الفصل الرابع: في كيفيته، اي افعاله الواجبة
و هي امور:
الاول: النية
و وجوبها مجمع عليه، و هو-مع ما مر في الوضوء-دليل عليه. و كيفيتها و ما يعتبر فيها و ما لا يعتبر و وجوب استدامتها حكما و المراد
منها يظهر مما سبق (1) . و وقتها-الذي لا يجوز التاخير عنه-عند ضرب اليد على المشهور، و لو (2) ضرب يديه على
الارض لسبب آخر-و لو راجح شرعا-ثم اراد التيمم يجب عليه ضرب آخر مع قصد
التيمم. لا للاخبار الآمرة بضرب الكفين، لانه-مع ان اكثر الاخبار الواردة في ذلك
المضمار انما وردت بلفظ الاخبار الغير المفيد للوجوب-لا نزاع في وجوبه حتى من
المخالف، فانه يقول: انه واجب خارج عن التيمم شرط له، و نقل الاجماع عليه جملة
من الاصحاب (3) ، فاثبات الوجوب لا يفيد في وجوب مقارنة نية التيمم له.و ضم
الاصلية في الوجوب المتوقفة (صحته) (4) على النية باعتبار انها الاصل في الوجوب
ايضا غير مفيد، لان لازمه وجوب مقارنة نية الضرب له دون التيمم، و الظاهر انه لا
كلام فيه، و ان الفاضل-الذي هو المخالف-قال بوجوبه ايضا و لم يكتف بوضع اليد
على الارض لاجل القيام او ضربها لقتل دويبة او نحوه عن ضربة التيمم، و انما
الكلام في نية التيمم و محلها، و لا يفيد في ذلك وجوب الضرب و شرطيته، كما لا
تجب نية الصلاة عند الوضوء. بل لاستصحاب الممنوعية من الصلاة، و النصوص الدالة على ان الضرب داخل في حقيقة
التيمم. ففي صحيحة الكندي: «التيمم ضربة للوجه و ضربة للكفين » (5) . و في صحيحة محمد: عن التيمم، قال: «مرتين مرتين للوجه و اليدين » (6) . و في صحيحة زرارة: قلت: كيف التيمم؟ قال: «هو ضرب واحد للوضوء، و الغسل من الجنابة
تضرب بيديك مرتين ثم تنفضهما نفضة للوجه، و مرة لليدين » (7) .الحديث. و في الرضوي: «و صفة التيمم للوضوء و الجنابة و سائر ابواب الغسل واحد، و هو ان
تضرب بيديك الارض ضربة واحدة تمسح بهما وجهك موضع السجود من مقام الشعر الى
طرف الانف، ثم تضرب بها الاخرى فتمسح بها اليمنى الى حد الزند» (8) الحديث. فان الحمل حقيقة في الاتحاد المستلزم لجزئية اجزاء المحمول للموضوع الموجبة
لوجوبها بايجاب الموضوع، الا ان في دلالة غير الرضوي المنجبر بالشهرة بل
الاجماع المنقول نظرا يظهر وجهه في مسالة عدد الضربات. خلافا للمحكي عن نهاية الاحكام للفاضل، فجعل الضرب خارجا عن التيمم و نزله
منزلة اخذ الماء للمائية، و لذا يجوز تاخير النية الى مسح الجبهة (9) ، بل لاكثر
كتبه، كما صرح به المحقق الثاني في شرح القواعد (10) . لقوله تعالى: «فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا» اي اقصدوا صعيدا، و هذا القصد خارج
عن التيمم قطعا و لم يذكر الا المسح، فلا يكون الضرب داخلا فيه. و لقوله في رواية زرارة: «فليتيمم، يضرب بيده على اللبد و البرذعة و يتيمم » (11) . و يرد الاول: بان عدم التصريح بوجوبه في الآية-سيما مع دلالتها عليه و لو
تبعا-لا ينافي ثبوت وجوبه و جزئيته من غيرها. و الثاني: بان غايته استعمال التيمم في سائر الاجزاء، و هو اعم من الحقيقة، و لا
يعارض الحمل الذي هو حقيقة في الحقيقي. مع ان كونه مستعملا في السائر غير معلوم، لان غاية ما يقتضيه العطف مغايرته
للمعطوف عليه، و يكفي فيها الجزئية و الكلية، كما يقال: توضا و نوى و كبر و صلى. و ايضا يمكن ان يكون المراد بقوله: «يضرب بيده » الضرب لظهور الغبار، فانه
مستحب ايضا.
الثاني: وضع اليدين على ما يتيمم به
و لا نزاع في وجوبه بل هو مجمع عليه، فهو مع ما مر من مثبتات جزئيته يدل عليه.و
انما النزاع في انه هل يكتفى فيه بمجرد الوضع، او يجب الضرب اي ما يسمى ضربا
عرفا و هو ما يكون مع الدفع و الاعتماد، لا مجرد الوضع المشتمل كما في كلام
جماعة من المتاخرين، لانه لا يستلزم صدق الضرب العرفي، و كانهم ارادوا ايضا
ذلك و ان كان كلامهم قاصرا؟ فصرح الشهيد في الذكرى و الدروس (12) ، و المحقق الثاني في شرح القواعد (13) و حاشية
الارشاد بالاول، و هو مختار الاردبيلي، قال: الظاهر انه لا فرق بين الضرب و
الوضع في الاجزاء، لوجودهما في الاخبار و عدم المنافاة بينهما بوجه، فلا يحمل
احدهما على الآخر (14) . و صرح جماعة بالثاني (15) ، بل نسبه جماعة-منهم والدي العلامة رحمه الله- الى المشهور،
و يظهر اشتهاره من الذكرى ايضا (16) . و في كلام كثير منهم اجمال، كالنهاية و المبسوط و الجامع و الشرائع و المعتبر (17) ،
و اكثر كتب الفاضل (18) ، حيث انهم عبروا بالضرب و الوضع معا، فمنهم من عبر
بالضربة و الضربتين في مسالة عدد الضربات بعد التعبير بالوضع في ذكر
الواجبات، و منهم من ذكر الاول في التيمم بدل الوضوء و الثاني في بدل الغسل، و
ظاهر انه لا فرق بينهما، و لذا قال المحقق الثاني: و اختلاف عبارات الاصحاب و
الاخبار في التعبير بالوضع و الضرب يدل على ان المراد بهما واحد (19) . و كيف كان، فاستدل الاولون: باطلاق الآية، و الاخبار البيانية المتضمنة للوضع (20) .
