الثاني , شرط المتعلق - أصول نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

أصول - نسخه متنی

جواد تبریزی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


وبـالـجـمـلة لا مانع من لحاظ المولى عند الجعل امرا متقدما او متاخرا او مقارناوجعل الحكم على تـقـدير حصول ذلك الامر بمعنى ان تكون فعلية الحكم تابعة لحصول الشرط المفروض على النحو
الذي لاحظه , ولو كان الوجوب المعتبر من اول اليوم على تقدير حصول ذلك الامر في اخره الا ان
الـشرط لا يكون مؤثرا في فعلية الحكم ليقال بان المعدوم لا يؤثر, بل كما ذكرنا فعلية الحكم على
تقديره تخضع للجعل على ذلك التقدير, وعدم جعله على تقدير اخر.

ومما ذكرنا يظهر الحال في الوضع وانـه لا مانع من اعتبار الملكية ـمثلا في العقد الفضولي من حين
حصول العقد على تقدير اجازة المالك ولو بعد حين بنحوالقضية الحقيقية .

وما يقال من ان الحكم لا يتقدم على موضوعه , وشرائط الحكم كلها راجعة الى قيود الموضوع , غير
سـديد, فان الحكم لا يكون معلولا ولا عرضا لموضوعه فيما كان امرا انشائيا, كما هو الفرض في
المقام , ولا باس بتقدمه على الموضوع زمانا مع كون اعتباره وجعله على هذا النحو.

نعم , ظاهر خطاب الحكم فيما اذا لم يقترن بقرينة داخلية او خارجية اتحادزمان الحكم والموضوع
فـي الـفـعـلـية فيحتاج رفع اليد عن هذا الظهور الى قرينة خاصة , ولذا التزمنا في العقد الفضولي
بالكشف الحكمي حيث ان ظاهر الادلة ان امضاء المعاملة مقارن لحصول استنادها الى المالك ورضا من
يعتبر رضاه بها.

والـمتحصل انه لا فرق في الحكم المجعول بنحو القضية الخارجية والحقيقة من جهة توقف الفعلية
فـيـهـمـا على ثبوت الجعل , وانما الفرق بينهما في ان فعلية المجعول بنحو القضية الخارجية بنفس
الجعل فقط, وفي المجعول بنحو القضية الحقيقة بحصول ما علق الحكم عليه خارجا على النحو الذي
اعتبره في الجعل .

ومما يترتب على ذلك ان شخصا لو اعتقد في جماعة انهم اصدقائه واذن لهم في دخول داره بان قال :
(ادخـلوا داري ) او : (فليدخل كل منكم داري ) فيجوز لكل منهم الدخول ولو لم يكن في الواقع من
اصـدقائه , بخلاف ما اذا قال : (فليدخل داري منكم من كان صديقا لي ) فانه لا يجوز الدخول الا لمن
كان صديقا له .

فـقـد ظـهـر مـمـا ذكرنا انه ليس المراد بالحكم المجعول بنحو القضية الحقيقية هي كلية الحكم
وبـالمجعول بنحو القضية الخارجية القضية الشخصية بان يوجه التكليف بفعل الى شخص معين , فانه
يمكن ان تكون القضية الشخصية حقيقية من جهة قيدالتكليف كما مثلنا.

والمعيار في كون القضية حقيقية عدم جعل الحكم بنحو الاطلاق , بل على تقدير تحقق امر او امور
سواء كان الحكم كليا او شخصيا, بخلاف القضية الخارجية من جميع الجهات فانه لا تقييد ولا تعليق
فـيـها بجهة من جهات الحكم , فكل جهة فرضها المولى وجعل الحكم مقيدا بها, تكون فعلية المجعول
على تقدير فعلية ذلك الامر سواء كان الحكم شخصيا او كليا.

لا يـقـال : كل ما هو شرط الحكم المجعول بنحو القضية الحقيقية او كل ما احرزه المولى من الامر
الـمـتـاخـر بكونه شرطا في حكمه بنحو القضية الخارجية اما ان يكون لوجود المتاخر دخالة في
صلاح الحكم المجعول او لا, بان يكون للحاظ ذلك الامرالمتاخر تمام الدخل في صلاح الحكم تكليفا
او وضـعـا دون وجوده ولا اظن ان يلتزم احد به , ولذا لو اخطا المولى وجعل الحكم بنحو القضية
الخارجية باعتقاد حصول واما الثاني فكون شي ء شرطا للمامور به (1).

ذلـك المتاخر ولم يحصل , لم يكن لحكمه اي صلاح , واذا كان الدخيل في صلاحه وجود ذلك الامر
المتاخر فكيف يكون في حكمه صلاح مع ان ذلك المتاخرلم يحصل , فيعود محذور تاثير المعدوم في
الموجود.

فـانه يقال : انما الاشكال كان في ثبوت الحكم متقدما او متاخرا مع عدم الشرطحال ثبوته , لتقدمه او
تـاخـره , وقـد اجـبنا عن ذلك بان ثبوته كذلك يخضع لكيفية جعله , وقد فرض ان الدخيل في جعله
لـحاظه , فالمتاخر او المتقدم بلحاظه دخيل في جعل المولى ودخيل في فعلية الحكم اذا كان الجعل
بـنـحـو الـقـضية الحقيقة ,ودخله بهذا النحو انما كان لتعليق المولى اعتباره على حصوله متقدما او
متاخرا,ودخالته ليس بمعنى التاثير, بل بمعنى ثبوت الجعل على ذلك التقدير.

واما مسالة صلاح الحكم , فقد ياتي الكلام فيه في الشرط المتقدم او المتاخرللمامور به ان شاء اللّه
تعالى , اذ الدخالة في الصلاح لا يفرق فيه بين صلاح الحكم وصلاح متعلق التكليف , غاية الامر متعلق
الـتـكليف فعل العبد, والحكم فعل المولى ,واتصافهما بالصلاح وعدمه على حد سواء, واذا صححنا
دخالة المتاخر والمتقدم في صلاح الفعل من غير لزوم انخرام القاعدة العقلية يصح تصوير الدخل في
صلاح الحكم ايضا بعين الوجه المفروض .

