الشك في النفسية والغيرية - أصول نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

أصول - نسخه متنی

جواد تبریزی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


واما بالاضافة الى الارادة التشريعية -وهي ارادة الفعل من الغير- فلا ينتهي المطلوب من الغير الى مـا بـالذات بالاضافة الى ذلك الغير, فمثلا شراء اللحم مطلوب من زيد, وطبخه مطلوب من عمرو,
واحـضـاره مـطـلوب من بكر, فالصلاح في شراءاللحم غير مطلوب من زيد, بل يراد من عمرو,
والامر في الواجبات الشرعية كذلك ,فالصلاح الكامن في الصلاة غير مراد من المكلف اتيانه , اذ لا
يـكـون الـصـلاح فيهامرادا من المكلف لا بالذات ولا بالعرض , بل المراد منه نفس الصلاة , فتكون
الصلاة واجبة نفسيا ((262)) .

اقول : لو غض النظر عما ذكره في الارادة التكوينية , ان ذكره في الارادة التشريعية غير صحيح ,
فان الغرض المترتب على شراء اللحم من زيد ليس الطبخ ,بل تمكين زيد عمروا على طبخه , وهذا
هو المطلوب من زيد, واما الطبخ فهو-بالاضافة الى شراء اللحم - من الغرض الاقصى , وكذا الحال
في طلب طبخه من عمرو بالاضافة الى احضار المطبوخ المطلوب من بكر, وهذا ظاهر.

وبـالـجـمـلة طلب الغرض الاقصى من شخص اخر لا يوجب ان لا يكون طلب الشراء من زيد طلبا
نفسيا, وهكذا الحال في الواجبات الشرعية بالاضافة الى المصالح المترتبة عليها.

ثم انه لا اشكال فيما اذا علم باحد القسمين , واما اذا شك في واجب انه نفسي اوغيري (1).

الشك في النفسية والغيرية


(1) يـقع الكلام في فرضين : احدهما ما اذا ورد في الخطاب الامر بفعل في مقام البيان , وشك في ان الامر به نفسي او غيري . والثاني ما اذا لم يكن في البين خطاب اصلا, وعلم من الخارج وجوب فعل
اما نفسيا او غيريا, او كان الخطاب في مقام الاهمال .

امـا الفرض الاول , كما اذا ورد الامر بالاغتسال من مس الميت بعد برده وقبل تغسيله , وشك في ان
الـغـسل على من مس الميت واجب نفسي , او انه واجب غيري , لكونه شرطا للصلاة كالاغتسال من
الجنابة , ففي مثل ذلك يمكن اثبات النفسية بالتمسك باطلاق الامر به فيما لم يكن في البين قرينة على
غـيـريـة وجوبه , كماهو المفروض , بتقريب : ان الشك في المقام يرجع الى الشك في كونه واجبا
مطلقا اوواجبا مشروطا.

وقـد تـقدم انـه يثبت باطلاق الهيئة كون وجوب الفعل مطلقا لا مشروطا,والوجه في رجوع الشك
الـى ذلـك , هـو ان الـوجـوب في الواجب الغيري يتقيد بماتقيد به وجوب الواجب النفسي , كما هو
مـقتضى تبعية الوجوب الغيري للوجوب النفسى في اطلاقه واشتراطه , ولو كان الاغتسال على من
مـس الـمـيت واجبا غيريالتقيد وجوبه بدخول وقت الصلاة المشروط وجوبها بدخوله , ومقتضى
الاطلاق في ناحية الامر بالاغتسال على من مس الميت , سواء انشئ بصيغة الامر او بغيرها هوكون
وجوبه غير مشروط بدخول وقت الصلاة , فيكون وجوبه نفسيا.

ولـكن حكي عن الشيخ (ره ) في تقريرات بعض تلامذته انه لا يمكن اثبات نفسية الوجوب بالاستناد
الى اطلاق الهيئة ونحوها, وذلك لان مفاد الهيئة فرد من الطلب الذي لا يعقل فيه الاطلاق والتقييد,
فـان الجزئي لا يقبل الاطلاق والتقييد والقابل لهما مفهوم الطلب , ومفهومه ليس هو معنى الهئية , فان
الـفعل يتصف بالمطلوبية بتعلق الامر به , ولا يتصف مفهوم الطلب بها, وهذا شاهد على ان المطلوبية
تـوجدبتعلق واقع الطلب بالفعل , وهو جزئي لا يقبل الاطلاق والتقييد دون مفهومه , فانه كلي وقابل
لهما الا انه ليس بمدلول للصيغة .

وبتعبير اخر: يصير الفعل مطلوبا ومرادا بتعلق واقع الارادة وحقيقتها به ,لابلحاظ مفهوم الطلب .

واجـاب الـمـاتن (ره ) بانه ليس مفاد الهيئة والمنشا بها الا معنى لفظ الطلب ,والانشاء يرد على هذا
الـمـعنى , وهو كلي قابل للتقييد, ولو قبل انشائه فينشا الطلب مطلقا او مقيدا, واما الارادة الحقيقية
فـهي اجنبية عن مفادها, بل هي صفة نفسانية يحمل عليها الطلب بالحمل الشائع , وغير قابلة للانشاء
والايجاد باللفظ.

نـعـم تكون تلك الصفة من الدواعي الى انشاء الطلب بالفعل , فيكون الفعل متصفا بالمطلوبية الحقيقية ,
كـمـا انـه قد يكون الداعي الى انشاء الطلب بالفعل غيرها,فيكون الفعل متصفا بالمطلوبية الانشائية
فـقط, وعلى ذلك فالتمسك باطلاق الهيئة لكشف حال وجوب الفعل وكون طلبه مطلقا غير مشروط
بـمـا يجب به الفعل الاخر,امر صحيح , وانه لا ملازمة بين عدم امكان تقييد الارادة الحقيقية وعدم
امكانه في الطلب الانشائي .

