فساد و الاصلاح نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

فساد و الاصلاح - نسخه متنی

عماد صلاح عبد الرزاق الشیخ داود

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

التي أعدتها النيابة المصرية العامة ضد (رئيس شركة ا لنصر للأجهزة الكهربائية والإلكترونية، الرئيس السابق للشركة القابضة للصناعات الهندسية)، طبقاً لما تضمنته القضية (1599) لسنة (1997) محكمة جنايات القاهرة وما نظرته محكمة النقض في 20/أيار/1998 حيث تبين أن الشخص المذكور حصل لنفسه وزوجته وأنجاله الثلاثة على كسب غير مشروع بسبب استغلاله لسلطات وظيفته ونفوذه، واتضح أن الاستغلال هذا ولد لدى المذكور وأقاربه وأفراد أسرته ثروة طائلة وطارئة بلغت(أربعة وعشرين مليوناً وسبعمائة واثنين وسبعين ألفاً وخمسمائة) دولار أمريكي، مضافاً إليها (ستة ملايين ومئة وتسعة وثلاثين ألفاً ومئة وأحد عشر) جنيهاً مصرياً، مع مبلغ قدره (مائتان وتسعة وستون ألفاً ومائتان وسبعة وسبعون) فرنكاً فرنسياً، هذا بالإضافة إلى أن الشخص المذكور عند إحالته على المعاش (التقاعد) لم يبلغ راتبه سوى (6 آلاف جنيهاً مصرياً) وهو مبلغ ضئيل تجاه هذه الثروة الطائلة.

جدير بالذكر أن المجتمع في مصر من المجتمعات ذات العلاقات المترابطة التي تمتلك منظومة اجتماعية قوية لا يملك فيها المرء سوى أن يقدم المساعدة لأهله ومعارفه مما يجعل تطبيق مبدأ المحافظة على الحدود بين المؤسسات غير واقعي. إن مثل هذا الإطار الاجتماعي يجعل الموظف العام يجني هو ومحاسيبه ثمناً خفياً من وراء استخدام آلية المحاباة والمحسوبية، تؤثر على حقوق بقية أفراد المجتمع.

ونتيجة لهذه الحالة الاجتماعية تكون المحسوبية والمحاباة واحدة من عدة أسباب (بل سبباً رئيسياً من بين أسباب عدة) في أن تتراكم ثروات هائلة لدى أفراد (تجعل الفرد مذهولا من الأرقام التي يمتلكونها) ويشخص المفكر العربي (الأستاذ محمد حسنين هيكل) هذه الحالة عندما يذكر أنه في غضون (عشرين سنة فقط) أصبح أشخاص في المجتمع من أولئك الذين يمتلكون تلك الثروات الضخمة (عند معالجته لنفس الأنموذج) التي لم تتراكم لديهم نتيجة للمنطق الرأسمالي السليم القائم على الاستثمار ومخاطره واحترام القوانين وضوابطها ودفع الضرائب بشكلها المنتظم والرضا بتكاليفها ولكنه جاء (في تشخيص غير مباشر لفساد المشار إليهم في الحديث) جراء استغلال نفوذ، ودوران حول القانون واستهتار به، ومن ضرائب غير عادلة في تكاليفها وإنما ضرائب على أضعف الطبقات قدرة على أدائها وأقلها فرصة في الهرب والتهرب منها.

ولرؤية مدى خطورة آلية المحسوبية والمحاباة من خلال أنموذج دراستنا وتشخيص حالة الإثراء السريع من قبل (الأستاذ هيكل) لبعض أفراد المجتمع المصري نرى أن التأثير ينعكس بوصفه سبباً من ضمن أسباب عدة إلى أن حوالي (30%) من السكان يعيش تحت خط الفقر (أقل من 25 دولاراً أمريكياً للعائلة في الشهر) وأن معدل البطالة (20%) في المدن و(50%) في الريف طبقاً لدراسة أصدرها البنك السويسري (سويتز ـ لاند بنك) مما يجعل هذه الفئات تدفع ضريبة إصلاح وصفات المنظمات الدولية في حين تستفيد فئات أخرى من ذلك.

إن مشكلة المحاباة والمحسوبية (كآلية من آليات الفساد التي سبق وأن أشرنا إلى أنه يختلف في الحكم عليه باختلاف قيم المجتمعات) تستشري في عالم الجنوب بسبب قيم المجتمعات وكذلك يمكن استيضاحها في عالم الشمال أيضاً. ولهذا يشير الأستاذ (فيتو تانزي Tanzi) لمدى خطورة هذه الظاهرة وما يكتنف هذه الآلية من تكاليف على المجتمع من خلال تناوله للأنموذج الإيطالي في ذلك، حيث يشير إلى أن الكثيرين في جنوب إيطاليا (موطنه الأصلي) يعتقد أن معظم المناصب الحكومية لا تخصص وفقاً (للجدارة) وإنما من خلال التزكيات الشخصية والتوصيات (العلاقات القرابية).

ويذكر أن إحدى السيدات من معارفه اتصلت به طالبة وساطته ليقوم بالتوصية لقبول حفيدها في منصب شاغر (كعازف موسيقي) في فرقة أوركسترا إقليمية بإيطاليا ويتساءل الأستاذ (تانزي) بقوله فلنفكر في بيئة تحدد فيها التوصيات وليس الكفاية والمقدرة ما أن كان شخص ما يختار للعزف في أوركسترا أم لا! ويمضي قائلاً: لنفترض أن من الممكن أن يؤثر الاتجاه نفسه على تخصيص المناصب ليس فقط منصب (عازف الفلوت) وإنما منصب الأطباء الجراحين مثلاً، ففي هذه الحالة لن تقاس تكلفة الفساد من حيث النفخات الموسيقية وإنما من حيث العمليات الجراحية غير المتقنة أيضاً ومدى تأثيرها على المجتمع وأرواح الناس.

/ 133