فصاحة الإمام وبلاغته - موسوعة الامام علی بن ابی طالب فی الکتاب و السنة و التاریخ جلد 10

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

موسوعة الامام علی بن ابی طالب فی الکتاب و السنة و التاریخ - جلد 10

محمد محمدی ری شهری

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید




ظاهر، ومضمر، وشي ء ليس بظاهر ولا مضمر، وإنّما يتفاضل العلماء في معرفة ما ليس بظاهر ولا مضمر.


قال أبوالأسود: فجمعت منه أشياء وعرضتها عليه، فكان من ذلك حروف النصب، فذكرت منها: إنّ وأنّ وليت ولعلّ وكأنّ، ولم أذكر لكنّ، فقال لي: لِمَ تركتها؟


فقلت: لم أحسبها منها. فقال: بلى هي منها، فزدها فيها


[ تاريخ الخلفاء: 213، كنز العمّال: 29456:283:10 وفيه 'الكلام' بدل 'الكلمة' وراجع الفصول المهمّة للحرّ العاملي: 1073:681:1.]




5631- شعب الإيمان عن صعصعة بن صوحان: جاء أعرابي إلى عليّ بن أبي طالب، فقال: السلام عليكم يا أميرالمؤمنين، كيف تقرأ هذا الحرف 'لا يأكله إلّا الخاطون' كلٌّ واللَّه يخطو؟


فتبسّم عليّ رضى الله عنه وقال يا أعرابي: 'لَّا يَأْكُلُهُ و إِلَّا الْخَطُِونَ'


[ الحاقّة: 37.]




قال: صدقت واللَّه يا أميرالمؤمنين، ما كان اللَّه ليسلم عبده.


ثمّ التفت عليّ إلى أبي الأسود الدؤلي فقال: إنّ الأعاجم قد دخلت في الدِّين كافّة، فضع للناس شيئاً يستدلّون به على صلاح ألسنتهم، فرسم له الرفع والنصب والخفض


[ شعب الإيمان: 1684:259:2، كنز العمّال: 29457:284:10.]




5632- المناقب لابن شهر آشوب: وهو |الإمام عليّ عليه السلام| واضع النحو؛ لأنّهم يروونه عن الخليل بن أحمد بن عيسى بن عمرو الثقفي عن عبداللَّه بن إسحاق


الحضرمي عن أبي عمرو بن العلاء عن ميمون الأفرن عن عنبسة الفيل عن أبي الأسود الدؤلي عنه عليه السلام.


والسبب في ذلك: إنّ قريشاً كانوا يزوّجون بالأنباط


[ النبط والنبيط: قومٌ ينزلون بالبطائح بين العراقين "الصحاح: 1162:3".]


فوقع فيما بينهم أولاد ففسد لسانهم، حتى إنّ بنتاً لخويلد الأسدي كانت متزوّجة بالأنباط، فقالت: إنّ أبوي مات وترك عليّ مالٌ كثيرٌ. فلمّا رأوا فساد لسانها أسّس النحو.


وروي أنّ أعرابياً سمع من سوقي يقرأ: 'إنَّ اللَّهَ بَري ءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولِه'


[ ومراده الآية: 'أَنَّ اللَّهَ بَرِى ءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ' "التوبة: 3".]


فشجّ رأسه، فخاصمه إلى أميرالمؤمنين، فقال له في ذلك، فقال: إنّه كفر باللَّه في قراءته.


فقال عليه السلام: إنّه لم يتعمّد ذلك.


وروي أنّ أباالأسود كان في بصره سوءٌ، وله بنيّة تقوده إلى عليّ عليه السلام، فقالت: يا أبتاه، ما أشدُّ حرِّ الرمضاء! تريد التعجّب، فنهاها عن مقالتها، فأخبر أميرالمؤمنين عليه السلام بذلك فأسّس.


وروي أنّ أباالأسود كان يمشي خلف جنازة، فقال له رجل: مَن المتوفّي؟


فقال: اللَّه، ثمّ أخبر عليّاً بذلك فأسّس.


فعلى أيّ وجه كان وقعه إلى أبي الأسود وقال: ما أحسن هذا النحو!، احشِ له بالمسائل، فسمّي نحواً


[ المناقب لابن شهر آشوب: 46:2.]




