اخلاق نظری (2) نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

اخلاق نظری (2) - نسخه متنی

مرکز تدوین و نشر متون درسی حوزه (متون)

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

وإنّما كان الغرضُ الذاتيُّ مِن العلم مطلقاً العملَ; لأنّ العلومَ كلَّها تَرْجِعُ إلى أمرين: علمِ معامَلة، وعلمِ معرفة.

فعلمُ المعاملة هو معرفةُ الحلال والحرام ونظائرهما مِن الأحكام، ومعرفةُ أخلاقِ النفس المذمومةِ والمحمودةِ، وكيفيّةِ عِلاجِها والفِرارِ منها.

وعلمُ المعرفة كالعلم بالله تعالى وصفاته وأسمائه.

وما عداهما مِن العلوم إمّا آلاتٌ لهذه العلوم أو يُراد بها عملٌ مِن الأعمال في الجملة، كما لا يخفى على مَنْ تَتَبَّعَها.

وظاهرٌ أنّ علوم المعاملة لا تُراد إلاّ للعمل، بل لولا الحاجة إليه لم يكنْ لها قِيمةٌ. وحينئذ فنقول: المحكِمُ للعلوم الشرعيّة ونحوِها ـ إذا أهمل تَفَقُّدَ جوارحهِ وحِفْظَها عن المعاصي وإلزامَها الطاعاتِ، وترقِّيها مِن الفرائض إلى النوافل، ومِن الواجبات إلى السنن، اتّكالاً على اتّصافه بالعلم وأنّه في نفسه هو المقصودُ ـ مغرورٌ في نفسه، مخدوعٌ عن دينه، مُلَبَّسٌ عليه عاقبةُ أمره، وإنّما مَثَلُهُ مثلُ مريض به علَّةٌ لا يُزيلها إلاّ دواءٌ مركّبٌ مِن أخلاط كثيرة، لا يعرفها إلاّ حُذَّاق الأطبّاء، فسعى في طلبِ الطبيب بعد أنْ هاجَرَ عن وطنه حتّى عَثَرَ على طبيب حاذق، فَعَلَّمَه الدواءَ، وفَصَّلَ له الأخلاطَ، وأنواعَها ومقاديرَها ومعادنَها التي منها تُجلَب، وعَلَّمَه كيفيّة دَقِّ كُلِّ واحد منها وكَيْفيَّة خَلْطِها وعَجْنِها، فَتَعَلَّمَ ذلك منه وكَتَبَ منه نسخةً حسنةً بحُسْنِ خَطٍّ ورجع إلى بيته، وهو يُكَرِّرُها ويقرؤها ويُعَلِّمها المرضى، ولم يَشْتَغِلْ بشربها واستعمالها، أفَتَرى أنّ ذلك يُغْني عنه مِنْ مرضه شيئاً؟ هيهاتَ لو كَتَبَ منه ألفَ نسخة وعَلَّمَه ألفَ مريض حتّى شَفى جميعُهم وكَرَّرَهُ كلَّ ليلة ألفَ مرّة، لم يُغْنِهِ ذلك مِنْ مرضه شيئاً إلى أن يشرَبَه ويَصْبِرَ على مَرارتِه ويكونَ شربُه في وقته وبعدَ تقديم جميع شروطه، وإذا فعل جميعَ ذلك كلِّه، فهو على خَطر مِن شفائه، فكيفَ إذا لم يشرَبْه أصلاً؟ هكذا الفقيه إذا أحْكَمَ علمَ الطاعات ولم يَعْمَلْ بها، وأحْكَمَ علمَ المعاصي الدقيقةِ والجليلةِ ولم يَجْتَنبْها، وأحْكَمَ علمَ الأخلاق المذمومة وما زكَّى نَفْسَه منها، وأحكم علم الأخلاق المحمودة ولم يَتَّصِفْ بها، فهو مغرورٌ في نفسِهِ مخدوعٌ عن دينه; إذ قال الله تعالى: ( قَدْ أفْلَحَ مَنْ زَكَّيها)(1) ولم يقل: قد أفلح من

1 . الشمس (91): 9.

/ 148