مبسوط جلد 18

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

مبسوط - جلد 18

شمس الدین السرخسی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


(21)

و لا يكون الاشهاد الا ما هو الوثيقة بالحق الواجب .

رجل لآخر لا تشهد على لفلان بألف درهم لم يكن هذا اقرارا لانه لو قال اشهد على بألف درهم كان اقرارا و قوله لا تشهد ضد لقوله اشهد فكان موجبه ضد موجب قوله اشهد وكال المعنى فيه انه نهاه عن الشهادة بالزور و معناه انه ليس له علي شيء فلا يشهد له بالزور على بألف درهم فيكون هذا نفيا للمال على نفسه لا اقرارا به و كذلك لو قال ما لفلان على شيء فلا يخبره ان له على ألف درهم أولا يقل له ان له على ألف درهم لم يكن هذا اقرارا لانه صرح به في الابتداء بالنفي و بين انه له علي انه لا شيء له عليه فكان مراده بعد ذلك لا يخبره بما هو باطل و لا يقل له ما هو زور لا أصل له و آخر الكلام مبنى على أوله خصوصا إذا وصله بحرف الفآء فإذا كان أوله نفيا عرفنا ان آخره ليس بإقرار و لو ابتداء فقال لا يخبر فلانا ان له علي ألف درهم أولا يقل لفلان ان له علي ألف درهم كان هذا اقرارا لانه لما لم يذكر النفي في الابتداء كان قوله لا يخبر و لا يقل اسكتاما منه له فيكون اقرارا و معناه ان وجوب المال له على سر بيني و بينك فلا تظهره باختيارك أو قولك لفلان ثم ذكر بعد هذا في آخر الباب قوله لا يخبر بخلاف قوله أخبروا و علل فقال لا تخبر نفى و قوله أخبر اقرار فحصل في قوله أخبر روايتان و في قوله لا تشهد أى لفلان علي ألف درهم الرواية واحدة انه لا يكون اقرارا بخلاف قوله اشهد فمن اصحابنا رحمهم الله من قال الصيح في الاخبار هكذا ان قوله لا تخبر لا يكون اقرارا كما فسره في آخر الباب و الذى وقع هنا غلط و منهم من صحح هذه الرواية و فرق بين قوله لا تخبر ابتداء و بين قوله لا تشهد فقال الشهادة سبب لوجوب الحق قوله لا تشهد معناه ليس له على شيء فاياك أن يكتسب سبب الوجوب بالشهادة له على بالزور فأما الخبر ليس بسبب لوجوب المال فلا يكون قوله لا يخبر نهيا عن اكتساب سبب الوجوب و لكنه استكتام ذلك و دليل على وجوب المال عليه و لو قال لفلان على ألف درهم لحقه أو بحقه أو من حقه أو لميراثه أو بميراثه أو من ميراثه أو لملكه أو بملكه أو من ملكه أو لاجله أو من اجله أو لشركته أو بشركته أو من شركته أو لبضاعته أو ببضاعته أو من بضاعته فهذا كله اقرار لان قوله لفلان على ألف درهم اقرار تام بالدين و هذا كله يرجع إلى تأكيد ما عليه و قد بينا فيما تقدم ان هذا التأكيد لا ينفى أصل الاقرار و ان الشفاعات لا تجى في الديون ليحمل معنى اللام على الشفاعة فلهذا جعلناه اقرارا بالمال و إذا قال لفلان علي ألف درهم من ثمن متاع

(22)

