بِهم سَيْراً سُحُجاً، لا يَكْلِمُ خِشاشُه، ولا يَتَعْتَعُ راكبُه، ولأوْرَدَهُم مَنْهَلا نَمِيراً فَضْفاضاً، تَطْفَحُ ضَفَّتاه، ولأَصْدَرهُم بِطاناً قد يحترتهم(1) الرِّىُّ، غيرَ مُتَحلٍّ منه بطائل، ولفُتِحَتْ عليهم بركاتٌ من السَّماءِ والأرض.
ألا هَلُمَّ فاَعْجَبْ، وما عِشْتَ أراكَ الدهرُ عَجَباً!
فَرغْماً لِمَعاطِسِ قوم يَحْسَبُون أنهم يُحْسِنون صُنْعاً.
ولَعَمْرُ اللهِ، لقد لَقِحَتْ، فنَظِرَةً رَيْثَما تُنْتَجُ، ثم احْتَلِبُوا طِلاعَ القَعْبِ، دماً عَبِيطاً، وذُعافاً مُمْقِراً، فهنالك يَخْسَرُ المُبْطِلون، ويَعْرِفُ التَّالُون غِبَّ ما أسَّسَ الأَوَّلُون.
فَطِيُبوا عن أنفُسِكم نَفْساً، وطامِنُوا للفِتْنة جَأْشاً، وأبْشِرُوا بسَيف صارِم، وهَرْج شامِل، يَدَعْ فَيْئكُم زَهِيداً، وجَمْعَكم حَصِيدا.
فيا حَسْرةً عليكم، وأنَّى بكم، وقد عَمِيَتْ عليكم؟ (أَنُلْزِمُكُمُوها وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُونَ)(2).
هذا طَرَفٌ مِن حديث أطْولَ منه، يُرْوَى من طريق أهل البَيتَ (عليهم السلام).(3)
1- هكذا رسم الكلمة فى الأصل، ولم ينقط منها شيء، وقد رسم فوقها الناسخ رأس ص صغيرة، علامة التوقف، ولم يعرض لها المنصف فى الشرح، وقد جاء فى شرح نهج البلاغة لأن ابي الحديد: "وقد تحير بهم الرأي".
2- سورة هود: 28.
3- منال الطالب فى شرح طوال العرائب: ابن الأثير: 528 ـ 529.