اقسام القدرة - أصول نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

أصول - نسخه متنی

جواد تبریزی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


(1) حـاصله : ان المناط في فعلية الوجوب الغيري للمقدمة وكونها بحيث يلزم على المكلف تحصيلها هـو حـالـيـة الوجوب في ذي المقدمة وفعليته , سواء كان نفس ذي المقدمة امرا حاليا او استقباليا,
كـالـصـوم فـي الـغد والمناسك في الموسم ,ولايفرق ايضا في فعلية وجوب ذيها بين كون وجوبه
مـشروطا قد تحقق ذلك الشرط,كما اذا كان مشروطا بنحو الشرط المتقدم او المقارن , او يتحقق
في ظرفه , كما اذا كان وجوبه مشروطا بنحو الشرط المتاخر او كون وجوبه مطلقا بنحو الواجب
الـمـنـجـز, اوبـنـحو الواجب المعلق , فانه مع حالية وجوب ذي المقدمة يجب على المكلف مقدماته
الوجودية .

نعم فيما كانت مقدمة الوجود قيدا للوجوب ايضا, او كانت مقدمة الوجودماخوذة في الواجب بنحو لا
يـسـري اليها الوجوب الغيري , كما اذا اخذت عنواناللمكلف , كالمسافر والحاضر والمستطيع , او
كـان الـواجـب هو الفعل المقيد باتفاق حصوله باختيار المكلف او بلا اختياره , لم يتعلق بها الوجوب
الغيري ولم يلزم تحصيلها.

والوجه في عدم اتصاف مقدمة الوجوب وشرطه بالوجوب الغيري فيما اخذبنحو الشرط المتقدم او
الـمـقـارن ظاهر حيث لا فعلية لوجوب ذي المقدمة قبل تحققه , وبعد تحققه لا معنى لتعلق الوجوب
الـغيري به , لانـه من طلب الحاصل ,وكذا فيما كان القيد عنوانا للمكلف , فان وجوب الصلاة قصرا
يـتـوقـف عـلى السفرخارجا ليصير المكلف مسافرا, ومعه لا معنى لتعلق الوجوب الغيري بالسفر
بعدصيرورة المكلف مسافرا لانـه من طلب الحاصل .

وذكر (ره ) ان الامر فيما كان القيد شرطا للوجوب بنحو الشرط المتاخر او كان الفعل المقيد بقيد
اتفاقي موردا للتكليف ايضا كذلك , بمعنى ان تعلق الوجوب الغيري بالقيد يكون من طلب الحاصل , وكذا
فيما اخذ القيد عنوانا للمكلف بنحوالشرط المتاخر.

ولـكـن قد يتوهم ان الشي ء اذا كان شرطا للوجوب بنحو الشرط المتاخر لا يلزم من تعلق الوجوب
الغيري به طلب الحاصل , لان فعلية الواجب تكون قبل تحقق ذلك الشرط, ولكنه فاسد, فان اشتراط
وجوب الواجب بشي ء يلازم اشتراط وجوب مقدماته ايضا بذلك الشي ء بمقتضى التبعية في الملازمة ,
ولو كان نفس ذلك الشي ءايضا واجبا غيريا لكان وجوبه ايضا مشروطا بحصول نفسه , وهذا من طلب
الحاصل .

وبـهذا يظهر الحال فيما اذا كان انطباق عنوان على المكلف فيما بعد شرطالتكليفه فعلا بالفعل , فان
الامـر الـغـيـري لا يـمكن ان يتعلق بتطبيق ذلك العنوان , بناءعلى ما تقدم من رجوع تقييد الواجب
بالوجود الاتفاقي للقيد -كجعله عنواناللمكلف - الى اشتراط وجوب الفعل به بنحو الشرط المتاخر,
وظاهر ذيل كلام ان قلت : لوكان وجوب مقدمة في زمان كاشفا عن سبق وجوب المقدمة (1).

الـمـاتـن (ره ) يـسـاعد على ذلك ايضا, فتدبر تجزم انـه لا معنى للوجود الاتفاقي للقيدغير كون
المكلف مطلق العنان بالاضافة الى ذلك القيدالاختياري , ولازم كون المكلف مطلق العنان بالاضافة اليه
جعل التكليف الفعلي على تقدير حصوله , كماهو الشان في جميع قيود التكليف ثبوتا.

فتحصل من جميع ما ذكرنا ان الواجب التعليقي والواجب المشروط بالشرطالمتاخر على اصطلاح
الـشيخ (ره ) والمشهور مرجعهما الى امر واحد ثبوتا, فيكون التكليف على تقدير حصول ذلك القيد
الـمـتـاخـر, فعليا قبله لحصول شرطه المتاخرفي موطنه , سواء كان القيد امرا غير اختياري او
اختياريا.

وثمرة فعلية التكليف قبل حصول شرطه المتاخر هو لزوم الاتيان بمقدماته الوجودية تعينا فيما اذا
لم يتمكن المكلف -على تقدير عدم تحصيلها فعلا من الاتيان بمتعلق التكليف فيما بعد, وبنحو التوسعة
والتخيير فيما اذا تمكن منه بالاتيان بالمقدمة بعد ذلك .

(1) هذا اشكال على ما التزم به (ره ) من ان وجوب المقدمة قبل زمان ذيهايكشف انا عن سبق وجوب
ذلك الواجب وكون وجوبه فعليا, وان كان نفس الواجب فعلا استقباليا.

وحاصل الاشكال انه بناءا على كشف حالية وجوب المقدمة عن فعلية وجوب ذيها يكون فعلية وجوب
ذيـها موجبا لتعلق الوجوب الغيري بسائر مقدماته ايضا ولو موسعا, فتجب المبادرة الى تلك المقدمات
قـبـل زمـان الواجب فيما اذا لم يتمكن المكلف منها بعد زمان الواجب لولا المبادرة , مع ان الامر ليس
كذلك في سائر المقدمات .

