الصحيح والاعم في المعاملات - أصول نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

أصول - نسخه متنی

جواد تبریزی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


وعـلـى ذلك فاذا شك في كون شي ء جزءا للصلاة مثلا, لا يمكن احراز عدم كونه جزءا او شرطا بمثل قوله سبحانه (اقيموا الصلاة ) على القول بالصحيح لعدم احراز معنى الصلاة حتى ينطبق على
الـفـاقـد لـذلـك الـجزء, وهذا بخلاف القول بالاعم , فانه بناءا عليه يمكن نفي جزئية المشكوك او
شرطيته به , مع تمامية مقدمات الحكمة لاحراز كون الفاقدله صلاة .

نعم يتحقق اجمال الخطاب بناءا على الاعمي ايضا, فيما اذا احتمل كون المشكوك مقوما للمسمى .

وذكـر الـمـحـقق النائيني (ره ) ان الخطابات من الكتاب والسنة غير واردة في مقام بيان الاجزاء
والشرائط لمتعلقات الاحكام , يعني العبادات , بل كلها في مقام تشريع تلك المتعلقات , فلا يمكن التمسك
بـهـا عـلى القولين , غاية الامر عدم جواز التمسك بها على الصحيحي , لاجمالها في ناحية المراد من
المتعلقات , وعلى الاعمي لاهمالها من جهتها, هذابالاضافة الى الاطلاق اللفظي .

وامـا بـالاضافة الى الاطلاق المقامي , كما اذا احرز في مورد, ان الشارع في مقام بيان ما يعتبر في
الـعـبـادة جـزءا اوشـرطـا كـصـحـيحة حماد ((66)) الواردة في كيفية الصلاة , وكصحيحة
زرارة ((67)) , وغيرها الواردة في بيان غسل الجنابة ,فيمكن نفي جزئية المشكوك او شرطيته
بـاطـلاقـها يعني عدم ذكر دخالة المشكوك في ذلك المقام , فانه لو كان معتبرا في العبادة لكان عدم
ذكره فيه خلاف الغرض , بلا فرق القول بالصحيح او الاعم .

ثـم قـال (ره ): ولـكـن الـصحيح عدم جواز التمسك بصحيحة حماد المشار اليها, لاثبات وجوب
الـمـذكـورات فـيـها,وذلك للعلم الاجمالي باشتمالها على امور مستحبة ايضا, فيكون ظهورها في
الوجوب والجزئية ساقطا, ونظيرهاالتمسك بقوله (ص ): صلوا كما رايتموني اصلي ((68)) .

فـانه بعد القطع واليقين بعدم اقتصار النبي (ص ) على الاجزاء الواجبة والشرائط اللازمة , بل كان
يـاتي بالمستحبات في صلاته , يكون المراد بالامر بالاتباع مطلق الطلب , فلا يمكن الحكم بالجزئية
والشرطية بمجرد ورود رواية بان النبي (ص ) كان يقرا في صلاته بكذا او يفعل كذا ((69)) .

وفـيـه العلم الاجمالي باشتمال الصحيحة على بعض الامور المستحبة ينحل بالظفر خارجا بالدليل
عـلـى اسـتحباب بعض تلك الامور, وبتعبير اخر: ان قيام الدليل على الترخيص في ترك بعض تلك
الامـور لا يكون موجبا لرفع اليد عن ظهورهابالاضافة الى غير ذلك البعض , وايضا العلم الاجمالي
الـمـفـروض لا يـمـنـع عن الحكم بعدم الجزئية والشرطية في المشكوك الذي لم يذكر في تلك
الـصـحـيـحـة , وانما يمنع مع عدم انحلاله او مع المناقشة في اصل ظهور الصحيحة في الوجوب
بالاضافة الى المذكورات فيها.

ومـمـا ذكرنا يظهر الحال بالاضافة الى قوله (ص ): صلوا كما رايتموني اصلي بل لا يبعد صحة
الـتـمـسـك بالاطلاق اللفظي لادلة العبادات , على الاعمي فيما اذا احرز عدم دخول المشكوك في
الـمسمى بمثل قوله سبحانه (ثم اتمواالصيام الى الليل ) ((70)) , بعد قوله (وكلوا واشربوا حتى
يتبين لكم الخيط الابيض ) فانه لا باس بالاخذ به فيما اذا شك في كون الارتماس مفطرا.

ودعوى اهمال الخطاب في ناحية المتعلق لا يمكن المساعدة عليها بعد ظهورالاية التي قبلها وبعدها
فـي ان مـا يـمـسـك عـنه هو الاكل والشرب والنساء, والاصل في الخطاب كون المتكلم في مقام
بيان الحكم والمتعلق والموضوع , كما لا يخفى .

لا يـقـال : التمسك بالاطلاق في اية الصوم , يجري على الصحيحي ايضا, فانه من التمسك بالاطلاق
المقامي .

فـانـه يقال : لم يظهر معنى الصوم من قوله سبحانه (ثم اتموا الصيام الى الليل ) بناءا على الصحيحي
ليتمسك باطلاقه ,بخلافه على الاعمي لصدقه على الامساك عن المذكورات في عرف المتشرعة ,
لاتصافه بالبطلان مع تجرده عن الامساك عن سائر المفطرات , كما لا يخفى .

وقـد يـقـال بـاجـمال الخطابات على القولين , اما بناءا على القول بالصحيح , فلما تقدم , واما بناءا على
الاعـمي فللعلم بانه ليس المراد من الخطابات المسميات , لان المسمى يصدق على الصحيح والفاسد,
بـل الـماخوذ في متعلق الامرمقيد بالصحة لا محالة , ولا فرق في عدم جواز التمسك بالخطاب بين
كونه مجملا بنفسه او بالقيد المجمل المعلوم اخذه فيه , فيكون متعلق الامر مجملا بالذات على القول
بالصحيح , ومجملا بالعرض على القول بالاعم .

