أشبه ذلك جائز لان في هذا كله حق العباد و المستأمن ملتزم لذلك مدة مقامه في دارنا حتى إذا بأشر سبب ذلك كان مؤاخذا به فكذلك إذا أقر به و لو أقر بحد زنا أو سرقة فقد عرف أن قول أبى حنيفة رحمه الله و محمد رحمه الله الحدود التي هى لله تعالى لا تقام على المستأمن و ان ثبت سببها بالبينة أو بالمعاينة و كذلك إذا أقر به و عند أبى يوسف رحمه الله في القول الاخر تقام الحدود عليه كما تقام على الذمي فيصح إقراره بها كما يصح اقرار الذمي و هي مسألة كتاب الحدود و الفرق بين هذا الحد وحد القذف معروف أن فيه حق العبد و يضمن السرقة إذا أقر بها لان الضمان من حقوق العباد و لو أقر مسلم لذمي بخمر أو خنزير في يده جاز إقراره لان الخمر مال في حق الذمي فيؤمر بردها عليه بحكم إقراره و كذلك لو أقر الذمي للمسلم بعينها لان الخمر للمسلم مملوكة و ان لم تكن ما لا متقوما فيؤمر الذمي بردها عليه بإقراره و يؤمر المسلم أن يخللها و لو أقر له بخمر أو خنزير مستهلك لم يلزمه شيء كما لو عايناه استهلك الخمر و الخنزير على المسلم و هو نظير ما لو اقر له بجلد شاة ميتة يؤمر بدفعه اليه لينتفع به و ان كان مستهلكا لم يلزمه شيء و ان أقر بها لذمي يعنى بخمر أو خنزير مستهلك لزمه قيمتها لانها مال متقوم في حقه يضمن متلفها عليه عندنا و إذا أسلم الذمي فأقر ذمى أنه استهلك له خنزيرا بعد اسلامه و قال المسلم استهلكته قبل اسلامى فهو ضامن لقيمته في قول أبى حنيفة و أبى يوسف رحمهما الله و في قول محمد رحمهما الله لا ضمان عليه و هذا بناء على ما سبق إذا قال لحربي أسلم أتلفت مالك أو قطعت يدك حين كنت حربيا و قد بينا هذا الخلاف فهذا قياسه و على هذا لو أن ذميا أقر بخمر و قال استهلكتها و أنا حربى و قد علم كونه حربيا من قبل فهو

(171)

