المقدمات الوجودية للواجب المشروط - أصول نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

أصول - نسخه متنی

جواد تبریزی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


وايـضـا انـه قـد يـكـون صلاح الفعل على تقدير حصول شي ء بحيث لو لم يحصل ,لما كان في الفعل الاخـتـياري ملاكا كما في قوله : (جاء الشتاء فالبس الثياب الشتوية )ففي مثل هذه الموارد لا يكون
لـلـمولى موجب لانشاء الطلب مطلقا حتى يكون القيدراجعا الى متعلق الطلب والبعث , بل ينشا الطلب
عـلـى نحو التعليق على حصول امراخر, ويكون غرضه من المنشا ان يكون في ظرف فعليته داعيا
للعبد الى الاتيان بالفعل .

ويـمـكن ان يكون صلاح الفعل مطلقا ولكن لا يتمكن العبد من ذلك الفعل الابحصول امر اخر كقوله :
(اذا تمكنت على تعلم العلم فتعلم ) فان الطلب مشروطالاجل انـه لا اثر للطلب بدون حصول التمكن ,
فـلا يكون الطلب المشروط طلبا واقعياالا بعد حصول الشرط اذن فلا ينحصر الطلب المشروط
بموارد وجود المانع عن اطلاق الطلب الحقيقي .

وقـد تـحـصل مما ذكرنا ان البعث والطلب وان اتصف بكونه حقيقيا الا ان اتصافه به انما هو بلحاظ
كـون الـغـرض مـن اعـتـبـاره امكان انبعاث العبد به الى الفعل , وعليه اذاالظاهر دخول المقدمات
الوجودية للواجب المشروط في محل النزاع ايضا(1).

كـان الصلاح في الفعل او غيره داعيا للمولى الى انشاء البعث والطلب على نحوالاشتراط والتعليق
فـلا مـحذور فيه , حيث ان الانشاء ليس عين المنشا خارجا ليكون تغايرهما بالاعتبار كما في تغاير
الـكـسر والانكسار والايجاد والوجود حتى يلزم فعلية الانشاء بلا فعلية المنشا فيكون ممتنعا, بل
هـما متغايران ذاتا كما بيناه سابقا. ولافرق فيما ذكرنا بين القول بكون الانشاء مبرزا للمنشا ومقوما
لعنوانه او القول بان المنشاامرمسبب عن الانشاء, فان التسبب المفروض بما انـه امر جعلي اعتباري
فيمكن ا ن يوجد بالسبب التكويني الفعلي الامر الاعتباري المتاخر.

المقدمات الوجودية للواجب المشروط


(1) يـعـنـي كما ان مقدمات الواجب المطلق مورد النزاع في المقام , ويقع البحث في ان وجوب ذيها يلازم تعلق الوجوب المولوي الارتكازي بها, كذلك المقدمات الوجودية للواجب المشروط داخلة في
الـنزاع , غاية الامر ان المقدمة تتبع ذيها في اطلاق الوجوب واشتراطه , كما انها تابعه له في اصل
الـوجـوب فـفـي الواجب المطلق يكون وجوب المقدمة مطلقا بخلاف الواجب المشروط فانه يكون
وجـوب مـقـدمـتـه ايـضا مشروطا بحصول شرط الوجوب , فلا وجه لتخصيص النزاع بمقدمات
الـواجـب الـمطلق , كما هو مقتضى ظاهر بعض الكلمات . نعم يخرج شرط الوجوب وقيده عن محل
الـكـلام فـي الـمـلازمـة والـى ذلـك اشـار (ره ) بـقـوله : واما الشرط المعلق عليه الايجاب ...

الخ ((251)) وحاصله عدم امكان تعلق الوجوب الغيري بشرط الوجوب حتى لو كان الشرط فعلا
اختياريا لان المفروض عدم الوجوب مع عدمه , ووجوبه مع حصوله مقتضاه طلب الحاصل .

وامـا بـناءا على مسلك الشيخ (ره ) فقد تقدم ان الوجوب يتعلق بالحج المقارن للاستطاعة الخارجية
مـثـلا, وان الاسـتطاعة قد اخذت قيدا للحج بنحو لا يتعلق بهاوجوب ويكون المكلف مطلق العنان
بـالاضافة اليها, ولو تعلق بها وجوب ففي فرض عدمها يلزم الخلف , وفي فرض وجودها يلزم طلب
الحاصل .

اقـول : ظاهر كلامه (ره ) تعلق الوجوب فعلا على مسلك الشيخ (ره ) بالحج على تقدير استطاعته
ولـو بعد حين من عمره , ولذا يجب عليه فعلا سائر مقدماته الوجودية على تقدير تلك الاستطاعة ,
وهـذا يـرجـع الـى الواجب المشروط بالشرطالمتاخر, كما يظهر ذلك ايضا من قوله : فانه جعل
الـشـي ء -اي الـحـج مثلا واجبا على تقدير حصول ذلك الشرط, فمعه كيف يترشح عليه الوجوب
ويتعلق به الطلب ؟وهل هو الا طلب الحاصل ((252)) , ولكن ان هذا الارجاع لا يناسب استدلال
الـشـيـخ (ره ) على عدم كون الشرط قيدا للوجوب , فانه لو امكن كون الشرط قيدا للوجوب بنحو
الشرط المتاخر لامكن كونه قيدا للوجوب بنحو الشرط المقارن بالاولوية .

والـمناسب لكلامه واستدلاله هو ان يلتزم بان التكليف في الواجبات المشروطة كالواجبات المطلقة
مـجـعـول في حق كل قابل للتكليف من البالغ العاقل المتمكن على متعلقه زمان العمل فيطلب منه الفعل
المقيد بحيث لا يسري الطلب الى قيده , ولو سرى الطلب الى ذلك القيد لزم الخلف .

