الفصل الثاني: في المغسول
و فيه مسائل:
المسالة الاولى:
وجوب تغسيل كل مسلم ان كان معتقدا للحق ضروري و اما المخالف فان لم يكن محكوما
بكفره فالحق-كما صرح به في القواعد و التحرير (1) ، و الارشاد (2) ، و اللوامع، مدعيا
عليه في الاخير و في غيره الشهرة- وجوب تغسيله، و كان نظره الى انه مراد من جوزه
بازاء من حرمه كما صرح بذلك بعض المشايخ (3) . للعمومات مثل: «غسل الميت واجب على الحي » (4) . و مضمرة ابي خالد: «اغسل كل شي ء من الموتى الغريق و اكيل السبع و كل شي ء، الا ما قتل
بين الصفين، فان كان به رمق غسل و الا فلا» (5) . مع كراهيته للمؤمن، كما في القواعد و المنتهى و الشرائع و عن المبسوط و النهاية
و الجامع (6) ، و نسبها الكركي الى المشهور بين الاصحاب عند[عدم] (7) التعين. و لا باس بها، للشهرة. و هي هنا بمعنى المرجوحية بالاضافة الى ارتكاب المخالف له، كما كانت الاولوية
في الولي بمعنى الراجحية بالاضافة الى ارتكاب غيره، كما اذا طلب سلطان من واحد
من جماعة حاضرين لديه احضار سوقي كان حضوره لازما البتة، فارتكاب الوزير
بنفسه له مرجوح بالاضافة الى العبيد، لا بمعنى اقلية الثواب، اذ لا معنى محصل له هنا،
و لا بالمعنى المصطلح في غير العبادات، لمنافاته الوجوب، بل مطلق الرجحان. خلافا للمقنعة و المحكي عن المراسم (8) ، و المهذب و السرائر (9) ، و بعض الثالثة (10) ،
فحرموه، اما لكفره، و هو ممنوع، او لكونه عبادة فيحرم بدون التوقيف و لا توقيف، و
قد عرفت ثبوته، و دعوى عدم انصراف الاطلاقات الى مثله غريبة، او لان تغسيل
الميت لاحترامه و لا احترام له، و انحصار العلة فيه، مع انه صرح في الاخبار
بغيره. و لمن نفى وجوبه كالمدارك و الكفاية و الذخيرة (11) ، و هو بين احتمال الحرمة لاحد
الوجهين، و قد عرفت ضعفها، و الاستحباب لعموم مرغبات الغسل دون موجباته التي
تصلح للحجية، و ضعفه ظاهر، و الاباحة لفقد العموم و الاصل، فان اراد ما امر به
الشارع، و رتب عليه الطهارة، و عدم وجوب الغسل بالمس، فلا يستباح بالاصل، و
ان اراد صورة الغسل فهي غير محل النزاع. و لبعض الاجلة (12) فحرمه مع قصد الكرامة له، او للنحلة، و جوزه بقصد اكرام اظهار
الشهادة او من غير ارادة الكرامة، و هو خروج عن المسالة. ثم المشهور-بل في شرح القواعد انه لا نعرف من احد تصريحا بخلافه (13) - انه يغسل
غسلهم، لقولهم: «الزموهم بما الزموا به انفسهم » (14) . و في دلالته نظر، و الاولى بالنظر ما قالوا من انه يغسل غسلنا لو لم نعرف كيفية
غسلهم. و الاظهر تغسيله كغسلنا مطلقا، الا انه اذا غسله المخالف كغسلهم يسقط عنا،
لظاهر الاجماع، و الخبر المذكور. و ان كان كافرا فلا يجوز غسله و لا كفنه و لا دفنه و لا الصلاة عليه، باجماعنا
المحقق، و المحكي (15) متواترا، و هو الحجة في جميع اقسامه، من الذمي و الحربي، و
الغلاة، و الخوارج، و النواصب. مضافا في الاول باصنافه-بضميمة الاجماع المركب-الى موثقة الساباطي: في النصراني يكون في السفر و هو مع المسلمين فيموت، قال: «لا يغسله مسلم و لا
كرامة، و لا يدفنه، و لا يقوم على قبره و ان كان اباه » (16) . و فيه و في الثاني و الثالث الى المنقول في المعتبر عن شرح الرسالة للسيد،
-المنجبر ضعفه بما مر-: روي عن ابي عبد الله عليه السلام: «النهي عن تغسيل المسلم
قرابته الذمي و المشرك، و ان يكفنه و يصلي عليه » (17) . و في الاخيرين الى المروي في الاحتجاج من قول مولانا الحسين عليه السلام
لمعاوية: «لو قتلنا شيعتك ما كفناهم و لا غسلناهم و لا صلينا عليهم و لا دفناهم » (18) . و كذا من صار كافرا بانكار الضروري، لظاهر الاجماع. فرع: لو وجد ميت و لم يعلم هل هو مسلم ام كافر.فان كان في دار الاسلام غسل و
كفن و صلي عليه، للعمومات. و ان كان في دار الكفر فهو بحكم الكافر و لو كان فيه علامة المسلم، اذ لا علامة
الا و يشارك فيه كافر، كذا قيل (19) .و مقتضى العمومات هنا ايضا التغسيل. و لو اشتبه موتى المسلمين بالكفار في غير الشهداء يغسل الجميع، لوجوب مقدمة
الواجب، اذ لا تعارضه حرمة سبب الحرام، لدخول كل فرد في العمومات، فتامل.
