انحاء قصد التقرب - أصول نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

أصول - نسخه متنی

جواد تبریزی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


وامـا الـتـكـاليف التحريمية التي يكون الملاك فيها مفسدة الفعل , فلا موجب لاخذ قيود الموضوع بـتـمـامـها مفروضة الوجود بحيث لا تكون الحرمة فعلية قبل حصول القيد, كما في تحريم شرب
الـخـمر والميتة وغيرهما, فان مثل هذه التكاليف مما يتمكن المكلف من ايجاد الموضوع لها, كصنع
الخمر او جعل الحيوان ميتة ونحوهما, فيكون التحريم فعليا, حيث يمكن للمكلف ترك شرب الخمر
ولو بترك صنع الخمر, ويمكن له ترك اكل الميتة ولو بعدم جعل الحيوان ميتة ونحو ذلك .

وامـا الامر الثاني : يعني كون التقابل بين الاطلاق والتقييد بحسب مقام الثبوت , تقابل العدم والملكة ,
واذا لـم يمكن التقييد في متعلق الحكم او موضوعه يكون الاطلاق ايضا ممتنعا, فلا يمكن المساعدة
عـلـيه , فانه اذا لم يمكن اخذ قيدفي الموضوع او المتعلق يكون اطلاقه الذاتي (اي عدم اخذ ذلك
الـقـيـد فـي الموضوع او المتعلق ) ضروريا, ولذا التزم (ره ) بان متعلق الامر الاول في الواجبات
الـتـعبدية هوذات الفعل , ويتعلق الامر الثاني بالاتيان به بداعوية الامر المتعلق بنفس الفعل , واذا لم
يكن ذلك المتعلق مطلقا, فكيف يقصد الاتيان بالعمل بداعوية الامر المتعلق بنفس ذلك العمل ؟
ومـن هـنا ظهر انـه لو لم يمكن تقييد موضوع الحكم بالعالم به , يكون الاطلاق الذاتي في موضوع
ذلك الحكم ضروريا,وبالجملة الاطلاق الذاتي في متعلق الامر مما لابد من الالتزام به .

غـايـة الامر لا يستفاد منه ان الغرض الملزم لجعل التكليف قائم بذات المتعلق , او قائم بالفعل بقصد
الـتـقرب , واذالم يرد بعد الامر الاول امر ثان بالاتيان بمتعلق الامر الاول بداعويته , يكون الطلب
الاول مـتـصـفـا بالتوصلية , نظير ما ذكرنامن ان اطلاق صيغة الامر (اي طلب فعل ) وعدم ورود
الـتـرخـيـص في الترك يوجب اتصاف الطلب بالوجوب , وكما ان اطلاق الصيغة هناك -بمعنى عدم
ورود الـتـرخـيـص في الفعل - يكون مقتضيا لكون الطلب وجوبيا, كذل ك اطلاق الامربمعنى عدم
ورود امر ثان بالاتيان بالعمل بداعوية الامر الاول يقتضي كونه توصيلا, وكما ان الاطلاق الاول
لـفـظي , كذلك الاطلاق فيما نحن فيه , غاية الامر ان الاطلاق ليس في ناحية المتعلق , بل في ناحية
نفس الامروالطلب .

واما ما ذكره ثالثا: من جعل الامرين في مورد كون الوجوب تعبديا, فقد تقدم امكان قصد التقرب في
متعلق الامرالاول , ومعه لا تصل النوبة الى الاحتيال بامرين .

لا يقال : ما الفرق بين ما ذكره صاحب الكفاية (ره ) من عدم امكان اخذ التقرب في متعلق الامر الاول
وان دخله في حصول الغرض يكون موجبا لحكم العقل
واما اذا كان بمعنى الاتيان بالفعل بداعي حسنه او كونه ذا مصلحة او له (تعالى )(1).

بـرعايته في امتثال الامر المتعلق بذات العمل , وبين ما ذكره المحقق النائيني (ره ) من ان شان العقل
الادراك لا التشريع والالزام وفي موارد دخله في الغرض , على الشارع ان يامر ثانيا بالاتيان بمتعلق
الامـر الاول بداعويته , مع ان اخبار الشارع بعدم حصول غرضه بالاتيان بذات العمل كاف في لزوم
قصد التقرب بلا حاجة الى الامر المولوي الثاني ؟
فـانـه يـقـال : نـفس الاخبار بعدم حصول غرضه , بداعي البعث الى قصد التقرب امر ثان بالاتيان به
بداعوية الامر الاول , ويظهر الفرق بين المسلكين في الرجوع الى الاصل العملي , فانه على ما سلكه
الـمـصنف (ره ) يكون المورد من موارد الاشتغال , للشك في سقوط التكليف بخلاف ما سلكه المحقق
الـنـائيـنـي (ره ), فان مقتضى البراءة الشرعية عن الوجوب الثاني هو الاكتفاء بذات العمل , نظير
الـبراءة الشرعية في موارددوران امر الواجب بين الاقل والاكثر, وكما انه مع جريان البراءة عن
تـعـلـق الـوجـوب بـالاكـثـر تكون اصالة البراءة واردة على قاعدة الاشتغال , من جهة العلم باصل
الـتـكليف والشك في سقوطه مع الاقتصار على الاقل , كذلك جريان البراءة في ناحية الوجوب الثاني
تـكـون واردة عـلـى قاعدة الاشتغال من جهة احتمال بقاء الامر الاول , وعدم سقوطه بالاتيان بذات
العمل , فتدبر جيدا.

انحاء قصد التقرب


(1) قـد يقال : ان قصد التقرب في العبادة لا ينحصر بالاتيان بالعمل بداعوية الامربذلك العمل , ليقال ان قـصـد الـتـقرب بهذا المعنى لا يمكن اخذه في متعلق الامر لماتقدم من المحاذير, بل يكون قصد
التقرب في العمل بالاتيان به بداعوية
حـسنه او بداعوية مصلحته او قصد كونه للّه (سبحانه ), فيمكن للشارع الامر بالصلاة او غيرها
بـشـرط ان يـؤتى بها للّه او لحسنها ومصلحتها, ولا يلزم من اخذ شي ء من ذلك في متعلق الامر اي
محذور.

