يكون أحق بالمبيع ما لم يسلم فاما إذا سلم فقد أبطل حقه في الاختصاص كالمرتهن إذا رد الرهن كان مساويا لسائر الغرماء فيه و لما التحق ما وجب بالسبب المعاين في المرض بالواجب في حال الصحة حتى استوى به كان مقدما على ما أقر به في المرض بمنزلة دين الصحة و هذا لان السبب المعاين أو الثابت بالبينة يكون أقوى من الثابت بالاقرار و الحكم يثبت بحسب السبب و الحقوق تترتب بحسب القوة و الضعف ( ألا ترى ) أن الكفن مقدم على الدين في التركة لقوة سببه ثم الدين مقدم على الوصية و الميراث فكذلك هنا و لو قضي دين هذا الذي أخذ منه في المرض كان جائزا و هو له دون غرماء الصحة لانه حول حق الغرماء من محل إلى محل بعدله فليس في هذا القضاء لفظا إبطال حقهم عن شيء فكانت مباشرته في المرض و الصحة سواء أ رأيت لو ردما استقرض بعينه أو فسخ البيع ورد المبيع بعيب أ كان يمتنع سلامته للمردود عليه لحق غرماء الصحة لا يمتنع ذلك فكذلك إذا رد بدله لان حكم البدل حكم المبدل و لو قضي بعض غرماء الصحة دينه ثم مات لم يسلم المقبوض للقابض بل يكون ذلك بين الغرماء بالحصص عندنا و عند الشافعي رحمه الله يسلم له و هو بناء على أصله أن بسبب المرض لا يلحقه الحجر عن السعي في فكاك رقبته و قضاء الدين سعى منه في فكاك رقبته فكان فعله في المرض و الصحة سواء و هذا لانه ناظر لنفسه فيما يصنع فانه قضي دين من كان حاجته أظهر و من يخاف أن لا يسامحه بالابراء بعد موته بل يخاصمه في الاخر و تصرفه علي وجه النظر منه لنفسه يكون صحيحا لا يرد و لنا ان حق سائر الغرماء تعلق بماله بالمرض فهو بقضاء دين بعضهم مبطل حق سائر الغرماء عما دفعه إلى هذا و هو لا يملك إبطال حق الغرماء عن شيء مما تعلق حقهم به كما لو وهبت شيئا بخلاف ما تقدم من قضأ الثمن و بدل القرض لانه ليس فيه إبطال حق الغرماء عن شيء من المالية كما قدرنا توضيحه ان هذا إيثار منه لبعض الغرماء بعد ما تعلق حقهم جميعا بماله فهو نظير إيثاره بعض الورثة بالهبة و الوصية له بعد ما تعلق حق الورثة بماله و ذلك مردود عليه مراعاة لحق سائر الورثة فكذلك هذا و لو قرض و في يده ألف درهم و ليس في يده ألف درهم و ليس عليه دين الصحة فأقر بدين ألف درهم ثم أقر بأن الالف التي في يده وديعة لفلان ثم أقر بدين ألف درهم ثم مات قسمت الالف بينهم أثلاثا لانه لما قدم الاقرار بالدين فإقراره بالوديعة بعده بمنزلة الاقرار بالدين فكأنه أقر بثلاثة ديون في مرضه فيقسم ما في يده بينهم بالسوية و لو قال صاحب الدين الاول لا حق لي قبل الميت أو قد أبرأته من ديني كانت
(29)