اشتريته منه و لم اقبضه فقال ذلك موصولا بإقراره لم يصدق في قول ابى حنيفة و قال أبو يوسف و محمد رحمهم الله يصدق إذا كان موصولا و لا يصدق إذا كان مفصولا ثم رجع عن حرف منه و قال إذا كان مفصولا يسأل المقر له عن المال أ هو ثمن بيع ام لا فان قال من ثمن البيع فالقول قول المقر انى لم أقبضه و ان قال من جهة أخرى سوى البيع فالقول قول المقر له و هذا في الحقيقة ليس برجوع و لكنه تفصيل فيما أجمله من الابتداء و هو قول محمد رحمه الله وجه قولهما ان قوله لفلان على ألف درهم اقرار بوجوب المال عليه و قوله من ثمن بيع اشتريته مه بيان لسبب الوجوب فإذا صدقه المقر له في هذا السبب ثبت السبب بتصادقهما ثم المال بهذا السبب يكون واجبا قبل القبض و انما يتأكد بالقبض فصار البائع مدعيا عليه تسليم المعقود عليه و هو منكر لذلك فجعلنا القول قول المنكر في إنكاره القبض و ان كذبه في السبب فهذا بيان معبر لمقتضى مطلق الكلام لان مقتضى أول الكلام أن يكون مطالبا بالمال في الحال و لكن على احتمال أن لا يكون مطالبا به حتى يحضر المتاع فكان بيانه معبر إلى هذا النوع من الاحتمال و بيان التغيير صحيح إذا كان موصولا و لا يكون صحيحا إذا كان مفصولا توضيحه ان هذا بيان يتضمن إبطال ما يجب بالكلام الاول لو لا هذا البيان لان ثمن المتاع الذي هو معين لا يكون واجبا قبل القبض و البيان الذي فيه معنى الابطال صحيح إذا كان موصولا و لا يصح إذا كان مفصولا كالاستثناء و أبو حنيفة رحمه الله يقول هذا رجوع عما أقربه و الرجوع باطل موصولا كان أو مفصولا و بيان ذلك انه أقر بوجوب ثمن متاع بغير عينه عليه و ثمن متاع يكون بغير عينه لا يكون واجبا على المشترى الا بعد القبض لان ما لا يكون بعينه فهو في حكم المستهلك اذ لا طريق للتوصل اليه فانه ما من متاع يحضره الا و للمشتري أن يقول المبيع هذا و تسليم الثمن لا يجب الا بإحضار المعقود عليه و فرقنا انه في حكم المستهلك و ثمن المبيع المستهلك لا يكون واجبا الا بعد القبض فكانه أقر بالقبض ثم رجع عنه توضيحه انه أقر بالمال و ادعى لنفسه أجلا إلى غاية و هو إحضار المتاع و لا طريق للبائع إلى ذلك و لو ادعى أجل ذلك شهرا و نحو ذلك لم يصدق وصل أم فصل فإذا ادعى أجلا مؤبدا أولى أن لا يكون مصدقا في ذلك و على هذا لو قال لفلان على ألف درهم من ثمن خمر أو خنزير لم يصدق في قول أبى حنيفة رحمه الله وصل أم فصل لانه رجوع فثمن الخمر و الخنزير لا يكون واجبا على المسلم و على قول أبى يوسف و محمد رحمهما الله

(23)