واجاب (ره ) عن ذلك بان اخذ ما ذكر في متعلق الامر وان كان ممكنا الا ان شيئا منهاغير معتبر في
مـتـعـلـق الامر في العبادات قطعا, لانـه يكفي في صحة العمل عبادة الاتيان بقصد التقرب بالمعنى
المتقدم , ولازم صحة العمل بقصد التقرب -بالمعنى المتقدم - ان يتعلق الامر بذات العمل , بان لا يؤخذ
في متعلق الامر شي ء مما ذكر.

اقـول : يـمكن ان يؤخذ جامع قصد التقرب في متعلق الامر بالصلاة وغيرها من العبادات جزءا, ففي
هـذه الصورة , كفاية قصد التقرب بالمعنى المتقدم يكشف عن عدم اعتبار خصوص غيره , ولا ينافي
اعـتـبـار الـجامع بين انحاء التقرب وهو ان يكون عند العمل قصد يكون معه العمل للّه , نظير قوله
(سبحانه ): (واتموا الحج والعمرة للّه ) ((204)) .

وبـتعبير اخر: لا يكون ذلك الجامع قيدا لمتعلق التكليف بنحو الشرطية , ليقال ان متعلق الامر يصير
حـصة من الصلاة لا نفس الصلاة , وان الاجزاء التحليلية لاتتصف بالوجوب , بل يكون الجامع جزءا
مـن الـمـركـب على نحو ما تقدم , فيمكن للمكلف الاتيان بذات العمل بداعوية الامر الضمني المتعلق
بـنفس العمل , كما يمكن له الاتيان بالمركب من الصلاة وقصد الاتيان بها, لصلاحها او لتحصيل رضا
الرب بها.

لا يـقال : اذا فرض اخذ الجامع بين انحاء التقرب فذلك الجامع لا يمكن ان يعم الاتيان بداعوية الامر
بالعمل .

فـانه يقال : اذا فرض حصول فرد للتقرب الماخوذ في متعلق الامر, يصح الاتيان بذات الفعل مع ذلك
الـفرد من التقرب , حيث ان الفعل مع ذلك الفرد من التقرب يكون مصداقا للمجموع المتعلق به الامر,
وسراية الحكم الى الفرد, من الطبيعي الحاصل بعد الحكم لا محذور فيه , نظير قولك : (خير الكلام
ما قل ودل ) فان الحكم المذكورفيه يشمل نفسه .

وبـالـجـمـلة لو فرض امتناع اخذ التقرب -بمعنى داعوية الامر الى العمل - في متعلق الامر بذلك
الـعـمـل , لـمـا تـقدم من لزوم اتحاد الحكم والموضوع , فهذا الوجه يختص باخذ خصوص التقرب
الـمفروض لا جامع التقرب , فان اخذ جامع التقرب لايتوقف على فرض وجود الامر بالفعل في مقام
جـعل الحكم , حيث ان الاطلاق -كماتقدم - عبارة عن رفض القيود وعدم دخالتها في متعلق الحكم ,
ولا يـكـون شـي ء مـن خـصوصيات انحاء التقرب ماخوذا في متعلق الامر, فلا يلزم من اخذ الجامع
لهامحذور اتحاد الحكم والموضوع .

نـعـم قد يقال -كما عن المحقق النائيني (ره ) -: انـه كما لا يمكن اخذ قصدالتقرب -بمعنى قصد
الفعل بداعي الامر المتعلق به - في المتعلق , كذلك لا يمكن اخذ سائر وجوه القربة في متعلق الامر,
وذلك لان الدواعي كلها في عرض واحد,بمعنى كونها في مرتبة سابقة على ارادة الفعل وتنشا منها
ارادة الـفـعـل , واذا كان الامركذلك , فيستحيل تعلق الامر بالفعل بداع خاص منها, او بالجامع بينها,
وذلـك لان ارادة الـعـبـد الـنـاشـئة مـن داع مـا تـتـعـلق بالفعل ولا تتعلق بالداعي , واذا استحال
تعلق الارادة التكوينية بشي ء, استحال تعلق الارادة التشريعية به , فان ما تتعلق به الارادة التكوينية من
الـعبد يتعلق به امر المولى , ومن الظاهر ان ارادة العبد تتعلق بنفس العمل لابالداعي الموجب لارادة
الـعـمـل , حيث ان الارادة متاخرة عن الداعي , فكيف تتعلق الارادة المتاخرة بالداعي المتقدم عليها؟
واذا كان الامر في الارادة التكوينية كذلك ,فالارادة التشريعية -يعني امر المولى - ايضا كذلك فانها
تتعلق بنفس ما تتعلق به ارادة العبد لا بالداعي الموجب لارادته ((205)) .

ولـكـن لا يـخفى ما فيه , فان الداعي الموجب لارادة الفعل واختياره لا يدخل في متعلق تلك الارادة
والاختيار, واما تعلق ارادة واختيار اخرى بذلك الداعي فلامحذور فيه , ولو كان في ذلك محذور
لـمـا امـكن للمحقق النائيني (ره ) الالتزام بتعلق الامر الثاني في العبادات باستناد الاتيان بالعمل الى
داعـويـة الامر الاول المتعلق بذات العمل , فانه من تعلق الامر الثاني بالداعي الموجب لارادة الفعل .

وبتعبير اخر:يمكن للعبد ان يختار ويريد الداعي الموجب لارادته العمل .