واجـاب (ره ) بـانـه يـلتزم بهذه المبادرة الا اذا كانت القدرة الماخوذة من ناحية سائر المقدمات او
بـعـضها قدرة خاصة وهي القدرة عليها بعد مجي ء زمان الواجب لامطلق القدرة ولو في زمان وجوب
الواجب .

وبيان ذلك ان المقدمة الوجودية وان لم تكن بنفسها قيدا لوجوب ذيها الا ان التمكن على تلك المقدمة
يـكـون قـيـدا لـلتكليف بذيها لا محالة , ولذا لا يجب الشي ءفيما اذا لم يتمكن المكلف على مقدمة من
مـقـدمـاتـه , والتمكن على المقدمة المعتبرفي التكليف بذيها ليس خصوص التمكن عليها بعد حصول
ظـرف الاتـيـان بـنـفـس الـواجب , بل الاعم منه ومن التمكن عليها في زمان التكليف بذيها. واذا لم
يجب تحصيل مقدمة قبل حصول ظرف الواجب بحيث اذا لم يات بها لم يتمكن عليها في ظرف الواجب ,
يـكـون ذلـك كـاشفا عن كون المعتبر من التمكن عليها في وجوب ذيهاهي القدرة عليها بعد حصول
ظـرف الواجب وحال العمل به لو ثبت عدم وجوب التحفظ حتى بعد حصول ظرف الواجب , كجواز
اجناب المكلف نفسه بعد حصول ظرف الواجب -يعني الصلاة -, ولو مع علمه بانه لا يتمكن من الغسل
مـع اجـناب نفسه , يكون ذلك كاشفا عن كون المعتبر في وجوب الصلاة مع الطهارة المائية من حدث
الـجـنابة خصوص التمكن على تلك الطهارة في ظرف القيام الى الصلاة المعبرعن ذلك بالقدرة على
المقدمة حال العمل .

اقـول : قـيام الدليل على وجوب مقدمة في زمان -كما في وجوب الغسل في الليل بالاضافة الى صوم
الغد- لا يكون كاشفا عن فعلية التكليف بذيها في ذلك الزمان , فان تعلق الوجوب الغيري بشي ء ليس الا
لـتوقف الواجب عليه , واذا فرض توقف استيفاء الصلاح الملزم في الواجب على الاتيان بشي ء بحيث
لا يـمكن استيفاء الصلاح بدونه , يكون العقل حاكما بلزوم تحصيل القدرة عليه بتحصيل ذلك الشي ء,
ولو قبل فعلية وجوب ذلك الواجب .

وقد ذكرنا عند التعرض لوجوب التعلم ان تفويت الغرض الملزم للمولى -كمخالفة تكليفه - قبيح في
نـظـر الـعقل , وعليه فلو فرض ان الواجب كذلك ولم يكن للمكلف سبيل الى معرفة ذلك , لكان على
المولى الحكيم الامر بتلك المقدمة والبعث اليها قبل البعث الى ذيها, ولا نتعقل لهذا الوجوب معنى غير
الوجوب الغيري .

ومـا يـسـمـى بالوجوب النفسي التهيئي بحيث يتعدد العقاب في صورة المخالفة او يكون العقاب على
مخالفة الامر بتلك المقدمة لا يمكن الالتزام به مع استقلال العقل بانه يصح للمولى مؤاخذة العبد على
تـفويت الملاك الملزم في ذلك الواجب في ظرفه , ولو بتعجيز نفسه بترك تلك المقدمة التي امر بها
المولى قبل الامر بذيها.

وبـتعبير اخر: فعلية وجوب المقدمة تتبع فعلية ملاك ذيها فيما كانت تلك المقدمة دخيلة في استيفاء
مـلاك ذيـهـا, بخلاف المقدمة التي يكون التمكن عليها في ظرف الواجب دخيلا في اصل ملاك ذلك
الواجب , فانه لا يصح للمولى الامر بتلك المقدمة قبل مجي ء ظرف ذلك الواجب .

ثم انه لا مانع من ان يكون ملاك الواجب بالاضافة الى مقدمة من مقدماته فعليا, وبالاضافة الى سائرها
غـير فعلي , فلا يكون تعلق الوجوب الغيري بالاول كاشفا عن فعلية وجوب ذيها, وانما يكون كاشفا
عن فعلية الملاك وملزميته بالاضافة الى تلك المقدمة , ولذا ذكرنا في بحث الشرط المتاخر للواجب
ان وجوب الصوم عن المستحاضة يسقط بدخول الليل , لكون بقاء وجوبه لغوا, ولكن الوجوب الغيري
المتعلق باغتسالها في الليل باق , لبقاء الملاك الملزم وعدم حصوله بدونه .

ومـا فـي بعض الكلمات من ان ايجاب مقدمة في مورد قبل ايجاب ذيها, من الايجاب للغير لا الايجاب
بـالـغير, لا يرجع الى امر صحيح بعد الاحاطة بما ذكرنا من ان الايجاب الغيري للمقدمة يتبع فعلية
مـلاك ذيها من ناحيتها لا فعلية الامر بذيها,وسنذكر فيما بعد من انـه لو كان للوجوب الغيري اثر,
حتى يكون مولويا فهو هذاالمورد.

وجـمـيـع مـا ذكـره الماتن (ره ) وغيره مبني على كون فعلية وجوب فعل متوقفة على تعلق ارادة
المولى بذلك الفعل , ويلزم من ارادته ارادة ما يتوقف عليه ذلك الفعل من المقدمات قهرا, ولكن قد تقدم
مـنـا عدم تعلق ارادة المولى بفعل العبد, بل تتعلق بفعل نفسه وهو البعث نحو الفعل لملاك ملزم يكون
ذلـك الملاك داعيا له الى البعث نحوه , واذا اختلفت مقدماته من حيث دخلها في ذلك الفعل ملاكا يبعث
الـى مقدمته التي لها دخل في ملاكه مطلقا قبل مجي ء ظرف ذلك الفعل كما تقدم من غيران يطلب نفس
الفعل قبل مجي ء ظرفه .