5633- تاج العروس: إنّ أوّل من رسم للناس النحو واللغة أبوالأسود الدؤلي،


وكان أخذ ذلك عن أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب رضى الله عنه


[ تاج العروس: 62:1، البداية والنهاية: 312:8 نحوه.]




5634- تاج العروس- في بيان الأقوال في وجه تسمية علم النحو بهذا الاسم-: قيل: لقول عليّ رضي اللَّه تعالى عنه بعدما علّم أباالأسود الاسم والفعل وأبواباً من العربيّة: انحُ على هذا النحو


[ تاج العروس: 226:20؛ الفصول المهمّة للحرّ العاملي: 1073:681:1.]




5635- البداية والنهاية عن ابن خلّكان وغيره: كان أوّل من ألقى إليه علم النحو عليّ بن أبي طالب، وذكر له أنّ الكلام: اسم، وفعل، وحرف. ثمّ إنّ أباالأسود نحا نحوه، وفرّع على قوله، وسلك طريقه، فسمّي هذا العلم: النحو، لذلك


[ البداية والنهاية: 312:8.]





فصاحة الإمام وبلاغته




5636- الإمام عليّ عليه السلام: إنّا لَاُمراء الكلام، وفينا تنشّبت


[ نَشِبَ الشي ء في الشي ء نُشوباً: أي عَلِقَ فيه "الصحاح: 224:1".]


عروقه، وعلينا تهدّلت


[ في حديث قُسّ: 'وروضة قد تهدّل أغصانها' أي تدلّت واسترخت لثقلها بالثمرة "النهاية: 251:5".]


غصونه


[ نهج البلاغة: الخطبة 233، بحارالأنوار: 292:71.]




5637- المناقب لابن شهر آشوب: عن الرضا عن آبائه عليهم السلام: إنّه اجتمعت الصحابة فتذاكروا أنّ الألف أكثر دخولاً في الكلام، فارتجل عليه السلام الخطبة المونقة التي أوّلها: حمدتُ من عظمت منّته، وسبغت نعمته، وسبقت رحمته، وتمّت كلمته، ونفذت مشيّته، وبلغت قضيّته... إلى آخرها


[ راجع: خطبته الخالية من الألف.]




ثمّ ارتجل خطبة اُخرى من غير النقط التي أوّلها: الحمد للَّه أهل الحمد ومأواه، وله أوكد الحمد وأحلاه، وأسرع الحمد وأسراه، وأظهر الحمد وأسماه، وأكرم الحمد وأولاه... إلى آخرها


[ راجع: خطبته الخالية من النقط.]


وقد أوردتهما في المخزون المكنون.


ومن كلامه: تخفّفوا تلحقوا فإنّما ينتظر بأوّلكم آخركم.


وقوله: ومن يقبض يده عن عشيرته فإنّما يقبض عنهم بيد واحدة، ويقبض منهم عنه أيد كثيرة، ومن تلن حاشيته يستدم من قومه المودّة.


وقوله: من جهل شيئاً عاداه، مثله: 'بَلْ كَذَّبُواْ بِمَا لَمْ يُحِيطُواْ بِعِلْمِهِ ى'


[ يونس: 39.]




وقوله: المرء مخبوّ تحت لسانه، فإذا تكلّم ظهر، مثله: 'وَ لَتَعْرِفَنَّهُمْ فِى لَحْنِ الْقَوْلِ'


[ محمّد: 30.]




وقوله: قيمة كلّ امرئٍ ما يحسن، مثله: 'إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَل-هُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ و بَسْطَةً فِى الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ'


[ البقرة: 247.]




وقوله: القتل يقلّ القتل، مثله: 'وَ لَكُمْ فِى الْقِصَاصِ حَيَوةٌ'


[ البقرة:179.]



[ المناقب لابن شهر آشوب: 48:2.]




5638- تاريخ دمشق: قال معاوية: إن كنّا لنتحدّث أ نّه ما جرت المواسي


[ الموسى: الذي يحلق به، والمراد: من جرت عليه المواسي: من بلغ الحلم "لسان العرب: 224:6".]


على رأس رجل من قريش أفصح من عليّ


[ تاريخ دمشق: 414:42، جواهر المطالب: 297:1.]




5639- الإمامة والسياسة- في ذكر قدوم ابن أبي محجن على معاوية-: قال معاوية: فواللَّه لو أنّ ألسن الناس جمعت فجعلت لساناً واحداً لكفاها لسان عليّ


[ الإمامة والسياسة: 134:1؛ شرح الأخبار: 99:2 وفيه 'ولو لم يكن للاُمّة إلّا لسان عليّ لكفاها'.]