واجيب بان الصحة متاخرة عن الامر بالعبادة , ولا يمكن اخذها في متعلق الامر.

ولـكن لا يخفى ان هذا لا يدفع المناقشة , فان هذه الصحة كما انها متاخرة عن الامر بالعبادة , كذلك
مـتاخرة عن التسمية حتى على القول بالصحيح , ولا تكون ماخوذة في متعلق الامر, ولا في التسمية
على القولين , والذي كان موجبالاجمال المعنى على مسلك الصحيحي هو عدم معلومية تمام ما له دخل
فـي الملاك الملحوظ, ولو بالعنوان الملازم , وهذا المعنى الماخوذ في متعلق الامر على الصحيحي
ماخوذ في متعلق الامر في الخطابات على الاعمي , فيكون متعلق الامر مجملا حتى بناء على الاعمي
ايضا.

والـصـحيح في الجواب هو ان يقال : ان المناقشة باجمال الخطاب على الاعمي مبتنية على استعمال
لـفـظ الصلاة , مثلاعند الامر بها, فيما هو الموضوع له عند الصحيحي , ولكن الامر ليس كذلك بل
ورود الـقـيد على متعلق التكليف في المقام كورود القيد على سائر المطلقات لا يكشف عن استعمال
اللفظ الموضوع للمطلق في المقيد الا بنحو تعدد الدال والمدلول , كما ذكر في بحث المطلق والمقيد,
فـظـاهـر الخطاب على الاعمي تعلق التكليف بنفس المسمى , غاية الامريعلم بورود القيد على ذلك
الطبيعي المسمى , واذا دار امرالقيد بين الاقل والاكثر, فما ثبت تقييد المتعلق به يؤخذ به ,ويتمسك
في غيره بالاطلاق على حد سائر الموارد التي يكون ورود الامر فيها بشي ء مطلقا, ثم يعلم بورود
القيد عليه ولو بخطاب اخر, فانه يؤخذ في القيد المشكوك باطلاق المطلق .

وبـتـعـبـيـر اخـر: المراد الجدي من تعلق التكليف هو المراد الاستعمالي من المتعلق على مسلك
الـصحيحي , واماعلى مسلك الاعمي فالمستعمل فيه للفظ الصلاة حتى فيما ذكر في خطاب التكليف
هـو الـجامع الوسيع , غاية الامر يعلم بورود القيد على ذلك المتعلق , فاذا دار القيد بين كونه اقل او
اكثر يؤخذ بالمقدار الثابت من التقييد ويؤخذ في غيره بالاطلاق .

ومـا تقدم سابقا من تحديد الصلاة بالاركان او بمعظم الاجزاء والشرائط في ناحية الاقل وانـه لا
يـوجب المجاز عندارادة الكل فليس المراد منه استعمال لفظالصلاة بمجرده في المجموع التام , بل
الـمـراد اسـتـعـمـاله فيه بنحو تعدد الدال والمدلول , ولكن مع ذلك يكون تطبيق المسمى على التام
كتطبيق الكلام على ما ذكر معه من متعلقات الفعل والفاعل حقيقة .

لا يقال : نفس العلم الاجمالي بورود القيود على المطلق ودورانها بين القليلة والكثيرة يوجب اجمال
الـخـطـاب , حـتـى لوبني على ارادة المقيد من المطلق بنحو تعدد الدال والمدلول , وانـه لا يوجب
استعمال نفس اللفظ الدال على المطلق في المقيد.

فانه يقال : العلم الاجمالي لا يوجب الاجمال فيما اذا كان المعلوم بالاجمال معلوما بوجه اخر, كما اذا
عـلـم ان المطلق قدورد عليه التقييد بخطابات مستقلة , بحيث نحتمل ان لا يكون في البين قيد اخر
غـيـر ما في تلك الخطابات , وفي مثله يرجع عند الشك في قيد اخر لم يقم عليه خطاب مستقل , الى
اطـلاق الخطاب , ولذا يتمسك بخطاب احل البيع في موارد الشك في شرطية شي ء للبيع , مع العلم
بان البيع قد ورد عليه في الشرع قيود.

وامـا اذا لم يكن للمعلوم بالاجمال وجها معلوما, فمجرد العلم ببعض القيود لايكفي لخروج الخطاب
عن الاجمال , بل عن الاهمال , حيث انه مع العلم بعدم ارادة الاطلاق وعدم نصب خطاب للقيد يعلم ان
الـمـتكلم لم يكن في مقام البيان من جهة القيود, وهذا التفصيل يختص بباب الاطلاق ولا يجري في
الـعـام الـوضـعـي , حيث ان ظهوره في ارادة كل فردبالوضع ولا يرفع اليد عن ظهور العام الا في
الافراد التي يعلم بعدم ارادتها ثبوتا ويؤخذ بالظهور في غيرها.

وامـا دعوى الاجمال في الخطابات حتى على الاعمي , بدعوى العلم بان وقد انقدح بذلك ان الرجوع
الى البراءة والاشتغال (1).

لـلـشـارع غـرضـا واحدا من الصلاة وغيرها من العبادات , ولا يعلم حصوله بالاكتفاء بالمتيقن من
الـقـيـود, فـواضحة الفسادفان على المتكلم التكلم بنحو يحصل الغرض بالاتيان بمتعلق امره , ومع
الاطلاق يدفع دخالة المشكوك في غرضه , نعم ربما يناقش بمسالة الغرض الواحد في الرجوع الى
اصـالة البراءة في موارد الشك في الجزئية والشرطية , وهذاغيرالمفروض في المقام , فان الكلام
فـي الـمـقام في التمسك بالاطلاق وياتي في بحث الاقل والاكثر الارتباطيين عدم صحة المناقشة
المفروضة وان العلم بالغرض من تعلق الامر لا يمنع عن الرجوع الى اصالة البراءة الشرعية .