لا يقال : الامر بمقدمة قبل التكليف بذيها ارشاد الى دخلها في ملاكه الملزم مطلقا, فلا يدخل الامر بها
فـي الـتـكـليف المولوي بالمقدمة , ليقال انه غيري لا نفسي تهيئي , فقاعدة الملازمة بين ايجاب ذي
المقدمة ومقدمته في الفعلية وعدمهالم تنتقض .

فـانه يقال : جميع الاوامر المولوية -نفسية كانت او غيرية - تكشف عقلا-بمقتضى حكمة المولى -
عن ثبوت الملاك في متعلقاتها نفسيا او غيريا, وهذالايوجب الارشادية , بل لو لم يامر المولى بالفعل
واخـبـر ان لـه فـيـه ملاكا ملزما بداعي البعث اليه يعتبر هذا امرا وطلبا مولويا قاطعا لعذر العبد
ومصححا لاحتجاجه عليه فيما اذا لم يات بالفعل المفروض مع تمكنه عليه .

ومـما ذكرنا يظهر انـه لو ترك المكلف المقدمة التي وجبت عليه قبل التكليف بذيها, لم يكن في حقه
تـكـلـيـف بذيها فيما بعد, فان تكليفه به لغو محض , ولكن مع ذلك يستحق العقاب على تركه وتفويته
ملاكه الملزم , والامر الغيري بتلك المقدمة مصحح لهذا الاستحقاق , حيث ان الامتناع بسوء الاختيار
ينافي التكليف ولا ينافي استحقاق العقاب .

اقسام القدرة


فـتحصل مما ذكرنا: انـه قد تكون القدرة على الواجب في ظرفه دخيلة في ملاكه الملزم , بحيث لا يـكون في حق العاجز عنه في ذلك الظرف فوت ملاك ملزم ,فيجوز في هذا الفرض للمكلف تعجيز
نفسه قبل حصول ظرف ذلك الواجب .

وقـد تـكون القدرة عليه في ذلك الظرف دخيلة في مجرد استيفاء الملاك ,بحيث يفوت على العاجز
عـنـه فـي ذلـك الـظـرف الملاك الملزم , وفي هذه الصورة لايجوز للمكلف تعجيز نفسه قبل ذلك
الـظرف , بل يجب عليه التحفظ وتحصيل القدرة عليه , ولا مانع من ان يكون تحصيل القدرة عليه من
ناحية بعض مقدماته من قبيل القسم الثاني , وفي ناحية بعضها الاخر من قبيل الاول .

ويستكشف كون القدرة في ظرف الواجب كذلك -اي دخيلة في مجردالاستيفاء- بتوجيه التكليف به
ولـو قـبل مجي ء ظرف الواجب ان كانت ماخوذة بنحوالشرط المتاخر او الامر بمقدمته التي تكون
القدرة على الواج -ب في ظرفه دخ -يلة ان قلت : لو كان وجوب المقدمة في زمان كاشفا (1) .

في مجرد استيفاء ملاكه كما في الامر بالاغتسال على الجنب والحائض في الليل لصوم الغد.

وقـد يقال : بانه اذا لم يؤخذ في خطاب الامر بفعل قدرة المكلف عليه بان كان الحاكم بتقييد موضوع
ذلـك التكليف , العقل بملاك قبح خطاب العاجز وتكليفه ,تكون القدرة فيه شرطا في استيفاء الملاك ,
بـخلاف ما اذا اخذت القدرة عليه في خطاب التكليف , فانه لا يستفاد منه ثبوت الملاك الا في صورة
القدرة عليه , فتكون دخيلة في اصل الملاك لا استيفاءه .

ولـكـن الـصـحيح ان الكاشف عن الملاك هو التكليف بالفعل , فاذا فرض عدم ثبوت التكليف في حق
العاجز عن العمل ولو بحكم العقل , فلا كاشف عن الملاك واحراز كون القدرة على العمل دخيلة في
اسـتـيـفـاء الـملاك فقط يحتاج الى التكليف الفعلي بذلك العمل ولو بنحو الشرط المتاخر او الامر
بمقدمته قبل زمان الواجب ,بحيث لو لم يات المكلف بتلك المقدمة قبله لما تمكن عليه في ذلك الظرف
المتحدمع زمان التكليف به .

(1) قد التزم (ره ) بان وجوب مقدمة من مقدمات الواجب في زمان يكشف عن فعلية الوجوب المتعلق
بذلك الواجب في ذلك الزمان , ويرد على هذا الالتزام امران :
احـدهـما: ما تقدم من انه قد تكون مقدمة الواجب في زمان واجبة مع العلم بعدم فعلية وجوب الواجب
فـي ذلـك الـزمـان , كما في وجوب معرفة بعض العبادات ,كالصلاة قبل مجي ء زمان وجوبها, مع ان
وجوبها يكون بدخول الوقت .

وقـد اجـاب عن هذا الامر بان الوجوب الغيري لمقدمة يكشف عن فعلية وجوب ذيها في ذلك الزمان
بطريق الان لامحالة , سواء كان فعلية وجوبه بنحوالواجب المعلق او المشروط بالشرط المتاخر,
والامـر في مثل تعلم اجزاء الصلاة وشرائطها قبل الوقت ليس للوجوب الغيري بل للوجوب النفسي
التهيئي .

وثانيهما: ما اشار اليه بقوله : ان قلت : لو كان ... الخ وتقرير الاشكال انه اذاكشف وجوب مقدمة قبل
ظرف الواجب عن فعلية وجوب ذلك الواجب لوجب قبل ذلك الظرف سائر مقدماته ايضا, ولو موسعا
فـيـجـب المبادرة الى تلك المقدمات فيمااذا احرز المكلف اتفاقا عدم التمكن منها بعد حصول ظرف
الـواجـب , مـع ان الامـرلـيـس كـذلـك , فان الشيخ (ره ) مع انكاره الواجب المشروط باصطلاح
المشهوروالتزامه بفعلية وجوب الصلاة قبل الوقت لم يلتزم بوجوب المبادرة الى الوضوء اوالغسل
قبل دخول وقت الصلاة , حتى فيما اذا احرز المكلف عدم تمكنه منها بعددخول الوقت .