الالف بين صاحب الوديعة و بين الغريم الاخر نصفين لان مزاحمة الثالث قد زالت فيتحاصان فيه و لا يبطل حق الغريم الآخر بما قال الغريم الاول اما إذا أبرأه فظاهر لان بالابراء لم يتبين انه دينه لم يكن واجبا و كذلك ان قال لا حق لي على الميت لان إقراره كان صحيحا ملزما ما لم يرده المقر له و ذلك كان مانعا من سلامة العين للمقر بالوديعة و قد تثبتت المزاحمة للغريم الاخر معه فإذا رد المقر له الاول ورده عامل في حقه لا في إبطال حق الغريم الاول فكان في حقه وجود هذا الرد و عدمه بمنزلة واحدة فلهذا كانت الالف بين صاحب الوديعة و الغريم الاخر نصفين .رجل قال لفلان على أبى ألف درهم و جحد ذلك و جحد المقر عليه ثم مرض المقر و مات الجاحد و المقر وارثه و على المقر دين في الصحة ثم مات و ترك ألفا ورثها عن الجاحد ( قال ) غرماء المقر في صحته أحق بهذا الالف من غرماء الجاحد لان أصل الاقرار من المقر لم يكن صحيحا لكونه حاصلا علي غيره و لا ولاية له على الغير فإذا مات الجاحد و المقر وارثه ألان صح إقراره باعتبار ان تركته صارت مملوكة للمقر ارثا و يجعل هو كالمحدود لاقراه في هذا الحال و هو في هذه الحال مريض لو أقر على نفسه لم يكن المقر له مزاحما لغرماء الصحة فإذا أقر على مورثه أولا أن يكون المقر له مزاحما لغرماء الصحة و لان صحة القراره علي مورثه لما كان باعتبار ما في يده من التركة صار هذا بمنزلة الاقرار منه بالعين و إقرار المريض يصح في حق غرماء الصحة فكذلك إقراره على مورثه و الدليل علي انه جعل كالمحدود للاقرار في الحال انه لو كان أقر على مورثه بعتق عبده ثم مات المورث حتى نفذ إقراره كان معتبرا من ثلث مال المريض و جعل كانه آنسا للاقرار بالعتق في الحال فكذلك هنا يجعل كانه الاقرار فلا يزاحم المقر له الغرماة في حال الصحة و إذا أقر المريض بألف درهم بعينها انها لقطة عنده ليس له مال غيرها فانه يصدق بثلثها فيتصدق بالثلث في قول أبى يوسف رحمه الله و قال محمد رحمه الله ان لم تصدقه الورثة فهي ميراثه كلها لا يتصدق بشيء منها وجه قوله انه أقر بالملك فيها لمجهول و الاقرار للمجهول باطل كما لو أقر لواحد من الناس بعين أو دين و إذا بطل الاقرار صار كأن لم يوجد ثم إقراره بأنها لقطة لا يتضمن الاقرار بالتصدق بها لان التصديق باللقطة ليس بلازم و للملتقط أن يمسكها و لا يتصدق بها و ان طالت المدة و انما يرخص له في التصدق بها ان بينا حفظا على المالك لانه لما تعذر عليه اتصال عينها اليه يوصل ثوابها اليه بالتصدق بها و ليس ذلك بمستحق عليه شرعا
(30)
( ألا ترى ) انه لو حضر المالك بعد ما تصدق بها كان له أن يضمنه فيثبت أن إقراره باللقطة لا يتضمن الامر بالتصدق بها لا محالة فلهذا لا يجب على الورثة التصدق بشيء منها و لابي يوسف رحمه الله انه أقر ان ملكه عن هذا المال مستحق و الارث عنه منتفى لقربه تعلقت به حقا للشرع فوجب تقييد تلك القربة عند إقراره من ثلث ماله كما لو أقر بمال في يده أنه صدقه للمساكين عنت واجبة عليه أو عشر أو نذر وجب تقيده من الثلث و انما قلنا ذلك لان السبيل في اللقطة التصدق بها عند تعذر اتصالها إلى مالكها هكذا نقل عن ابن مسعود رضى الله عنه انه تصدق بمال في يده لغائب ثم قال هكذا يصنع باللقطة ولاية في التصدق بها في الملتقط لانه يخرج به عما لزمه