ثـم لا يـخفى ان في الواجبات المشروطة وان كان الشرط قيدا لنفس الوجوب اخذا بظاهر القضية
الـشرطية في الخطاب الا ان الوجوب في مقام الثبوت مجعول بمفاد القضية الحقيقية , وان كل شرط
وقـيد راجع الى التكليف فهو يفرض في مقام الجعل والثبوت قيدا للموضوع , فالشارع يجعل وجوب
صـلاة الـظـهر مثلا على كل بالغ عاقل زالت عليه الشمس , ويجعل وجوب الحج على كل بالغ عاقل
يـكـون مستطيعا, فجميع قيود التكليف تفرض في مقام الجعل والثبوت في ناحية الموضوع مفروضة
الـوجـود ثم يجعل التكليف على الواجد لتلك القيود, فاختلاف مفاد القضية الشرطية مع مفاد القضية
الحقيقية ينحصر بمقام الاثبات , والا فالقضية الشرطية ترجع الى مفاد القضية الحملية ثبوتا, وعلى
ذلك فليس لازم ما ذكرنا من رجوع الشرط الى قيد الحكم ان يثبت حكم شرعي معلق بعد جعله على
مـوضـوعـه , كـمـاتـوهم من ثبوت وجوب الحج المعلق على الاستطاعة في حق جميع المكلفين ,
فان ثبوت هذا النحو من الحكم المعلق ثبوتا في حق كل بالغ عاقل لغو محض .

والـعجب من الشيخ (ره ) حيث التزم بامتناع كون الشرط قيدا لنفس الوجوب ,والتزم برجوعه الى
تـقـيـيد متعلق التكليف , ولم يلتزم برجوعه الى تقييد الموضوع للتكليف حتى لا يرد عليه بانه كيف
يكون العمل الاختياري قيدا لمتعلق التكليف ومع ذلك لا يجب تحصيله كسائر مقدمات المتعلق , واخذه
طـورا لا يـكـاد يسري اليه الوجوب , لا يعقل الا بفرض وجود الشرط في ناحية الموضوع لذلك
الوجوب , وممايترتب على ما ذكرنا بطلان القول باعتبار الاستصحاب التعليقي , حيث ان المستصحب
فـي مـوارد الاسـتصحاب هو الحكم في مقام الثبوت , والحكم في مقام واما المعرفة , فلا يبعد القول
بوجوبها حتى في الواجب المشروط بالمعنى المختار(1).

الـثبوت له مرتبتان : مرتبة الجعل ومرتبة الفعلية , وليس شي ء منهما مما يتم فيه اركان الاستصحاب
على ما سياتي توضيحه في محله ان شاء اللّه تعالى .

(1) الـمـراد معرفة الواجب من حيث اجزائه وشرائطه مما يعتبر فيه من ترتيب الاجزاء وغيره
كـحـدود الـصلاة والحج والصوم وغيرها, ولا ينبغي التامل في لزوم معرفة الواجب فيما اذا كان
وجـوبـه فعليا سواء كان ظرف الاتيان به ايضا فعليا او كان ظرفه امرا استقباليا, كما في الواجبات
المشروطة على مسلك الشيخ (ره ).

ولـكـن ربـما يناقش في وجوب تعلم الواجب قبل حصول شرط وجوبه وقبل فعلية وجوبه كما في
الواجبات المشروطة والموقتة على مسلك المشهور فيما اذاعلم المكلف او احتمل حصول شرطها
فـيـمـا بـعد, وانـه اذا لم يتعلمها قبل فعلية وجوبها لم يتمكن بعد فعلية الشرط او دخول الوقت من
الاتيان بذلك الواجب بتمام اجزائه وشرائطه للغفلة او العجز.

ووجـه الـمـناقشة انه قبل حصول الشرط او دخول الوقت لا يكون الوجوب في ذلك الواجب فعليا
لـيـجب عليه المعرفة كسائر مقدمات الواجب , وكما ان سائرمقدمات الواجب لا يكون وجوبها فعليا
قبل فعلية وجوب ذيها -كما تقدم - فكيف تجب معرفته قبل وجوبه ؟
وقد ذكر المصنف (ره ) ان وجوب المعرفة ليس وجوبا غيريا كسائر المقدمات الوجودية للواجب
حـتى يناقش في وجوبها قبل فعلية وجوب الواجب , بل معرفته تدخل فيما يستقل به العقل من تنجز
الاحـكـام والتكاليف في الوقائع على المكلف بمجرد احتمالها, ولا يكون مخالفتها من حيث الجهل بها
عـذرا الا مـع الـفـحـص والـيـاس عن الظفر بالدليل على التكليف , فيستقل العقل بعده بالبراءة وان
العقاب على المخالفة بلا حجة وبيان .

اقول ما ذكره (ره ) من ان المعرفة وجوبها ليست من الوجوب الغيري كالمقدمات الوجودية للواجب
امـر صحيح , ولكن استقلال العقل بما ذكره -فيما اذاكان التعلم من تحصيل القدرة على الواجب قبل
فـعـلـيـة وجوبه - غير معلوم , وانماالثابت عدم المعذورية في مخالفة التكليف المحتمل فعليته , مع
الـتـمـكـن مـن موافقته بالاحتياط او بالاجتهاد والتقليد على تقدير التعلم , واما عدم المعذورية مع
عـدم الـتـمـكن من موافقته ولو بترك التعلم قبل زمان حصول فعلية الوجوب وحصول شرطه , فهذا
لايستقل به العقل , لعدم القدرة على الفعل بعد فعلية شرط الوجوب .

وقد يجاب عن ذلك بان الغفلة او العجز لم يؤخذ عدمها شرطا في ناحية التكليف , بل التكليف المجعول
يـصـيـر فعليا بحصول شرطه ودخول وقته . نعم تكون الغفلة او العجز مانعا عن تنجز التكليف في
الموارد التي يحكم العقل بالعذر, والعقل لا يحكم بالمعذورية مع ترك التعلم .

وفيه : ان من شرط التكليف القدرة على متعلقه في ظرف الواجب , والغافل كالعاجز غير متمكن عليه .