واجاب (ره ) عن هذا الاشكال بانه اذا كان وجوب الواجب فعليا في زمان صاروجوب سائر مقدماته
ايضا فعليا.

ولـكـن بـمـا ان القدرة على مقدمة الواجب شرط في وجوب ذلك الواجب , فربمايكون الماخوذ في
وجوبه ولو بنحو الشرط المتاخر القدرة الخاصة على مقدمته ,وهي القدرة عليها في ظرف الواجب ,
ففي مثل ذلك لا يتعين على المكلف المبادرة الى تلك المقدمة قبل وقت الواجب وظرفه , حتى فيما اذا
احرز عدم تمكنه عليهافي ظرف الواجب لو لم يبادر, لان عدم التمكن عليها في ذلك الظرف يكشف
عن عدم وجوب الصلاة بالوضوء او الغسل من الاول , ولو كان هذا العجز لاجل ترك المكلف المقدمة
قبل وقت الواجب وظرفه .

اقـول : قـد تـقدم ان وجوب مقدمة قبل ظرف الواجب لا يكشف الا عن فعلية الملاك في الواجب من
ناحية تلك المقدمة , بمعنى ان القدرة على الواجب في ظرف وجوب الواجب شرط في استيفاء ملاكه ,
وليست القدرة عليها في ظرف الواجب دخيلا في اصل ملاكه , فيمكن ان يكون وجوب المقدمة فعليا
مـن غـير ان يكون وجوب ذيها في ذلك الزمان فعليا, ويرد على الماتن (ره ) بناء على ما اختاره -من
امـكان ايجاب المقدمة قبل فعلية وجوب ذيها بالوجوب النفسى التهيئي - انه كيف يستكشف من الامر
بـمقدمة من مقدمات الواجب في زمان , كون وجوب الواجب فعليا في ذلك الزمان , لان وجوب المقدمة
الـمـحتمل كونه نفسيا تهيئيا يمنع من الكشف عن فعلية وجوب ذيها, بخلاف ما ذكرناه من كشفه عن
فعلية ملاك ذيهامن ناحية تلك المقدمة , فانه لا مانع من هذا الكشف , فتدبر جيدا.

نـعـم لو احرز وجوب الواجب قبل مجي ء زمانه وظرفه , لزم الاتيان بسائرمقدماته موسعا, ويتعين
الـمبادرة اليها لو احرز المكلف عدم تمكنه من تلك المقدمات بعد حصول ظرفه الا فيما ذكره (ره )
في الموارد التي اعتبر في وجوب الواجب القدرة الخاصة على تلك المقدمات .

ونـزيـد عـلـى ما ذكره انـه قد يقوم دليل على عدم وجوب التحفظ على القدرة على مقدمة الواجب
وجـواز تفويتها حتى في ظرف الواجب , كما ورد الدليل على جواز اجناب المكلف نفسه بعد دخول
وقـت الصلاة مع علمه بانه على تقدير اجناب نفسه لا يتمكن من الغسل , فيكون هذا الدليل كاشفا عن
كـون التمكن من الغسل المعتبر في التكليف بالصلاة مع الطهارة المائية من الحدث الاكبر, خصوص
التمكن في ظرف القيام الى الصلاة المعبر عن ذلك بالقدرة حال العمل .

تتمة : قد عرفت اختلاف القيود في وجوب التحصيل ... الخ (1) .

مقتضى الاصل العملي عندالشك في اعتبار قيد


(1) اذا ورد خـطاب الامر بفعل , بمفاد القضية الشرطية فظاهرها اشتراطوجوب الفعل بحصول القيد بنحو الشرط المقارن , وكذا كل قيد في الخطاب اخذ في ناحية الموضوع لذلك التكليف فيما لو
كانت القضية حملية , ولا يختص ذلك بالتكليف , بل يجري في سائر الاحكام والقيود المذكورة لها او
لـمـوضـوعـاتها, فيؤخذبذلك الا مع القرينة على خلافها سواء كانت القرينة داخلية مغيرة لظهور
الخطاب , اومعينة للمراد منه , ولو كانت خارجية .

وامـا اذا لـم يـكن في البين خطاب حتى يستظهر منه , او كان الخطاب مقرونا بمايوجب اجماله في
دلالـتـه الاسـتـعمالية التصديقية او ما يوجب سقوط ظهور الخطاب عن الاعتبار فتصل النوبة الى
الاصل العملي .

وامـا اذا دار الامـر بين اشتراط وجوب الفعل بقيد او كون وجوبه مطلقا بان يكون القيد راجعا الى
الـواجـب , فـالاستصحاب في عدم تعلق التكليف بالفعل في فرض عدم حصول ذلك القيد, ولا اقل من
اصالة البراءة عن وجوبه في فرض عدم حصوله , يثبت نتيجة الواجب المشروط بلا فرق بين كون
ذلك القيد من الفعل الاختياري او كان امرا غير اختياري .

وفيما احرز كونه قيدا لنفس التكليف ودار امره بين ان يكون قيدا له بنحوالشرط المقارن او بنحو
الـشـرط الـمـتاخر فالاستصحاب في عدم اعتبار التكليف قبل حصول ذلك القيد, ولا اقل من اصالة
البراءة تعين , نتيجة الواجب المشروط بنحوالشرط المقارن .

ثم انه اذا علم كون شي ء قيدا للتكليف بنحو الشرط المقارن ولكن لم يعلم ان وربما قيل في الدوران
بين الرجوع الى الهيئة والمادة بترجيح الاطلاق في ناحية الهيئة ... الخ (1) .

