اخلاق نظری (2) نسخه متنی
لطفا منتظر باشید ...
وتُفْتِيَ الناسَ بمالا تعلم»(34). وعن بعض التابعين قال: أدركتُ عشرين ومائة مِن الأنصار مِن أصحاب رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) يُسْألُ أحدُهم عن مسألة فَيَرُدّها هذا إلى هذا، وهذا إلى هذا حتّى تَرْجِعَ إلى الأوّل(35). وعنه قال: لقد أدركتُ في هذا المسجد عشرين ومائة من أصحاب رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)، ما أحد منهم يُحَدِّثُ حديثاً إلاّ وَدَّ أنَّ أخاه كفاه الحديثَ، ولا يُسْألُ عن فُتْياً إلاّ وَدَّ أنّ أخاه كفاه الفُتْيا (36). وقال البراء: «لقد رأيتُ ثلاثمائة مِنْ أهل بدر مافيهم مِنْ أحد إلاّ وهو يُحِبُّ أنْ يكفِيَه صاحبُه الفُتْيا»(37). وقال بعض الأكابر لبعض المُفْتِين: أراك تُفْتِي الناسَ! فإذا جاءك الرجلُ يَسْأَلُكَ، فلا يَكُنْ همُّكَ أن تُخْرِجَه ممّا وقع فيه، ولتكُنْ هِمَّتُك أن تتخَلَّصَ ممّا يَسْأَلُكَ عَنْه(38). وعن القاسم بن محمّد بن أبي بكر أحد فقهاء المدينة ـ المتَّفَقِ على علمه وفقهه بينَ المسلمين ـ أنَّه سُئِلَ عن شيء فقال: «لا أُحْسِنُه» فقال السائل: إنِّي جئتُ إليك لا أعرفُ غيرَك.فقال القاسم: «لا تَنْظُرْ إلى طُولِ لِحْيَتي وكَثرَة الناس حولي، والله ما أُحْسِنُه».فقال شيخٌ مِن قريش جالسٌ إلى جنبه: يا ابن أخي الزمها فواللهِ ما رأيتُك في مجلس أنْبَلَ منك مثل اليوم.فقال القاسم: «والله لأنْ يُقْطَعَ لساني أحَبُّ إليَّ أنْ أتَكَلَّمَ بما لا عِلمَ لي به»(39). وأقوالهم في هذا كثيرةٌ فَلْنَقْتَصِرْ على هذا القدر.