(1) يعنى بما ان موارد اجمال الخطاب في ناحية متعلق التكليف او اهماله داخلة في الشك في الاقل
والاكـثرالارتباطيين , يكون المرجع فيها اصالة البراءة او الاشتغال على القولين , وانه لا اساس لما
ذكـره صـاحب القوانين (ره ) من ان ثمرة النزاع هو الرجوع الى البراءة على الاعم والى الاشتغال
على الصحيح ((71)) .

والـوجه في ذلك , انه لو قيل بانحلال التكليف المعلوم بالاجمال في مقام الثبوت اما انحلالا وجدانيا
او حـكميايكون المرجع عند دوران امر المتعلق بين الاقل والاكثر هي البراءة واذا بني على عدم
الانحلال حقيقة ولا حكما يكون المرجع قاعدة الاشتغال بلا فرق بين القولين .

وذكـر المحقق النائينى (ره ) انتصارا لصاحب القوانين ان الصحيحي لا يمكنه الرجوع الى البراءة
عـنـد الـشـك فـي جزئية شي ء او شرطيته لمتعلق التكليف , بل عليه الالتزام بالاشتغال , وذلك لان
الصحيحي لابد له من الالتزام باخذجامع بسيط خارج عن نفس الاجزاء والشرائط يكون ذلك الجامع
مـعـنـى لفظ الصلاة مثلا, والجامع المفروض اما ماخوذ من ناحية الاثرللافراد الصحيحة , او من
نـاحـية عللها, ومع اخذ ذلك الجامع في متعلق التكليف يكون صدق المعنى على الفاقدللمشكوك غير
مـحـرز, فـلابـد مـن احـراز صـدق ذلك العنوان عليه لرجوع الشك فيه الى الشك في المحصل
-بـالـكـسـر-,ومـا حكي عن المشهور من ذهابهم الى البراءة في تلك المسالة مع ذهابهم الى القول
بـالـصـحـيـح فـي الـمـقام , يحمل على الغفلة منهم او تخيلهم عدم اخذ العنوان البسيط, معنى , للفظ
الصلاة ((72)) .

اقـول : لا يمكن المساعدة على الانتصار فان مجرد كون العنوان البسيط معنى للفظ الصلاة لا يجعل
المورد من مواردالشك في المحصل ليجري الاستصحاب في ناحية عدم حصول المحصل -بالفتح -
بـالاكـتـفاء بالاقل , او تجري قاعدة الاشتغال في ناحية التكليف المتعلق به . وبتعبير اخر: الموجب
لجريان الاستصحاب او قاعدة الاشتغال اختلاف متعلق التكليف مع المشكوك فيه وجودا, بحيث يكون
مـتـعلق الشك وجودا اخر, مغايرا لمتعلق التكليف , واذا فرض ان العنوان المتعلق به التكليف ينطبق
على نفس المركب المشكوك انطباق العنوان على معنونه والامر الانتزاعي على منشاه , ففي مثل ذلك
يكون المطلوب حقيقة هو ذلك المعنون لا العنوان , كما هو الحال في تمام موارد العنوان الانتزاعي ,
والـمـعنون بما انـه مردد بين الاقل والاكثر, فيجري الكلام في انحلال التكليف المتعلق به ثبوتا
ولو بعنوان انتزاعي , وتفصيل الكلام في بحث الاقل والاكثر الارتباطيين ان شاء اللّه تعالى .

الا انه ليس بثمرة لمثل هذه المسالة (1).

ثـم ان مـا تـقـدم مـن لـزوم الاحتياط عند الشك في المحصل -بالكسر- قد يقال باختصاصه بغير
الـمحصلات الشرعية , واماالمحصلات الشرعية , فيمكن ان يقال فيها بجواز الاقتصار على الاقل
الـمحرز من اجزائها وشرائطها في موافقة التكليف المتعلق بالمحصل -بالفتح - وذلك لان المحصل
-بـالـفـتـح - في حقيقته حكم شرعي واعتبار للشارع , فالتكليف لايتعلق به وانما يتعلق بما هو فعل
الـمـكـلف , فمثلا اذا فرض ان الطهارة من الخبث امر يوجد بغسل الثوب والبدن , ففيما اذا شك في
حصولها بالغسل مرة او مرتين , حيث ان التكليف في الحقيقة متعلق بما هو الموضوع لها, يعني الغسل
-فـلا بـاس بجريان البراءة عن وجوب الغسل مرة ثانية , وهذا بخلاف المحصلات الخارجية , فان
متعلق التكليف فيها يعني المسبب -بالفتح - غير مشكوك فيه والمشكوك سببه .

ولـكـن لا يـخفى ان لهذا الكلام وجها اذا اريد بالمحصل الشرعي -بالفتح - مجرد الحكم الشرعي
الداخل في الحكم الوضعي , وكان ذلك متعلق التكليف الالزامي , واما اذا اريد منه الامر الواقعي الذي
كـشف عنه الشارع او كان ذلك المعتبرقيدا لما هو متعلق التكليف الالزامي , كما في الامر بالصلاة
المقيدة بالطهارة , فلا مجال الاللاشتغال وللكلام في ذلك مقام اخر.

(1) كان نظره (ره ) الى ان المسالة الاصولية هي التي يستنبط منها الحكم الشرعي الفرعي الكلي ,
وتـعـيـيـن المصداق للموضوع او متعلق الحكم الشرعي الفرعي الكلي بواسطة مسالة من المسائل ,
لايـوجـب دخولها في علم الاصول اذا كان الحكم معلوما من الخارج لا مستنبطا من تلك المسالة , وما
نـحن فيه من هذا القبيل , لان وجوب الوفاء على من نذراعطاء درهم لمن صلى , حكم شرعي فرعي
مـعـلـوم مـن الـخارج ,وبمسالة الصحيح والاعم يعين مصداق موضوع وجوب الوفاء بهذا النذر, اذ
الصلاة الباطلة صلاة على الاعم , ومن اتى بها فقد صلى , فيجب على الناذر اعطاء درهم . ولكن ترتب
مثل هذه الثمرة على مسالة الصحيح والاعم لايدخلها في علم الاصول .