و الآخرون: باصل الاشتغال، و الروايات المشتملة على الضرب (21) ، و بها قيدوا الآية و
اطلاق الوضع، مضافا الى ان اخبار الوضع حكاية للفعل، و نقل وقوع العام لا يستلزم
صحة جميع افراده، اذ الفعل المثبت لا عموم له. اقول: هذا انما يصح على القول بكون الوضع اعم من الضرب، و اما لو قلنا بتباينهما،
فوضع الامام عليه السلام يدل على كفايته، و لا يكون هناك تقييد و اطلاق، بل يجب
اما جعل الوضع مجازا في الضرب، كما هو محتمل، او الامر بالضرب في الاستحباب،
كما هو غاية ما يثبت من الاخبار المتضمنة له، لخلوها عن لفظ دال على الوجوب. نعم، في الرضوي: «اضرب بكفيك » (22) و هو صريح في الوجوب فيه، بعد جبر ضعفه بما مر من
الشهرة المحكية، بل بما مر من الاخبار المصرحة بان التيمم ضرب يمكن تقييد
المطلقات على القول باعمية الوضع، فالقول بتعيين الضرب -عليه-ثابت. و اما على التباين فتتعارض اخبار الطرفين، و الحكم التخيير، كما ذهب
اليه الاردبيلي.بل هو قول كل من قال بكفاية الوضع، لجواز الاكتفاء بالضرب
اجماعا و هو محتمل كل من عبر بالامرين. و اما ترجيح اخبار الضرب بالشهرة، و بكونه لفظ المعصوم و الوضع لفظ الراوي (23) ،
فليس بجيد عندي. الا ان الاحوط العمل بالضرب، لاجماعيته.بل هو الاقوى مطلقا ايضا، اذ لو لم
نقل باعمية[الوضع] (24) كما قاله الاكثر، فالتباين غير ثابت ايضا، سيما في
الضرب اللازم في التيمم المجزي فيه يسير دفع، فلا يعلم معارض مدافع لموجبات
الضرب، فيجب العمل بها قطعا. و يجب ان يكون الضرب بباطن الكفين، كما صرح به في المقنعة و المراسم و السرائر
و المهذب و الذكرى و الدروس و البيان و شرح القواعد للمحقق الثاني و المدارك (25) ،
بل المنتهى و التذكرة، حيث ذكر فيهما في الكيفية انه يمسح ظهر اليسرى ببطن
اليمنى و بالعكس (26) ، بل هو المشهور بين العلماء، بل صرح بعض مشايخنا المحققين انه
وفاقي، و عليه عمل المسلمين في الاعصار و الامصار من دون شك (27) ، و هو كذلك. و هو الحجة فيه، لا التبادر من الكف في الاخبار كما قيل (28) ، لاستعمال الكف
فيها في الاكثر في كل من الماسح و الممسوح مطلقا، و تصريح اللغويين (29) و
الفقهاء بانها اليد.و لا انه المعهود من فعل الحجج، لكونه في حيز المنع. و لو تعذر الباطن اجزا الظاهر، لاطلاق الظواهر، خرج غير المعذور بما مر، فيبقى
الباقي. و استدلال بعض من ادعى تبادر الباطن على اجزاء الظاهر للمعذور فيبقى الباقي. و استدلال بعض من ادعى تبادر الباطن على اجزاء الظاهر للمعذور بحديث «لا يسقط
الميسور» (30) ضعيف. و لو تعذر الباطن من احداهما ففي الاجتزاء بباطن الاخرى، او ضم ظاهر الاولى
اليه، او كفاية الظاهر منهما حينئذ اوجه، اوجهها: احد الاخيرين، للاطلاق
المذكور. و هل يتعين الثاني؟ فيه اشكال، لعدم معلومية الاجماع في هذا المقام. و لو قطع احدى الكفين او بعض احداهما او بعض كل منهما، ضرب بالباقي، للاطلاق
السابق.و لو قطع المجموع منهما، سقط الضرب، للاصل. و ظاهرهم وجوب معية اليدين في الضرب، فلو ضرب احداهما و اتبعهما بالاخرى، لم
يجز، لانه المفهوم من قوله في المعتبرة: «تضرب كفيك » و «ضرب بيديه » (31) و نحو ذلك.
و في فهمه منه تامل. و لنحو قوله: «ضربة للوجه و ضربة للكفين » و في دلالته نظر. مع ان في صحيحة محمد في الضربة الثانية انه يضرب الشمال لليمين و اليمين
للشمال (32) ، و افتى بمضمونها الصدوق في المجالس (33) ، و لذا جعله المحقق الاردبيلي
الاحوط (34) المشعر بعدم الوجوب، و هو كذلك.
مسائل:
الاولى:
الضرب في التيمم مرة مطلقا، وفاقا للاسكافي و العماني (35) ، و المفيد في العزية (36) ،
و السيد في الجمل و شرح الرسالة و ظاهر الناصريات (37) ، و الصدوق في ظاهر المقنع و
الهداية (38) ، و القاضي (39) و الحلبيين (40) ، و المعتبر و الذكرى و المدارك (41) ، و حكته
العامة عن علي (42) ، و هو مختار معظم الثالثة كما في اللوامع. للاصل، و الاطلاقات، و رواية الدعائم: قالوا صلوات الله عليهم: «المتيمم تجزيه ضربة واحدة يمسح بها وجهه و يديه » (43) . و ضعفها منجبر بالعمل و لو في الوضوء خاصة، و يتم المطلوب بما ياتي من الاخبار
المصرحة بتسوية التيمم للوضوء و الغسل (44) . و يؤيده خلو التيممات البيانية عن ضربة اخرى، و تصريح الراوي في بعضها بالوحدة (45) ،
و ان احتمل الاولى كونها بيانا للممسوح و الماسح دون جميع الاجزاء و الشرائط،
و لذا لم يذكر النية و بعض الشروط، او كون ذكر الثانية مهملا من الرواة و لو
كان اماما-كما في بعض روايات حكاية عمار (46) -كاهمال ذكر البداة بالاعلى و
الضربات بالباطن و المسح بالظهر و غيرها. و دعوى ظهور بعضها في كون الملحوظ بيانه اتحاد الضرب و تعدده، او ظهور عدم نقل
التعدد في بيان العبادة في عدم لزومه، ممنوعة جدا.بل لا يبعد دعوى ظهورها في ان
الغرض اما الرد على التمعك او على المسح الى الذراع او كل الوجه او تكرار
المسح، و لذا وقع في بعضها الضرب على الارض و في آخر على البساط، و في البعض
المسح باليد، و في آخر بالاصابع، و في البعض صرح في الممسوح بالظهر، و في الآخر
لم يصرح، الى غير ذلك. و احتمل الثاني كون الوحدة قيدا للمسح.و استبعاده-اذ ليس تعدده محل توهم-مردود
بان كونه كذلك في امثال هذا الزمان بالاجماع و نحوه لا يوجب كونه كذلك في
مبادى ء الامر ايضا، فلعل فيها خفاء فيه. خلافا للمحكي عن المفيد في الاركان (47) ، و والد الصدوق في الرسالة (48) ، و ولده في
المجالس (49) ، فقالوا: انه مرتان مطلقا.و اختاره صاحب المنتقى من المتاخرين،