الثانية:
يجب تغسيل اطفال المسلمين و مجانينهم، بالاجماع، و العمومات، و ما تقدم في
تغسيل الصبي و الصبية، و فحوى اخبار السقط، الآتية. و كذا السقط منهم اذا استكمل اربعة اشهر، فيغسل وجوبا بلا خلاف يعرف من غير
العامة، كما صرح به بعض الخاصة (20) ، و نسبه في المنتهى الى اكثر اهل العلم (21) . و لخبر زرارة: «السقط اذا تم به اربعة اشهر غسل » (22) و نحوها مرفوعة احمد (23) . و الرضوي-المنجبر بما مر-: «اذا اسقطت المراة و كان السقط تاما غسل و حنط و
كفن و دفن، و ان لم يكن تاما فلا يغسل و يدفن بدنه، و حد اتمامه اذا اتى عليه
اربعة اشهر» (24) . و هو و ان لم يثبت زيادة من الرجحان الا انه يثبت الوجوب بالاجماع المركب.
و بموثقتي سماعة ايضا: عن السقط اذا استوى خلقته يجب عليه الغسل و اللحد و
الكفن؟ فقال: «كل ذلك يجب عليه » (25) . و استواء الخلقة انما هو بتمام اربعة اشهر، لا لما قيل (26) من الاخبار الدالة على
بعث الملكين الخلاقين بعد تمام اربعة اشهر (27) ، لعدم دلالتها على تمام الخلقة في
الاربعة اصلا، بل للرضوي المنجبر المتقدم. و لكن يعارضه مفهوم مرفوعة احمد، و رواية زرارة. الاولى: «اذا تم له ستة اشهر فهو تام، و ذلك ان الحسين بن علي-عليهما
السلام-ولد و هو ابن ستة اشهر» (28) . و كذا الثانية (29) ، غير ان فيها بدل «اذا تم له ستة اشهر» : «اذا سقط لستة اشهر» . و الاصل معهما، الا ان الظاهر ان التمامية تكون في امور في الخلقة و الحياة و
النمو و غيرها، فبالاربعة اشهر تتم الخلقة و بالستة الحياة، و يشعر به التعليل
بتولد الحسين حيث بقي، و يتم بعض مراتبها بالبلوغ، و بعضها ببدو سن الوقوف، و
هكذا، فلا يعلم التعارض، و يتعين العمل بالرضوي.و به و بسائر ما مر يقيد اطلاق خبر
ابن الفضيل: عن السقط كيف اصنع به؟ فكتب: «السقط يدفن بدمه في موضعه » (30) . ثم المستفاد من الرضوي و الموثقتين وجوب التكفين و التدفين، كما عن
المبسوط، و المقنعة، و النهاية، و المراسم، و الجامع (31) ، و المنتهى، و التبصرة، و
الارشاد، و التذكرة، و التلخيص، و نهاية الاحكام (32) . و عن ظاهر الشرائع، و التحرير، اللف في خرقة حملا للتكفين عليه (33) . و هو مشكل، بل ضعيف، لبيان التكفين في الاخبار بانه كذا و كذا، مع ان عمومات
التكفين تشمل المقام ايضا. بل مقتضى الرضوي وجوب التحنيط، كما عن ظاهر الارشاد و التلخيص، و لكن ضعفه الخالي
عن الجابر المعلوم يمنع عن اثباته الا ان يثبت بعموم ادلة تحنيط الاموات.و
الاحوط عدم تركه. و لو لم يستكمل الاربعة لم يغسل اجماعا، و عن المعتبر: انه مذهب العلماء خلا
ابن سيرين (34) ، و في المنتهى: بغير خلاف (35) ، للاصل، و الرضوي، و خبر ابن الفضيل، و
مفهوم الموثقتين.بل يدفن بدمه كما في الاولين، و ظاهرهما عدم الامر بشي ء آخر.