ونظير ذلك ما ورد في الخطاب الشرعي من النهي عن صلاة الرجل وامامه امراة تصلي , فعلى الاعم
يـحـكم ببطلان صلاة الرجل او كراهتها, حتى فيما كانت صلاة المراة غير تامة من حيث الاجزاء
والـشـرائط, بخلافه على الصحيح حيث لايحكم ببطلان صلاته او كراهتها, الا اذا كانت صلاتها
صحيحة .

ولكن المناقشة ليست في محلها فان مسالة الصحيح والاعم , لا تكون من المسائل الاصولية , ولذا لم
تـجـعـل مـن مسائل علم الاصول , بل ذكرت في مقدمة مسائل علم الاصول , فتكون هذه المسالة من
المبادئ التصورية لمسائله .

بيان ذلك : ان مسالة التمسك بالاطلاق في استنباط الاحكام الشرعية سواء كان الشك في اصل التقييد
او في التقييد الزائد, مسالة اصولية بلا فرق بين القول بان مقدمات الحكمة توجب ظهور المطلق في
الاطـلاق , والـقـول بان الاطلاق بحكم العقل , وكلامنا في المقام في تعيين ان الفاظ العبادات تعد من
الـمـطلق ليمكن التمسك باطلاقها فيما اذاوردت في الخطاب الشرعي وتمت فيه مقدمات الحكمة ,
كما هو مقتضى قول بالاعم او انها مجملة لا تدخل في المطلق .

فـالـمـنـاسـب ان يناقش بان ثمرة النذر او ثمرة صلاة الرجل لا تجعل المسالة من مبادى المسائل
الاصـولية , بل تجعلها من مبادئ المسائل الفقهية فلاحظ وتدبر, ولعل الماتن (ره ) اشار الى ذلك في
اخر كلامه بقوله فافهم .

ولا منافاة بين دعوى ذلك (1).

الاخبار الظاهرة في اثبات بعض الخواص (2).

(1) وبـتـعـبـير اخر: معنى لفظ الصلاة وان كان مجملا على القول بالصحيح وغير مبين من جهة
اجزائها وشرائطها الا ان هذاالاجمال لا ينافي كون معناها مبينا من جهة اثرها, ويكفي في الانسباق
من اللفظ كون المعنى مبينا ولو من جهة , هذابالاضافة الى التبادر, واما صحة السلب , فيكون مقتضاها
عدم السعة في معنى مثل لفظ الصلاة , بحيث يعم الافرادالفاسدة .

اقول : للمناقشة في كل من التبادر وصحة السلب مجال واسع كما سياتي ان شاء اللّه تعالى .

(2) لا ينبغي التامل في ان الاثار المحمولة على العبادات لا تعم الافراد الفاسدة , الا ان عدم شمولها
اما لكون مسمياتها المعاني الصحيحة , كما هو مقتضى القول بالصحيح , او بتقييد مسمياتها بالقيود, كما
هو مقتضى القول بالاعم ,فيكون المقام من صغريات ما اذا علم المراد واحرز ان الحكم الجاري على
المطلق لا يعم شيئا, ودار الامر بين خروجه عن الاطلاق بالتقييد وبين عدم كون المطلق شاملا له
بـحسب معناه الوضعي , ففي امثال ذلك لا تجري اصالة الاطلاق اوالحقيقه وغيرها, كما ان الاخبار
الـنـافـية للحقيقة عند فقدان جزء او شرط مثل قوله (ص ): لا صلاة الابفاتحة الكتاب ((73))
ارشـاد الـى جـزئية القراءة في الصلاة المامور بها, والامر دائر بين كون اخذها في متعلق الامر
بالتقييد -ونفي الصلاة عن فاقدها بحسب مقام الامتثال فقط- كما هو مقتضى القول بالاعم وكون النفي
بحسب مقام الامتثال والتسمية كماالا انها قابلة للمنع (1).

وفيه انـه قد عرفت الاشكال في تصوير الجامع (2).

هـو مقتضى القول بالصحيح , ولا مجال لاصالة الاطلاق او الحقيقة او لغيرهما من الاصول مع العلم
بالمراد, ولعله يشيرالى ذلك في اخر كلامه بقوله فافهم .

هـذا مع الاغماض عما تقدم من ان مثل قوله سبحانه (الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر) ((74))
او قـوله (ص ): ان عمود الدين الصلاة ((75)) يراد به الصحيح في مقام الامتثال لا الصحيح في
مقام التسمية .

(1) ووجـه كـونـها قابلة للمنع , انـه لم يثبت ان الواضع يضع اللفظ ابتداءا بازاء ذلك التام , بل يضع
اللفظ للاعم منه وممايختلف معه في الجملة كما تقدم سابقا, هذا اولا.

وثـانـيـا ان ما ذكر انما يصح اذا كان المركب التام واحدا, فالحكمة في وضع الالفاظ تقتضي وضع
الـلـفـظ لـذلـك التام ,لكون غرض التفهيم يتعلق به غالبا, بخلاف التام في المقام , فانه يختلف بحسب
الـحـالات والاشـخاص والازمان وغيرها, واذا امكن وضع اللفظ للجامع المركب بين الافراد فلا
محالة يكون ذلك الجامع اعم يصدق على التام والناقص ,على ما تقدم .

(2) قد تقدم عدم الاشكال في تصوير الجامع المركب على الاعم , فليس في دعوى التبادر محذور
من جهة الجامع ولا من سائر الجهات , وكذا في دعوى عدم صحة سلب المسمى عن الفاسد. والمراد
مـن صحة التقسيم الى الصحيح وغيره ومنها استعمال الصلاة وغيرها في غير واحد من الاخبار في
الفاسدة (1).

