الاشتراك - أصول نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

أصول - نسخه متنی

جواد تبریزی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


وفـيـه مـاتـقـدم من ان الامضاء لو كان بنحو الانحلال كماهو مفاد القضية الحقيقية , فيكون امضاء الـمسبب وذي الالة امضاءاللسبب والالة لا محالة , حيث لا يمكن الحكم بحصول المسبب وذي الالة
فـي مـورد, مـع عدم تحقق السبب والالة , وان كان مفاد الخطابات على نحو لم يكن فيها انحلال , لا
يـكـون امضاء المسبب او ذي الالة مفيدا في مورد الشك في السبب او الالة , لان للالة ايضا وجودا
غير وجود ذي الالة , كما في السبب ومسببه .

وقـد يـقـال : ان الـمـنـاقـشة في التمسك باطلاقات المعاملات مبنية على كونها من قبيل الاسباب
والـمـسـببات او الالة وذيهما, ولكنهما ضعيفان , واما على المسلك الصحيح , من كون البيع مثلا في
حـقـيـقته امرا اعتباريا يحصل بالقصدوالاعتبار, من غير تاثير للفظ وبلا دخل له في حصول ذلك
بـنحو السببية او الالة , بل اللفظ او غيره يكون مبرزا, ويطلق على المجموع من المبرز -بالفتح -
ومبرزه -بالكسر- عنوان البيع , فيجوز التمسك باطلاقاتها اذ على هذا المسلك لايصدق البيع ولا
غيره من عناوين المعاملات في العقود والايقاعات , بمجرد الاعتبار من دون الابراز بقول او فعل ,
وعلى ذلك فمثل قوله سبحانه : (احل اللّه البيع ) ((87)) يكون امضاءا للمركب لان اطلاقها لو كان
مسوقا في مقام البيان (1).

مـن الامـر الاعـتـبـاري ومبرزه -بالكسر- فيكون دلالته على ما سموه بالسبب او الالة بالدلالة
الـتـضـمنية ويكون امضاء البيع امضاء المجموع المركب من المبرز -بالكسر- والمبرز -بالفتح -
ومعه لا مانع من التمسك بالاطلاق ((88)) .

من وفيه : ان ما ذكر من كون الايجاب والقبول مبرزا للمعتبر الذي يكون ابرازه بقصد اعتباره , ولا
يـكـون الابراز من قبيل السبب والالة كما ذكرنا في بحث الانشاء والخبر, وان كان صحيحا الا ان
الماخوذ في معنى البيع بمعناه الاسم المصدري , هو المبرز -بالفتح - بما هو مبرز بحيث يكون وصف
الـمـبـرزيـة مـحـقـقا ومقوما له , واما نفس المبرز -بالكسر-فهو غير داخل في معناه على وجه
الـجـزئيـة , فيرد الاشكال بان امضاء المبرز -بالفتح - لا يلازم امضاء مبرزه -بالكسر-مطلقا, الا
بنحو انحلال الخطاب , كما تقدم .

(1) لا يخفى ان التمسك بالاطلاق اللفظي في خطابات امضاء المعاملات , يبتني على كون المراد من
الـفـاظالـمعاملات في تلك الخطابات معانيها العرفية , -اي ما يعتبره العرف معاملة -, لما تقدم من ان
مـعـانـيـها ليست من الامورالواقعية , ولا من المخترعات الشرعية , فيكون مفاد الخطاب المتضمن
لـلـحـكـم بنحو القضية الحقيقية , شمول الامضاءوالحكم لكل ما يصدق عليه عنوان المعاملة عرفا,
وعـلى الشارع في موارد اضافة قيد في امضاء معاملة او عدم امضاءفرد, بيان القيد لتلك المعاملة , او
تـقـيـيـدهـا بغير ذلك الفرد, في خطاب امضائها, او بخطاب منفصل ولذلك تمسك العلماء بخطابات
المعاملات في ابوابها.

واما اذا بني على ان المراد من اسامي المعاملات المعاني الواقعية منها, كسائر الخطابات التي تتضمن
الـحـكم التكليفي او الوضعي لعنوان واقعي ولو بنحو القضية الحقيقية , بحيث لا توجب التخطئة في
بعض مصاديقها تقييدا في خطاب الحكم , كما التزم به الماتن (ره ) قبل ذلك , فلا موجب للتمسك بتلك
الـخـطـابـات فـي مـوارد احتمال التخطئة في بعض المصاديق والمحققات لها بل لابد لدفع احتمال
التخطئة فيها من التشبت بالاطلاق المقامي , ويشكل احراز هذاالاطلاق في المعاملات التي تكون لها
مصاديق متيقنة ((89)) .

نعم لو احرز في مقام خاص بكون الشارع فيه متصديا لبيان جميع ما يقع من افراد المعاملة ومحققاتها
وكـان مصداق منه مورد التخطئة , يتمسك بالاطلاق المقامي فيه , كما تقدم نظيره في العبادات على
قول الصحيحي , بل على الاعمي , بناءا على الاجمال في خطابات التشريع .

وبـالـجـمـلة فظاهر عبارة الماتن (ره ) جواز التمسك بالاطلاق اللفظي في المعاملات حيث قال :
ولـواعـتبر في تاثيره ماشك في اعتباره كان عليه البيان ونصب القرينة عليه (اي على اعتباره في
المعاملة ) وحيث لم ينصب بان عدم اعتباره عنده ايضا, ولذا يتمسكون بالاطلاق في ابواب المعاملات
مع ذهابهم الى كون الفاظهاالثالث ان دخل شي ء وجودي او عدمي في المامور به (1).

موضوعة للصحيح ((90)) وانت ترى ان هذا التمسك لا يناسب مسلك التخطئة في المصداق , حيث
ان اعتبار القيد لايكون تقييدا لاطلاق المعاملة الواقعية , فلاحظ وتدبر ((91)) .