و لكن في المعتبر، و الشرائع، و النافع، و المنتهى (36) ، و عن المفيد، و الديلمي، و
القاضي (37) ، و الكيدري، بل في اللوامع انه ظاهر الاكثر، بل ظاهر المعتبر (38) انه مذهب
اهل العلم: انه يلف في خرقة و يدفن.و لا شك انه اولى، لفتوى هؤلاء الاجلاء، بل هو احوط.
و الجنين الميت في بطن الميت لا يغسل، للاصل، بل هو كجزء اصله يكفي غسلها عن غسله.
و لو خرج او اخرج بعد الموت عن الحي او الميت يغسل، لعمومات غسل السقط او
الميت، سواء اخرج منقطعا او متصلا. و لو ماتت حامل و خرج بعض قطع الجنين الميت منه ففي تغسيل الخارج نظر، و العدم
اظهر. و كذا لو خرج بعضه و بقي البعض متصلا من غير تقطع سواء امكن اخراج التمام او
لا، و ان كان الاخراج و التغسيل مع الامكان احوط، بل اظهر.
الثالثة:
لا خلاف بين الاصحاب كما صرح به جماعة، و في المعتبر (39) : انه اجماع اهل العلم
خلا شاذ من العامة (40) ، و في المنتهى: ذهب اليه علماؤنا اجمع و لا خلاف فيه بين
علماء الامصار الا الحسن البصري و سعيد بن المسيب (41) ، بل عليه اجماع المسلمين
في اللوامع: ان الشهيد الميت في معركة القتال لا يغسل و لا يكفن، بل يصلى عليه و
يدفن، و استفاضت به النصوص: كحسنة زرارة و ابن جابر: كيف رايت؟ الشهيد يدفن بدمائه؟ قال: «نعم في ثيابه
بدمائه، و لا يحنط و لا يغسل و يدفن[كما هو]» (42) . و صحيحة ابي مريم على طريق الفقيه: «الشهيد اذا كان به رمق غسل و كفن و حنط و صلي
عليه، و ان لم يكن به رمق دفن في ثيابه » (43) . و صحيحة ابن تغلب: عن الذي يقتل في سبيل الله ا يغسل و يكفن و يحنط؟ قال: «يدفن كما هو في ثيابه بدمه الا ان يكون به رمق ثم مات، فانه يغسل و يكفن و
يحنط و يصلى عليه » (44) . و حسنته: «الذي يقتل في سبيل الله يدفن في ثيابه و لا يغسل، الا ان يدركه المسلمون
و به رمق ثم يموت بعد، فانه يغسل و يكفن و يحنط » (45) . و مضمرة ابي خالد، المتقدمة في المسالة الاولى (46) . و الرضوي: «و ان كان الميت قتيل المعركة في طاعة الله لم يغسل، و دفن في ثيابه
التي قتل فيها بدمائه، و لا ينزع منه من ثيابه شي ء الا انه لا يترك عليه شي ء معقود، مثل
الخف، و تحل تكته، و مثل المنطقة و الفروة، و ان اصابه شي ء من دم لم ينزع عنه شي ء الا
انه يحل المعقود، و لم يغسل الا ان يكون به رمق ثم يموت بعد ذلك، فاذا مات بعد
ذلك غسل كما يغسل الميت، و كفن كما يكفن الميت، و لا يترك عليه شي ء من ثيابه » (47) . انما الخلاف في تعيين الشهيد الذي ذلك حكمه انه هل هو المقتول بين يدي المعصوم
خاصة؟ كما في الشرائع، و القواعد، و عن المقنعة، و المراسم (48) . او مع نائبه الخاص ايضا؟ كما عن المبسوط، و النهاية، و المهذب، و الوسيلة، و
السرائر، و الجامع، و المنتهى (49) ، و في اللوامع نسبه الى الاكثر، و مال اليه
جمع ممن تاخر (50) . او في كل جهاد مامور به و لو حال الغيبة؟ كما عن المعتبر، و الغنية، و الاشارة (51) ،
و ظاهر الكافي (52) ، و الذكرى، و المدارك (53) ، و صريح الكركي (54) ، و والدي العلامة-رحمه
الله-و محتمل نهاية الاحكام، و التذكرة (55) . الحق هو الثاني، فلا يغسل المقتول بين يدي الامام او نائبه الخاص، و يغسل غيره.
