التنمــــــية/ تتمثل بتغييرات عميقة في الهياكل الاقتصادية والسياسية والاجتماعية للدول وفي العلاقات التي تربطها بالنظام الاقتصادي الدولي، التي يكون من شأنها تحقيق زيادات تراكمية قابلة للاستمرار في الدخل الفردي الحقيقي عبر فترة ممتدة من الزمن، إلى جانب عدد من النتائج الأخرى غير الاقتصادية وهذا ما يعاكسه بالمفهوم مصطلح (التخلف). وتأسيساً على ما عرضنا لـه بخصوص التنمية (كمفهوم عام) وتطور مفهومها نجد أن التنمية الاقتصادية تترابط مع الكثير من جوانب التنمية الأخرى إلا أن ما يعنينا هو الترابط الأكثر أهمية وهو الترابط بين (التنمية الاقتصادية) و(التنمية السياسية) التي إذا ما ظهرت بينهما ظاهرة الفساد انهارت كلتا العمليتين لما للظاهرة المذكورة من علاقة متجذرة بكلتا الحالتين (وكما أشرنا للترابط بين حالات الفساد وأشكاله في الفصل الثاني). ولبيان العلاقة بين التنمية السياسية والتنمية الاقتصادية يمكن استعراض، بشكل مقتضب، عدد من الاتجاهات النظرية التي تفسر مدى هذه العلاقة: الاتجاه الأول/ يفسر العلاقة على كونها عضوية ووثيقة بين كلتا الحالتين. وفي ذلك رأي لمدرستين رئيستين يفسر هذا الاتجاه: أ ـ المدرسة الأولى ترى أن التنمية الاقتصادية ذات تأثير على الإطار السياسي وهي المتغير المستقل، وتنظر المدرسة إلى التنمية السياسية التي تشمل (الديمقراطية والمشاركة) على أنها المتغير التابع. ويرى أنصارها أن جوهر التنمية السياسية يرتبط بتحقيق مستوى معين من التنمية الاقتصادية يبلغ من خلالها المجتمع درجة من النمو الاقتصادي تسمح لـه بإشباع حاجاته وتحقق توازناً مقبولاً بين التطلعات الاقتصادية من ناحية ودرجة الرضاء الفعلي لهذه التطلعات من ناحية أخرى. ومن أنصار المدرسة المفكر (Hagen) الذي وضع النمو الاقتصادي شرطاً للديمقراطية السياسية. فيما توصل أحد أنصار المدرسة الآخرين من خلال دراسته التاريخية للتجارب الثورية في (بريطانيا) و(فرنسا) و(الولايات المتحدة