ولـكـن مـع ذلـك , الـصـحيح وجوب المعرفة , وذلك فان الاخبار الواردة في وجوب تعلم الاحكام
والـواجـبـات باطلاقها تعم المشروطة والموقتة , مما يحتمل المكلف الابتلاء بها فضلا عما يعلم ,
وتـكون دالة على ان العجز الناشى عن ترك التعلم -ولو كان الترك قبل حصول الشرط او الوقت -
يـوجب تفويت ملاك الواجب ,نظير ما تقدم في الامر بالاغتسال في الليل على الجنب الذي عليه صوم
الغد عندتذنيب : لا يخفى ان اطلاق الواجب (1).

طـلوع الفجر. وبالجملة وجوب التعلم طريقي يقطع العذر في مخالفة التكليف او في تفويت الملاك
الملزم الموجود في مورده .

(1) قـد تـقـدم فـي بـحث المشتق ان معناه ضيق لا ينطبق الا على المتلبس بالمبدا, وعليه فان كان
اطلاق الواجب على الحج -مثلا بلحاظ حال الاستطاعة ,يكون الاطلاق حقيقيا, بلا فرق بين مسلك
المشهور ومسلك الشيخ (ره ), وان كان الاطلاق بلحاظ قبل الاستطاعة يكون الاطلاق حقيقيا بناءا
عـلى مسلكه (ره ) بخلاف مسلك المشهور, فان الاطلاق يكون بالعناية , كما صرح به الشيخ البهائي
(ره ),والـشـاهـد لـكـون الاطلاق مع العنائية ان اطلاق المستحب على الحج حال عدم الاستطاعة
صحيح لا عناية فيه .

وامـا صيغة الامر فهي موضوعة لانشاء البعث والطلب الجامع بين مطلقه ومشروطه المعبر عن ذلك
الـجـامـع بالمبهم المقسم فيكون استعمالها في انشاءالطلب على نحو الحقيقة , سواء حصل بها الطلب
الـمطلق او المشروط, فانها في كلتاالصورتين تستعمل في معناها الموضوع له , ويكون انشاء اصل
الـطـلب بهاوخصوصية الاطلاق او الاشتراط بدال اخر, وهي القرينة العامة يعني مقدمات الحكمة
فيما كانت الخصوصية هي الاطلاق المقابل للاشتراط, والقرينة الخاصة فيما كانت الخصوصية هي
الاشتراط.

والـمـراد مـن الـطـلـب المطلق على مسلك الشيخ (ره ) الاطلاق الذاتي الذي لايحتاج الى مقدمات
الـحـكـمـة , حيث ان الاحتياج اليها في اثبات الاطلاق العرضي الذي يكون في فرض امكان تقييده ,
وحيث قد التزم (ره ) بعدم امكان تقييد الوجوب بوجه ثبوتا او اثباتا فلا محالة يكون الاطلاق عنده
ذاتيا.

ومنها تقسيمه الى المعلق والمنجز (1).

اقـول : اطـلاق الـواجب على الفعل يكون باعتبارين احدهما: بحسب مقام الانشاء والجعل , كما يقال :
الصلوات الخمس واجبة , وغسل الميت واجب , وغسل الجمعة مستحب , ولا فرق بين المسلكين في
هـذا الاطـلاق , فـانـه عليهما حقيقي لامجازي لفعلية الانشاء وتحققه حتى على المسلك المشهور.

والـثاني : الاطلاق بحسب فعلية الوجوب المنشا والطلب , فالوجوب قبل حصول شرطه غير فعلي ,
فلايكون الفعل حينئذ واجبا, ليكون الاطلاق بلحاظه حقيقيا, هذا على مسلك المشهور.

واما بناءا على مسلك الشيخ (ره ) فالفعل الاستقبالي واجب حقيقة , لعدم الاشتراط في وجوبه .

الواجب المعلق والمنجز


(1) حاصل ما ذكره في الفصول انه ان لم يتوقف متعلق الوجوب على امر غيرمقدور كالمعرفة باللّه (سـبحانه ) يكون الواجب منجزا وان توقف عليه كالحج بالاضافة الى مجي ء زمانه بناءا على حصول
وجـوبه بحصول الاستطاعة او خروج الرفقة يكون الواجب معلقا, والفرق بين المعلق والمشروط
ان نـفـس الـوجوب في المشروط معلق على حصول الشرط بخلافه في المعلق فانه لا يتوقف على
حصول الشرط, بل المتوقف على حصوله هو الواجب .

وذكـر الـماتن في ذيله : بما ان الواجب المعلق عند صاحب الفصول بعينه هو ماالتزم به الشيخ (ره )
فـي الواجب المشروط حيث ذكر امتناع رجوع القيد الى نفس الوجوب ثبوتا واثباتا وان القيود كلها
تـرجـع الى متعلق الوجوب انكر على صاحب الفصول هذا التقسيم , وقد عرفت ان انكاره يرجع في
الحقيقة الى الواجب المشروطباصطلاح المشهور لا الى الواجب المنجز والمعلق .

نعم يرد على الفصول ان تقسيم الواجب الى المنجز والمعلق بلا موجب , فان الوجوب الغيري للمقدمة
من لوازم حالية وجوب ذيها سواء كان متعلقه منجزا اومعلقا, ولو اريد تقسيم الواجب من غير لحاظ
دخله في المهم لكثرة تقسيماته .

اقـول : قـد ذكر صاحب الفصول (ره ) هذا التقسيم لتصحيح وجوب المقدمة في بعض الواجبات قبل
مـجـي ء زمانها, كاغتسال الجنب والحائض في الليل لصوم يوم الغد, وكالخروج الى السفر قبل زمان
مجي ء اشهر الحج للنائي .