الثاني , شرط المتعلق


(1) وحـاصـلـه ان اطـلاق شرط المامور به على امر من فعل او غيره ليس الاباعتبار انه يحصل لمتعلق التكليف بالاضافة اليه عنوان حسن , ويحسن متعلق التكليف بتعنونه بذلك العنوان , مثلا ضرب
الـيتيم باعتبار مقارنته بقصد تاديبه يتعنون بعنوان التاديب , وبه يكون حسنا ويتعلق به الغرض , ومع
عـدم مـقـارنـتـه بـه لايـكـون حـسنا, بل يكون قبيحا, وليس ذلك الا لاجل ان اضافة الضرب الى
القصدالمفروض يوجب تعنونه بعنوان التاديب الذي يكون الفعل به حسنا عقلا وشرعا,ومن الظاهر
كما ان اضافة الفعل الى امر مقارن يوجب تعنونه بعنوان حسن , كذلك اضافته الى امر متاخر او متقدم
يـوجب ذلك , نظير الكذب , فانه يكون حسنا ويتعلق به الغرض بالاضافة الى نجاة النفس عن الهلاكة
المتحققة بعده ولو فيما بعد, فان الكذب بالاضافة الى ترتبه عليه فيما بعد يتعنون بعنوان حسن .

وبالجملة , اذا كان المتاخر او المتقدم شرطا للمامور به فهو باعتبار ان اضافة الفعل الى المتاخر او
الـمتقدم توجب تعنون الفعل بعنوان حسن من زمان الاضافة لامن زمان حصول الشرط, وليس نفس ما
يسمى شرطا بمؤثر في العنوان الحسن , بل الموجب له الاضافة الحاصلة من قبل وانما يتاخر طرف
الاضافة .

لا يقال : لا يمكن حصول الاضافة قبل حصول طرف الاضافة المتاخر او بعدانقضاء المتقدم , فانه من
قبيل حصول الشي ء المعلق بلا متعلق وقيام الاضافة بالمعدوم , لان المفروض ان الاضافة فعلية مع ان
طرفها -يعني المتقدم او المتاخر-معدوم .

وبتعبير اخر: المضاف والمضاف اليه متضائفان , والمتضائفان متكافئان في الفعلية والقوة .

فـانه يقال : هذا غير شبهة تاثير المعدوم في الموجود, والشبهة التي توهم انخرام القاعدة العقلية قد
ارتـفعت بما تقدم من ان اطلاق الشرط على قيود المامور به ليس بحسب معناه المصطلح في المعقول
الـذي هـو من اجزاء العلة التامة ليقال ان المعلول لا يتقدم على علته ولا يتاخر عنها زمانا, وما ذكر
شـبـهـة اخـرى وهي قيام الاضافة وفعليتها الموجبة لصلاح الفعل , مع ان احد طرفيها غير فعلي ,
فيكون من فعلية العرضي بلا فعلية معروضه وفعلية الامر الانتزاعي بلا فعلية منشا انتزاعه .

وهذه الشبهة ايضا موهومة , اذ كما ان اجزاء الزمان يتصف فعلا بعضها بالتقدم وبعضها بالتاخر مع ان
الـجزء الاخر منه غير موجود, كذلك الصوم في النهار من المستحاضة يتصف بانه يتعقبه الغسل في
الـليل , مع ان الغسل في الليل غير موجودفي النهار, وكما ان الجزء المتاخر من الزمان لو لم يتحقق
لـمـا كـان الـسابق متصفابالتقدم , كذلك الغسل في الليل لو لم يتحقق لما كان الصوم في النهار متصفا
بالتعقب بالغسل في الليل , فيكون معنى كون الغسل في الليل شرطا لصوم النهار اخذ التقيد به في متعلق
الامـر بـالـصـوم , والتقيد المفروض واقع التعقب لا عنوانه , وهذا بخلاف كون شي ء جزءا لمتعلق
الامر, فان ما يطلق عليه الجزء بنفسه ماخوذ في متعلق الامرالنفسي .

وربما يقال كما عن المحقق الاصبهاني (ره ) ان ظرف اتصاف الصوم بوصف تعقبه الغسل هو الخارج
ولـيس من قبيل الاتصاف بالكلية والجزئية والجنسية ونحوها, مما يكون ظرف الاتصاف فيها الذهن
الا ان اتصاف الصوم بالتقدم اواتصاف الغسل بالتاخر لا ينشا عن خصوصية خارجية زائدة على اصل
وجودموصوفه .

وتـقـريـره ان الاضافة بين المتضائفين قد تحصل لخصوصية زائدة في كل من الموصوفين كما في
الـعـاشقية والمعشوقية , فان للعاشق عشق وفي المعشوق كمال ,وقد تحصل لخصوصية في احدهما
فقط, كالعالمية والمعلومية , والخصوصية هي العلم للعالم , وقد لا تكون خصوصية زائدة في شي ء من
الـموصوفين كالمتيامن والمتياسر وثاني الاثنين وثالث الثلاثة , وما نحن فيه من هذا القبيل , فان نفس
الـصوم في النهار لو لوحظ مع الغسل في الليل لاستلزم تعقلهما تعقل عنوانين متضائفين ,ولكن هذا لا
يـدفـع الاشـكـال , لان المتضائفين متكافئان في القوة والفعلية وان ما لم يكن اتصاف المتاخر بالتاخر
لايتصف الصوم بالتقدم عليه .