و نقل انه مذهب جماعة من قدماء الاصحاب (50) ، و نسبه في التبيان و مجمع البيان
الى قوم من اصحابنا (51) . لصحاح الكندي و محمد و زرارة، و الرضوي، المتقدمة في النية (52) ، و رواية ليث: «تضرب
بكفيك على الارض مرتين » (53) . و يضعف الثلاثة الاولى: بعدم الدلالة على الوجوب. اما الاوليان: فلانهما و ان تضمنتا الحمل الذي هو حقيقة في الحقيقي المستلزم
للوجوب، الا انه لكون المحمول فيهما جزءا للتيمم دون نفسه يكون الحمل تجوزا
خارجا عن حقيقته، و معه لا يثبت الوجوب لسعة دائرة المجاز. و اما الثالثة: فلخلوها عن الدال على الوجوب، و به يضعف الخامسة ايضا. و اما الرابعة: ففي نفسها ضعيفة، و عن الجابر في المقام خالية، الا ان يقال
بانجبارها في الغسل بما ياتي، و يتم في الوضوء باخبار التسوية. و يجاب حينئذ بان القول بالضربتين مطلقا محكي عن العامة (54) ، فالرواية الدالة
عليه لهم موافقة، فتطرح (بعد معارضتها مع ما مر من خبر المرة، مع انه لو لا
ترجيحه ايضا لكان المرجع الى الاصل) (55) .و بهذا يجاب ايضا عن سائر الاخبار
لو كانت فيها الدلالة. و للمقنعة و مصباح الشيخ و نهايته و مبسوطه و الفقيه و الديلمي و الحلي و الحلبي و
ابن حمزة (56) ، بل اكثر المتاخرين، بل مطلقا كما قيل (57) ، بل عن الامالي و مجمع
البيان و التهذيب و التبيان: الاجماع عليه (58) .فقالوا بالمرة في بدل الوضوء و
المرتين في بدل الغسل، للجمع بين ادلة المرة و المرتين. و خصوص صحيحة زرارة، المتقدمة (59) ، على جعل الواو فيها للاستئناف المقتضي لجعل ما
بعدها مبتدا و جعل «يضرب » خبرا له. و ما في المنتهى، حيث قال: و روى-يعني الشيخ-في الصحيح، عن محمد ابن مسلم، عن ابي
عبد الله عليه السلام: «ان التيمم من الوضوء مرة واحدة و من الجنابة مرتان » (60) . و ما نقل عن الحلبي و الصيمري انهما قالا: ان بذلك القول روايات (61) . و صحيحة محمد
الآتية (62) . و الاجماعات المنقولة. و يرد الاول: بما مر من عدم تمامية اخبار المرتين، و عدم تعين وجه الجمع في
ذلك على فرض التمامية. و الثاني: باحتمال كون الواو للعطف، و يكون المعنى: التيمم نوع واحد للوضوء و
الغسل، الى آخره، فيكون دليلا للمرتين مطلقا، و بعد الاحتمال لا يتم الاستدلال،
كما لا يتم دليلا للمرتين ايضا لذلك، الا ان يقال: انه تتم دلالتها على
المرتين في الغسل على الاحتمالين، و يعمل في الوضوء بالاصل، فتتم دلالتها على
التفصيل، الا انه لا دلالة فيها على الوجوب اصلا، فلا فائدة في التتميم. و منه يظهر عدم دلالتها على ما نقلها في المعتبر ايضا من ايراد «ضربة واحدة »
مكان «ضرب واحد» (63) و ان لم يستقم عليه الاحتمال الاخير، مع ان الموجود في كتب
الاخبار «ضرب واحد» و كان ما في المعتبر و النافع غفلة (64) ، او نقل بالمعنى مع فهمه
الاحتمال الاول، او سهو من النساخ. و الثالث: بعدم دلالته على الوجوب الا باعتبار الحمل الذي عرفت حاله. مضافا الى ما فيه من الاجمال من جهة عدم ذكر متعلق المرة و المرتين،
فيحتمل ان يكون في المسح، كما صرح بالوحدة فيه في صحيحة زرارة و غيرها (65) ، او
التيمم، او غيرهما. مع ان هذه الرواية لم توجد في شي ء من كتب الحديث، و لم ينقله غير الفاضل في كتب
الاستدلال، و كانه-كما صرح به جماعة (66) -و هم نشا له من عبارة الشيخ (67) . و الرابع: بان صلاحيته فرع ملاحظة تلك الروايات و دلالتها. و الخامس: بعدم الدلالة على التفرقة، كما ياتي. و السادس: بعدم الحجية، مع ان عبارة غير الامالي ليست نصا في دعوى الاجماع (68)
، و الظاهر من الامالي الاجماع على وجوب التيمم (69) ، و لا تعلق له بالمورد، و مع
ذلك-لو سلم-موهون بمصيره هو في كتابيه (70) ، و والده (71) ، و شيخه (72) الى خلافه. هذا كله، مع فساد هذا الجمع، و معارضة ما استدلوا له بموثقة الساباطي: عن
التيمم من الوضوء و من الجنابة و من الحيض للنساء سواء؟ قال: «نعم » (73) . و حمل التسوية على التساوي في الوجوب ردا على بعض العامة القائل بعدم جواز
التيمم للجنب (74) ، او في العدد ردا على بعض آخر منهم يقول بتعدده للجنابة و الحيض (75) ،
خلاف الظاهر المتبادر، بل لا يلائمه لفظة «من » في قوله: «من الوضوء و من الجنابة و
من الحيض » لانها تفيد مسلمية البدلية في الكل، و ان التشكيك في الكيفية. و بقوله في الرضوي المتقدم: «وصفه التيمم للوضوء و الجنابة و سائر ابواب الغسل
واحد» (76) . و للمحكي عن بعض القدماء كما في اللوامع، و عن قوم منا كما في المعتبر (77) ، فاوجب
ثلاث مرات. فان كان مراده ضرب مجموع اليدين ثلاثا، فلا مستند له. و ان كان ضرب مجموعهما مرة للوجه ثم اليسرى لليمنى و بالعكس-كما هو مختار والد
، و عن المجالس كما مر (79) ، و جوز المحقق العمل به و خير بينه و بين الجمع
في الثانية (80) ، و استحسنه بعض المتاخرين (81) -فمستنده صحيحة محمد: عن التيمم،
فضرب بكفيه الارض، ثم مسح بهما وجهه، ثم ضرب بشماله الارض، فمسح بها مرفقه الى
طرف الاصابع، واحدة على ظهرها، و واحدة على بطنها، ثم ضرب بيمينه الارض، ثم صنع
بشماله كما صنع بيمينه، ثم قال: هذا التيمم على ما كان فيه الغسل.و في الوضوء
الوجه و اليدين الى المرفقين.و القى ما كان عليه مسح الراس و القدمين (82) . و يضعف بمعارضته ما مر، مع ندرة العامل بها الموجبة لشذوذها المخرج لها عن
الحجية. مضافا الى عدم دلالتها على الوجوب الا من جهة الحمل الذي هو محمول هنا على
التجوز او التقية قطعا، لتضمنها مسح الظهر من المرفقين. ثم بما ذكرنا ظهر استحباب المرتين مطلقا.
