اقسام التقيه عند الشيخ المفيد (ره)
قال الشيخ المفيد عند ما علق على راى شيخه ابى جعفر محمد بن على الصدوق (ره) حيث اطلق الحكم فيها بالوجوب قال: و اقول ان التقيه جائزه فى الدين عند الخوف على النفس، وقد تجوز فى حال دون حال للخوف على المال و الملك و لضروب من الاستصلاح. اقول: و آنهاقد تجب احياناً و يكون فرضاً. و تجوز احياناً من غير وجوب، و تكون فى وقت افضل من تركها و يكون تركها افضل و ان كان فاعلها معذوراً و معفواً عنه متفضلاً عليه بترك اللوم عليها و ليس يجوز من الافعال فى قتل المومنين و لافيما يعلم او يغلب انه استفساد فى الدين (40). و بهذا تتصف التقيه بالاحكام الخمسه و هى الوجوب و الاباحه حيث اشار اليهما بقوله:«و تجوز من غير وجوب» فان الجواز و ان كان اشمل من الاحكام الاربعه «الوجوب و الباحه و استحباب و الكراهه» ولكن عند ما وضع الجواز فى كلام الشيخ المفيد (ره) فى مقابل الوجوب، و الفعل الافضل و الترك الافضل يكون المراد منه الاباحه كما هو واضح. كما آنهاتتصف بالاستحباب و الكراهه كما يدل عليه قوله: «و تكون فى وفت افضل من تركها و يكون تركها افضل و ان كان فاعلها معذوراً» و من الواضح من النص المذكور ان الشيخ المفيد يرى ان هذا الاختلاف فى الاحكام الاربعه انما هو بسبب الظروف و الاوضاع السياسيه و الاجتماعيه و اما بالنسبه الى الحكم الخامس و هو الحرمه فيبدوا ان طبيعه الفعل هى التى تقتضى حرمه التقيه كما هو واضح من النص الثانى حيث يرتفح الحكم بالجواز بالمعنى العم فى بعض المار، فان قتل المومنين و كذالك الفساد فى الدين يقتضى الحرمه.
و الشيخ المفيد جعل المناط فى الاحكام الخمسه الضرر اولاً و لاستصلاح ثانياً حيث قال: و قد يجوز فى حال دون حال للخوف على المال و لضرب من الاستصلاح. و كذالك الشيخ المفيد جعل التقيه جائزه فى الاقوال مطلقا دون الافعال فانها تكون محرمه و لم يظهر لنا الوجه فيما ذكره الشيخ المفيد من الفرق بين الاقوال و الافعال حيث ان الاقوال ايضاً قد تودى الى القتل و الهلاك.
و المحققين بعد الشيخ المفيد يدخلون فى بحث تشخيص و تعيين مصاديق هذه الاحكام الخمسه ... .