(الفصل الرابع - في زكاة الفطرة)
وتطلق على الخلقة وعلى الاسلام، والمراد بها على الاول زكاة الابدان مقابل المال، وعلى الثاني زكاة الدين والاسلام(3)،(3) اي إن فسرنا (الفطرة) بالخلقة فالزكاة زكاة الابدان، كما أن تلك الزكاة زكاة الاموال. وإن فسرناها بالاسلام، فالزكاة زكاة الدين والاسلام، اي مالية على نفس الاسلامية، ولذلك وجبت على المسلم فحسب.
[58]
ومن ثم وجبت على من أسلم قبل الهلال(1)، (ويجب على البالغ العاقل الحر) لا على الصبي والمجنون والعبد، بل على من يعولهم إن كان من أهلها(2)، ولا فرق في العبد بين القن والمدبر والمكاتب، إلا إذا تحرر بعض المطلق فيجب عليه بحسابه(3)، وفي جزئه الرق والمشروط قولان أشهر هما وجوبهما على المولى مالم يعله غيره(4) (المالك قوت سنته) فعلا، أو قوة، فلا تجب على الفقير وهو من استحق الزكاة لفقره ولا يشترط في مالم قوت السنة أن يفضل عنه أصواع بعدد من يخرج عنه،(فيخرجها عنه وعن عياله) من ولد، وزوجة، وضعيف.(ولو تبرعا)(5). والمعتبر في الضعيف وشبهه صدق إسمه قبل الهلال ولو بلحظة، ومع وجوبها عليه تسقط عنهم وإن لم يخرجها، حتى لو أخرجوها تبرعا بغير إذنه لم يبرأ من وجلت عليه، وتسقط عنه لو كان بإذنه، ولا يشترط في وجوب فطرة الزوجة والعبد العيلولة(6)، بل تجب مطلقا، مالم يعلهما غيره(7) ممن تجب عليه(8)، نعم يشترط كون الزوجة واجبة النفقة،
(1) اي هلال شوال.
(2) اي كان جامعا لشرائط وجوب الزكاة عليه.
(3) من الربع او النصف او الثلث.
(4) اي غير المولى وعند ذلك تجب الزكاة على من يعوله.
(5) اي ولو كانت الاعالة تبرعية.
(6) اي إن زكاة فطرة الزوجه والعبد على الزوج والمولى ولو كانا في نفقة أنفسهما.
(7) اي غير المولى والزوج.
(8) اي كان المعيل مخاطبا بالزكاة، بأن كان موسرا، والا كانت الزكاة على المولى والزوج.
[59]
فلا فطرة للناشز والصغيرة.(وتجب) الفطرة (على الكافر) كما يجب عليه زكاة المال، (ولا تصح منه حال كفره)، مع أنه لو أسلم بعد الهلال سقطت عنه وإن استحبت قبل الزوال، كما تسقط المالية لو أسلم بعد وجوبها(1)، وإنما تظهر الفائدة في عقابه على تركها لو مات كافرا كغيرها من العبادات(2)، (والاعتبار بالشروط عند الهلال) فلو أعتق العبد بعده، أو استغنى الفقير، أو أسلم الكافر، أو أطاعت الزوجة لم يجب، (وتستحب) الزكاة (لو تجدد السبب) الموجب (ما بين الهلال) وهو الغروب ليلة العيد (إلى الزوال) من يومه.
(وقدرها صاع(3) عن كل إنسان (من الحنطة، أو الشعير، أو التمر، أو الزبيب، أو الارز) منزوع القشر الاعلى، (أو الاقط)(4) وهو لبن جاف، (أو اللبن) وهذه الاصول مجزية وإن لم تكن قوتا غالبا أما غيرها فإنما يجزي أو اللبن) وهذه الاصول مجزية وإن لم تكن قوتا غالبا أما غيرها فإنما يجزي مع غلبته في قوت المخرج، (وأفضلها التمر) لانه أسرع منفعة وأقل كلفة، ولا شتماله على القوت والادام، (ثم الزبيت) لقربه من التمر في أو صافه، (ثم ما يغلب على قوته) من الاجناس وغيرها.
(والصاع تسعة أرطال ولو من اللبن في الاقوى) هذا غاية لوجوب الصاع، لا لتقديره(5)، فإن مقابل الاقوى إجزاء ستة أرطال منه،
(1) اي بعد وقت وجوبها او بعد تمام الحول، فإنه لا تجب عليه الزكاة.
(2) بناء على تكليفهم بالفروع كما هم مكلفون بالاصول.
(3) الصاع: ثلاث كيلوات تقريبا.
(4) مثلث الهمزة والقاف مع سكونه.