وذكـر المحقق الاصفهاني (ره ) في ذيل ما اورده الماتن على الفصول : بانـه لايخفى ان انفكاك زمان
الوجوب عن زمان الواجب (اي تاخر زمان الواجب ) هوالمصحح لوجوب مقدمته قبل زمان الواجب ,
والا فلو كان زمان الوجوب متحدا مع زمان الواجب لما وجبت مقدمته قبل زمان الواجب , ولعله (ره )
اشـار الـى ذلـك بـقـوله فافهم , فوجوب المقدمة حينئذ وان كان معلولا لوجوب ذيها لكن وجوب
الـمقدمة قبل زمان ذيها انما هو لتقدم زمان وجوب ذيها على زمان ذي المقدمة , بحيث لولاتاخر زمان
ذي المقدمة لما وجبت المقدمة قبل زمان ذيها ((253)) .

اقـول : مـا ذكـره (ره ) لا يـزيد امرا ولا يوجب خللا فيما ذكر الماتن (ره ) من ان ثبوت وجوب
المقدمة في مورد انما هو لفعلية وجوب ذيها, سواء كان نفس الواجب مقيدا بقيد متاخر ام لا.

وربما حكي عن بعض اهل النظر (1).

ولـكـن الـذي يـنـبـغي ان يقال في المقام هو ان نفس فعلية وجوب ذي المقدمة -ولو كان مقيدا بقيد
اسـتـقـبـالـي - لا يوجب وجوب مقدمته حتى يؤتى بالمقدمة قبل مجي ء زمان ذيها ولو بنحو الواجب
الغيري الموسع , بل يختص ذلك بما اذا لم يؤخذالمتاخر قيدا للوجوب ولا لنفس المقدمة ايضا بان لم
تكن المقدمة من قبيل الاغسال للمستحاضة الكثيرة او المتوسطة بالاضافة الى صومها في الغد.

وعـليه , فلا يكون مجرد انفكاك زمان فعلية وجوب فعل عن زمان الاتيان بنفس الفعل مجديا في تعين
او جـواز الاتـيـان بمقدمته قبل مجي ء ذلك الزمان وانما يكون ذلك فيما اذا كان المتاخر ماخوذا في
ناحية نفس الواجب النفسي خاصة لا في ناحية وجوبه ولا في ناحية مقدمته .

الاشكالات على الواجب المعلق


(1) قيل هو المحقق النهاوندي (ره ), وحاصله ان الايجاب يقابل الارادة , وكمالا تنفك ارادة الفاعل عـن مـراده , بـل تحريك العضلات نحو المراد انما يكون بفعلية الارادة , فليكن الحال في الايجاب
الـفـعـلـي كذلك , بان يكون تحريك العبد نحوالمتعلق تابعا لحدوث الطلب الفعلي , فان الايجاب ايضا
ارادة , غـايـة الامـر يـتـعلق الايجاب بفعل الغير والارادة بالفعل المباشري , وعلى ذلك فلا يمكن
تصويرالواجب المعلق , حيث ان لازمه الفصل بين تحقق الطلب الفعلي والمطلوب بزمان ما, وهو محال
كالفصل بين الارادة والمراد.

واجـاب الـمـصـنـف (ره ) عن المناقشة بوجوه ثلاثة : الاول والثاني راجعان الى الارادة التكوينية
المتعلقة بالفعل المباشري , والثالث الى الايجاب والارادة التشريعية .

وحـاصـل الـوجـه الاول : ان الارادة الـتكوينية ايضا تتعلق بامر استقبالي وتنفك عن المراد بحسب
الـزمـان , كما اذا تعلقت بامر يكون موقوفا على مقدمات يحتاج في تحصيلها الى طول الزمان , كارادة
الوصول الى مرتبة الاجتهاد واستنباط الاحكام من مداركها, فان الشوق اليه الحادث للنفس يدعو الى
تحمل المشاق في تحصيل مقدماته ليحصل له الغرض بعد سنين , ولو كان حدوث الشوق الى الاجتهاد
بـعـدحـصـول مـقـدماته لما كان كل مريد للاجتهاد متحملا للمشاق من تحصيل المقدمات ,فحركة
الـعـضـلات الـمعتبرة في الارادة التكوينية نحو المراد اعم من ان تكون نحو نفس المراد او نحو
مقدماته .

وحـاصـل الوجه الثاني انه يمكن انفكاك ارادة الفاعل عن مراده بان لا تتحرك عضلاته نحو المراد
ولا نـحـو مـقـدماته لكون المراد وما اشتاق اليه كمال الاشتياق امرااستقباليا غير محتاج الى تهيئة
مقدمة , فيكون غرضهم من توصيف الارادة والشوق المؤكد بكونها محركة للعضلات بيان المرتبة من
الـشـوق الـذي تـسمى ارادة , ضرورة امكان كون اشتياق الانسان الى امر استقبالي اقوى واكد من
الشوق المحرك فعلا نحومراد حالي او استقبالي يحتاج الى مقدمة او مقدمات .

وحـاصل الوجه الثالث : منع قياس الايجاب بالارادة التكوينية وذلك فان البعث والطلب لايجاد الداعي
الى الفعل في نفس العبد وحصول الداعي في نفس العبد ثم حركته نحو الفعل يتوقف على علمه بالبعث
وتـصـوره ما يترتب على موافقته ومخالفته والتصديق بما هو صلاح له وبعد ذلك ينقدح الداعي في
نـفـسـه فـتـتحرك عضلاته نحو الفعل . اذن فتخلل زمان ولو كان قصيرا بين الايجاب وبين الفعل
خارجامما لابد منه . واذا امكن الانفكاك بينهما بزمان قصير امكن الفصل بالطويل ايضا.

وعن المحقق الاصفهاني (ره ) ما حاصله ان ما ذكر المصنف (ره ) في ناحية كل من الارادة التكوينية
والتشريعية غير تام , اما الارادة التكوينية فالامر فيها كما ذكرالنهاوندي من ان الارادة (اي الشوق
المؤكد) علة تامة لحركة العضلات نحوالفعل .