ولـعـل التعبير عن مفاد الهيئة بالطلب وعدم ذكر كونه انشائيا اوجب اشتباه مفهوم الطلب المفروض
كونه مدلول الهيئة بمصداقه الحقيقي .

اقـول : قـد تـقـدم في الواجب المشروط ان تقييد مفاد الهيئة عبارة عن تعليق الطلب المنشا, كتعليق
الـمـنـشا في المعاملات كالوصية او تعليق النسبة الطلبية ,فالاول كقوله اطلب منك اكرام زيد اذا
جـائك , والـثاني كقوله ان جائك زيد فاكرمه والوجوب الغيري سواء كان انشائه بمادة الطلب او
بصيغة الامر, عبارة عن تعليق وجوب الفعل بما اذا وجب فعل اخر, ولا محذور في هذا التعليق حتى
بـنـاءا عـلـى كـون مـفاد الهيئة والمعنى الحرفي جزئيا حقيقيا لا يقبل التوسعة والتضيق , بدعوى
ان الاطـلاق والـتـقـيـيـد بهذا المعنى يختصان بالمفاهيم الاسمية , ولا يجريان في معاني الحروف
والهيئات , وقد ذكرنا ان معانيهما ايضا يتصفان بذلك , ولكن بتبع معنى المدخول والمتعلقات .

ثم انه لو تنزلنا عن ذلك وبنينا على ان معاني الحروف والهيئات لا تقبل التعليق ايضا, فيمكن استظهار
كـون وجـوب الـفعل نفسيا لا غيريا من اطلاق المادة , فمثلا اذاورد في الخطاب الامر بالاغتسال
على من مس الميت وشك في كون وجوبه نفسيااو غيريا, كالاغتسال من الجنابة , يثبت كون وجوبه
نـفسيا باطلاق الاغتسال وعدم تقييده بقصد التوصل الى الصلاة , وذلك لان متعلق الامر الغيري على
مـسلك الشيخ (ره ) مقيد بالقصد المذكور كما ياتي , فيكون اطلاق الاغتسال في خطاب وجوبه كاشفا
عن كونه واجبا نفسيا.

وقـد يـوجـه بطريق اخر اثبات كون الفعل واجبا نفسيا, وهو التمسك باطلاق متعلق الامر النفسي
الاخر المحتمل كون الفعل المشكوك في نفسية وجوبه اوغيريته قيدا له , كاطلاق الصلاة في مثل
قوله سبحانه (واقيموا الصلاة ) فانه لو كان الاغتسال على من مس الميت واجبا غيريا كانت الصلاة
مـتـقيدة به , بخلاف ما اذاواما اذا لم يكن , فلابد من الاتيان به فيما اذا كان التكليف بما احتمل كونه
شرطا له فعليا (1).

كان واجبا نفسيا, وبما ان دلالة الخطاب معتبرة في مدلوله الالتزامي , فيثبت باطلاق المتعلق لوجوب
الصلاة كون وجوب الاغتسال نفسيا وان الصلاة غير مقيدة به .

لـكن لا يخفى ان هذا يصح على مسلك الاعمى فيما اذا فرض تمامية الاطلاق في ناحية المتعلق في
خـطـاب (اقيموا الصلاة ), وقد تقدم في بحث الصحيحي والاعمى عدم كون مثل الخطاب المذكور
في مقام بيان المتعلق , بل انما هو وارد في بيان اصل التشريع .

(1) هذا هو الفرض الثاني من الفرضين , وهو بيان مقتضى الاصل العملي عنددوران امر الواجب بين
كونه نفسيا او غيريا, وللشك في ذلك صور ثلاث :
الـصـورة الاولـى : مـا اذا احـرز ان وجـوبـه مع وجوب الفعل الاخر من المتماثلين في الاطلاق
والاشـتراط, ولكنه على تقدير كونه غيريا يعتبر الاتيان به بنحو خاص ,لتقيد الفعل الاخر بسبقه
او لحوقه او مقارنته كالاغتسال على من مس الميت فيما اذافرض العلم بعدم وجوبه قبل دخول وقت
الصلاة , ولكن دار امره بين كونه واجبانفسيا فيجوز الاغتسال من المس ولو بعد الصلاة , او كونه
واجبا غيريا فيتعين عليه الاغتسال قبل الصلاة , ففي مثل ذلك لا باس بجريان البراءة في ناحية تقيد
الـصلاة به ,فان رعاية الاشتراط ضيق على المكلف , والاصل عدم تعلق الوجوب بالصلاة المتقيدة به
على ما هو المقرر في بحث دوران امر الواجب بين الاقل والاكثرالارتباطيين , ولا يعارضها اصالة
الـبراءة عن وجوب الاغتسال نفسيا, للعلم باصل الوجوب وترتب العقاب على تركه او بتركه , وكذا
الحال في استصحاب ناحية عدم جعل الوجوب النفسي له للعلم المفروض .

وبـالـجـملة فالفعلية في الواجب الاخر في هذه الصورة مسلمة قطعية وانماغيرية هذا الواجب او
نفسيته مشكوكة .

الـصورة الثانية : ما اذا علم ان وجوب المشكوك في نفسيته او غيريته مع وجوب الفعل الاخر غير
متماثلين في الاطلاق والاشتراط على تقدير النفسية , وعلى تقدير الغيرية في وجوبه يعتبر الاتيان
بـه قـبل الصلاة مثلا, ففي مثل ذلك تكون اصالة البراءة عن اشتراط الصلاة به معارضة باصالة عدم
وجـوبه قبل وقت الصلاة , فيجب على المكلف الجمع بين الاحتمالين بالاغتسال قبل الصلاة , فتكون
النتيجة نتيجة الواجب الغيري .

الـصـورة الـثالثة : ما اذا دار امر الفعل بين كونه واجبا نفسيا فيكون فعليا في حقه ,او غيريا مقدمة
لـواجب لا يعلم المكلف بفعليته في حقه اصلا ولو مستقبلا, كما اذادار امر الختان بين كونه واجبا
نـفـسـيـا او غـيريا من باب اشتراط الطواف به , ويفرض عدم علم المكلف بحصول الاستطاعة له
مسقبلا, ففي مثل ذلك لا باس بالرجوع الى اصالة البراءة بالاضافة الى وجوبه النفسي .