صـحـته بحسب مسمى اللفظ, لا المسمى الذي تعلق به التكليف ثبوتا, او الذي يقوم به الغرض , فان
الصحيح بمعنى مايقوم به الملاك والغرض يصح سلبه حتى عن التام بحسب مقام التسمية , الفاسد في
مـقام الامتثال , ولو لعدم قصدالتقرب فيه , وبالجملة معنى صحة تقسيم المسمى الى الصحيح والفاسد
هـو ان الـمعنى المتفاهم من لفظ الصلاة مثلا اذاتحقق في الخارج قد يتصف بانه تام وقد يتصف بانه
ناقص , فيقال : ان الصلاة اذا وقعت قبل وقتها تكون فاسدة , واذاوقعت بعده تكون صحيحة .

(1) قد يقال : ظاهر جملة من الاخبار, ومنها الخبر المنقول ((76)) ان الولاية شرط لقبول العمل
فـي مـقـام اعطاء الاجروالثواب لا شرط لصحته , وعليه فلا يمكن الاستدلال بالخبر لكون عبادة
المخالف صلاة على القولين .

اقـول : يمكن الاستدلال بالخبر بتقريب اخر وهو ان الصلاة التي ياتي بها المخالف محكومة بالفساد
لـلـنـقص في بعض اجزائها وشرائطها, فاطلاق الامام (ع ) الصلاة على عمل المخالف لايكون الا
بـارادة الاعـم , فـيـنـحصر الجواب عن ذلك بما ذكره الماتن (ره ) اخيرا, ويمكن ان يقال : المراد
بـالاخذ, الاخذ باعتقادهم فلا موجب للالتزام باستعمال الالفاظفي غير الصحيح او في الاعم , هذا
مـع الاغماض عما ذكرناه من ان الاستدلال باصالة الاطلاق واصالة الحقيقة لكشف كيفية الاستعمال
لايصح بعد معلومية المراد.

واما الاستدلال على قول الاعمي بنهي الحائض عن الصلاة ايام اقراءها ((77))
ومنها انـه لا شبهة في صحة النذر وشبهه بترك الصلاة في مكان تكره فيه (1).

بـدعـوى ان الـنـهـي كـالامر لا يتعلق بغير المقدور, والصلاة الصحيحة لا تتمكن منها الحائض ,
لاشـتـراطها بالخلو من الحيض , فنهيها عنها ايام حيضها كاشف عن كون المراد بالصلاة الاعم , فهو
كما ترى , اذ غاية الامر يعلم بان لفظ الصلاة في خطاب نهي الحائض مستعمل في الاعم بقرينة عدم
امكان نهيها عن الصحيحة , ولا دلالة لها على كون الاستعمال على نحو الحقيقة , هذا اولا.

وثـانيا ان النهي المفروض ليس بتكليفي ليقال انه لا يتعلق بغير المقدور, بل ارشاد الى عجزها عن
الـصلاة لاشتراطهابالخلو من الحيض , ونتيجة ذلك ان حرمة الصلاة على الحائض تشريعية , فاذا
اتت بها تعليما لبنتها, او لغير ذلك من غيرقصد الامتثال به لم تفعل حراما.

ودعـوى كـون النهي الارشادي ايضا كالامر الارشادي لا يتعلق بغير المقدور, لا يمكن المساعدة
عـلـيـهـا, فان الارشادي لا يتعلق بما احرز عدم امكانه لكونه لغوا محضا, واما تعلقه بغير المقدور
واقـعـا, ارشـادا الـى عـدم قدرة من يتوجه اليه النهي على متعلقه , فهو ليس بلغو, كما في النواهي
الارشادية العرفية .

(1) لا يـخـفى ان مرادهم نذر ترك صلاة النافلة , او الصلاة التي تكون من قبيل الواجب الموسع ,
بحيث امكن امتثال الامر بها باتيانها في غير الحمام , واما نذر ترك الصلاة الواجبة التي ينحصر امتثال
الامـر بـهـا بالصلاة في الحمام ولو كان الانحصار بسوء الاختيار, فلا ينعقد, لان النذر المفروض
مساو لنذر ترك الواجب , فلاينعقد.

وبتعبير اخر: نذر ترك الصلاة في الحمام كنذر ترك الصوم في يوم عاشوراء يصح ويحصل الحنث
بالصلاة فيه ,كحنث نذر ترك صوم يوم عاشوراء بالصوم فيه .

فـالمذكور في كلامهم امران : صحة النذر المفروض , وحصول الحنث بالفعل , ويستدل على القول
بالاعم بهذين الامرين , فانه على قول الصحيحي لا يمكن ان يحكم بانعقاد النذر المفروض , وذلك لان
متعلق النذر على ذلك القول ترك الصلاة الصحيحة في الحمام , والصلاة الصحيحة من جميع الجهات
غير مقدورة مع نذر تركها, فيلزم انتفاء النذر,لانـه يعتبر في انعقاد النذر كون متعلقه مقدورا, كما
انه على قول الصحيحي لا يمكن الالتزام بحصول الحنث بالصلاة في الحمام لكون تلك الصلاة فاسدة ,
لـتـعلق النهي بها ولو بعنوان حنث النذر ويلزم من حصول الحنث بها عدم حصوله , لان المنذور ترك
الصلاة الصحيحة وما يلزم من وجوده عدمه محال سواء كان نذرا او حنثا.

والجواب عن هذا الاستدلال بامرين :
الاول : ان مـا ذكـر مـن الـمحذور لا يثبت كون لفظ الصلاة وغيره من الفاظ العبادات موضوعة
للاعم , بل غايته ان ماذكر من المحذور قرينة على ان الناذر يريد بالصلاة في نذره , معناها الاعم .

وهـذا الـجـواب غـيـر صـحيح , لان للمستدل ان يدعي ان من المقطوع به ان الناذر يستعمل لفظ
الصلاة في المعنى الذي يستعمل اللفظ فيه في غير النذر.