وبيانه : ان النفس في وحدتها كل القوى لها منازل ومراتب , ولها في كل مرتبة ومنزلة من تلك المراتب
والمنازل شان وحركة فتدرك في مرتبة العاقله ان في الفعل فائدة عائدة الى جوهر ذاتها او الى قوة
من قواها ويحصل لها في مرتبة القوة الشوقية شوق الى ذلك الفعل , واذا لم تجد مانعا ومزاحما يخرج
الـشـوق مـن حد النقصان الى الكمال المعبر عن ذلك الكمال بالاجماع تارة , وبتصميم العزم اخرى ,
وبالقصدوالارادة ثالثة , وينبعث من هذه المرتبة من الشوق البالغة كماله وحد نصابه , حركة وهيجان
في مرتبة القوة العاملة في العضلات .

وعـلـى ذلـك فـلا يكون الشوق في مرتبة ضعفه ارادة وقوة فاعلة , لتعلق الشوق بما هو خارج عن
اخـتـيارها, بل انما يكون ارادة في مرتبة كماله وهيجانه للقوة العاملة في العضلات , ففاعلية النفس
مـحـركـيتها بالارادة التي تنبعث منها القوى العاملة في العضلات , واذا لم تنبعث تلك القوى فليس الا
لعدم خروج الشوق عن نقصانه وعدم وصوله الى كماله .

ولا منافاة بين بقاء النفس في مرتبة النقص من الشوق بالاضافة الى الفعل المراد وبين خروج الشوق
الى مقدمته -المتولد من الشوق الى ذلك الفعل - الى مرتبه كماله , وينبعث من الشوق الواصل الى كماله
الـقوى العاملة في العضلات بالاضافة الى تلك المقدمة فلا يكون التصدي لمقدمات المطلوب والمراد
كاشفا عن وصول الشوق الى ذى المقدمة الى كماله .

وبـتـعـبـيـر اخر: عدم المانع والمزاحم بالاضافة الى مقدمة فعل , الموجب لخروج الشوق بها الى
الارادة الـناشي من الشوق بذى المقدمة لا ينافي بقاء الشوق الى ذى المقدمة لوجود المزاحم والمانع
في مرتبة نقصانه .

والـحـاصل تكون الارادة المتعلقة بشي ء الجزء الاخير من العلة التامة لذلك الشي ء, فلا يعقل انفكاك
انـبعاث القوى العاملة في العضلات عن ارادة ذلك الشي ءوالا لزم تخلف المعلول عن علته التامة , هذا
بالاضافة الى الارادة التكوينية .

وامـا الارادة الـتـشـريعية فالامر فيها ايضا كذلك , فان شوق المولى بفعل العبدلايمكن ان يصل الى
مـرتـبـة الارادة , لان فـعل العبد خارج عن اختياره بما هو مولى ,فيتولد من اشتياقه الى فعل العبد
الـمـنـقاد شوق الى بعثه نحو ذلك الفعل , ويصل هذاالشوق الى مرتبة الارادة , فارادة المولى تتعلق
ببعثه , وهذا البعث لا يترتب عليه انبعاث العبد الى الفعل بنحو القهر والغلبة , فانه خلاف الفرض , بل
لابد من ان يكون بنحو يترتب عليه امكان انبعاثه .

وبتعبير اخر ما تعلق به شوق المولى وميله هو الفعل الاختياري للعبد, ولو كان بعث المولى الى فعله
بـنحو القهر والاجبار لكان ذلك بعث الى غير ما اشتاق اليه ,فلابد من ان يكون بعثه على نحو يترتب
عـليه امكان انبعاث العبد فيما لو كان منقادا,والمفروض في الواجب المعلق عدم ترتب الانبعاث عند
تحقق البعث مع فرض انقياد العبد, فلا يكون بعث المولى بعثا حقيقة ولو امكانا ((254)) .

اقـول قد تقدم سابقا وكرارا ان ارادة المولى لا تتعلق بالبعث الخارجي الحقيقي , فان البعث الخارجي
الـحقيقي قهر على الغير لا ينفك عن الانبعاث الخارجي ولا يتحقق بدونه , كما لا يتحقق الكسر بلا
انـكـسـار, وانما تتعلق ارادته بالبعث الخارجي الاعتباري , واذا كان البعث اعتباريا فيمكن ان ينشا
البعث معلقاعلى امر استقبالي بنحو الشرط المقارن او غيره نظير الوصية التمليكية ويمكن ان ينشا
البعث مطلقا ويقيد المبعوث اليه بامر استقبالي , فان الاعتبار غير التكوين , اذغاية ما يعتبر في موارد
اطـلاق البعث هو ان يكون لاطلاقه اثر حتى لا يلحق اطلاقه بانياب الاغوال ولئلا يكون الاعتبار
فـيـه لـغوا ومجرد فرض و خيال , والمفروض في موارد اطلاقه واستقبالية متعلق البعث والطلب
حصول الاثر, ولو كان تهيؤ المكلف بالاشتغال ببعض مقدماته , نظير الاغتسال في الليل لصوم يوم الغد
والتحفط بمال الاستطاعة لسفر الحج والى غير ذلك .

وقـد ذكرنا في بحث الطلب والارادة ان الشوق باي مرتبة فرض لا يكون ارادة ,اذ قد تتحقق ارادة
الفعل من غير اشتياق اليه اصلا, فلا نعيد.