ذلك الامر قيد لمتعلق التكليف ايضا او انه ليس الا قيدا لوجوبه , كما اذا قضى الولدالاكبر -ما على
ابـيـه مـن الصلاة والصيام بعد موته - حال صغره وبعد البلوغ شك في ان القضاء عند صغره كاف في
سـقـوط مـا كان على ابيه من الصلاة والصيام او انـه يتعين عليه ان يقضي حال كبره , وفي مثل ذلك
يستشكل في جريان البراءة عن وجوب القضاء عليه بعد كبره , لانـها لا تثبت سقوط ما كان عليه , بل
الاستصحاب في بقاء ما كان على ابيه يثبت وجوب القضاء.

اقـول : هـذا مـبـنـي على جريان الاستصحاب في الشبهة الحكمية , واما بناءا على عدم جريانه فيها
فاصالة البراءة عن وجوب القضاء جارية .

دوران الامر بين تقييد المادة او الهيئة


(1) اذا ورد في الخطاب امر بفعل , وذكر في ذلك الخطاب قيد, وتردد امرالقيد بين ان يكون قيدا لوجوب ذلك الفعل حتى لا يجب تحصيله , او قيدا لنفس الفعل , حتى يجب تحصيله , ونظير ذلك ما اذا
لـم يـذكـر القيد في الخطاب , وعلمنا من الخارج ولو بخطاب اخر اعتبار القيد, ودار امره بين ان
يعتبر في وجوب الفعل اونفس الفعل .

فقد حكي عن الشيخ (ره ) انـه بناءا على امكان رجوع القيد الى مفاد الهيئة يكون المتعين تقييد المادة
وبقاء الهيئة على اطلاقه , ولا تصل النوبة الى الاصل العملي , وذلك لوجهين :
الوجه الاول : ان اطلاق الهيئة يكون شموليا, بمعنى ان مقتضاه ثبوت الوجوب للفعل المفروض , سواء
اتـى بذلك القيد ام لا, بخلاف الاطلاق في ناحية المادة فانه بدلي , حيث ان الوجوب لا يتعلق بجميع
الـوجـودات المفروضة لذلك الفعل , بل يتعلق بصرف وجوده وهو يحصل بوجود واحد, وكلما دار
الامر بين التصرف في المطلق الشمولي او البدلي يكون الثاني اولى بالتصرف , وعليه يرفع اليد عن
اطلاق المادة ويبقى نفس الوجوب المستفاد من الهيئة بحاله .

والوجه الثاني : انه لو كان القيد راجعا الى المادة بقي اطلاق الهيئة بحاله ,بخلاف ما لو رجع القيد الى
الهيئة , فانه يبطل مورد الاطلاق في المادة ايضا, فمثلاعلى تقدير اشتراط وجوب الصلاة بدخول
الـوقت , لا وجوب لها قبل دخوله , وهذامعنى تقييد الهيئة , وعلى تقدير تقييد المادة لا تكون الصلاة
قـبـل دخـولـه مصداقاللواجب , وهذا معنى بطلان مورد الاطلاق في المادة وابطال مورد اطلاق
المادة بايراد القيد على مفاد الهيئة في حكم التقييد الاخر في كونه خلاف الاصل .

واجـاب الماتن (ره ) عن الوجه الاول بانه لا موجب لتقديم الاطلاق الشمولي على الاطلاق البدلي
بـالـتـصـرف في الثاني فقط, بل الملاك في التقدم قوة الظهوربالاضافة الى الاخر, فلو كان العموم
الـبـدلي بالوضع , والشمولي بالاطلاق , يرجح البدلي على الشمولي , وبالجملة يتقدم العموم الوضعي
على الاطلاق , سواء كان العموم الوضعي شموليا او بدليا.

وفي مفروض الكلام كل من عموم الهيئة والمادة بالاطلاق ومقدمات الحكمة ,ولا يتفاوت الاطلاق
بمقدمات الحكمة في كون مقتضاها شموليا او بدليا, كما انـه قديكون مقتضاها التعيين , كما مر في ان
اطلاق الصيغة يقتضي كون الوجوب تعيينياعينيا نفسيا.

واجاب عن الوجه الثاني بان المخالف للاصل هو تقييد المطلق وتضييق دائرته بعد انعقاد ظهوره في
الاطـلاق بـتمامية مقدمات الحكمة , واما العمل الذي يوجب عدم تمامية مقدمات الحكمة وعدم انعقاد
الـظـهـور فـي ناحيته -كما اذا اقترن المطلق بما يصلح كونه قرينة على تقييدهـ فهو غير مخالف
للاصل , وفي مفروض كلامناالقيد متصل بخطاب الامر ويدور امره بين رجوعه الى مفاد الهيئة او
المادة , فلاينعقدالاطلاق في ناحية الهيئة , كما لا ينعقد في ناحية المادة .

نـعـم لـو كـان الـقيد واردا في خطاب منفصل او علم به اجمالا لكان لما ذكر وجه ,فانه بعد انعقاد
الـظهور الاطلاقي في ناحية الهيئة والمادة يكون رجوعه الى المادة تقييدا واحدا, بخلاف ارجاعه
الـى الهيئة , فانه يوجب رفع اليد عن كلا الاطلاقين ولوبعدم بقاء المجال للعمل باطلاق المتعلق بعد
تقييد الهيئة .

اقـول : ان مـفروض الكلام هو ما اذا كان القيد المحتمل رجوعه الى مفاد الهيئة اوالمادة واردا في
خطاب الحكم وفي هذه الصورة لا تتم مقدمات الحكمة لا في ناحية الهيئة ولا في ناحية المادة , فمع
عـدم الـقـرينة على التعيين يجب الاتيان بالمتعلق عندحصول القيد المفروض , لانـه ان كان شرطا
لـوجوبه فقد حصل , وان كان قيدا لنفس الواجب تعين الاتيان به ايضا, غاية الامر كان تعينه من قبل ,
وامـا مـع عدم حصول ذلك فيرجع الى استصحاب عدم جعل وجوب الفعل قبل حصول القيد, ولا اقل
من اصالة البراءة عن وجوبه كما تقدم , فلا يجب الاتيان بالمتعلق .

