من بعده، و فقهاء الأمصار، و أعيانالمتكلمين من الإشارات لتلك العلومالمذكورة كثير لا يحصى، و إنما القليل منحمله اليوم عنهم، و تفقه مثلهم فافصد تجد،و تصد لاقتباس الحديث و التواريخ و مصنفاتالعلوم توقن وَ من يُؤْتَ الْحِكْمَةَفَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَ مايَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ
بيان المرتبة الرابعة
و هو توحيد الصديقين: و أما أهل المرتبةالرابعة، فهم قوم رأوا الله سبحانه وتعالى وحده، ثم رأوا الأشياء بعد ذلك بهفلم يروا في الدارين غيره، و لا اطلعوا فيالوجود على سواه، فقد كان بيان إشاراتالصحابة رضي الله عنهم أجمعين فيما خصوامن المعرفة في هجيراهم، فكان هجير أبي بكرالصدّيق رضى الله عنه لا إله إلا الله، وكان هجير عمر رضى الله عنه الله أكبر، وكان هجير عثمان رضى الله عنه سبحان الله وكان هجير علي رضي الله عنه الحمد للَّه،فاستقرى السابقون من ذلك أن أبا بكر لميشهد في الدارين غير الله سبحانه و تعالى،فلذا كان الصدّيق و سمي به كما علمت، و كانيقول: لا إله إلا الله، و كان عمر يرى مادون الله صغيرا مع الله في جنب عظمته،فيقول: الله أكبر، و كان عثمان لا يرىالتنزيه إلا للَّه تعالى، إذ الكل قائم بهغير معرى من النقصان و القائم بغيرهمعلول، فكان يقول: سبحان الله، و عليّ لايرى نعمة في الدفع و الرفع و العطاء والمنع، في المكروه و المحبوب، إلا من اللهسبحانه، فكان يقول: الحمد للَّه، و أهل هذهالرتبة على الجملة في حال خصوصهم فيهاصنفان، مريدون و مرادون، فالمريدون فيالغالب لا بد لهم من أن يحلوا في المرتبةالثالثة، و هي توحيد المقربين، و منهاينتقلون و عليها يعبرون إلى المرتبةالرابعة، و يتمكنون فيها، و من أهل هذاالمقام يكون القطب و الأوتاد و البدلاء، ومن أهل المرتبة الثالثة، يكون النقباء والنجباء و الشهداء و الصالحون و الله أعلمفإن قلت: أ ليس الوجود مشتركا بين الحادث والقديم، و المألوه و الإله،