وقد يجاب عن المحقق الاصفهاني (ره ) بان للفاعل في موارد الفعل بالمباشرة ارادتين تتعلق كل منهما
بمراد, اذ تعين الارادة للنفس في النفس انما يكون بالمراد,ومع تعدد المراد لا يعقل وحدة الارادة ,
فان المتعدد بما هو متعدد لا يتعلق به ارادة واحدة , فالعطشان الذي يريد رفع عطشه او شرب الماء
تكون ارادته متعلقة برفع عطشه او شرب الماء, ومع الالتفات بان شرب الماء (اي ايجاده ) لا يكون
الا بـحـركـة عـضـلاتـه تكون حركة عضلاته بارادة ثانية , ولو كانت تبعية , ومصحح اختيارية
الافعال هذه الارادة الثانية , اذ لو لم تكن حركتها بارادة ثانية لا يكون الفعل اختياريا, والارادة التي لا
تـنـفـك عن المراد هي هذه الارادة لا الاولى , حيث لا يعقل تحقق الارادة بالحركة الفعلية من غير
تـحـرك الـعـضلات فعلا, واما الارادة الاولى فيمكن تعلقها بما يكون امرا استقباليا, وهذا ليس من
الـتـخـصـيـص في حكم العقل , بل لان تحقق حركة العضلات يكشف عن بروز الارادة للنفس بلا
مزاحم , واما الارادة الاولى فهي تابعة لكيفية تعلقها, فان تعلقت بالفعل فورا يحصل للنفس ارادة ثانية
الـتـي لاتـنفك عن حركة العضلات , وان تعلقت بالفعل استقبالا فلا تحصل الارادة الثانية الامع بقاء
الارادة الاولـى الـى وصول زمان الفعل في المستقبل , ففي ذلك الزمان تحصل الارادة الثانية , فاللتي
يـتـرتب عليها حركة العضلات هي الارادة الثانية المترتبة على الارادة الاولى فيما كان المراد به
فعليا ولو بفعلية القيد الاستقبالي ((255)) .

اقـول : مـا ذكره (ره ) غريب , وذلك فان تحقق الارادتين انما يكون فيما لا ينطبق المراد على نفس
حـركـة الـعـضـلات , اذ من اراد شرب الماء وشربه , فالصادر منه بما هوفعل ليس الا عبارة عن
تحريك الحلق بنحو ينزل الماء في المعدة , وعليه فلاتتعلق مع ارادة شرب الماء ارادة اخرى متعلقه
بحركة الحلق بنحو يزدرد الماء.

نعم تهيئة الماء وايصاله الى فضاء الحلق يكون بارادة اخرى , حيث ان ذلك مقدمة للشرب , وهذا غير
منكر في كلام المحقق الاصفهاني (ره ), وانما الكلام فيمااذا اراد -مثلا مصافحة انسان قد مد يده
الـيـه , فـان ارادة مـصافحته عبارة اخرى عن تعلق ارادته بمد يده ووضعها في اليد الممدودة اليه ,
وليس في البين ارادتان احداهما تتعلق بمصافحته , واخرى بمد يده ووضعها في اليد الممدودة اليه ,
واذا لـم يـكـن فـي مثل ذلك ارادتان , فكيف تكون هذه الافعال اختيارية بناء على ما اسسه واختاره ؟
وكيف تكون ارادتها علة تامة لحصول المراد, اذن فلا معنى للقول بتصحيح اختيارية الافعال بالالتزام
بـارادة ثـانية متعلقة بحركة الاعضاء والجوارح , تابعة للارادة الاولى المتعلقة بالمراد بالذات . ومع
الاغـمـاض عـن ذلك والتسليم بان للفاعل المريدارادتين تتعلق احداهما بالمراد بالذات , والاخرى
بحركة العضلة , فنقول : كما ان الارادة بالاضافة الى المراد بالذات تابعة لكيفية تعلقها, كذلك الارادة
بـحركة العضلات -بشهادة الوجدان والبرهان - تابعة لكيفية تعلق الارادة الاولى , فان كانت الارادة
الاولى متعلقه بفعل حالا تتعلق الارادة بحركة العضلات ايضا حالا, وان تعلقت بفعل مستقبلا, تعلقت
الارادة بـحـركة العضلات ايضا مستقبلا بان يكون الاستقبال قيدا للحركة لا لارادتها. ودعوى ان
ارادة حركة العضلات في هذه المواردلا تحصل من الاول وانما تحصل عند فعلية القيد الاستقبالي ,
فالوجدان وبرهان تبعية الارادة الثانية يشهدان على خلافها.

ثـم انه قد انكر المحقق النائيني (ره ) الواجب المعلق والتزم بامتناع فعلية الوجوب بدون فعلية امر
يكون من القيد غير الاختياري الماخوذ في الواجب كالزمان , واوضح ذلك بان الايجاب يعني الارادة
التشريعية تكون بازاء الارادة التكوينية , وكما لا يصح من الانسان ارادة فعل وعمل فعلا يكون ذلك
الـفـعـل مـقـيـدابزمان الاستقبال او امر استقبالي غير مقدور الا بنحو التقدير والتعليق , كذلك لا
يـصـح الامر به فعلا, بل يصح على نحو الاشتراط والتقدير, وهذا بخلاف عمل يتوقف ذلك العمل
عـلـى تـهـيئة مقدمات مقدورة , ولا يحصل الا بعد حصولها, فانه يصح من الانسان ارادة ذلك العمل
كارادة استنباط الاحكام , حيث يتوقف الاستنباط على مراجعة الادلة والنظر فيها, فيكون الداعي الى
هذه المقدمات نفس ارادة الاستنباط,ففي مثل ذلك يصح للامر الامر بذلك العمل بلا محذور.

وان شـئت قـلت : ما يكون من العمل موقوفا على مقدمات مقدورة للفاعل , ففي مثله لا باس بالامر فعليا
بـذلـك العمل وقبل حصول تلك المقدمات , فيكون الامر به داعيا الى الانبعاث الى تلك المقدمات , وما
يكون من العمل موقوفا على حصول امرغير اختياري , كالزمان المستقبل والزماني , ففي مثل ذلك لا
يصح الامر الفعلي بذلك العمل , بل يكون الامر على تقدير مجي ء ذلك الزمان او الزماني كما هو الحال
فـي الواجب المشروط, وهذا مقتضى لحاظ الارادة التشريعية بالاضافة الى الارادة التكوينية , حيث
لا تـكـون الارادة الـتكوينية في هذا القسم الا بنحو التقدير والاشتراط,فمثلا ارادة شرب الماء
مـوجـودة لـكل ملتفت الى صلاح شربه عند عطشه , ولكن هذه الارادة تقديرية , وتكون فعلية عند
فـعلية العطش , ولو كان في هذا القسم مقدمة مقدورة بحيث لو لم يات بها المكلف قبل فعلية الايجاب
لماتمكن منه بعد فعلية العطش , يكون ايجاب تلك المقدمة بامر نفسي تهيئي لا بالالتزام بفعلية وجوب
ذيهاواستقبالية ذلك الواجب , كما هو ظاهر الفصول ((256)) .

