فساد و الاصلاح نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

فساد و الاصلاح - نسخه متنی

عماد صلاح عبد الرزاق الشیخ داود

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

حيث من الملاحظ أن الكثير من دول عالم الجنوب (التي تكون في حاجة للقروض على الأغلب) تلجأ إلى المؤسسات المالية الدولية للاقتراض منها، وأن تلك المؤسسات قدمت العديد من القروض للدول في عالم الجنوب وحتى للدول في عالم الشمال (علماً أن قسماً من هذه الأخيرة تنتمي إلى هذه المؤسسات) خلال الأزمات التي اعترضت تطورها، إلا أن الملاحظ على حكومات عالم الجنوب أنها توجه تلك القروض تجاه مشاريع أو جهات أخرى لا تمت بصلة إلى التنمية والتطور حتى أن الإحصاءات تشير إلى توجيه نحو (25%) من تلك القروض للتسليح فقط، وهذا أمر لا يحدث تنمية مطلقاً فضلاً عن أن نسبة كبيرة من تلك القروض توجه إلى حسابات خاصة لأعضاء النخب السياسية. ولعل أنموذج أمريكا اللاتينية وخصوصاً (المكسيك) مثال صارخ على تحويل تلك القروض للحسابات الشخصية لكبار المسؤولين مع الأخذ بنظر الاعتبار (ما سبق وأن أشرنا إليه) إلى أن الكثير من تلك الأموال التي تقترضها الدول توجه لمشاريع رديئة النوعية ينجم عنها تسريب كثير من كلفها (رشاوى للموظفين العموميين تضاف على قيمة تلك المشاريع) تدفع من قبل المنفذين لهذه المشاريع عديمة الجدوى.

كل هذه الأسباب تدفع المؤسسات الدولية المقرضة لإملاء شروط على الدولة المقترضة تحسباً لتسريب أموال القرض، التي تكون إمكانية سداده أشبه بالحالة المستحيلة في ظل الآليات الفاسدة التي قدمنا لها خصوصاً وأن الحالة تخص (دول عالم الجنوب) التي تتسم دوله بكونها فقيرة بالأساس.

إن القرن المنصرم (القرن العشرين) شهد مع نهاياته حالات أصبحت في ظلها الدول الفقيرة أكثر فقراً نتيجة لعوامل (طبيعية، اقتصادية، أو سياسية) مما جعل الكثير من دول عالم الجنوب تسير بخطاها نحو الهيئات المالية الدولية للحصول على قروض جديدة إضافة إلى القروض السابقة التي أتلفت طبقاً للآليات المشار إليها، مما دعا تلك الهيئات وعلى رأسها صندوق النقد الدولي للمطالبة بشروط قاسية لضمان سداد القروض.

ولهذا برزت الوصفات التي تنادي بالتعديلات الهيكلية والدعوة لخفض الإنفاق الحكومي على الخدمات، ورفع أسعار الفائدة، وفتح الأسواق أمام المستثمرين الأجانب، التي يقع ثقلها الأساس على كاهل المواطنين الذين يعيشون في الكثير من دول عالم الجنوب إما على خط الفقر أو دونه بقليل أو أعلى منه بقدر ذلك، مما يجعل الحياة بالنسبة إلى هؤلاء شبه مستحيلة.

إن هذه المعاناة أدت في الكثير من الأحيان إلى حدوث قلاقل اجتماعية (في البلدان التي سارت على نهج الوصفة القاتلة للإقراض التي سبق التطرق إليها في مواضع سابقة) مما زعزع الاستقرار، وزاد من حجم المعاناة بكثرة.

كل هذا كان نتاجاً لآليات الفساد التي صاحبت هذه الأموال والتي جعلت دولة مثل (أندونيسيا) تسير على نهج الوصفة التي قدمها الصندوق لتعيش حالة تدهور اقتصادها وكثرة مشكلاتها.

إن الصورة الفوتوغرافية التي عرضت على معظم أرجاء المعمورة التي تصور الرئيس الأسبق لأندونيسيا (سوهارتو) وهو يوقع تحت أنظار (ميشيل كامديسو) مدير صندوق النقد الدولي، الاتفاق مع الصندوق لإقراض أندونيسيا مبلغ (ثلاثة وأربعين مليار دولار) لإخراجها من أزمتها، تدل على كيفية الإجبار والخشونة غير المسبوقة التي تعاملت بها إدارة الصندوق مع (سوهارتو) وهو رئيس دولة ذات سيادة فرضت عليها شروط لتطبيق برنامج للإصلاح المالي، اضطرته وهو صاحب السيادة فيها إلى التنازل عن جزء من ماله الشخصي الخاص ما مقداره (خمسة مليارات دولار أميركي) مساهمة منه في ذلك الإصلاح، وكان الأمر بعد هذا الرضوخ لتطبيق تلك القرارات الخارجية (التي تفقد الدولة استقلاليتها السيادية في تشريعاتها واتباع سياسة خاصة بها) أن أطيح (بسوهارتو) وافتضح سر أخطائه المالية وفساده الذي جرَّ البلاد إلى أزمات اقتصادية، ونزعات انفصالية وحركات عصيان تنفجر بين الحين والآخر، وربط البلاد مالياً بقرار خارجي لا يمت للرأي الداخلي بأي صلة مما أضعف استقرار ذلك البلد.

إن مقارنة بسيطة بين الحالة الأندونيسية وحالة جارتها ماليزيا تبين الأثر السيء للتدخل الخارجي على سيادة الدولة حيث رفضت ماليزيا إقامة اتفاق مع صندوق النقد الدولي والانصياع لوصفته للتغلب على أزمتها المالية، فما كان من حكومتها إلا

/ 133