ولا يـقـاس بالزمان , فان تقدم جزء الزمان على جزئه الاخر ذاتي , حيث ان الزمان الوحداني وجوده
تـدريجي , فالتكافؤ في اجزائه انما هو لاتصالها ووحدة وجودها, بخلاف التقدم في الصوم والتاخر
فـي الغسل , اذ ليس الاتصاف بهمابالذات بل بالعرض بتبع الزمان , فمادام لم يكن للغسل تاخر لم يكن
للصوم في النهارتقدم , بمقتضى التكافؤ في المتضائفين في الفعلية والقوة , وعلى ذلك فان كان الصلاح
فـي الصوم المتصف بالتقدم , يكون للمتاخر دخل في ذلك الصلاح , ويعودمحذور دخالة المتاخر في
المتقدم .

وذكـر في اخر كلامه هذا فيما اذا كان الصلاح حقيقيا, واما اذا كان اعتبارياكالاحترام والتعظيم ,
فـلا بـاس باعتباره فعلا على تقدير حصول المتاخر في ظرفه نظيرما تقدم في اعتبار الحكم على
تقدير حصول المتاخر في ظرفه ((245)) .

اقـول : لـو صـح تـقدم الجزء من الزمان وان له عند حصوله تقدم ذاتي فيكون الصوم المتقيد به ايضا
كذلك بالاضافة الى المتقيد بجزئه الاخر, فانه لا فرق بين كون الذاتي لنفس الشي ء او لقيده .

والمتحصل ان الدخالة في اتصاف الشي ء بعنوان انتزاعي غير تاثيره في تحقق المتصف بذلك العنوان ,
بمعنى استناد وجود المتصف اليه , فمثلا تحقق المعلول في رتبته , له دخالة في اتصاف شي ء بالعلية له
بـحيث لو لا المعلول لما كان الشي ء متصفابالعلية له , ولكن من الظاهر ان العلة لا تستند في حصولها
الـى الـمعلول , والالم يحصلا, وعلى ذلك فحصول المتاخر في ظرفه له دخل في اتصاف الصوم في
الـنـهـاربـتـعـقبه به , الا ان تحقق الصوم في النهار لا يستند الى الغسل في الليل , بل اللازم حصول
الاضـافـة الـتـى لا تـحقق لها الا تحقق طرفيها عند فعلية كل منهما في ظرفه , لافعليته في غير
ظرفه .

لا يقال : المتضائفان متكافئان في القوة والفعلية .

فـانـه يـقال : التضائف بين الوصفين لا بين الموصوفين , ففي فرض اتصاف الصوم بالتقدم يكون وصف
التاخر للغسل في الليل فعليا, كما ان اتصاف اليوم بالتقدم واتصاف الغد بالتاخر فعليان في هذا اليوم .

وذكر النائيني (ره ) ان النزاع في الشرط المتاخر والمناقشة فيه لا يجري في شرط المامور به ,
وذلـك لان شرط المامور به المتاخر زمانا كالجزء الاخير من العمل لايكون مورد المناقشة , كذلك
الـشرط المتاخر, حيث انه في اي زمان تحقق الشرطيتم المشروط من ذلك الزمان , كما هو الحال
في الجزء الاخير, فيحصل الكل من حين حصول ذلك الجزء لا قبله .

لا يـقال : بين الجزء الاخير والشرط الاخير فرق , فيمكن الاول دون الشرطالمتاخر, فان الجزء
بـنـفسه يتعلق به الامر النفسي , فمادام لم يتحقق لا يتم العمل ,بخلاف الشرط فان الداخل في متعلق
الامر النفسي هو التقيد لا نفس القيد.

وعـليه فيقع الكلام في مورد الشرط المتاخر في انه لو كان التقيد الماخوذ في متعلق الامر النفسي
حـاصـلا قـبل حصول الشرط يلزم دخالة الشي ء وتاثيره حال عدمه , اذ المفروض ان الشرط حين
حـصـول التقيد غير موجود, وان حصل التقيدبعد وجود الشرط يلزم قيام الاضافة بطرف واحد,
حـيث ان التقيد في حقيقته اضافة ,واحد طرفيها الشرط وهو موجود, والطرف الاخر وهو الفعل
معدوم , لانقضائه بانقضاء اليوم على الفرض .

فانه يقال : التقيد امر انتزاعي لا يتعلق به الامر النفسي , بل الامر النفسي يتعلق بمنشا انتزاعه وهو
الـشـرط, ولذا يعتبر ان يكون الشرط المتاخر للمامور به مقدورا, اذمع خروجه عن الاختيار لا
يـصلح شرط -سواء كان حصوله قطعيا ام لا فانه مع حصوله قطعا يكون اخذه قيدا في متعلق الامر
لغوا, ومع عدم حصوله يلزم توقف الامتثال على امر غير اختياري .

والـحـاصـل انـه لا فـرق بين الجزء الاخير والشرط المتاخر للمامور به , الا كون الجزء بنفسه
وبتقيده دخيلا في متعلق الامر بخلاف الشرط, فانه دخيل فيه بتقيده فقط ((246)) .

وفـيه ان المفروض في الشرط المتاخر للمامور به حصول التقيد قبل حصول مايطلق عليه الشرط
الـمـتـاخـر, وهـذا الـتقيد في حقيقته اضافة كما ذكرنا, وحصولهاللفعل انما هو باضافة الفعل الى
المتاخر, بحيث يكون حصول المتاخر في ظرفه كاشفا عن حصول تلك الاضافة للفعل من الاول .

ولا يخفى انها - بجميع اقسامها - داخلة في محل النزاع (1).

ومـا ذكر (ره ) من عدم امكان تعلق الامر بالانتزاعي , بل يتعلق بمنشا انتزاعه ,صحيح , ولكن منشا
انـتـزاع التقيد في باب الشروط هي الحصة التي يتعلق بها الامرالنفسي , وتكون تلك الحصة منحلة
بنظر العقلي الى الطبيعي وتقيده بما يسمى بالشرط, ولو تعلق الامر النفسي بنفس الشرط بطل كونه
شرطا وانقلب الى كونه جزءا, ولم يمكن ان يتعلق به الامر الغيري حتى بناءا على القول بالملازمة ,
وقـد تقدم جواز كون الشرط خارجا عن الاختيار, حيث يكفي في جواز الامر بالحصة كون الحصة
مقدورة , والا جرى الحكم في الشرط المتقدم والمقارن ايضا.