عن عهدة الحفظ و إقرار المريض معمول به فيما يرجع إلى حاجة خروجه عما لزمه من العهدة لا طريق له إلى ذلك الا بالتصدق بها فصار إقراره كالأَمر للورثة أن يتصدقوا به دلالة و ما يثبت بدلالة النص فهو كالمنصوص عليه فعليهم أو يتصدقوا به من ثلثه يقرره انهم لو صدقوه في ذلك كان عليهم أن يتصدقوا بها و في مقدار الثلث المريض مستغن عن تصديق الورثة فيما هو موجب تصرفه فإذا كان عند تصديقهم يجب التصديق به بحكم ذلك الاقرار فكذلك عند عدم تصديقهم يجب التصديق من ثلث ماله .و إذا تزوج المريض إمرأة على ألف درهم و هي مهر مثلها كانت المرأة استوت لغرماء الصحة في مهرها لان وجوب دينها بسبب لا تهمة فيه و هو النكاح ثم هذا السبب من حوائج المريض لان النكاح في الاصل عقد مصلحة مشروع للحاجة و بمرضه تزداد حاجته إلى ما يتعاهده و هو محجور عن التزام الدين بمباشرة ما هو من حوائجه كاستئجار الاطباء و شراء الادوية ثم مهر المثل لا يجب بالتسمية بل انما يجب شرعا بصحة النكاح ( ألا ترى ) انه بدون التسمية يجب فلا يكون المريض بالتسمية قاصدا إلى إبطال حق الغرماء عن شيء مما يتعلق حقهم به فلهذا صح منه و كانت مزاحمة غرماء الصحة مقدمة علي ما أقر ما به في مرضه من دين أو وديعة لقوة سبب حقها و لو أوفاها المهر و عليه دين في الصحة لم يسلم لها ما قبضت لانه خصها بقضاء دينها و قد بينا ان المريض لا يملك تخصيص بعض غرماء الصحة بقضاء الدين و هذا لان المهر بمقابلة البضع و البضع ليس بمال متقوم يتعلق به حق الغرماء فكان هذا في حق الغرماء إبطالا لحقهم بايثارها بقضاء دينها بخلاف بدل المستقر أو المستقرض لان ما وصل اليه بمقابلة مال يتعلق به حق الغرماء فلم يكن في تصرفه إبطال حقه عن شيء معين فلهذا كان صحيحا و الله أعلم
(31)
( باب الاقرار للوارث و غيره من المريض ) ( قال رحمه الله و لا يجوز اقرار المريض لوارثه بدين أو عين عندنا و قال الشافعي رحمه الله يجوز بناء علي اصله بأكثر من الثلث فكان قدر الثلث في حق الوارث بمنزلة ما زاد عليه في حق الاجنبي و الدليل عليه أن إقراره بالوارث صحيح فكذلك إقراره للوارث ) لان في كل واحد من الاقرارين إصرار بالوارث المعروف و حجتنا في ذلك قول النبي صلى الله عليه و سلم الا لا وصية للوارث و لا الاقرار بالدين الا أن هذه الزيادة سائرة مشهورة و انما المشهور قول ابن عمر رضى الله عنه لما روينا و قول الواحد من فقهاء الصحابة رضى الله عنهم عندنا مقدم علي القياس و المعنى فيه انه آثر بعض ورثته بشيء من ماله بمجرد قوله فلا يصح منه كما لو أوصي له بشيء و هذا لان محل الوصية هو الثلث فانه خالص حق الميت قال صلى الله عليه و سلم قال ان الله تعالى يصدق عليكم بثلث أموالكم في آخر أعماركم زيادة على أعمالكم ثم لم يجز وصيته به للوارث مع أنه خالص حقه فيكون ذلك دليلا علي أنه محجور عن اتصال المنفعة إلى الوارث و إقرار المحجور لا يصح كإقرار الصبي و المجنون الا