علي الخلاف الذي بينا و إقرار المرتد بالحقوق جائز ان السلم و ان قتل على ردته أو لحق بدار الحرب لم يجز إقراره في كسب اسلامه و يجوز إقراره فيما اكتسبه بعد الردة في قول أبى حنيفة رحمه الله و إقرار المرتدة بذلك كله جائز و عندهما إقرارهما جائز في ذلك الا أن عند أبى يوسف رحمه الله هو بمنزلة اقرار الصحيح و عند محمد رحمه الله هو منزلة اقرار المريض و هذا نظير اختلافهم في تصرفات المرتد فان الاقرار تصرف منه كسائر التصرفات و هو مسألة كتاب السير و لو أقر المرتد بمكاتبة عبد له أو بعتقه في حال الاسلام لم يجز في قول أبى حنيفة رحمه الله ان قتل أو لحق بدار الحرب و يجوز عندهما الا أن محمدا رحمه الله يقول هو بمنزلة اقرار المريض و إذا أقرت المرتدة أو المرتد بحد في قذف أو سرقة أو زنا أو جراحة عمد فيها قصاص فذلك جائز عندهم لان الحجر بسبب الزيادة لا يكون أقوى من الحجر بسبب الرق و لان توقف تصرفه في المال عند أبى حنيفة رحمه الله لتوقف ملكه و ذلك موجود في العقوبات فاما ما كان من الجراحات التي توجب المال فإقراره بها يوقف عند ابى حنيفة رحمه الله و يكون نافذا عندهما على ما بينا و ذكر حديث القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه أن عبد أتى على بن أبى طالب كرم الله وجهه فأقر بالسرقة مرتين فامر به فقطع قال عبد الله و كأني أنظر إلى يده معلقة في عنقه و فيه دليل على صحة اقرار العبد بالاسباب الموجبة للعقوبة و به يستدل أبو يوسف رحمه الله في اشتراط التكرار في الاقرار الا ان أبا حنيفة و محمدا رحمهما الله قالا في الحديث أقر مرتين فقطعه و ليس فيه لو لم يكرر إقراره لم يقطعه و السكوت لا يكون حجة و ذكر عن أبى مالك الاشجعي رحمه الله قال أتى عبد قد رأيته على بن أبى طالب رضى الله عنه فأقر عنده بالزنا فأمر به قنبرا و قال اضربه فإذا قال اتركنى فاتركه فلما وفاه خمسين جلدة قال له العبد اتركنى فتركه و هو دليل على اقرار صحة العبد بالحد على نفسه و لقوله فإذا قال اتركنى فاتركه تأويلان أحدهما انه إذا رجع عن إقراره فاقبل ذلك منه و الثاني انه علم فقه العبد في انه لا يقول له اتركنى الا بعد أن يتم عليه حد العبيد و قد ظهر ذلك حين قال له اتركنى بعد خمسين جلدة و إذا اقر العبد المحجور بدم عمد و له وليان فعفا أحدهما لم يكن للاخر مال في عتقه لان صحة إقراره يكون موجبا للعقوبة عليه و كون دمه خالص حقه فإذا آل الامر إلى أن يكون الواجب ما لا بطل إقراره لان ماليته حق مولاه و كان هو بمنزلة إقراره بالقتل الخطأ و لو أقر بسرقة لا يجب في مثلها القطع كان إقراره باطلا لان كسبه و مالية رقبته حق لمولاه فلا يصدق في

(172)

إقراره و إقراره بالمال بهذا السبب صحيح كإقراره بالغصب و إقرار الصبي المحجور عليه و المعتوه و المغمى عليه و النائم باطل بمنزلة سائر تصرفاتهم و إقرار السكران جائز كإقرار الصاحي بمنزلة سائر التصرفات ينفذ من السكران كما ينفذ من الصحيح و يستوى في ذلك إقراره بالمال أو بالحد أو بما يصح الرجوع عنه أو بما لا يصح إذا لم يرجع عنه لان السكر عبارة عن غلبة السرور فلا يؤثر في عقله شيأ فينفذ إقراره كما ينفذ ممن هو صاح و كذلك الاصم و الاعمى و المقعد و المفلوج فهذا الآفات لا تؤثر في عقله و لا في لسانه فهو في أقاريره كالصاحى و إقرار الاخرس إذا كان يكتب و يعقل جائز في القصاص و حقوق الناس لان له اشارة مفهومة تنفذ تصرفاته بتلك الاشارة و يحتاج إلى المعاملة مع الناس فيصح إقراره بحقوق العباد ما خلا الحدود فان الاقرار بها يستدعى التصريح بلفظ الزنا و السرقة و باشارته لا يحصل هذا و لان الحدود تدرأ بالشبهات فلعل في نفسه شبهة لا يتمكن من إظهارها بإشارته اذ هو لا يقدر على اظهار كل شيء بإشارته و لهذا لا تقام عليه الحدود بالبينة ايضا لانا لو اقمناها كان اقامة للحد مع الشبهة و لا يجوز اقرار الاب على ابنه الصغير أو الكبير المعتوه بشيء من مال أو جناية لانه شهادة منه على غيره و شهادة الواحد على غيره لا تكون ملزمة و لان ولاية الاب علي ولده مقيدة بشرط النظر في المصلحة له عاجلا و ذلك لا يحصل بإقراره عليه و كان هو في الاقرار عليه كاجنبي آخر و الله أعلم ( باب الاقرار بالكتاب ) ( قال رحمه الله ) و إذا كتب الرجل ذكر حق على نفسه بشهادة قوم أو كتب وصية ثم قال اشهدوا بهذا لفلان على و لم يقرأ عليهم الصك و لم يقرأه عليه فهذا جائز إذا كتبه بين أيديهم بيده أو املاه علي إنسان فكتبه لان المكتوب معلوم لهم و هو بقوله اشهدوا بهذا لفلان على صار مقرا بجميع ما في الكتاب مشهدا لهم على ذلك و لا اظهار أتم من هذا فالإِقرار بيان باللسان و ذلك بالاملاء حاصل و لكن لا يؤمن النسيان فالكتاب يؤمن من ذلك ما يكون من البيان و ان لم يحضروا كتابته و لا املاءه لم تجز شهادتهم لانه لا علم لهم بما في الكتاب حين لم يقرأه عليهم و قال الله تعالى الا من شهد بالحق و هم يعلمون فمن لم يعلم ما شهد عليه لا تجوز شهادته و ان كتب رجل كتابا إلى رجل من فلان إلى فلان أما بعد فان لك علي من قبل