يصح إذا وصل لانه بيان السبب و فيه معنى الابطال فيصح موصولا كالاستثناء و لان الخمر متمول يجري فيه الشح و الضنة و قد اعتاد الفسقة شراءها و اداء ثمنها فيحتمل انه بني إقراره على هذه العادة فكان آخر كلامه بيانا هو من محتملات كلامه و لكن فيه تعبير فيصح موصولا كما في الفصل الاول علي قولهما و لو قال ابتعت منه شيئا بألف درهم ثم قال لم اقبضه فالقول قوله لانه أقر بمجرد العقد و إقراره بالعقد لا يكون اقرارا بالقبض فهو في قوله لم أقبضه منكر لما ادعاه صاحبه لا راجعا عما أقربه و لو قال لفلان على ألف درهم من ثمن هذا العبد الذي هو في يد المقر له فان أقر الطالب و سلمه له أخذه بالمال لان ما ثبت بتصادقها كالثابت بالمعاينة و ان قال العبد عبدك لم ابعكه انما بعتك غيره فالمال لازم له لان المقر أخبر بوجوب المال عليه عند تسليم العبد له و قد سلم العبد له حين اقر ذو اليد انه ملكه فيلزمه المال ثم الاسباب مطلوبة لاحكامها لا لاعيانها فلا يعتبر التكاذب في السبب بعد اتفاقهما على وجوب أصل المال فلهذا لزمه المال و لو قال العبد عبدي ما بعته منك انما بعتك غيره لم يكن عليه شيء لانه انما اقر له بالمال بشرط ان يسلم له العبد و لم يسلم له العبد و المتعلق بالشرط معدوم قبله و قد ذكر في آخر هذا الباب ان ابا حنيفة رحمه الله قال يحلف كل واحد منهما على دعوى صاحبه و هو قولهما و إذا حلفا لم يلزمه المال و هو صحيح لان المقر ادعي عليه البيع في هذا العبد و هو منكر فيحلف عليه و المقر له يدعى وجوب المال لنفسه بسبب بيع متاع قد سلمه اليه و المقر لذلك منكر فيحلف على دعواه و لان هذا الاختلاف بينهما في المبيع و الاختلاف في المبيع يوجب التحالف كالاختلاف في الثمن فإذا تحالفا انتفت دعوى كل واحد منهما عن صاحبه فلهذا لا يقضى عليه بشيء من المال و العبد سالم لمن هو في يده و لو قالوا لفلان عندي وديعة ألف درهم ثم قال اقبضها فهو لها ضامن لان أول كلامه صريح بإقراره بالقبض لانه لا يصير مودعا و لا يحصل المال عنده ما لم يقبضه فكان قوله لم أقبضها رجوعا و كذلك لو قال له على ألف درهم قرض ثم قال لم اقبضها لم يصدق و هذا رجوع كما بينا و لو قال أقرضتني ألف درهم أو أودعتني ألف درهم أو أسلفتنى ألف درهم أو أعطيتني ألف درهم و لكني لم أقبضها فان قال موصولا كلامه فالقول قوله لان أول كلامه اقرار بالعقد و هو القرض و السلم و السلف و العطية فكان قوله لم أقبضها بيانا لا رجوعا و ان قال ذلك مفصولا في القياس القول في ذلك قوله أيضا لما بينا أنه اقرار بالعقد فكان هذا و قوله ابتعت من فلان بيعا سواء توضيحه

(24)

