مدلول صيغة الامر بعد الخطر - أصول نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

أصول - نسخه متنی

جواد تبریزی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید



امـا مـا ذكـر في الكفاية من استفادة الوجوب النفسي والتعييني والعيني من اطلاق الهيئة , فلا يمكن المساعدة عليه , كما لا يمكن المساعدة على ما ذكره المحقق الاصفهاني (ره ) في تعليقته من ان القيد
في كل من النفسي والتعييني والعيني عدمي , بخلاف الغيري والتخييري والكفائي فان قيدها وجودي
فـيـكـفـي فـي بيان النفسية عدم بيان قيد الغيري , وكذا الحال في التعييني والعيني , اما الاول فلانه
عـلـى الـقول بوضع الهيئة لمطلق الطلب يكون نتيجة الاطلاق هو مطلق البعث المشترك بين النفسي
والـغـيـري حـيث ان ميزان الاطلاق هو ان يكون ما يؤخذ في الخطاب ويرادبيانه تمام الموضوع
لـلـحكم ولابد ان يكون في المقام هوالجامع , ولكن الاطلاق كذلك مع كونه خلاف الغرض حيث ان
الـمـفـروض اسـتفادة الوجوب النفسي لاالجامع ممتنع , لان الحروف وما يشابهها ومنها صيغة افعل
لايتصور الجامع الحقيقي بين معانيها.


والحاصل يلزم ان يكون لكل من الوجوب النفسي والغيري قيد, اما وجودي اوعدمي ضرورة صحة
تقسيم الوجوب اليها, ويلزم ان يكون لذلك القيد دال اخر.


وامـا مـا ذكـره المحقق الاصفهاني (ره ) من ان النفسية في الوجوب عبارة عن عدم الوجوب للغير,
فـهذا بين البطلان , فانه ان كان المراد عدم الوجوب للغير بنحوالسالبة المحصلة الصادقة مع انتفاء
الوجوب -كما هو ظاهر كلامه - فهو كما ترى .


وان كان المراد العدم بنحو السالبة بانتفاء المحمول او السلب العدولي ,فيحتاج بيان كون الوجوب لا
لـغـيره , الى بيان ودال اخر زائدا على الدال على اصل وجوبه , على ان الوجوب لنفسه هو الوجوب
لذاته وتفسيره بلا لغيره , تفسيربلازمه .


ودعوى ان احد القسمين اي الوجوب النفسي عين المقسم في نظر العرف ,كما هو ظاهر قوله بان
الـوجـوب الـنـفسي وما يماثله لا يخرج عن طبيعة الطلب عرفاوان كان غيره في نظر العقل , لا
تـخـرج عـن صـرف الادعـاء, بل الوجدان على خلافها.فانه يصح عرفا تقسيم الطلب الى النفسي
والغيري من غير ان يلزم بنظرهم محذورتقسيم الشي ء الى نفسه وغيره , فكل من الوجوب النفسي
والغيري بنظرهم نفس الطبيعة مع قيد زائد وجودي او عدمي .


اقول : يظهر ما في كلام المحقق وبعض الاعاظم 0 مما ذكرناه في ذيل كلام الماتن (ره ), فانه ليس
الـكـلام فـي الـمـقـام في الفارق الثبوتي بين الوجوب النفسي والوجوب الغيري ليقال ان لكل منهما
خـصـوصـيـة وقـيـدا زائدا على اصل الطلب وان الطلب في الاول ينشا عما في متعلقه من الملاك
والغرض , بخلاف الغيري فان ملاك الطلب فيه ترشحي عن الملاك والغرض في الفعل الاخر.


وقـد ذكـر الماتن (ره ) ذلك في بحث الواجب النفسي والغيري , بل الكلام في مقام الاثبات وان بيان
كـون الـوجـوب في الواقع نفسيا يكفي فيه عدم ذكر ما يدل على ان طلب الفعل غيري فيما اذا كان
الـمولى في مقام بيان كيفية الوجوب ونحوه , وان بيان كون الطلب المتعلق بالفعل غيري يكون بتقييد
الطلب بما اذا اراد الاتيان بفعل اخركما في اية الوضوء, او بما اذا كان طلب الفعل الاخر فعلي , واذا
لم يذكره وكان في مقام بيان كيفية الوجوب بان تعلق الطلب في الخطاب بالفعل يكون الاطلاق اي عدم
ذكـر ما يدل على قيد الوجوب الغيري دليلا على ان الوجوب نفسي , لان كون الوجوب مهملا ثبوتا
غير ممكن من المولى الملتفت , كما ان ثبوت كلا الوجوبين خلاف الفرض , حتى لو فرض تحمل فعل
واحد لوجوبين احدهما نفسي والاخرغيري .


وعـلـيه اذا احرز عدم الوجوب الغيري ثبوتا تعين كونه نفسيا, والوجه في احراز عدم كونه ثبوتا
غيريا عدم بيان القيد اللازم في الدلالة على كونه غيريا, كما هو الفرض في المقام , وهذا معنى قولنا
عدم الدلالة على كون الوجوب غيريا في مقام بيان كيفية الوجوب دليل على نفسيته , ويعبر عن عدم
الـدال على غيرية الوجوب في مقام بيان كيفية الوجوب بالاطلاق , وهذا غير الاطلاق في موضوع
الـحكم المقتضي لتسريته الى جميع افراده كما في قوله سبحانه : (احل اللّه البيع ) وقوله سبحانه :
(حرم الخمر والميسر) الى غير ذلك , مما يحتاج ارادة بعض الافراد الى قرينة دالة على خصوصية
الافراد المقصودة ثبوتا.


الـمـبـحث السابع : اختلف القائلون بظهور الصيغة في الوجوب وضعا او اطلاقا فيمااذا وقع عقيب
الحظر او في مقام توهمه (1).