والـثـانـي : ان الـمراد بالصحيح عند الصحيحي , هو التام من حيث الاجزاء والشرائط التي قررها
الشارع لنفس الصلاة ,واما فسادها من قبل النهي عنها ولو بعنوان اخر, فلا يضر بالصحة الماخوذة
فـي مـسـمى الصلاة , فالمراد بالتام من الصلاة في قول الناذر هو الصحيح لولا النذر, ولذا لو صلى
الناذر في الحمام وابطل صلاته في الاثناء بالحدث او بغيره لا يحصل الحنث بها.

نعم لو فرض تعلقه بترك الصلاة المطلوبة بالفعل (1).

فلا مجال للنزاع في كونها موضوعة (2).

(1) وحـاصله , انـه اذا تعلق النذر بترك الصلاة المطلوبة , لتكون مطلوبة للشارع بعد نذر تركها,
فـيمكن ان يقال بعدم حصول الحنث بالصلاة في الحمام , لان الصلاة الفاسدة لا تكون حنثا لذلك النذر.

وذكر في هامش الكتاب ان صحة النذر المفروض مشكل , لعدم امكان الصلاة الصحيحة المطلقة , بان
تـكون مطلوبة بعد نذر تركها, ويلزم من ذلك صحة الصلاة في الحمام لعدم انعقاد النذر وبقاء الصلاة
في الحمام على حكمها الاصلي .

اقول : لا ينبغي التامل في ان النذر يتعلق بفعل الناذر او تركه , ولا يدخل فعل الغير في نذره -سواء
كـان فـعـل الـشـارع اوغيره - ولو نذر ترك الصلاة في الحمام , بحيث تكون تلك الصلاة مطلوبة
وصحيحة حتى بعد نذره , بان كان الوصف تقييدا في الصلاة المنذور تركها, فالنذر محكوم بالبطلان ,
لعدم تحقق مثل تلك الصلاة , نعم اذا كان وصفها بالصحة والمطلوبية حتى بعد النذر بتخيل ان الصلاة
فـي الـحـمـام لا تسقط عن المطلوبية والصحة حتى بعد النذر المفروض ,فالنذر صحيح ويحصل
الحنث بصلاته في الحمام , فتدبر.

الصحيح والاعم في المعاملات


(2) ذكـر (ره ) انــه لا يـجـري نـزاع الـصـحـيحي والاعمي في الفاظ المعاملات من العقود والايـقاعات بناءا على كونها اسامي للمسببات حيث ان المسبب لا يكون تاما تارة وناقصا اخرى , ليقع
الـبـحـث فـي ان اسـامي المعاملات موضوعة لخصوص التام او القدر الجامع بينه وبين الناقص , بل
الـمـسـبب امر بسيط يتصف بالوجود تارة ,وبالعدم اخرى . نعم لو كانت الالفاظ موضوعة للاسباب ,
فـللنزاع المفروض مجال , فان الاسباب مركبات لها اجزاء وقيودتكون بمجموعها موجبة لحصول
المسبب , فيقع النزاع في ناحية الموضوع له بانه التام او القدر الجامع .

وقد يقال بانه لا فرق في صحة النزاع بين القول بانها موضوعة للاسباب او المسببات , فان المسبب
هـو الذي ينشئه الموجب او الموجب والقابل , ويقع مورد الامضاء من العقلاء والشرع تارة , ولا يقع
مـورد الامضاء من العقلاء والشرع اخرى , او من الشرع خاصة ثالثة , فمثلا ملكية المبيع للمشتري
بـازاء الثمن امر ينشئه البائع ويقع مورد الامضاء فيما كان البائع مالكا عاقلا رشيدا وكذا المشتري ,
ولا يـقـع مـورد الامـضاء حتى عند العقلاء فيما كان البائع سكرانا او صبيا غيرمميز. وعلى ذلك
فـيـمـكـن الـبـحـث فـي ان الملكية المنشاة الموضوع لها لفظ البيع هي الواقعة مورد الامضاء من
الـعـقـلاءوالـشـرع , او انه موضوع لنفس الملكية المفروضة التي ينشاها العاقد ولو لم تقع مورد
الامضاء, او انـه موضوع لما تكون مورد الامضاء من العقلاء خاصة , والحاصل الصحة في المعاملات
عـبـارة عـن الـتـمامية بحسب الامضاء, لا من حيث الاجزاء او الشرائط, كما كان الامر عليه في
الـعـبـادات , نـعـم لو كانت اسامي المعاملات موضوعة للاسباب فيمكن ان تكون الصحة فيها بمعنى
التمامية من حيث الاجزاء والشرائط.

اقـول : لا يـخـفى انه لا يمكن ان يكون الامضاء الشرعي قيدا لمعنى البيع , بل الامضاء شرعا حكم
شـرعـي يـترتب على البيع بمعناه العرفي والا يكون قوله سبحانه (احل اللّه البيع ) بمعنى امضائه
لغوا, ولذا ذكرنا انه لا تحتمل الحقيقة الشرعية في الفاظ المعاملات المتداولة عند العرف والعقلاء,
نـعم ربما يكون الموضوع للحكم الشرعي البيع الممضى شرعا كما في قوله (ع ): البيعان بالخيار
حـتـى يفترقا وصاحب الحيوان بالخيار ثلاثة ايام ((78)) ,وهذا لا يكون استعمالا للفظ البيع في
الممضى شرعا, بل ارادته بنحو تعدد الدال والمدلول , نظير ما تقدم في اسامي العبادات فيما اذا ورد
في الخطابات الامر بها على قول الاعمي .

وبالجملة الخطابات المفروضة لبيان حكم البيع بعد فرض امضائه , والنزاع المعقول في المعاملات
-عـلى تقدير كونهااسامي للمسببات - هو ان الموضوع له فيها المسبب في نظر العاقد مطلقا ولو لم
يـلـحق به امضاء العقلاء؟ او ان الموضوع له خصوص ما يكون ممضي عند العقلاء؟ نظير ما ذكرنا
فـي بـحث البيع من ان اطلاق البيع بالمعنى المصدري ينطبق على فعل البائع الا ان انطباقه عليه في
صورة تحقق القبول من المشتري , لا مطلقا.