ويـلحق بهذه الصورة ما اذا علم بكونه واجبا غيريا وشرطا لواجب لا يعلم بفعلية وجوبه في حقه ,
ولـكن يشك في وجوبه نفسا, كما اذا علم بان الختان شرطفي طواف الحج , ولكن يشك في وجوبه
نفسا, فان اصالة البراءة عن وجوبه النفسي مع عدم العلم بحصول الاستطاعة له تجري بلا اشكال .

وعبارة الماتن (ره ) خالية عن التعرض الى البراءة عن الاشتراط في الصورة الاولى , كما انها خالية
عن التعرض لتنجيز العلم الاجمالي في الصورة الثانية .

الاول : لا ريب في استحقاق الثواب على امتثال الامر النفسي ... الخ (1).

الثواب على الواجبات الغيرية


(1) ان كـان الـمـراد بالاستحقاق , اللزوم على اللّه (سبحانه ) وفاءا لوعده , فهذايجري في بعض الواجبات الغيرية التي ورد الوعد بالثواب عليها كالخروج الى مثل الحج .

وان كـان الـمـراد مـن استحقاق الثواب على امتثال الامر النفسي اللزوم على اللّه (سبحانه ) نظير
اسـتـحقاق الاجير الاجرة على المستاجر والعامل على من امره بعمل فيما اذا اتى الاجير او العامل
بـالـعمل المستاجر عليه او المامور به , ففي ثبوت هذاالاستحقاق على امتثال الامر النفسي تامل , بل
مـنـع , اذ العقل لا يحكم على اللّه (سبحانه ) بشي ء ازاء طاعة العبد وعمله بوظيفته المقررة له من
اللّه (سبحانه ) بعدكونه ولي النعم والمنعم الحقيقي على العبد.

وان اريـد من استحقاق العبد ان قيامه بوظائفه ورعاية ولاية خالقه موجب لان يقع مورد التفضل منه
تعالى من غير وجوب شي ء عليه , كتفضله عليه بجعل توبة العبد كفارة لذنبه , فهذا صحيح الا ان نفي
الاسـتـحـقـاق بهذا المعنى في موارد امتثال الامر الغيري محل تامل , لاستقلال العقل بحسن التفضل
والاحـسـان الـى من ياتى بالمقدمة قاصدا بها التوصل الى امتثال التكليف المتوجه اليه وان الاتيان بها
كـذلك يوجب تقرب العبد اليه (سبحانه ) فيما اذا لم يوفق الى اتيان الواجب النفسي لطروالعجز بعد
الاتيان بها لعارض اخر.

وعـلـيه لا مجال في الفرض لدعوى ان زيادة الثواب من باب كون ذي المقدمة من اشق الاعمال , كما
ورد في الثواب على بعض المقدمات .

نعم , يبقى في الفرض دعوى ان استحقاق المثوبة في الفرض من جهة الانقيادنعم , لا باس باستحقاق
العقوبة على المخالفة وبزيادة المثوبة (1).

والـقصد الى الاتيان بالواجب النفسي , ولذا لو لم يكن في البين قصد التوصل بل مجرد الاتيان بمتعلق
الـواجـب الغيري لتعلق الامر الغيري به لما كان في البين حكم بالاستحقاق , كما اذا اتى بالمقدمة مع
تردده في عصيانه وطاعته , بالاضافة الى الواجب النفسي بعد ذلك .

ولـكـن يمكن دفعها بوجدان الفرق بين المكلف الذي ياتى بالمقدمة بقصدالتوصل الى ذيها ولكن طرء
الـعـجز عليه بعد الاتيان بها, وبين المكلف القاصد لاتيان المقدمة توصلا الى ذيها ولكن طرء العجز
عـلـيـه قبل الاتيان بالمقدمة بتحقق الامتثال ولو ببعض مراتبه في الاول وعدمه في الثاني , وان كان
الانـقياد بقصد الطاعة فيهماعلى حد سواء, اللهم الا ان يقال مع طريان العجز بذي المقدمة لا يكون
بـينهما فرق الا في مراتب الانقياد, والفرق بين مراتب الانقياد كالفرق بين مراتب التجري امرممكن
غـيـر منكر, ومع ذلك كله فكون الاتيان بالمقدمة بقصد التوصل بها او بقصدامتثال الامر بها غيريا
موجبا لوقوع العبد موقع التفضل عليه مما لا ينكر.

(1) يعني ان ترك الواجب الغيري يوجب استحقاق العقاب على المخالفة ,-اي مخالفة الامر بالواجب
الـنفسي - فانه بترك المقدمة تحصل مخالفته , كما يمكن دعوى ان مع الاتيان بالمقدمة بقصد التوصل
الى ذيها يحكم باستحقاق مزيد الثواب على امتثال الواجب النفسي , حيث يكون الاتيان بالواجب النفسي
مع الاتيان بمقدمته بقصد التوصل من اشق الاعمال واحمزها ولا يخفى ان اشقها افضلها.

والـوجـه فـي صيرورة ذي المقدمة من اشق الاعمال على ذلك التقدير, شهادة الوجدان بانه لو كان
للعبد داع نفساني الى الاتيان بالمقدمة لما كان يصعب عليه الاتيان بذيها بمثابة صعوبة ما اذا لم يكن له
داع من المقدمة غير التوصل الى ذيها.

اشكال ودفع : اما الاول فهو انه اذا كان الامر الغيري ... الخ (1).

ثـم انـه (ره ) قـد حـمل ما ورد في الثواب على بعض المقدمات على ما ذكره من زيادة الثواب على
الواجب الغيري او على التفضل , وعلل ذلك بان موافقة الامرالغيري -بما هو امر وايجاب لا بما هو
شـروع فـي اطاعة الامر النفسي - لا يوجب قربا, ومخالفته بما هو مخالفة الامر الغيري لا يوجب
بعدا, والثواب والعقاب من تبعات القرب والبعد.