اما الاول: فللرضوي المنجبر ضعفه بالشهرة، المؤيد بسائر الاخبار. و اما الثاني فللعمومات الخالية عن المخصص المعلوم، اذ ليس الا روايات
السقوط عن الشهيد و المقتول في سبيل الله، و في طاعة الله، و ما قتل بين الصفين. و ثبوت الحقيقة الشرعية للاولين في غير من ذكرنا لنا غير معلوم، و استعمالهما
فيه في الاخبار لا يفيده، لانه اعم من الحقيقة، كارادة كل قربة من الثاني في آية
الصدقات (56) ، و تبادره منه في العرف المتاخر لا يثبته، لاصالة التاخر. و ضعف المتضمن للثالث، الخالي عن الجابر في غير من ذكر-حيث صرح بعضهم (57)
بمخالفة التعدي اليه للشهرة العظيمة-يمنع من التخصيص به. و عدم ثبوت افادة لفظة «ما» الموصولة الواردة في الرابع (58) للعموم، يضعف شموله
له. و الاولون احتجوا للسقوط: بالاجماع، و لعدمه بالعمومات مع ضعف الرضوي.و قد عرفت
دفعه. و الآخرون استدلوا للسقوط: بصدق سبيل الله.و قد مر جوابه. و اذا عرفت عدم ثبوت السقوط في غير الحاضر عند الحجة او نائبه الخاص تعلم انه
لا تترتب فائدة في بحثنا عن سائر متعلقات تلك المسالة و فروعها.
الرابعة:
اذا وجد بعض الميت، فان كان قطعة فيه عظم، يجب تغسيله سواء كانت مما فيه
الصدر و القلب او الصدر وحده او غيره، على المشهور، بل في المنتهى: بغير خلاف بين
علمائنا (59) ، و عن الخلاف الاجماع عليه (60) . لا لعدم سقوط الميسور بالمعسور، لعدم دلالته كما هو في محله مذكور. و لا للصحيح الآتي الآمر بتغسيل عظام الميت و تكفينها و الصلاة عليها، لظهوره في
مجموع العظام، مع اشتماله على ما لم يقل به احد لو عممت بحيث تشمل الابعاض ايضا.
و لا-في الصدر او ما يشمله-للاخبار الدالة على وجوب الصلاة عليه (61) بضميمة
استلزامه لباقي الاحكام، لمنع الاستلزام، كما صرح به بعض الاعلام (62) ، و تخلف في
الشهيد. بل-مع الاستصحاب في المبان من الميت-لمضمرة ابي خالد، المتقدمة (63) ، دلت على وجوب
الغسل في اكيل السبع اي ما بقي منه، و هو عام لكل اكيل حتى اللحم، خرج منه ما خرج
بالدليل، فيبقى الباقي. و لو جعلت لفظة: «من » في قوله: «من الموتى » تبعيضية لا بيانية لكانت دلالته اوضح و
اظهر، و ان كانت على البيانية ايضا ظاهرة، سيما بملاحظة مرسلة ايوب بن نوح،
المتقدمة (64) في غسل المس، المصرحة بصدق الميتة على القطعة، و الرضوي المنجبر ضعفه بما
مر: «و ان كان الميت اكله السبع فاغسل ما بقي منه، و ان لم يبق منه الا عظام
جمعتها و غسلتها و صليت عليها و دفنتها» (65) . و يستفاد من الاخير بل الاولى وجوب تغسيل جميع العظام ايضا لو وجدت و ان
كانت خالية عن اللحم، كما عن الصدوقين في الرسالة (66) و المقنع (67) ، و الاسكافي (68) ، و
في المعتبر (69) ، و الذكرى (70) ، بل عزي الى الاكثر ايضا، لما ذكر، و لصحيحة علي، و
رواية القلانسي: عن الرجل ياكله السبع و الطير فتبقى عظامه بغير لحم، كيف يصنع
به؟ قال: «يغسل و يكفن و يصلى عليه و يدفن » (71) . و ان كان لحما مجردا او عظما منفردا، فظاهر الاكثر عدم الوجوب، بل صرح به في