وبتعبير اخر: ان في فرض اتصال القيد المحتمل رجوعه الى مفاد الهيئة اوالمادة لا ينعقد الاطلاق
فـي نـاحـيـة الهيئة ولا في ناحية المادة , وما تقدم من ان الاطلاق في ناحية الهيئة شمولي فهو فرع
جريان مقدمات الحكمة , والمفروض عدم جريانها في ناحية الهيئة كعدم جريانها في ناحية المادة .

وظـاهـر عـبارة الماتن (ره ) في الجواب عن الوجه الاول يعطي ان احد الظهورين ليس اقوى من
الاخر, لان كلا منهما بالاطلاق ومقدمات الحكمة .

ولـكـن قد ذكرنا انه مع عدم تمامية مقدمات الحكمة في شي ء من ناحية الهيئة او المادة لا ظهور من
نـاحـيـة الهيئة في الشمولية ولا من ناحية المادة في البدلية بالاضافة الى مفادها حتى يكون احدهما
اقوى , واما مع تمامية مقدمات الحكمة كان الظهور فيهما كذلك وان انكر الظهور ايضا بعض الاعاظم
(ره ) وجماعة , والتزموا بان الاطلاق لا يوجب الظهور للخطاب , بل الاطلاق مستند الى حكم العقل
بعد تمامية مقدمات الحكمة , لا الى ظهور اللفظ ودلالته .

وبـتـعـبـير اخر: المقدمات المعبر عنها بقرينة الحكمة لا تكون من قبيل الدال اللفظي حتى توجب
الظهور في الخطاب .

الا ان كون القرينة شيئا غير ملفوظ لا ينافي كونها موجبة للظهور كالقرينة الحالية , ولذا في فرض
تـمامية مقدمات الاطلاق تصح نسبة المدلول الى المتكلم بان يقال انه اظهر لنا ذلك وبينه , ولكن هذا
غير مهم في المقام , وسنتكلم ان شاء اللّه عنه في بحث المطلق والمقيد.

تقديم الاطلاق الشمولي على البدلي


والـمـهـم التكلم فيما ذكره الماتن (ره ) من انـه لو كان دلالة احدهما على العموم بالوضع والاخر بالاطلاق , لكان العموم الوضعي مقدما على العموم الاطلاقي , مع ان الامر ليس كذلك , فانه لو قلنا بان
هـيـئة صيغة افعل موضوعة للوجوب المطلق ,فلا مفر ايضا من الالتزام برجوع القيد الى المادة ,
فـانـه لو كان القيد المحتمل رجوعه الى الهيئة او المادة متصلا بالخطاب -كما هو ظاهر الفرض -
فالامر ظاهر, لاحتفاف الكلام بما يصلح كونه قرينة على المراد من الهيئة وبما يصلح كونه قرينة
عـلـى تقييدالمتعلق , فان ما يصلح للقرينة هو القيد لا المطلق ليقال لم ينعقد له اطلاق , وكذا اذاورد
القيد في خطاب منفصل او علم من الخارج بورود القيد على احدهما, لما ذكرنافي محله من ان تقديم
العام على المطلق ينحصر بما اذا كان التعارض بينهما بالذات ,كما ورد في خطاب اكرم العالم وفي
خـطـاب اخر لا تكرم اي فاسق حيث لا يمكن ان يكون اكرام العالم الفاسق منهيا عنه ومامورا به ,
فـيـكـون الـعـموم الوضعي قرينة على التصرف في الخطاب الاخر بحسب المتفاهم العرفي , فانهم
يجعلون الاقوى ظهوراقرينة على المراد من الخطاب الاخر, واما اذا لم يكن بين الخطابين تعارض
بـالـذات ,بـحـيث يمكن تحقق مضمونهما خارجا ولكن علم عدم ارادة عمومهما معا, كما اذاورد في
خـطـاب اكرم كل عالم وورد في خطاب اخر مايدل على كراهة اكرام الجاهل , وعلم من الخارج
بـورود قـيـد لاحدهما فلا موجب في مثل ذلك لتقديم عموم احدهما على الاخر وارجاع القيد الى
الاخـر, ولـو كان ظهوره اقوى من الاخر,حيث لا يعد احدهما قرينة على المراد من الاخر لعدم
الـمنافاة بينهما ونسبة العلم الاجمالي بورود القيد الى كل منهما على حد سواء, ومن هذا القبيل العلم
الاجمالي بورود قيد اما على المادة او الهيئة .

ومـمـا ذكرنا يظهر ان ما ذكر الماتن (ره ) في الجواب عن الوجه الثاني بانه يمكن ارجاع القيد الى
الـمـادة وبـقـاء الـهيئة على حاله من الاطلاق فيما لو كان القيد بخطاب منفصل , او علم من الخارج
بـاعـتبار القيد اما في ناحية الوجوب او الواجب , لا يمكن المساعدة عليه , والوجه فيه هو ان نسبة
العلم الاجمالي بورود قيد اما على مفادالهيئة او مفاد المادة على حد سواء.

لا يـقـال : ان هـذا الـعـلم الاجمالي ينحل بالعلم التفصيلي بعدم بقاء الاطلاق في ناحية المادة يقينا اما
بورود القيد على نفس المادة , او لبطلان اطلاقها بورود القيدعلى مفاد الهيئة , واما ورود القيد على
مفاد الهيئة وبطلان اطلاقه غير معلوم , بل هومحتمل , فلا موجب لرفع اليد عنه .

فـانـه يقال : ان المعلوم تفصيلا ليس هو تقييد المادة , بل لزوم الاتيان بمتعلق الامر في فرض وجود
القيد, واما في فرض عدم حصوله فلا موجب للزوم الاتيان بالمتعلق .