ثم انه لو اغمض عن كل ما ذكرنا الى الان , فنقول : لا مانع عن تعلق امر الشارع بالصلاة الخالية عن
ارادتـهـا بـالدواعي النفسانية ولو بنحو التقييد, بان يكون متعلق الامر الصلاة الخاصة وهي الصلاة
الـتـي تعلقت بها ارادة غير ناشئة عن الدواعي النفسانية , وهذا الوصف يستلزم قصد التقرب , فقصد
الـتـقـرب بـنـفسه غير ماخوذ في متعلق الامر بالصلاة لا شرطا و لا جزءا, بل متعلق الامر نفس
الـصـلاة الـخـالـيـة عـن الارادة الـناشئة من الدواعي النفسانية , وعليه يتمكن المكلف من الاتيان
بالصلاة فلا مجال للاستدلال باطلاقه ولو كان مسوقا في مقام البيان على عدم اعتباره (1).

الـمـتـعلق بها الامر, فانه مع فرض الاتيان بها بداعوية الامر بها تكون تلك الصلاة هي الصلاة التي
تعلق بها الامر, فتدبر. ولعل هذا هو المراد مما حكي عن بعض تقريرات العلامة الشيرازي (ره ),
فلا يرد عليه شي ء مما ذكر حوله ((206)) .

استظهار التوصلية من اطلاق صيغة الامر


(1) قـد تـقـدم انــه (ره ) بنى على عدم امكان اخذ التقرب في مقام الثبوت في متعلق الوجوب وان الوجوب ثبوتا يتعلق بذات الفعل , سواء كان من قبيل الواجب التعبدي او التوصلي , وانما الفرق بينهما
فـي ناحية الغرض والملاك الملحوظ بنظر الشارع ,فان كان ذلك الملاك والغرض في ذات الفعل ,
يسقط الوجوب المتعلق به بالاتيان بنفس المتعلق , بخلاف التعبدي فان الملاك والغرض لايحصل الا
بوقوع المتعلق على نحو العبادة وقصد التقرب بالعمل , وحيث ان سقوط التكليف تابع لحصول الملاك
وتامين الغرض فلا يسقط التكليف في التعبديات بمجرد الاتيان بنفس متعلق الوجوب , وعلى ذلك فان
تـعـلـق الـتكليف في خطابه بفعل وكان المولى في مقام بيان متعلق التكليف في مقام الثبوت , فلا يمكن
الـتشبث باطلاق ذلك المتعلق في مقام الاثبات (يعني الخطاب ) واثبات ان الوجوب ثبوتا توصلي , لما
تقدم من عدم الفرق في مقام الثبوت بين متعلق التكليف في التوصليات والتعبديات , وان المتعلق على كلا
الـتقديرين نفس الفعل , والمفروض ان الخطاب يكون كاشفا عن التكليف ومتعلقه وموضوعه في مقام
الثبوت .

هـذا كـله -كما ذكرنا مبني على عدم امكان اخذ قصد التقرب في متعلق التكليف ولوبجعل وجوبين
على ما سلكه واما بناءا على امكان اخذ قصد التقرب في متعلق التكليف وان الواجب التعبدي والتوصلي
يـفـتـرقان ثبوتا في ناحية متعلق الوجوب فيؤخذ قصد التقرب في متعلق الوجوب الواقعي جزءا او
وصفا بنحو التخلية عن الدواعي النفسانية كما ذكرناه اخيرا, فلا مانع عن التمسك باطلاق المتعلق
فـي مـقـام الاثـبـات , وكشف ان الواجب ثبوتا توصلي بمقتضي تطابق مقام الاثبات مع الثبوت ,فيكون
الاطـلاق الـمتمسك به اطلاقا في ناحية المتعلق بخلاف ما اذا بنينا على تعين اخذ قصد التقرب في
المتعلق بالامر المولوي الثاني كما التزم به المحقق النائيني (ره ) فلا يمكن التمسك باطلاق المتعلق
وانما يتمسك باطلاق الوجوب المتعلق بذات الفعل في الامر الاول , حيث ان عدم تعقبه بالامر الثاني
الـمـتـعـلـق بـالاتـيان بالاول بنحو التعبد يقتضي التوصلية , نظير عدم تعقب الترخيص في الترك
للطلب فكما ان الاطلاق المستفاد من صيغة الامر او غيرها يقتضي كون الطلب وجوبيا,كذلك اطلاق
الـوجـوب الـمـتعلق بذات الفعل وعدم تعقبه بالوجوب الثاني يقتضي التوصلية , فلا يحتاج في اثبات
الـتوصلية الى احراز الاطلاق المقامي , ليقال ان احرازالاطلاق المقامي بالاضافة الى قصد التقرب
غـيـر مـمكن , لان احتمال التعبدية في الواجبات الشرعية ليس مما يغفل عنه العامة حتى يحتاج الى
التنبيه , كما سياتي ذلك في اعتبار قصد الوجه والتمييز في التعليقة اللاحقة .

وبـالـجملة فان احرز في مورد ان الشارع في مقام بيان تمام ما له الدخل في متعلق التكليف جزءا او
شرطا او مانعا فلا يصح للمصنف (ره ) التمسك بهذا الاطلاق المقامي , حيث ان قصد التقرب ليس مما
يـمـكن اخذه في متعلق التكليف , بخلاف ولا لاستظهار عدم اعتبار مثل قصد الوجه مما هو ناش من
قبل الامر من اطلاق المادة في العبادة (1).

ما اذا بنينا على امكان اخذه في متعلق التكليف ولو بامرين , فانه يجوز التمسك بهذاالاطلاق المقامي ,
لان قصد التقرب مثل سائر الاجزاء والشروط.

نعم اذا كان الشارع في مقام بيان تمام ما له الدخل في حصول غرضه لا تكليفه ومع ذلك سكت فيه عن
بـيـان اعتبار قصد التقرب يستكشف من هذا الاطلاق المقامي التوصلية حتى بناءا على مسلك الماتن
(ره ).