(173)

فلان كذا و كذا درهما فذكر جائز عليه إذا كتب ما يكتب الناس في الرسائل و في القياس لا يجوز هذا لان الكتاب محتمل قد يكون لتجربة الخط و القرطاس و قد يكون ليعلم كتب الرسالة و المحتمل لا يكون حجة و لكنه استحسن للعادة الظاهرة بين الناس أنهم انما يكتبون كتاب الرسائل بهذه الصفة لاظهار الحق و اعلام ما عليه من الواجب فإذا ترجح هذا الجانب بدليل العرف حمل الكتاب عليه بمنزلة لفظ محتمل يترجح فيه معنى بدليل العرف و ان جحد و شهدت البينة انه كتبه أو أملاه جاز عليه لان الثابت بالبينة كالثابت بالمعاينة و كذلك هذا في الطلاق و العتاق و سائر الحقوق ما خلا القصاص و الحد فانى آخذ فيها بالقياس لانها عقوبات تدرأ بالشبهات فاحتمال جهات أخرى سوى ما ترجح بدليل العرف يصير شبهة في ذلك و هو نظير الاستحسان في صحة اقرار الوكيل على موكله في مجلس القاضي أنه لا يجعل حجد في القصاص و الحدود أخذا بالقياس لبقاء شبهة عدم الخصومة حقيقة في الاقرار و لكنه يضمن السرقة بهذا الكتاب لان الضمان يثبت مع الشبهات و ان كتب في الارض أو في صحيفة أو خرقة لفلان علي ألف درهم لم يلزمه شيء لانه لا عرف في اظهار الحق الواجب بهذا الطريق فيبقى محتملا في نفسه و المحتمل لا يكون حجة بخلاف المكتوب علي رسم كتب الرسائل للعرف الظاهر فيه بين الناس و قال أبو حنيفة رحمه الله لا أجيز كتاب القاضي حتى يشهد الشهود على ما في جوفه و هو قول محمد رحمه الله لان المشهود به ما في الكتاب فلا بد أن يكون معلوما للشهود و ان يشهدوا عليه فإذا كتبه بين أيديهم و قال اشهدوا عليه جاز لانه صار معلوما لهم و ان لم يحضروا الكتاب لم تجز شهادتهم حتى يقرأ عليهم فاما عند أبى يوسف رحمه الله إذا اشهدهم على الكتاب و الخاتم و شهدوا على ذلك اجيزه و ان لم يعلموا ما فيه استحسانا لان كتاب القاضي إلى القاضي قد يشتمل علي شيء لا يريد أن يقف عليه غيرهم ففى تكليف اعلامهم ما في الكتاب نوع حرج و بالختم يقع الا من من التغيير و التبديل فلهذا استحسن أبو يوسف رحمه الله قبول ذلك أنهما قالا كتاب الخصومة لا يشتمل على التبديل لذلك كتاب آخر فلا بد من إعلام الشهود ما في الكتاب و لو قرأ رجل على رجل صكا فقال أشهد عليك بما في هذا الكتاب فقال نعم فسمع ذلك آخر وسعه أن يشهد عليه لان معنى كلامه اشهد على جميع ما قرئ و ذلك معلوم للسامع و القارئ جميعا و هذا من المجيب اقرار تام فلمن سمعه أن يشهد عليه سواء أشهده عليه أو لم يشهده قال الشعبي رحمه الله إذا