ولـكن لا يخفى ما فيه : فان وعد الثواب على امتثال الواجب النفسي ايضا فضلاعن الغيري على نحو
الـتـفـضـل كما تقدم , لا الاستحقاق . ودعوى البداهة في ان الاتيان بالواجب الغيري بداعوية الامر
الغيري لا يوجب قربا كما ترى .

وامـا دعـوى كون الاتيان به كذلك شروعا في امتثال الواجب النفسي , فهي نظيردعوى كون شراء
الـطـعـام شروعا في الاكل وان غسل الثوب او البدن من النجاسة -باعتبار ان طهارتهما شرط في
الصلاة - شروع في امتثال الامر بالصلاة , مع ان الصلاة اولها التكبير. وبالجملة الاتيان بقيد الواجب
الـنـفـسـي بـداعوية الامر الغيري به او لقصدالتوصل به الى الواجب في نفسه تقرب فيما اذا كان
الداعي الى الاتيان بالواجب النفسي امر الشارع به , غاية الامر لا يكون تقربا نفسيا, بل تقربا تبعيا.

عبادية الطهارات الثلاث


(1) اما الاشكال فمن وجهين : احدهما: انـه اذا كان الاتيان بالمقدمة ولو بقصد امتثال الامر بها غيريا غيرموجب لاستحقاق الثواب
عليها, فكيف حال الطهارات الثلاث ؟ فانه لا ينبغى التامل في استحقاق المثوبة عليها وحصول التقرب
بها, ولو فيما اذا اتى بها لمجردامتثال الامر الغيري بها.

وثـانـيـهـما: ما اشار اليه بقوله هذا مضافا الى ان الامر الغيري ... الخ وحاصله انـه لابد من كون
وجـوب الـمـقـدمـة توصليا, بمعنى سقوط الامر الغيري بها بالاتيان بها,ولو بغير داع قربي , لان
الغرض من الامر الغيري بالمقدمة تمكن المكلف من ذي المقدمة ووصول يده الى ذيها, وهذا الغرض
يـحـصـل بـحصول المقدمة كيف ماحصلت , وعليه فما وجه اعتبار قصد التقرب في سقوط الامر
بالطهارات وانـه لايسقط الامر الغيري بها بمجرد الاتيان بها من غير قصد امتثال الامر.

وحـاصـل مـا ذكـره (ره ) في دفع الوجهين من الاشكال هو ان الطهارات الثلاث -حتى التيمم منها
مطلوبات نفسية بالامر الاستحبابي التعبدي , فتكون مطلوبة كسائرالمستحبات النفسية والطهارات
بـما هي مستحبات نفسية وذوات ملاكات مترتبة عليها عند الاتيان بها قربيا, قد اخذت قيدا للصلاة
ونحوها لدخالتها كذلك في صلاح الصلاة ونحوها.

وبتعبير اخر: ان عباديتها ليست لاجل تعلق الامر الغيري بها, بل لتعلق الامرالاستحبابي النفسي بها,
حـيـث لا يـتـحـصل ملاكاتها النفسية بلا قصد التقرب , وقداخذت بما هي عبادات قيودا للصلاة
ونحوها, ولا تحصل -بما هي قيد الصلاة -بلاقصد التقرب ليسقط الامر الغيري بها.

وبـالـجملة كون الطهارات الثلاث عبادة انما هو لتعلق الامر الاستحبابي النفسي بها, حيث ان الامر
الاستحبابي تعبدي لا يحصل ملاكاتها الا اذا اتى بها بقصد التقرب ,وبما ان الماخوذ قيدا للصلاة هي
الـطـهـارة الماتي بها عبادة , فلا يسقط الامر الغيري بهامن غير ان تقع بنحو العبادة , حيث ان الفاقد
لقصد التقرب ليس بقيد للصلاة .

لا يـقال : على ذلك يلزم ان يقصد عند الاتيان بها الامر بها نفسيا, لتقع بنحوالعبادة , مع انـه يكفي في
صحتها وسقوط الامر الغيري بها الاتيان بها بداعوية الوجوب الغيري المتعلق بها.

فانه يقال : بعد فرض ان قيد الصلاة هي الطهارة بنحو العبادة , فالامر الغيري يدعو اليها كذلك , حيث
ان الامر لا يدعو الا الى ما هو القيد والمقدمة , ولذا يكتفى في صحتها بقصد امتثال الامر الغيري بها.

اقـول : الـمـفروض في الاشكال ان المتوضي ء مثلا يقصد غسل وجهه ويديه ومسح راسه ورجليه
بـداعوية الامر الغيري المتعلق بنفس مجموع هذه الافعال , لاان الامر الغيري يدعوه الى الاتيان بها
بـداعـويـة الامر النفسي الاستحبابي المتعلق بها كي يكون داعوية الامر الغيري بنحو الداعي الى
الداعي كما ذكر ذلك في قصد التقرب من الاجير الذي يقضي ما على الميت من الصلاة والصوم .

ومـن الـمعلوم انه تصح الطهارات ولو ممن لا يرى الاستحباب النفسي فيها بعددخول وقت الصلاة
وانـحصار الامر بها في الغيري , بل ممن يعتقد عدم الاستحباب النفسي في التيمم وعدم ملاك نفسي
فـيـه , الا انه (ره ) التزم بان موافقة الامر الغيري وقصدها لا يوجب التقرب , ومعه فكيف يحصل
التيمم بوجه قربي من المعتقد بعدم استحبابه النفسي ؟
والـمـتعين في الجواب ان يقال : ان ما يتوقف عليه الصلاة او الطواف هو الوضوءاو الغسل او التيمم
بوجه قربي , بان يضاف الاتيان بها الى اللّه سبحانه , فالامر الغيري يتعلق بها مع هذا المقصد, وبما ان
الاتيان مع قصد امتثال الامراحدهما : ما ملخصه ان الحركات الخاصة (1) .