انه أقر بفعل الغير فانه أضاف الفعل بهذا الالفاظ إلى المقر له فيكون القول في إنكاره القبض الموجب للضمان عليه قوله لان فعل الغير ليس بسبب موجب للضمان عليه و لكنه استحسن فقال لا يقبل قوله لان القرض لا يكون الا بالقبض و كذلك السلم و السلف أخذ عاجل بآجل و كذلك الاعطاء فعل لا يتم الا بالقبض فكان كلامه اقرار بالقبض علي احتمال أن تكون هذه الالفاظ عبارة عن العقد مجازا فقوله بيان تعبير فيصح موصولا لا مفصولا و لو قال نقدتنى ألف درهم أو دفعت إلى ألف درهم و لكن لم أقبض فكذلك لا جواب عند محمد رحمه الله لان الدفع و الاعطاء سواء كما ثبت في قوله أعطيتني فكذلك في قوله دفعت إلى و بعد تنى لانه اخبار بفعل الغير و هذا لا يكون سببا لوجوب الضمان عليه و إذا قال موصولا لم أقبضه كان منكر الا راجعا و قال أبو يوسف رحمه الله لا يصدق و ان وصل لان النقد لا يتصور الا بالقبض و كذلك الدفع يستدعي مدفوعا فقوله لم أقبض رجوع فلهذا لا يكون الا صحيحا بخلاف قوله أعطيتني فان هذا اللفظ يستعار للعقد ( ألا ترى ) أن الهبة تسمى عطية فجلعنا كلامه عبارة عن العقد إذا قال موصولا لم اقبضه و لا يوجد مثل ذلك في النقد و الدفع و الله أعلم بالصواب ( باب الاقرار في المرض ) ( قال رحمه الله روى عن ابن عمر رضي الله عنهما انه قال إذا أقر الرجل في مرضه بدين لرجل وارث فانه جائز و ان أحاط ذلك بماله و ان أقر لوارث فهو باطل ) الا أن تصدقه الورثة و به أخذ علماؤنا رحمهم الله تعالى في الفصلين و قالوا اقرار المريض للاجنبي من جميع المال صحيح و إقراره للوارث باطل و هذا الباب لبيان إقراره للاجنبي فيقول أن الاقرار من جنس التجارة و لهذا يصح اقرار المأذون له في التجارة بسبب المرض و لا يلحقه الحجر عن التجارة مع الاجانب فكان إقراره للاجنبي بدين أو بعين في المرض بمنزلته في الصحة فيكون من جميع ماله و هذا لانه من حوائج الميت فانه يحتاج إلى اظهار ما عليه بإقراره ليفك رقبته و حاجته مقدمة على حق ورثته و لهذا اعتبر استيلادة من جميع ماله و اعتبر الجهاز و الكفن من جميع ماله لانه من أصول حوائجه أو يقول صحة إقراره للاجنبي على قياس صحة وصيته له فان الاصل ان كل تصرف يتمكن المرؤ من تحصيل المقصود به آنسا لا تتمكن التهمة

(25)

في إقراره فيكون صحيحا و متى لم يقدر علي تحصيل مقصوده بطريق الانساء كان متهما في الاقرار به فلا يصح إقراره في حق الغير ( ألا ترى ) أن الوكيل بالبيع قبل العزل إذا قال كنت بعت كان إقراره صحيحا بخلاف ما بعد العزل و المطلق قبل انقضاء العدة إذا أقر أنه راجعا صح إقراره بخلاف ما بعد انقضاء العدة و المولى قبل انقضاء المدة إذا قال فئت إليها كان إقراره صحيحا بخلاف ما بعد انقضاء المدة إذا عرفنا هذا فنقول هو مالك لايجاب مقدار الثلث للاجنبي بطريق الهبة و الوصية فتنتفى التهمة عن الا قراره له في ذلك القدر و إذا صح إقراره بين ان ذلك القدر ليس من جملة ماله فيصح إقراره في ثلث ما بقي باعتبار أنه يملك الحق فيه بطريق الاستثناء ثم لا يزال يدور هكذا حتى يأتى علي جميع المال الي ما لا يمكن ضبطه فلهذا صححنا إقراره للاجنبي بجميع المال و إذا أقر المريض بدين ثم مات في مرضه ذلك تحاص الغرماء في ماله سواء كال الاقرار منه في كلام متصل أو منفصل لان الاقرارين تجمعهما حالة واحدة و هي حال المرض فكانهما وجدا معا لان حق الغرماء انما يتعلق بماله بموته و يستند إلى أول المرض لانه سبب الموت و الحكم إذا انفرد استند إلى سببه فهنا تعلق الدينان جميعا بماله في وقت واحد و هو عند الموت و استند إلى سبب واحد و هو المرض فاستويا فيه و الدليل عليه انه كما يصير بسبب الدين الاول محجورا عليه عن التبرع عند الاقرار الثاني يصير بسبب الاقرار الثاني محجورا عليه عن التبرع عند الاقرار الاول لانه لو أقر بدين أولا ثم وهب شيئا لم تصح هبته حتى يقضى الدين و كذلك لو وهب أولا في مرضه ثم أقر بدين لم يصح هبته حتى يقضي الدين فيتبين بهذا ان الدينين استويا في القوة و ان سبب كل واحد منهما يثبت الحجر عن التبرع عند الاقرار الاخر فيتحاصان و كذلك لو أقر بدين ثم بوديعة لانه لما سبق الاقرار بالدين فقد ثبت في ذمته علي أن يتعلق بتركته عند موته و ما في يده تركته من حيث الظاهر فإقراره بعد ذلك بوديعة بعينها لا يكون صحيحا في إبطال ما كان بفرض الثبوت فهو كالثابت لتقرر سببه و تعلق الدين بالمال عند الموت لخراب الذمة و سبب الموت هو المرض فيستند حكم الخراب إلى أول المرض و يصير كأن الدين كان متعلقا بهذه العين حين أقر بأنه وديعة فلا يقبل إقراره في إبطال حق الغريم عنه و إذا لم يقبل إقراره بذلك صار هو مستهلكا للوديعة بتقديم الاقرار بالدين عليها و الاقرار بالوديعة المستهلكة اقرار بالدين فكانه أقر بدينين فيتحاصان و لو أقر بالوديعة أو لا ثم بالدين فالوديعة أولى لانه حين أقر بها لم يكن