الثانية:
الاظهر اشتراط علوق التراب باليد، وفاقا للمحكي عن السيد (83) ، و الاسكافي (84) ، و
اكثر الثالثة (85) ، و هو مختار شيخنا البهائي و والده طاب ثراهما (86) ، و والدي
العلامة و اكثر مشايخنا و معاصرينا قدس اسرارهم (87) . لا لعموم البدلية و المنزلة، لمنعهما، مع انهما لو سلما ففي الاحكام دون كيفية
الاستعمال.و لا لوجوب القطع بالبراءة، لحصوله من المطلقات.و لا لانه مقتضى كون
التراب طهورا، لمنع الاقتضاء، لكفاية توقف التطهر على الضرب عليه في طهوريته. بل لقوله جل شانه: «فامسحوا بوجوهكم و ايديكم منه » (88) لرجوع الضمير الى الصعيد، و
كون لفظة «من » للتبعيض بحكم التبادر، كما يظهر من قولهم: مسحت راسي من الماء و
من الدهن، و صرح به الزمخشري في تفسير الآية (89) . و جعلها لابتداء الغاية او البدلية بارجاع الضمير الى الماء او الوضوء و الغسل،
او السببية بارجاعه الى الحدث حيث يستفاد من الكلام، او الى عدم وجدان
الماء، بعيد غايته، بل مخالف لظاهر صحيحة زرارة، و فيها: من اين علمت و قلت: ان
المسح ببعض الراس و بعض القدم؟ فضحك ثم قال: «يا زرارة قاله رسول الله صلى الله
عليه و آله، و نزل به الكتاب من الله، لان الله يقول: اغسلوا وجوهكم و ايديكم » الى ان قال: «ثم قال: فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا
فامسحوا بوجوهكم، فلما ان وضع الوضوء عمن لم يجد الماء اثبت بعض (90) الغسل مسحا،
لانه قال: بوجوهكم، ثم وصل بها: و ايديكم منه، اي من ذلك التيمم، لانه علم ان ذلك
اجمع لا يجري على الوجه، لانه يعلق من ذلك الصعيد ببعض الكف و لا يعلق ببعضها» (91) . دل على ان المراد بالتيمم المتيمم به.لا لعدم امكان ارادة المعنى الاصطلاحي
حيث لم يتحقق، و لا اللغوي، لبعده، لان جزء الاصطلاحي قد تحقق، و تسمية الجزء باسم الكل
ممكنة، غايتها التجوز اللازم في ارادة المتيمم به ايضا. بل لانه ظاهر قوله: «لانه علم...» لان الظاهر انه تعليل لقوله: «من ذلك التيمم » اي:
لم اوجب المسح ببعض ذلك؟ لانه علم ان ذلك كله لا يجري على الوجه، لانه يعلق من
ذلك الصعيد المتيمم به ببعض الكف و لا يعلق ببعضها، فلا يكون كله جاريا على
الوجه، و هذا كالنص في كون «من » للتبعيض، و عود الضمير الى الصعيد، فامر بالمسح
ببعضه، و هو لا يكون الا مع العلوق. و جعل قوله: «لانه » تعليلا لقوله: «قال بوجوهكم » الدال على وجوب مسح بعض الوجه بعيد بل
غير مستقيم، لان الصالح للعلية حينئذ عدم جريان الصعيد على كل الوجه لا عدم جريان
كله عليه. مع انه لو صح لكان مفاده ان تبعيض الوجه لاجل انه علم ان الصعيد لا يجري على
الوجه لعلته، و لازمه وجوب اجرائه على جميع موضع المسح، و اذا ضم ذلك مع قوله:
«لانه يعلق ببعض الكف » يتحصل منه وجوب مسح جميع اجزاء الممسوح بجميع اجزاء
الماسح حتى يحصل العلم بمسح كل جزء بما فيه العلوق، و هو متعسر بل متعذر. و قد يقال: ان جعله تعليلا لذلك ايضا كالنص على كون «من » للتبعيض و اشتراط العلوق (92) .
و فيه نظر (93) . و يدل على المطلوب ايضا قوله: «فليمسح من الارض » كما في الصحيح (94) . و يؤيده ما مر من جعله عليه السلام التراب او الارض طهورا في عدة اخبار (95) ،
فان الظاهر منه كون نفس التراب مطهرا، لا مجرد الكف الخالي عنه بمجرد ملاقاته
له. خلافا للمشهور كما قيل (96) ، بل ظاهر المنتهى الاجماع عليه (97) ، فلم يشترط العلوق،
للاصل، و الاجماع على استحباب النفض المنافي للعلوق، و كون الصعيد وجه الارض
الصادق على الحجر الخالي عن الغبار، و كفاية الضربة الواحدة حيث ان الغالب
فيها عدم بقاء الغبار فيها لليدين. و يندفع الاول: بما مر. و الثاني: بمنع المنافاة كما لا ينافي تقليل الماء في المسح للوضوء، و لذا قال و
الثاني: بمنع المنافاة كما لا ينافي تقليل الماء في المسح للوضوء، و لذا قال
باستحبابه من اوجب العلوق ايضا، بل ربما قيل: انه يدل على نقيض المطلوب، لان
النفض فرع العلوق (98) . و الثالث: بالمنع كما مر (99) . و قد يجاب عنه ايضا بان كفاية مطلق وجه الارض لا ينافي اشتراط وجود غبار عليه
بدلالة خارجة (100) .و هو ضعيف (101) . و الرابع: بمنع عدم بقاء شي ء من الغبار بعد مسح الوجه، بل الظاهر بقاؤه، و لو سلم
احتمال رفعه فاستصحابه كاف، و لعل دفع ذلك الاحتمال سر استحباب الضربة
الثانية عند من لا يوجبها، بل احتمل بعضهم وجوبها مع عدم بقاء الغبار و عدمه مع
بقائه (102) . و قد يقال: ان المطلوب اعتبار مطلق العلوق و ذلك لا يوجب الاستمرار (103) . و فيه: ان كل ما يثبت به العلوق يدل عليه في الوجه و اليدين معا. ثم اعتبار العلوق اذا انتقل الى الحجر و الثوب و نحوهما لعذر مشكل، لان الآية
التي هي دليل اعتباره لا يجري في غير التراب، و الاجماع المركب غير ثابت. و الاحوط اعتباره مهما امكن، لقوله في روايات الثوب: «فليتيمم من غباره » (104) .
الثالثة:
يجب رفع الحائل بين الكف و ما يتيمم به، فان معه لا يصدق الضرب بالكف، بل في
التذكرة و شرح القواعد للمحقق الثاني، و اللوامع لوالدي: وجوب نزع الخاتم (105) ، و هو ظاهر من منع عن خلط التراب بمثل الشعر و الشعير مستدلا
بوجوب الاستيعاب (106) . و في وجوبه اشكال، لعدم دليل عليه، و صدق الضرب بالكف عرفا مع وجوده، فالظاهر
عدم البطلان مع بقائه، بل و كذلك ما يشبه الخاتم من الموانع اليسيرة. و عموم بدلية التراب-لو سلم-لا يستلزم عمومها في نحو ذلك ايضا، و اثبات
الاجماع في امثال ذلك مشكل.و الاحوط النزع. و لا يستحب تخليل الاصابع (للاصل) (107) و يستحب تفريجها حين الضرب، لتصريح
الجماعة (108) .