انحاء الدخل في المامور به :
(1) وحاصله ان دخل امر وجودي او عدمي في متعلق الامر على انحاء:
الاول : ان يـكـون الشي ء بنفسه داخلا في متعلقه , بان يتعلق الامر بالمركب منه ومن غيره , كما في
تعلق الامر بالصلاة التي منها السورة , وعلى ذلك تكون السورة جزءا منها ودخيلة في قوامها, بمعنى
ان الصلاة الفاقدة لها لا تكون مصداقالمتعلق الامر, بل لا تكون صلاة على القول بالصحيح , ولا فرق
في ذلك بين كون الشي ء امرا وجوديا او عدميا.

الـثـانـي : ان يكون نفس الشي ء خارجا عن متعلق الامر, ولكن تؤخذ في متعلقه خصوصية لا تحصل
بـدون ذلك الشي ء,كما اذا تعلق الامر بالصلاة المقيدة بسبق الاقامة عليها, او بمقارنتها بالطهارة , او
بتاخر شي ء عنها, فلا تكون الاقامة اوالطهارة او غيرهما بنفسها داخلة في الصلاة المامور بها, بل
يكون الداخل فيها تقيدها بها, ولذا يمكن ان يكون نفس ذلك الشي ء امرا غير اختياري للمكلف كالوقت
فانه يكفي في الامر بالمقيد به كون الخصوصية اختيارية .

ولاوبالجملة نفس الشي ء في هذا الفرض من مقدمات المامور به لا من مقوماته , ويعبر عنه بالشرط
مـقـابـل الجزء, هذافي الشرط الشرعي , واما العقلي فياتي الكلام فيه في بحث مقدمة الواجب وان
الشرط المفروض من اجزاء العلة التامة .

يخفى انه يمكن ان يختص دخالة شي ء في متعلق الامر باحد النحوين بحالة دون اخرى , كما في جل
اجزاءالصلاة وشرائطها, حيث ان اعتبارها مختص بحال الاختيار, ويسقط عند الاضطرار وسائر
الاعذار, كما هو مقرر في محله .

الـثـالث : ان لا يكون الشي ء داخلا في متعلق الامر بنفسه ولا يتقيد به متعلق الامر, كما في الصلاة
بـالاضافة الى وقوعها في المسجد او اول الوقت , بل تتشخص به الصلاة , حيث لابد من وقوعها في
مكان او زمان , وربما يكون الشي ءكذلك موجبا لمزية او نقص في الملاك الملحوظ في متعلق الامر,
وتـكـون دخالته في المزية اما بنحو الشرطية كما في مثال المسجد, واما بنحو الجزئية بان يكون
الشي ء بنفسه موجبا لمزية الملاك في متعلق الامر, كما في القنوت على احدالوجهين , وتكرار ذكر
الـركـوع والسجود, فان القنوت او الذكر المكرر بنفسه يوجب كمال الصلاة ومزيتها, ومما ذكر
يظهر ان الاخلال بالشي ء في هذا النحو بكلا فرضية لا يكون اخلالا بالمامور به , اذ المفروض انه
لم يؤخذ في متعلق الامر لا جزءا ولا شرطا, بخلاف النحوين الاولين .

ثـم انه قد لا يكون لشي ء دخل في متعلق الامر باحد النحوين الاولين , ولا في مزية ملاكه كما في
الـنـحو الثالث , بل يكون الصلاح مترتبا على الاتيان به اثناء الواجب والمستحب او قبلهمااو بعدهما
فـيـكون الاتيان بالواجب او المستحب ظرفالامتثال الامر به , كما في الامر بالاذان او التعقيب بعد
الـصلاة , والقنوت على ثاني الوجهين , والادعية الماثورة في نهارشهر رمضان للصائم فيه , حيث لا
يـتـفاوت الحال في ناحية الصوم وملاكه بها, كما ان النوافل للفرائض اليومية كذلك , فان لها مصالح
تترتب على الاتيان بها فيما اذا وقعت قبل الفريضة او بعدها.

اقول : ان مجرد ترتب زيادة ملاك المامور به على الشي ء لا يوجب كونه جزءا استحبابيا او شرطا
اسـتـحـبابيا ولا مايتشخص متعلق الامر به , فيما اذا كان له وجود ممتاز خارجا وغير ماخوذ في
مـتعلق الامر بالمركب , لا بنفسه ولابخصوصيته , كما هو المفروض , فانه مع عدم اخذه في متعلق
الامر يكون الامر به عند الاتيان بالمركب امرا استحبابيامستقلا ويكون وجوده خارجا غير متحد
مع وجود متعلق الامر لا محالة .

والحاصل كما ياتي في الواجب التخييري , ان الوجوب التخييري بين الاقل والاكثر غير معقول , بل
يكون الواجب هو المقدار الاقل والزائد مستحبا, نعم اذا كان ما يسمى بالشرط الاستحبابي متحدا مع
المامور به خارجا وتشخصا, كمافي الصلاة في المسجد وفي اول الوقت , بحيث ينطبق عنوان متعلق
الامر على الماتي به واما ما له الدخل شرطا في اصل ماهيتها فيمكن الذهاب ايضا (1).

انطباق الكلي على فرده , يكون الامر بذلك الفرد ارشادا الى كونه افضل الافراد, بخلاف ما اذا كان
لـلـشـرط وجـود اخركالتحنك في الصلاة , فانها صلاة بضم عمل اخر معها فيكون الامر بالتحنك
فـي الصلاة استحبابيا نفسيا وان كان الملاك في الامر به زيادة فضل الصلاة , ويترتب على ذلك عدم
بطلان الصلاة بالرياء في الجزء المستحبي لها او الشرطالمستحبي مما يكون وجودهما منحازا ولا
يـتـحـد مـع الـصلاة خارجا ليكون من تشخص الصلاة بهما, حيث ان الرياءفيهما لا يكون رياءا في
طـبـيـعـي الـصلاة المامور بها, كما ان زيادتهما في صورة الرياء فيهما لا تكون زيادة في الصلاة ,
لان المفروض عدم الاتيان بهما بقصد انهما جزء الطبيعي او شرطه , وهذا بخلاف الرياء في الجزء
الـواجب او الشرطالواجب او في الخصوصية التي تتحد مع الطبيعي خارجا, كالصلاة في المسجد
او اول الـوقت , حيث يصدق معها الرياءفي الصلاة فتبطل الصلاة . نعم الاتيان بالخصوصية المتحدة ,
بـداع اخـر نـفـساني غير الرياء لا يبطل الصلاة , حيث لم تؤخذفي متعلق الامر ليعتبر فيها قصد
التقرب , كما لا يخفى .

