ثالثاً /إشكالية اختراق نظم الانتخابات عبر ثورة المعلومات والاتصالات
لعل التطرق إلى الفساد السياسي عبر ثورة المعلومات والاتصالات موضوع قد يجعل علامة التعجب ترافق نظر المتلقي للوهلة الأولى، إلا أن عالم اليوم قد استخدم التقنية في كل المجالات فلماذا لا تستخدم في الصعيد السياسي. لقد تم ذلك فعلاً عند الإعلان عن استخدام شبكة (الإنترنت) في التصويت الانتخابي حيث أشار مدير الأبحاث في كلية العلوم السياسية /بجامعة أريزونا قبل الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة الأميركية نهاية عام 2000 إلى أن الناخبين الأميركيين سيكون بوسعهم التصويت عبر شبكة (الإنترنت) للمرة الأولى في الانتخابات الأميركية بولاية اريزونا وهذه الفكرة تعد مبتكرة من قبل الحزب الديمقراطي. ولا يتوجب على الناخب إلا أن يدون اسمه في لوائح حزبه وأن يدخل رقماً للتعريف به يحصل عليه مسبقاً من منظمي الإنترنت بواسطة البريد الإلكتروني بالإضافة إلى مجموعة بيانات شخصية. وقد أكد مدير الأبحاث أن النظام آمن ولا مجال للتزوير فيه إلا أن ذلك لم يقنع الكثير من أخصائيي العلوم السياسية حيث أعلن أحدهم في صحيفة (الواشنطن بوست) أن الديمقراطية لا تتعزز بتشجيع ناخبين جالسين في بيوتهم وصفهم بالكسالى للمشاركة في الانتخابات . وطبقاً لما أشارت لـه الدراسة في هذا المبحث من ممارسات للاختراق الإليكتروني وحديث مستشار الأمن القومي الأميركي السابق (ليك) عن تلك الخروقات تظهر إمكانية اختراق النظام الانتخابي وكذلك احتمال عدم تصويت الناخب على بطاقته الانتخابية مما يسبب إرباكاً لصحة الانتخابات . وفي تطورات أخرى للخدمات الانتخابية المقدمة على شبكة (الإنترنت) طرح بعض الناخبين أصواتهم للبيع بالمزاد على الشبكة برغم المنع القانوني المشدد لبيع وشراء الأصوات ومع عدم تسجيل أي عملية بيع أو شراء إلا أن الحركة بحد ذاتها تشير إلى مدى إمكانية بيع الأصوات لمن يدفع أكثر وإمكانية تزييف النتائج أيضاً . ولقد بين في معرض ذلك رئيس الوفد الياباني المشارك في مؤتمر مكافحة الجريمة في باريس بأن الاختراق عبر الشبكة يتجاوز حدود أمن المواقع مما يشكل مخاوف لا حدود لها من تطور ذلك الاختراق وأثره على أنظمة الدول واستقرار المجتمعات . من هنا يتضح كيف أن لشبكة المعلومات آثاراً على تزوير الانتخابات ونتائجها مما يؤدي إلى خلل في النظم الانتخابية إذا ما أشيع استخدام ذلك. ختاماً لهذا الفصل نود القول بأن ثورة المعلومات والاتصالات قد شكلت طفرات في الحياة الإنسانية ويسرت السبل للاتصالات بين الدول ونحن في بحثنا هذا لا نريد أن نقف موقف الضد منها أو النقد لها بل على العكس إنها تشكل مرحلة من مراحل الارتقاء الإنساني. ولكن حاولنا تسليط الضوء على الاستغلال غير السليم لهذه الثورة الهائلة مما يؤدي إلى إضرار بالمجتمعات والدول لا يمكن تجاهلها كما بيننا فيما سلف. الفصل الثاني