(1) يـعـني مقدمة الوجود للواجب بجميع اقسامها من المتقدم والمقارن والمتاخر مورد الخلاف في
بـحـث الـمـلازمة بين وجوب شي ء ووجوب مقدمته , فانه بناءا على الملازمة يتعلق بما يطلق عليه
المقدمة وشرط الواجب , الوجوب الغيري .

لا يقال : تعلق الوجوب الغيري بما يطلق عليه الشرط المتاخر للواجب وان لم يكن فيه اشكال , الا ان
الوجوب الغيري حيث يتبع الوجوب النفسي في الحصول فبعد انقضاء ظرف الواجب النفسي -كما في
انقضاء النهار في صوم المستحاضة -اما ان يلتزم ببقاء الوجوب الغيري او بسقوطه , فان التزم ببقائه
فـكـيـف يـكـون تـبـعـيـاوترشحيا مع سقوط الواجب النفسي , وان قيل بسقوطه ايضا كالوجوب
الـنـفـسي ,فكيف يثبت الوجوب الغيري من الاول ؟ لعدم امكان داعويته الى متعلقه في ظرف الواجب
النفسي لعدم التمكن عليه ولا بعده لسقوطه تبعا للنفسي , ولو مع التمكن على الاتيان بمتعلقه .

والاشكال في الشرط المتقدم اكد فيما كان لوجوب الواجب النفسي شرطلم يحصل في ظرف الاتيان
بـالشرط المتقدم , فانه كيف يتعلق الوجوب الغيري بالمقدمة مع عدم فعلية الوجوب النفسي , كما في
وجوب الغسل على الجنب في الليل مقدمة لصوم الغد بناءا على اشتراط فعلية وجوب الصوم بالفجر.

ولا يـجدي الالتزام ببقاء الوجوب النفسي المتعلق بالصوم الى ان ينقضي زمان التمكن على الاغتسال
من الليل او الى ان يغتسل في الليل , فان اغتسلت المراة في الليل يسقط كل من الامر النفسي والغيري
بالامتثال والموافقة , وان لم تغتسل سقطابالعصيان والمخالفة .

فانه يقال : لا يمكن الالتزام ببقاء الوجوب النفسي بعد انقضاء النهار, لانـه لم يتعلق بالاغتسال في الليل
ليعقل بقائه الى حصول تمام متعلقه , بل يبقى مراعى الى تحقق شرطه , فان المراة لو اغتسلت في الليل
يكون اغتسالها كاشفا عن سبق تحقق الصوم وتقدمه على الاغتسال عند انقضاء زمان الصوم , فلا معنى
لبقاءالتكليف بالصوم بعده , وان لم تغتسل فيكشف عن عدم سبق الصوم على الغسل وان التكليف قد سق
ط عند انقضاء النهار بالعصيان .

اقول : وجوب المقدمة بناءا على الملازمة وان كان غيريا تبعيا الا انه ليس المراد من التبعية حصول
وجوب المقدمة بلا انشاء بمعنى حصوله قهرا, نظير تبعية الحرارة للنار, بل المراد ان ارادة انشاء
الوجوب للمقدمة عند التفات المولى الى كونها مقدمة تحصل بتبع ارادته انشاء الوجوب لذيها, وعليه
فـلا مـانـع مـن انـشـاءالـوجـوب للمقدمة بحيث يبقى بعد انقضاء ظرف الاتيان بذيها, لئلا ينطبق
بـالاتيان بمتعلق الوجوب الغيري عنوان العصيان على سقوط الامر بذيها في السابق , بل ينطبق عليه
عنوان الامتثال , وكذلك الحال في الشرط المتقدم , كامر الجنب بالاغتسال في الليل لئلا يكون التكليف
بـالـصـوم عـنـد طلوع الفجر من التكليف بغيرالامر الثالث : في تقسيمات الواجب , منها تقسيمه الى
المطلق والمشروط(1).

الـمقدور, بل سياتي انـه لو صح جعل الوجوب الغيري من المولى , فهو في مثل هذه الموارد, وليس
هذا من الوجوب النفسي التهيئي , كما ذكر في بعض الكلمات ,فلاحظ.

(1) يـنقسم الواجب الى المطلق والمشروط, وقد ورد في كلماتهم لكل منهماتعاريف تختلف بحسب
الـقـيود الماخوذة فيها, واطيل الكلام فيها بالنقض والابرام في اطرادها وانعكاسها بما لا فائدة في
الـتعرض لها, لان كلا من التعاريف من قبيل شرح الاسم , ولا يدخل في الحد او الرسم , لكون الفعل
واجبا مطلقا او مشروطابالاعتبار, والامر الاعتباري لا يقبل الحد ولا الرسم .

والظاهر انـه ليس للاصوليين ـفي كون الواجب مطلقا او مشروطا اصطلاح خاص , بل يطلقان على
الواجب بما لهما من المعنى العرفي , كما ان وصفي الاطلاق والتقييد ليسا بوصفين حقيقيين , بمعنى ان
الـواجـب فـي نفسه مطلق او مشروط, بل اتصافه بهما يكون بالاضافة الى امر, فان كان ذلك الامر
دخـيلا في وجوبه بان يكون قيدا لذلك الوجوب كان واجبا مشروطا بالاضافة اليه , وان لم يكن ذلك
الامر قيدالوجوبه كان بالاضافة اليه واجبا مطلقا, ومنه يظهر ما في اتصاف الواجب بهما من التسامح ,
اذ الـوجـوب فـي الحقيقة يكون مشروطا او مطلقا لاالواجب , وعلى ذلك فيمكن ان يكون الوجوب
بـالاضـافة الى امر مطلقا فيسمى الواجب مطلقا, وبالاضافة الى امر اخر مشروطا فيسمى الواجب
مشروطا.

