اخلاق نظری (2) نسخه متنی
لطفا منتظر باشید ...
وعن زُرارَة بنِ أعْيَنَ قال: سَأَلْتُ أبا جَعْفَر(عليه السلام): ما حَقُّ اللهِ عَلَى الْعِبادِ؟ قالَ: «أنْ يَقُولُوا ما يَعْلَمُونَ، وَيَقِفُوا عِنْدَ مالا يَعْلَمُون»(1) وعن الصادقِ(عليه السلام):إنَّ اللهَ خَصَّ عِبادَهُ بِآيَتَيْنِ مِنْ كِتابِهِ: أنْ لا يَقُولُوا حَتّى يَعْلَمُوا، ولا يَرُدُّوا ما لَمْ يَعْلَمُوا، قالَ الله عَزَّ وَجَلَّ: ( ألْمَ يُؤْخَذْ عَلَيْهمْ مِيثاقُ الْكِتاب أنْ لا يَقُولُوا عَلَى الله إلاَّ الْحَقَّ)(2) وَقالَ: ( بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُه)(3).وقال بعضُ الفضلاء: «ينبغي للعالم أنْ يُوْرِثَ أصْحابَه لا أدري»(5). ومعناه أنْ يُكْثِرَ منها لِتَسْهلَ عليهم ويَعْتادُوها، فيستعملوها في وقت الحاجة.واعلم أنّ قولَ العالِم: «لا أدري» لا يَضَعُ مَنْزِلَتَه، بل يَزِيدُها رِفْعَةً ويزيدُه في قلوب الناس عَظَمَةً، تفضُّلاً من الله تعالى عليه، وتعويضاً له بالتزامه الحقّ، وهو دليلٌ واضحٌ على عظمة محلِّه وتقواه وكمالِ معرفتِهِ. ولا يَقْدَحُ في المعرفة الجهلُ بمسائلَ معدودَة.وإنّما يُسْتَدَلُّ بقوله: «لا أدري» على تقواه، وأنَّه لا يُجازِفُ في فتواه، وأنّ المسألةَ مِنْ مشكلاتِ المسائل.وإنّما يَمْتَنِعُ مِنْ «لا أدري» مَنْ قَلَّ عِلْمُه وعَدِمَتْ تقواه وديانتُه; لأنّه يَخافُ لقصوره أنْ يَسْقُطَ من أعْيُنِ الناس، وهذه جَهالةٌ أُخرى منه; فإنّه بإقدامه على الجواب فيما لا يَعْلَمُ يَبُوءُ بالإثم العظيم، ولا يَصْرِفُه عمّا عُرِفَ به مِن الْقُصُور، بل يُسْتَدَلُّ به على قُصورِه، ويُظْهِرُ الله تعالى عليه ذلك بسبب جرأته على التقوُّلِ في الدين.ومن المعلوم أنّه إذا رُؤِيَ المحقِّقونَ يقولونَ في كثير من الأوقات: «لا أدري» وهذا المسكينُ لا يقولُها أبداً، يُعلَمُ أنَّهم يَتَوَرَّعُونَ لدينهم وتقواهم، وأنّه يُجازِفُ لِـجَهْـلِه وقِلَّةِ دينه، فيقعُ فيما فَرَّ منه، واتَّصَفَ بما احْتَرَزَ عنه لفَسادِ نِيَّتِهِ وسوء طَوِيَّتِهِ.