أن هذا الحجر لحق الورثة فإذا صدقوه نفذ كما إذا أجازوا وصيته توضيحه أن جميع المال محل الاقرار بالدين كما أن الثلث محل الوصية ثم لم يجز تصرفه مع الوارث بالوصية في محلها و كذلك لا يجوز مع الوارث بالاقرار في ماله و هذا لان حق الورثة قد تعلق بماله بمرضه فيكون إقراره لبعضهم إيثارا منه للمقر له بعد ما تعلق حقهم جميعا به فلا يصح و يجعل إقراره محمولا علي الكذب في حقهم و لان الاقرار و ان كان إخبارا في الحقيقة فقد جعل كالايجاب من وجه حتى أن من اقر لانسان بجارية لا يستحقق أولادها فإذا كان كالايجاب من وجه فهو إيجاب مال لا يقابله مال و المريض ممنوع عن ميله مع الوارث أصلا فرجحنا هذا الجانب في حق الوارث و رجحنا جانب الاقرار في حق الاجنبي و صححناه في جميع المال و قد بينا في الباب المتقدم أن صحة إقراره للاجنبي باعتبار وصيته له و هذا لا يوجد في حق الوارث فاما الاقرار بالوارث فلم يلاق محلا يتعلق به حق الورثة لان حق الورثة انما يتعلق بالمال قال صلى الله عليه و سلم انك ان تدع ورثتك أغنياء خير لك من أن تدعهم عالة يتكففون الناس و لان الاقرار بالسبب من حوائج الميت كيلا يضيع ماؤه فكان مقدما على حق ورثته ( ألا ترى ) أن الحجر
(32)
بسبب المرض و كما لا يصح اقرار المريض بادين لوارثه فكذلك إقراره باستيفاء دينه من وارثه الا في رواية عن أبى يوسف رحمه الله فانه فرق بينهما فقال الوارث لما عامله في الصحة فقد استحق براءة ذمته عند إقراره باستيفاء الدين منه فلا يتغير ذلك الا ستحقاق بمرضه ( الا ترى ) أنه لو كان دينه على أجنبي فأقر باستيفائه في مرضه كان صحيحا في حق غرماء الصحة و ان كان إقراره بالدين لا يصح في حق غرماء الصحة و حجتنا في ذلك ان إقراره بالاستيفاء في الحاصل اقرار بالدين لان الديون يقضى بأمثالها فيجب للمديون على صاحب الدين عند القبض مثل ما كان له عليه ثم يصير قصاصا بدينه فكان هذا بمنزلة الاقرار بالدين للوارث ليس بصحيح فكذلك إقراره بالاستيفاء منه و هذا بخلاف إقراره بالاستيفاء من الاجنبي لان المنع هناك لحق غرماء الصحة و حق الغرماء عند المرض لا يتعلق بالدين انما يتعلق بما يمكن استيفاء ديونه منه و الدين ليس بمال على الحقيقة و لا يمكن استيفاء ديونه منه فإقراره بالاستيفاء لم يصادف محلا يتعلق حقهم به فاما حق الورثة يتعلق بالعين و الدين جميعا لان الورثة خلافة و المنع من الاقرار للوارث انما كان لحق الورثة و إقراره بالاستيفاء في هذا كالاقرار بالدين لانه يصادف محلا هو مشغول بحق الورثة و إذا أقر المريض لوارثه بدين فلم يمت المريض حتى صار الوارث غيره بأن كان أقر لاخيه فولد له ابن أو كان ابنه كافرا أو رقيقا فأسلم أو عتق و صار هو الوارث دون الاخ جاز إقراره له لان المانع من صحة الاقرار كونه وارثه و الوراثة انما تثبت عند المورث فإذا لم يكن من ورثته عند الموت كان هو و الاجانب سواء ( ألا ترى ) انه لو تبرع عليه بهبة أو وصية