5640- مروج الذهب- في ذكر لمع من كلام عليّ عليه السلام-: والذي حفظ الناس عنه من خطبه في سائر مقاماته أربعمائة خطبة ونيف وثمانون خطبة يوردها على البديهة، وتداول الناس ذلك عنه قولاً وعملاً


[ مروج الذهب: 431:2.]




5641- نثر الدرّ عن محمّد ابن الحنفيّة- في وصف عليّ عليه السلام-: كان إذا تكلّم بذّ،


[ بَذَّ القومَ يَبذُّهم بَذّاً: سبقهم وغلبهم "لسان العرب: 477:3".]


وإذا كلم


[ الكلم: الجرح "النهاية: 199:4".]


حذّ


[ الحذّ، ويُروى بالجيم من الجذّ: القطع "النهاية: 356:1".]


وهذا مثل قول غيره: كان عليّ إذا تكلّم فَصَل وإذا ضرب قَتَل


[ نثر الدرّ: 407:1.]




5642- الشريف الرضي في مقدّمة نهج البلاغة:... وسألوني |جماعة من الأصدقاء والإخوان| عند ذلك |أي بعد تأليف كتاب خصائص الأئمّة| أن أبتدئ بتأليف كتاب يحتوي على مختار كلام مولانا أميرالمؤمنين عليه السلام في جميع فنونه، ومتشعِّبات غصونه: من خطب وكتب ومواعظ وأدب، علماً أنّ ذلك يتضمّن عجائب البلاغة، وغرائب الفصاحة، وجواهر العربية، وثواقب الكلم الدينيّة والدنيويّة، ما لا يوجد مجتمعاً في كلام، ولا مجموعَ الأطراف في كتاب.


إذ كان أميرالمؤمنين عليه السلام مشرَعَ الفصاحة وموردها، ومنشأ البلاغة ومولدها، ومنه عليه السلام ظهر مكنونها، وعنه اُخذت قوانينها، وعلى أمثلته حذا كلّ قائل خطيب،


وبكلامه استعان كلّ واعظ بليغ، ومع ذلك فقد سبق وقصّروا، وقد تقدّم وتأخّروا؛ لأنّ كلامه عليه السلام الكلام الذي عليه مَسحة من العلم الإلهيّ، وفيه عَبقة من الكلام النبوي.


فأجبتهم إلى الابتداء بذلك، عالماً بما فيه من عظيم النفع ومنشور الذكر، ومذخور الأجر، واعتمدت به أن اُبيّن عن عظيم قدر أميرالمؤمنين عليه السلام في هذه الفضيلة، مضافة إلى المحاسن الدثِرَة، والفضائل الجمّة، وأ نّه عليه السلام انفرد ببلوغ غايتها عن جميع السلف الأوّلين، الذين إنّما يؤثرُ عنهم منها القليل النادر، والشاذ الشارد.


فأمّا كلامه فهو البحر الذي لا يُساجَل، والجمّ الذي لا يحافل. وأردت أن يسوّغ لي التمثّل في الافتخار به عليه السلام بقول الفرزدق:




  • اُولئك آبائي فجئني بمثلهم
    إذا جمعتنا يا جرير المجامع



  • إذا جمعتنا يا جرير المجامع
    إذا جمعتنا يا جرير المجامع



[ نهج البلاغة: مقدّمة الشريف الرضي.]




وقال في ذيل قوله عليه السلام: 'قيمة كلّ امرئ ما يُحسنه'، وهي الكلمة التي لا تصاب لها قيمة، ولا توزن بها حكمة، ولا تقرن إليها كلمة


[ نهج البلاغة: الحكمة 81، بحارالأنوار: 77:182:1.]




وقال في ذيل قوله عليه السلام: 'فإنّ الغاية أمامكم، وإنّ وراءكم الساعة تحدوكم. تَخفّفوا تلحقوا، فإنّما يُنتظر بأوّلكم آخرُكم'، أقول: إنّ هذا الكلام لو وزن، بعد كلام اللَّه سبحانه وبعد كلام رسول اللَّه صلى الله عليه و آله، بكلّ كلام لمالَ به راجحاً، وبرّز عليه سابقاً. فأمّا قوله عليه السلام: 'تخفّفوا تلحقوا' فما سمع كلام أقلّ منه مسموعاً ولا أكثر منه محصولاً، وما أبعد غورها من كلمة! وأنقع


[ يقع به العطش: أي يروى "النهاية: 108:5".]


