ويدل على هذا القسم رويات:
منها خبر مسعده بن صدقه عن الامام الصادق (ع) فى حديث: ان المومن اذا اظهر الايمان ثم ظهر منه ما يدل نقصه، خرج مما وصف و اظهر و كان له ناقصاً الا ان يدعى انه انما عمل ذالك تقيه و مع ذالك ينظر فيه فان كان ليس مما يمكن ان تكون التقيه فى مثله لم يقبل منه ذالك: مثل ان يكون بين قوم سوء ظاهر حكمهم و فعلهم على غير حكم الحق و فعله، فكل شيئى يعمل المومن بينهم لمكان التقيه مما لايودى الى الفساد فى الدين جايز (67). منها ما رواه الخراز عن ابى عبداللَّه (ع) قال: من اذاع علينا حديثنا فهو بمنزله من جحدنا حقنا (68).و منها مرسله حسين بن عثمان عن ابى عبداللَّه (ع) قال: من اذاع علينا شيئا من امرنا فهو كمن قتلينا عمدا و لم يقتلنا خطاء (69).منها ما رواه ابن ابى يعفور قال: ابو عبداللَّه (ع) من ازاع علينا حديثنا سلبه اللَّه الايمان (70). و يشهد بها ايضاً استقلال العقل بذالك و اقتضاء الفطره السليمه له، فانه اذ اجتمع جماعه قليلون و شكلوا جميعه لها مرام و مسلمه مخصوص، يتوقف اجراء ذالك المرام على اخذ الحكومه و السيطره على افراد المملكه، و كانت الحكومه بيد من يخالف ذالك المرام، فلاريب فى حكم العقل بانه يتحتم عليهم كتمان المرام فى اول الامر، والسعى فى ترويجه و تبليغه سراً كما كان كذالك فى بدايه الاسلام ايضاً حيث كان المسلمون قليلون. ولكن الحق ان يقول كما قال سيدنا المكارم فى قواعده ان هذا ليس قسماً مستقلاً فى مقابل الاقسام الثلاثه المذكوره. والتقيه الكتمانيه فى الحقيقه راجعه الى التقيه الخوفيه و ان اورد على الوسائل باباً.
مستقلاً لها، لان اطلاق السر و الكتمان ليس الا فى موارد التى يحتمل ان يكون فى اظهار الحق او العقائد الدينيه ضرراً او خوفاً على النفس او العرض او المال او الدين نفسه و الا ما لايكون فيه ضرر او خوف على النفس او المال او الدين، لامجال لتقيه فيها و لايدخل تحت عنوان التقيه. ويشهد لما ذكرنا الاخبار التى ذكر فى ذاك الباب حيث اكد النهى فيها عن اذاعه الحديث و افشاء السر، للاضرار العظيمه و خطرات مهيبه التى يترتب عليها و ليس هذا الا فى موارد الخوف. و يشير الى ذالك بعض النصوص الصادره فى ظرف لم ياخذ مذهب التشيع نصابه، و كانت الحكومه بيد خلفاء الجور و المخالفين للمذهب. كقوله (ع) انما انتم كاالنحل فى الطير، و لو ان الطير تعلم ما فى اجواف النحل ما بقى منها شيئى الا اكلته، ولو ان الناس علموا ما اجواكم انكم تحبونا اهل البت لاكلوكم بالسنتهم و لنحلوكم فى السر و العلانيه (71). و خبر الحسن البصرى قال: سمعت يقول يوم قتل عثمان يقول: سمعت علياً (ع) يقول يوم قتل عثمان يقول: سمعت رسول اللَّه (ص) يقول: ان التقيه من دين اللَّه و لادين لمن لاتقيه له، واللَّه لولا التقيه ما عبداللَّه فى الارض فى دوله ابليس، فقال رجل: ما دوله ابليس فقال: اذا ولى امام هدى فهى دوله الحق على ابليس و اذا ولى امام ضلاله فهى دوله ابليس (72).
وكل هذا كان فى ازمان خاصه حيث كان الشيعه فى الاقليه و السلطله تتادى اهل البيت (ع) و اتباعهم و تلاحقهم بالنار و الحديد و السيف و السجن، لذا كان الائمه (ع) حفظا لاصحابهم و شيعتهم و على اموالهم و حرماتهم كان لابد لهم بترغيب اصحابهم و متابعيهم بها مقابل هذه الاخطار المهلكه.