ونـظير الاطلاق في المقام , ما تقدم في دلالة صيغة الامر على كون الطلب وجوبيابالاطلاق , وهذا
الاطلاق داخل في الدلالة اللفظية , حيث انه مدلول لعدم ذكر القيدالدال على الحكم الاخر كما تقدم ,
مع احتياجه في مقام البيان الى ذكره لو كان هوالمراد.


مدلول صيغة الامر بعد الخطر



(1) قـد يـقـال : ان ورود صـيـغـة الامر بعد الحظر او في مقام توهم الحظر يوجب ظهورهافي الترخيص والاذن , وقد ينسب ذلك الى المشهور.


ونـسب الى بعض العامة انكار ذلك , والقول بظهور الصيغة في الوجوب مطلقا.ونسب الى بعض القول
بـظـهـورهـا في ما كان الفعل عليه قبل النهي عنه اذا علق الامربزوال موجب النهي , كما في قوله
سبحانه : (فاذا انسلخ الاشهر الحرم فاقتلواالمشركين ) ((213)) .


وقد استدل كل فريق على ما ذهب اليه ببعض استعمالاتها, ولكن القرينة في تلك الموارد على ارادة
الـتـرخـيص والاذن او الوجوب او الرجوع الى ما قبل الحظرموجودة , ومع قطع النظر عن تلك
القرائن لم يظهر ان وقوعها عقيب الحظر يوجب ظهورها في غير ما كانت ظاهرة فيه قبل الحظر,
بل وقوعها كذلك يوجب اجمالهاوعدم الظهور في شي ء منها بخصوصه .


لا يـقـال : قد تقدم ان دلالة الصيغة على وجوب الفعل بالاطلاق وعدم المبحث الثامن : الحق ان صيغة
الامر مطلقا لا دلالة لها على المرة والتكرار(1).


الـتـرخـيـص فـي تـرك متعلق الطلب , وتعلق الطلب به مع ورود صيغة الامر محرز, واذالم يبين
الترخيص في تركه يكون مقتضاه الوجوب , كما تقدم .


فـانه يقال : انما يتمسك باطلاق الطلب فيما اذا كان تعلق الطلب بالفعل بداعي البعث نحوه محرزا, اما
بـالـوضع او بالانصراف , وفي المقام لم يحرز كون تعلق الطلب بالفعل بداعي البعث حتى يحمل على
الـوجوب , لاقتران الخطاب بما يصلح قرينة على انـه بداعي الترخيص فيه , وبيان عدم الحظر او
ارتفاعه , كما لا يخفى .


دلالة صيغة الامر على المرة او التكرار



(1) الـمراد ان صيغة الامر لا دلالة لها بمادتها ولا بهيئتها على خصوصية المرة اوالتكرار, حيث ان مادتها لا تكون دالة الا على الطبيعي , وهيئتها لا تكون دالة الاعلى البعث نحوه وطلب وجوده .


وبـتـعـبير اخر: يلاحظ الطبيعي تارة في وجوداته الانحلالية , واخرى بوجوده الخاص , ككونه
متعقبا بوجوده الاخر او غير متعقب , او مقترنا بوجوده الاخر او غيرمقترن الى غير ذلك , وثالثة
يـلاحـظ وجـوده فـي مقابل عدمه , فلا يلاحظ السريان ولاوجوده الخاص . ولا يستفاد من صيغة
الامـر الا الـمعنى الاخير -اي ما يلاحظ وجوده في مقابل عدمه -, فتكون المرة مسقطة للامر به
لحصوله بها وخروجه من كتم العدم الى صفحة الوجود, لا ان المطلوب فيها هو المرة .


ثـم ان صـاحـب الـكـفـاية (ره ) جعل النزاع في الهيئة والمادة وقال : ان صيغة (افعل ) لا تدل على
خصوصية المرة ولا التكرار, لا بهيئتها ولا بمادتها كما بينا.


ولـكـن صـاحـب الـفصول (ره ) جعل النزاع في الهيئة فقط , وانه هل يستفاد من الصيغة المرة او
الـتـكـرار, او لا يستفاد منها شي ء من الخصوصيتين وان مدلولها طلب حصول الطبيعي . فالنزاع في
الـمقام راجع الى دلالة الهيئة على احدهما؟ مع التسالم على ان الصيغة بمادتها لا تدل على خصوصية
المرة او التكرار, وذلك لاتفاق اهل العربية -كما ذكر السكاكي - على ان المصدر المجرد عن اللام
والتنوين لا يدل الاعلى نفس الطبيعي ((214)) .


واجـاب عنه الماتن (ره ) وقال : هذا الكلام غفلة عن ان كون المصدر المجرد عنهماكذلك لا يوجب
الاتـفـاق عـلى ان الصيغة بمادتها لا تدل على خصوصية المرة اوالتكرار, لان المصدر المجرد لا
يـكـون مـادة لسائر المشتقات ومنها صيغة الامر, بل المصدر صيغة كسائر صيغ المشتقات له هيئة
ومادة , وقد تقدم في باب المشتق مباينة المصدر مع سائر المشتقات في المعنى , فكيف يكون المصدر
بـمـعناه المصدري مادة لها؟ وعليه فيمكن دعوى اعتبار المرة او التكرار في مادة صيغة الامرولا
اتفاق على عدمه .


لا يـقـال : اذا لم يكن المصدر مادة لسائر المشتقات , فما معنى ما اشتهر في الالسن من كون المصدر
اصلا في الكلام , والمراد بالكلام المشتق , فان اطلاق الكلام على المشتق اصطلاح الصرفيين .


فـانـه يـقال : المراد بكون المصدر اصلا في المشتقات مع انـه محل خلاف بين علماء الادب , هو ان
المصدر سابق على سائر المشتقات في الوضع , وان سائرالمشتقات وضعت بتبع وضع المصدر.


وبـيـان ذلـك : ان من يلاحظ الفاظا مختلفة الهئية متحدة المادة ك(ضرب وضرب ويضرب وضارب
ومضروب واضرب ) يرى انها تشترك في امرين , احدهما: ملفوظيتلفظ به ويعبر عنه ب(ض رب ).