واذا فـرض عـدم الاطلاق اللفظي وعدم الاطلاق المقامي ووصلت النوبة الى الاصل العملي يكون
مـقـتضى ادلة البراءة الشرعية عدم جزئية قصد التقرب وعدم شرطيته بناءا على امكان اخذ قصد
الـتقرب في متعلق الامر ولو بامرين , حيث ان تعلق الامر بقصد التقرب او ثبوت الامر الثاني مما لا
يعلمون , فهو مرفوع كالرفع في سائر الاجزاء والشرائط, ومعها لا تصل النوبة الى قاعدة الاشتغال
كما هو مقرر في بحث دوران الامر بين الاقل والاكثر الارتباطيين .

نـعـم بناءا على ما اختاره الماتن (ره ) لا يكون المورد الا من موارد قاعدة الاشتغال , لان لزوم قصد
التقرب ليس مجعولا شرعيا حتى تجري البراءة في ناحيته لمكان الجهل بذلك المجعول الشرعي , بل
يكون عقليا, والمفروض استقلال العقل بلزوم الطاعة بنحو يحصل الغرض ويسقط التكليف المتعلق
بالفعل , كما لا يخفى .

قصد الوجه والتمييز


(1) مـا ذكـره (ره ) فـي ناحية عدم امكان اخذ قصد التقرب في متعلق الامر اجراه في ناحية اخذ قصد الوجه والتمييز ايضا والتزم بان كل قصد ناش من قبل الامربفعل , لا يمكن اخذه في متعلق ذلك
الامر لعين ما تقدم في وجه امتناع اخذ قصدالتقرب , وعليه فلو شك عند الامر بفعل في لزوم قصد
الـوجه والتمييز في حصول الغرض وسقوط التكليف به , فالعقل يستقل بالرعاية حتى يحرز سقوط
التكليف وحصول الغرض , الا ان الاطلاق المقامي المشار اليه في التعليقة السابقة بالاضافة الى قصد
الوجه والتمييز ثابت , حيث ان احتمال دخلهما في سقوط التكليف وحصول الغرض مما يغفل عنه عامة
الناس , ولو كان شي ء منهما او كلاهما دخيلافي غرض الشارع في العبادات لتعرض الى اعتبارهما
فـي الـمتعلق ولو في بعض الخطابات , مع انه لم يرد التعرض لهما في شي ء منها, ومن ذلك يعلم عدم
دخلهماوالا كان سكوت الشارع والتعويل على حكم العقل فيها من نقض الغرض .

اقـول : اخذ قصد التمييز في موارد الشبهات الموضوعية في متعلق التكليف لامحذور فيه بان يامر
الشارع بالصلاة الى جهة يعلم عند الاتيان بانها القبلة , او يامربصلاة يعلم انها مع الطهارة ونحو ذلك ,
فلا يرد فيه شي ء من محذور اخذ قصدالتقرب . وكذا الحال في قصد الوجه والتمييز اذا اريد بهما
توصيف العمل بالوجوب والندب عند الاتيان .

نـعم اذا اريد من قصد الوجه الاتيان بالعمل بداعوية وجوبه او ندبه ومن قصدالتمييز كون وجوبه
داعيا الى الاتيان به لا احتمال وجوبه , لجرى فيها ما تقدم في قصد التقرب .

في التعبدي بمعنى عدم سقوط التكليف بفعل الغير


ثـم انه يبقى الكلام في كون الواجب تعبديا او توصليا بالمعنى الاخر كما اشرنااليه في اول البحث , وهـو ان الـتكليف المتوجه الى المكلف ان كان يسقط بفعل الغيريكون التكليف توصليا, وان لم يسق
ط يـكـون تـعـبـديا, وكذا ان كان يسقط بالاتيان بالفردغير الاختياري او حتى بالفرد المحرم يكون
توصليا, ومع عدم سقوطه كذلك يكون تعبديا, فالكلام يقع في مقامات ثلاثة :
المقام الاول : ما اذا شك في سقوط التكليف بفعل الغير, فنقول : مقتضى اطلاق ايجاب فعل على مكلف ,
هـو مـباشرته في الاتيان به , حيث ان مقتضى اطلاق الوجوب ثبوته حتى على تقدير اتيان الغير به
ايـضـا, كـمـا يـاتي في بيان ان اطلاق الوجوب يقتضي كونه عينيا لا كفائيا, ثم لو لم يكن في البين
اطـلاق ووصـلـت الـنـوبـة الـى الاصـل العملي , فان كان اتيان الغير بالفعل قبل توجه التكليف الى
الـمكلف فالمرجع هي البراءة عن التكليف به , الا اذا كان في البين اصل محرز لبقاء موضوع التكليف ,
كـمـا اذا كان الولد الاكبر حين فوت ابيه صغيرا, او قد قضى ما على ابيه صغير اخر وبعد البلوغ
شك في اجزاء فعل ذلك الصبي او بقاء ما كان على ابيه على عهدته , ففي مثل ذلك لا باس باستصحاب
بقاء ما كان على ابيه , ويثبت وجوب القضاء عليه فيكون مقتضاه التعبدية , وكذا فيما كان توجه التكليف
بـالـفـعـل الـيـه قبل فعل الغير, ولا يخفى ان هذا كله فيما كان الفعل بحيث لا يستند عرفا الا الى
المباشر.

وامـا اذا كـان بـحيث يستند الى المباشر وغير المباشر مع تسبيبه , كما اذا شك في ان التقصير او
الـذبـح الواجب في الحج يعم ما كان بالتسبيب او يعتبر فيه المباشرة , فقد يقال : ان مثل ذلك يدخل في
دوران الـتكليف بين التعيين والتخيير,ويكون مقتضى الاصل التخيير, حيث ان ما دل على البراءة من
حديث الرفع ينفي خصوصية التعيين .

ويـورد عـلـيـه بـان الـتكليف لا يكاد يتعلق بفعل الغير, حيث ان فعل الغير خارج عن قدرة المكلف
واختياره , واذا لم يمكن تعلق التكليف بفعل الغير, فلا يتعلق بالجامع بين فعل نفسه وفعل الغير.