ثم ان الرياء في جزء العبادة او شرطها -يعني في التقيد الماخوذ فيها يبطلها ولا يفيد تداركه بقصد
الـقربة , وهذا انما هوفيما كانت الزيادة مبطلة للعبادة كالصلاة , واما فيما لا تبطلها الزيادة فلصحة
العمل مع التدارك وجه تعرضنا له في مباحث الفقه .

(1) يـعـنـي كما ان ما له الدخل في كمال طبيعي العبادة غير ماخوذ في ناحية المسمى , كذلك ما له
الـدخل شرطا في اصل ماهيتها, بان يمكن ان يقال بعدم اخذه في ناحية المسمى ايضا, وينبغي ان يراد
بالشرط تقيد الاجزاء بما يسمى شرطا والاالحق وقوع الاشتراك , للنقل والتبادر (1).

فنفس ما يطلق عليه الشرط كالوضوء والغسل والتيمم بالاضافة الى الصلاة , فخروجه عن المسمى
مقطوع به والا لانقلب جزءا.

والـوجـه فـي خروج التقيد عن المسمى ووضع اسم العبادة لنفس الاجزاء او بعنوان ينطبق عليها
خاصة غير ظاهر, بناءاعلى وضع اساميها للصحيحة .

نـعـم , قـيـل : ان اخذ الشرط في المسمى مستحيل , لان الشرط متاخر عن الاجزاء رتبة , حيث ان
الاجزاء هي المؤثرة في الملاك والشروط دخيلة في فعلية تاثيرها.

لكن ضعفه ظاهر فان تاخر رتبة الشرط لا يوجب امتناع وضع لفظ للمجموع ولو كان بعضه متقدما
عـلـى الـبـعـض الاخررتبة او زمانا, اضف الى ذلك ما ذكرناه من ان المراد بالشرط في العبادة او
الـمـعـامـلة ما يكون التقيد به داخلا في متعلق الامر او الموضوع للامضاء, ولا يرتبط بالشرط من
اجزاء العلة التامة الذي يكون به فعلية تاثير السبب وحصول اثره .

الاشتراك


(1) الاشـتـراك فـي اللفظ عبارة عن كونه موضوعا لاكثر من معنى واحد, بحيث لا يكون وضعه لـمـعـنـى مـوجبا لهجر المعنى الاخر, ولذا يكون عند اطلاقه مجملا يحتاج تعيين احد معانيه الى
الـقـريـنة المعينة . والمراد بالنقل في قوله للنقل نقل اللغويين فانهم ذكروا في بعض الالفاظ انـه
مـشـتـرك وانـه من الاضداد, كما ان المراد بالتبادر هو انـه عند اطلاق مثل قرءيعلم ان مراد
المتكلم احد معنييه الحيض او الطهر, وذلك علامة كونه حقيقة في كل منهما.

اقـول : لـعل المراد بنقل اللغويين , النقل على نحو يوجب العلم بالصدق والافلا دليل على اعتبار نقل
اللغوي بالاضافة الى ثبوت الوضع .

وقد ينكر الاشتراك في الا لفاظ ويقال انه غير جائز, بمعنى خلاف الغرض من الوضع , فلا يقع من
الواضع الحكيم ,حيث ان الغرض من الوضع الدلالة على المعنى بنفس اللفظ ومع الاشتراك لا يحصل
هذا الغرض .

وفـيـه ان الـدلالـة على المعنى بنفس اللفظ لا تنافي الاشتراك , غاية الامر يحصل في تلك الدلالة
الاجـمـال الـخـاص ,ولذا يحتاج استعماله الى القرينة المعينة على ان الاجمال في المدلول يتعلق به
غرض المتكلم احيانا فيذكر بلا قرينة من غير لزوم محذور.

ومـما ذكر, يظهر فساد ما قيل من استحالة استعمال المشترك في القران المجيد بدعوى ان الكلام
مع عدم القرينة اللفظية يكون مجملا ومعها يكون تطويلا بلا طائل ولا يليق شي ء منهما بكلامه (جل
شانه ).

وجـه الـفـسـاد: امـكان تعلق غرضه (سبحانه ) في بعض الموارد بالاجمال والاتكال على القرينة
اللفظية , فيما اذاكانت تلك القرينة لافادة امر اخر ايضا, يتعلق غرضه ببيانه فلا يكون تطويلا بلا
طائل .

وكيف لا يتعلق غرض الحكيم بالاجمال وقد اخبر سبحانه بوقوع المشتبه في كتابه العزيز, حيث
قال سبحانه :(فيه ايات محكمات هن ام الكتاب واخر متشابهات ) ((92)) .

وان احاله بعض (1).

وربما توهم وجوب وقوع الاشتراك (2).

(1) ذهـب بـعض الى امتناع الاشتراك اللفظي واستدل له بان الوضع عبارة عن جعل الملازمة بين
الـلـفـظ والمعنى , بحيث ينتقل الذهن الى المعنى من سماع اللفظ, وعليه فان كان الوضع الثاني متمما
لـلـوضع الاول , بان يحصل عند سماع اللفظالانتقال الى مجموع المعنيين فهو خلاف المفروض في
الاشـتراك , وكذا ان كان موجبا للانتقال الى احد المعنيين اوالمعاني بلا تعيين , بان يكون الموضوع
له هو الجامع الاعتباري فهو خلاف المفروض ايضا, وان كان يوجب الانتقال الى كل من المعنيين او
الـمـعـانـي بـخصوصه , بانتقال مستقل , فهذا لا يمكن من غير ترتب . فلامحالة يكون احد الانتقالين
في طول الاخر.