وان شـئت قلت ان العلم التفصيلي بعدم بقاء اطلاق المادة ينتقض بالعلم التفصيلي بورود قيد على مفاد
الهيئة ايضا لا محالة للعلم الاجمالي بان ذلك القيد اماالتمكن عليه -المفروض تردده بين رجوعه الى
الـمادة او الهيئة - كما لو كان راجعاالى المادة , فانه قد تقدم ان القدرة والتمكن على قيد الواجب من
شـروط وجـوب الـمـقـيـد, واما حصول نفس ذلك القيد, كما اذا كان القيد راجعا الى نفس الهيئة ,
وعـلـيه فيتساقط العلمان التفصيليان ولم يبق متيقن تفصيلا, بالاضافة الى هذا العلم الاجمالي , كما لا
يخفى .

بقي في المقام امر, وهو ان ما حكي عن الشيخ (ره ) من انـه اذا دار الامر بين التصرف في الاطلاق
الشمولي او الاطلاق البدلي يتعين التصرف في الاطلاق البدلي ,قد التزم به المحقق النائيني (ره ),
لكن لا في مثل المقام بل فيما كان التنافي بين الاطلاقين بالذات كما في قوله اكرم عالما وقوله لا
تـكرم الفاسق لا في مثل قوله سبحانه (احل اللّه البيع وحرم الربا) ((259)) مماكان الاطلاقان
شـمـولـيـيـن او بـدلـيين ,وذكر في وجه التقديم ان الاطلاق البدلي يحتاج الى مقدمة زائدة على
الـمقدمات التي يحتاج اليها انعقاد الاطلاق الشمولي , وذلك ان النهي عن طبيعة بحيث يعم النهي جميع
افـراد تـلـك الطبيعة لا يحتاج الى تساوي افرادها في ملاك النهي , بل يمكن ان يختلف افرادها في
مـلاك الـحكم , كالنهي عن هدم المسجد وتخريبه , فانه يعم تخريب كل مسجد, من المسجد الحرام
ومـسـجـد الجامع بالكوفة ومسجد القرية ومسجد المحلة , مع اختلافها في ملاك التحريم من حيث
الشدة والضعف .

وهـذا بـخـلاف الاطـلاق البدلي , فان الحكم بالاكتفاء باي فرد يحتاج الى احرازتساويه مع سائر
الافـراد في الملاك الملزم وانـه يشتمل على الملاك الملحوظ في الطبيعي المامور به , وعليه فاذا
ورد في خطاب الامر باكرام عالم , وفي خطاب اخرالنهي عن اكرام الفاسق , فبشمول النهي لاكرام
الـعـالـم الـفاسق لا يحرز تساوي اكرامه مع اكرام العالم غير الفاسق , بل يحرز عدم حصول ملاك
الـطـبـعية المامور بها فيه , ولذايتقدم خطاب النهي عن التصرف في مال الغير بلا اذنه على خطاب
الامـر بـالـصـلاة فـي مـورد الصلاة في الدار المغصوبة , وبالجملة فبتمامية مقدمات الاطلاق في
ناحية النهي عن الطبيعة تنتفي مقدمات الاطلاق في ناحية الاطلاق البدلي ((260)) .

ولـكن لا يخفى ما فيه فانه يكفي في الحكم بالاجزاء بكل فرد من الطبيعي المتعلق للامر عدم ورود
القيد وعدم ذكره في ناحية ذلك المتعلق او الموضوع ,ومنها : تقسيمه الى النفسي والغيري (1) .

ولايـحـتـاج -بـعد احراز عدم ورود القيد- الى شي ء اخر في احراز تساوى الافراد في الملاك
الملزم , ولذا ذكرنا ان الاطلاق في متعلق الامر يستلزم الترخيص في تطبيقه على كل فرد منه في
مقام الامتثال , ولو كان ذلك موقوفا الى احراز التساوي زائداعلى عدم ذكر القيد للمتعلق والموضوع
في مقام البيان , وما كان يمكن احرازالتساوي من عدم ذكر القيد, فما فائدة هذا الاطلاق .

وبتعبير اخر: اللازم على المولى هو ذكر القيد لمتعلق التكليف او الموضوع مع اختلاف افراده في
الملاك , ومع عدم ذكره في مقام البيان يعلم بعدم اختلافها فيه ,ولذا لا يكون وجود القدر المتيقن في
البين بحسب الملاك مانعا من التمسك بالاطلاق في العموم البدلي كالشمولي .

الواجب النفسي والغيري


(1) قـد ذكـر (ره ) مـا حـاصـله انه حيث لا يكون طلب شي ء وايجابه بلا داع ,لانهما من الافعال الاخـتـيـاريـة وعليه فان كان الداعي للمولى في ايجاب شي ء التوصل به الى واجب اخر, بحيث لا
يحصل بدونه , يكون وجوبه غيريا, وان لم يكن ايجابه للتوصل الى واجب اخر كذلك , يكون وجوبه
نـفـسيا, سواء كان الداعي الى ايجابه محبوبيته في نفسه كالمعرفة باللّه , او محبوبيته بلحاظ ترتب
اثر عليه ووجود ملاك ومصلحة فيه , كاكثر الواجبات من العبادات والتوصليات .

ثـم اورد عـلـى ما ذكره بانه يلزم ان يكون الواجب في موارد محبوبية الفعل بلحاظ وجود الملاك
وتـرتـب الاثـر غيريا, فان الواجب في الحقيقة ذلك الملاك ,والمصلحة المترتبة على الفعل , فذلك
الـمـلاك واجـب نفسي , والفعل واجب غيري , ويكشف عن كون الملاك واجبا نفسيا انـه لو لم يكن
ترتبه على الفعل لما كان له داع الى ايجابه .

وربـمـا يـجـاب عـن الاشـكال بان الملاك المترتب على الفعل في نفسه غيرمقدور, فلا يتعلق به
الايجاب , وانما يتعلق بما هو مقدور للمكلف وتحت سلطانه وهو الفعل .

ولـكن لا يخفى ما فيه , فانه يكفي في التمكن المعتبر في التكليف وخروجه عن اللغوية , التمكن على
الـواجـب ولـو بـالتمكن على سببه , ولذا يتعلق التكليف بالمسبب , نظير الامر بالطهارة الحاصلة من
الـوضـوء او الغسل , وبالتمليك والتزويج والطلاق والعتاق وغيرها من المسببات الحاصلة بالعقد او
الايقاع .