وثانيها: معنى ذلك الملفوظ وكان هيئات تلك الالفاظصور للامر الاول , ومعاني الهيئات صور للامر
الـثـانـي , فيكون (ض رب ) مادة لفظية لتلك الهيئات , ومعناه مادة لمعاني تلك الهيئات , وحيث ان المادة
الـلفظية غير قابلة للحاظ الا في ضمن هيئة , فالهيئة التي لاحظ الواضع المادة في ضمنها اولا كانت
هـي هـيـئة الـمـصدر او الفعل , وبعد وضع المصدر او الفعل وضع سائر المشتقات التي تشترك مع
الـمصدر في الامرين المتقدمين بان وضع موادها شخصا, وهيئتها نوعا,فالوضع في ناحية المصدر
شخصي في هيئته ومادته , وفي غيره نوعي بالاضافة الى الهيئات , وشخصي بالاضافة الى موادها.


وقد ذكر بعض الاعاظم (ره ) ان مناقشة صاحب الكفاية ضعيفة , وذلك لان المصدر وان لم يكن مبداا
لـسـائر الـمـشتقات , الا ان عدم التفاوت بين مبدا المصدرومبدا سائر المشتقات في المعنى قطعي ,
وعـلـيـه فالعلم بخروج المرة او التكرار عن معنى المصدر مساو للعلم بخروجهما عن مدلول مادة
سائر المشتقات , فينحصرالخلاف في صيغة (افعل ) من ناحية هيئتها فقط, كما ذكر في الفصول .


اقـول : الـعلم بخروج المرة والتكرار عن مدلول المصدر لا يكون موجبا للعلم بخروجهما عن مادة
سـائر الـمشتقات , فانه من المحتمل ان يكون مادة جميع المشتقات حتى المصدر موضوعة للطبيعي
المقيد باحدهما, وتكون هيئة المصدرموضوعة لالغاء الخصوصية من المادة واشراب المعنى الحدثي
لها مع كون الوضع وتوهم انه لو اريد بالمرة الفرد لكان الانسب ... الخ (1).


فـي نـاحـيـة هـيئة المصدر ايضا شخصيا, ولذا يكون سماعيا بحسب المواد, واذا امكن ذلك يكون
تخصيص الخلاف في صيغة الامر بمدلول الهيئة دون المادة بلا وجه .


(1) ذكر في الفصول ان المراد بالمرة الدفعة , وبالتكرار الدفعات , لا الفرد والافراد,فانه لو كان
الـمراد منها الفرد او الافراد لكان الانسب , بل المتعين جعل هذا البحث تتمة للبحث الاتي وهو تعلق
الامـر بالطبائع او الافراد, فيقال : على القول بتعلقه بالفرد, هل المتعلق فرد واحد او المتعدد او لا
دلالـة في الامر بشي ء على احدهما,واما على القول بتعلق الامر بالطبيعي فلا معنى لهذا البحث , فان
مـقتضى تعلقه بالطبيعي عدم تعلقه بالفرد اصلا فضلا عن ان يكون واحدا او متعددا, وهذا بخلاف ما
اذا كان المراد منهما الدفعة والدفعات , فانه بناءا عليه يصح جعل الدلالة على المرة والتكرار او عدم
دلالتها عليهما بحثا مستقلا.


وبما ان الاصحاب افردوا هذا البحث عن البحث الاتي وجعلوا خلاف المرة والتكرار بحثا مستقلا
يكون ذلك قرينة على ان المراد بالمرة والتكرار الدفعة والدفعات .


والوجه في عدم العلقة بين المسالتين بناءا على ان المراد بالمرة الدفعة ,وبالتكرار الدفعات , جريان
النزاع على القول بتعلق الامر بالطبيعي , وكذا على القول بتعلقه بالفرد, فان جريانه على الاول معناه
الاتيان بالطبيعي مرة او مرات , وعلى الثاني معناه الاتيان بالفرد او الاتيان بالافراد.


وقـد ذكـر الـمـاتـن (ره ) انـه لا علقة بين مسالة الدلالة على المرة والتكرار ومسالة تعلق الامر
بـالـطـبـيعة او الفرد, وذلك لان تعلق الامر بالطبيعة معناه طلب وجودها, والافالطبيعة -مع قطع
النظر عن وجودها لا يتعلق بها الحب والبغض ولا الارادة تنبيه : لا اشكال بناءا على القول بالمرة في
الامتثال (1).


والكراهة ولا البعث والزجر, فالقائل بتعلقه بالطبيعة ملتزم بان مفاد الامر بها طلب وجودها, ولكنه
ملغى عنها جميع خصوصيات افرادها وان تلك الخصوصيات غيرداخلة في المطلوب , بحيث لو امكن
حـصـولها في الخارج عارية عن جميع تلك الخصوصيات لحصل متعلق الطلب وسقط الامر بالطبيعة
لحصول الغرض .


ولـكـن الـقائل بتعلق الامر بالافراد يلتزم بان تلك الخصوصيات ايضا داخلة في المطلوب , بحيث لو
امـكـن حـصول الطبيعة بدونها لما حصل المطلوب وعلى ذلك -سواء قيل بتعلق الامر بالطبيعي او
بالفرد- يجري الخلاف في الدلالة على المرة والتكرار, فانه على القول بتعلق الامر بالطبيعي يكون
الخلاف في ان المطلوب وجودواحد للطبيعي او وجودات متعددة , وعلى القول بتعلقه بالفرد يكون
الخلاف في ان المطلوب خصوصيات فرد واحد او افراد متعددة .


وبـتـعـبير اخر: المراد بالفرد الواحد في المقام هو الوجود الواحد, كما ان المرادبالفرد في ذلك
البحث دخول الخصوصيات لوجود الطبيعي في متعلق الطلب ,فلاعلقة بين المسالتين .