الـغـيـري او قـصد التوصل الى الواجب النفسي اتيان بالفعل مضافا الى اللّه سبحانه وموجب لوقوع
الـوضوء او الغسل او التيمم بنحو العبادة فيصح , نظير ما تقدم في اخذ قصد التقرب في متعلق الامر
النفسي في العبادات .

نعم وجود ملاك الاستحباب النفسي في الطهارت يوجب ان تكون في نفسهاعبادة صالحة للتقرب بها
مجردة عن قصد الصلاة ونحوها, بخلاف سائر المقدمات كما ياتي توضيحه ان شاء اللّه تعالى .

(1) توضيحه ان العنوان المنطبق على فعل يكون على نحوين :
احـدهـما: ان يكون انطباقه عليه قهريا غير محتاج الى قصد ذلك العنوان ,كالاكل والشرب والقتل
ونحوها.

وثـانـيـهـما: ان يكون انطباقه على الفعل موقوفا على قصد ذلك العنوان زائداعلى قصد نفس الفعل
كـعـنـوان الـتـعظيم والاهانة واداء الدين ونحوها. وحيث لم يكن الوضوء او الغسل او التيمم قيدا
للصلاة بنفسه , بل القيد لها المعنون بعنوان خاص قصدي , وان ذلك العنوان القصدي غير معلوم عندنا,
فـلابد في الاتيان بها بذلك العنوان القصدي من قصد الامر بها غيريا لدعوته الى متعلقه , فيكون ذلك
العنوان مقصودا ولو بنحو الاجمال .

واورد الماتن (ره ) على هذا الجواب بوجهين :
الاول : كـون الـعنوان الموقوف عليه الصلاة قصديا وغير معلوم عندنا لا يقتضي الاتيان بالطهارات
بداعوية الامر الغيري بها, بل يمكن قصد ذلك العنوان المجهول بوجه اخر, وهو قصد الامر الغيري
بها وصفا لا جعله داعيا الى الاتيان , مثلا يقصدالمكلف العنوان الذي تعلق الامر الغيري به , وياتي بها
موصوفا باحد دواعيه النفسانية .

الثاني : ان الجواب المفروض لا يصحح ترتب الثواب على تلك الطهارات لان امتثال الوجوب الغيري
لا يترتب عليه استحقاق المثوبة .

اقـول : قـد يدعى انـه يلزم على التوجيه المفروض امر اخر, وهو ان يحكم بفسادتيمم من اتى به
بداعوية الامر الغيري معتقدا بان التيمم بنفسه شرط لصلاة فاقد الماءلا بالعنوان القصدي المنطبق
عليه .

ولكن يمكن دفعه بانه لا يضر هذا الاعتقاد في حصول الطهارات بعنوانهاالقصدي , فان الاعتقاد كما
ذكـر مـن بـاب الاشتباه في التطبيق , حيث ان قصد امتثال الوجوب الغيري مقتضاه القصد الى الاتيان
بمتعلقه الواقعي , وهذا العنوان المفروض مقصود ارتكازا وان كان مغفولا عنه تفصيلا, نظير ما اذا
قـصد امتثال الوجوب المتعلق بالصوم الذي في حقيقته ليس الا الامساك عن جميع المفطرات , ولكن
لايعلم ان الارتماس مفطر, بل كان يعتقد عدم كونه مفطرا فيكون صومه صحيحا.

نـعـم اذا قـصـد ارتكاب الارتماس ولو للاعتقاد بعدم كونه مفطرا, يبطل صومه فان قصد الامساك
الاجـمـالـي لا يـجتمع مع قصد الارتكاب , ولا تتم دعوى الاشتباه في التطبيق فيما تقدم في جواب
الماتن (ره ) عن الاشكال -بان صحة الطهارات وعباديتها وحصول التقرب بها لاستحبابها نفسا, وان
قـصـد الامـر الغيري يكون من قبيل الداعي الى الداعي - حيث اوردنا عليها بان هذا لا يتم عند من
يعتقد بعدم الاستحباب النفسي ويكون غافلا عن استحبابها نفسيا.

وثانيها : ما محصله ان لزوم وقوع الطهارات عبادة (1).

والوجه فيه هو ان الامر بشي ء لا يكون داعيا اليه مع الغفلة عن ذلك الامر,بخلاف قصد المعنون مع
الـغفلة عن عنوانه المتعلق به الامر, فان قصد امتثال ذلك الامر يكون التفاتا ارتكازيا الى ذلك العنوان
فتامل .

(1) وحـاصـله ان الغرض من الامر بالصلاة كما لا يحصل بدون الاتيان بهابداعي الامر, كذلك لا
يـحـصـل الغرض من الامر بالصلاة بدون الاتيان بالطهارات بقصد الامر بها غيريا, فالصلاة مقيدة
بـالوجود القربي من الطهارات لا بمطلق وجودها, وهذا الامر الغيري المتعلق بها توصلي , لسقوطه
بمجرد الاتيان بمتعلقه وهو الوضوء او الغسل او التيمم القربي . وبتعبير اخر: لا يقتضي هذا الامر
الـغـيري الاالاتيان بمتعلقه كسائر الاوامر التوصلية , ولكن متعلقه هو الوضوء بقصد قربي لامطلق
الوضوء.

واورد (ره ) عـلـى هـذا الـجـواب بـانـه لا يصحح الا اعتبار الاتيان بالطهارات على وجه قربي
وعباديتها. واما استحقاق المثوبة على الاتيان بها فلا يثبت , لان المفروض في الجواب ان تعلق الامر
الـغـيري مقيد بقصد التوصل , فلا يوجب استحقاق المثوبة على الاتيان بها, غاية الامر يكون القصد
المفروض موجبا لكون الصلاة من افضل الاعمال واشقها.