ولا يـنـبغي التامل في ان ظاهر القضية الشرطية هو كون مفاد الشرط قيدا لمفادالهيئة في الجزاء
وان قـول الـمـولـى مـثلا (ان جائك زيد فاكرمه ) كون مجيئه في المثال قيدا لطلب اكرامه , لا ان
وجوبه وطلبه مطلق , والشرط قيد للواجب , كما في الواجب المعلق , ويزيد ذلك وضوحا ان استعمال
مـثـل قـوله (ان توضات فصل ) في مقام طلب الصلاة المقيدة بالطهارة غير صحيح , بل يقال في ذلك
المقام : صل متوضا, او مع الوضوء.

ولكن المنسوب الى الشيخ الاعظم الانصاري (ره ) ان رجوع القيد الى مفادالهيئة صوري ولا يكون
الشرط قيدا لمعنى الهيئة واقعا وحقيقة , لامتناع كونه قيدالمفاد الهيئة . وذكر في وجه الامتناع ان
الـتـقييد عبارة عن تضييق دائرة المعنى والغاءالتوسعة عنه , ولا يكون ذلك الا في المعاني التي في
انفسها كليات , والطلب المنشابالصيغة , بل حتى المنشا بالمادة جزئي وفرد من الطلب , فلا يكون القيد
(اي الـشـرط) راجـعـا الـى الوجوب المنشا, بل يرجع الى الواجب , فان عنوانه اسمي قابل للتقييد
والتضييق .

وبتعبير اخر: الوجوب المنشا بصيغة افعل او بغيرها يحصل بالانشاء, وبعدفرض حصوله لا يبقى
مجال لتقييده , لان الموجود الحاصل لا يقيد, وعليه فان فرض الانشاء فالوجوب حاصل , ومعه فلابد
من ارجاع القيد الى متعلق الوجوب ,بان يكون الوجوب المتحقق متعلقا بالاكرام الخاص , وهو اكرامه
عند مجيئه , وان لم يحصل فهو خلاف فرض انشائه , ولازمه تفكيك الانشاء عن المنشا, وهو باطل
قطعا.

ثم ذكر (ره ) انه يكون الشرط من قيود المادة لبا ايضا, ومراده ان ما تقدم من ان المنشا بصيغة افعل
فـرد وجـزئي , والجزئي لا يقبل التقييد, مقتضاه رجوع الشرط في مقام الانشاء الى تقييد الفعل , لا
الـى مـفاد الهيئة والامر (اي الطلب الحقيقي ), فان الارادة لا تقبل التقييد, فان العاقل عندما يلاحظ
الفعل اما ان يريده او لا يريده ,واما حديث عدم الاطلاق (1).

وعلى الاول فاما ان يريده مطلقا او على تقدير خاص ومقيدا, وعلى الثاني فالقيدمهما كان لابد من ان
يكون راجعا الى المراد لا الى نفس الارادة , اذ لو كان القيد غيراختياري فلابد من دخله في المراد
بنحو لا يتعلق به الطلب بان يكون المراد الفعل المقارن لحصوله , واذا كان اختياريا فقد يكون دخالته
في المراد ايضا بنحو لا يتعلق به الطلب الغيري , بان يكون المراد الفعل المقارن لوجوده الاتفاقي .

والـمـراد بـالوجود الاتفاقي ما يكون المكلف مطلق العنان بالاضافة الى حصول القيد, بخلاف ما كان
الـمـراد الـفـعـل الـمـقـارن لـه بـحـيث يكون على المكلف ايجاد ذلك القيد وتحصيله ليفعل ما هو
المراد ((247)) .

(1) وحـاصـل مـا ذكر (ره ) في الجواب عن عدم الاطلاق في معنى الهيئة , هو ان مفاد الهيئة نفس
الطلب وهو باعتبار كونه من الكلي الطبيعي قابل للتقييد حتى بعدانشائه , فان المنشا يعم حال وجود
الشرط وعدمه , فيقيد بما اذا حصل الشرط,كالتقييد في سائر المطلقات الواردة في الخطابات , وقد
مـر ان الـمـعنى الحرف كمعنى الاسم يكون كليا قابلا للصدق على كثيرين , كما في قوله (سر من
الـبـصـرة ), غـايـة الامريلاحظ المعنى في مقام الاستعمال في الحرف اليا, وفي الاسم استقلاليا,
وهـذاالـلـحاظ لم يؤخذ في ناحية المستعمل فيه , لا في الاسم ولا في الحرف . وبالجملة تقييد مفاد
الهيئة وتضيق دائرته بالشرط بمكان من الامكان .

ولـو سـلم ان المنشا فرد من الطلب ولا يقبل التقييد اذ الفردية تحصل بالانشاءولا يمكن تقييده بعد
الانـشـاء فلا يمنع عن انشاء الطلب من الاول مقيدا وتكون الدلالة على الطلب المقيد بدالين , كما هو
مفاد القضية الشرطية .

وبتعبير اخر: غاية ما يمكن ان يقال : هو انه كما لا يمكن تقييد الملكية بعدانشائها ولكن لا يمنع ذلك
عن انشائها من الاول مقيدة بتعدد الدال والمدلول , بان يقول انشاءا (هذا لك ان كان كذا), كذلك الحال
فـي انـشـاء الـطلب المدلول عليه بالهيئة , فان الطلب المنشا بالهيئة لا يزيد في الانشاء على الملكية
المنشاة باللام في قوله (هذا لك اذا مت ).

ولا يخفى ان ما ذكره (ره ) في الجواب يرجع الى امرين : احدهما ان انتزاع الكلية من المعنى بحيث
يـصدق على كثيرين لا يتوقف على لحاظه استقلالا, وان قول القائل (اطلب منك ضرب زيد) وقول
الاخر (اضرب زيدا) لا يختلفان في ان المستفاد من لفظ الطلب في الاول ومن الهيئة في الثاني نفس
الـطـلب المنتزع منه الكلية , بحيث يعم حال مجي ء زيد وعدمه , غاية الامر يلاحظ نفس ذلك المعنى
في موارد استعمال لفظ الطلب فيه استقلالا, وفي مورد استعمال الهيئة اليا, من غير ان يكون اللحاظ
ماخوذا في المستعمل فيه ودخيلا في انتزاع الكلية منه على ما تقدم في معاني الحروف .