(5) اي أن قوله (على الاقوى) راجع إلى اصل وجوب الصاع في اللبن لا إلى تقدير الصاع في اللبن بوزن غير وزنه في سائر الاشياء والاضاس.
[60]
أو أربعة، لا أن الصاع منه(1) قدر آخر(2)، (ويجوز إخراج القيمة بسعر الوقت) من غير انحصار في درهم عن الصاع، أوثلثي درهم، وما ورد منها مقدرا منزل على سعر ذلك الوقت.(وتجب النية فيها وفي المالية) من المالك، أو وكيله عند الدفع إلى المستحق، أو وكيله عموما كالامام ونائبه عاما، أو خاصا(3)،أو خصوصا(4) كوكيله، ولو لم ينو المالك عند دفعها إلى غير المستحق(5) أو وكيله الخاص فنوى القابض(6) عنددفعها إليه أجزأ، (ومن عزل إحداهما) بأن عينها في مال خاص بقدرها بالنية، (لعذر) مانع من تعجيل إخارجها، (ثم تلفت) بعد العزل بغير تفريط (لم يضمن)، لانه بعدذلك بمنزلة الوكيل في حفظها، ولو كان لا لعذر ضمن مطلقا(7) إن جوزنا العزل معه، وتظهر فائدة العزل في انحصارها في المعزول فلا يجوز التصرف فيه، ونماؤه تابع(8)،
(1) اي من اللبن.
(2) فإن الصاع وزن واحد بالنسبة إلى جميع الاجناس.
(3) اي نائبا خاصا للامام عليه الصلاة والسلام بورود نص خاص بشأنه، او خاصا في أخذ الزكاة فحسب.
(4) اى وكيل المستحق وكالة خصوصية.
(5) المراد به الامام، او نائبه العام، او الخاص.
(6) اي الامام، او نائبه.
ومقصوده: أن المالك لو لم ينو عند رفع الزكاة إلى الامام ولكن الامام نوى عند دفعها إلى الفقير كان ذلك مجزيا.
(7) مع التفريط وعدمه.
(8) اي نماء المعزول تابع في كونه حقا للفقير.
[61]
وضمانه كما ذكر(1)، (ومصرفها مصرف المالية) وهو الاصناف الثمانية.(ويستحب أن لا يقصر العطاء) للواحد (عن صاع) على الاقوى، والمشهور أن ذلك على وجه الوجوب، ومال إليه في البيان، ولا فرق بين صاع نفسه ومن يعوله، (إلا مع الاجتماع) أي اجتماع المستحقين، (وضيق المال) فيسقط الوجوب، أو الاستحباب، بل يبسط الموجود عليهم بحسبه، ولا تجب التسوية وإن استحبت مع عدم المرجح، (ويستحب أن يخص بها المستحق من القرابة والجار) بعده(2)، وتخصيص أهل الفضل بالعلم والزهد وغيرهما، وترجيحهم في سائر المراتب.
(ولو بان الآخذ غير متسحق ارتجعت) عينا أو بدلا مع الامكان، (ومع التعذر تجزي إن اجتهد(3) الدافع بالبحث عن حاله على وجه لو كان بخلافه لظهر عادة، لا بدونه(4) بأن اعتمد على دعواه الاستحقاق مع قدرته على البحث، (إلا ان يكون) المدفوع إليه (عبده) فلا يجزي مطلقا(5)، لانه لم يخرج عن ملك المالك. وفي الاستثناء نظر، لان العلة(6) في نفس الامر مشتركة، فإن
(1) اي ضمان التابع كضمان المبتوع يضمن حيث يضمن، ولا يضمن، حيث لا يضمن.
(2) اي بعد القرابة، فإن الاقرباء مقدمون على الجيران.
(3) اي فحص فحصا جيدا عن حال الفقير.
(4) اي لا بدون الفحص والاجتهاد.
(5) اي لو بان ان المدفوع اليه الزكاة عبدا لدافع، فلا تجزي هذه الزكاة مطلقا سواء اجتهد وفحص فحصا جيدا، ام لا.
(6) اي عدم خروج الزكاة عن ملك المالك مشترك بين العبد وغيره من سائر الاشخاص الذين يتبين عدم استحقاقهم للزكاة. فالزكاة باقية على ملك مالكها مع عدم استحقاق الآخذ، سواءكان عبدا له، ام غيره.
[62]
القابض مع عدم استحقاقه لا يملك مطلقا وإن برئ الدافع، بل يبقى المال مضمونا عليه، وتعذر الارتجاع مشترك(1)، والنص مطلق(2).(1) جواب عن سؤال مقدر، تقديره أن استرجاع المال من غير العبد متعذر، فاجاب بان احتمال التعذر وعدمه آت في كل من العبد وغيره.
(2) اي النص الواردفي المقام مطلق لا يختص بالعبد او بغيره.