وفـيـه ان : الوضع ليس عبارة عن جعل الملازمة بين اللفظ والمعنى , لان الملازمة بين سماع اللفظ
والانـتقال الى المعنى تحصل بسبب العلم بالوضع , فلابد ان يكون الوضع غير الملازمة الحاصلة من
العلم به , هذا اولا.

وثـانـيـا: مـع الـغض عن ذلك , فلا ينحصر الامر فيما ذكره من الشقوق , فانه يمكن ان يكون جعل
الملازمة في مواردذكر القرينة المعينة لاحد المعاني , فمثلا اذا لم يكن لفظ القرء موضوعا للحيض
لـم يـنـتـقل الذهن اليه من سماع لفظ القرءولو مع ذكر ثلاثة ايام , بخلاف ما اذا كان ذكرها بعد
وضـعـه لـه فـيحصل الانتقال بها, وهذا المقدار يكفي في حصول الغرض من الوضع وخروجه عن
الـلغوية , كما هو ظاهر, وما ذكره من عدم امكان تعدد الانتقال المستقل من لفظ واحدياتي ما فيه في
البحث الاتي من استعمال اللفظ في اكثر من معنى ان شاء اللّه تعالى .

(2) قـيل بوجوب وقوع الاشتراك في اللغات , ولو في بعض الالفاظ المتداولة في كل لغة , بدعوى
ان الفاظ كل لغة متناهية بخلاف المعاني فانها غير متناهية .

واجاب المصنف (ره ) عن ذلك بوجهين :
الاول : انـه لا يمكن الوضع لكل المعاني غير المتناهية , لاستلزامه اوضاعا غير متناهية .

الـثاني : ان المعاني الكلية متناهية , فيمكن وضع الفاظ لتلك المعاني الكلية بحيث لا يحصل الاشتراك
فـيـها, واماجزئياتها وان كانت غير متناهية , الا انه لاضرورة لوضع لفظ لكل منها كما في الاعلام
الـشخصية , بل يمكن في مقام الاستعمال تفهيم الجزئي بالقرينة , بنحو تعدد الدال والمدلول , او بنحو
المجاز في الاستعمال , فان باب المجاز واسع .

اقول : ظاهر كلامه تسليم تناهي الالفاظ, ولكن الواقع ليس كذلك , بل الالفاظ كالمعاني غير متناهية ,
وذلك لان الحروف الهجائية وان كانت متناهية الا ان المركب منها غير متناه , غاية الامر تكون بعض
الالفاظ كثيرة الحروف .

وامـا مـا ذكـره (ره ) من تناهي المعاني الكلية فان اراد بها نظير مفهوم الشي ء والممكن من الكليات
الوسيعة , فالامركما ذكره وان اراد الكليات الضيقة مفهوما (اي الجزئي الاضافي بالنسبة الى ما هو
اوسـع مـنـه ) الـتـي يتعلق الغرض بتفهيمهافي مقام التخاطب فهذه الكليات غير متناهية ويكفي في
الاذعان بذلك ملاحظة مراتب الاعداد فانها غير متناهية .

ويظهر عن سيدنا الاستاذ (ره ) ان الامتناع في المقام بمعنى عدم الوقوع , حيث قال ما حاصله : انـه
ليس في الالفاظما يكون مشتركا لفظيا بل اللفظ في الموارداختلفوا في جواز استعمال اللفظ في اكثر
من معنى واحد على سبيل الانفراد والاستقلال (1).

الـمعروفة بالاشتراك يوضع للجامع بين الامرين او اكثر, فمثلا لفظ قرء موضوع لحالة المراة
الـجـامـعـة بين الطهر والحيض ,ولفظ جون موضوع للجامع بين السواد والبياض , وخفاء الجامع
اوجب الوهم بان اللفظ من الاضداد, ولو لم يكن بينهما جامع لما كان بينها تقابل , فان التقابل لا يحصل
مـن غير جامع , ولذا لايكون بين العلم والحجر تقابل , فان احدهماجوهر والاخر عرض , هذا بناءا
عـلـى عـدم تـفـسـيـر الـوضع في الالفاظ بالتعهد, والا فكون اللفظ موضوعا للجامع لا يحتاج الى
الاستدلال ((93)) .

اقـول : غـايـة مـا ذكر عدم التقابل بين امرين لا جامع بينهما, لا ان اللفظ في موارد التقابل موضوع
للجامع مع ان لزوم الجامع في موارد التقابل غير صحيح , فان من التقابل تقابل الايجاب والسلب والعدم
والـملكة والتضايف , ولا يمكن الجامع في الاول وكذا في الثاني , حيث ان التقابل بين الملكة وعدمها,
هـو تـقـابـل الوجود والعدم مع اعتبار القابلية للوجود ولوبحسب الجنس , والتضايف اتصاف كل من
الامـريـن بـمـا يقتضي النسبة بينهما, بل لا جامع في موارد تقابل التضاد الا كون الضدين من مقولة
واحدة , ومن الظاهر ان اللفظ فيهما لم يوضع للمقولة والا لصح استعمال اللفظ في غيرهما, ممايدخل
في تلك المقولة .

استعمال اللفظ في اكثر من معنى


(1) الـمـراد بـاسـتـعمال اللفظ في اكثر من معنى , ارادة كل من المعنيين او المعاني منه كما اذا لم يـسـتـعمل الا في احدهما او احدها, وقد اختار (ره ) عدم امكان استعمال اللفظ كذلك في اكثر من
معنى ,وذكر في وجه امتناعه لزوم الخلف او اجتماع المتنافيين .