نطفتها


[ النطفة: الماء الصافي "لسان العرب: 335:9".]


من حكمة! وقد نبّهنا


في كتاب 'الخصائص' على عظم قدرها وشرف جوهرها


[ نهج البلاغة: الخطبة 21 وراجع خصائص الأئمّة عليهم السلام: 112.]




وقال في ذيل الخطبة السادسة عشرة: إنّ في هذا الكلام الأدنى من مواقع الإحسان ما لا تبلغه مواقع الاستحسان، وإنّ حظّ العجب منه أكثر من حظّ العجب به! وفيه- مع الحال التي وصفنا- زوائد من الفصاحة لا يقوم بها لسان ولا يطّلع فجّها إنسان، ولا يعرف ما أقول إلّا من ضرب في هذه الصناعة بحقّ، وجرى فيها على عرق بسم الله الرحمن الرحيم 'وَ مَا يَعْقِلُهَآ إِلَّا الْعَلِمُونَ'


[ العنكبوت: 43.]




5643- ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة: وأمّا الفصاحة فهو عليه السلام إمام الفصحاء، وسيّد البلغاء، وفي كلامه قيل: دون كلام الخالق، وفوق كلام المخلوقين. ومنه تعلّم الناس الخطابة والكتابة.


قال عبدالحميد بن يحيى: حفظت سبعين خطبة من خطب الأصلع، ففاضت ثمّ فاضت.


وقال ابن نباتة: حفظت من الخطابة كنزاً لا يزيده الإنفاق إلّا سعة وكثرة، حفظت مائة فصل من مواعظ عليّ بن أبي طالب.


ولمّا قال مِحفن بن أبي مِحفن لمعاوية: جئتك من عند أعيى الناس، قال له: ويحك، كيف يكون أعيى الناس! فواللَّه ما سنّ الفصاحة لقريش غيره.


ويكفي هذا الكتاب الذي نحن شارحوه دلالةً على أ نّه لا يجارى في الفصاحة، ولا يبارى في البلاغة. وحسبك أ نّه لم يدوَّن لأحدٍ من فصحاء


الصحابة العشر ولا نصف العشر ممّا دوّن له، وكفاك في هذا الباب ما يقوله أبوعثمان الجاحظ في مدحه في كتاب 'البيان والتبيين' وفي غيره من كتبه


[ شرح نهج البلاغة: 24:1.]




وقال في ذيل الكتاب 35: اُنظر إلى الفصاحة كيف تعطي هذا الرجل قيادها، وتملّكه زمامها، وأعجب لهذه الألفاظ المنصوبة، يتلو بعضها بعضاً كيف تؤاتيه وتطاوعه، سِلسة سهلة، تتدفّق من غير تعسّف ولا تكلّف، حتى انتهى إلى آخر الفصل فقال: 'يوماً واحداً، ولا ألتقي بهم أبداً'. وأنت وغيرك من الفصحاء إذا شرعوا في كتاب أو خطبة، جاءت القرائن والفواصل تارةً مرفوعة، وتارةً مجرورة، وتارةً منصوبة، فإن أرادوا قَسْرَها بإعراب واحد ظهر منها في التكلّف أثر بيّن، وعلامة واضحة


وهذا الصنف من البيان أحد أنواع الإعجاز في القرآن، ذكره عبدالقاهر قال: اُنظر إلى سورة النساء وبعدها سورة المائدة، الاُولى منصوبة الفواصل والثانية ليس فيها منصوب أصلاً، ولو مزجت إحدى السورتين بالاُخرى لم تمتزجا، وظهر أثر التركيب والتأليف بينهما، ثمّ إنّ فواصل كلّ واحد منهما تنساق سياقة بمقتضى البيان الطبيعي لا الصناعة التكلّفيّة.


ثم انظر إلى الصفات والموصوفات في هذا الفصل، كيف قال: ولداً ناصحاً، وعاملاً كادحاً، وسيفاً قاطعاً، وركناً دافعاً، لو قال: ولداً كادحاً، وعاملاً ناصحاً، وكذلك ما بعده لما كان صواباً ولا في الموقع واقعاً.