(26)

لاحد فيها حق ثابت و لا كان يعرض الثبوت فصح إقراره بالعين مطلقا و تبين أنها ليست بتركته ثم إقراره بالدين بعد ذلك انما يكون شاغلا لتركته لا لما لم يكن من جملة ملكه و هذا بخلاف ما إذا وهب عينا و سلم ثم أقر بالدين لان الهبة و ان نفذها في مرضه صار كالمضاف الي ما بعد الموت حتى تعتبر من ثلثه و لا يتبين بالهبة ان الموهوب لم يكن مملوكا له فيتعلق به حق الغريم المقر به بعد ذلك فكان هو أولى من الموهوب له فأما إقراره بالوديعة لم يصير كالمضاف إلى ما بعد الموت بل ثبت بنفسه كما أقر به و يتبين ان هذه العين لم تكن ملكا له فلهذا لا يثبت حق المقر له بالعين بعد ذلك فيه و لو كان عليه دين في الصحة و أقر في مرضه بدين أو وديعة كان دين الصحة مقدما على ما أقر به في المرض عندنا و قال ابن أبى ليلي رحمه الله ما أقر به في الصحة و المرض من الدين فهو سواء و هو قول الشافعي رحمه الله و حجتهما في ذلك ان الاقرار من جنس التجارة و بسبب المرض انما يلحقه الحجر عن التبرع لا عن التجارة ( ألا ترى ) ان سائر تصرفاته من البيع و الشراء صحيح في مرضه علي الوجه الذي يصح في صحته و كذلك إقراره و هذا لان الاقرار اظهار للحق الواجب عليه و ذلك من أصول حوائجه و قد بينا ان حاجته مقدمة في ماله بخلاف التبرع فانه ليس من حوائجه و لهذا كان معتبرا من ثلث ماله و الاقرار يكون معتبرا في جميع ماله و الدليل عليه ان الاقرار خبر متمثل بين الصدق و الكذب فانما جعل حجة ليترجح جانب الصدق باعتبار أن عقله و دينه يدعوانه إلى الصدق و يمنعانه من الكذب و كذلك شفقته على نفسه و ماله تحمله على الصدق و تمنعه من الكذب و هذا المعنى لا تختلف بين الصحة و الكذب بل يزداد معنى رجحان جانب الصدق و الكذب و لان في حال الصحة كان الامر موسعا عليه فربما يؤثر هواه على ما هو المستحق عليه فيقر بالكذب و بالمرض يضيق الامر عليه في الخروج عن المستحق عليه فلا يؤثر هواه على صرف المال على ما هو المستحق عليه و هو معنى ما قيل ان المرض حال النوبة و الانابة يصدق فيه الكاذب و يبر فيه الفاجر فتنتفى تهمة الكذب عن إقراره و يكون الثابت بالاقرار في هذه الحال كالثابت بالبينة فكان مزاحما لغرماء الصحة و حجتنا في ذلك ان أحد الاقرارين وجد في حال الاطلاق و الاخر في حال الحجر فيقدم ما وجد في حال الاطلاق علي ما وجد في حال الحجر و انما قلنا ذلك لان بسبب المرض يلحقه الحجر ليتعلق حق الغرماء و الورثة بماله حتى لا يجوز تبرعه بشيء إذا كان عليه دين محيطا و بما زاد على الثلث إذا لم يكن عليه دين لتعلق