(1) ظاهر كلامه (ره ) انه ان قيل بدلالة الصيغة على المرة فالامتثال يحصل بحصول متعلق الطلب
خـارجا مرة , ولا يبقى مجال للاتيان به ثانيا على ان يكون الثاني ايضا امتثالا للطلب , فانه من الامتثال
بعد الامتثال .


وامـا لـو قـيـل بعدم دلالتها على خصوصية المرة ولا على خصوصية التكرار, بل كان مفادها طلب
الطبيعي وايجاد ذلك الطبيعي فان لم يكن الامر بصيغة الامر في مقام البيان من هذه الجهة بل كان في
مـقـام بيان اصل الطلب المتعلق بالمادة المعبرعن ذلك بمقام الاهمال او كان غرضه اخفاء خصوصية
مـتـعـلق الطلب وانه الطبيعي مرة او مرات او بدونهما, فالمرجع الاصول العملية , وان كان في مقام
الـبـيـان كـمـا هـوالاصل في كل خطاب صادر عن المتكلم , فمقتضى اطلاق الطبيعة المامور بها
هوالاتيان بها مرة او مرات لا لزوم الاقتصار على المرة , كما لا يخفى .


ثم قال (ره ): ولكن التحقيق ان مقتضى الاطلاق جواز الاتيان بالطبيعة مرة في ضمن فرد او افراد
كـمـا اذا قال (اذا حنثت اليمين فاعتق رقبة ) فيجوز له عتق عبد او عبيددفعة امتثالا للامر بعتق
الـعـبـد, وامـا ايجاد فرد بعد ايجاد الاخر امتثالا للامر بالعتق ثانيافهذا غير جائز, لسقوط الامر
بالعتق بالاتيان بالفرد الاول لا محالة , فلايبقى مجال للاتيان به ثانيا بعنوان الامتثال فيما اذا كان امتثال
الامـر بـالـفـرد الاول علة تامة لحصول الغرض كما في المثال , ولا يبقى ايضا مجال للاتيان به ثانيا
ليكون الاتيانان امتثالاواحدا.


نعم اذا لم يكن الاتيان الاول علة تامة لحصول الغرض الاقصى وان كان موجباللغرض المترتب على
الاتـيان بالفعل , كما اذا امر المولى بالاتيان بالماء ليشربه اويتوضا به , فاتى به , فانه مادام لم يشربه
او لـم يتوضا فلا يبعد صحة تبديل الامتثال بالاتيان بفرد اخر احسن منه , بل وان لم يكن احسن منه
كما كان له ان ياتي بذلك الماء قبل الاتيان بالماء الماتي به على ما ياتى بيانه في بحث الاجزاء.


اقـول : لو كان مراد القائل بدلالة صيغة الامر على المرة ان المرة قيد لمتعلق الطلب وان مفاد الهيئة
تـعـلق الطلب بالمادة ومفاد مادتها الطبيعي المقيد بالمرة , ففي الفرض لا يجوز الاتيان بالطبيعي مرة
اخـرى , فـان الاتـيان مرة اخرى يوجب عدم حصول متعلق الطلب اصلا, كما هو الحال في الركوع
الواجب في كل ركعة من ركعات الفريضة .


وامـا اذا كان مراده دلالة هيئة الصيغة على ان الطلب المتعلق بطبيعي الفعل واحدوانـه لا تعدد في
ناحية الطلب المتعلق بالطبيعي لا لزوما ولا استحبابا, ففي مثل ذلك وان لم يجز الاتيان بالفرد الاخر
مـن الطبيعي امتثالا لطلب اخر اذ لا تعدد فيه حسب الفرض , الا انه اذا اتى بالفرد الاخر بلا قصد
الامـتـثـال او حـتى معه فلا يضر بالامتثال الاول , كما هو الحال في غسل الوجه او اليد اليمنى في
الوضوء ثلاث مرات , فان المكلف في الفرض وان شرع بقصد الامتثال بالفرد الاخر مع علمه بالحال
الا انـه لايـضـر بامتثاله بالفرد الاول , ويترتب على ذلك انـه لو اعاد الجنب غسله بعد اغتساله من
الجنابة اولا فلا تضر الاعادة بصحة اغتساله الاول .


وكذلك الحال فيما لو قلنا بعدم دلالة الصيغة على المرة ولا التكرار لا بمادتها ولابهيئتها, بل مفادها
طـلـب صـرف وجـود الطبيعي , فانه بعد حصول صرف وجوده بالفرد الاول لا يبقى مجال للامتثال
بالفرد الاخر, ولكن اذا اتى بالفرد الاخر بلا قصدالامتثال او معه , فلا يضر بالامتثال بالفرد الاول .


ومـا ذكره (ره ) في اول الامر من ان مقتضى الاطلاق جواز عدم الاقتصار على المرة , لا يخفى ما
فـيه , فان الاتيان بذات الفعل ثانيا وثالثا جائز, ولكن لا يجوز بقصدالامتثال , لسقوط الامر بالطبيعي
بالاتيان بالفرد الاول , فان مقتضى اطلاق المادة عدم اخذ الخصوصية في المتعلق , كما تقدم , ومقتضى
اطلاق الهيئة تعلق الطلب بما لم يلاحظ فيه الخصوصية لا تعلقه بالخصوصيات ايضا.


وما ذكره ثانيا من انـه مع عدم حصول الغرض الاقصى فلا باس بالامتثال ثانياايضا غير صحيح , لان
بـقاء الغرض الاقصى مع حصول الغرض من متعلق التكليف وهو تمكن الامر من تناول الماء في المثال
لا يوجب بقاء التكليف بذلك المتعلق ليمكن الامتثال الاخر بعد الامتثال الاول .