نعم يمكن تعلقه بالجامع بين فعليه من المباشرة او نفس التسبيب , الا ان لازم ذلك سقوط التكليف بنفس
التسبيب , وعلى ذلك فمرجع الشك في كفاية صدورالفعل تسبيبا الى الشك في اشتراط التكليف بعدم
حصوله من الغير ايضا, ومقتضى الاستصحاب بقاء التكليف وعدم سقوطه بفعل الاخر, بل لو اغمض
الـنـظر عن الاستصحاب لكون الشبهة حكمية وقلنا بعدم جريانه في تلك الشبهة , يتعين الرجوع الى
قـاعـدة الاشـتـغال ولا مجرى لادلة البراءة الشرعية في مثل المقام , فانه لا مجال لدعوى ان ثبوت
الـتكليف بعد صدور الفعل عن الاخر تسبيبا في هذا الفرض وبغيرتسبيب في الفرض السابق , غير
محرز, ومقتضى حديث الرفع عدم وضعه .

والـوجه في عدم المجال انصراف حديث الرفع الى الجهل بثبوت التكليف فلايجري في موارد الشك
في سقوطه بعد حدوثه , نظير انصرافه عن موارد الجهل بالتكليف للشك في القدرة على المتعلق .

والـحاصل ان كل ما تقدم في الشك في سقوط التكليف بفعل الغير مع عدم استناده الى المكلف بتسبيبه
يجري في الشك في سقوطه بفعل الغير مع استناده اليه بالتسبيب .

اقول : الصحيح التفرقة بين ما اذا كان فعل الغير لا يستند الى المكلف ولو مع تسبيبه , كما اذا استاجر
الولد الاكبر لقضاء ما على ابيه من الصيام , فان فعل الاجيرلايستند الى المستاجر فلا يقال صام الولد
عـن ابيه , وبين ما اذا استند الفعل الصادرعن الغير اليه مع التسبيب , ففي موارد عدم الاستناد يكون
سـقـوط الـتـكليف بفعل الغير باشتراط بقاء التكليف بعدم حصوله لا محالة , ومع اطلاق التكليف في
خطابه وعدم ثبوت القرينة على الاشتراط يحكم بتعبديته .

ولـو وصلت النوبة الى الاصل العملي فلابد من التفصيل -كما تقدم - بين تحقق فعل الغير قبل توجه
الـتـكـلـيـف الـيـه , فـيـرجع الى البراءة , وبين ما اذا كان فعله بعد توجه التكليف اليه , فيرجع الى
الاسـتصحاب في ناحية بقاء التكليف , ومع الغمض عن الاستصحاب لكون الشبهة حكمية , يرجع الى
اصـالـة الاشتغال , بناءا على ان اصالة البراءة لا تجري في موارد الشك في سقوط التكليف , واما في
مـوارد اسـتناد فعل الغيرالى المكلف بالتسبيب , فلا باس مع الخطاب بالتمسك باطلاق المتعلق فيه ,
فـيحكم بكفاية تحقق الفعل ولو تسبيبا. وبتعبير اخر: مقتضى الاطلاق في الامر بالتقصير اوالحلق
ونحوهما التوصيلة في وجوبهما.

ودعوى -ان الاطلاق لا يعم الفعل التسبيبي لانـه من فعل الغير وفعل الغيرخارج عن قدرة المكلف
واخـتـيـاره فلا يمكن تعلق التكليف به , ولو كان فعل الغيرمجزيا لكان عدم حصوله شرطا في بقاء
الـتـكـليف لا محالة , كما في الفرض الاول ,واطلاق التكليف يدفع هذا الشرط- لا يمكن المساعدة
عـليها, لان المكلف به في الحقيقة في موارد الاستناد الى الشخص ولو بالتسبيب , ايجاد استناد الفعل
الـى نفسه , وهذا الايجاد يكون بالفعل مباشرة وبالتسبيب في فرض حصوص الفعل عن الاخر, نظير
نـذر بـيع متاعه , فان متعلق النذر يحصل بالمباشرة في بيعه او بالتسبيب ,ولا يكون مقتضى وجوب
الـوفـاء بـنـذره فـيـما اذا قال : (للّه علي ان ابيع متاعي هذا)بيعه بالمباشرة ولا تخييره بين بيعه
بالمباشرة او امر الغير ببيعه ولو مع عدم حصول البيع .

ومـمـا ذكرنا يظهر انه مع عدم الاطلاق ووصول النوبة الى الاصل العملي يكون الموردمن موارد
دوران مـتـعـلـق الـوجوب بين كونه خصوص الفعل مباشرة او ايجاد الاستنادفي تحققه الى نفسه
الحاصل بالفعل مباشرة او بالتسبيب , ومقتضى اصالة البراءة عن تعين المباشرة الاكتفاء بالتسبيب , لان
الرفع في ناحية تعلق التكليف بالاستناد اليه في تحققه خلاف الامتنان , حيث ان في هذا التعلق توسعة
على المكلف .

في التعبدي بمعنى سقوط التكليف بالفرد غير العمدي


الـمـقام الثاني : ما اذا شك في سقوط التكليف بالفرد الغير العمدي , اي ما يكون تحققه مع الغفلة وعدم الالـتـفـات , فـقـد يقال بعدم السقوط لانصراف الافعال الى صورة التعمد والاختيار, وتكون دعوى
الانصراف في ناحية المواد تارة وفي ناحية الهيئات اخرى .

وناقش المحقق النائينى (ره ) في دعوى الانصراف سواء كانت في ناحية موادها او هيئاتها بان معنى
الـمادة هو الطبيعي الذي يكون صدقه على تمام افراده بالتواطى ء, والهيئات دالة على انتساب المواد
الـى الـذوات وقيامها بها, ويشترك في ذلك الانتساب التعمدي وغيره , ولذا ذكر الفقهاء الضمان في
اتـلاف مال الغير غفلة وبلا التفات اخذا بعموم قاعدة من اتلف , وذكروا عدم حكومة حديث الرفع
عـلـى مـا بـين في محله , ولم ينكر ذلك احد منهم , بدعوى انصراف الاتلاف الى صورة التعمد, نعم
الـعـناوين القصدية التي لا تتحقق الا بالاعتبار والانشاء تتوقف على قصدها, لا لانصراف الفعل الى
التعمد, بل لعدم الفعل مع عدم القصد, حيث ان الانشاء والاعتبار مقومهما القصد.

