فساد و الاصلاح نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

فساد و الاصلاح - نسخه متنی

عماد صلاح عبد الرزاق الشیخ داود

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

ويلاحظ أن (حمو ـ رابي) ملك بابل الذي وسع المملكة، وصاحب التشريعات المهمة في التاريخ (شريعة حمورابي)، قد أشار في المادة السادسة من شريعته إلى جريمة الرشوة.

حيث شدد على إحضار طالب الرشوة أمامه ليقاضيه بنفسه وتوليه أمر اجتثاثه، مما يدل على اهتمامه الكبير بمكافحة آفة الفساد، وكذلك فإن الشريعة المذكورة كانت قد نظمت العلاقة بين الحاكم والمحكوم.

وبانتقالنا من وادي الرافدين إلى وادي النيل نلاحظ أن لمصر الفرعونية إشارات ووصايا وتنبؤات في تنظيم الإدارة والعلاقات السليمة في الحكم والدولة، كما جاء في تشريع (حور ـ محب) على سبيل المثال. كذلك لم يغفل الإغريق اهتمامهم بمشكلة الفساد فقد حدد (سولون) في تشريعاته التي أطلق عليها قانون (اتيكا) قواعد لإرشاد موظفي الدولة وضبط عملهم الإداري. وسعى لإدخال المثل الأعلى للمساواة الاجتماعية في بلاد مزقتها نزاعات الأغنياء والفقراء وقد سن تشريعاته إيماناً منه بتكريس سيادة القانون للحد من مظاهر الفساد التي بدت في ترف الأغنياء وبذخهم المثير للأحقاد.

وبعد ذلك كله لا بد من لمحة تاريخية نتطرق فيها إلى الصينيين القدماء حيث نرى أن تراث الفكر السياسي لدى (كونفوشيوس) قد شخص ظاهرة الفساد، ففي كتابه (التعليم الأكبر) يرد أسباب الحروب إلى فساد الحكم والذي مرده إلى فساد الأسر وإغفال الأشخاص تقويم نفوسهم، أما في كتابه (عقيدة الوسط) فهو يرى أن الحكم لا يصلح إلا بالأشخاص الصالحين والوزارة الصالحة التي توزع الثروة بين الناس على أوسع نطاق، وهو يشير لأخطار الفساد عندما يتطرق إلى القول إن تركيز الثروة يؤدي إلى تشتت الشعب.

جدير بالذكر أن أفلاطون في كتابه (الجمهورية) (والذي جاء بعد سولون، وكونفوشيوس، بفترة لاحقة) تطرق لظاهرة الفساد من خلال مناقشته لمشكلة (العدالة) الفردية والجماعية. حيث أشار إلى أن اللجوء إلى العدالة يستبعد مسألة المنفعة أو المصلحة والتي هي الأساس في ظهور الفساد واستفحاله، كما أنه ومن خلال معالجته للصيرورة السياسية للحكومات والتي هي في نظره صيرورة حتمية ودقيقة يرى فيها أن الحكومة تنتقل من (الأرستقراطية) إلى (التيموقراطية) ثم (الأوليغارشية) فـ (الديمقراطية) لكي تنتهي (بالاستبدادية) يحدد ويتهم (التيموقراطية) (Timo cratic) بأنها تستغل الفرصة لتقاسم الثروات واضطهاد من كلفوا بحمايتها. وفي ذلك تشخيص ضمني لمظهر من مظاهر الفساد في ذلك الوقت. حيث إنه يفلسف الحب المتزايد للثروة التي منشؤها السلطة والبحث عن المجد والمطامح ويعده سبباً من أسباب انتقال السلطة بين صور صيرورتها، وفي رأيه أن صاحب الثروة هو السيد المطاع والفقير هو الحقير المرتذل.

أما على صعيد كتابة (القوانين) فنراه يحارب الفساد في جميع صوره، فهو يحارب الفساد الديني ويحث على الوحدة الأخلاقية لحاضرته المؤلفة من (خمسة آلاف وأربعين مواطناً) ونراه أيضاً يحاول الحد من الفساد الاقتصادي والإداري بحيث لم يسمح للملاّك بزيادة أموالهم إلا ضمن حد معين، وعزل الحاضرة عن البحر لتفادي تعاطي التجارة، وإقرار إنشاء هيئة موظفين واجبها مراقبة تصرفات المواطن.

وبانتقاله من أفكار (أفلاطون) إلى أفكار (أرسطو) نرى أنه شخّص الفساد السياسي من خلال تصنيفه للدساتير، حيث درس مع تلامذته (مئة وثمانية وخمسين) دستوراً لمدن وحواضر مختلفة، فقد درس (الحق العرفي) لدى البرابرة، وقوانين (سولون)، ومطالب الحواضر الإغريقية، ولذلك ضمّن كتابه (الأخلاقيات) (اتيك أنيكوماك) التأكيد على دراسة الدساتير ليلاحظ العناصر التي تحافظ على الحواضر، فضلاً عن العوامل التي تدمرها. فهو من خلال معالجاته يصنف المدينة التي يغويها هدف فاسد بأنها مدينة فاسدة، بل قد تفشل في أن تكون دولة على الإطلاق. في حين يرى أنّ الدولة الصالحة هي التي لا تكتفي بطلب الخير لها فحسب بل تطلب الخير العام، ويحدد ذلك بأن الحكم السليم لا يقوم على مجرد طلب الخير ما لم يكن الخير عاماً ومشتركاً بين جميع المواطنين.

إن أرسطو لم يكن مؤمناً بالحكم المطلق مهما كانت صفة الحاكم حتى لو كان فيلسوفاً، لذا نراه يشخّص ظاهرة الفساد

/ 133