اقول : الصحيح في الجواب ان يقال : الماخوذ شرطا للصلاة هو الوضوء على وجه قربي , لان الدخيل
فـي مـلاك الـصـلاة هـو هـذا الـوضوء, ويكون التقرب المعتبر في الوضوء الاتيان بداعي الامر
الاستحبابي به , فيما اذا كان الوضوء قبل وقت الصلاة اوبداعي الملاك الموجود فيه , او للتوصل به
الـى الصلاة , او بداعوية وجوبه الغيري ,وفي جميع ذلك يقع الوضوء بوجه قربي ويحصل التقرب
بـه . وبـمـا انـه في نفسه ذا ملاك نفسي يستحق الثواب عليه مطلقا, بخلاف ما اذا لم يكن فيه ملاك
الامـرالنفسي فان الاتيان به انما يوجب استحقاق المثوبة عليه اذا كان الاتيان به للتوصل الى الواجب
الـنـفسي لا مطلقا, حيث ان داعوية الامر الغيري الى متعلقه تابعة لداعوية الامر النفسي الى متعلقه ,
ومع عدم قصد التوصل , لا داعوية للامر الغيري ,ولذا لا يستحق المثوبة على مجرد موافقة الامر
الغيري فيها.

ثـم انـه قـد ذكر المحقق النائيني (ره ) وجها اخر لتصحيح عبادية الطهارات الثلاث , وهو اعتبار
الاتـيـان بـهـا بداعي الامر النفسي الضمني المتعلق بها, بدعوى ان الامر النفسي بالصلاة كما يكون
مـقـسطا على الاجزاء وياخذ كل منها حصة من الامرالنفسي , كذلك الشرط للصلاة ياخذ حصة من
الامر.

وكـما لا يكون الغرض من الامر بالجزء حاصلا الا بالاتيان به بداعي الامرالنفسي , كذلك الشرط
ربما لا يحصل الغرض من الامر به الا بالاتيان به بداعي ذلك الامر الضمني .

ولا وجـه لـلمناقشة بانه ما الفرق بين الطهارات و غيرها من شرائط الصلاة ممالايعتبر الاتيان به
بنحو العبادة مع تعلق الامر الضمني بجميعها, وذلك لان الفرق بينهما هو عدم توقف الغرض في غير
الطهارات على الاتيان بمتعلق الامر الضمني بداعويته , بخلافه في الطهارات .

اقول : لا يخفى ما فيه , فان اجزاء الصلاة وان كان ياخذ كل منهما حصة من الامربها, كما هو مقتضى
كـون الكل عين الاجزاء خارجا الا ان الشرائط لا يتعلق بها الامرالنفسي اصلا, اذ لو تعلق بها ذلك
الامـر الـنـفسي لانقلبت الى الاجزاء, اذ لا فرق بين الجزء والشرط, الا ان الامر النفسي الضمني
يتعلق بالاول دون الثاني .

وبـالـجـملة الامر النفسي يتعلق بالمشروط (اي الحصة ) , وتلك الحصة تنحل بالتحليل العقلي الى
الـطبيعي والتقيد بالشرط, فيعتبر في وقوع الحصة عبادة وقوع التقيد به على نحو العبادة لا نفس
القيد, فمثلا لا يعتبر التقرب في غسل الثوب من تنجسه , بل يعتبر التقرب في الصلاة التي هي مقيدة
بطهارة الثوب .

ولا يـخـفـى انـه كما لا يتعلق بالجزء الوجوب الغيري , كذلك لا يتعلق بنفس مايطلق عليه الشرط
الوجوب النفسي الضمني .

وقـد تـحـصل من جميع ما ذكرنا ان ما هو قيد للصلاة هو الوضوء او الغسل اوالتيمم الماتي بنحو
قربي , والوجوب الغيري يتعلق بهذا النحو والتقرب في كل منها,كما يحصل بالاتيان بداعوية الامر
الاسـتـحـبـابـي او الـمحبوبية النفسانية , كذلك يحصل بالاتيان بداعوية الوجوب الغيري -التابعة
لداعوية الوجوب النفسي المتعلق بالصلاة - الملازم لقصد التوصل بكل منها الى الصلاة .

بقي في المقام امر, وهو انـه بناءا على عدم امكان اخذ قصد التقرب في متعلق الامر كما عليه الماتن
(ره ), يكون متعلق الامر النفسي الاستحبابي نفس الوضوء اوالغسل او التيمم , ويتعلق الامر الغيري
بـالـوضـوء بـداعـوية ذلك الامر الاستحبابي النفسي , فيختلف متعلق الامر النفسي مع متعلق الامر
الـغـيـري , فـلا يـتعلق الامرالنفسي والغيري بشي ء واحد, حتى يناقش فيه -بناءا على عدم صحة
اجتماع الحكمين في شي ء واحد- ببطلان اجتماع الحكمين في شي ء واحد, ولو كانابعنوانين , وذلك
لان مـتعلقهما ليس شيئا واحدا, ومع التنزل فليس في المقام عنوانان حتى يمتنع اجتماعهما, وعنوان
المقدمة جهة تعليلية لا يتعلق به الامر الغيري .

واما ما ربما يقال في اعتبار قصد الاطاعة في العبادات من الالتزام بامرين (1).

الثاني :قد انقدح مما هو التحقيق في وجه اعتبار قصد القربة في الطهارات (2).

نـعـم بـنـاءا عـلـى عـدم الامتناع في الحكمين المتماثلين واندكاك احد الحكمين في الاخر, يسق
ط الـتـرخيص في الترك بعد وجوب ذي المقدمة , فان اقتضاءالترخيص في الترك بلحاظ الاستحباب
الـنـفـسي وذلك في ما اذا كان الطلب النفسي غير متحد مع الطلب الالزامي -ولو كان غيريا كما لا
يخفى , دون ما اذا اتحدا, كما في المقام .

(1) هذا لا يرتبط بالوجه السابق , بل ايراد على من يلتزم بامرين في اعتبار قصدالتقرب في العبادة
بـان يتعلق احد الامرين بنفس الفعل , والاخر بالاتيان به بداعي الامر الاول , فانه لو فرض تصحيح
قصد التقرب بذلك في الواجبات النفسية , فلايمكن هذا التصحيح في الوجوب الغيري .