هـذا بـالاضـافة الى الاختيار بمعنى التعمد والالتفات , واما الاختيار المقابل للجبروالقهر فلا يبعد
دعوى انصراف الفعل اليه كما ذكر الشيخ (ره ) في بحث خيارالمجلس بان تفريق المتبايعين بالقهر
والـجـبـر لا يـوجـب سقوط الخيار لانصراف الافتراق الماخوذ غاية له في الروايات الى ما كان
بالاختيار.

ثـم انه (ره ) قد ذكر وجهين للانصراف في خصوص صيغة الامر وما بمعناهابالاضافة الى التعمد
بمعنى الالتفات وبالاضافة الى الاختيار بالمعنى المقابل للقهروالجبر.

الاول : اعتبار الحسن الفاعلي في تعلق الامر والطلب بالمادة , ومن الظاهر ان الحسن الفاعلي لا يكون
من دون القصد والالتفات , وبتعبير اخر: تعلق الطلب بالمادة قرينة على كون متعلقه خصوص الحصة
الاخـتـيارية , ومقتضى مذهب اهل الحق عدم تعلق امر الشارع الا بما فيه صلاح العباد, وكون الفعل
كذلك يوجب استحقاق فاعله المدح مع القصد والالتفات لا مطلقا. وبالجملة الحسن الفعلي تابع للملاك
في الفعل ولا يتوقف على الارادة والاختيار, ولكن الحسن الفاعلي لا يكون الا مع العمدوالالتفات .

الـثـانـي : ان مفاد الهيئة في صيغة الامر وما بمعناها هو البعث والتحريك , وهذا البعث والتحريك لا
يكون الا نحو الفعل الارادي .

وعـلـيه فسقوط التكليف بالفرد غير الاختياري يكون من جهة عدم تقييد الوجوب والطلب بحصول
الـواجب عن التفات , لا لشمول الطلب له ايضا, واذا كان الامركذلك فاطلاق الوجوب وعدم ورود
القيد عليه مع كونه في مقام البيان , مقتضاه التعبدية وعدم اجزاء الفرد غير العمدي والاختياري , بل
الامر كذلك حتى لو وصلت النوبة الى الاصل العملي فان استصحاب بقاء الموضوع او الحكم ولا اقل
من قاعدة الاشتغال , مقتضاه بقاء التكليف ولزوم احراز سقوط التكليف ((207)) .

وفـيـه : امـا الوجه الاول , فالحق انه لا موجب لاعتبار الحسن الفاعلي في كون فردمصداقا لمتعلق
التكليف , فانه لو كان فيه الملاك الموجود في سائر الافراد لعمه الطبيعي المطلوب صرف وجوده ,
نـعـم اذا كان الطبيعي عنوانا قصديا فلا يكون ما هوبغير العمد والقصد فردا للطبيعي , كما انـه لو
كان الواجب تعبديا لا يسقط الا مع الاتيان بقصد امتثال الامر, فلا يكون المغفول عنه وغير المقصود
فـردا او واقـعـا بـنـحـوالـعـبادة , وهذا خارج عن محل الكلام على ان الحسن الفاعلي لا يتحقق
بـمـجـردالـتـعـمد والالتفات , بل لابد من حصول الفعل بقصد التقرب , وهذا يوجب ان تكون جميع
الواجبات تعبدية .

وامـا الـوجـه الـثـاني , وهو تعلق البعث والتحريك بخصوص الحصة المقدورة وعدم امكان تعلقهما
بالطبيعي بجميع وجوداته مع فرض خروج بعضها عن الاختيار, فيرد عليه :
اولا: انه ينافي ما ذكره (ره ) في بحث الضد ((208)) من جواز التمسك باطلاق الطبيعي المتعلق به
الـتـكليف لاثبات الملاك في فرده غير المقدور والمزاحم , حيث انه بعدفرض كون متعلق التكليف
في نفسه الحصة المقدورة كيف يمكن التمسك باطلاقه .

وثـانيا: ان الاطلاق في المتعلق هو رفض القيود عنه , فيمكن تعلق التكليف بطلب صرف الوجود من
الطبيعي الملغى عنه القيود وخصوصيتها, فيما كان فرد منه مقدورا, اللهم الا ان يقال : ان الترخيص
كالبعث والطلب لا يتعلق بالحصة الخارجة عن الاختيار او المغفول عنها, وعليه فلا يتم الاطلاق في
نـاحـية المتعلق بالاضافة اليها, فان وجود الملاك في كل فرد من الطبيعي يستفاد من الترخيص في
الـتـطـبيق عليه , الملازم لاطلاق المتعلق , ومع احتمال اختصاص الملاك بفرده الاختياري يحتمل
اكـتفاء الامر في بيان ذلك باعتماده على التكليف بالطبيعي , حيث لا يعم معه الترخيص في تطبيقه الا
افراده المقدورة وغير المغفول عنها.

ومـمـا ذكـرنـا يـظهر ضعف ما عن سيدنا الاستاذ (ره ) في المقام من ان معنى صيغة افعل ليس البعث
والـطـلـب , بـل مـعـناها اعتبار المبدا على عهدة المكلف والاعتبارعلى العهدة لا يوجب تقييدا في
المعتبر, بان يكون ما على ذمته الحصة المقدورة ,ليقال ان اجزاء غير المقدورة يحتاج الى التقييد في
الـتكليف , ومع عدم ثبوته يكون مقتضى اطلاق البعث والايجاب عدم الاجزاء, ومع وصول النوبة الى
الاصل العملي يكون مقتضى استصحاب التكليف او قاعدة الاشتغال لزوم رعاية احتمال بقاءالتكليف .