ودعوى انـه لو اريق الماء الاول لزم على العبد الاتيان به ثانيا, وهذا دليل على بقاءالتكليف ما دام لم
يـحـصـل الغرض لا يمكن المساعدة عليها, فان العلم بالغرض في نفسه ملزم للعبد بالفعل ومع اراقة
الـماء يعلم بعدم حصول الغرض الذي هو تمكنه من تناول الماء وهو ملزم له بالفعل ثانيا, ولذا لو علم
الـعـبـد بهذا الغرض وغفل المولى عن حضور عبده عنده ليامره بالاتيان بالماء كان عليه الاتيان به
وجاز للمولى ان يؤاخذه على تركه .


نـعم , بقي في المقام امر وهو انه قد يكون لمتعلق الطلب مصاديق يختلف بعضها مع بعض في الملاك ,
فيكون ملاك الطلب في بعضها اقوى واكثر بالاضافة الى بعضها الاخر, كما في الامر بالتصدق على
الـفـقـير, فانه يمكن التصدق على فقيربالمال اليسير ويمكن التصدق عليه بالمال الكثير كما يمكن
الـتـصـدق عـلى فقير بعدالتصدق على فقير اخر, ففي مثل هذه الموارد لا باس بعد التصدق بالمال
اليسيرالتصدق بمال اخر عليه , او على فقير اخر امتثالا للامر المتوجه اليه .


ولـكـن لا يخفى ان مثل ذلك لا يعد امتثالا بعد الامتثال , بل من موارد تعددالمطلوب بمعنى ان الطلب
بـمـرتـبـته الوجوبية وان سقط بالتصدق الاول , ولذا لا يجوزله التصدق على الفقير الثاني بقصد
الوجوب , ولكنه قد بقي بمرتبته الاستحبابية ,واستفادة تعدد الطلب بهذا المعنى من الادلة في بعض
الموارد ومن مناسبة الحكم والموضوع في بعضها الاخر غير بعيد.


ثم ان هذا كله فيما اذا ثبت للامر اطلاق , سواء كان بالصيغة او بغيرها, واما اذاالمبحث التاسع : انه
لا دلالة للصيغة على الفور ولا على التراخي (1).


لم يكن في البين اطلاق , كما اذا لم يصل خطاب الامر الينا او وصل ولكن لم تتم فيه مقدمات الحكمة
وفرض وصول النوبة الى الاصل العملي , فمقتضى البراءة عدم كون الاتيان بالطبيعي ثانيا مانعا, سواء
اتى به بلا قصد التقرب والامتثال , او لاحتمال مطلوبيته ولو ندبا, وبناءا على ما ذكره المصنف (ره )
يكون مقتضى استصحاب بقاءالتكليف جواز تبديل الامتثال .


دلاله صيغه الامر على الفور او التراخي



(1) قـد يـكـون الواجب مضيقا بان جعل الشارع للاتيان به وقتا يساوي الفعل , كالصيام في ايام شهر رمـضـان او غيرها, وقد يكون موسعا كالصلوات اليومية , حيث ان الزمان المعين لكل منها اوسع مما
تقتضيه كل صلاة .


ولا كـلام فـي انــه يـتعين في المضيق الاتيان به في زمانه , كما لا ينبغي التامل في انـه يجوز في
الـمـوسـع الـتـاخير الى ما قبل انتهاء الوقت ممن يدركه ويتمكن منه قبل انتهائه , لان تحديد الوقت
الوسيع للفعل ظاهره الترخيص في التاخير المفروض .


وانما الكلام فيما اذا تعلق الطلب بفعل بصيغة الامر او نحوها من غير تحديدالفعل او الطلب بالزمان
فـهـل يـكون مدلول الصيغة ونحوها طلب الاتيان به فورا اوطلب الاتيان به متراخيا او لا دلالة لها
عـلـى شي ء منهما بل مدلولها طلب ايجادالطبيعي فيكون مقتضى اطلاقها جواز تاخير الاتيان وعدم
لـزوم الاتـيان فورا, او لزوم الاتيان متراخيا, فلا ينافي دلالتها بالاطلاق على جواز كل من الفور
والتراخي .


ولو التزم في مورد بتعين الاتيان بالفعل فورا فاللازم قيام دليل وقرينة على تلك الفورية سواء كانت
الـفورية بنحو وحدة المطلوب او بنحو الاتيان به فورا ففوراوسواء كانت الفورية عقلية او بنحو
الفورية العرفية .


وقد يقال بقيام القرينة العامة بالاضافة الى جميع موارد طلب الفعل وايجابه , وتلك القرينة مستفادة من
قوله تعالى : (سارعوا الى مغفرة من ربكم ) ((215)) و(استبقواالخيرات ) ((216)) , لان مفادهما
وجـوب الـمبادرة الى الخير وموجب المغفرة , واما ان اي شي ء خير او موجب للمغفرة فلا تعرض
فـيـهما لذلك , والمستفاد من اطلاق الصيغة ونحوها كما تقدم ان طبيعي الفعل -في اي زمان حصل -
خير وموجب للمغفرة , واذا انضم ذلك الى الكبرى المستفادة من الايتين تكون النتيجة وجوب الاتيان
فورا ففورا, فانه على تقدير الترك في الان الاول يكون الاتيان به في الان الثاني مسارعة واستباقا
بالاضافة الى الازمنة اللاحقة وهكذا.


واجاب الماتن (ره ) عن دعوى هذه القرينة العامة بجوابين :
الـجـواب الاول : ان طـلـب المسارعة الى الخير وموجب المغفرة استحبابي , ولااقل المستفاد منها
مـطـلق مطلوبيتهما لا الطلب الوجوبي , وذلك لان ظاهر الامربالمسارعة الى الخير والمبادرة الى
مـوجـب الـمـغفرة انـه ليس فيهما (يعني في المسارعة والاستباق ) ملاك ملزم اخر يفوت بالاتيان
بـالـخير وموجب المغفرة مع التاخير, ليكون ترك المسارعة والاستباق موجبا للغضب والسخط من
جـهـة تـفـويـت الـمـلاك الملزم بالتاخير في اتيان موجب المغفرة وبالاتيان بالخير فيما بعد, ولو
كان تركهما كذلك لكان الامر بهما بنحو التحذير انسب , لئلا يكون لهما ظهور في عدم الملاك الملزم
الاخـر, ومـا ذكـر يـعـيـن ظـهورهما في الاستحباب , ومع الاغماض عن ذلك فالالتزام بوجوب
المسارعة والاستباق يوجب التخصيص المستهجن في الايتين باخراج المستحبات طرا والواجبات
الموسعة ونحوهما مما يجوز فيهاالتاخير, وعليه فلو لم تكونا ظاهرتين في الاستحباب فلا اقل من
ارادة مطلق المطلوبية منهما.