الاول الحلي، و الديلمي، و المنتهى، و القواعد، و الذكرى، و المختلف (72) ، ناسبا له
الى المشهور بين علمائنا، و بالثاني جماعة.و في الحدائق الاتفاق على العدم في
الاول و نفي القول بالوجوب في الثاني (73) . فان ثبت الاجماع فيهما، و الا فيشكل ترك الغسل، و لذا اثبته الاسكافي (74) في
الثاني، و احتمله بعض آخر فيهما. و التمسك للنفي فيهما بالاصل-بعدما عرفت من المضمرة و الرضوي-لا يتم.و في
الاول بما دل على نفي الصلاة فيه، للتلازم بعد ما عرفت من عدم ثبوته سيما مع
التخلف في السقط و الصبي-لا يفيد.و الاحتياط لا ينبغي ان يترك. هذا في التغسيل، و اما التكفين فالمشهور بين علمائنا-كما في المختلف (75) -
وجوبه في كل قطعة ذات عظم، و نسبه الكركي (76) الى الاصحاب، و به صرح في المنتهى، و
النافع (77) ، و حكي عن المقنعة، و النهاية، و المبسوط، و السرائر، و المراسم (78) ، و
الجامع، و الارشاد، و التلخيص، و التبصرة (79) . (و استدل) (80) له تارة: بقاعدة عدم سقوط الميسور. و اخرى: بمرسل ايوب المذكور (81) بضميمة عمومات تكفين الميت. و ثالثة: بصحيحة علي (82) . و في الكل نظر: اما الاول: فلما مر (83) . و اما الثاني: فلان الثابت منه كون القطعة ميتة، و العمومات تثبت التكفين
للميت، و اتحادهما غير معلوم. و اما الثالث: فلاختصاصه بالعظام، و عدم افادته بنفسه للوجوب. مع ان التكفين لا بالنحو المعهود لا دليل له، و به في المقام قد لا يمكن، و لذا قيل
باعتبار القطع الثلاث و ان لم تكن بتلك الخصوصيات (84) . و ربما احتمل اختصاص وجوبها بما تناله الثلاث عند الاتصال بالكل.فان كان
مما تناله اثنتان منها لف فيهما، و ان كان مما لا تناله الا واحدة لف فيها (85) . و في الشرائع، و عن التحرير و التذكرة، و نهاية الاحكام، و في القواعد: اختصاص التكفين بالصدر او ما فيه، و لف غيرهما مما فيه عظم في خرقة، كما في
اللحم و العظم المنفردين (86) . و لا دليل على شي ء من تلك الاقوال. فالقول بعدم وجوب التكفين في غير جملة يصدق عليها الميت عرفا قوي، و ان كان
الاحوط عدم تركه فيما فيه الصدر، كما ينبغي ان لا يترك اللف في خرقة في كل جزء. و كذا التحنيط لو كان الباقي محله، كما عن التذكرة (87) ، و عليه يحمل كلام من
اطلق كجماعة. ثم ظاهر الاكثر اختصاص الاحكام المذكورة لذات العظم-من القطع الخالية عن
الصدر-بالمبانة من الميت و عدم جريانها في المبانة من الحي، للاصل، و عدم
جريان الادلة فيها. و عمم والدي-رحمه الله-في اللوامع، و المعتمد، و جماعة (88) فيهما، لمرسلة ايوب.و قد
عرفت ما فيها (89) .و لكنه احوط، و ان كان التخصيص اظهر.
الخامسة:
من وجب عليه الرجم او القود يغتسل قبله بالاجماع المحقق، و المحكي في اللوامع و
الحدائق (90) ، و عن المعتبر و الذكرى نفي العلم بالخلاف فيه عن الاصحاب (91) ، له، و
لرواية مسمع: «المرجوم و المرجومة يغتسلان و يتحنطان و يلبسان الكفن قبل ذلك،
ثم يرجمان و يصلى عليهما، و المقتص منه بمنزلة ذلك يغتسل و يحنط و يلبس الكفن ثم
يقاد و يصلى عليه » (92) . و الرضوي: «و ان كان الميت مرجوما بدا بغسله و تحنيطه و تكفينه ثم يرجم بعد ذلك، و