فسبحان اللَّه من منح هذا الرجل هذه المزايا النفيسة والخصائص الشريفة! أن يكون غلام من أبناء عرب مكّة ينشأ بين أهله، لم يخالط الحكماء وخرج أعرف


بالحكمة ودقائق العلوم الإلهيّة من إفلاطون وأرسطو! ولم يعاشر أرباب الحكم الخلقيّة، والآداب النفسانيّة؛ لأنّ قريشاً لم يكن أحد منهم مشهوراً بمثل ذلك، وخرج أعرف بهذا الباب من سقراط. ولم يربّ بين الشجعان؛ لأنّ أهل مكّة كانوا ذوي تجارة ولم يكونوا ذوي حرب، وخرج أشجع من كلّ بشر مشى على الأرض.


قيل لخلف الأحمر: أيّما أشجع عَنبسة وبسطام أم عليّ بن أبي طالب؟


فقال: إنّما يذكر عَنبسة وبسطام مع البشر والناس لا مع من يرتفع عن هذه الطبقة.


فقيل له: فعلى كلّ حال. قال: واللَّه لو صاح في وجوههما لماتا قبل أن يحمل عليهما.


وخرج أفصح من سَحبان وقُسّ، ولم تكن قريش بأفصح العرب، كان غيرها أفصح منها، قالوا: أفصح العرب جُرهم وإن لم تكن لهم نَباهة.


وخرج أزهد الناس في الدنيا وأعفّهم، مع أنّ قريشاً ذوو حرصٍ ومحبّة للدنيا، ولا غرو فيمن كان محمّد صلى الله عليه و آله مربّيه ومخرجه، والعناية الإلهيّة تمدّه وترفدُه، أن يكون منه ما كان!


[ شرح نهج البلاغة: 145:16.]




وذكر عن شيخه أبي عثمان قال: حدّثني ثُمَامة، قال: سمعت جعفر بن يحيى- وكان من أبلغ الناس وأفصحهم- يقول: الكتابة ضمّ اللفظة إلى اُختها، أ لم تسمعوا قول شاعر لشاعر وقد تفاخرا: أنا أشعرُ منك لأنّي أقول البيت وأخاه، وأنت تقول البيت وابن عمّه! ثمّ قال: وناهيك حسناً بقول عليّ بن أبي طالب عليه السلام:


هل من مناص أو خلاص، أو معاذ أو ملاذ، أو فرار أو محار!.


قال أبوعثمان: وكان جعفر يُعجب أيضاً بقول عليّ عليه السلام: أين من جدَّ واجتهد، وجمع واحتشد، وبنى فشيّد، وفرش فمهّد، وزخرف فنجّد؟!


قال: ألا ترى أنّ كلّ لفظة منها آخذة بعنق قرينتها، جاذبة إياها إلى نفسها، دالّة عليها بذاتها؟!


قال أبوعثمان: فكان جعفر يسمّيه فصيح قريش.


واعلم أ نّنا لا يتخالجنا الشكّ في أ نّه عليه السلام أفصحُ من كلّ ناطق بلغة العرب من الأوّلين والآخرين، إلّا من كلام اللَّه سبحانه، وكلام رسول اللَّه صلى الله عليه و آله؛ وذلك لأنّ فضيلة الخطيب والكاتب في خطابته وكتابته تعتمد على أمرين،هما: مفردات الألفاظ ومركّباتها.


أمّا المفردات: فأن تكون سهلة، سِلسة، غير وحشيّة ولا معقّدة، وألفاظه عليه السلام كلّها كذلك.


فأمّا المركّبات فَحُسنُ المعنى، وسرعة وصوله إلى الأفهام، واشتماله على الصفات التي باعتبارها فُضّل بعض الكلام على بعض، وتلك الصفات هي الصناعة التي سمّاها المتأخّرون البديع، من المقابلة والمطابقة، وحسن التقسيم، وردّ آخر الكلام على صدره، والترصيع، والتسهيم، والتوشيح، والمماثلة، والاستعارة، ولطافة استعمال المجاز، والموازنة، والتكافؤ، والتسميط، والمشاكلة.


ولا شبهة أنّ هذه الصفات كلّها موجودة في خُطبه وكتبه، مبثوثة متفرّقة في فرش كلامه عليه السلام، وليس يوجد هذان الأمران في كلام أحد غيره، فإن كان قد


/ 33