جاز من ثلثه و لان الاقرار من المقر صحيح في حقه حتى إذا لم يكن له وارث سوى المقر له جاز الاقرار و كان هو مؤاخذا بما أقر به ما لم يمت لان بطلان إقراره بمرض الموت و لا يدرى أ يموت في هذا المرض أو يبرأ فعرفنا أن إقراره للحال صحيح انما يبطل عند موته باعتبار صفة الوارثة في المقر له فإذا لم يوجد نفى صحيحا و جعل خروج المقر له من أن يكون وارثا بمنزلة من لم يقر في مرضه و ان كان أقر له و هو وارث ثم صار وارثا يوم موته بان أقر لاخيه و له ابن ثم مات الابن قبله حتى صار الاخ وارثا بطل إقراره له عندنا و قال زفر رحمه الله إقراره له صحيح لان الاقرار موجب الحق بنفسه فانما ينظر إلى حال الاقرار و قد حصل لمن ليس بوارث فلا يبطل بصيرورته وارثا بعد ذلك كما لو أقر له في صحته ثم مرض و كما لو أقر لاجنبية ثم تزوجها و بهذا فارق
(33)
الهبة و الوصية لانها مضافة إلى ما بعد الموت حقيقة أو حكما ( ألا ترى ) أنه لو وهب لاجنبية ثم تزوجها ثم مات لم تصح الهبة و نظر فيه إلى وقت الموت لا الى وقت الهبة بخلاف الاقرار فكذلك هنا و لنا أنه ورث بسبب كان يثبت قائما وقت الاقرار فيتبين أن إقراره حصل لوارثه و ذلك باطل و هذا لان الحكم مضاف إلى سببه فإذا كان السبب قائما وقت الاقرار تثبت صفة الوارثة للمقر له من ذلك الوقت بخلاف الاجنبية إذا تزوجها لانها صارت وارثه بسبب حادث بعد الاقرار و الحكم لا يسبق سببه فلا يتبين أن الاقرار حين حصل كان للوارث و بخلاف ما لو أقر في الصحة ثم حصل له مرض حادث بعد الاقرار فالحجر بسببه لا يستند إلى وقت الاقرار ؟ ثم الفرق بين الاقرار و الوصية أو الهبة في حق من صار وارثا بسبب حادث من مولاته ؟ أو زوجته أن الاقرار ملزم بنفسه و تبيين أن المقر به ليس من تركته فالوارثة الثالثة بسبب حادث بعده لا يكون مؤثرا فيه فاما الهبة و الوصية كالمضاف إلى ما بعد الموت فإذا صار من ورثته بسبب حادث كان المانع قائما وقت لزومه فلهذا لا يصح و هو نظير اقرار المريض بالوديعة مع الهبة علي ما بينا في الباب المتقدم و ان كان يوم أقر له وارثه بموالاه أو زوجته و يوم مات وارثه و قد خرج فيما بين ذلك من أن يكون وارثه يثبتونه أو فسخ الموالاة فالإِقرار باطل في قول أبى يوسف رحمه الله و هو دائر في قول محمد رحمه الله وجه قوله انه انما ورث بسبب حادث بعد الاقرار فلا يؤثر ذلك في إبطال الاقرار كما في الفصل المتقدم و هذا لان عقد الاول قد ارتفع و لم يرث به فكان وجوده عند الاقرار كعدمه و العقد الثاني متجدد و هو الاول و لا أثر له في إبطال الاقرار و هو قياس ما لو أقر به في مرضه ثم صح ثم مرض و مات و أبو يوسف رحمه الله يقول الاقرار حصل للوارث و تثبت له هذه الصفة عند الموت و كان الاقرار باطلا كما لو ورث باخوة كانت قائمة وقت الاقرار و هذا ( لا ؟ ) انما لا يصح ليمكن تهمة الايثار فإذا كان سبب الوارثة موجدا وقت الاقرار كانت هذه التهمة متمكنة و العقد المتحدد قام مقام العقد الاول في تقرر صفة الوارثة عند الموت فيجعل كأن الاول قائم له بخلاف ما إذا انعدمت صفة الوارثة عند الاقرار لان تهمه الوارثة متقررة ثمة فصح الاقرار مطلقا و لو أقر لوارثه أو لاجنبي ثم مات المقر له ثم مات المريض و وارث المقر له من ورثه المريض لم يجز ذلك الاقرار في قول أبو يوسف الاول رحمه الله و هو جائز في قول الاخر و هو قول محمد