وبالجملة اذا كان ما على العهدة نفس الطبيعي بلا تقييد, يستقل العقل بافراغهاولو مع تمكنه من فرد,
ولا مـجال لدعوى ان تحريك المولى يتعلق بما يقدر العبدعلى التحرك نحوه , لما ذكر من عدم كون
مفاد صيغة الامر تحريكا وبعثا.

لا يقال : ما فائدة اعتبار الطبيعي على العهدة دون الحصة المقدورة ؟
فـانـه يـقـال : فائدة ذلك الاعلام بوجود الملاك في الطبيعي كيفما تحقق , وعلى ذلك فيكون مقتضى
الاصل العملي ايضا عند حصول الفرد غير الاختياري البراءة عن التكليف ((209)) .

اقـول : لازم هـذا الـكلام الالتزام بالاجزاء حتى فيما اذا كان الطبيعي يحصل بفعل الغير,فان المادة
مـوضـوعـة لـنفس الطبيعي , وهيئة افعل دالة على كون ذلك الطبيعي على عهدته , فعليه الاتيان به
مباشرة او تسبيبا.

هـذا مـضافا الى انـه (ره ) قد التزم بان اطلاق متعلق التكليف يستتبع شمول الترخيص في التطبيق
لـجـمـيع افراد الطبيعة , ولكن لو كان الامر كما ذهب اليه (ره ) ((210)) لما كان اطلاق المتعلق
مـستلزما للاطلاق الشمولي في التطبيق بحيث يشمل جميع الافراد حتى غير المقدورة , اذ اعتبار
الـفعل على الذمة وان كان لايوجب تقييد المتعلق الا ان الترخيص في التطبيق يقيد لا محالة , وعليه
فاطلاق المتعلق لم يكن كاشفا عن اطلاق الترخيص في التطبيق .

وقـد تـقـدم ان الـمـتـفاهم العرفي من هيئة صيغة الامر هو الطلب المعبر عنه ب(فرمان ) في اللغة
الفارسية , والاعتبار في الذمة اذا كان بداعي الطلب يكون كناية عن الطلب , واذا كان بداع اخر كما
في موارد المعاملات والاجارة , فهذا شي ء اخر لايرتبط بالامر والتكليف , كما لا يخفى .

المبحث السادس قضية اطلاق الصيغة كون الوجوب نفسيا تعيينيا عينيا(1).

في التعبدي بمعنى عدم سقوط التكليف بالفرد المحرم


وامـا الـمـقام الثالث : وهو سقوط التكليف بالفرد المحرم , فلا ينبغي التامل في ان حرمة فرد توجب تقييد متعلق التكليف بغيره , فالحكم بسقوط التكليف مع الاتيان به يحتاج الى احراز اشتماله على ملاك
سائر الافراد, اذ مع خروجه عن خطاب الامربالتقييد -لمنافاة حرمته مع الترخيص في التطبيق -
لا يـكون في البين كاشفا عن الملاك فيه , ومقتضى اطلاق الامر بالطبيعي المقيد بغيره لزوم الاتيان
بغيره حتى لووصلت النوبة الى الاصل العملي , فمقتضى قاعدة الاشتغال على ما هو المعروف عندهم
لزوم احراز سقوط التكليف .

وان قيل بان حرمة فرد لا يوجب تقييد متعلق التكليف بغيره , وانه يجوزاجتماع الامر والنهي , يكون
الاتـيان بالفرد المحرم كالاتيان بسائر الافراد في سقوطالتكليف به . نعم اذا كان المتعلق مما يعتبر
الاتيان به على نحو العبادة , فربما يحكم بفساده لعدم حصول قصد التقرب مع حرمة الفرد ووقوعه
مبغوضا, بخلاف مواردسقوط النهي , او كونه معذورا لجهة , فيحكم بصحته عبادة .

ثم لا يخفى انه لا وجه لتقييد خطاب الامر بخطاب النهي اذا كان الامر ارشاديا,كما في الامر بغسل
الـثوب , فانه ارشاد الى كون طهارته بالغسل , فيعم الغسل بالماءالمباح والمغصوب , ولا ينافيه النهي
عن الغصب .

مقتضى اطلاق صيغة الامر


(1) الـظاهر ان مراده (ره ) من الاطلاق , اطلاق نفس الدال على الوجوب وهو هيئة افعل حيث ان الوجوب مستفاد منها, وذكر (ره ) ان للوجوب في كل واحد ممايقابلها تقيد وتضييق لدائرته , وكانه
في مقابل الاول يتقيد بفعلية وجوب فعل اخر,وفي مقابل الثاني بترك الفعل الاخر, وفي مقابل الثالث
بما اذا لم يات به شخص اخر, فاذا كان الامر بصدد البيان ولم يذكر دالا على ذلك التقييد والتضييق
يكون مقتضى الاطلاق كونه نفسيا تعيينيا عينيا.

اقـول : لا يكون في موارد الوجوب التخييري وجوب الفعل مقيدا بترك فعل اخر,حيث ان لازم هذا
التقييد فعلية الوجوبين مع ترك متعلقها بان يعاقب المكلف بعقابين لتركه كلا من الفعلين .

مع ان الغرض الملزم اذا كان حاصلا باحد الفعلين , فلا موجب لتعدد الامروالوجوب , بل يصح الامر
بالجامع بينهما, ولو كان ذلك الجامع امرا انتزاعيااعتباريا.

وعـلـى ذلـك يكون اثبات كون الوجوب تعيينيا باطلاق متعلقه بمعنى عدم ذكرالعدل له فانه لو كان
تـخـيـيريا لذكر في الخطاب تقيد متعلقه بفعل اخر, بعطفه عليه بلفظة او ليكون كاشفا عن تعلقه
ثبوتا بالجامع بينهما.