(27)

حق الورثة بماله و لأَنا نقول بان الحجر يلحقه عن التبرع لانه تبرع بل لانه مبطل حق الغرماء عن بعض ماله و كما يبطل حقهم عن بعض ماله بالتبرع فكذلك يبطل حقهم بإثبات المزاحمة للمقر له في المرض معهم فكان مجحورا عن الاقرار لحقهم بخلاف سائر التجارات فانه ليس فيه إبطال حق الغرماء عن شيء مما يتعلق حقهم به فانه تعلق حقهم بالمالية و التجارة لا سيما المال فليس فيه إبطال شيء من حقهم حتى لو كان البيع بمحاباة لم تصح المحاباة في حقهم لما فيه من إبطال حقهم عن بعض المالية و لأَنا قد بينا أن حق الغرماء و ان كان يتعلق بالموت بماله يستند حكم التعليق إلى أول المرض لانه سبب الموت كالبيع بشرط الخيار إذا أخبر استند حكم الملك إلى أولى البيع حتى يستحق المشترى الزوائد فيتبين بهذا أن حق الغرماء الصحة تعلق بماله بأول المرض و صار ماله كالمرهون في حقهم فبعد ذلك إقراره في المرض صحيح فيما يرجع إلى إبطال حقهم لان اقرار المقر محمول على الصدق في حقه حتى يكون حجة عليه فاما في حق الغير هو محمول على الكذب لكونه متهما في حق الغير و هذا بخلاف السبب المعاين من غصب أو استهلاك لانه لا تمكن فيه التهمة فيظهر السبب في حق غرماء الصحة كما يظهر في حق المريض فيكون ذلك بمنزلة الدين الثابت بالبينة في مرضه و قوله بأن المرض دليل على صدقه في إقراره قلنا هذا في حق من ترجح أمر دينه علي هواه على أمر دينه فهذه الحال حال المبادرة إلى ما كان يريده و يهواه ما كان قدم بعينه فيها فلما آيس من نفسه أثر من يهواه على ما هو المستحق بماله و ليس معتاد كندر تمييز احدى الحالين عن الاخرى فجعلنا الدليل معنى شرعيا و هو إذا كان ممكنا من تحصل مقصوده بطريق الانساء لا تتمكن التهمة في إقراره ففى حال الصحة كان متمكنا من تحصيل مقصوده لطريق الانساء فلا تتمكن التهمة في إقراره فاما إذا مرض و عليه دين فهو متمكن من تحصيل مقصوده مالا نساء لان الدين مقدم على تبرعه فيحمله ذلك على الاقرار كاذبا لتحصيل مقصوده بهذا الطريق فلهذا لا يصدقه في حق غرماء الصحة و لو استقرض في مرضه ما لا أو اشترى شيئا و عاين الشهود قبضه ذلك فهذا يحاص غرماء الصحة لانه لا يتمكن التهمة فيما يثبت بمعاينة الشهود و ليس فيه إبطال حق الغرماء عن شيء بل فيه تحويل حقهم من محل إلى محل بعد له فظهر هذا السبب في حقهم و كان صاحبه مزاحما لهم في الشركة و لو لم تكن التركة الا عين المال الذي أخذه قرضا أو بيعا فهو كذلك لان بالقبض ثم ملكه فكان من جملة تركته عند موته يتعلق به حق جميع غرمائه و البائع انما




/ 29