لانــه لـو غـض الـنـظر عن الاستحباب النفسي في الطهارات , فلا يمكن الالتزام بتعلق الوجوب
الـغـيري بنفس الوضوء, ثم تعلق وجوب غيري اخر بالاتيان بالوضوءبداعي الوجوب الاول , وذلك
فـانـه ما لم يكن شي ء مقدمة لا يتعلق به الوجوب الغيري , والمفروض ان نفس غسل الوجه واليدين
ومـسـح الـراس والرجلين ليس بمقدمة للصلاة ليتعلق به الامر الغيري , بل المقدمة الحصة الخاصة
منه , يعني الوضوء القربي .

(2) وحاصله انه قد تقدم صحة وقوع الوضوء والغسل او التيمم بنحو العبادة فيما اذا اتى بها بداعي
الامـر الاسـتـحـبـابي النفسي المتعلق بها وان لم يقصد المكلف عند الاتيان باحداها التوصل بها الى
الصلاة او غيرها مما هو مشروط بها.

وامـا بـنـاءا عـلى عدم الاستحباب النفسي وتصحيح القربة المعتبرة فيها بالامرالغيري , فلابد في
وقـوعـها عبادة من قصد الغاية بها, والمراد بقصد الغاية قصدالتوصل بها الى ذيها, وذلك لان الامر
الـغـيري لا يكاد يمتثل , ولا يمكن ان يكون الاتيان بمتعلقه امتثالا موجبا للقرب الا عند حصول هذا
الـقـصـد, حيث معه يكون الامر الغيري داعيا الى متعلقه بمقتضى تبعيته لداعوية الامر النفسي الى
متعلقه .

بل قصد الغاية في الحقيقة هو الموجب لوقوعها عبادة , ولو لم يقصد الامرالغيري المتعلق بها او لم
نـقـل بتعلق الامر الغيري بالمقدمة اصلا, وهذا هو السر في اعتبار قصد الغاية في الاتيان بها الذي
ورد في كلماتهم 5, لا ما قيل من ان الوجوب الغيرى يتعلق بالمقدمة بعنوانها, فلابد في الاتيان بها من
قصد عنوان المقدمة الذي لا يحصل بدون قصد التوصل بها الى غاياتها.

والـوجـه في فساد هذا التوجيه هو ان الامر الغيري يتعلق بنفس المقدمة لابعنوانها, فان عنوانها لا
يتوقف عليه ذيها وانما يكون عنوانها موجبا لتعلق الوجوب الغيري بما ينطبق عليه ذلك العنوان .

اقـول : الـتـوجيه المفروض فاسد, حتى ولو قيل بتعلق الامر الغيري بالمقدمة بعنوانها, فان عنوان
الـمقدمة ليس عنوانا قصديا, بل عنوان قهري ينطبق على نفس الوضوء والغسل والتيمم , كما ينطبق
على سائر قيود الصلاة من تطهير الثوب والبدن .

واما ما ذكره (ره ) من ان الامر الغيري لا يدعو الى متعلقه الا مع قصد الاتيان بمتعلق الامر النفسي
بـمـقتضى التبعية في الداعوية -كما تقدم - فهى ايضا قابلة للمناقشة , فانه ربما يكون الامر الغيري
داعـيا الى متعلقه من غير داعوية الامرالنفسي , كما اذا توضا المكلف او طهر بدنه لاحتماله انقداح
ارادة الاتـيـان بـالـصلاة فيما بعد, مع انه لم يرد اتيان الصلاة بالفعل , فلم يدعوه الامر النفسي اليها
حتى ضرورة ان عنوان المقدمة ليس بموقوف عليه الواجب (1).

يـسـتتبع دعوة الامر الغيري الى الوضوء, بل توضا بمجرد احتمال اتيان الصلاة فيمابعد, وهذا لا
مـانـع مـن صـحـته , اذن فيكفي في داعوية الامر الغيري احتمال انقداح ارادة الاتيان بمتعلق الامر
النفسي بعد ذلك .

(1) يـعـني بناءا على الملازمة يثبت الوجوب الغيري لما يكون معنونا بعنوان المقدمة , واما عنوانها
فـلا يكون موقوفا عليه اذ ليس بالحمل الشائع مقدمة . نعم يكون توقف فعل الواجب على شي ء موجبا
لتعلق الوجوب الغيري بذلك الشي ء.وبتعبير اخر: عنوان المقدمة جهة تعليلية لا تقييدية .

وقـد يـقال بان وجوب المقدمة اذا كان بحكم العقل , فيكون الواجب عنوان المقدمة لا نفس المعنون ,
وذلـك لان الـجـهـات الـتـعـليلية في الاحكام العقلية تكون جهات تقييدية , فحكم العقل بامتناع شي ء
لاستلزامه الدور يكون في الحقيقة حكمامنه بامتناع الدور, وحكمه بحسن ضرب اليتيم تاديبا فهو
حـكم منه بحسن التاديب والاحسان اليه , وعلى ذلك فحكه بوجوب فعل لكونه مقدمة لواجب , يرجع
الى الحكم بتحقيق عنوان المقدمة .

وفيه ان الوجوب الغيري على تقديره شرعي , وانما العقل يدرك الملازمة بين الايجابين , والوجوب
الـشـرعـي المولوي يتعلق بما ينطبق عليه عنوان المقدمة لذيها,لتوقف ذيها عليه , فالملاك في هذا
الـوجـوب تـوقف الواجب عليه . والحاصل ان عنوان المقدمة للصلاة مثلا, عنوان انتزاعي ليس في
الـخـارج الا الـوضوء ونحوه , ممايتوقف عليه الصلاة كسائر العناوين الانتزاعية التي ليس لها في
الخارج الامنشاالانتزاع والوجوب الغيري لا يمكن ا ن يتعلق بنفس الصلاة , لان وجوبها نفسي ,كما
لا يـمـكن ان يتعلق بتوقف الصلاة على الوضوء, لانـه خارج عن فعل المكلف لا شبهة في ان وجوب
المقدمة بناءا على الملازمة يتبع في الاطلاق والاشتراطوجوب ذيها (1).

