استروح الضعيف إلى ما يسمع من ذلك، فيتعطلو ينخرم حاله، و ينحل قيده، و بعد هذا فلايحمل كلام سهل إلا على ما يقدر لا على مايوجد، و لذلك جعله مقرونا بحرف لو، الدالعلى امتناع الشيء، لامتناع غيره، كمايقال: لو كان للإنسان جناحان لطار، و لوكان للسماء درج لصعد عليها، و لو كان البشرملكا لفقد الشهوات، فعلى هذا يخرج كلامسهل في ظاهر العلم.
فصل و أما خطاب العقلاء للجمادات فغيرمستنكر فقديما ندب الناس الديار
و سألوا الأطلال و استخبروا الآثار و قدجاء في أشعار العرب و كلامها من ذلك كثير وفي حديث النبي صلّى الله عليه وسلّم «أسكنأحد فإنّما عليك نبيّ و صدّيق و شهيدان» وقال بعضهم:اسأل الأرض تخبرك عمن شق أنهارها، و فجربحارها، و فتق أهواءها، و رتق أجواءها وأرسى جبالها، إن لم تجبك أجابتك اعتبارا،و إنما الذي يتوقف على الأذهان و يتحير فيقوله السامعون، و تتعجب منه العقول، هوكيفية كلام الجمادات و الحيواناتالصامتات، ففي هذا وقع الإنكار، إذ اضطربالنظار، و كذب في تصحيح وجوده و السمع منالاعتبار، و لكن لتعلم أن تلقى الكلامللعقلاء، ممن لم يعقل عنه في المشهود يكونعلى جهات، من ذلك سماع الكلام الذاتي، كماتتلقى من أهل النطق إذا قصدوا إلى نظماللفظ، و ذلك أكثر ما يكون للأنبياء والرسل صلوات الله عليهم في بعض الأوقات،كحنين الجذع للنبي صلّى الله عليه وسلّم،و كان حجر يسلم عليه في طريقه قبل مبعثه ومنها تلقى الكلام في حسن السامع من غير أنيكون له وجود من خارج الحس.
و يعترى هذا سائر الحواس، كمثل ما يسمعالنائم في منامه، من مثال شخص من غير مثالو المثال المرئي للنائم ليس له وجود فيسمعه، و أما ما يجده غير النائم في اليقظةفمنها خاصة و عامة، فقد ورد أن الحجر فيزمن عيسى ينادى المسلم يا مسلم خلفي يهوديفاقتله، و ان لم يخلق الله تعالى للحجرحياه و نطقا، و يذهب عنه معنى الحجرية، أويوكل بالحجر من يتكلم عنه ممن يستر عنالأبصار في العادة من الملائكة و الجن، أويكون كلام يخلقه الله