وذكرنا ايضا ان اطلاق السبب والمسبب في المعاملات امر لا اساس له , وليس في المعاملات سبب
ولا مسبب ,وانما يكون فيها الانشاء بالمعنى المتقدم , لان الانشاء مقوم لعنوان المعاملة فلا يطلق البيع
عـلـى مـجرد الاعتبار النفساني بتمليك شي ء بازاء مال , مالم يبرز, فالابراز مقوم للمعاملة سواء كان
عـقـدا او ايقاعا, غاية الامر كونه معاملة في العقودمشروط بقبول الطرف الاخر دون الايقاع , نعم
هذا ما يسمى عندهم بالمعاملة بمعناها المصدري , واما بمعناها الاسم المصدري فهو المعتبر المنشا.

وعـلى ذلك فلو كان في ناحية الانشاء نقص فلا يكون في البين لا معاملة ولكن لا يبعد دعوى كونها
موضوعة للصحيحة ايضا (1).

بـمـعناها المصدري ولا بمعناها الاسم المصدري , هذا بناءا على الصحيح , واما بناءا على ان الفاظها
اسامي للاعم فيكون في البين منشا, ولكن فيه نقص ولو في ناحية انشائه , كما لا يخفى .

(1) ذكـر (ره ) انـه بـنـاء عـلـى كـون اسامي المعاملات موضوعة للاسباب , فالموضوع له فيها
-كالموضوع له في اسامي العبادات - هو العقد الصحيح , اي المؤثر للاثر المترقب من تلك المعاملة ,
بـلا فرق بين استعمالات العرف والشرع ,واختلاف الشرع مع العرف في بعض القيود المعتبرة في
الـعـقـد لا يوجب اختلاف المعنى , بل المستعمل فيه عند كل من العرف والشرع العقد المؤثر لذلك
الاثـر, غـايـة الامـر يمكن ان يرى اهل العرف العقد -ولو مع فقد بعض القيود- مؤثرا,ولا يرى
الشرع ذلك , فيكون الاختلاف بينهما في المحققات ومصاديق المعنى , ويكون نظر الشارع من قبيل
تخطئته العرف في المصداق , حيث يرى الموجود مع فقد ما يعتبر في تاثيره شرعا مؤثرا.

وبـيـان ذلـك : كما ان لفظ الخمر موضوع لمائع خاص يعرف بمسكريته , واذا اعتقد احد ان المائع
الفلاني خمر, واعتقدالاخر انه خل فاسد, فلا يكون اختلافهما في معنى لفظ الخمر بل اختلافهما
في مصداقه , حيث ان الموجود الخارجي مصداق للخمر عند احدهما وليس كذلك عند الاخر, كذلك
لفظ البيع مثلا, فانه موضوع عند العرف والشرع للعقدالمؤثر في ملكية عين بعوض , وعليه فمثلا
الايـجـاب من الصبي المميز المراهق مع القبول من الطرف الاخر لو راه العرف بيعا وحكم الشارع
بفساده , فمعناه ان الشارع لا يرى عقده مصداقا للبيع وحكمه بالفساد تخطئة للعرف . وبالجملة فالفاظ
الـمـعـامـلات على تقدير كونها اسامي للاسباب , موضوعة للتام اي المؤثر في الاثر المترقب عند
الـعرف والشرع , حيث ان الشارع لم يخترع للفظ البيع معنى واختلافهما من جهة بعض القيود, انما
هو في المصاديق لا في اصل المعنى .

اقـول : الـتخطئة بمعناها المعروف لا يكون الا فيما كان للشي ء مصداق واقعي بحيث يكون انطباقه
عـليه قهريا وفي مثل ذلك يمكن ان يرى احد ان الشي ء الخارجي مصداق واقعي له , ولا يراه الاخر
كـذلـك , كـمـا مثلنا لذلك بالخمر, واماالاعتباريات التي يكون فيها الشي ء مصداقا للمعنى بالاعتبار
فمصداقيته دائرة مدار اعتبار المعتبر, ولا معنى لتخطئة المعتبر فيها, حيث انه يمكن ان يعتبر احد
شـيـئا مصداقا له ولايعتبره الاخرون مصداقا له , فمثلا يرى طائفة الفعل الخاص تعظيما ولا يراه
الاخـرون تـعـظـيـمـا, ولا يكون في الفرض اعتبار احداهما تخطئة للاخرى , اذ ليس في البين
واقع معين ليكون نظر احداهما بالاضافة اليه خطا ونظر الاخرى صوابا.

لايـقـال : اذا ورد في خطاب الشارع (احل اللّه البيع ) يحرز بعد تمامية مقدمات الاطلاق ان ما هو
مـصـداق لـلـبيع عند العرف هو تمام المؤثر عند الشارع ايضا, حيث ان الاستعمالات الشرعية في
المعاملات جارية على المعاني العرفية , كما ياتي , فلو ورد بعد ذلك في خطاب لا بيع في المكيل الا
بالكيل يكون هذا تخطئة , لانكشاف ان المؤثرعند العرف لا يكون مؤثرا عند الشارع .

فـانـه يقال : التخطئة بهذا المعنى الذي مرجعه الى الاخذ بالاطلاق قبل ورود خطاب التقييد, والى
رفـع اليد عنه بعدوروده , لا يكون مختصا بباب المعاملات , بل يجري في جميع الاطلاقات , ولعله
(ره ) يشير الى ذلك في اخر كلامه بقوله فافهم .

الثاني ان كون الفاظ المعاملات اسامى للصحيحة لا يوجب اجمالها (1).

وعن المحقق الاصفهاني (ره ) ان التخطئة ليست بلحاظ نفس الامر الاعتباري ليرد انها لا تكون في
الاعـتـباريات , بل بلحاظ الملاك والصلاح الموجب للاعتبار, بحيث لو انكشف الواقع يرى العرف
عدم الصلاح في اعتبارهم ((79)) .