(174)

أشهد الرجل قوما على شهادة فسمع ذلك آخرون فشهدوا فهي شهادة جائزة و إذا كتب الرجل ذكر حق لفلان عليه بكذا و عندهم قول حضور ثم قال اختموا عليه فليست هذه بشهادة لان قوله اختموا محتمل يجوز أن يكون معناه لا تظهروه فانه واجب على و المحتمل لا يكون حجة فان الشيء يختم عليه ليكون محفوظا تارة و ليكون مكتوما أخرى و كذلك لو قالوا أ نشهد عليك فقال اختموه و لو قالوا نختم هذا الصك فقال اشهدوا كان جائزا لان الشهادة لا تكون الا للاستئمان بالحق و الامن من الجحود فيصير بهذا اللفظ مقرا بوجوب الحق عليه و الحاصل أن لفظ الشهادة خاص شرعا لاظهار الحقوق ( ألا ترى ) أن الشاهد عند القاضي لو أبدل هذه اللفظة بلفظه أخرى لم يقبل القاضي منه شهادته فكذلك الذي يشهد على الكتاب إذا أبدله بلفظ آخر هو محتمل لا يكون إظهارا للحق الواجب عليه و لو كتب رسالة من فلان إلى فلان أما بعد فانك كتبت إلى انى ضمنت لك عن فلان ألف درهم و لم لا ضمن لك ألفا و انما ضمنت لك عنه خمسمأة و عنده رجلان شهدا كتابته ثم مجئ كتابه فشهدا بذلك عليه لزمه و ان لم يقل لهما اشهدوا و لا اختما فللاستحسان الذي بينا من حيث العرف لا تكتب الرسالة بهذه الصفة الا للاعلام بالحق الواجب ثم محوه الكتابة بمنزلة الرجوع عن الاقرار ففرق بين هذا و بين الصك فان هناك ما لم يقل اشهدوا على بهذا الا يكون ملزما إياه و هذا فرق مبنى على العرف ايضا فان الصكوك توثيق بالاشهاد عليها عادة و لا يتم الا بها و كتب الرسائل تخلو عن الاشهاد عليه عادة فلهذا مكان مجرد الكتابة بين أيديهم ملزما إياه و ان لم يقل اشهدوا و كذلك الطلاق و العتاق و كل حق يثبت مع الشبهات و لو كتب هذه الرسالة قدام رجلين أميين لا يقرآن و لا يكتبان فامسك الكتاب عندهما و شهدا به عليه فهو جائز عند أبى يوسف رحمه الله أما لو أقرأ الكتاب عندهما و شهدا به عليه فهو جائز عند ابى يوسف رحمه الله بمنزلة ما لو أقرأ الكتاب عند القاضي انه كتبه اليه قبل أن يفسر القاضي ما فيه و هذا كله بناء على أصل أبى يوسف رحمه الله أن علم الشهود بما في الكتاب ليس بشرط و أما عند أبى حنيفة و محمد رحمهما الله فلا يجوز حتى يعلما ما في الكتاب أو يقرآنه عند القاضي مفسرا و أصله فيما ذكر كتاب أدب القاضي أن القاضي إذا وجد في خريطته سجلا فيه حكمه و ختمه و لم يتذكر الحادثة فليس له أن يقضى به عند أبى حنيفة رحمه الله و عند أبى يوسف و محمد رحمهما الله له ذكر فمحمد رحمه الله يفرق بين هذا و بين تلك فيقول أصل الحادثة هناك




/ 29