الـثـانـي لو لم يمكن انشاء طبيعي الطلب بصيغة افعل او بمادة الطلب مطلقا,يعني بلا قيد, ثم تقييده
بالشرط, بدعوى ان الطلب بالانشاء يكون شخصا اعتبارياوالجزئي لا يقبل التقييد, فلا ينبغي التامل
فـي ان تـقـيـيد طبيعي الطلب بالشرط قبل الانشاء ثم انشاء الطلب المقيد بتعدد الدال والمدلول امر
مـمـكـن , وعـلـى ذلـك فـعدم فعلية الطلب قبل فعلية الشرط ليس من تفكيك المنشا عن انشائه , بل
حصول المنشاقبل حصول شرطه تفكيك بينهما, لا ن المنشا قبل الشرط وفي فرض عدمه خارجا لم
يـنـشـا ولو حصل قبله لكان من حصول المنشا بلا انشائه , والانشاء لا يزيدعلى الاخبار, فانه كما
يمكن الاخبار بشي ء بنحو التعليق والتقييد, كذلك الامر في الانشاء.

اقـول : ان اريد من تقييد الطلب انـه اذا ورد في الخطاب (اكرم زيدا) في مقام انشاء النسبة الطلبية
الـمـتـعـلقة بضرب زيد, ثم ورد في خطاب اخر (ليس عليك اكرام زيد اذا لم يجئك ) فيجمع بين
الخطابين فيما اذا لم يكن المتكلم ممن يتصور في حقه الندم عما انشاه اولا, بان مراده الاستعمالي من
الخطاب الاول ولو كان طلب اكرام زيد جاء او لم يجى ء, الا ان مراده الجدي كان طلب اكرامه على
تقدير مجيئه , فهذاالتقييد امر ممكن وهو الجاري ايضا في التقييد في المعاني الاسمية .

وان اريـد من التقييد ان يكون مراده الاستعمالي من الخطاب الاول طلب اكرام زيد جاء او لم يجى ء,
ثـم اراد ان يـبـدل نفس المراد الاستعمالي لا الجدي , فهذا امرغير ممكن , سواء في معنى الهيئة او
المعاني الاسمية , والممكن هو التقييد في المراد الاستعمالي بنحو تعدد الدال والمدلول من الاول , او
بنحو الاستعمال العنائي والمجازي حتى في الخطابات المتضمنة للمعاني الاسمية , ولا دخل في ذلك
ايضاللالتزام بان المعاني الحرفية في انفسها قابلة للتقييد, او يكون التقييد فيها بتبع مدخولاتها.

والـسر فيه هو ان النسبة الطلبية سواء انشات بالهيئة او بالمعنى الاسمي فهي امر اعتباري , وليس
امرا تكوينيا خارجيا, فالمنشا في الانشائيات غير نفس الانشاء,ولا يقاس بالايجاد والوجود, اذ هما
مـختلفان بالاعتبار ومتحدان خارجا, فينسب الوجود والتحقق الى الماهية فيقال وجود, وينسب الى
الفاعل والعلة فيقال ايجاد.

وهـذا بـخلاف المنشا والانشاء, اذ الانشاء تكويني , والمنشا اعتباري , فان الانشاء عبارة عن لحاظ
المعنى القابل للاعتبار والاتيان بما يدل على وقوعه بقصدان يقع , والمنشا خارجا وجود ذلك الامر
الاعتباري , وبما ان الوجود الاعتباري انمايكون في المعنى القابل للاعتبار كالملكية , وان الوجوب
غـيـر وجـود الشي ء الخارجي حيث انه لا يمكن فيه ان يكون الايجاد فعلا والوجود استقبالا, لان
فـرق الـوجـودوالايـجـاد فـي الـمفهوم لا في الخارج بخلاف الانشاء والمنشا, فيمكن ان يعتبر
فـعـلاحصول الشي ء في الاستقبال او معلقا على امر استقبالي كاعتبار الملكية للموصى له مطلقا على
مـوتـه , فـهذا لا محذور فيه , فان الانشاء كما ذكرنا متحقق , ولكن المنشا بماانـه امر استقبالي او
مـعـلق على الامر الاستقبالي فهو غير فعلي , ولو كان المنشا فعلياقبل ذلك الامر لكان حصوله بلا
انشائه .

وكذا الحال في الاخبار, لان الاخبار عبارة عن التكلم بما ينتقل الذهن الى الصورة التي هي لحصول
الـشي ء او لحصول شي ء لشي ء, والداعي الى نقل الصورة هو الاعلام بحصول ذيها او عدم حصوله ,
وكـمـا يـمكن الانتقال الى الصورة التي يكون حصول ذيها فعلا, كذلك يمكن فيما يكون حصول ذيها
استقبالا, وقد تقدم في باب الفرق بين الانشاء والاخبار انهما يشتركان في الاتيان بما يوجب الانتقال
الى صورة حصول الشي ء, ولكن الغرض منه في الانشاء حصول ذيها, بخلاف الاخبار فان الغرض من
الاتيان به الاعلام بحصول ذي الصورة في ظرفه المناسب , ولو كان استقبالا, وانـه لو كان ما يقصد
الاخبار عنه امرا قابلا للانشاء ففي موارد كون الغرض الاعلام , يكون حصول ذي الصورة مع قطع
الـنـظـر عـن هذا الاعلام , وفي الامر غيرالقابل للانشاء لا يحتاج لاحراز كون المتكلم في مقام
الاعلام الى امر اخر.