وتـقريره : ان الاستعمال ليس مجرد الاتيان بعلامة للمعنى , بحيث يكون مبرزا لارادته ليقال بامكان
كون شي ء علامة لامور متعددة فضلا عن امرين , بل هو عبارة عن جعل اللفظ باللحاظ وجها وعنوانا
لـلـمعنى , فانيا فيه فناء الوجه في ذي الوجه , بل وكان اللفظ عين المعنى , وكانه الملقى خارجا, كما
عـبر عن ذلك بقوله بوجه , نفسه يعني جعل اللفظولحاظه بنحو يكون عين المعنى , والشاهد على
ذلك سراية الحسن والقبح من المعاني الى الالفاظ, فيكون اللفظ مقبولاللطباع بمقبولية معناه ومنفورا
عندها بالتنفر عن معناه .

وعـلى ذلك يكون لحاظ اللفظ فانيا في معنى كذلك منافيا للحاظه في نفس الوقت فانيا في معنى اخر,
اذ لحاظه فانيا في معنى اخر يوجب عدم لحاظه في المعنى الاول , الا ان يكون اللاحظ احول العينين
فيرى اللفظ لفظين يمكن له لحاظ احدهما فانيا في احد المعنيين والاخر فانيا في الاخر منهما.

اقـول : لا ارى محذورا في لحاظ اللفظ فانيا في كل من المعنيين وكان كلا منهما وجود لذلك اللفظ,
وقـد تسلم (ره )في الوضع العام والموضوع له الخاص بامكان لحاظ العام بحيث يكون وجها وعنوانا
لـكل من افراده وكانه عين كل منها,وفيما نحن فيه يلاحظ اللفظ كانه عين كل من المعنيين وكل من
الـمـعنيين وجود له , ولذا يشار الى النقد الرائج في عصرناويقال : انه الدرهم والدينار اللذان اهلكا
الناس في العصور المتتالية .

وامـا مـا ذكر -من ان لحاظ اللفظ فانيا في المعنى الثاني بحيث كانه هو الثاني , ولازمه عدم لحاظه
عين الاول في ذلك الان اذ لحاظه عين الاول فرض لاجتماع المتنافيين - فلا يمكن المساعدة عليه ,
وذلـك لان لـحـاظـه عين الثاني يلازم عدم لحاظه في ذلك الان عين الاول , اذا لم يمكن الجمع في
تنزيل اللفظ منزلة كل من الشيئين في ان واحد ومع امكان التنزيل فلا مانع منه .

والسر في ذلك ان التنزيل ليس من جعل الشي ء شيئا اخر حقيقة , بل هو قسم من الوهم والخيال ولا
واقـعـيـة لـه ليقال ان الواحد حقيقة لا يكون اثنين , وبالجملة اللفظ وان كان له وجود واحد, وذلك
الوجود وجود للفظ حقيقة ووجود للمعنى بالتنزيل , الا انـه لا مانع من كونه وجودا تنزيليا للمعنى
الاخـر ايـضـا فـي حين كونه وجودا تنزيليا للمعنى الاول , غاية الامران ما ذكره في الوضع العام
والموضوع له الخاص من ان العام يصلح ووجها وعنوانا لكل من افراده , يراد به الوجهية والعنوانية
الحقيقية , بخلاف وجهية اللفظ وعنوانيته لمعانيه , فانها اعتبارية وجعلية , فالعنوانية لا تنافي لحاظ
الـمتعددبالعنوان الواحد, وعليه فلا محذور في لحاظ معنيين بلفظ واحد, فانه لحاظ تنزيلي وليس
من قبيل اخراج الواحد الى المتعدد حقيقة , هذا اولا.

وثـانـيا: ان حقيقة الاستعمال ليس ما ذكره (ره ) لحاظ اللفظ عين المعنى او كانه نفس المعنى حتى
يكون اللحاظ مقوماللاستعمال , بل الاستعمال هو الاتيان بعلامة المعنى عند ارادة تفهيمه بحيث يكون
الـلـفظ مبرزا له , وغفلة المتكلم عن نفس اللفظ في مرحلة الاستعمال بلحاظه كانه المعنى ناش عن
الانـس بـالاسـتعمال وعدم غرض له الا في نفس تفهيم المعنى ونقله الى ذهن السامع , ولذا لا يكون
الاستعمال على هذا الاسلوب في بداية تعلم الانسان لغات غير لسانه , وكذا في موارد يكون المتكلم
فيها في مقام اظهار كمال فصاحته وبلاغته .

افلا ترى ان غير العربي في اوائل تعلمه اللسان العربي او المتكلم المتصدي لالقاء خطبة يظهر بها
بـلاغـتـه وفصاحته ملتفت الى الالفاظ كمال الالتفات , وهذا شاهد صدق على كون حقيقة الاستعمال
ابراز المعاني بالالفاظ وجعلها كاشفة عن مراداته .

واما حديث سراية الحسن والقبح الى الالفاظ فلا يشهد لما ذكره , فان سرايتهما من ذي العلامة الى
عـلامـتـه , مـمـكـن وواقع , فان بعض الناس يكرهون بعض الطيور لكونها عندهم علامة الابتلاء
وخـراب الـبـيوت وتشتت الاهل , ويحبون بعضها الاخر بحيث يفرحون برؤيتها حيث انها عندهم
علامة الرخاء والنعمة والرحمة .

والـمـتـحـصل انه لا محذور في استعمال اللفظ وارادة معان متعددة منه في استعمال واحد وجعله
عـلامة لارادة كل منها بنحو الاستقلال , الا انه على خلاف الاستعمالات المتعارفة فلا يحمل كلام
المتكلم عليه الا مع القرينة عليه .