واختياره , فيتعين تعلقه بنفس الوضوء.

ثـم ذكـر هذا القائل في وجه لزوم قصد التوصل انـه بعد ما ثبت حكم العقل بوجوب عنوان المقدمة
لـرجوع الجهة التعليلية الى التقييدية , فلابد من كون عنوان المقدمة مقصودا في وقوعها على صفة
الـوجـوب , لاستحالة تعلق الامر بشي ء غيرمقدور, وعنوان المقدمة في الحقيقة قصد التوصل الى
الواجب النفسي .

اقول : بما ان عنوان المقدمة من العناوين القهرية دون القصدية , فاللازم في وجوبها الالتفات اليه والى
مـعـنونه , ومن المعلوم ان الالتفات الى كون شي ء ممايتوقف الواجب عليه لا يكون ملازما للاتيان به
بقصد التوصل به الى ذلك الواجب ,والموجب لخروج الفعل عن وقوعه خطا وغفلة هو الالتفات الى
الـعـنـوان المنطبق عليه لا اكثر, فمثلا الوضوء مع الالتفات بانه مقدمة للصلاة لا يلازم الاتيان به
للتوصل به الى الصلاة , بل يمكن ان يكون الداعي الى الاتيان به غير الاتيان بالصلاة , وان كان الداعي
قربيا ثم انقدح بعد ذلك ارادة الصلاة , كفى ذلك الوضوء للدخول في الصلاة المشروطة به كما تقدم ,
ولو وقع صحيحا حتى مع فرض تعلق الامر بعنوان المقدمة لا بذاتها, كما لا يخفى .

اعتبار قصد التوصل في المقدمة وعدمه


(1) الفرق بين ما ذكره في المعالم والمحكي عن الشيخ (ره ) هو ان قصد الاتيان بذي المقدمة شرط لوجوب مقدمته عند صاحب المعالم (ره ), وقيد للواجب الغيري على المحكي عن الشيخ (ره ), حيث
قال في المعالم في مبحث الضد: ان حجة القول بوجوب المقدمة على تقدير تسليمها, تثبت وجوبها في
حال كون المكلف مريدا للفعل المتوقف عليها ((263)) .

واورد عـليه الماتن (ره ) بان المقدمة تتبع ذيها في اطلاق وجوبها واشتراطه ,واذا لم يكن وجوب
ذيـهـا مـشروطا بارادته , لم يكن وجوب مقدمته ايضا مشروطابارادته بعين المحذور في اشتراط
وجوب ذيها بارادة متعلقه , وهو لزوم لغوية الوجوب , اذ الغرض منه داعويته نحو ارادة الفعل , فاذا
كـان مشروطا بارادته لكان جعله لغوا. وبالجملة نهوض الدليل على التبعية واضح , وان كان نهوضه
على اصل الملازمة بين الايجايين ليس بهذه المثابة من الوضوح .

وربما يقال : ظاهر كلام صاحب المعالم (ره ) يساعد على القضية الحينية ,لااشتراط وجوب المقدمة
عـلـى ارادة ذيها بمفاد القضية الشرطية , ليكون المعلق عليه في وجوب المقدمة ارادة الاتيان بذيها,
ليخرج وجوبها عن التبعية .

فـانـه يـقـال : انه لا فرق بين القضية الشرطية والقضية الحينية بحسب مقام الثبوت في انه لابد من
تقدير الشرط او الحين على كل منهما, فيخرج وجوب المقدمة عن تبعية وجوب ذيها, حيث لا يمكن
في وجوب ذيها فرض حين ارادته , واذا فرض في وجوب مقدمته ذلك الحين , فيكون وجوب مقدمته
مقيدا لا محالة مع اطلاق وجوب ذيها.

واورد عـلـى كلام الشيخ (ره ) بانه لا يمكن ان يتعلق الوجوب الغيري بالمقدمة بقصد التوصل , لان
الـملاك في الوجوب الغيري التوقف والمقدمية , وهذا الملاك قائم بنفس المقدمة سواء اتى بها بقصد
التوصل ام لا, ولذا اعترف الشيخ (ره ) في كلامه بالاكتفاء -فيما اذا اتى بالمقدمة - بقصد اخر غير
التوصل بها الى ذيها, فيكون تخصيص الوجوب الغيري بما اذا قصد بمتعلقه التوصل بلا موجب . نعم
يـعـتـبـر قصدالتوصل في حصول الامتثال , لما تقدم من ان الاتي بالمقدمة بداع اخر لا يكون ممتثلا
لامرها ولا اخذا في امتثال الامر بذيها حتى يثاب بثواب اشق الاعمال .

وبالجملة يقع الفعل المقدمي على صفة الوجوب , ولو مع عدم قصد التوصل ,بل حتى لو كان لذلك الفعل
حكم قبل اتصافه بالمقدمية لارتفع ذلك الحكم ولتبدل الى الوجوب الغيري بعد ايجاب ما يتوقف عليه ,
فمثلا يقع الدخول في ملك الغيرعلى صفة الوجوب فيما اذا كان مقدمة لانقاذ غريق او اطفاء حريق
واجب فعلي ولايكون حراما, وان لم يلتفت الداخل الى المقدمية والتوقف حال الدخول فيه .

غاية الامر يكون الداخل بلا التفات الى المقدمية متجريا, بالاضافة الى دخوله ,كما انـه لو لم يقصد
بـدخوله التوصل مع الالتفات الى المقدمية ـبان لا يكون حين الدخول قاصدا للانقاذ او الاطفاء اصلا
كـان متجريا ايضا بالاضافة الى ذي المقدمة .وهذا بخلاف ما اذا كان في الدخول داع نفساني مستقل ,
وقصد مع ذلك الايصال ايضا, فانه لا يكون متجريا بالاضافة الى ذي المقدمة , بل يكون الداعي له الى
دخوله مؤكدا لقصد الايصال .

/ 26