كذلك القاتل اذا اريد قتله قودا» (93) . و هل ذلك على الوجوب فيكون عزيمة؟ كما عن ظاهر الاكثر، و هو صريح الديلمي، و الحلي (94) ،
و والدي رحمه الله، لظاهر الخبرين. او لا فرخصة؟ كما يحتمله كلام جماعة، و تنظر فيه في الذكرى (95) ، للاصل، و عدم
صراحتهما في الوجوب.و هو الاظهر، لذلك.فلا يجب امره به، لعدم المقتضي، و ان
استحب لو جهله. و القول بوجوبه على الامام او نائبه لا دليل له و ان قلنا بوجوب الاغتسال، الا
من باب الامر بالمعروف. و الحق الموافق لقصر الحكم المخالف للاصل على مورده تخصيصه بالمرجوم و
المقتول قودا، كما هو صريح المنتهى، و نهاية الاحكام (96) ، و غير واحد من الثالثة (97) ،
و حكي عن ظاهر الاكثر (98) ، بل عن المفيد، و الديلمي (99) الاقتصار على الاخير. خلافا لظاهر الشرائع، و القواعد، و عن الجامع، و الذكرى (100) ، و في اللوامع نسبه
الى الجماعة، للمشاركة في السبب.و هو قياس باطل. و صريح الكركي (101) و بعض آخر (102) ، و استقربه في نهاية الاحكام (103) انه يغتسل غسل
الميت فيجب فيه ما يجب فيه حتى التثليث، لبدليته الموجبة للمماثلة، و
اقترانه بالتحنيط و التكفين. و عن روض الجنان (104) احتمال الاكتفاء بغسل واحد، للاصل، و معهودية الوحدة في غسل
الاحياء.و اطلق الاكثر. و المسالة محل توقف، و ان كان مقتضى الاصل اظهر.و التثليث احوط، بل يومى ء اليه
اضافة الغسل الى الضمير في الرضوي. و يسقط الغسل عنه بعد الموت لو اغتسل قبله، كما عن الخلاف، و المبسوط، و المهذب،
و السرائر، و المعتبر (105) ، نافيا فيه عنه الريب، و في الشرائع و المدارك (106) مصرحا
فيه بكونه ظاهرا، لظهور الامر بتقديم التحنيط و التكفين، و الاقتصار على الصلاة
بعد القتل في النص فيه، بل في قوله: «بدا» في الرضوي، و في اضافة الغسل الى الضمير
الراجع اليه اشعار بل دلالة عليه. و تدل عليه ايضا مرفوعة البرقي (107) ، الصريحة في عدم تغسيل امير المؤمنين
المرجوم بعد الرجم. و لكن الظاهر اختصاص السقوط بما اذا قتل بالسبب الذي له اغتسل، فلو سبق
موته قتله او قتل بسبب آخر غير السببين غسل، للعمومات. و لو غسل لاحد السببين و قتل للآخر ففي وجوب التغسيل او استحباب الغسل ثانيا
نظر، و العدم اظهر. و الظاهر تداخل باقي الاغسال فيه فيكتفي به عنها.بل بها عنه ايضا، لما مر في بحث
التداخل.و الاحتياط عدمه. و صريح الخبرين: تقديم التحنيط و التكفين ايضا، كما صرح الفاضل في المنتهى بهما (108) .
و لا يضر عدم تعرض الصدوقين، و المفيد (109) ، و الجامع، للاول، و المبسوط، للثاني، و
الشرائع (110) لهما، بعد اشتمال النص. تعليقات: 1) القواعد 1: 17، التحرير 1: 17 و فيه: كل مظهر للشهادتين يجوز تغسيله الا
الخوارج و الغلاة. 2) الارشاد 1: 229. 3) الحدائق 3: 409. 4) ورد مؤداه في بعض الروايات مثل موثقة سماعة «غسل الميت واجب » .انظر الوسائل 2:
477 ابواب غسل الميت ب 1. 5) الكافي 3: 213، الجنائز ب 76 ح 7، التهذيب 1: 330-967 و فيه: اغسل كل الموتى...