الثالث من واجبات التيمم: مسح الوجه
و وجوب مسح الجبهة منه محل الوفاق بين المسلمين، بل هو ضروري الدين. و في اختصاص محل الوجوب بها، كالقواعد و الدروس و الشرائع و الكفاية (109) .و هو احد
احتمالات كلام المفيد و الحلبي و الناصريات و الانتصار و النهاية و السرائر و
الوسيلة و المنتهى و التذكرة و البيان، حيث جميعا عبروا بمسح الوجه من
القصاص الى طرف الانف (110) ، الا ان في الانتصار الراس بدل الوجه (111) ، و في
الحدائق (112) و اللوامع و غيرهما نسب هذا القول الى المشهور، و لعله لفهم الجبهة من
كلام هؤلاء الاعلام، كما صرح به في المعتبر (113) . او وجوب ضم الجبينين خاصة معها، كالعاملي و المدارك (114) ، و والدي-رحمه الله-في
اللوامع و المعتمد، و بعض سادة مشايخنا في منظومته (115) .و هو الاحتمال الثاني
لكلمات المذكورين، و نسبه الاردبيلي في شرح الارشاد الى المشهور (116) . او مع الحاجبين ايضا، كالصدوق في الفقيه و الهداية (117) ، و الكركي (118) ، و عن ظاهر
الشهيد (119) .و هو الاحتمال الثالث لما ذكر. او مع بقية الوجه، كما عن الصدوق في المجالس و والده طاب ثراهما (120) ، و عن ظاهر
الجعفي (121) . او مخيرا بين البعض و تمام الوجه، كما عن العماني و الاسكافي و المعتبر (122) ،
اقوال: الاول-و هو الحق-للاصل، و عدم الدليل الموجب للزائد. و للثاني: تصريح الاخبار البيانية بمسح جبينه عليه السلام خاصة، كصحيحة زرارة
في حكاية عمار (123) ، و موثقته على نسخة الكافي (124) ، و حسنة ابن ابي المقدام (125) ، و
المروي في السرائر في حكاية عمار ايضا (126) .و لا تنافيها اخبار وجوب مسح الجبهة،
لان الزيادة غير منافية لما لا يشتملها. و شيوع اطلاق لفظ الجبهة على المركب من الجبينين ايضا. و كون التيمم بدلا من الوضوء، و البدل في حكم المبدل منه الا فيما اخرجه الدليل. و لزوم المسح بالكفين-كما صرحت به الاخبار و وقع في كلام الاخيار-و هو يزيد عن
الجبهة المنفردة قطعا. و اخبار الوجه، اما باعتبار الاقتصار فيما علم خروجه منه على المتيقن، او
باعتبار ان المراد منه المجاز قطعا، و الجبهة و الجبينان معا اقرب الى
الحقيقة من الاولى خاصة. و استصحاب الشغل. و يجاب عن الاول: بعدم دلالة في شي ء من تلك الاخبار على الوجوب اصلا، اذ ليس
في شي ء منها الا انه مسح الجبين، و هو لا يدل على الوجوب، سيما مع اشتمال التيمم
على واجبات و مستحبات قطعا، فلا يعلم ان فعله هذا بيان للواجب سيما مع
اشتمال الموثقة و الحسنة على النفض المستحب قطعا. هذا، مع انه لا تعرض في شي ء منها لمسح الجبهة الواجب البتة، و يمتنع تركه في
مقام البيان، فلا بد من كون الجبين مجازا اما في الجبهة من باب
المجاورة او مع الجبين من باب تسمية الكل باسم الجزء، و اذ لا مرجح فيدخله
الاجمال المسقط للاستدلال، مع رجحان الاول من جهة افراد الجبين، و كون
الجبهة واردة في اخبار اخر، و شيوع التعبير عن الجبهة خاصة بالجبين في
المعتبرة، كما في حسنة عبد الله بن المغيرة و موثقة عمار: «لا صلاة[لمن]لا يصيب
انفه ما يصيب جبينه » (127) . و عن الثاني: بان شيوع استعمال الجبهة في المركب-لو سلم-لا يخرجه عن التجوز. و عن الثالث: بمنع اقتضاء البدلية للاتحاد في جميع الاحكام كما ياتي، بل
مقتضاه الاتحاد فيما صار ذلك بدلا عنه و هو الطهورية. و عن الرابع: ان زيادة الكفين عن الجبهة لا تقتضي وجوب الزائد، فان وجوب مسح
موضع بالكفين غير وجوب المسح بمجموعهما، مع انهما زائدان عن الجبهة و
الجبين ايضا. و عن الخامس: بان اخبار الوجه لا تدل على وجوب مسح تمامه كما ياتي، مع ان
الوجه ليس عاما حتى يجري فيه قوله: خرج ما خرج، و الحمل على اقرب المجازات
مطلقا لا دليل عليه. و عن السادس: بانه معارض باستصحاب عدم وجوب الزائد. و للثالث: الرضوي: «و قد روي انه يمسح على جبينيه و حاجبيه و يمسح على ظهر كفيه » (128) و
حكاية وجود رواية فيه (129) ، و وجوب ادخاله من باب المقدمة. و ضعف الاولين ظاهر جدا.
و يضعف الثالث: بان الكلام في الواجب الاصلي، مع ان ادخال جميعهما في المسح
ليس مما لا يتم الواجب الا به. و للرابع: استفاضة النصوص بمسح الوجه الظاهر في كله، كالصحاح الثلاث في حكاية
عمار لزرارة (130) ، و داود (131) ، و الخزاز (132) ، و فيها: «فمسح وجهه » و نحوها في موثقة
سماعة (133) و حسنة الكاهلي (134) و صحيحة محمد (135) ، و في رواية زرارة: «و تمسح وجهك » (136) و مثلها في خبر ليث (137) . و يضعف: بخلو الكل عن الدال على الوجوب.مضافا الى عدم صراحته بل دلالته على
مسح الجميع، لان الوجه و ان كان حقيقة في الكل الا ان مسحه يصدق بمسح بعضه ايضا،
بل هو المتبادر منه، فهو حقيقة في مسح اليد على جزء منه، كضرب الوجه و تقبيله و جرحه
و مسه و غير ذلك. و يؤيده: اتحاد قضية عمار مع اختلاف الاخبار الحاكية لها فيما يمسح من الوجه
و تضمين كثير منها الوجه و الكفين الى الذراعين، مع انه لا قائل باستيعاب
الوجه خاصة، مع ان شيوع التعبير عن الجبهة بالوجه يقرب ارادتها منه. و مع قطع النظر عن الجميع فهي معارضة لصحيحة زرارة، المتقدمة، المفسرة للآية، المصرحة
بوجوب مسح بعض الوجه خاصة (138) ، فيرجع الى الاصل. مع ان ترجيح الصحيحة لازم، لموافقتها الكتاب حيث اتى بلفظة الباء التبعيضية،
بنص الادباء على انها اذا دخلت على المتعدي يبعضه، و مخالفتها العامة، فان
الاستيعاب مذهب الجمهور كافة، كما صرح به الانتصار و المنتهى و التذكرة (139) ،
و معاضدتها بالاجماع على عدم وجوب مسح ما تحت طرف الانف الاعلى، كما في
، و نسبه الصدوق في المجالس الى مشايخه (141) .
قيل: التبعيض لا ينافي الاستيعاب الذي يقولون به، لانه ايضا بعض الوجه دون
تمامه من الاذن الى الاذن (142) . و فيه: ان المصرح به في النص من التبعيض هو تبعيض موضع الغسل من الوجه، و لا
شك انه غير الاستيعاب المذكور، لانه استيعاب محل الغسل، و كذا في الآية بقرينة
مقابلة الوجه في الوضوء. و للخامس: الجمع بين الاخبار.و ضعفه ظاهر.