واجـاب (ره ) عـن اصـل الاشـكال بان الفعل بلحاظ ترتب الاثر عليه ووجودالمصلحة فيه يتصف
بـالعنوان الحسن , فيستحق فاعله المدح ويذم تاركه , واذا تعلق الامر به بهذا الاعتبار يكون وجوبه
نـفـسـيـا, بخلاف الواجب الغيري , فانه لا يترتب عليه الملاك ولا الاثر المحسن له , بل يوجب ان
يحصل ذلك العنوان الحسن لفعل اخر, فيكون ايجاب ذلك الاخر نفسيا, وايجاب هذا الفعل غيريا.

نـعـم قـد يكون فيما يتعلق به الامر الغيري جهتان , فيتصف بالحسن باحدى الجهتين , فيكون ايجابه
نـفـسـيا, كصلاة الظهر, فانها واجب نفسي , ومع ذلك توجب حصول الملاك لصلاة العصر, فيكون
وجوبها غيريا بالاضافة الى التوصل الى صلاة العصر.

اقـول : الامـر فـي الـواجبات التوصلية بلحاظ الاثر المترتب عليها لا بلحاظحسنها, كالامر بدفن
الـموتى , واداء الدين وغيرهما, ولذا يسقط الامر بها ولو اتى بهابغير قصد القربة او بنحو محرم ,
ولو في بعض الموارد.

وذهـب الـمحقق النائيني (ره ) في المقام الى انه لو كان الاثر مترتبا على الفعل بلاتوسيط امر غير
اخـتـيـاري , كـتـرتب زهوق الروح على ذبح الحيوان , صح ما ذكر من انـه لاباس بالامر بالمسبب
بـاعـتـبار كون سببه تحت الاختيار, فيكون الواجب النفسي هو المسبب والامر بالسبب يكون امرا
غيريا.

وامـا اذا كـان ترتب الاثر على الفعل بتوسيط امر غير اختياري كترتب نبات الارض على الزرع ,
فلا يصح تعلق الوجوب بالاثر ليكون الامر بالزرع من الامرالغيري , فان تعلق القدرة ببعض مبادى
الشي ء مع خروج بعضها الاخر عن الاختيار لايصحح الامر الا بذلك البعض الاختياري من المبادى ,
ولا يـخفى ان الاثار المترتبة على الواجبات في الشرع من قبيل الثاني لا الاول , وانها مترتبة عليها
بـتـوسـيـط امـورخـارجة عن اختيار المكلف , والا كان المتعين تعلق الاوامر في الخطابات بتلك
الاثاروالمصالح , ويشهد لما ذكر ايضا ما ورد في تجسم الاعمال يوم القيامة ((261)) .

اقـول :يرد عليه اولا بانه لا سبيل لنا الى احراز كون الاثار المترتبة على الواجبات في الشرع من
قبيل القسم الثاني , ودعوى انها لو كانت من القسم الاول تعين تعلق الامر في الخطابات بنفس المصالح
والاثـار, مـدفـوعـة بصحة تعلق الامر بالسبب في الخطاب كصحة تعلقه بالمسبب , ولو كان ترتب
الـمسبب على السبب موجبا لتعين تعلق التكليف بالمسبب , لما تعلق الامر بالذبح والنحر وغيرهما من
الاسباب .

وثـانيا: لو فرض ان المصالح والاثار تترتب بتوسيط امور خارجة عن الاختيار,فهذا بالاضافة الى
الاثـر الاقـصـى , واما الاثر القريب فيترتب على الفعل لا محالة , مثلايكون الواجب النفسي اعداد
الـحـب لـلنبات الحاصل بجعله في الارض الصالحة للزرع , فيكون بث الحب في تلك الارض واجبا
غيريا. واما تجسم الاعمال , فلو كان غرضا فهو من الغرض الاقصى .

والـحـاصـل انـه لا يـبـعد ان يقال : كلما كان البعث اليه بالامر به لداعي التوصل به الى واجب اخر
فـوجـوبه غيري , والا يكون وجوبه نفسيا, حتى مع فرض ان الموجب لتعلق الطلب به هو الصلاح
المترتب عليه , لان البعث مادام لم يتوجه نحو ذلك الصلاح في الخطاب , يكون طلب الفعل نفسيا.

والـوجـه فـي عدم تعلق التكليف في الخطاب بذلك الصلاح اما عدم معروفية موجبه وسببه للمكلف
-لئلا يتعين في سبب خاص ولا يكن معروفا عندهـ فمثلا تذكرالجوع في القيامة وعطشها يحتمل
ان يـكون هو الملاك في الامر بصوم شهر رمضان ,الا انه لم يبين للمكلف . واما ان الصلاح المترتب
عـلى الفعل ليس من قبيل المعلول بالاضافة الى علته , بل من الحكمة التي لا يدور وجوب الفعل مدار
حصولها.

والفرق بين كون الصلاح من قبيل الحكمة وبين عدم معروفية سببه عندالمكلف , هو امكان ان يكون
الـواجـب ثبوتا تحصيل الملاك والاثر في الثاني , بخلاف موارد كون الملاك بنحو الحكمة , كما لا
يخفى .

وذكـر الـمـحقق الاصفهاني (ره ) في توجيه الواجبات النفسية وافتراقها عن الواجبات الغيرية ان
الـشوق الحيواني للانسان -بمقتضى قاعدة كل ما بالعرض ينتهي الى ما بالذات - ينتهي الى شوق بقاء
الذات الحيواني للانسان , كما ان الشوق العقلاني له ينتهي بمقتضى تلك القاعدة الى الشوق الى طاعة
ربـه والـتـخـلـق باخلاقه ,وحيث ان غاية الغايات في الشوق الحيواني والعقلاني صارت كالطبيعة
الثانية ,فلاتحتاج الى التفات تفصيلي وروية وفكر, هذا بالاضافة الى الارادة التكوينية .

/ 26