الاستبصار 1: 213-753، الوسائل 2: 506 ابواب غسل الميت ب 14 ح 3. 6) القواعد 1: 17، المنتهى 1: 435، الشرائع 1: 39، المبسوط 1: 181، النهاية: 43،
الجامع: 57. 7) ما بين المعقوفين وضعناه لاستقامة المعنى، قال في جامع المقاصد 1: 368: و
المشهور بين الاصحاب كراهية التعرض اليه الا ان يتعين فيجب. 8) المقنعة: 85، المراسم: 45 و فيه: و هو (يعني تغسيل الميت) على ضربين احدهما الغسل
فيه واجب على الميت نفسه قبل موته، و الآخر يجب على غيره بعد موته اذا كان
الميت معتقدا للحق. 9) المهذب 1: 54، السرائر 1: 158. 10) الحدائق 3: 405، الرياض 1: 70. 11) المدارك 2: 69، الكفاية: 6، الذخيرة: 80. 12) الفاضل الهندي في كشف اللثام 1: 110. 13) جامع المقاصد 1: 368. 14) انظر الوسائل 22: 72 ابواب مقدمات الطلاق ب 30.و هي مؤدى القاعدة المعروفة
بقاعدة الالزام. 15) كما في التهذيب 1: 335، التذكرة 1: 4، الذكرى: 42. 16) الكافي 3: 159 الجنائز ب 29 ح 12.و لم يرد فيه: «و ان كان اباه » ، الفقيه 1:
95-437، التهذيب 1: 336-982، الوسائل 2: 514 ابواب غسل الميت ب 18 ح 1. 17) المعتبر 1: 328، الوسائل 2: 514 ابواب غسل الميت ب 18 ح 2. 18) الاحتجاج: 296، الوسائل 2: 515 ابواب غسل الميت ب 18 ح 3. 19) المعتبر 1: 315. 20) كشف اللثام 1: 107. 21) المنتهى 1: 432. 22) الكافي 3: 206 الجنائز ب 73 ح 1، الوسائل 2: 502 ابواب غسل الميت ب 12 ح 4. 23) التهذيب 1: 328-960، الوسائل 2: 502 ابواب غسل الميت ب 12 ح 2. 24) فقه الرضا: 175، المستدرك 175 ابواب غسل الميت ب 12 ح 1. 25) الكافي 3: 208، الجنائز ب 74 ح 5، التهذيب 1: 329-962، الوسائل 2: 501 ابواب
غسل الجنابة ب 12 ح 1. 26) الرياض 1: 69. 27) انظر الكافي 6: 13 كتاب العقيقة ب 6 ح 3، 6، 7. 28) تقدم مصدرها في ص 114. 29) التهذيب 1: 328-959، الوسائل 2: 502، ابواب غسل الميت ب 12 ح 3. 30) الكافي 3: 208، الجنائز ب 74 ح 6، التهذيب 1: 329-961، الوسائل 2: 502 ابواب
غسل الميت ب 12 ح 5. 31) المبسوط 1: 180، المقنعة: 83، النهاية: 41، المراسم: 46، الجامع: 49. 32) المنتهى 1: 432، التبصرة: 15، الارشاد 1: 232، التذكرة 1: 40، نهاية الاحكام
2:234، و فيه: السقط اذا كمل له اربعة اشهر وجب ان يغسل...و لو كان له اقل من اربعة
اشهر لم يغسل و لم يكفن و لم يصل عليه بل يلف في خرقة و يدفن اجماعا. 33) الشرائع 1: 38، التحرير 1: 17. 34) المعتبر 1: 320. 35) المنتهى 1: 432. 36) المعتبر 1: 320، الشرائع 1: 38، النافع: 15، المنتهى 1: 432. 37) المقنعة: 83، المراسيم: 46، المهذب 1: 56. 38) المعتبر 1: 320. 39) المعتبر 1: 309. 40) قال ابن رشد في بداية المجتهد 1: 227 ان الجمهور على ترك غسله...و كان الحسن
و سعيد ابن المسيب يقولان يغسل كل مسلم. 41) المنتهى 1: 433. 42) الكافي 3: 211، الجنائز ب 75 ح 2، التهذيب 1: 331-970، الاستبصار 1: 214-756،
الوسائل 2: 509 ابواب غسل الميت ب 14 ح 8. 43) الفقيه 1: 97-446، و سند الصدوق الى ابي مريم صحيح في المشيخة و هو: ابوه، عن سعد
بن عبد الله، عن احمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن ايوب،
عن ابان ابن عثمان، عن ابي مريم. (الفقيه 4: 23) .و رواها في الكافي 3: 211 ب 75 ح
3، التهذيب 1: 331-971، الاستبصار 1: 214-757، الوسائل 2: 506 ابواب غسل الميت ب
14ح 1. 44) الكافي 3: 210، الجنائز ب 75 ح 1، التهذيب 1: 331-969، الاستبصار 1: 214-755،
الوسائل 2: 509 ابواب غسل الميت ب 14 ح 7. 45) الكافي 3: 212، الجنائز ب 75 ح 5، التهذيب 1: 332-973، الوسائل 2: 510 ابواب