وبـالـجملة كما ان في موارد الانشاء بمفاد القضية الشرطية يكون الغرض حصول ذي الصورة في
ظرف حصول الشرط, كذلك في موارد الاخبار بالجملة الشرطية يكون الغرض الاعلام بتحقق ذي
الصورة خارجا على تقدير وجود الشرط.

ودعـوى ا ن فـي مـوارد الاخـبار بالجملة الشرطية يكون المحكي عنه هي الملازمة بين حصول
الشرط ومضمون الجزاء لا تعليق الجزاء على الشرط, ولذايكون صدق القضية الشرطية او كذبها
دائرا مـدار صـدق الـملازمة او عدمها, فمثل (ان كانت الشمس طالعة فالنهار موجود) صادقة , اذ
الـملازمة موجودة ولو مع عدم تحقق الطرفين , لان المحكي عنه هي الملازمة وحكايتها مطلقة , لا
يـمكن المساعدة عليها,فان هذا لا يجري في غير موارد الملازمة , مثل قوله (ان جاء الليل يضرب
زيـد) الذي هو مورد الكلام في المقام , فانه يكون صدق هذه القضية بتحقيق الضرب في الليل مع عدم
الـمـلازمـة بينه وبين مجي ء الليل لا فعلا ولا مستقبلا, هذا بحسب المنطوق . وامابحسب المفهوم ,
فكذب مفهومها بتحقق الضرب قبل مجي ء الليل .

وذكر المحقق النائيني (ره ) وجها اخر لامتناع ارجاع القيد الى معنى الهيئة , وهوان الالتزام بكون
مـعنى الهيئة كليا لا يصحح التقييد, اذ التقييد في معناها غير ممكن ,لكن لا لجزئيته , بل من حيث انه
يحتاج الى لحاظ المعنى استقلالا, فانه ضرب من الحكم , ومعنى الهيئة ملحوظ اليا, فالمتعين رجوع
الـقـيـد الـى الـمـادة الـمـلحوظ معناهاعلى الاستقلال , لان الاطلاق والتقييد من شؤون المفاهيم
الاسـتـقـلالـيـة , ومع اخذالقيد في المادة شرطا يستحيل تعلق الطلب بتلك المادة بدون ذلك القيد,
فـمـثلاالحج المتقيد بالاستطاعة الخارجية يتصف بالواجب ويقع طرفا للنسبة الطلبية ,وبدون هذا
القيد لا يكون متصفا بوصف الواجب ولا يقع طرفا للنسبة الطلبية .

وبـالـجملة ارجاع القيد الى المادة بهذا النحو لا محذور فيه , ولا يوجب ارجاع الواجب المشروط
الى الواجب المعلق باصطلاح صاحب الفصول كما ذكر في الكفاية ((248)) .

اقول : يرد عليه :
اولا: بـانه لابد من ان يفرق (ره ) بين قول القائل (ان جائك زيد فاكرمه ) وبين قوله (ان جائك زيد
فـاطـلـب منك اكرامه ), حيث ان التقييد في الاول غير ممكن ,لكون الطلب والبعث يستفاد من الهيئة
بـخـلاف الـثـاني , فان الطلب فيه معنى اسمي ,ويلاحظ استقلالا في مقام الاستعمال كسائر المعاني
الاسمية الكلية القابلة للتقييد.

وثـانـيا: قد تقدم ان التقييد في الواجب المشروط بمعناه المشهور الذي كان في مقام الجعل والانشاء
لـيس بمعنى تضييق المعنى الكلي ليقال بانه لا يجري في المعاني الملحوظة اليا, حتى مع كونها كلية ,
بـل هو بمعنى التعليق , وتعليق النسبة امرممكن , سواء كان الغرض من تلك النسبة انشاءا او اخبارا,
فلاحظ الذي يدق باب زيد ويسال عن كونه في الدار مثلا, فانه لا غرض له الا الاستفهام عن النسبة
الـظـرفـيـة ثـبـوتـا او نـفـيا, واذا صح تعلق الغرض بالنسبة استقلالا -طلبية كانت او خبرية -
فيمكن كونها مطلقة , كما يمكن كونها معلقة .

وثالثا: ان ما ذكره (ره ) من ان ارجاع الشرط الى المادة بالنحو الذي ذكره لايوجب كونه من الواجب
الـمـعلق , ففيه انه ليس في البين الا البعث والطلب المتعلق بالمادة , فان رجع الشرط الى نفس الطلب
والبعث يكون واجبا مشروطا باصطلاح المشهور,وان رجع الى المادة يكون من الواجب المعلق , ولا
يـتعقل الشق الثالث الذي عبر عنه بالمادة المنتسبة وارجع الشرط اليها, وما ذكر (ره ) من ان الحج
الـمـتـصـف بالاستطاعة الخارجية يتعلق به الوجوب ويقع طرفا للنسبة الطلبية , فمعناها ان فعلية
الـنـسـبـة الـطـلـبـيـة مـنوط بحصول الاستطاعة , وهذا عبارة اخرى عن تعليق النسبة الطلبية
اثباتا,واخذها في الموضوع لتلك النسبة ثبوتا, بمعنى انه لم يعتبر الطلب المتعلق بالحج الا في ظرف
حصول الاستطاعة بنحو الشرط المقارن , فيكون المكلف المستطيع خارجا موضوعا لوجوب الحج .

ثم انه قد يترائى التنافي بين ما ذكر صاحب الكفاية (ره ) هنا في الجواب عن اشكال رجوع الشرط
الـى الـهيئة من استلزام تعليق انشاء الطلب على تقدير شي ءلعدم كون الطلب في فرض عدم حصوله
فعليا, والا يلزم تفكيك المنشا وتخلفه عن انشائه .

وبين ما ذكر في بحث الشرط المتاخر من ان الدخيل في حصول الطلب لحاظالشرط لا نفس الشرط
ولـحاظه مقارن لجعل الحكم وانشاء الطلب , فان مقتضى ذلك فعلية الطلب قبل حصول الشرط خارجا
لفعلية لحاظه .