فروع:
ا: الواجب استيعاب الجبهة، بان يمسح جميعها الواقع عرضا بين الجبينين، و
طولا بين قصاص الشعر الى طرف الانف الاعلى المسمى بالعرنين (143) ، بالاجماع
المحقق و المصرح به في المنتهى (144) . مضافا في الطول الى الرضوي المتقدم في النية (145) ، المنجبر ضعفه بما ذكر. و لا يضر كون «يمسح » جملة خبرية، لانه في مقام بيان حقيقة التيمم. دون الطرف الاسفل كما عن امالي الصدوق (146) ، و لا النتو الواقع في وسط الانف كما
قيل (147) ، للاصل. ب: صرح الجماعة منهم: الصدوق و الشيخان و السيد و الحلي و الحلبي و ابن حمزة و
الفاضلان و الشهيدان و غيرهما بان المسح من القصاص الى طرف الانف (148) . و ظاهره وجوب البداة بالاعلى، و قد صرح به جماعة منهم: نهاية الاحكام و التذكرة
و الدروس و الذكرى (149) ، و نسبه في المنتهى الى ظاهر عبارة المشايخ (150) ، و عن
امالي الصدوق الاجماع عليه (151) ، و نقل بعض مشايخنا المحققين اتفاق الفقهاء و
المسلمين عليه (152) . و يدل عليه: الرضوي المتقدم، المنجبر بما ذكر.و حمل التحديد على الممسوح دون
المسح (153) خلاف الظاهر بل الاصل، لانه يخرج لفظتي «من » و «الى » عن افادة الابتدائية
و الانتهائية اللتين هما حقيقتاهما عند ذكرهما معا، اذ لا ابتداء حينئذ و لا
انتهاء، بل يكونان طرفين للمحدود. و استدل له ايضا: باصل الاشتغال، و تبعية التيممات البيانية حيث ان الظاهر
انه كان بالبداة من الاعلى و الا لنقل، لكونه خلاف المتعارف في الوضوء و المعهود
بين الناس (154) . و يضعف الاول: بما مر مرارا. و الثاني: بمنع البداة بالاعلى فيها اولا، و وجوب النقل لو نكس ممنوع جدا، و كونه
خلاف الوضوء-مع كونه ممنوعا للخلاف فيه ايضا-لا يدل على وجوب النقل، و كونه خلاف
المعهود في الصدر الاول غير مسلم.و منع دلالتها على الوجوب ثانيا، لمنع كون
البداة بيانا، بل اتفاقية و احد افراد المخير. و قد يستدل ايضا: بعموم المنزلة الثابت بقوله عليه السلام: «جعل التراب طهورا
كما جعل الماء طهورا» (155) و نحوه، و عموم البدلية الثابت بفهم العرف. قال بعض مشايخنا المحققين في بيانه: ان اهل العرف اذا سمعوا وجوب التيمم
بالتراب عند فقد الماء يتبادر الى اذهانهم كونه بالكيفية التي عرفوها للمائية
الا ان تثبت المخالفة، فانهم اذا سمعوا اذا فقد الماء فالجمد و الثلج، و اذا
فقد فالتراب، و اذا فقد فالغبار، يفهمون ان الكل بكيفية واحدة، كما اذا علموا
ان الجمد المذاب بمنزلة الماء بعد فقده، و الغبار بمنزلة التراب كذلك. و بالجملة: يتبادر من امثال هذه العبارات اتحاد الكيفية، و لذا صدر من عمار
ما صدر مع انه كان من اهل اللسان، و لذا تراهم لا يحتملون مغايرة كيفية تيمم
الغبار لتيمم التراب، و لا يحتملونها في الثلج و الجمد المذابين مع الماء، و
اذا علموا المخالفة في شي ء يقتصرون عليه (156) . اقول: اما ثبوت عموم المنزلة باخبار التشبيه فممنوع، و لو سلم فلا يفيد في
كيفية الاستعمال. الا ترى انه اذا قال الطبيب: ان في الاهليلج الشفاء كما ان في السقمونيا
الشفاء، لا يفهم منه اتحادهما في كيفية الاستشفاء. و اما فهم العرف عموم البدلية الذي ادعاه فانما هو فيما اذا قال: استعملوا
الماء في الوضوء كذا، و ان لم تجدوه فاستعملوا التراب، او التراب بدله، او
نحو ذلك من العبارات.و اذا قال: استعملوا الماء كذا، او يغسل الوجه و اليدين
بالكيفية المخصوصة من الماء في الوضوء، فان لم تجدوا الماء فتيمموا بالتراب،
او امسحوا بعض وجوهكم به، فلا يفهم ذلك اصلا. انظر الى قول الطبيب للمريض: عالج بطلي جسدك بدهن البنفسج، تدهنه برطل منه قبل اكل
الغذاء، مبتدئا من راسك في الحمام بعد غسل البدن، فان لم تجده فماء الورد، او
اطل بماء الورد، او بدله ماء الورد، او نحو ذلك.فانه يفهم منه قطعا ان ماء الورد
ايضا يطلى برطل منه قبل الغذاء الى آخر ما ذكر، الا ان تثبت المخالفة في موضع
بدليل.بخلاف ما اذا قال: فان لم تجددهن البنفسج فاشرب المسهل، او ضع الدقيق على
راسك، فانه لا يفهم منه المسهل او الدقيق ايضا يلزم ان يكون رطلا بعد الغذاء في
الحمام الى آخر ما مر. و الحاصل: انه فرق بين بين الامر بفعل آلته شي ء و جعل شي ء آخر بدلا عن تلك الآلة في
ذلك الفعل، او جعل فعل آخر آلته شي ء آخر بدلا عن ذلك الفعل.و التيمم من قبيل الثاني
دون الاول، فانه لو كان يقول: اغسلوا وجوهكم و ايديكم في الوضوء بالماء، او
توضؤوا بالماء، فان لم تجدوا الماء فبالتراب، او بدله التراب، لكان يتبادر
منه ما ذكر، و لكن اين مثل ذلك القول و انى؟ و انما قال: اغسلوا وجوهكم و ان لم تجدوا ماء فتيمموا، او فخذوا صعيدا فامسحوا به بعض
وجوهكم، و لا تبادر في مثل ذلك اصلا، و يختلف فهم المعاني من الالفاظ بادنى
تغيير و اختلاف، فيفهم من بدلية الآلة عن الآلة ما لا يفهم من بدلية الفعل عن الفعل. ج: يجب ان يكون مسح الجبهة بباطن الكف، كما صرح به-فيها و في اليدين-في
المقنعة و المراسم و المهذب و السرائر و الذكرى و الدروس (157) . و قال بعض مشايخنا المحققين: انه لم يخالف فيه احد من الاصحاب (158) . و الظاهر انه كذلك، بل الظاهر انه اجماعي، فهو الحجة فيه، مضافا الى انه
لازم وجوب ضرب الباطن و اشتراط العلوق. و يجب ان يكون المسح باليدين، كما هو المشهور، للرضوي المتقدم (159) ، المنجبر بما
ذكر، المعتضد باخبار كثيرة اخر، كموثقتي زرارة و سماعة (160) ، و رواية ليث (161) ، و
صحيحة زرارة (162) ، و غيرها. و في العامي المروي في كتب الفاضل و غيره، عن عمار، عن النبي صلى الله عليه و آله
انه قال: «قد كان يجزيك من ذلك ان تمسح بيديك وجهك » (163) . و في المروي في الدعائم: «المتيمم تجزيه ضربة واحدة، يضرب بيديه على الارض يمسح
بهما وجهه و يديه » (164) . و حملهما على ان يمسح المجموع بالمجموع حتى يكفي في صدقه مسح اليمين بالشمال
ايضا خلاف الظاهر. و لا ينافيه اختصاص الممسوح بالجبهة، اذ لا يجب شمول الكفين باجمعهما دفعة
للممسوح، بل يمكن ان يمسح المجموع ببعض كل منهما او المجموع بالمجموع. خلافا للمحكي عن الاسكافي، فاجتزا بالمسح باليد اليمنى (165) ، لصدق المسح، و دفعه
ظاهر، و القياس على الوضوء، لان القياس مذهبه، و ضعفه بين. و للمحقق الاردبيلي، فنفي وجوبه بالكفين، و استجود جوازه و استحبابه (166) . و احتمل في نهاية الاحكام و التذكرة الجواز ايضا بعد ان جعل الاول في
الثاني الاظهر من عبارات الاصحاب (167) . و لعله لصدق المسح، و عدم دلالة غير الرضوي على الوجوب، و هو و ان دل بالحمل الا انه
ضعيف.و هو كان حسنا لو لا انجباره بالاشتهار. و الظاهر وجوب الدفعة في المسح بهما، فلا يكفي التعقيب، للاجماع المركب. د: قد مر وجوب استيعاب الممسوح.و اما الماسح فلا يجب فيه الاستيعاب بمعنى مسح
محل الوجوب بمجموع الكفين، بل يكفي المسح بجزء كل من اليدين بحيث يمده على
الممسوح و يستوعبه بالمسح بهما، وفاقا لبعضهم كما نقله والدي رحمه الله، و هو
مختار شرح القواعد و المدارك و الذخيرة و الحدائق (168) ، للاصل. و ظهور الايدي و الكفين في المجموع غير مفيد، كما مر وجهه في الوجه. و يدل عليه ايضا ما في صحيحة زرارة من ان النبي صلى الله عليه و آله مسح جبينه
باصابعه (169) . و خلافا لصريح بعض مشايخنا (170) و والدي قدس سرهما، فاوجبا الاستيعاب بهذا المعنى،
لما مر بجوابه.و اما بمعنى مسح كل جزء من الممسوح بكل جزء من الماسح فمنفي قطعا، و
الظاهر انه اجماعي. ه: يجب مد اليدين على الجبهة ليتحقق المسح، فلا يكفي الوضع.