ولـو ورد في كلامه لفظ مشترك ولم تكن في البين قرينة على تعيين المراد من معانيه يكون الكلام
مـجملا, فلايحمل على ارادة جميع المعاني لا بنحو الاشتراك المعنوي ولا بنحو استعمال العشرة
في مجموع احادها ولا على الاستعمال في اكثر من معنى حتى بناءا على جوازه كما هو المختار.

وذكر المحقق النائيني (ره ) ان استعمال اللفظ في اكثر من معنى ممتنع ولو قيل بان الاستعمال عبارة
عن الاتيان بالمبرز والعلامة للمعنى ووجه الاستحالة : ان ولولا امتناعه فلا وجه لعدم جوازه (1).

اسـتـعمال اللفظ في كل من المعنيين يتوقف على لحاظ كل منهما في ان واحد بالاستقلال بان تلاحظ
النفس كلا منهمابلحاظ مستقل في ان واحد, وهو غير مقدور للنفس ((94)) .

وفيه : انـه لا محذور في اجتماع اللحاظات المتعددة من النفس في زمان واحد وشاهده صدور افعال
مـختلفة من الانسان في زمان واحد مع ان كلا من الافعال مسبوق بالارادة ومن مباديها اللحاظ, وكذا
يشهد لذلك صدور الحكم فان الحكم يتوقف على لحاظ الموضوع والمحمول والنسبة في ان الحكم .

نعم الشي ء الواحد لا يلاحظ في ان واحد بلحاظين فيما اذا لم يكن بين اللحاظين اختلاف اصلا بان
يـحضر ذلك الشي ء مرتين عند النفس في ان واحد, فانه من قبيل احضار الحاضر بخلاف ما اذا كان
اخـتـلاف فـي نحوي اللحاظ كماتقدم في التنزيل وجعل اللفظ عين المعنى , واذا قلنا بان الاستعمال
عـبـارة عـن الاتيان بالمبرز فلا يحتاج الى تعدد اللحاظفي ناحية اللفظ اصلا فان كون شي ء واحد
علامة للمتعدد لا مجال للمناقشة فيه , كما تقدم .

(1) اشـارة الـى ما ذهب اليه صاحب القوانين (ره ) من عدم جواز استعمال اللفظ في اكثر من معنى
مـفـردا او غيره ,بمعنى عدم صحته من غير ان يكون امتناع في البين , وذكر في وجه عدم الجواز
لغة , ان الوضع في الالفاظ توقيفي فلابدمن رعاية الامر الحاصل حال الوضع وهو وحدة المعنى يعنى
ان الواضع عند وضعه اللفظ لم يلاحظ مع المعنى المفروض شيئا من سائر المعاني , فاللازم ان يكون
اسـتـعـمـاله ثم لو تنزلنا عن ذلك , فلا وجه للتفصيل بالجواز على نحو الحقيقة في التثنية والجمع
وعلى نحو المجاز في المفرد(1).

فـيه ايضا على طبق الوضع , وعلى ذلك فلا يجوز استعمال اللفظ في اكثر من معنى حتى في التثنية
والـجـمـع , فـان الوضع فيهما ايضا كان كالمفرد حال انفراد المعنى اي عدم ارادة طبيعة اخرى مع
الـمعنى الذي تكون هيئتهما موضوعة لافادة التعدد من ذلك المعنى . ولا يخفى ضعف ما ذكره , فانه لا
اعـتـبـار بحال الوضع فيما اذا لم يكن ذلك الحال ماخوذا في ناحية الموضوع له او في نفس الوضع ,
والمفروض ان وحدة المعنى لم تلاحظ قيدا في شي ء منهما ولو لزم رعاية الحال حتى مع عدم اخذه
فـي نـاحـيـة شـي ء مـنـهما لكان رعاية سائر الحالات ايضا لازما بان يستعمل اللفظ في المعنى في
الليل خاصة فيما اذا كان الوضع بالليل مثلا والى هذا يرجع ما ذكره الماتن (ره ) من ان وحدة المعنى
وتوقيفية الوضع لا تقتضي عدم الجواز.

(1) يـعـنـي لو تنزلنا عن الالتزام بامتناع استعمال اللفظ في اكثر من معنى وبنينا على جوازه , فلا
وجـه لـلتفصيل بين التثنية والجمع , وبين المفرد, وان الاستعمال في التثنية والجمع بنحو الحقيقة ,
وفي المفرد بنحو المجاز, كما اختار ذلك في المعالم بدعوى ان المفرد موضوع للمعنى الماخوذ فيه
الـوحـدة واسـتـعماله في اكثر من معنى يوجب الغاء قيد الوحدة عنه , فيكون اللفظ الموضوع للكل
مستعملا في الجزء فيكون مجازا, بخلاف التثنية والجمع فانهما بمنزلة تكرار اللفظ,وكما انـه مع
تـكـرار اللفظ يجوز ارادة معنى من كل لفظ غير المعنى المراد من لفظ اخر, كذلك الحال فيما هو
بمنزلته .

واجاب (ره ) بان الوحدة ليست جزءا من الموضوع له , فانه لا معنى لوحدة المعنى الا انفراده وعدم
انـضـمام معنى اخر اليه , فيؤخذ المعنى بشرط لا بالاضافة الى سائر المعاني واستعماله في الاكثر
اسـتعمال للفظ فيه بشرط معنى اخر, فيكون المعنى بشرط لا, مع المعنى بشرطبشي ء, متبانيين لا
من استعمال اللفظ الموضوع للكل في جزئه .

وامـا الـتثنية والجمع فكل منهما يتضمن مادة وهيئة , فالهيئة فيهما موضوعة لافادة التعدد من معنى
المادة , بان يكون معنى هيئة التثنية فردين من الطبيعة , وهيئة الجمع ثلاثة او اكثر منها والجمع في
الاعلام يؤول كما في التثنية فيها, بان يراد من زيد فيهما المسمى به .