ويـمـكـن دفع التنافي بان ما ذكره سابقا راجع الى دفع شبهة تاثير المعدوم في الموجود, فذكر في
انـدفـاعها بان المؤثر في ارادة المولى انشاء الحكم لحاظ الشرطالمتقدم والمتاخر كما في الشرط
الـمـقارن , وكلامه في المقام ناظر الى الشرطبالاضافة الى الطلب المنشا الذي يكون بالانشاء, وان
هـذا الـمـنـشـا اذا علق في انشائه على حصول شي ء لا يكون في فرض عدم حصوله لعدم الانشاء
بالاضافة الى تقديرعدمه , فلا تنافي .

واما حديث لزوم رجوع الشرط الى المادة لبا (1).

(1) وحاصل ما ذكره (ره ) في الجواب عن دعوى لزوم رجوع الشرط الى المادة لبا هو ان الشي ء
اذا كـان مـوافـقا للغرض -سواء كان الغرض صلاح الفعل او غيرهآيمكن ان يبعث المولى الى ذلك
الـفـعـل فـعـلا بان يكون الطلب حاليا لعدم المانع عن حاليته , كذلك يمكن ان يطلبه بنحو الاشتراط
والتعليق , بان لا يكون قبل حصول المعلق عليه طلب فعلي للمانع عن فعلية الطلب وحاليته . وبالجملة
ففي فرض المانع عن فعلية الطلب لا يكون طلب حالي على نحو يكون المعلق عليه قيدا لنفس الفعل مع
حـالـيـة طـلبه , كما هو ظاهر كلام الشيخ (ره ), وهذا -بناءا على تبعية الاحكام للمصالح في نفس
الاحكام - واضح .

وامـا بـنـاءا عـلى تبعيتها للمصالح في متعلقات الاحكام فايضا كذلك , فان تعلق الطلب الحقيقي والبعث
الـفـعلي بها على هذا القول ايضا يتوقف على عدم المحذورفي فعلية الطلب , اذ التبعية انما تكون في
الاحـكام الواقعية بما هي واقعية لا بما هي فعلية , وعليه فلا محذور في عدم فعليتها لمانع , كما في
موارد قيام الامارات والاصول العملية على خلاف التكاليف الواقعية , وفي بعض الاحكام في الشريعة
مع بقاء المانع من فعليتها الى ظهور شمس الهداية وارتفاع الظلام .

اقـول : ظـاهـر جـوابه (ره ) عن رجوع القيد الى المادة لبا, هو انه اذا كان الصلاح في الفعل , على
تقدير حصول امر خارجا يمكن ان ينشا الوجوب عليه على تقديرحصول ذلك الامر, بحيث لا يكون
فـي فـرض عـدم حـصـوله طلب ومنشا ولا يكون بالاضافة الى الفعل المفروض -على تقدير عدم
حـصول ذلك الامر- ارادة اصلا,وعليه فلا يكون الوجوب المنشا الا بعد حصوله ولا الارادة الا
بـعـده , فـيـكـون نـفـس الوجوب المنشا وفعليته امرا استقباليا, لا ان يكون الوجوب وفعليته امرا
حالياوالواجب استقباليا, كما هو ظاهر المحكي عن الشيخ وقال بان الوجدان شاهد على ان الارادة لا
تقبل القيد, بل كل ما يفرض من القيد فهو راجع الى المراد المشتاق اليه .

وذكـر المحقق الاصفهاني (ره ) في تعليقته تقريبا لما ذكر الماتن (ره ) بان الشوق المؤكد مطلقا لا
يـكـون ارادة , بل الارادة هي المحركة للعضلات نحو الفعل , وما دام لم يحصل القيد لا تحصل هذه
الارادة , وكما انـه مع المانع عن الفعل المباشري لاتتحقق الارادة -اي الشوق المحرك للعضلات -
كـذلـك مـع المانع عن بعث العبد,لايحصل للمولى الشوق المحرك نحو البعث , فلا يكون في ظرف
المانع بعث حالي فعلي ((249)) .

ولـكن ياتي من المصنف (ره ) ((250)) انـه لا يعتبر في فعلية الارادة كونها محركة نحو المراد
فـعـلا, بـل يمكن ان يكون المراد امرا استقباليا والارادة حالية واماتوصيفهم الشوق بكونه مؤكدا
محركا فهو بيان مرتبة للشوق الذي يطلق عليه الارادة والتحريك الفعلي غير معتبر في كونها ارادة
فتصوير المانع بالاضافة الى تحريكه لاالى حصوله , والمدعى في كلام الشيخ (ره ) عدم التقييد في
الشوق , بل القيد في المشتاق اليه .

والجواب الصحيح هو ان الارادة بمعنى الشوق المؤكد وان صح تعلقه بالامرالاستقبالي الا انه ليس
حكما ولا دخيلا في فعلية الحكم والتكليف , كما يشهد بذلك فعلية الاباحة مع عدم تصوير الاشتياق
فـيـهـا بـالاضافة الى الفعل , بل ذكرنا في بحث الطلب والارادة ان الشوق المؤكد غير الارادة , فان
الـشـوق يـتـعـلـق بغير المقدوربمنتهى شدته , والارادة لا تتعلق به , وقد يصدر الفعل عن الفاعل
بـالاخـتـيـار بـلااشتياق منه الى الفعل . وبالجملة الشوق المؤكد ليس من الحكم , وارادة المولى لا
تـتـعلق بفعل العبد, فان فعل العبد بما هو فعل الغير غير مقدور للمولى بما هو مولى , بل ارادة الامر
تـتـعـلق بفعله يعني بعثه وطلبه , ويكون اعمال قدرته فيه , وقد ذكرنا بما ان الوجوب والطلب امر
انشائي يكون انشائه بعثا وطلبا حقيقة بكون الغرض منه امكان كونه داعيا للعبد الى الاتيان بمتعلقه .

/ 26