ولا يـخـفـى مـا فـيـه , فان الصلاح في الاعتباريات (يعني ما كان من قبيل الوضع لاالتكليف بالفعل
الـخـارجـي ) يكون في نفس الامر الاعتباري , وهو حفظ نظام المعاش بين الناس , ولكن الشارع قد
يضيف الى ذلك الصلاح في لحاظه امرا اخر,فيضيف قيدا اخر في اعتبار المعاملة لتمييز من يطيعه
عمن يعصيه , او لعلمه بعدم الصلاح في اعتبار المعاملة بدونه ,فعليه لا يكون اختلافه مع العرف في
كـل مورد تخطئة ولو بلحاظ الملاك , كما لا يخفى , وبالجملة لابد من الالتزام بان الشارع يستعمل
اسامي المعاملات في معانيها العرفية .

(1) لا يـنـبغي الريب في عدم ثبوت الحقيقة الشرعية في الفاظ المعاملات وان الشارع لم يخترع
فـيـهـا اصـطـلاحـا, بـل جعل لها بمعانيها العرفية , احكاما امضاء كما في قوله سبحانه (احل اللّه
الـبـيـع ) ((80)) , او تـاسـيـسـا, مـثـل قـولـه (ع ) والخيارفي الحيوان ثلاثة ايام للمشتري
الحديث ((81)) , واضاف اليها قيودا في امضائها او في ترتب الحكم التاسيسي عليها,وبعد البناء على
ذلـك وكـون اسـتـعمالات الشارع بتبع الاستعمالات العرفية فيمكن التمسك بخطاباتها عند الشك
فـي اعـتبار امر اخر في امضاء المعاملة , او بيان الحكم لها, حتى بناءا على كونها اسامي للصحيحة ,
وذلـك لعدم اجمال الصحيح عند العرف كما كانت اسماء العبادات عندهم على الصحيحي , وعلى ذلك
فـبـعد احراز مقدمات الاطلاق كما هو الفرض , يحرز ان الموضوع للامضاء او الحكم التاسيسي ,
نفس تلك المعاملة عند العرف , والا كان على الشارع بيان القيد.

ولـكن مع ذلك , قد يناقش في التمسك باطلاق المعاملات عند الشك في كون شي ء قيدا في امضائها,
بـدعـوى عـدم ورود الـخطابات في مقام امضاء الاسباب , بل مفادها امضاء المسببات , فقوله سبحانه
(احـل اللّه الـبيع ) ((82)) ناظر الى امضاء المسبب , واما ان سببه اي شي ء, فلا اطلاق له من هذه
الـجهة , نعم يمكن ان يقال : ان قوله سبحانه (اوفوابالعقود) ((83)) دال على امضاء الاسباب الا ان
الـتدبر في حكمه يقتضي صرفه الى المسببات ايضا, لان اعتبار البقاءيكون في المسبب , واما السبب
فلا بقاء له ليجب الوفاء به .

اقول : لا يخفى ما فيه , فان قوله سبحانه (احل اللّه البيع ) ((84)) من القضايا الحقيقية الانحلالية ,
فـيكون مفاده امضاء كل مسبب في الخارج يتعنون ويتصف بكونه بيعا. ومن الظاهر ان امضاء المسبب
كذلك , لا ينفك من امضاءالسبب , ولايخفى ان هذا بناءا على مسلك الاسباب والمسببات في المعاملات
وهو مسلك سخيف كما تقدم في بحث الاخبار والانشاء, ونتعرض لذلك في المقام بوجه اخصر.

وامـا مـا ذكـر مـن رجـوع خـطـاب الامـضـاء الـى المسبب , حتى في مثل قوله سبحانه (اوفوا
بـالـعـقود) ((85)) بقرينة ان العقدبما هو ايجاب وقبول , لا بقاء له ليجب الوفاء به , بل الباقي هو
الـمـسـبب , فيكون الوفاء به لا بالسبب , ففيه ايضا مالايخفى , فان العقد له بقاء اعتبارا ولذا يتعلق به
الـفسخ والاقالة , حيث ان الفسخ حل ذلك العقد, فيعود الملك الى مالكه الاول بالسبب الناقل قبل العقد
الـمـفـسـوخ , والاقـالـة اجـتـماع طرفي العقد على فسخه , كما في البيعة وحلها, وبالجملة البقاء
الاعـتباري للعقد كالغائه واضح لا يحتاج الى تطويل الكلام , وعليه فلو كانت اسامي المعاملات للتام
من الاسباب فلا موجب لحمل الحكم الجاري عليها في الخطابات على الحكم للمسببات .

واجـاب الـمـحقق النائيني (ره ) عن المناقشة السابقة في التمسك بالاطلاقات عند الشك في قيود
الاسـبـاب بـمـا حـاصله :ان الايجاب والقبول في العقود والايجاب في الايقاعات لا تكون من قبيل
الاسـبـاب , والامر الاعتباري المترتب عليهاليس من قبيل المسبب ليكون للمسبب وجود اخر غير
وجود السبب , حتى لايمكن التمسك بخطاب الاول عند الشك في اعتبار قيد للثاني بدعوى ان امضاء
الاول لا يستلزم امضاء الثاني , بل العقود والايقاعات بالاضافة الى الامرالاعتباري من قبيل الالة الى
ذيها, فكما ان المفتاح الة الفتح والمؤثر في الفتح هو حركة يد الفاعل , فكذلك للمعاملات ,عند العقلاء
والـشـرع مـا هو كالالة لها ويعبر عنه بصيغ العقود من الايجاب والقبول وما هو بمنزلة ذي الالة
ويـعـبـر عـنه بالمعاملة من البيع وغيره ,فالمعاملة بمعناها الاسم المصدري وان كانت تباين المعنى
المصدري الا ان الظاهر تعلق الامضاء في مثل قوله تعالى (احل اللّه البيع ) بالجهة الصدورية , فيكون
امضاء البيع بمعناه المصدري امضاء للالة التي يقصدها العاقد بتلك الالة ((86)) .

/ 26