اقـول : لا يـكـون التقدير والتعليق في نفس الارادة -يعني الشوق المؤكد- بان يكون للشوق وجود
تـقـديـري في مقابل وجوده التنجيزي , بل هو كسائر الامورالواقعية يتصف بالوجود تارة وبالعدم
اخرى , وانما يكون القيد راجعا الى المشتاق اليه باعتبار دخله في صلاحه , بلا فرق بين كون القيد
اختياريا او غير اختياري .

ودعـوى انه لايكون للشوق فعلية مع كون القيد امرا غير اختياري بخلاف ما اذاكان القيد اختياريا
غـير تامة , فانه يكفي في فعلية الشوق احراز ذلك القيد في موطنه ,كما اذا احرز ان الامير يعطيه
الـجـائزه الخطيرة غدا, فانه يصبح باشتياق مفرط لاخذتلك الجائزة من غير ان ينام في ليلته مهما
طالت , شوقا اليها.

والسر في ذلك ان الموجب للاشتياق ليس الوجود الخارجي بنفسه , بل باحرازحصوله في موطنه ,
ويشهد لعدم الفرق بين كون القيد اختياريا او غير اختياري ان الاشتياق الى شرب الماء عند عطشه
لا يوجب جعل نفسه عطشانا او قطع المسافة .

نـعـم لو كانت الارادة هي الاختيار بمعنى اعمال النفس قدرتها في احد طرفي الشي ء, فهذا لا يتعلق
بغير المقدور ولا بالمتاخر, كما تقدم التفصيل في بحث الطلب والارادة .

وذكـرنا ان الحاصل في المتاخر القصد والبناء وان صرف المولى قدرته يكون على فعله وهو انشاء
الـبـعث والطلب , والبعث والطلب بما انـه امر اعتباري لا يحتاج في تحققه الى حصول القيد خارجا,
فـيـمكن للمولى لحاظ ذلك القيد في ناحية المتعلق , لا في ناحية نفس البعث , فيكون واجبا معلقا, كما
يمكن ان يلاحظ قيدالنفس البعث , فيكون واجبا مشروطا.

والـحـاصـل لـو كان المراد بالارادة التشريعية البعث الاعتباري , فهذا لا يقاس بالارادة التكوينية ,
وعـلى تقدير القياس فالارادة التكوينية ايضا -بمعنى الشوق والميل والبناء قلبا تتعلق بفعل استقبالي
مـع احـراز حـصـول قيدها في موطنه , ولو كان المراد بالارادة الاختيار واعمال القدرة , فصرف
المولى قدرته يكون بفعله , وهوانشاء البعث لا بفعل العبد, على ما تقدم .

وربما اشكل على المعلق ايضا بعدم القدرة على المكلف به في حال البعث (1).

(1) وقـد يـقـال : ان مـا ذكـره في الفصول من كون غير الاختياري قيدا للواجب ,وكون الوجوب
بـالاضـافـة الـيه مطلقا, غير صحيح , بل الواجب المعلق بعينه هوالواجب المشروط بنحو الشرط
المتاخر, بحيث لو لم يحصل ذلك القيد غيرالاختياري في موطنه او لم يحصل التمكن على الفعل في
ذلـك الـظـرف لـمـا كـان وجوب من الاول , فيكون الوجوب من الاول مشروطا بحصول ذلك القيد
غيرالاختياري في موطنه , كما تقدم بحث الواجب المشروط.

ودعـى صـاحب الفصول (ره ) الى الالتزام بالواجب المعلق من تصحيح وجوب الاتيان ببعض مقدمات
الـواجـب قبل حصول ظرف نفس الواجب , يترتب على الوجوب المعلق بذلك الفعل بنحو المشروط
بـالـشـرط المتاخر ايضا, فلا موجب لتصحيح وجوب الاتيان ببعض مقدمات الواجب قبل وقت ذلك
الـواجـب الـى الالتزام بالواجب المعلق , بل ما سماه واجبا معلقا فهو في الواقع من الواجب المشروط
بالشرط المتاخر.

ويظهر من الماتن (ره ) في الجواب عن الاشكال الذي تعرض له في المتن بقوله : وربما اشكل على
المعلق ايضا بعدم القدرة ... الخ ((257)) ان في موارد الواجب المعلق تكون القدرة على الفعل شرطا
للتكليف بنحو الشرط المتاخر, ولكن نفس القيد غير الاختياري المتاخر كالزمان لا يكون قيدا لنفس
التكليف , ولو بنحو الشرطالمتاخر, بل ذلك القيد قيد للواجب فقط, وبهذا يفترق الواجب المشروط
بـالـشـرطالـمـتـاخـرثم انه لا وجه لتخصيص الواجب المعلق بما يتوقف حصوله على امر غير
مقدور(1).

عـن الواجب المعلق , فانه لو كان نفس القيد غير الاختياري قيدا للتكليف بنحوالشرط المتاخر لكان
الواجب من قبيل الواجب المشروط بالشرط المتاخر واما اذاكان القيد المفروض قيدا للواجب فق
ط ولم يكن في ناحية الوجوب الا الاشتراطبالقدرة على ذلك الفعل في ظرفه فهو من الواجب المعلق .

ولـكـن لا يـخـفى ان اشتراط حصول ذلك الزمان يدخل في اشتراط القدرة على ذلك الفعل , فيكون
حـصوله قيدا للوجوب بنحو الشرط المتاخر وللواجب بنحوالشرط المقارن , نظير دخول الوقت ,
حـيـث انه شرط للوجوب وقيد للصلاة ايضا, ولافرق في اشتراط التكليف بين كون الشي ء بنفسه
قيدا له اوبما يحصل عنه .