(34)
رحمه الله وجه قوله الاول أن لاقرار حصل و سبب الوراثة بينه معين لمقر له قائم و حكمه عند الموت فانما يتم لمن هو وارثه فلم يجز الاقرار ليمكن تهمة لا يثار و وارث المقر له حلف عنه قائم مقامه فيما هو حكم الاقرار فإذا كان هو وارثا للمقر جمل بقاؤه عند موت المقر كبقاء المقر له بنفسه وجه قوله الاخر أن حياة الوارث عند موت المورث شرط ليتحقق له صفة الوارثة وهنا المقر له لما مات قبله فقد تبين له أن الاقرار حصل لغير الوارث فيكون صحيحا و وارث لنقر له ليس بملكه من جهة المقر انما يملكه بسبب الوراثة بينه و بين المقر و ذلك مبطل للاقرار ( ألا ترى ) أنه لو أقر بعين لاجنبي فباعه الاجنبي من وارث المقر أو وهبه له أو تصدق ؟ به عليه كان الاقرار صحيحا فكذلك هنا و كذلك اقرار المريض بعبد في يده انه لاجنبي فقال الاجنبي بل هو لفلان وارث المريض لم يكن لي فيه حق علي قول أبى يوسف رحمه الله اقرار المريض باطل لان المقر له لما حوله إلى وارث المريض صار كأن المريض أقر لوارثه ابتداء و هذا بخلاف ما إذا ملكه بسبب أنساه لان ذلك ملك آخر يحدث للوارث بسبب متجدد الملك الحاصل بإقرار المريض فاما هنا انما يحصل له ذلك الملك الثابت بإقرار المريض لانه حوله بعينه إلى وارث المريض و نفاه عن نفسه و في قوله الاخر يقول الاقرار صحيح لان وارث المريض لم يملكه بإقرار المريض و انا يملكه بإقرار الاجنبي له بالملك و إقراره له بالملك صحيح و قوله الاخر أقرب إلى القياس من قوله الاول آخذا بالاحتياط لتمكن تهمة المواضعة بين المريض و الاجنبي على أن يقر المريض له ليقر هو لوارثه فيحصل مقصوده في الايثار بهذا الطريق و لو أقر الاجنبي أن العبد حر الاصل و ان المريض كان أعتقه في صحته عتق و لا شيء عليه في القولين جميعا أما على قوله الاخر فغير مشكل و علي القول الاول كذلك لان إعتاقه من جهة المريض هنا ممكن فانه يعقب الولاء و ليس للمقر له فلا بد من أن يجعل كالقاتل لا قرره ثم العتق بخلاف الاقرار فهناك يمكن تحويل الملك الثابت له بالاقرار إلى الوارث على أن يتقدم عليه فيحصل الملك له بإقرار المريض من ان يحصل للمقر له الاول و إقراره بالتدبير و الكتابه بمنزلة إقراره بالعتق من حيث أن يجعل كالقابل لاقرار المريض ثم المستثنى للكتابة و التدبير من جهته و لا يجوز اقرار المريض لقاتله بدين إذا مات في ذلك من جنايته لان الاقرار للقاتل بمنزلة الاقرار للوارث فانه عاجز عن اتصال النفع اليه بانساء التبرع لان الهبة و الوصية للقابل لا تصح كما لا يصح