والـجـواب الثاني : ما اشار اليه بقوله ولا يبعد دعوى استقلال العقل ... الخ وحاصله انه لا يبعد ان
يـقـال بـاستقلال العقل بحسن الاستباق الى الخير والمسارعة الى موجب المغفرة , وليس المراد من
حـسـنـهما حسن الفعل , بان يكون في المسارعة والاستباق ملاك مولوي اخر -ملزم او غير ملزم -
غير ما في الاتيان بما هو خير وموجب للمغفرة , نظير حكمه بحس العدل وقبح الظلم , ليتعين الامر
الشرعي والنهي الشرعي بقاعدة الملازمة بين حكم العقل والشرع , بل المراد الحسن الامتثالي يعني
اسـتـقـلال العقل بان مع المسارعة يكون المكلف على احراز من دركه الخير والوصول الى المغفرة
وهـذا ارقـى مـراتب احراز الامتثال , وحيث ان الايتين ايضا ظاهرتان في انـه ليس في المسارعة
والاسـتباق غير احراز ملاك نفس الخير وموجب المغفرة فيكون الامر بهما في الايتين ارشادا الى
ما استقل به العقل , كما هو الحال في امر الشارع باصل الطاعة وترك المعصية .


فـتحصل مما ذكرنا ان مقتضى الجواب الثاني عدم كون الامر بالمسارعة والاستباق مولويا لا بنحو
الايـجـاب ولا بنحو الاستحباب , بل هو ارشاد, ومقتضى الجواب الاول هو كون الامر بالمسارعة
والاسـتـبـاق مولويا, ولكن لا بنحو الايجاب ,بل بنحو الاستحباب او مطلق الطلب ومن دون دلالته
على خصوصية الوجوب .


ولـكـن لا يخفى ان ما ذكره (ره ) في الجواب الاول غير تام , حيث ذكر ان حمل الامربالمسارعة
والاسـتـباق على الوجوب يوجب التخصيص المستهجن في الايتين ,والوجه في عدم التمامية هو ما
ذكـرناه من ان الوجوب مقتضى اطلاق الطلب المستفاد من الصيغة , والمراد من اطلاق الطلب كونه
مـتـصفا بعدم ورود الترخيص في الترك , وعليه فاذا تعلق الطلب بافعال ثم ورد الترخيص في ترك
بعضها او اكثرها يرفع اليد عن اطلاقه بالاضافة الى ما ورد الترخيص في تركه فحسب , سواء كان
تعلق الطلب بالافعال بعناوينها, او بها بعنوان انحلالي , فقيام القرينة في المستحبات على الترخيص في
تـرك اصلها فضلا عن المسارعة اليها وكذا في الواجبات الموسعة بالاضافة الى المسارعة اليها في
اول وقـتـهـا لا يـوجـب رفـع اليد عن اطلاق الطلب المتعلق بالمسارعة الى غيرهما من الخيرات
وموجبات المغفرة .


وقـد يقال : بان ظاهر الامر بالاستباق في الخير والمسارعة الى المغفرة هو امرالمكلفين بالمسابقة
في الخيرات والمغفرة , ولا تكون المسابقة الا فيما اذا لم يصل الشخص الى المقصود قبل الاخرين
لـفـات عـنـه , كـما في قوله سبحانه : (واستبقاالباب ) فالاستباق والمسارعة هي المسابقة وارادة
الـوصـول الـى الـشي ء قبل الاخرين لئلا يفوت عنه الشي ء, وهذا يناسب الواجب الكفائي مما يكون
المطلوب من جميع المكلفين عمل واحد بحيث لو قام به احدهم لسقط عن الاخرين , ولا يجري فيما
اذاوجب على كل مكلف فعله المختص به , من دون ان يرتبط بعمل الاخرين كما في الواجبات العينية
المهمة في المقام .


و عـلـى مـا ذكـر مـن اختصاص الامر بالاستباق والمسارعة بالواجبات الكفائيه يكون الامر بهما
للارشاد الى عدم فوت العمل من غير السابق اليه .


اضـف الـى ذلك انـه لا دلالة لاية المسارعة الى المغفرة على وجوب الاتيان بكل مايؤمر به فورا,
حيث لا عموم فيها.


ودعوى توصيف المغفرة بمن ربكم يقتضي العموم , لا دليل عليها, ويؤيد عدم العموم وقوع الخلاف
بـيـن المفسرين في المراد من المغفرة التي امر بالمسارعة اليهاحيث قيل المراد كلمة الشهادة , او
اداء الفرائض , او تكبيرة الاحرام في صلاة الجماعة , او الصف الاول , او التوبة , او غير ذلك .