غسل الميت ب 14 ح 9. 46) في ص 111. 47) فقه الرضا: 174، المستدرك 2: 179 ابواب غسل الميت ب 14 ح 5. 48) الشرائع 1: 37، القواعد 1: 17، المقنعة: 84، المراسم: 45. 49) المبسوط 1: 181، النهاية: 40، المهذب 1: 55، الوسيلة: 63، السرائر 1: 166،
الجامع:49، المنتهى 1: 433. 50) كما يظهر من مجمع الفائدة 1: 201 و الرياض 1: 68. 51) المعتبر 1: 311، الغنية (الجوامع الفقهية) : 563، الاشارة: 76. 52) كذا نقل في كشف اللثام 1: 111 و لم نعثر عليه في الكافي للحلبي. 53) الذكرى: 41، المدارك 2: 71. 54) جامع المقاصد 1: 365. 55) نهاية الاحكام 2: 236، التذكرة 1: 41. 56) «انما الصدقات للفقراء و المساكين...و في سبيل الله...» (التوبة: 60) . 57) كما في الرياض 1: 68. 58) راجع ص 111، مضمرة ابي خالد. 59) المنتهى 1: 434. 60) الخلاف 1: 716. 61) انظر الوسائل 3: 134 ابواب صلاة الجنازة ب 38. 62) المدارك 2: 73، الحدائق 3: 424. 63) في ص 111. 64) في ص 66. 65) فقه الرضا: 173، المستدرك 2: 287 ابواب صلاة الجنازة ب 31 ح 1. 66) نقل عنها في المختلف 1: 46. 67) المقنع: 19. 68) نقل عنه في المختلف 1: 46. 69) المعتبر 1: 317 و فيه: و الذي يظهر لي انه لا تجب الصلاة الا ان يوجد ما فيه
القلب او الصدر او اليدان او عظام الميت. 70) الذكرى: 40. 71) الكافي 3: 212 الجنائز ب 76 ح 1، التهذيب 3: 329-1027، 1028، الوسائل 3: 136
ابواب صلاة الجنازة ب 38 ح 5، 6. 72) السرائر 1: 168، المراسم: 46، المنتهى 1: 434، القواعد 1: 17، الذكرى: 40،
المختلف 1: 46. 73) الحدائق 3: 427، 426. 74) نقله عنه في المختلف 1: 46. 75) المختلف 1: 46. 76) جامع المقاصد 1: 357. 77) المنتهى 1: 434، النافع: 15. 78) المقنعة: 85، النهاية: 40، المبسوط 1: 182، السرائر 1: 167، المراسم: 46. 79) الجامع: 49، الارشاد 1: 232، التبصرة: 15. 80) في «ق » : و استدلوا. 81) في ص 66. 82) المتقدمة في ص 121. 83) في ص 120 من الاشارة الى عدم دلالته، و اوكل التفصيل الى محله. 84) الرياض 1: 69. 85) انظر كشف اللثام 1: 109. 86) الشرائع 1: 37، التحرير 1: 17، التذكرة 1: 41، نهاية الاحكام 2: 234، القواعد 1:
17. 87) التذكرة 1: 41. 88) منهم العلامة في المنتهى 1: 434، و الشهيد في الذكرى: 40، و صاحب الحدائق 3: 427. 89) في ص 122. 90) الحدائق 3: 428 قال: و لو لا اتفاق الاصحاب قديما و حديثا على الحكم المذكور
لامكن المناقشة فيه. 91) المعتبر 1: 347، الذكرى: 42. 92) الكافي 3: 214، الجنائز ب 78 ح 1، التهذيب 1: 334-978، الوسائل 2: 513 ابواب
غسل الميت ب 17 ح 1. 93) فقه الرضا: 175، المستدرك 2: 181 ابواب غسل الميت ب 17 ح 1. 94) المراسم: 46، السرائر 1: 167. 95) الذكرى: 42. 96) المنتهى 1: 434، نهاية الاحكام 2: 238. 97) كشف اللثام 1: 111، الحدائق 3: 428. 98) قال في كشف اللثام 1: 111: و اقتصر الاكثر...على ما في الخبرين من
المرجوم و المقتول قودا... 99) المقنعة: 85، المراسم: 46. 100) الشرائع 1: 37، القواعد 1: 17، الجامع: 50، الذكرى: 42. 101) جامع المقاصد 1: 366. 102) كالمسالك 1: 12، و المدارك 2: 71. 103) نهاية الاحكام 2: 238. 104) روض الجنان: 113. 105) الخلاف 1: 713، المبسوط 1: 281، المهذب 1: 55، السرائر 1: 167، المعتبر 1:
347. 106) الشرائع 1: 37، المدارك 2: 72. 107) الكافي 7: 188 الحدود ب 9 ح 3، الوسائل 28: 99 ابواب حد الزنا ب 14 ح 4. 108) المنتهى 1: 434. 109) كذا، و الموجود في الفقيه 1: 96، و المقنعة: 85 خلافه فانهما تعرضا للتحنيط
فراجع. 110) الجامع: 50، المبسوط 1: 181، الشرائع 1: 37.