والمتحصل ان مرجع الواجب المعلق الى الواجب المشروط بالشرط المتاخرفلا يكون احدهما في
مـقـابل الاخر, وقد اشرنا الى ان الثمرة التي ذكرت للواجب المعلق تترتب على الواجب المشروط
بالشرط المتاخر, حتى لو فرض ان احدهمافي مقابل الاخر.

(1) وحـاصـل ظـاهر كلامه (ره ) انـه لا وجه لتخصيص الواجب المعلق بما اذاكان قيد الواجب
امـرا غير اختياري , بل ينبغي تعميمه لما اذا كان القيد المفروض اختياريا ماخوذا في الواجب بنحو
يـتـرشـح عليه الوجوب الغيري , او ماخوذا بنحولايترشح عليه ذلك الوجوب , فان غرض صاحب
الـفصول من تقسيم الواجب الى المعلق والمنجز لزوم تحصيل بعض المقدمات التي لا يتمكن المكلف
مـن الاتيان بهافي ظرف الواجب , فان لزوم التحصيل يترتب على كون الواجب معلقا, ولا يترتب على
كـونـه مـشروطا, لثبوت الوجوب الحالي في الواجب المعلق , فيترشح من الوجوب الحالي المتعلق
بـالـواجـب وجوب تلك المقدمات بناءا على الملازمة ,ولايترشح هذا الوجوب لها بناءا على الواجب
المشروط, لعدم وجوب حالي لذلك الواجب الا بعد حصول الشرط.

ولكن هذا بناءا على كون اشتراط وجوب الواجب بالشرط بنحو الشرطالمقارن , واما اذا كان بنحو
الـشرط المتاخر وفرض وجود الشرط في ظرفه المتاخر,يكون وجوب ذلك الواجب حاليا ايضا,
فـيـكـون الـوجـوب الغيري لتلك المقدمة ايضاحاليا, وليس الفرق بين الواجب المشروط بالشرط
الـمـتـاخر وبين الواجب المعلق الاكون وجوب الواجب مرتبطا بحصول الشرط المتاخر, بخلاف
المعلق , فان المرتبط فيه بالمتاخر نفس الواجب .

اقول : قد تقدم ان الوجوب في الواجب المعلق ايضا مرتبط بحصول ذلك الشرط, فانه لولاه لما تمكن
الـمكلف من الاتيان بالواجب , والقدرة على الاتيان بالواجب في ظرفه شرط لوجوبه لا محالة , غاية
الامر على تقدير اعتبار المتاخر في الواجب ايضا كما هو الفرض يكون نظير اشتراط شي ء في كل
مـن وجوب الواجب ونفس الواجب , واعتبر في الوجوب بنحو الشرط المتاخر وفي الواجب بنحو
الشرطالمقارن .

والـحاصل ان الواجب المعلق قسم من الواجب المشروط بالشرط المتاخر,وهذا من جهة كون شي ء
واجبا معلقا او مشروطا.

واما ما ذكره (ره ) من انـه لا وجه لتخصيص المعلق بما اذا كان قيد الواجب امراغير اختياري , بل
يـعم ما اذا كان ذلك القيد الاستقبالي مقدورا, سواء اخذ في الواجب بنحو يترشح عليه ايضا الوجوب
الـغـيـري ام لا, فـهو صحيح في الجملة لامطلقا, اذ لو كان ذلك القيد للواجب امرا اختياريا, بحيث
يـتـرشـح عـلـيـه الوجوب الغيري , لدخل الواجب في المنجز, حيث لا يعتبر في الواجب المنجز
المساوي للمطلق ان لا يكون قيد للواجب اصلا, نظير الامر بدفن الميت , فانه مقيد بكونه بعدتغسيله
وكـفـنـه والـصلاة عليه , وبما ان كلا من الاغتسال والكفن والصلاة عليه امرمقدور, يكون الدفن
واجبا منجزا فيجب مع قيوده .

وامـا اذا اخـذ الـقـيد المقدور في الواجب بنحو لا يترشح عليه الوجوب ,ويعبر(ره ) عن ذلك بان
وجـوده الاتـفـاقـي قـيـد لـلواجب , فما ذكره وان كان صحيحا الاان هذا ايضا يدخل في الواجب
المشروط بالشرط المتاخر, فيكون حصوله فيما بعدشرطا لوجوب الواجب بنحو الشرط المتاخر
ولنفس الواجب بنحو الشرط المتقدم اوالمقارن , وذلك لما ياتي من انـه اذا اراد المولى ان لا يسري
الـوجـوب الـغـيـري او لـزوم الاتـيان العقلي الى قيد الواجب فعليه ان يفرض ذلك القيد في ناحية
موضوع التكليف مفروض الوجود, كما اذا التزمنا بان وجوب غسل مس الميت يكون حالياقبل مسه ,
ولـكـن الـغسل لابد من ان يقع بعد المس , فعلى المولى ان يفرض في موضوع وجوب الاغتسال مس
الـميت بنحو الشرط المتاخر, ويجعل المس قيدالنفس الاغتسال بنحو الشرط المتقدم , فيجب على
الـمكلف الذي يعلم بمس الميت بعد ذلك تحصيل الماء لاغتساله فيما احرز انه لا يتمكن على تحصيل
الماء بعدالمس .

وبـمـا ان الـقـسم الاول لايدخل في الواجب المعلق بوجه -والمراد بالقسم الاول القيد الاختياري
لـلـواجـب الذي يترشح عليه الوجوب الغيري - التزم بعض بوقوع الغلط في نسخة الكتاب بسقوط
كلمة لا من قوله على نحو يكون مورداتنبيه : قد انقدح من مطاوي ما ذكرنا (1) .

لـلتكليف ((258)) , وكان الصحيح على نحو لا يكون موردا للتكليف وان كلمة او لا بعدقوله
ويترشح عليه الوجوب زائدة .

وكانت العبارة هكذا بل ينبغي تعميمه الى امر مقدور ومتاخر اخذ على نحولايكون موردا للتكليف
ويترشح عليه الوجوب لعدم تفاوت فيما يهمه واللّه العالم .

/ 26