اقـول : لم يؤخذ في معنى الاستباق فوت ما يتسابق فيه اذا لم يسبق اليه , بل يكون الفائت ملاك السبق
الـيه كما اذا شرع كل عامل بعمله الخاص واستبقوا في اعمالهم , يعني في فراغ كل منهم عن عمله ,
لم يفت ما يتسابق فيه بسبق احدهم في العمل . نعم اذا لم يكن العمل قابلا للتكرار بل كان امرا واحدا
يـفـوت عـن غـيـر السابق ,كما في قوله تعالى : (واستبقا الباب ) ((217)) يكون الامر كما ذكر,
بـخلاف مثل قوله سبحانه : (ولو شئنا لطمسنا على اعينهم فاستبقوا الصراط) ((218)) فان العمل
لايـفـوت عـن الاخـريـن بـاستباق واحد منهم , وعلى ما ذكر فلا يوجب اختصاص الامرباستباق
الـخـيـرات بـالـواجبات الكفائية , حيث ان فوت ملاك السبق لا يلازم فوت مايتسابق فيه , واما اية
الـمـسـارعـة , فـليس فيها دلالة على المسابقة المعروفة , وما اشتهرمن ان باب المفاعلة يكون بين
الاثـنين امر لا اساس له , وسارعوا الى مصارعهم اومضاجعهم , يعني اراد كل الوصول الى مصرعه
او مضجعه بسرعة .


واذا كان المراد من المغفرة في الاية موجب الغفران والتزم بان الواجبات من موجباتها كما يستظهر
مـن قوله سبحانه (ان الحسنات يذهبن السيئات ) ((219)) فلاوجه لاختصاص الامر بالمسارعة
اليها, بواجب دون واجب لحصول الملاك في كل منها.


نعم لو قيل ان المراد منها التوبة عن الفواحش كما لا يبعد, بقرينة ما ذكر بعدذلك , فلا ترتبط الاية
بالاتيان بالمامور به فورا.


ثـم انـه -مـع الاغماض عما تقدم في تقرير كلام الماتن في جوابه الثاني من ان ظاهرالايتين كون
الامـر بالاستباق في الخيرات والمسارعة الى المغفرة هو الارشاد والامن من عدم حصول الامتثال
والغفران - يمكن ان يقال ان الامر بالاستباق والمسارعة فيهما لا يناسب الالزام , والا لخرج العمل مع
الـتـاخـير عن كونه خيرا وموجبا للمغفرة ,حيث يكون التاخير موجبا للوزر. وان شئت قلت يكون
التاخير وترك السبق عنوانامزاحما لكون العمل خيرا وموجبا للغفران , وظاهر الايتين كون ما في
الاستباق والمسارعة من الملاك امرا انضماميا الى ملاك الخير وموجب الغفران من دون ان يكون في
تركهما مزاحمة للخير وموجب الغفران .


وهـذا نـظـير ما قلناه في مسالة وجوب التوبة من عدم كون وجوبها شرعيا, وانمايكون عقليا دفعا
لـلـضـرر الـحاصل من العمل السابق . نعم لا باس بالالتزام بكونهامطلوبا نفسيا بما فيها من التضرع
والخشوع والاستغفار.


والوجه في عدم كون وجوبها شرعيا ان التوبة قد فتح بابها رب العالمين رحمة لعباده , ومقتضاها ان
لا يـزيد فتح بابها وزرا على العبد فيما اذا توانى فيها, وقد ذكرناتتمة : بناءا على القول بالفور فهل
قضية الامر الاتيان فورا ففورا (1).


ان ذلك يستفاد من بعض الروايات المعتبرة ((220)) , ومدلولها انه اذا صدرت معصية من عبد مؤمن
اجـلـه اللّه سـاعات , فان تاب لا يكتب عليه وزر وذنب , واذا لم يتب يكتب عليه ذلك الذنب لا ذنبان ,
فراجع .


بقي في المقام امر, وهو انـه قد يدعى ان الصيغة وما بمعناها وان لم تكن لها دلالة بنفسها على لزوم
الاتيان والعمل فورا وفي اول ازمنة الامكان لما تقدم من ان مدلول الهيئة طلب الايجاد, ومدلول المادة
نـفـس طبيعي الفعل , الا ان في البين قرينة عامة على ان طلب الطبيعي يراد به طلب ايجاده في اول
ازمنة الامكان عرفا ما لم يكن في البين قرينة خاصة على خلافها, والقرينة العامة هي توجيه الخطاب
الـى الـشـخـص ,حـيـث ان الـتوجيه قرينة على ان الغرض في الطبيعي حين توجيه الخطاب , لا
في الطبيعي ولو وجد بعد سنوات , سواء كان الغرض مما يعود الى الامر او الى المامور.


ولـكـن لا يـخـفـى ان هذه الدعوى لو سلمت في الخطاب الخاص المتوجه الى شخص او اشخاص
متضمن لتكليفهم بفعل , فهي لا تجري في الخطابات العامة المتضمنة للتكاليف الانحلالية بنحو القضية
الحقيقية كما هو المهم في المقام .


نـعـم لا يـبـعـد دعوى عدم جواز التواني في امتثال التكاليف الانحلالية بحيث يعد التاخير من عدم
الاعتناء بالتكليف , وهذا امر اخر غير مسالة الاتيان بمتعلق التكليف فورا.


(1) ان الـقائل بالفور ان استظهر لزومه من ايتي المسارعة والاستباق فقد تقدم ان مقتضاهما الاتيان
فـورا ففورا, وان استفاد الفور من دلالة نفس صيغة الامر كما هوظاهر الماتن (ره ), فابتناء القول
بـالاتيان فورا ففورا او الاتيان في الزمان الاول خاصة ,على كون مدلول الصيغة وحدة المطلوب او
تـعـدده , غـير صحيح , فانه بناءا على تعدد المطلوب يكون مدلولها مطلوبية ذات الطبيعي ومطلوبية
الاتـيـان بـه اول الازمـنـة بـعـد الامر, واذا ترك المكلف العمل في اول ازمنة الامكان يبقى الطلب
المتعلق بذات الطبيعي , ومقتضى بقائه جواز التاخير لا الاتيان به فورا ففورا.