نعم , لا مانع في الواجب الكفائي من تقيد مدلول الهيئة بما اذا لم يتحقق طبيعي الفعل من الاخرين , وان
كل واحد ممن اعتبر الوجوب في حقه يستحق العقاب فيما اذا تركوا الفعل .

واذا كـان المتكلم في مقام البيان ولم يذكر في خطابه تقييد للامر بذلك , يكون مقتضاه كون الوجوب
عينيا.

وامـا الـوجـوب النفسي , فان ظاهر الامر بفعل هو كونه بداع البعث لا الارشادالى دخله في متعلق
تـكـلـيف اخر شرطا او شطرا, وهذا الظهور ناش من عدم تقيدالامر بارادة الاتيان بمتعلق تكليف
اخـر, كـما في اية الوضوء, وعلى ذلك فالصحيح ان يقال : ان اطلاق الامر بفعل وعدم تقييده بارادة
الاتيان بمتعلق تكليف اخر, مقتضاه كون وجوبه نفسيا.

وكذا عدم تقيد وجوب فعل بما اذا وجب فعل اخر, فان اثبات الوجوب الغيري بتقييد الامر بفعل , بما
اذا وجب فعل اخر وان كان غير صحيح , لامكان كونهمانفسيين في وقت واحد, كالامر بالاقامة عند
وجوب الصلاة , الا ان عدم التقييدكذلك كاشف عن كون وجوب الفعل نفسيا.

وبـتـعـبير اخر: لا يكفي في اثبات الغيرية مجرد تقييد وجوب الفعل بما اذاوجب الاخر, حيث ان
الـوجـوب الـغيري اضافة الى تقيده بما اذا وجب الفعل الاخر,لابد ان يكون متعلقه ماخوذا في ذلك
الـفعل الاخر فيكون شرطا له , او يكون الفعل الاخر مما يتوقف عليه خارجا فيكون مقدمة له , ولذا
يـكون وجوبه غيريا, فمجردالتقييد كذلك لا يكفي لاثبات الغيرية , الا ان عدم التقييد كذلك يكشف
عن نفسية الوجوب .

ولا يـخـفـى انــه يمكن اثبات كون وجوب الفعل نفسيا باطلاق متعلق الوجوب الاخر, فان مقتضى
اطـلاقـه عـدم اخـذ المشكوك في نفسية وجوبه في ذلك المتعلق ,فيكون وجوب المشكوك نفسيا,
لجواز اثبات اللوازم بالاصول اللفظية .

وقـال الـمـحقق الاصفهاني (ره ) في ذيل كلام المصنف (ره ): لا يخفى ان لكل من الوجوب النفسي
والـغـيـري قيدا, ضرورة خروج الوجوب عن الاهمال بالقيد, ولكن القيد في الوجوب النفسي وما
يماثله لا يخرج عن طبيعة الطلب عرفا.

ثـم قال : التحقيق ان لكل من الوجوبين قيدا, ولكن القيد في الوجوب الغيري امروجودي وهو نشوء
وجوب فعل وانبعاثه عن وجوب فعل اخر, والوجوب النفسي قيده عدمي , وهو عدم انبعاث وجوبه
عن وجوب فعل اخر, لا ان للوجوب النفسى قيدا وجوديا هو انـه يجب , وجب هناك شي ء اخر ام لا,
كـمـا هو ظاهر المصنف (ره )ضرورة ان مجرد اقتران وجوب شي ء بوجوب شي ء اخر لا يوجب
كون وجوبه غيريا, بل الوجوب الغيري نشوء وجوب فعل عن وجوب فعل اخر, واذا ثبت بمقدمات
الـحكمة عدم بيان هذا القيد الوجودي يثبت النفسية في وجوبه , لكون القيد فيه عدميا وليس مقتضى
الاطلاق ثبوت وجوب , سواء كان ناشئا عن وجوب فعل اخر ام لا, فان اطلاق الوجوب بهذا المعنى
غـيـر مـعـقول . وكذا الحال في الوجوب التعييني والتخييري فان التخييري هو الوجوب المشوب
بـجـواز تـرك الـفـعـل الـى بدل , والتعييني هو الوجوب الذي لا يكون كذلك , لا الوجوب المقترن
بجوازالترك وعدمه .

ثـم قـال : وتوهم ان الحكمة لا تقتضي كون الوجوب تعيينيا, حيث لا يلزم من عدم بيان فرد اخر من
الـوجـوب نقض الغرض فاسد, فان الغرض بيان نحو وجوب الفعل وكيفية وجوبه وعدم ذكر القيد
يكون نقضا لهذا الغرض , وليس المراد من الغرض ,الغرض الباعث الى التكليف , مع انه يلزم نقض هذا
الغرض ايضا فيما اذا تعذر مااكتفى ببيان التكليف به ((211)) .

وذكر بعض الاعاظم ان الامر بالشي ء يحمل على كون وجوبه نفسيا تعيينياعينيا, الا ان هذا الحمل
لمجرد بناء العقلاء واستمرار سيرتهم على ذلك من غير ان يدخل في الدلالة اللفظية -وضعية كانت
او انـصرافية او كشف العقلاء عن الاطلاق -فان امر المولى وبعثه بفعل تمام الموضوع لاحتجاجه
على العبد ولا يجوز له التقاعدعن موافقة مطلق بعثه , سواء كان باحتمال ارادة الندب او العدول الى
الفعل الاخرباحتمال التخيير او الترك مع اتيان شخص اخر بالفعل , لاحتمال الكفائية او عدم الاتيان
بـه عند عدم التكليف بالفعل الاخر, لاحتمال الغيرية , فان على ذلك سيرتهم وبنائهم وان لم يتبين لنا
وجـه هـذا البناء, وليس لامر راجع على دلالة اللفظ, ولذايجري في الموارد التي يكون فيها البعث
بنحو الاشارة ايضا ((212)) .

/ 26