فساد و الاصلاح نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

فساد و الاصلاح - نسخه متنی

عماد صلاح عبد الرزاق الشیخ داود

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

الشق الثاني/ هو إتاحة أكبر قدرة من الحريات للمواطنين للمشاركة في توجيه السياسة العامة.

وبذلك نلاحظ أن إعمال هذين الشقين يؤدي إلى الحد من ظاهرة الفساد (التي نحن بصدد دراستها) لهذا جاءت كتابات كثيرة لتربط بين الشقين سالفي الذكر لتعزيز قوة الدولة والوصول إلى الغاية المرجوة وتعزيز قوة المجتمع التي تتحقق إذا ما اتسم عمل الدولة (بالشفافية) وإذا ما خضع القائمون على المؤسسات (للمساءلة) ثم إذا ما اتصفت الدولة في حد ذاتها (بالحكم الرشيد) وهي الشروط السياسية الثلاثة لإحداث التنمية في المجتمعات، التي يتأتى دوماً الفساد فيها لأن الأغلبية محرومة من التعبير عن رأيها ومطالبها أو أنها بالأحرى مبعدة بصورة أو بأخرى عن مراكز اتخاذ القرار، وحتى مراكز التأثير في اتخاذ القرارات. ولهذا أظهرت تجارب وخبرات عالم الجنوب والدول الاشتراكية ونظم الحكم المعاكسة للديمقراطية أهمية البعد في تحرير الفرد وتحرير المجتمع والمشاركة الشعبية بوصفها مدخلاً لحشد جهود المجتمع من أجل التنمية.

إن المشاركة الشعبية تتناسب بشكل عكسي مع الفساد ولذلك فالسلبية السياسية (ضعف المشاركة) غالباً ما ترتبط بضعف المؤسسات وانخفاض مستوى تنظيمها وبالتالي فهي دليل على فقدان الأفراد لشعورهم بالمسؤولية العامة وكذلك إمكانية تجميع جهودهم من أجل تحقيق عمل يؤدي إلى منفعة عامة مستقبلية. فضلاً عن كون السلبية السياسية تضعف من قدرة الأفراد على ممارسة الدور الوطني في الرقابة بفاعلية على الأجهزة الحكومية والمؤسسات السياسية، مما يعطي للفساد دوراً أكبر من الاستشراء ويجعله يرمي بثقله في إضعاف التنمية بكل أبعادها (أي بمعناها الشامل) مما يؤدي إلى اهتزاز الشرعية وانعدام الاستقرار السياسي وتهديد التكامل، ويجعل القرارات وصدورها تفتقر إلى التخطيط المسبق والعقلانية الأمر الذي يدعو إلى تغليب المصلحة الخاصة على العامة (وهذا هو مفهوم الفساد بالأساس) مما يقولب آليات عملية التنمية لتحقيق مصالح ضيقة تخدم شرائح معينة أو أفراد معينين من دون سائر المواطنين.

ولابد من الإشارة إلى أنه على الحكومات السعي بجد لفرض الشفافية والمساءلة على جميع مفاصل عملها بدءاً بأعلى مستويات الهرم السياسي ونزولاً إلى قاعدته بغية إنجاح عملية التنمية وبخلاف ذلك سينتشر الفساد الذي يؤدي للعزلة السياسية وعدم الاستقرار وزيادة التوجه إلى النفور العام واسع الانتشار إزاء النشاطات غير المشروعة لتعامل الموظفين العموميين مع أفراد المجتمع.

وفي دراسة عن الأنموذج الفلبيني نرى أن (جامعة الفلبين) أنجزت أثني عشر بحثاً عن الفساد في ذلك البلد بما في ذلك تحليلاً مفصلاً للمؤسسات القائمة وكانت خلاصة المشروعات "أن الفساد أثر بصورة سلبية على جهود التنمية في الفلبين مما أسهم في إعطاء الأفضلية للمنتجين غير الأكفاء، وتسرب الدخل من خزائن الدولة إلى الجيوب الخاصة فضلاً عن إسهام الفساد بطريقة مباشرة، في زعزعة الثقة بالحكومة. لذا نلاحظ أن الفلبين كانت من أكثر البلدان فساداً في إبان (عهد ماركوس) حيث حل شخصه محل المؤسسات السياسية لاستغلال المنصب من أجل المكسب الشخصي مضافاً إليه السلوك السياسي للمسؤولين في ذلك النظام الذي يمثلون قمة الهرم (الذي يتوقف على ذلك السلوك درجة الفساد لأولئك المسؤولين). ويتضح مدى العلاقة الطردية بين ميلهم للفساد ودرجة انتشار الفساد في نظامهم.

لذلك كان (ماركوس) مثلاً واضحاً لمدى ارتباط الفساد بسلطته الشخصية واستخدام قوة تلك السلطة لتغطية انحرافاته وتكوينه للثروات الطائلة مما أثر على البلاد وجعلها تعاني من مشكلات عدة واضطرابات استمرت حتى بعد سقوط حكمه لا تستطيع الفلبين التغلب عليها.

من خلال ما سلف نستطيع أن نستشرف رؤية عن مدى تطوير مفهوم التنمية وعمق الارتباط بين أشكالها المختلفة خصوصاً السياسية منها والاقتصادية، واللتين تعدان (محور إشكال التنمية الأخرى). وعلى وفق نوعية طبيعة المنهج الذي اخترناه وهو المنهج المقارن لابد من تعزيز ما قدمناه لـه هو معهود عند المتخصصين والدارسين أن مفهوم التنمية ارتبط بعالم الجنوب النامي (تحديداً) مما يجعل من الصعوبة بمكان الإتيان بمثال من العالم المتقدم في هذا المجال، إلا أن ظاهرة الفساد ظاهرة عرفها

/ 133