الرابع: مسح ظاهر الكفين من الزند الى رؤوس الاصابع
و وجوب مسحهما بالقدر المذكور و اختصاصه به هو المشهور، كما في التذكرة و
المنتهى (171) و غيرهما، بل في الناصريات و شرح القواعد و عن الغنية: اجماعهم على
الحكمين (172) . و يدل على الاول: الرضوي المتقدم المنجبر بالشهرتين (173) ، و الاجماع المنقول، و
ما في المنتهى من نسبته، الى مولانا علي (174) ، فهو ايضا رواية مرسلة منجبرة. و الاحتجاج بالنصوص المتكثرة المصرحة بمسح الكفين بواسطة تبادر المجموع من
الكف غير جيد، لمثل ما مر في الوجه (175) ، مع ان اكثرها خال عن الدال على الوجوب. و منه يظهر ضعف الاحتجاج بقوله عليه السلام في صحيحة الخزاز و داود ابن النعمان:
«مسح فوق الكف قليلا» (176) . و على الثاني-مضافا الى الرضوي-: النصوص المذكورة، حيث انه لو وجب الزائد لاتي
به في التيممات البيانية، و لو اتي به، لنقله الراوي قطعا. و الصحيحتان المذكورتان، فان مسح فوق الكف قليلا صريح في عدم استيعابه
الذراع، فلا يكون واجبا البتة، و لا هذا القليل، لعدم قوله بوجوبه اصالة، نعم هو
واجب من باب المقدمة، و هو السبب في مسحه عليه السلام اياه. و صحيحة زرارة: «ثم مسح وجهه و كفيه و لم يمسح الذراعين بشي ء» (177) و هو نص في
المطلوب. و بتلك الادلة تقيد مطلقات مسح اليد على القول باطلاقها، او تبين مجملات
مسحها على اجمالها، مع انه-كما مر-يكفي في صدق مسح اليد مسح جزء منه. خلافا في الاول للمحكي في السرائر عن بعض الاصحاب، فاكتفى بالمسح من اصول
الاصابع الى رؤوسها (178) . و لعله لما في فقه الرضا عليه السلام من قوله: «و روي من اصول الاصابع » و قوله: «و
روي: اذا اردت التيمم-الى ان قال: -ثم تضع اصابعك اليسرى على اصابعك اليمنى
من اصول الاصابع من فوق الكف، ثم تمرها على مقدمها على ظهر الكف، ثم تضع
اصابعك اليمنى على اليسرى فتصنع بيدك اليمنى ما صنعت بيدك اليسرى مرة واحدة، فهذا
هو التيمم » (179) . و مرسلة حماد: عن التيمم، فتلا هذه الآية: «السارق و السارقة فاقطعوا ايديهما» و
قال: «فاغسلوا وجوهكم و ايديكم الى المرافق » قال: «فامسح على كفيك من حيث موضع
القطع » (180) . و يضعف الكل بالضعف: اما الاولان: فظاهران، و اما الثالثة: فلشذوذها، و
مخالفتها عمل المعظم. مضافا الى انه يمكن ان يكون المراد في الثاني: تضع اصل اصابعك اليسرى على
اصل اصابعك اليمنى، فتكون رؤوس اصابع اليسرى اما على رؤوس اصابع اليمنى او
على الزند، و على التقديرين يحصل بالمد المسح على الطريق المشهور، او يكون المراد
باصول الاصابع ما يتصل بالزند كما هو ظاهر قوله: «من فوق الكف » فبالمد يحصل
المسح المشهور. و ان يكون المراد بموضع القطع في الثالث موضعه عند العامة بحمل اللام على العهد
الخارجي، فيكون جريا على طريقة الجدل (مع العامة) (181) . و في الثاني للمحكي عن الصدوق في اماليه و والده، فاوجبا المسح من المرفقين
الى رؤوس الاصابع (182) -و هو المنقول عن ابي حنيفة و الشافعي (183) - لصحيحة محمد، و موثقة
سماعة، و رواية ليث (184) . و يضعف: بما مر من الشذوذ، مع انه لا دلالة فيها على الوجوب بوجه، و على فرض
الدلالة تكون معارضة لما مر.فاما يجمع بينهما بحمل الزائد على الندب، او يرجح ما مر،
لمخالفة العامة-كما صرح به غير واحد-و موافقة الكتاب حيث ان الظاهر منه-كما صرح
به في الصحيحة المفسرة (185) -ان المسح ايضا ببعض الايدي المغسولة في الوضوء، او
يتساقطان، فيرجع الى الاصل. و هل يجوز التجاوز عن الزند و الاستيعاب الى المرفقين كما عن المعتبر (186) ،
او يستحب كما احتمله في المنتهى (187) ؟ الظاهر فيهما: العدم، لاصالة عدم
المشروعية. و ليس في الروايتين الاوليين الا الاخبار عن مسحه، و هو يحتمل التقية. و اما الرواية الاخيرة فورد فيها بلفظ الاخبار المحتمل لمطلق الرجحان و
الاستحباب و الوجوب، فعلى الاخير يجب حملها على التقية، و لعدم تعين الاولين
لا يثبت منهما حكم.
فروع:
ا: المعروف من مذهب الاصحاب كما في اللوامع، بل اتفقوا عليه كما هو ظاهر شرح
القواعد (188) : وجوب البداة بالزند. و يدل عليه قوله في احد الرضويين المتقدمين: «ثم تمرها على مقدمها» (189) . و ضعفه منجبر، و لا يضر قوله في الآخر «الى حد الزند» (190) لضعفه الموجب للاقتصار في
العمل به على موضع الانجبار. ب: يجب ان يكون الماسح بطن الكف، لما مر في الوجه.و الممسوح ظاهرها، لظاهر
الاجماع، و به تقيد الاطلاقات. و تؤيده ايضا: حسنة الكاهلي: «ثم مسح كفيه احداهما على ظهر الاخرى » (191) و الرضوي
المتقدم في الوجه (192) ، و المروي في السرائر في حكاية عمار، و فيه: «ثم مسح بكفيه كل
واحدة على ظهر الاخرى » (193) . و لو تعذر الباطن من الاول و الظاهر من الثاني اجزا الآخر، لعموم الآية و
الاخبار، فيقتصر في التخصيص المخالف للاصل بالمتيقن. ج: يجب تقديم اليمنى على اليسرى، بالاجماع المحقق و المحكي في التذكرة و شرح
القواعد (194) ، و غيرهما (195) . و يدل عليه الرضويان المتقدمان (196) (المنجبران) (197) المؤيدان بصحيحة ابن مسلم،
المتقدمة في مسالة عدد الضربات (198) . د: الظاهر الاجماع على وجوب استيعاب الممسوح، و عليه الاجماع في المنتهى (199) و
اللوامع، و في الحدائق: بلا خلاف يعرف (200) ، و هو الحجة فيه دون ظواهر الاخبار،
لعدم الدلالة. و القدر الثابت الاستيعاب العرفي، فلا يضر خروج ما بين الاصابع، و لا ما تحت
الاظفار و لو طولت، بل و لا تحت مثل الخاتم، لعدم ثبوت الاجماع في هذا القدر. و منه يظهر عدم وجوب مسح الاصبع الزائدة و لو لم تتميز من الاصلية، و مسحها
احوط. و اما اليد الزائدة فمع تميزها لا يجب مسحها و ان كانت تحت الزند، للاصل، و عدم
دليل على وجوب مسح الزائد على اليدين.و يجب مسح الاصلية اجماعا، و للشك في كون
الاخرى يدا فيستصحب الاشتغال. و مع عدم التميز يجب مسحهما، تحصيلا للعلم بالامتثال. و يحتمل التخيير، لعدم وجوب مسح الزائد على اليدين، و صدق اليد على كل منهما، و عدم
اختصاص الوجوب بواحدة معينة مجملة. ه: لو قطع بعض مواضع المسح مسح الباقي، لان وجوب الاستيعاب مع امكانه، فبدونه
يعمل بالمطلقات. و لو لم يبق شي ء اصلا، سقط مسحه و اكتفى بمسح سائر الاعضاء، لاستصحاب وجوبه، و
اصالة عدم الربط حينئذ. و لو قطع من الزند فلا يجب ما كان واجبا من باب المقدمة.و لو قطعت احدى يديه، مسح
ظهر الاخرى بالارض.