نظير ما يقال في تبعية القضاء للاداء من ان المستفاد من الامر بالصلاة في الوقت مثلاامران , احدهما:
مـطـلـوبية نفس الصلاة , وثانيها: مطلوبيتها في وقتها, واذا خالف المكلف التكليف الثاني يبقى الاول ,
وهـو الـتـكليف بالاتيان بالطبيعي ولو خارج الوقت ومقتضاه التوسعة . هذا وقد تقدم في بحث المرة
والـتـكرار ان المستفاد من الهيئة وجوب واحد, واذا تعلق بالعمل اول ازمنة الامكان او بالصلاة في
وقـت ,يـسـقـط ذلـك الـوجوب بعد انقضاء اول ازمنة الامكان كانقضاء الطلب بانقضاء وقت الصلاة .


وحـدوث مـلاك مـلـزم في نفس الطبيعي بعد انقضاء اول ازمنة الامكان او بعدالوقت او وجوده من
الاول يحتاج الى دليل وخطاب اخر متضمن للتكليف بنفس الطبيعي , ولذا التزم المشهور بان وجوب
القضاء بامر جديد لا بالتكليف بالفعل في الوقت , واذا لم يتم دليل على التكليف بالطبيعي ووصلت النوبة
الـى الاصـل الـعـمـلـي فـالـمـرجـع هو استصحاب عدم جعل تكليف اخر, ولا مجال لاستصحاب
وجـوب الفعل , حيث ان الحادث المتيقن سابقا -وهو الوجوب المتعلق بالفعل المقيد- قدعلم بارتفاعه
بانقضاء اول ازمنة الامكان , او انقضاء الوقت , والوجوب المتعلق بنفس الطبيعي غير محرز من الاول ,
فيكون الاستصحاب في طبيعي الوجوب من الظاهر ان المراد من وجهه (1).


الاستصحاب في القسم الثالث من الكلي , فتدبر.


لا يقال : اذا فرض دلالة الصيغة على الفور يكون مدلولها طلب الفعل في اول ازمنة الامكان , ومقتضى
تقييد المتعلق به عدم تعلق طلب بذات الفعل , فلا تصل النوبة الى الاصل العملي .


فانه يقال : يكون مدلول الصيغة تعلق الطلب المنشا بالفعل المقيد حتى ثبوتالاعدم انشاء طلب اخر لذات
الفعل , فان التقييد لا مفهوم له , فاللازم عند الشك في انشاء طلب اخر بذات العمل الرجوع الى الاصل
العملي ومقتضاه ما تقدم , ولا يبعدان يكون ما ذكرنا هو مراد الماتن (ره ) من قوله لما كان لها دلالة
على نحو المطلوب من وحدته او تعدده ((221)) .


مبحث الاجزاء



(1) قـد تقدم في بحث التعبدي والتوصلي عدم امكان اخذ قصد التقرب في العبادات في متعلق الامر بـالاتـيـان بالصلاة مثلا بلا قصد التقرب , وان كان من الاتيان بالمامور به بتمامه الا انه لا يكفي في
سـقـوط الامر بها, وعليه فاللازم في اندراج العبادات في عنوان البحث ان يقال المراد من وجهه
الـوارد فـيـه هـو النحو المعتبرشرعا وعقلا في الاتيان بمتعلق الامر, ولا يصح ارادة خصوص
الـنحو المعتبر شرعا,والا لكان ذكر على وجهه توضيحيا مع لزوم خروج التعبديات عن عنوان
الخلاف بناءا على ما هو المختار عند الماتن (ره ) وغيره من ان قصد التقرب اللازم في العبادات من
القيود المعتبرة في كيفية الاطاعة عقلا, لا مما يعتبر في متعلق الامرشرعا.


ثانيها: ان المراد من الاقتضاء ههنا الاقتضاء بنحو العلية والتاثير (1).


والوجه في لزوم خروجها وضوح عدم الاجزاء فيها بمجرد الاتيان بتمام متعلق الامر.


ولا مـجـال ايضا لتوهم ان المراد بالقيد المفروض هو قصد الوجه الذي ذهب بعض الى اعتباره في
العبادات , والوجه فيه هو ان قيد على وجهه وارد في عنوان البحث في كلام الاصحاب كلهم , ولو
كـان الـمـراد الـقصد المفروض لما ذكره الا من يرى اعتباره . ولا وجه ايضا لتقييد مطلق الاتيان
بالمامور به , بالقصد المفروض فان من يعتبره لا يرى اعتباره الا في خصوص العبادات .


كـمـا لا وجـه لاختصاصه بالذكر واهمال قصد التقرب بناءا على ما تقدم من عدم امكان اخذه كقصد
الـوجـه فـي متعلق الامر, فيتعين ان يكون المراد المعنى الجامع ليندرج فيه قصد الوجه ايضا على
تقدير القول باعتباره , وهو ما تقدم من النحوالمعتبر في الاتيان بالمامور به عقلا وشرعا.


ومما ذكرنا ظهر انـه بناءا على ان قصد التقرب وكذا قصد الوجه مما يمكن اخذه في متعلق التكليف
وانــه لا فـرق بـيـنهما وبين سائر القيود الماخوذة في متعلقه ,يكون قيد على وجهه في عنوان
البحث توضيحيا لا محالة .


(1) ذكـر (ره ) ان الـمـراد مـن الاقـتـضاء في عنوان البحث هو التاثير والعلية لابمعنى الكشف
والدلالة , ولذا نسب فيه الاقتضاء الى الاتيان بالمامور به , لا الى الصيغة ونحوها, مما يدل على طلب
الشي ء وايجابه .


لا يـقال : ان الاتيان بمتعلق تكليف على وجهه يؤثر ويوجب سقوط الامر بذلك المتعلق فيكون بمعنى
الـتـاثـير والعلية , واما اقتضاء الاتيان بمتعلق تكليف لسقوطتكليف اخر, كما في الاتيان بالمامور به
الظاهري , حيث يسقط معه التكليف الواقعي , وكذا في الاتيان بالمامور به الاضطراري , حيث يسق
ط مـعه التكليف بالاختياري فبمعنى الكشف والدلالة , والخلاف فيه يرجع الى الخلاف في دلالة خطاب
الامر بالظاهري او بالاضطراري على الاجزاء وعدم دلالته .

/ 26