فساد و الاصلاح نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

فساد و الاصلاح - نسخه متنی

عماد صلاح عبد الرزاق الشیخ داود

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

حيث كان يأمر قومه بتوحيد الله والالتزام بذلك (كما توضحه بداية الآية 85 أعلاه من سورة الأعراف) وهذا إصلاح لما فسد من عقيدة الإيمان بالإشراك والكفر، ثم ليربط الإصلاح (التوحيدي) بإصلاح المجتمع من فساد المعاملات، وهنا نجد بوادر الإصلاح الاقتصادي في الحث على عدم بخس الناس أشياءهم وعدم التطفيف في الكيل وكذلك عدم الإفساد في الأرض بالجور، والعدول عن نهج العدالة القويم في الأمور كلها بعد أن أصلحها الله بقدرته.

بعد ذلك نرى الآية التالية (الآية 86 من سورة الأعراف) تحث على إصلاح وضع فاسد يدل على عظم جريمة قطع الطريق وإرهاب الخلق وسلبهم أموالهم لما لذلك من أثر سيئ على العباد من ارتفاع أسعار البضائع، وسلب الحقوق. ثم لتنحو الآية منحى آخر في الحث على الإصلاح لترشيد الناس إلى عدم الصد عن سبيل الله أو منع من آمن بالله بالسعي في وجوه الخير التي تتضمن تكافل المجتمع، لتنتقل بعد ذلك الآية لتذكر الناس بفعل الفساد بأهله وكيف كانت عاقبتهم السيئة.

مما تقدم نرى القدرة الإلهية قد جمعت في آيتين فقط كثيراً من نواحي الإصلاح التي يحث الله تعالى الناس عليها لإصلاح أمرهم وتيسير حالهم.

وضمن سياق نظرة الإسلام إلى الإصلاح لا بد للباحث ولإغناء الموضوع من التطرق إلى آثار الرسول () في ذلك.

فعن عبد الله بن عمرو (رضي الله عنهما) عن النبي محمد قال:

[إن المقسطين عند الله على منابر من نور عن يمين الرحمن عز وجل وكلتا يديه يمين، الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما وُلّوا).

الذي يستشف منه الحث على ضرورة صلاح الحكم في جميع مناحيه والقسط في ذلك.

جدير بالذكر أن بعض النظم السياسية اليوم تلزم أعضاء الحكومة والنواب فيها بتقديم كشف تفصيلي عن ممتلكاتهم قبل تولي المنصب وبعد تركهم لـه وهو أمر تناوله وعالجه الأثر الإسلامي منذ الصدر الأول لإصلاح حال العامل (الموظف المسؤول عن إدارة منطقة ما) لحديث رسول الله ():

عن بريرة (رضي الله عنه) عن النبي قال:

(من استعملناه على عمل فرزقناه رزقاً فما أخذ بعد ذلك فهو غلول).

وهذا يعني أن للعامل أن يأخذ ما تحت يده مسكناً وخادماً لائقين به، وزوجة ما يلزمها إذا شاء فإن زاد فهو (غال) أي خائن، وهذا إذا لم يجعل لـه مال معين، وإلا فلا يجوز لـه أخذ شيء سواه لأنه أجره وقد رضي به.

لقد كانت آيات القرآن الكريم وأحاديث النبي محمد البداية التي سار عليها من جاء ليحكم في النظام الإسلامي فيما بعد حيث نشهد (حسن الحكم) وحسن الإصلاح عند الخلفاء الراشدين المهديين، فهذا سيدنا عمر بن الخطاب (رضي الله عنه وأرضاه) عمل على إصلاح الدولة بإنشاء العديد من الدواوين التي تطور العمل بها في العهدين الأموي والعباسي فيما بعد. فكان أن عمل الخليفة المهدي (ديوان الأزمّة) في العصر العباسي الذي يعنى (بالمساءلة) والتدقيق المالي والمحاسبي، وديوان (المظالم) الذي يعنى بشكاوى المواطنين ومظالم الولاة، يضاف إليهما أيضاً ديوان (الاستخراج) الذي كان يقوم على تتبع أخبار الوزراء والكتاب والحجاب والعمال المتهمين (بالمحسوبية والرشوة).

يتضح لنا مما تقدم أن هذه الدواوين تعنى بما يعرف اليوم بآلية (المساءلة) التي هي واحدة من ثلاثة شروط سياسية للإصلاح، مضافاً إليها آلية الكشف عن المتهمين بالمحسوبية والرشوة والتي تعرف اليوم (بالشفافية).

أما النزاهة أو (حسن الحكم) كما يعرف اليوم فتتجلى ممارستها في اختيار (الكتاب) القائمين على هذه الدواوين الذين كان يشترط في قيامهم عليها إلمامهم بالعلم الديني والدنيوي وسرعة البديهة وتمتعهم بحسن الإدارة.

بعد هذا الإيجاز ولإيلاء الجانب التاريخي الإحاطة العلمية لا بد من انتقالة إلى حركات الإصلاح التي انتشرت في أوربا.

/ 133