الخامس: الترتيب:
بان يضرب، ثم مسح الوجه ثم اليمنى ثم اليسرى، بالاجماع المحقق و المصرح به في
المنتهى و التذكرة (201) و اللوامع، و عن امالي الصدوق انه من دين الامامية (202) ، و
هو الحجة فيه. مضافا الى الاجماع المركب بين الترتيب هناك و بينه في المائية كما صرح به
السيد (203) ، و الرضويين المتقدمين (204) المنجبرين، المتضمن احدهما للفظة الفاء و
الآخر للفظة «ثم » الدالتين على التعقيب. و يؤيده: اشتمال البيانيات على ذلك الترتيب (205) ، لتضمن اخبارها الحاكية
لها الفاء او ثم، اما بين الضرب و المسح كبعضها، او بينه و بين الوجه و
اليدين ايضا كآخر، او بينها و بين اليدين ايضا كثالث. و جعل تلك الاخبار دليلا-كجماعة (206) -غير جيد و ان اشتمل بعضها على الحمل بقوله:
«هذا التيمم » اذ لا دلالة في نقل الترتيب على الوجوب، لاحتمال كونه احد فردي
المخير، فانه لا مفر من نوع ترتيب و لا يمكن الجمع، فلا يعلم كونه جزءا من
البيان. و قد يستدل ايضا: بالآية، بضميمة ما ورد في اخبار الوضوء و السعي من قولهم: «ابدا
بما بدا الله سبحانه » (207) و باصل الاشتغال، و قاعدة البدلية و المنزلة. و يضعف غير الاول بما مر مرارا.و هو بمنع عموم تلك الاخبار بحيث يشمل جميع
المواضع، و لفظة «ما» يحتمل الموصوفية و هي للعموم غير مفيدة.
السادس: المباشرة بنفسه
و وجوبها مجمع الموصوفية و هي للعموم غير مفيدة. السادس: المباشرة بنفسه، و وجوبها مجمع عليه، و هو الحجة فيه، مضافا الى انه
الاصل في خطاب شخص خصوصا او عموما. و لو تعذرت، استناب، عند علمائنا كما في المدارك (208) . و تدل عليه: مرسلة ابن ابي عمير: «يؤمم المجدور و الكسير اذا اصابتهما الجنابة » (209) .
و مرسلة الفقيه: «المجدور و الكسير يؤممان و لا يغسلان » (210) . و رواية ابن سكين (211) و غيره: ان فلانا اصابته جنابة و هو مجدور فغسلوه فمات،
فقال عليه السلام: «قتلوه، الا سالوا؟ ! الا يمموه؟ ! » (212) الحديث. فيضرب النائب يد العليل و يمسحها، فان لم يمكن ضرب يده يضرب يده، لوجوب الاستنابة
في جميع الافعال. و لو تعذرت مباشرة الضرب فقط و لكن امكن مسح ظاهر الكفين و الوجه بالتراب،
فالظاهر وجوبه، لاطلاق الآية.و كذا من قطعت يداه فيمسح وجهه بالارض.
السابع: الموالاة
و هي ايضا اجماعية على ما به صرح في المنتهى (213) ، و في المدارك: انه قد قطع الاصحاب
باعتبارها (214) . و هو الحجة في المقام لو ثبت خاصة، لا عموم البدلية و المنزلة، لما عرفت، مع
انهما لا ينتهضان حجتين في التيمم بدل الغسل، و التعدي بعدم الفصل ليس اولى من
العكس.بل في بدل الوضوء ايضا، لان الموالاة المعتبرة فيه لا تجري هنا، مع انه
احتمل في نهاية الاحكام عدم وجوبها في بدل الغسل (215) . و لا التيممات البيانية حيث توبع فيه، لمنعه، و عدم دلالته لو ثبت. و لا يفيد الحمل في بعض الاخبار، لعدم معلومية كون التتابع-لو كان-في روايات
الحمل من جزء المحمول. و لا انها مقتضى اختصاص التيمم بآخر الوقت، لما ياتي من ان المراد بالآخر
الآخر العرفي الذي لا ينافيه بقاء شي ء من الوقت بعده (216) ، الا ان تحمل الموالاة ايضا
على نحو من ذلك. و لا الآية، كما استدل بها تارة باعتبار الامر بالتيمم بعد ارادة الصلاة
فورا، اما لاجل دلالة الامر على الفور، او لافادة الفاء للتعقيب بلا مهملة، و
مقتضاه الاتيان بجميع افعال التيمم متتابعة بلا فصل لتحقق الفورية و التعقيب.
و اخرى باعتبار الامر بمسح الوجه بعد قصد الصعيد و الضرب عليه بلا فاصلة، لاحد
الوجهين، و يتم في باقي الاعضاء بعدم الفصل. لما يرد على الوجه الاول للاعتبار الاول: من منع كون الامر للفور. و على الثاني: ان الفاء التعقيبية انما هي العاطفة دون الجزائية. و على الوجهين: عدم وجوب التيمم بعد الارادة فورا بالاجماع، مع انهما انما
يفيدان لو كان التيمم في الآية بالمعنى الشرعي و هو ممنوع، بل قوله: صعيدا، يعين
اللغوي. و على الوجه الاول للثاني ايضا: ما مر. و على الثاني: انه انما يفيد لو كان المراد بالتيمم هو الضرب على الصعيد دون
ما اذا اريد به المعنى اللغوي الذي هو القصد، لعدم وجوب الضرب و لا المسح بعد القصد
بلا فصل اجماعا، فتكون الفاء منسلخة عن معنى التعقيب قطعا. و دون ما اذا اريد به الشرعي، لان الفاء تكون حينئذ تفصيلية، و لا افادة للتعقيب
لها اصلا. ثم لو اخل بالموالاة فهل ترك الواجب فقط، او يبطل التيمم ايضا؟ ظاهر المدارك:
التردد (217) . و الحق الثاني، اذ يكون المسح المامور به حينئذ ما كان عقيب الضرب بلا تراخ،
فلا يكون غيره مامورا به، كالواجب الموقت. ثم اذا عرفت انه لا دليل على اعتبارها سوى الاجماع، فالواجب الحكم بما
ثبت فيه، فلا يضر الفصل القليل.