ومـع الاغـمـاض عـن ذلك بان يقال ان الهيئة فيهما موضوعة لافادة مطلق التعدد, سواء كان بارادة
الافـراد او المعاني الاخر, فلا يكون استعمال لفظ عينين في الذهب والفضة مثلا من استعمال اللفظ
فـي اكـثـر من معنى , نعم لو اريد فردان من الذهب وفردان من الفضة لكان منه , ولكن لا وجه معه ,
لـلـتـفصيل بين المفرد وبين التثنية والجمع بالتزام المجاز في الاول , والحقيقة في الثاني لاستلزام
الاستعمال في كل منه ومنهما الغاء قيد الوحدة .

ثـم انه ربما يقال بجواز استعمال اللفظ المشترك في اكثر من معنى , بخلاف اللفظ الموضوع لمعنى
واحد, فانه لايجوز استعماله فيه وفي معناه المجازي , لان استعماله في معناه المجازي يقتضي نصب
القرينة واستعماله في معناه الحقيقي يقتضي عدمها, فلا يمكن الجمع بينهما في استعمال واحد.

والـجـواب ان عدم الحاجة الى القرينة في استعماله في معناه الحقيقي انما هو في حال استعماله فيه
فـقـط, وامـا مـع استعماله في معناه المجازي ايضا كما هو المفروض , فلابد من نصب القرينة على
الجمع في الاستعمال .

وهـم ودفـع : لـعـلك تتوهم ان الاخبار الدالة على ان للقران بطونا سبعة او سبعين تدل على وقوع
استعمال اللفظ في اكثرمن معنى واحد (1).

(1) ربما يختلج بالبال ان الاخبار ((95)) الواردة في ثبوت البطون للقران يمكن ان يستظهر منها
وقوع استعمال اللفظ في اكثر من معنى واحد ووجه الاستظهار ظهور تلك الاخبار في ارادة كل من
الـبـطـون السبعة او السبعين من القران بارادة مستقلة ولو لم يجز استعمال اللفظ في اكثر من معنى
واحـد لـم يـكـن يـراد مـن الاية الواحدة الامعنى واحد ولم تكن سائرالمعاني المعبر عنها بالبطن
والـبـطـون داخـلـة في مدلولها لتكون بطنا لها, والوجه في التعبير عنها بالبطن والبطون خفاءتلك
المعاني عن غير اوليائه الذين نزل الكتاب في بيوتهم , وامر الناس بولايتهم , وقرن طاعتهم بطاعته
وطاعة رسوله ,صلوات اللّه وسلامه عليهم اجمعين .

واجاب الماتن (ره ) عن ذلك بوجهين :
الاول : انـه لا دلالة في تلك الاخبار على ارادة تلك المعاني المعبر عنها بالبطون بنحو ارادة المعنى
مـن الـلـفظ عنداستعماله فيه , بل لعل تلك المعاني كانت مرادة بانفسها عند استعمال الاية في معناها
الـظـاهـر فيها, وبتعبير اخر لم يستعمل كلمات الاية في تلك المعاني استعمال اللفظ في المعنى , بل
كانت تلك المعاني منظورة من الاية ومرادة منهابلا استعمال اللفظ فيها.

وفـيه : ان ارادة امر بنفسه عند استعمال لفظ في معنى لا يوجب كون الاول بطنا للثاني , مثلا اذا قال
والد في مقام وعده احد اولاده : اعطيك غدا دينارا, وكان من قصده اتفاقا اعطاء الدينار لسائر اولاده
ايضا, فلا يكون اعطائه لهم بطنالكلامه .

الثاني : ان المراد بالبطون لوازم معاني القران وان اللفظ يستعمل في معنى يعبر عنه بالمعنى الظاهر,
الا ان لارادة ذلـك المعنى من اللفظ او لنفس ذلك المعنى لوازم , لخفائها وقصور اذهاننا عن الوصول
الـيها اطلق عليها البواطن , ومن البديهي ان الدلالة على اللازم اجنبي عن استعمال اللفظ في اكثر من
معنى بحيث يكون كل معنى مرادا مستقلا من اللفظ.

وقـد يـستدل لهذا الوجه الثاني بروايات متواترة اجمالا, منها ما عن ابي جعفر(ع ) قال : يا خيثمة
الـقـران نزل اثلاثا... ولو ان الاية اذا نزلت في قوم ثم مات اولئك القوم ماتت الاية لما بقي من القران
شي ء, ولكن القران يجري اوله على اخره مادامت السموات والارض الحديث ((96)) .

اقـول : لا دلالة لهذه الطائفة من الاخبار على ان بطن القران يكون من قبيل لازم المعنى او من قبيل
الـملزوم له , بل يحتمل ان يكون المراد بالبطن ان المذكور في الاية وان كان من قبيل حكاية واقعة
خاصة ماضية او حاضرة او بيان حكم لواقعة الاان واقع الاية قضية سارية كلية .

مـثـلا قوله سبحانه (فاسئلوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون ) ((97)) في واقعها بيان لعدم عذرية
الـجهل بترك الفحص ومخالفة الحق اعتقادا او عملا في الاصول والفروع , وان الشخص مع تمكنه
مـن الـوصـول الـى الحق -ولو بالسؤال عمن يعلم ذلك الحق - اذا تركه , يؤاخذه اللّه به , وان ترك
الـسـؤال مـمـن يـعـلـم الحق -ولو لعدم احرازه انه يعلم الحق , مع تمكنه من احراز انه يعلمه ولو
بـالـفحص - لا يكون عذرا, ومن اظهر مصاديق هذا المعنى عدم الرجوع في تعلم الاحكام الشرعية
الـى الائمـة (صـلوات اللّه عليهم اجمعين ) كما ورد في عدة من الروايات نحن اهل الذكرونحن
المسؤلون امر الناس بسؤالنا ((98)) .

مـع ان ظـاهـر الاية الامر بسؤال علماء الاديان الاخرى عما يردد على اسماع الناس من ان النبوة
تـنـاسـب الـمـلـك لا الـبـشر,فينبغي ان يكون رسول رب العالمين ملكا لا ياكل الطعام , وقد ذكر
سبحانه ((99)) ان هذه الوسوسة لا تكون عذرا لهم في ترك الايمان بالنبي (ص ), لان انبياء السلف
كـانـوا رجالا, ويمكن تحصيل العلم بذلك بسؤال علماء الاديان السابقة .وبالجملة لا ينحصر البطن
للقران بما ذكره ثانيا من لوازم معناه المستعمل فيه .

ثـم ان ثبوت البطون للقران وقصور اذهاننا نوعا عن الوصول اليها من غير ورود حجة معتبرة عن
الائمـة (ع ) لا يـمـنـع عن اعتبار الكتاب المجيد بالاضافة الى ظواهره , كيف وقد امرنا بالتمسك
بـالـكتاب العزيز والعترة الطاهرة (ع ) كما امرنابعرض الاخبار الماثورة عنهم (ع ) على الكتاب
ورد مـا يـنـافـيه مما لا يعد قرينة عرفية على ظواهره , وكذا عرض الحديثين المتعارضين على
الـكـتـاب والاخـذ بـمـا يـوافـقه , ولو لم يكن لظاهر الكتاب اعتبار لما صح الارجاع المفروض
والامربالعرض عليه .

وامـا الاخـذ بـالـبـواطن فيما لا يساعده الظاهر فهو دائر مدار ورود النص عنهم (ع )فانهم هم
الاعرفون بظواهر الكتاب والعاملون ببواطنه , واما بيان باطنه بما لا يعد الظاهر قرينة عليه داخل
في تفسيرالقران بالراي , واسناد الشي ء الى اللّه سبحانه من غير علم به , ويكون من اتباع الظن وان
الظن لا يغني من الحق شيئا.

ثم انه ربما يذكر كثمرة لهذا البحث حكم قصد المصلي في قرائته سورة الحمد ان ينشا الحمد بما
يـقـراه مـن قـوله تعالى :(الحمد للّه رب العالمين ) ((100)) وان ينشاالدعاء بادخال نفسه في قوله
تـعـالـى : (اهـدنا الصراط المستقيم ) ((101)) حيث ان قصده القراءة من قبيل استعمال الالفاظ في
الالفاظ النازلة الى الرسول الاعظم من رب العالمين بقصد حكايتها,فتكون قرائته بقصد انشاء الحمد
بـهـا او بقصد الدعاء من استعمال ما يتلفظ به في معنى اخر ايضا على نحو الاستقلال .ولكن لا يخفى
مافيه .

فـانـه قـد تـقدم في بحث استعمال اللفظ في اللفظ ان اللفظ لا يستعمل في اللفظ اصلا بل يلقى بنفسه
خـارجـا فـيكون الملقى خارجا نفس اللفظ الملحوظ ابتداءا, فاذا لاحظ القارى سورة الحمد واراد
قرائتها فيوجد بما يتلفظ به عين مالاحظه من السورة فتكون قراءة .

ولا يـنافي ذلك ان يريد من الفاظها المعاني التي كانت للسورة عند نزولها, وان يقصد ما تقتضي تلك
المعاني عندقرائتها من ادخال نفسه في مدلول الضمير ونحو ذلك , كما لا يخفى .

الـثالث عشر: انه اختلفوا في ان المشتق حقيقة في خصوص ما تلبس بالمبدا في الحال او فيما يعمه
وما انقضى عنه (1).

المشتق


(1) الـخلاف في المشتق نظير الخلاف المتقدم في الصحيح والاعم انما هو في سعة معنى المشتق وعدم سعته بان تكون هيئات المشتقات موضوعة لمعاني تنطبق على ما له المبدا فعلا ولا تنطبق على
مـا لا يـكـون تلبسه بالمبدا حين الانطباق فعليا, او انها موضوعة للاعم بحيث تنطبق على ما يكون
تلبسه بالمبدا عند الانطباق فعليا او منقضيا.

وبـتـعبير اخر: لا خلاف في عدم سعة معنى المشتق بحيث ينطبق فعلا على ما يكون تلبسه بالمبدا
في المستقبل ولواطلق وانطبق عليه معنى المشتق فعلا يكون ذلك بنحو من العناية وانما الخلاف في
سعة معناه بالاضافة الى ما انقضى عنه المبدا وعدم سعته .

والـمـراد بالمشتق في المقام خصوص ما يحمل معناه على الذوات , فالافعال والمصادر المزيد فيها
وان كان يطلق عليها المشتق في اصطلاح علماء الادب , الا ان النزاع في المقام لا يعمهما, لعدم صحة
جـري مـعانيها على الذوات ,والمراد بالذات كل ما يتلبس بالمبدا باحد انحاء التلبس والاتحاد, سواء
كـان بـنـحو الحلول كما في الاسود والابيض , اوالانتزاع كما في المالك والمملوك , او الصدور
والايـجاد كالضارب والقاتل . وبتعبير اخر: لا يراد بالذات ما يقابل العرض ,بل يعم ما يكون عرضا,
كقوله : سواده شديد او ضعيف .

وزعم صاحب الفصول (ره ) ان النزاع في المقام يختص باسم الفاعل وما بمعناه من الصفات المشبهة
ومـا يلحق بها من النسب , كالكوفي والبصري , والوجه فيمازعمه انـه ذكر لكل من سائر المشتقات
معنى واعتقد انـه متفق عليه عند الكل , قال : اما اسم المفعول فيكون بعض صيغه لخصوص المتلبس
, كالمملوك فانه اذا قيل : (هذا مملوك زيد) يراد انـه ملكه فعلا, لا انـه كان ملكا له سابقا ولوصار
مـلـك شخص اخر بالفعل , وبعض صيغه يكون للاعم كما في المكتوب , فانه اذا قيل : (هذا مكتوب
زيد) فلا يراد انه يكتبه فعلا, وكذا غيره من المشتقات ((102)) .

/ 26